تفسير قوله تعالى: {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21)}
تفسير قوله تعالى: {لِلطَّاغِينَ مَآَبًا (22)}
تفسير قوله تعالى: {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23)}
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ): (ويقال: غبر زمنةً من دهره وطرقةً وحقبةً وهبّةً وبرهةً. وقال الله جلّ ثناؤه: {لابثين فيها أحقاباً} والحقب واحدٌ، وهو بلغة قيسٍ سنةٌ). [الأزمنة: 60]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (والحقب السنون واحدها حقبة.
والحقب ثمانون سنة وجمعه أحقاب ويقال أكثر من ذلك). [الغريب المصنف: 3/709-710]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ): (والحقبة: الدهر والحين وجمع حقبة: حقب. والحقب في التفسير ثمانون سنةً وجمعه أحقاب). [شرح المفضليات: 794] (م)
تفسير قوله تعالى: (لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24)}
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ): (وقال بعض العرب: بردت من الأضداد؛ يقال: برد الشيء على المعنى المعروف، ويقال: برد الشيء إذا أسخنه، واحتجوا بقول الشاعر:
عافت الشرب في الشتاء فقلنا = برديه تصادفيه سخينا
أي سخنيه.
قال أبو بكر: فإذا صح هذا القول صلح أن يقول للحار بارد، وأن يقع البرد على الحر إذا فهم المعنى.
قال أبو بكر: وحكى لي بعض أصحابنا عن أبي العباس أنه كان يقول في تفسير هذا البيت: (بل رديه)، من الورود، فأدغم اللام في الراء، فصارتا راء مشددة.
والبرد له معنيان آخران: يكون البرد النوم، من قوله تعالى: {لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا}، أي نوما. وأنشدنا أبو العباس للعرجي:
فإن شئت حرمت النساء سواكم = وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا
فالنقاخ الشراب العذب، والبرد النوم. وقال الآخر:
بردت مراشفها علي فصدني = عنها وعن قبلاتها البرد
أراد النوم.
وقال بعض المفسرين: البرد برد الشراب، ويقال: معنى قول الشاعر: (فصدني عنها وعن قبلاتها البرد) شدة برد فيها. وقال الآخر:
زعم الهمام بأن فاها بارد = عذب إذا ما ذقته قلت ازدد
ويكون البرد بمعنى الثبات؛ يقال: ما برد في يدي شيء، أي ما ثبت، قال الشاعر:
اليوم يوم بارد سمومه = من عجز اليوم فلا نلومه
أراد: ثابت). [كتاب الأضداد: 63-65]
تفسير قوله تعالى: {إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25)}
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ): (وقال بعض الناس: الحميم من الأضداد. يقال: الحميم للحار، والحميم للبارد، ولم يذكر لذلك شاهدا، والأشهر في الحميم الحار، قال الله عز وجل: {حميما وغساقا}، فالحميم الحار، والغساق البارد، يحرق كما يحرق الحار. ويقال: الغساق: البارد المنتن بلسان الترك، ويقال: الغساق البارد الذي لا يقدرون على شربه من برده، كما لا يقدرون على شرب الحميم من حرارته.
ويقال: الغساق: ما يغسق من صديد أهل النار، أي ما يسيل، قال عمران بن حطان:
إذا ما تذكرت الحياة وطيبها = إلي جرى دمع من العين غاسق
أي سائل. وقال عمارة بن عقيل:
ترى الضيف بالصلعاء تغسق عينه = من الجوع حتى تحسب الضيف أرمدا
وقال الآخر في الحميم:
فحشت بها النار نار الحميم = وصب الحميم على هامها
والحميم: القريب في النسب، قال الله عز وجل: {ولا يسأل حميم حميما}، وقال الشاعر:
لعمرك ما سميته بمناصح = شفيق، ولا أسميته بحميم).
[كتاب الأضداد: 138-139]
تفسير قوله تعالى: {جَزَاءً وِفَاقًا (26)}
تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (27)}
تفسير قوله تعالى: {وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كِذَّابًا (28)}
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وقد قال ناسٌ كلمته كلاماً وحملته حمالاً أرادوا أن يجيئوا به على الإفعال فكسروا أوله وألحقوا الألف قبل آخر حرفٍ فيه ولم يريدوا أن يبدلوا حرفاً مكان حرف ولم يحذفوا كما أن مصدر أفعلت واستفعلت جاء فيه جميع ما جاء في استفعل وأفعل من الحروف ولم يحذف ولم يبدل منه شيء وقد قال الله عز وجل: {وكذبوا بآياتنا كذابا}.
وأما مصدر تفعلت فإنه التفعل جاءوا فيه بجميع ما جاء في تفعل وضموا العين لأنه ليس في الكلام اسم على تفعل ولم يلحقوا الياء فيلتبس بمصدر فعلت ولا غير الياء لأنه أكثر من فعلت فجعلوا الزيادة عوضاً من ذلك. من ذلك قولك تكلمت تكلماً وتقولت تقولاً.
وأما الذين قالوا: كذابا فإنهم قالوا تحملت تحمالا وأرادوا أن يدخلوا الألف كما أدخلوها في أفعلت واستفعلت، وأرادوا الكسر في الحرف الأول كما كسروا أول إفعال واستفعال ووفروا الحروف فيه كما وفروها فيهما). [الكتاب: 4/79-80]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ومن هذا الوزن فعلت ومصدره التفعيل؛ لأنه ليس بملحق، فالتاء الزائدة عوض من تثقيل العين، والياء بدلٌ من الألف التي تلحق قبل أواخر المصادر، وذلك قولك: قطعته تقطيعاً، وكسرته تكسيراً، وشمرت تشميراً.
وكان أصل هذا المصدر أن يكون فعالاً كما قلت: أفعلت: إفعالاً وزلزلت زلزالاً ولكنه غير لبيان أنه ليس بملحق.
ولو جاء به جاءٍ على الأصل لكان مصيباً.كما قال الله عز وجل: {وكذبوا بآياتنا كذاباً}. فهذا على وزن واحد. أعني فعللت وفاعلت وأفعلت وفعلت، والملحقات بفعللت). [المقتضب: 2/98-99]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت: 291هـ): (وقال الله عز وجل: {وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كِذَّابًا} وهو في أكثر الكلام معدول به عن جهته). [مجالس ثعلب: 170]
تفسير قوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (29)}
تفسير قوله تعالى: {فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (30)}
تفسير قوله تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31)}
تفسير قوله تعالى: {حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32)}
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ): (
جمادية أحمى حدائقها الندى = ومزن تدليه الجنائب دلح
...
وواحد الحدائق: حديقة وهو المكان المستدير، فيه ماء ونبات). [رواية أبي سعيد السكري لديوان جران العود: 8] (م)
تفسير قوله تعالى: {وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33)}
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): («تِرْب» للجارية، و«أتراب» للجمع. ولا تكاد العرب تقول للغلمان: «أتراب».
قال الفراء: وما أبعد أن يقال ذلك). [المذكور والمؤنث: 111] (م)
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ): (الكاعِبُ: التي قد كعَّبَ ثديُها فإذا نَهَد فهي نَاهِد، فإذا أدركتْ فهي مُعْصِر. قال الشاعر:
جارية بصفوان دارها = ينحلُّ من غلمتِها إزارها
قد أعصرتْ أو قد دنا إعصارُها). [الغريب المصنف: 1/135]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ) : (باب
قال الأصمعي: الكعب من السمن الكتلة. والكعب من الرمح طرف الأنبوب الناشز ومثله الكعبان من الإنسان العظمان الناشزان من جانبي القدمين وله قال الشاعر:
درماء الكعوب
يعني أن ذلك منها غائب وأنكر قول الناس إنه في ظهر القدم. غيره: الكعاب والكاعب الجارية حين يبدأ ثديها وقد كعبت تكعب كعوبًا وكعبت تكعب تكعيبًا. والكعبة البيت الحرام، ويقال إنما سميت الكعبة للتربيع). [الغريب المصنف: 3/938-939] (م)
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ): (
المخرج الكاعب الحسناء مذعنة = في السبي ينفح من أردانها الطيب
...
و(الكاعب) التي قد كعب ثدياها، نهدا). [شرح أشعار الهذليين: 2/580-581]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: وكانت الكاعب الممنعة الحسناء الكاعب: التي كعب ثدياها. قال الله جل وعز: {وكواعب أترابا} ). [التعازي والمراثي: 66]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (والكاعب: التي كعب ثديها، يقول: تصير كالسبع في زاد أهلها بعد أن كانت تعاف طيب الطعام). [الكامل: 3/1403]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ): (والكعاب: التي قد نهد ثديها وكعب يكعب). [شرح المفضليات: 698]
تفسير قوله تعالى: {وَكَأْسًا دِهَاقًا (34)}
تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35)}
تفسير قوله تعالى: {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36)}
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت: 215هـ): ( تحسب هواس وأيقن أنني = بها مفتد من صاحب لا أناظره
...
قال معنى تحسب: اكتفى من قولك حسبك كقول الله تعالى: {عطاء حسابا} أي كافيا، وتقول العرب: ما أحسبك فهو لي محسب أي ما كفاك فهو لي كاف). [النوادر في اللغة: 506]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فإذا قلت: مررت برجل مثلك؛ أو حسبك من رجل، أو مررت برجل أيما رجل فمعنى مثلك إنما هو يشبهك. وأيما رجل معناه: كامل، وقولك: حسبك إنما معناه: يكفيك. يقال: أحسبني الأمر، أي كفاني، وقوله عز وجل: {عطاءً حساباً} أي كافياً). [المقتضب: 4/285]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فإن قلت: هذا درهم ضرب الأمير لم يجز أن يكون نعتاً، لأن النكرة لا تنعت بالمعرفة ولكن بينت. كأنك جعلته جواباً. لما قلت: هذا ثوب، وهذا درهم قيل: ما هو? فقلت: ضرب الأمير على الابتداء والخبر.
وعلى هذا تقول: مررت برجل زيد. وقال: {بشر من ذلكم النار} وقرئت الآية على وجهين {في أربعة أيام سواءً للسائلين} على المصدر فكأنه قال: استواءً. وقرأ بعضهم (أربعة أيام سواءٍ) على معنى مستويات، وقال جل وعز: {قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً} فالمعنى والله أعلم غائراً، فوضع المصدر موضع الاسم. وقالت الخنساء:
ترتع ما عقلت حتى إذا ادكرت = فإنما هـي إقـبـال وإدبـار
فالمصدر في كل هذا في موضع الاسم. وقال لقيط بن زرارة:
شتان هذا، والعنـاق والـنـوم = والمشرب البارد، والظل الدوم
يريد: الدائم.
فأما قولهم: هو عربي محضاً، وهو صميم قلباً، وهو عربي حسبةً، وهو شريف جداً فإنها مصادر مؤكدة لما قبلها. والأجود: هو عربي محض، وعربي قلب؛ لأن هذه أسماء وإن كانت تكون على هذا اللفظ مصادر، لأن المصدر ينعت به، والاسم لا يكون إلا نعتاً من هذا الضرب، إلا أن تجعله حالاً للنكرة. وأما هو أعرابي قح فلا يكون إلا رفعاً؛ لأنه ليس بمصدر.
فإذا قلت: هو عربي حسبةً فمعناه: اكتفاءً. يقال: أعطاني فأحسبني، أي كفاني. قال الله عز وجل: {عطاءً حساباً}، أي كافياً). [المقتضب: 4/304-306] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت: 291هـ): ({عَطَاءً حِسَابًا}: محفوظًا معلومًا). [مجالس ثعلب: 559]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ): (تفسير قوله تعالى {إن الله كان على كل شيء حسيبا}
وحدّثنا أبو بكر بن الأنباري، قال: في قوله عز وجل: {إن الله كان على كل شيء حسيبًا} أربعة أقوال، يقال: عالما، ويقال: مقتدرا، ويقال: كافيًا، ويقال: محاسبًا، فالذي يقول: كافيًا، يحتجّ بقوله جل وعز: {يا أيّها النّبيّ حسبك اللّه}، أي: كافيك الله، وبقوله عز وجل: {عطاءً حسابًا} أي كافيًا، وبقول الشاعر:
إذا كانت الهيجاء وانشقّت العصا = فحسبك والضّحّاك سيفٌ مهنّد
أي يكفيك ويكفي الضحاك، وبقول امرئ القيس:
فتملأ بيتنا أقطا وسمنا = وحسبك من غنىً شبع ورى
أي يكفيك الشّبع والرّيّ، وتقول العرب: أحسبني الشيء يحسبني إحسابًا وهو محسبٌ، قال الشاعر:
وإذ ما أرى في الناس حسنًا يفوقها = وفيهنّ حسنٌ لو تأملّت محسب
ويقول الآخر:
ونقفى وليد الحيّ إن كان جائعًا = ونحسبه إن كان ليس بجائع
أي نعطيه حتى يقول: حسبي أي كفاني، وقالت الخنساء:
يكّبون العشار لمن أتاهم = إذا لم تحسب المائة الوليدا
والذي يجعله بمعنى محاسب يحتجّ بقول قيس المجنون:
دعا المحرمون الله يستغفرونه = بمكة يومًا أن تمحي ذنوبها
وناديت يا رباه أوّل سؤلتي = لنفسي ليلى ثم أنت حسيبها
فمعناه أنت محاسبها على ظلمها.
والذي يقول: عالما، يحتج بقول المخبّل السّعدي:
فلا تدخلنّ الدّهر قبرك حوبةً = يقوم بها يومًا عليك حسيب
أي محاسبك عليها عالم بظالمك والذي قال مقتدرًا، لم يحتجّ بشيء: والقولان الأوّلان صحيحان في الاشتقاق مع الرواية، والقولان الآخران لا يصحّان في الاشتقاق، ألا تراه قال في تفسير بيت المخّبل السّعدي: محاسبك عليها عالم بظلمك، فالحسيب في بيته المحاسب وهو بمنزلة قول العرب: الشّريب للمشارب). [الأمالي: 2/262] (م)
تفسير قوله تعالى: {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (37)}
تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38)}
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ولو كان فعل لا يقع بعده الحكاية لم يجز أن يكون إلى جانب قام.
لو قلت: ضربت قام زيد، وما أشبهه لم يجز في معنى ولا لفظ.
نحو ذلك قول الله عز وجل: {إلا قالوا ساحر أو مجنون} وقال: {أم يقولون شاعر نتربص به} {وقالوا مجنون وازدجر} فهذا كله على الحكاية، والابتداء هو ولكنها محذوفة في القرآن لعلم المخاطب.
أما قوله: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً} فإنما انتصب؛ لأنه مصدر عمل فيه فعله لا القول. والمعنى والله أعلم: وقالوا: سلمنا سلاماً، وتفسيره: تسلمنا منكم تسلماً، وبرئنا براءة؛ لأنهم لم يؤمروا أن يسلموا على المشركين إذ ذاك، والآية مكية. ونظيرها: لا تكن من فلان إلا سلاماً بسلام، أي: متاركاً مبارئاً.
ولو قلت: قلت حقاً، أو قال زيد باطلاً لأعملت القول؛ لأنك لم تحك شيئاً. إنما أعملت القول في ترجمة كلامه.
ألا ترى أنه إذا قال: لا إله إلا الله. قيل له: قلت حقاً، وهو لم يلفظ. بالحاء والقاف. إنما هذا معنى ما قال.
ومثل ذلك قول الله {إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً}). [المقتضب: 4/79] (م)
تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآَبًا (39)}
تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (40)}