العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > التفاسير اللغوية المجموعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 ذو الحجة 1432هـ/1-11-2011م, 10:15 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي تفسير سورة محمد

تفسير سورة محمد

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 08:09 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) }

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) }

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3) }

تفسير قوله تعالى: {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وحدّثنا من لا نتهم أنه سمع من العرب من يقول رويد نفسه جعله مصدراً كقوله: {فضرب الرقاب}. وكقوله
عذير الحي). [الكتاب: 1/245-246]
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (واعلم أنّه ليس كلّ حرف يظهر بعده الفعل يحذف فيه الفعل ولكنّك تضمر بعد ما أضمرت فيه. العرب من الحروف والمواضع وتظهر ما أظهروا
وتجرى هذه الأشياء التي هي على ما يستخفون بمنزلة ما يحذفون من نفس الكلام وممّا هو الكلام على ما أجروا فليس كل حرفٍ يحذف منه شيء ويثبت فيه نحو يك ويكن ولم أبل وأبال لم يحملهم ذاك على أن يفعلوه بمثله ولا يحملهم إذا كانوا يثبتون فيقولون في مر أمر أن يقولوا في خذ أوخذ وفى كل أكل. فقف على هذه الأشياء حيث وقفوا ثم فسر. وأمّا قول الشّاعر:

لقد كذبتك نفسك فاكذبنها = فإن جزعاً وإن إجمال صبر
فهذا على إمّا وليس إن الجزاء كقولك إن حقّا وإن كذبا
فهذا على إمّا محمولٌ. ألا ترى أنّك تدخل الفاء ولو كانت على إن الجزاء وقد استقبلت الكلام لاحتجت إلى الجواب. فليس قوله فإن جزعاً كقوله إن حقّا وإن كذبا ولكنّه على قوله تعالى: {فإما منا بعد وإما فداء} ). [الكتاب: 1/265-267]
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (ونظير ما انتصب قول الله عزّ وجلّ في كتابه: {فإما منا بعد وإما فداء} إنّما انتصب على فإمّا تمنّون منًّا وإمّا تفادون فداءً ولكنّهم حذفوا الفعل لما ذكرت لك). [الكتاب: 1/336]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وإِمّا بالخبر بمنزلة أَو، وبينهما فصل.
وذلك أنك إذا قلت: جاءني زيد، أو عمرو، وقع الخبر في زيد يقينا حتّى ذكرت أَوْ فصار فيه وفي عمرو شكّ؛ وإِمّا تبتدئ بها شاكّاً. وذلك قولك: جاءني إمّا زيدٌ، وإمّا عمرو: أي: أحدهما. وكذلك وقوعها للتخيير؛ تقول: اضرب إمّا عبد الله، وإمّا خالدا. فالآمر لم يشكّ ولكنّه خيّر المأمور؛ كما كان ذلك في أَوْ. ونظيره قول الله عزّ وجلّ: {إنّا هديناه السّبيل إمّا شاكراً وإمّا كفورا} وكقوله: {فإمّا منّا بعد وإمّا فداء} ). [المقتضب: 1/149] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وإنما كان الحذف في الأمر جائزاً؛ لأن الأمر لا يكون إلا بفعل. قال الله عز وجل: {فإما منا بعد وإما فداءً} وقال: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب}. فالمصدر المأمور به يكون نكرة، وبالألف واللام، ومضافاً. كل ذلك مطرد في الأمر، وكل شيءٍ كان في معنى المصدر فمجراه مجرى المصدر، وسنبين ذلك إن شاء الله). [المقتضب: 3/216]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وإنما كان الحذف في الأمر جائزاً؛ لأن الأمر لا يكون إلا بفعل. قال الله عز وجل: {فإما منا بعد وإما فداءً} وقال: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب}. فالمصدر المأمور به يكون نكرة، وبالألف واللام، ومضافاً. كل ذلك مطرد في الأمر، وكل شيءٍ كان في معنى المصدر فمجراه مجرى المصدر، وسنبين ذلك إن شاء الله). [المقتضب: 3/216] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أن المصدر كسائر الأسماء إلا أنه اسم للفعل، فإذا نصبت فعلى إضمار الفعل. فمن المصادر ما يكثر استعماله، فيكون بدلاً من فعله ومنها ما لا يكون له حق الاسم. فأما ما كثر استعماله حتى صار بدلاً من الفعل فقولك: حمداً وشكراً، لا كفراً. وعجباً إنما أردت: أحمد الله حمداً. فلولا الاستعمال الذي أبان عن ضميرك لم يجز أن تضمر؛ لأنه موضع خبر، وإنما يحسن الإضمار ويطرد في موضع الأمر؛ لأن الأمر لا يكون إلا بفعل. نحو قولك: ضرباً زيدا. إنما أردت: اضرب ضربا. وكذلك ضرب زيد. نصبت الضرب باضرب، ثم أضفته إلى زيد لما حذفت التنوين؛ كما تقول: هذا ضارب زيد غدا. والأصل إثبات التنوين وحذفه استخافٌ لعلم المخاطب. ألا ترى أن الاسم المضاف إلى معرفة على نية التنوين لا يكون إلا نكرة؛ لأن التنوين في النية، نحو قوله عز وجل: {هذا عارضٌ ممطرنا} و{هدياً بالغ الكعبة}. هو وصف للنكرة، وتدخل عليه رب كما تدخل على النكرة. وقد مضى تفسير هذا في بابه. قال الشاعر:
يا رب غابطنا لو كان يطلبكم = لاقى مباعدةً منكم وحرمانا
يريد: غابطٍ لنا. ومن ذلك قوله عز وجل: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} وإنما التقدير - والله أعلم -: فضرباً الرقاب. فهذا يدل على ما بعده، وما يرد من جنسه ونظائره). [المقتضب: 3/226-227] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وإن قلت: سقياً قلت بعده: لفلان؛ لتبين ما تعني، وإن علم من تعني. فإن شئت أن تحذفه حذفته. ومن ذلك قول عز وجل: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} إنما هو: فاضربوا الرقاب ضرباً، ثم أضاف. وكذلك قوله، تبارك وتعالى: {فإما مناً بعد وإما فداءً} إنما تقديره: فإما مننتم مناً، وإما فاديتم فداءً. وكذلك {وعد الله حقاً} و{صنع الله} ). [المقتضب: 3/267-268]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وإن قلت: سقياً قلت بعده: لفلان؛ لتبين ما تعني، وإن علم من تعني. فإن شئت أن تحذفه حذفته. ومن ذلك قول عز وجل: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} إنما هو: فاضربوا الرقاب ضرباً، ثم أضاف. وكذلك قوله، تبارك وتعالى: {فإما مناً بعد وإما فداءً} إنما تقديره: فإما مننتم مناً، وإما فاديتم فداءً. وكذلك {وعد الله حقاً} و{صنع الله} ). [المقتضب: 3/267-268] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (أما ما كان في معنى الأمر فإنما كان حقه أن يكون موقوفاً؛ لأنه معدول عن مصدر فعل موقوف موضوع في موضعه، فإنما مجازه مجاز المصدر، إلا أنها المصادر التي يؤمر بها؛ نحو: ضرباً زيدا؛ كما قال الله عز وجل: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} إلا أن المصدر مقدر مؤنثاً علماً لهذا المعنى وذلك نحو قوله:
تراكها من إبل تراكها ). [المقتضب: 3/368-369]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وأما قوله:
فندلاً زريق المال ندل الثعالب
فزريق قبيلة. وقوله" ندلاً" مصدر، يقول، اندلي ندلاً يا زريق المال، والندل: أن تجذبه جذبًا، يقال: ندل الرجلا الدلو ندلاً إذا كان يجذبها مملوءة من البئر، فنصب" ندلاً "بفعل مضمر وهو" أندلي "وهذا في الأمر، تقول: ضربًا زيدًا، وشتما عبد الله، لأن الأمر لا يكون إلا بفعل، فكان الفعل فيه أقوى، فلذلك أضمرته، ودل المصدر على الفعل المضمر، ولو كان خبرًا لم يجز فيه الإضمار، لأن الخبر يكون بالفعل وغيره، والأمر لا يكون إلا بالفعل، قال الله عز وجل: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ}. فكان في موضع "اضربوا"، حتى: كان القائل قال: فاضربوا، ألا ترى أنه ذكر بعده محضًا في قوله: {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} ولو نون منون في غير القرآن لنصب "الرقاب" وكذلك كل موضع هو بالفعل أولى). [الكامل: 1/241-242]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وأما قوله:
فندلاً زريق المال ندل الثعالب
فزريق قبيلة. وقوله" ندلاً" مصدر، يقول، اندلي ندلاً يا زريق المال، والندل: أن تجذبه جذبًا، يقال: ندل الرجلا الدلو ندلاً إذا كان يجذبها مملوءة من البئر، فنصب" ندلاً "بفعل مضمر وهو" أندلي "وهذا في الأمر، تقول: ضربًا زيدًا، وشتما عبد الله، لأن الأمر لا يكون إلا بفعل، فكان الفعل فيه أقوى، فلذلك أضمرته، ودل المصدر على الفعل المضمر، ولو كان خبرًا لم يجز فيه الإضمار، لأن الخبر يكون بالفعل وغيره، والأمر لا يكون إلا بالفعل، قال الله عز وجل: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ}. فكان في موضع "اضربوا"، حتى: كان القائل قال: فاضربوا، ألا ترى أنه ذكر بعده محضًا في قوله: {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} ولو نون منون في غير القرآن لنصب "الرقاب" وكذلك كل موضع هو بالفعل أولى). [الكامل: 1/241-242] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ} قال: الذي تسمع لصوته نقيضًا من ثقله. {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} قال: لا أذكر إلا ذكرت معي.
قال: الوزر: كل ما احتمل الرجل على ظهره. وإنما سمى الوزير وزيرًا لأنه يحمل أثقال صاحبه، وهو ها هنا حمل الإثم. {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا}. قال: تسقط آثام أهلها عنهم، أي إذا قاتلوا فاستشهدوا وضعت أوزارهم ومحصت عنهم الذنوب). [مجالس ثعلب: 225-226] (م)

تفسير قوله تعالى: {سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) }

تفسير قوله تعالى: {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6) }

تفسير قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) }

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (والتعس: الهلاك). [مجالس ثعلب: 577]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9) }

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (10) }

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11) }
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : ( *مولى* والمولى المنعم والمولى المنعم عليه، قال أبو عبيدة وللمولى سبعة مواضع: المولى ذو النعمة من فوق، والمولى المنعم عليه من أسفل، وفي كتاب الله تبارك وتعالى: {فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم} والمولى في الدين من الموالاة وهو الولي، ومنه قول الله جل ثناؤه: {ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم}، وقال الله عز وجل: {فإن الله هو مولاه} وجاء في الحديث: ((من كنت مولاه فإن عليا مولاه)) وقل النبي صلى الله عليه وسلم: ((مزينة وجهينة وأسلم وغفار موالي الله ورسوله)) قال العجاج (الرجز):
موالي الحق إن المولي شكر
أي أولياء الحق، وقال لبيد (الكامل):
فغدت كلا الفرجين تحب أنه = مولى المخافة خلفها وأمامها
والمولى ابن العم، وفي كتاب الله تبارك وتعالى: {يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا} أي: ابن العم عن ابن العم، ومنه قوله تعالى: {وإني خفت الموالي من ورائي} أي بني عمي، وقال مخارق بن شهاب المازني :
وإني لمولاك الذي لك نصره = إذا برطمت تحت السبال العنافق).
[كتاب الأضداد: 24-25] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (والمولى في قولها: إذا مولاك خاف ظلامة يحتمل ضروبًا، فالمولى ابن العم، وقوله عز وجل: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي}؛ يريد بني العم؛ قال الفضل بن العباس:
مهلاً بني عمنا مهلاً موالينا = لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا
ويكون المولى المعتق؛ ويكون المولى من قوله جل ثناؤه: {وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ} ويكون المولى الذي هو أحق وأولى منه قوله: {مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ}، أي أولى بكم. والمولى: المالك). [الكامل: 3/1410] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
وقلت لها كنت قد تعلميـ = ـن منذ ثوى الركب عنا غفولا
يقال ثوى وأثوى بمعنى واحد، والثوي: الإقامة، غيره يقول كنت غفولاً عنا تعلمين، قال وهو كقولك كنت لي طال ما نعلم ذاك، قال أحمد يقال ثوى الرجل ولا يقال أثوى وأنشد بيت الأعشى: أثوى وقصر ليله ليزودا، قال ما سمعنا أحدًا من شيوخنا ينشده إلا بالاستفهام، وبه قرأت القراء {والنار مثوى لهم}، ولم يسمع مثوى لهم، ويقال للرجل المقيم: الثاوي، ولم يسمع المثوي، قال: فكل هذا يشهد لثوى). [شرح المفضليات: 80]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
طال الثواء فقربا لي بازلا = وجناء تقطع بالردافى السبسبا
قال الضبي السبسب والبسبس القفر لا نبت فيها وقال أحمد بن عبيي الثواء الإقامة يقال ثوى يثوي ثواء: قال الله عز وجل: {والنار مثوى لهم} قال: ولم أستمع أثوى: وأنشدني بيت الأعشى بالاستفهام:
أثوى وقصر ليله ليزودا = فمضى وأخلف من قتيلة موعدا
وأنشدني أحمد لأوس بن حجر:
والله لولا قرزل إذ نجا = لكان مثوى خدك الأحزما
قرزل: فرس الطفيل بن مالك: يقول لولا أنه نجا بك لقتلت حتى يقع خدك على الأحزم وهو ما غلظ من الأرض وقال يعقوب: يقال ثوى وأثوى وأنشد بيت الأعشى على الخبر: أثوى وقصر ليله ليزودا، قال أحمي لم نسمع أحدا قرأ: (والنار مُثوى لهم): ولا سمعنا (مُثوى) (في بيت أوس) وهما شاهدان لأثوى: وقال الله تعالى: {وما كنت ثاويا}). [شرح المفضليات: 604]

تفسير قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13) }

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (14) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: "دعاه الهوى" فالهوى من" هويت" مقصور، وتقديره "فعل"، فانقلبت الياء ألفًا، فلذلك كان مقصورًا، وإنما كان كذلك لأنك تقول: هوي يهوى، كما تقول: فرق يفرق وهو هو، كما تقول: هو فرق، كما ترى، وكان المصدر على"فعل"، بمنزلة الفرق والحذر والبطر. لأن الوزن واحد في الفعل واسم الفاعل، فأما الهواء، من الجو فمدود، يدلك على ذلك جمعة إذا قلت: أهويةٌ، لأن أفعله إنما تكون جمع فعالٍ وفعالٍ وفعولٍ وفعيل، كما تقول قذالٌ وأقذلةٌ وحمار وأحمرةٌ، فهواءٌ كذلك، والمقصور جمعه أهواء فاعلم، لأنه على فعل، وجمع فعل أفعالٌ كما تقول: جمل وأجمال وقتب وأقتاب، قال الله عز وجل: {وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ}. وقوله هذا هواء يا فتى في صفة الرجل إنما هو ذمٌ، يقول: لا قلب له، قال الله عز وجل: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} أي خالية، وقال زهير:
كأن الرحل منها فوق صعلٍ = من الظلمان جؤجؤه هواء
وهذا من هواء الجو، قال الهذلي:
هواءٌ مثل بعلك مستميتٌ = على ما في وعائك كالخيال
وكل واو مكسورة وقعت أولاً فهمزها جائز ينشد: "على ما في إعائك"، ويقال: وسادةٌ وإسادةٌ وشاحٌ وإشاحٌ). [الكامل: 1/430]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 08:10 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وتقول أمّا زيداً فجدعاً له وأمّا عمراً فسقياً له لأنّك لو أظهرت الذي انتصب عليه سقياً وجدعا لنصبت زيداً وعمراً فإضماره بمنزلة إظهاره كما تقول أمّا زيداً فضرباً.
وتقول أمّا زيدٌ فسلامٌ عليه وأمّا الكافر فلعنة الله عليه لأنّ هذا ارتفع بالابتداء.
وأمّا قوله عزّ وجلّ: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}. وقوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} فإن
هذا لم يبن على الفعل ولكنه جاء على مثل قوله تعالى: {مثل الجنّة اّلتي وعد المتّقون}.
ثمّ قال بعد: {فيها أنهار من ماء} فيها كذا وكذا. فإنما وضع المثل للحديث الذي بعده فذكر أخباراً وأحاديث فكأنه قال ومن القصص مثل الجنّة أو مما يقصّ عليكم مثل الجنّة فهو محمول على هذا الإضمار ونحوه. والله تعالى أعلم.
وكذلك: {الزانية والزاني} كأنه لمّا قال جلّ ثناؤه: {سورة أنزلناها وفرضناها}. قال في الفرائض الزّانية والزّاني أو الزانية والزاني في الفرائض. ثم قال فاجلدوا فجاء بالفعل بعد أن مضى فيهما الرفع، كما قال:
وقائلةٍ: خولان فانكح فتاتهم
فجاء بالفعل بعد أن عمل فيه المضمر. وكذلك: {والسارق والسارقة} كأنه قال وفيما فرض الله عليكم السارق والسارقة أو السّارق والسارقة فيما فرض عليكم. فإنّما دخلت هذه الأسماء بعد قصص وأحاديث. ويحمل على نحوٍ من هذا ومثل ذلك: {واللذان يأتيانها منكم فآذوهما}
وقد يجرى هذا في زيدٍ وعمرو على هذا الحدّ إذا كنت تخبر بأشياء أو توصى. ثم تقول زيدٌ أي زيدٌ فيمن أوصى به فأحسن إليه وأكرمه. وقد قرأ أناسٌ والسّارق والسّارقة والزانية والزاني وهو في العربيّة على ما ذكرت لك من القوّة. ولكن أبت العامّة إلاّ القراءة بالرفع. وإنّما كان الوجه في الأمر والنّهى النصب لأنّ حدّ الكلام تقديم الفعل وهو فيه أوجب إذ كان ذلك يكون في ألف الاستفهام لأنّهما لا يكونان إلا بفعل). [الكتاب: 1/142-144] (م)
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (و(المعي) أكثر الكلام تذكيره؛ يقال: هذا مِعي وثلاثة أمعاء. وربما ذهبوا به إلى التأنيث، كأنه واحد دل على الجمع). [المذكور والمؤنث: 66]
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (ومن الماء الأجن وهو الخبيث المتغير الطعم،
...
والركية الموسنة التي يوسن فيها الإنسان وسنا. وهذا قول عامة الكلابيين وهو غشي يأخذ الإنسان من نتن ريح ماء الركية. وقال بعضهم: أسن الماء يأسن أسنا فهمز). [كتاب المطر: 17-18]
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (ويقال أسن الماء يأسن أسنا إذا تغير وأسن الماء يأسن. ويقال: أسن الرجل يأسن إذا غشي عليه من ريح خبيثة وربما مات منها. قال الشاعر:

التارك القرن مصقرا أنامله = يميل في الرمح ميل المايح الأسن).
[كتاب الهمز: 30]
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (وفي البطن المعدة والمعدة مخففة ومثقلة وهي أم الطعام وأول ما يقع فيه الطعام وهي من الإنسان بمنزلة الكرش من الشاة ثم تؤديه إلى الأمعاء وواحدها معي مقصور). [خلق الإنسان: 219]

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (يقال: أجن الماء يأجن [أجونا] إذا تغير غير أنه شروب. وأسن يأسن أسنا وأسونا وهو الذي لا يشربه أحد من نتنه). [الغريب المصنف: 2/612]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (


فأوردها طاميات الجمام = وقد كن يأجن أو كن جونا
....
يقال: أجن الماء يأجن وأسن يأسن إذا تغير). [شرح ديوان كعب بن زهير: 105]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (والفصل بين الرفع والنصب أن الناصب دعا له. كأنه قال: رحمتك يا ذا الرحمة وقوله:
حنانٌ ما أتى بك هاهنا؟
إنما أراد: أمرنا حنانٌ؛ كقوله عز وجل: {مثل الجنة التي وعد المتقون} فالتقدير: فيما يتلى عليكم مثل الجنة، ثم قال: فيها، وفيها. ومن قال: إنما معناه: صفة الجنة فقد أخطأ؛ لأن مثل لا يوضع في موضع صفة. إنما يقال: صفة زيد أنه ظريف، وأنه عاقل. ويقال: مثل زيد مثل فلان. وإنما المثل مأخوذ من المثال والحذو، والصفة تحلية ونعت). [المقتضب: 3/225]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قال الشاعر:
هذا طريق يأزم المآزما = وعضوات تقطع اللهازما
ونظير عضة، سنة؛ على أن الساقط الهاء في قول بعض العرب، والواو في قول بعضهم، تقول في جمعها سنوات. وسانيت الرجل. وبعضهم يقول: سهات. وأكريته مسانهة.
وهذا الحرف في القرآن يقرأ على ضروب. فمن قرأ: {لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ} فوصل بالهاء - هو مأخوذ من: سانهت، التي هي سنيهة. ومن جعله من الواو قال في الوصل: لم يتسن وانظر. فإذا وقف قال: {لَمْ يَتَسَنَّه} فكانت الهاء زائدة لبيان الحركة. بمنزلة الهاء في قوله: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}. و{كِتَابِيَهْ}. و{حِسَابِيَهْ}. والمعنى واحد. وتأويله: لم تغيره السنون. ومن لم يقصد إلى السنة، قال: لم يتأسن. والآسن: المتغير، قال الله جل وعز: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ}، ويقال: أسن في هذا المعنى، كما يقال: رجل حاذر وحذر). [الكامل: 2/967-968] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ومن حرف من الأضداد، تكون لبعض الشيء، وتكون لكله، فكونها للتبعيض لا يحتاج فيه إلى شاهد، وكونها بمعنى (كل)، شاهده قول الله عز وجل: {ولهم فيها من كل الثمرات}، معناه كل الثمرات، وقوله عز وجل: {يغفر لكم من ذنوبكم}، معناه يغفر لكم ذنوبكم. وقوله عز وجل: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما}، معناه: وعدهم الله كلهم مغفرة؛ لأنه قدم وصف قوم يجتمعون في استحقاق هذا الوعد. وقول الله عز وجل في غير هذا الموضع: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير}، معناه: ولتكونوا كلكم أمة تدعو إلى الخير، قال الشاعر:
أخو رغائب يعطاها ويسألها = يأبى الظلامة منه النوفل الزفر
أراد: يأبى الظلامة لأنه نوفل زفر. ومستحيل أن تكون
(مِنْ) هاهنا تبعيضا إذ دخلت على ما لا يتبعض، والعرب تقول: قطعت من الثوب قميصا، وهم لا ينوون أن القميص قطع من بعض الثوب دون بعض؛ إنما يدلون بـ(من) على التجنيس، كقوله عز وجل: {فاجتبوا الرجس من الأوثان} معناه: فاجتنبوا الأوثان التي هي رجس، واجتنبوا الرجس من جنس الأوثان؛ إذ كان يكون من هذا الجنس ومن غيره من الأجناس.
وقال الله عز وجل: {وننزل من القرآن ما هو شفاء}، فـ (مِنْ)، ليست هاهنا تبعيضا؛ لأنه لا يكون بعض القرآن شفاء وبعضه غير شفاء، فـ(مِنْ) تحتمل تأويلين: أحدهما التجنيس، أي ننزل الشفاء من جهة القرآن، والتأويل الآخر أن تكون (من) مزيدة للتوكيد، كقوله: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم}، وهو يريد يغضوا أبصارهم، وكقول ذي الرمة:

إذا ما امرؤ حاولن يقتتلنه = بلا إحنة بين النفوس ولا ذحل
تبسمن عن نور الأقاحي في الثرى = وفترن من أبصار مضروجة نجل
أراد: وفترن أبصار مضروجة.
وكان بعض أصحابنا يقول: من ليست مزيدة للتوكيد في قوله: {من كل الثمرات}، وفي قوله: {من أبصارهم} وفي قوله: {يغفر لكم من ذنوبكم}. وقال: أما قوله: {من كل الثمرات}، فإن (من) تبعيض، لأن العموم في جميع الثمرات لا يجتمع لهم في وقت واحد؛ إذ كان قد تقدم منها ما قد أكل، وزال وبقي منها ما يستقبل ولا ينفد أبدا، فوقع التبعيض لهذا المعنى.
قال: وقوله: {يغضوا من أبصارهم} معناه: يغضوا بعض أبصارهم. وقال: لم يحظر علينا كل النظر، إنما حظر علينا بعضه، فوجب التبعيض من أجل هذا التأويل.
قال: وقوله: {يغفر لكم من ذنوبكم} من هاهنا مجنسة، وتأويل الآية: يغفر لكم من إذنابكم، وعلى إذنابكم، أي يغفر لكم من أجل وقوع الذنوب منكم، كما يقول الرجل: اشتكيت من دواء شربته، أي من أجل الدواء.
وقال بعض المفسرين: من في قوله تعالى: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة} مبعضة، لأنه ذكر أصحاب نبيه صلى الله عليه، وكان قد ذكر
قبلهم الذين كفروا فقال: {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية}. وقال بعد: {منهم}؛ أي من هذين الفريقين، ومن هذين الجنسين). [كتاب الأضداد: 252-255] (م)
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (والآجن المتغيرّ، يقال أجن الماء يأجن ويأجنا أجون، وأسن
يأسن ويأسن أسونًا، وقد أجن وأسن، وليسا بالفصيحين، فأما أسن الرجل إذا دير به من خبث رائحة البئر فعلى فعل لا غير). [الأمالي: 2/240-241]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آَنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ولو قلت: أي الرجلين هندٌ ضاربها أبوها، لم يكن كلاماً؛ لأن أيّاً ابتداءٌ ولم تأت له بخبر.
فإن قلت: هند ضاربها أبوها في موضع خبره لم يجز؛ لأن الخبر إذا كان غير الابتداء فلا بد من راجع إليه.
ولو قلت: أي من في الدار إن يأتيا نأته، كان جيد. كأنك قلت: أي القوم إن يأتنا نأته؛ لأن من تكون جمعاً على لفظ الواحد وكذلك الاثنان. قال الله عز وجل: {ومنهم من يستمع إليك} وقال: {ومنهم من يستمعون إليك} وقال: {ومنهم من يؤمن به} فحمل على اللفظ. وقال: {بلى من أسلم وجهه لله وهو محسنٌ فله أجره عند ربه ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون} فحمل مرة على اللفظ، ومرة على المعنى. وقال الشاعر، فحمل على المعنى:
تعش، فإن عاهدتني لا تخونني = نكن مثل من يا ذئب يصطحبان
فهذا مجاز هذه الحروف.
فأما من فإنه لا يعنى بها في خبرٍ ولا استفهام ولا جزاءٍ إلا ما يعقل. لا تقول في جواب من عندك?: فرسٌ ولا متاع، إنما تقول: زيدٌ أو هند. قال الله عز وجل: {فمن كان يرجو لقاء ربه} وقال عز وجل يعني الملائكة: {ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته} وقال جل اسمه: {أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض}.
فأما ما فتكون لذوات غير الآدميين، ولنعوت الآدميين. إذا قال: ما عندك? قلت: فرسٌ، أو بعيرٌ، أو متاع أو نحو ذلك. ولا يكون جوابه زيدٌ ولا عمرو. ولكن يجوز أن يقول: ما زيدٌ? فتقول: طويلٌ أو قصير أو عاقل أو جاهل.
فإن جعلت الصفة في موضع الموصوف على العموم جاز أن تقع على ما يعقل.
ومن كلام العرب: سبحان ما سبح الرعد بحمده، وسبحان ما سخركن لنا.
وقال عز وجل: {والسماء وما بناها}. فقال قوم: معناه: ومن بناها. وقال آخرون: إنما هو: والسماء وبنائها. كما تقول: بلغني ما صنعت، أي صنيعك؛ لأن ما إذا وصلت بالفعل كانت مصدراً.
وكذلك قوله عز وجل: {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} قال قوم: معناه: أو ملك أيمانهم. وقال آخرون: بل هو: أو من.
فأما أي والذي فعامتان، تقعان على كل شيءٍ على ما شرحته لك في أي خاصةً). [المقتضب: 2/294-295]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17) }

تفسير قوله تعالى: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (18) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (واعلم أن الهمزتين إذا التقتا وكانت كل واحدةٍ منهما من كلمة فإن
أهل التحقيق يخففون إحداهما ويستثقلون تحقيقهما لما ذكرت لك كما استثقل أهل الحجاز تحقيق الواحدة فليس من كلام العرب أن تلتقي همزتان فتحققا ومن كلام العرب تخفيف الأولى وتحقيق الآخرة وهو قول أبي عمرو وذلك قولك: (فقد جا أشراطها)، و{يا زكريا إنا نبشرك} ومنهم من يحقق الأولى ويخفف الآخرة سمعنا ذلك من العرب وهو قولك فقد جاء اشراطها ويا زكرياء انا وقال:
كلّ غرّاء إذا ما برزت = ترهب العين عليها والحسد
سمعنا من يوثق به من العرب ينشده هكذا.
وكان الخليل يستحب هذا القول فقلت له لمه فقال إني رأيتهم حين أرادوا أن يبلدوا إحدى الهمزتين اللتين تلتقيان في كلمة واحدة أبدلوا الآخرة وذلك جائٍ وآدم ورأيت أبا عمروٍ أخذ بهن في قوله عز وجل: (يا ويلتا أالد وأنا عجوز) وحقق الأولى وكل عربي وقياس من خفف الأولى أن يقول يا ويلتا األد). [الكتاب: 3/548-549]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (النحويون يرون إذا اجتمعت همزتان في كلمتين كل واحدة منهما في كلمة تخفف إحداهما فإن كانتا في كلمة واحدة أبدوأ الثانية منهما، وأخرجوها من باب الهمزة.
أما ما كان في كلمة، فنحو قولهم: آدم، جعلوا اثانية ألفا خالصة، للفتحة قبلها.
وقالوا في جمعه: أوادم، كما قالوا في جمع خالد: خوالد، فلم يرجعوا بها إلى الهمز. وقالوا في فاعِل من جئت، ونحوه: جاءٍ كما ترى، فقلبوا الهمزة ياءً، لأنها في موضع اللام من الفعل، وموضع العين تلزمه الهمزة لاعتلاله؛ كما قلت في فاعِل من يقول: قائل. فلما التقت الهمزتان في كلمة قلبوا الثانية منهما على ما وصفنا.
فإذا كانتا في كلمتين فإن أبا عمرو بن العلاء كان يرى تخفف الأولى منهما وعلى ذلك قرأ في قوله عز وجل: {فقد جاء أشراطها} إلا أن يبتدأ بها ضرورة كامتناع الساكن.
وكان يحقق الأولى إذا قرأ (أالد وأنا عجوزٌ) ويخفف الثانية، ولا يلزمها البدل، لأن ألف الاستفهام منفصلة، وكان الخليل يرى تخفيف الثانية على كل حال، ويقول: لأن البدل لا يلزم إلا الثانية، وذلك لأن الأولى يلفظ بها، ولا مانع لها، والثانية تمتنع من التحقيق من أجل الأولى التي قد ثبتت في اللفظ). [المقتضب: 1/295]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 08:11 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19) }

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20) }

تفسير قوله تعالى: {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وقد يجوز أن يكون أنت على قوله أنت الهالك كما يقال إذا ذكر إنسان لشيء قال الناس زيدٌ. وقال الناس أنت. ولا يكون على أن تضمر هذا لأنّك لا تشير للمخاطب إلى نفسه ولا تحتاج إلى ذلك وإنما تشير له إلى غيره. ألا ترى أنّك لو أشرت له إلى شخصه فقلت هذا أنت لم يستقم.
ويجوز هذا أيضاً على قولك شاهداك أي ما ثبت لك شاهداك قال الله تعالى جدّه: {طاعة وقول معروف}. فهو مثله. فإمّا أن يكون أضمر الاسم وجعل هذا خبره كأنّه قال أمري طاعةٌ وقولٌ معروف أو يكون أضمر الخبر فقال طاعةٌ وقولٌ معروف أمثل). [الكتاب: 1/141]
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وروى الخليل رحمه الله أن ناسا يقولون إن بك زيد مأخوذ فقال هذا على قوله إنه بك زيد مأخوذ وشبهه بما يجوز في الشعر نحو قوله وهو ابن صريم اليشكري:


ويوماً توافينا بوجهٍ = كأن ظبيةٌ تعطو إلى وارق السّلم
وقال الآخر:
ووجهٌ مشرق النّحر = كأن ثدياه حقّان
لأنه لا يحسن ههنا إلاّ الإضمار.
وزعم الخليل أنّ هذا يشبه قول من قال وهو الفرزدق:
فلو كنت ضبّيّا عرفت قرابتي = ولكنّ زنجىٌّ عظيم المشافر
والنصب أكثر في كلام العرب كأنه قال ولكن زنجيا عظيم المشافر لا يعرف قرابتي. ولكنه أضمر هذا كما يضمر ما بني على الابتداء نحو قوله عز وجل: {طاعة وقول معروف} أي طاعة وقول معروف أمثل. وقال الشاعر:
فما كنت ضفّاطاً ولكنّ طالباً = أناخ قليلاً فوق ظهر سبيل).
[الكتاب: 2/134-136]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما قوله عز وجل: {قالوا سلاماً قال سلام} فإن المفسرين يقولون في هذا قولين أعني المنصوب.
أما المرفوع فلا اختلاف في أن معناه والله أعلم، قولي سلام، وأمري سلام كما قال: {طاعة وقول معروف} وكما قال: {وقالوا مجنون وازدجر} على الحكاية). [المقتضب: 4/11] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ}، أي عزم صاحب الأمر). [مجالس ثعلب: 557]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ويقال: رجل عازم، وأمر عازم، أي معزوم عليه، قال: {فإذا عزم الأمر} ). [كتاب الأضداد: 127]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ويقال عزمت على الأمر هممت بفعله. وتقول العرب عزم الأمر بمعنى استقام ومنه قوله تعالى: {فإذا عزم الأمر} ). [شرح المفضليات: 752]

تفسير قوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) }

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) }

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقولها: "وصم لا يسمعن"، طريف من كلام العرب، وذلك أنه يقال لكل صحيح البصر ولا يعمل بصره: أعمى، وإنما يراد به أنه قد حل محل من لا يبصر البتة، إذا لم يعمل بصره، وكذلك يقال للسميع الذي لا يقبل: أصم، قال الله جلَّ ذكرهِ: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} كما قال جل ثناؤه: {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} وكذلك: {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ} وقوله عز وجل: {كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاء} ). [الكامل: 2/684] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) }

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
إذا غاب عنها البعل لم تفش سره = وترضي إياب البعل حين يؤوب
قال الضبي: يقول إذا غاب بعلها لم تفش سره والسر الاسم والإسرار المصدر). [شرح المفضليات: 769]

تفسير قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) }

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28) }

تفسير قوله تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلين اختصما إليه في مواريث وأشياء قد درست فقال صلى الله عليه وسلم: ((لعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار))، فقال كل واحد من الرجلين: يا رسول الله! حقي هذا لصاحبي، فقال: ((لا، ولكن اذهبا فتوخيا ثم استهما ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه)).
قال: حدثناه صفوان بن عيسى عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم
قوله: ((لعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض)) يعني أفطن لها وأجدل، واللحن: الفطنة بفتح الحاء.
ومنه قول عمر بن عبد العزيز: عجبت لمن لاحن الناس، كيف لا يعرف جوامع الكلم، ويقال منه: رجل لَحِن إذا كان فطنا قال لبيد يذكر رجلا كاتبا:

متعود لحن يعيد بكفه = قلما على عسب ذبلن وبان
واللحن في أشياء سوى هذا، منه: الخطأ في الكلام وهو بجزم الحاء.
يقال منه: قد لحن الرجل لحنا.
ومنه قول عمر رضي الله عنه
قال حدثناه أبو معاوية عن عاصم عن مورق عن عمر رحمه الله قال: تعلموا اللحن والفرائض والسنن كما تعلمون القرآن.
وحدثناه الدقيعي محمد بن عبد الله عن يزيد بن هارون عن عاصم الأحول عن مورق.
ومنه حديث أبي العالية: كنت أطوف مع ابن عباس وهو يعلمني لحن الكلام، وإنما سماه لحنا لأنه إذا بصره الصواب فقد بصره اللحن.
ومن اللحن أيضا قول الله تبارك وتعالى: {ولتعرفنهم في لحن القول} فكان تأويله -والله أعلم- في فحواه وفي معناه وفي مذهبه.
وفي هذا الحديث من الفقه قوله: ((اذهبا فتوخيا)) يقول : توخيا الحق، فكأنه قد أمر الخصمين بالصلح). [غريب الحديث: 2/40-44]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( واللحن حرف من الأضداد؛ يقال للخطأ لحن، وللصواب لحن. فأما كون اللحن على معنى الخطأ فلا يحتاج فيه إلى شاهد، وأما كونه على معنى الصواب فشاهده قول الله عز وجل: {ولتعرفنهم في لحن القول} معناه: في صواب القول وصحته.

وأخبرنا أبو العباس، عن ابن الأعرابي، قال: يقال:
لحن الرجل يلحن لحنا، إذا أخطأ، ولحن يلحن إذا أصاب.
وقال غير أبي العباس: يقال للصواب. اللحن واللحن.
وحدثنا إسماعيل بن إسحاق، قال: حدثنا نصر بن علي، قال: خبرنا الأصمعي، عن عيسى بن عمر، قال: قال معاوية للناس. كيف ابن زياد فيكم؟ قالوا: ظريف على أنه يلحن، قال: فذاك أظرف له؛ ذهب معاوية إلى أن معنى (يلحن) يفطن ويصيب.
وحدثنا بشر بن موسى، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، عن يزيد بن إبراهيم التستري، عن أبي هارون الغنوي، عن مسلم بن شداد، عن عبيد بن عمير، عن أبي بن كعب، قال تعلموا اللحن في القرآن كما تتعلمونه.
قال أبو بكر: فيجوز أن يكون اللحن في هذا الحديث الصواب، ويجوز أن يكون الخطأ، لأنه إذا عرف القارئ الخطأ عرف الصواب.
وحدثنا بشر بن موسى، قال: حدثنا أبو بلال –من ولد أبي موسى- قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن عاصم الأحول، عن مورق، عن عمر، قال: تعلموا الفرائض والسنة واللحن؛ كما تتعلموا القرآن. فيجوز أن يكون اللحن الصواب؛ ويجوز أن يكون الخطأ، يعرف فيتجنب.
وحدث يزيد بن هارون بهذا الحديث، فقيل له: ما اللحن؟ فقال: النحو.
وقال عمر بن عبد العزيز: عجبت لمن لاحن الناس كيف لا يعرف جوامع الكلم! أراد بـ (لاحن) فاطن.
وقال أبو العالية: كان ابن عباس يعلمنا لحن الكلام.
وقال لبيد:
متعود لحن يعيد بكفه = قلما على عسب ذبلن وبان
فاللحن: المصيب الفطن، يقال: رجل لحن ولاحن، من الفطنة والصواب، ورجل لاحن من الخطأ لا غير. وقال القتال:
ولقد لحنت لكم لكيما تفقهوا = ووحيت وحيا ليس بالمرتاب
وقال ابن أحمر يصف صحيفة كتبها:
وتعرف في عنوانها بعض لحنها = وفي جوفها صمعاء تبلي النواصيا
الصمعاء: الداهية.
واللحن أيضا يكون بمعنى اللغة، وقال شريك عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة، في قول الله عز وجل: {سيل العرم} العرم: المسناة بلحن اليمن، أي بلغتهم. وقال بعض الأعراب:

وما هاج هذا الشوق إلا حمامة = تبكت على خضراء سمر قيودها
هتوف الضحى معروفة اللحن لم تزل = تقود الهوى من مسعد ويقودها
وقال الآخر يذكر حمامتين:
باتا على غصن بان في ذرا فنن = يرددان لحونا ذات ألوان
وأنشدنا أبو العباس وغيره

وحديث ألذه هو مما = تشتهيه النفوس يوزن وزنا
منطق صائب وتلحن أحيا = نا وخير الحديث ما كان لحنا
وقال: أراد (تلحن) تصيب وتفطن، وأراد بقوله: (ما كان لحنا) ما كان صوابا.
وقال ابن قتيبة: اللحن في هذا البيت الخطأ، وهذا الشاعر استملح من هذه المرأة ما يقع في كلامها من الخطأ.
قال أبو بكر: وقوله عندنا محال، لأن العرب لم تزل تستقبح اللحن من النساء كما تستقبحه من الرجال، ويستملحون البارع من كلام النساء كما يستملحونه من الرجال، الدليل على هذا قول ذي الرمة يصف امرأة:
لها بشر مثل الحرير ومنطق = رخيم الحواشي لا هراة ولا تزر
فوصفها بحسن الكلام؛ واللحن لا يكون عند العرب حسنا إذا كان بتأويل الخطأ، لأنه يقلب المعنى، ويفسد التأويل الذي يقصد له المتكلم. وقال قيس بن الخطيم يذكر امرأة أيضا:

ولا يغث الحديث ما نطقت = وهو بفيها ذو لذة طرف
تخزنه وهو مشتهى حسن = وهو إذا كا تكلمت أنف
فلو كانت هذه المرأة تلحن وتفسد ألفاظها كانت عند هذا الشاعر الفصيح غثة الكلام، ولم تستحق عنده وصفا بجودة المنطق وحلاوة الكلام. وقال كثير:
من الخفرات البيض ود جليسها = إذا ما انقضت أحدوثة لو تعيدها
فخبر بهذا لصحة ألفاظها. ولم تزل العرب تصف النساء بحسن المنطق، وتستملح منهم رواية الشعر، وأن تقرض
المرأة منه البيت والأبيات، فإذا قدرت على ذلك زاد في معانيها، وتناهت عند من يشغف بها؛ الدليل على هذا ما يروى عن عزة، وبثينة، وليلى الأخيلية، وعفراء بنت مهاصر من قول الشعر؛ وأن ذلك كان يزيد في محبة أصحابهن لهن، فليلى الأخيلية، تقول في جواب توبة بن الحمير حين قال:

عفا الله عنها هل أبيتن ليلة = من الدهر لا يسري إلى خيالها
وعنه عفا ربي وأصلح حاله = فعز علينا حاجة لا ينالها
وليلى صاحبة المجنون تقول:

ألا ليت شعري والخطوب كثيرة = متى رحل قيس مستقل فراجع
بنفسي من لا يستقي برحله = ومن هو إن لم يحفظ الله ضائع
وعفراء بنت مهاصر ترثي عروة بن حزام:

ألا أيها الركب المخبون ويحكم = بحق نعيتم عروة بن حزام
فلا نفع الفرسان بعدك غارة = ولا رجعوا من غيبة بسلام
وقل للحبالى لا يرجين غائبا = ولا فرحلت بعده بغلام
وقالت بثينة ترثي جميلا:

وإن سلوى عن جميل لساعة = من الدهر ما جاءت ولا حان حينها
سواء علينا يا جميل بن معمر = إذا مت بأساء الحياة ولينها
ثم كان الناس على هذا إلى وقتنا أو قبل وقتنا؛ إذا عرف من المرأة فصاحة واقتدار على قول الشعر حلت في قلوب الرجال، وكان ذلك منها زائدا في كمالها، ومن قدر على قول الشعر حكم له بمعرفة أكثر الإعراب وتجنب اللحن. وكيف يكون الخطأ في الكلام مستحسنا والصواب مستسمجا، والعرب تقرب المعربين، وتتنقص اللاحنين وتبعدهم، فعمر بن الخطاب رحمه الله يقول لقوم استقبح رميهم: ما أسوأ رميكم! فيقولون: نحن قوم (متعلمين)، فيقول: لحنكم أشد على من فساد رميكم، سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول: ((رحم الله امرأ أصلح من لسانه))، وكان ابن عمر يضرب بنيه على اللحن.
وقال محمد بن علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم، قال رسول الله صلى الله عليهِ: ((أعربوا الكلام كي تعربوا القرآن)).
وقال عمر بن عبد العزيز: إن الرجل ليكلمني في الحاجة
يستوجبها فيلحن فأرده عنها، وكأني أقضم حب الرمان الحامض، لبغضي استماع اللحن، يكلمني آخر في الحاجة لا يستوجبها فيعرب، فأجيبه إليها التذاذا لما أسمع من كلامه.
وقال عمر بن عبد العزيز أيضا: أكاد أضرس إذا سمعت اللحن). [كتاب الأضداد: 238-245]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (مطلب الكلام على مادة لحن وقوله تعالى {ولتعرفنّهم في لحن القول} [محمد: 30]
قال أبو بكر الأنباري، رحمه الله: معنى قوله عز وجل: {ولتعرفنّهم في لحن القول} [محمد: 30] أي في معنى القول، وفى مذهب القول وأنشد للقتال الكلابي:
ولقد لحنت لكم لكيما تفهموا = ووحيت وحيا ليس بالمرتاب
معناه: ولقد بينت لكم: واللحن بفتح الحاء: الفطنة، وربما أسكنوا الحاء في الفطنة، ورجل لحن، أي فطن، قال لبيد يصف كاتبا:
متعود لحن يعيد بكفه = قلما على عسب ذبلن وبان
ومن اللّحن الحديث الّذي يروى عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّ رجلين اختصما إليه في مواريث وأشياء قد درست، فقال عليه السّلام: لعلّ أحدكم أن يكون ألحن بحجّته من الآخر فمن قضيت له بشيءٍ من حقّ أخيه فإنّما أقطع له قطعةً من النّار فقال كلّ واحدٍ من الرّجلين: يا رسول الله، حقّي هذا لصاحبي، فقال: لا ولكن اذهبا فتوخّيا ثمّ استهما ثمّ ليحلّل كلّ واحدٍ منكما صاحبه.
ومنه قول عمر بن عبد العزيز رحمه اللّه: عجبت لمن لاحن الناس كيف لا يعرف جوامع الكلم! أي فاطنهم.
وحدّثني أبو بكر، عن أبى العبّاس، عن ابن الأعرابي، قال: يقال: قد لحن الرجل يلحن لحنًا فهو لاحن إذا أخطأ، ولحن يلحن لحنا فهو لحن، إذا أصاب وفطن، وأنشد

وحديث ألذه هو مما تشتهيه = النفوس يوزن وزنا
منطق صائب وتلحن أحيانا = وخير الحديث ما كان لحنا
معناه: وتصيب أحيانا
وحدّثني أيضًا، قال: حدّثنا إسماعيل بن إسحاق، أخبرنا نصر بن عليٍّ، قال: أخبرنا الأصمعيّ، عن عيسى بن عمر، قال: قال معاوية للنّاس: كيف ابن زيادٍ فيكم "؟ قالوا: ظريفٌ على أنّه يلحن، قال: " فذاك أظرف له، ذهب معاوية إلى اللّحن الّذي هو الفطنة، وذهبوا هم إلى اللّحن الّذي هو الخطأ واللحن أيضًا: اللغة، ذكره الأصمعي، وأبو زيد؛ ومنه قول عمر بن الخطّاب رضي اللّه تعالى عنه: تعلموا الفرائض والسنن واللحن كما تعلمون القرآن.
فاللحن: اللغة وروى شريك عن أبى إسحاق عن ميسرة أنّه قال في قوله عز وجل: {فأرسلنا عليهم سيل العرم}[سبأ: 16] : العرم: المسناة بلحن اليمن، أي بلغة اليمن، وقال الشاعر

وما هاج هذا الشوق إلا حمامة = تغنت على خضراء سمر قيودها
صدوح الضحى معروفة اللحن لم تزل = تقود الهوى من مسعد ويقودها
وقال الآخر:

لقد تركت فؤادك مستجنا = مطوقة على فننٍ تغنى
يميل بها وتركبه بلحن = إذا ما عنّ للمحزون أنّا
فلا يحزنك أيام تولى = تذكرها ولا طير أرنا
وقال الآخر:

وهاتفين بشجوٍ بعد ما سجعت = ورق الحمام بترجيع وإرنان
باتا على غصن بان في ذرى فننٍ = يرددان لحونا ذات ألوان
معناه: يرددان لغاتٍ، وصرف أبو زيد منه فعلا فقال: لحن الرجل يلحن لحنا إذا تكلم بلغته، قال: ويقال: لحنت له لحنًا إذا قلت له قولا يفهمه عنك ويخفى على غيره، ولحنه عنى لحنا، أي فهمه، وألحنته أنا إياه إلحانا، وهذا مذهب أبى بكر بن دريد في تفسير قول الشاعر:
منطق صائب وتلحن أحيانا
قال: يريد: تعوص في حديثها فتزيله عن جهينة لئلا يفهمه الحاضرون، ثم قال. . . وخير الحديث ما كان لحنا أي خير الحديث ما فهمه صاحبك الذي تحب إفهامه وحده، وخفي على غيره.
قال: وأصل اللحن أن تريد الشيء فتورى عنه بقول آخر، كقول رجل من بنى العنبر كان أسيرا في بكر بن وائل، فسألهم رسولا إلى قومه، فقالوا له: لا ترسل إلا بحضرتنا، لأنهم كانوا أزمعوا غزو قومه فخافوا أن ينذر عليهم، فجيء بعبد أسود فقال له: أتعقل؟ قال: نعم إني لعاقل، قال: ما أراك عاقلًا؛ ثم قال: ما هذا؟ وأشار بيده إلى الليل، فقال: هذا الليل، فقال: أراك عاقلًا، ثم ملأ كفيه من الرمل فقال: كم هذا؟ فقال: لا أدرى وإنه لكثير، فقال: أيهما أكثر، النجوم أو النيران؟ فقال: كل كثير، فقال: أبلغ قومي التحية وقل لهم: ليكرموا فلانا يعنى أسيرا كان في أيديهم من بكر بن وائل، فإن قومه لي مكرمون، وقل لهم: إن العرفج قد أدبى وقد شكت النساء، وأمرهم أن يعروا ناقتي الحمراء فقد أطالوا ركوبها، وأن يركبوا جملي الأصهب بآية ما أكلت معكم حيسا؛ واسألوا الحارث عن خبري.
فلما أدى العبد الرسالة إليهم قالوا: لقد جن الأعور، والله ما نعرف له
ناقة حمراء، ولا جملا أصهب؛ ثم سرحوا العبد ودعوا الحارث فقصوا عليه القصة، فقال: قد أنذركم.
أما قوله: قد أدبى العرفج: فإنه يريد أن الرجال قد استلأموا، أي لبسوا الدروع.
وقوله: شكت النساء، أي اتخذن الشكاء للسفر.
وقوله: ناقتي الحمراء: أي ارتحلوا عن الدهناء واركبوا الصمان وهو الجمل الأصهب.
وقوله: بآية ما أكلت معكم حيسًا: يريد اخلاطا من الناس قد غزوكم، لأن الحيس يجمع التمر والسمن والأقط.
فامتثلوا ما قال وعرفوا فحوى كلامه.
وأخذ هذا المعنى أيضًا رجل من بني تميمٍ كان أسيرا فكتب إلى قومه:

حلو عن الناقة الحمراء أرحلكم = والبازل الأصهب المعقول فاصطنعوا
إن الذئاب قد اخضرت براثنها = والناس كلهم بكر إذا شبعوا
يريد أن الناس كلهم إذا أخصبوا عدو لكم كبكر بن وائل.
ومعنى صائب، على مذهب أبى العبّاس في البيت: قاصد، كما قال
جميل وما صائب من نابلٍ قذفت به = يد وممر العقدتين وثيق
فيكون معنى قوله: منطق صائب، أي قاصد للصواب وإن لم يصب؛ وتلحن أحيانا، أي تصيب وتفطن؛ ثم قال: وخير الحديث ما كان لحنًا أي إصابة وفطنة). [الأمالي: 1/4-7]

تفسير قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال في قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ} قال: قد علم قبل ذاك، ولكن أراد أن نعلم نحن). [مجالس ثعلب: 164]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 08:13 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (34) }

تفسير قوله تعالى: {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله)).
قال: حدثناه هشيم قال: أخبرنا حجاج عن نافع عن ابن عمر يرفعه.
قال الكسائي: هو من الوَتْر، وذلك أن يجني الرجل على الرجل جناية يقتل له قتيلا أو يذهب بماله وأهله فيقال: قد وَتَر فلان فلانا أهله وماله.
يقول: فهذا فيما فاته من صلاة العصر بمنزله الذي قد وتر فذهب بماله وأهله.
وقال غيره: وتر أهله وماله يقول: نقص أهله وماله وبقي فردا، وذهب إلى قوله: {ولن يتركم أعمالكم} يقول: لن ينقصكم، يقال: قد وترته حقه: إذا نقصته.
وأحد القولين قريب من الآخر). [غريب الحديث: 3/297-298]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (
والسَّلم والسِّلم: الصّلح، والسَّلَم: الاستسلام). [الأمالي: 2/152] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وفي خطبة المأمون يوم الفطر بعد التكبير الأوّل
إنّ يومكم هذا يومُ عِيدٍ وسُنَّة وابتهال ورغبة، يومٌ خَتَم الله به صيامَ شهر رمضان وافتتح به حجَّ بيته الحَرَام، فجعله خاتمةَ الشهر وأوّلَ أيام شهور الحجّ، وجعله مُعقِّبًا لمفروض صيامكم ومنتفَل قيامكم، أحل فيه الطعامَ لكم وحَرم فيه الصيامَ عليكم؛ فاطلبوا إلى الله حوائجكَم استغفروه لتفريطكم، فإنه يُقال: لا كبيرَ مع استغفار، ولا صغير مع إصرار. ثم التكبير والتحميد وذكر النبيّ عليه السلام والوصية بالتقوى. ثم قال: فاتقوا الله عبادَ الله وبادروا الأمرَ الذي اعتدَلَ فيه يقينُكم، ولم يتحضِر الشكُ فيه أحدًا منكم، وهو الموت المكتوبُ عليكم، فإنه لا تُستقالُ بعده عَثْرةٌ، ولا تُحْظَر قبله توبة. واعلموا أنه لا شيءَ قبله إلا دونَه ولا شيءَ بعده إلا فوقَه. ولا من على جَزَعه وعَلَزه وكُرَبه، ولا يُعين على القبر وظُلْمته وضِيقه ووَحْشته وهَوْل مَطْلَعه ومسألة ملائكته، إلا العملُ الصالحُ الذي أمر اللّه به. فمن زَلَّت عند الموت قَدَمُه، فقد ظهرت ندامتُه، وفاتته استقالتُه، ودعا من الرَّجْعة إلى ما لا يجاب إليه، وبذَلَ من الفِدْية ما لا يُقْبَلُ منه. فالله اللَّه عبادَ اللهّ! وكونوا قومًا سألوا الرَّجْعةَ فأعْطُوها إذ مُنِعَهَا الذين طَلَبوها فإنه ليس يتمنَى متقدون قبلكم إلا هذا المهلَ المبسوطَ لكم. واحذَرُوا ما حذَّركم الله، واتَقوا اليومَ الذي جمَعُكم الله فيه لوَضْع مَوَازينكم، ونَشْر صُحُفكم الحافِظةِ لأعمالكم. فلينظُرْ عبدٌ ما يَضَعُ في زاده مما يثقل به، وما يًمِلُ في صحيفته الحافِظة لما عليه وله؛ فقد حَكَى الله لكم ما قال مفرطون عندها إذ طال إعراضُهم عنها، قال: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمينَ مُشْفِقِينَ مما فيه}! الآية. وقال: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْم الْقِيَامَةِ}. ولستُ أنهاكم عن الدنيا بأعظمَ مما نهتْكم الدنيا عن نفسها، فإنه كل ما لها ينهَى عنها، وكل ما فيها يدعو إلى غيرها. وأعظمُ ما رأته أعينكم من عجائبها فمُّ كتاب اللّه لها ونَهْيُ اللّه عنها، فإنه يقول: {فَلَا تَغُرنًكُمُ الحَيَاة الدنْيَا وَلاَ يَغُرنكُمْ بِالله الغَرُورُ} وقال: {إنمَا الْحَيَاةُ الدُنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} الآية. فانتفعوا بمعرفتكم بها وبإخبار الله عنها، واعلَموا أنّ قومًا من عباد اللهّ أدركتُهم عِصمةُ اللّه فحذِروا مَصَارِعَها، وجانَبُوا خدائعها، وآثروا طاعةَ الله فيها، فأدركوا الجنَّة بما تركوا منها). [عيون الأخبار: 5/255-256] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ (37) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: بصير بأضغان الرجال، فهي أسرارها ومخبآتها. قال الله تعالى: {فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ} ). [الكامل: 3/1123]

تفسير قوله تعالى: {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (واعلم أن ثم إذا أدخلته على الفعل الذي بين المجزومين لم يكن إلا جزماً لأنه ليس مما ينصب وليس يحسن الابتداء لأن ما قبله لم ينقطع وكذلك الفاء والواو وأو إذا لم ترد بهن النصب فإذا انقضى الكلام ثم
جئت بثم فإن شئت جزمت وإن شئت رفعت وكذلك الواو والفاء قال الله تعالى: {وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون} وقال تبارك وتعالى: {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} إلا أنه قد يجوز النصب بالفاء والواو.
وبلغنا أن بعضهم قرأ: (يحاسبكم به الله فيغفرَ لمن يشاء ويعذبَ من يشاء والله على كل شيء قدير).
وتقول إن تأتني فهو خيرٌ لك وأكرمك وإن تأتني فأنا آتيك وأحسن إليك وقال عز وجل: {وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خيرٌ لكم ونكفر عنكم من سيئاتكم} والرفع ههنا وجه الكلام وهو الجيد لأن الكلام الذي بعد الفاء جرى مجراه في غير الجزاء فجرى الفعل هنا كما كان يجري في غير الجزاء.
وقد بلغنا أن بعض القراء قرأ: {من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون} وذلك لأنه حمل الفعل على موضع الكلام لأن
هذا الكلام في موضع يكون جواباً لأن أصل الجزاء الفعل وفيه تعمل حروف الجزاء ولكنهم قد يضعون في موضع الجزاء غيره). [الكتاب: 3/89-91] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وكل بابٍ فأصله شيءٌ واحدٌ، ثم تدخل عليه دواخل؛ لاجتماعها في المعنى. وسنذكر إن كيف صارت أحق بالجزاء? كما أن الألف أحق بالاستفهام، وإلا أحق بالاستثناء، والواو أحق بالعطف مفسراً إن شاء الله في هذا الباب الذي نحن فيه.
فأما إن فقولك: إن تأتني آتك، وجب الإتيان الثاني بالأول، وإن تكرمني أكرمك، وإن تطع الله يغفر لك، كقوله عز وجل: {إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} {وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم} {وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم}.
والمجازاة ب إذما قولك: إذما تأتني آتك؛ كما قال الشاعر:

إذ ما أنيت على الرسول فقل له = حقاً عليك إذا اطمأن المجلـس
ولا يكون الجزاء في إذ ولا في حيث بغير ما؛ لأنهما ظرفان يضافان إلى الأفعال. وإذا زدت على كل واحد منهما ما منعتا الإضافة فعملتا. وهذا في آخر الباب يشرح بأكثر من هذا الشرح إن شاء الله.
وأما المجازاة بـ (من) فقوله عز وجل: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً} وقوله: {فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخساً ولا رهقاً}.
وبـ (ما) قوله: {ما يفتح الله للناس من رحمةٍ فلا ممسك لها}.
وبـ أين قوله عز وجل: {أينما تكونوا يدرككم الموت}. وقال الشاعر:
أين تضرب بنا العداة تجـدنـا = نصرف العيس نحوها للتلاقي
وبـ أنى قوله:
فأصبحت أنى تأتها تلتبس بـهـا = كلا مركبيها تحت رجليك شاجر
ومن حروف المجازاة مهما. وإنما أخرنا ذكرها؛ لأن الخليل زعم أنها ما مكررة، وأبدلت من الألف الهاء. وما الثانية زائدة على ما الأولى؛ كما تقول: أين وأينما، ومتى ومتى ما، وإن وإما، وكذلك حروف المجازاة إلا ما كان من حيثما وإذما. فإن ما فيهما لازمة. لا يكونان للمجازاة إلا بها، كما تقع رب على الأفعال إلا بـ ما في قوله: {ربما يود الذين كفروا}، ولو حذفت منها ما لم تقع إلا على الأسماء النكرات، نحو: رب رجل يا فتى.
والمجازاة بـ(أي) قوله: {أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} ). [المقتضب: 2/45-48] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وتقول: سر ما إن زيداً يحبه من هند جاريته. فوصلت ما وهي في معنى الذي بإن، وما عملت فيه لأن إن إنما دخلت على الابتداء والخبر، والمعنى كذلك، وكذلك أخواتها. قال الله عز وجل: وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة. وتقول على هذا: جاءني الذي كأن زيدا أخوه، ورأيت الذي ليته عندنا وكذلك كل شيءٍ يكون جملة. تقول: الذي إن تأته يأتك زيد، ورأيت الذي من يأته يكرمه. فإن قلت: رأيت الذي من يأتيه يكرمه جاز. تجعل من في موضع الذي. فكأنك قلت: رأيت الذي زيد يكرمه؛ لأن من صلتها: يأتيه، وخبرها: يكرمه. فأما قول الله عز وجل: {فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه} فإن من الأولى في معنى الذي، ولا يكون الفعل بعدها إلا مرفوعاً. فأما الثانية فوجهها الجزم بالجزاء، ولو رفع رافع على معنى الذي كان جيداً؛ لأن تصييرها على معنى الذي لا يخرجها من الجزاء. ألا ترى أنك تقول: الذي يأتيك فله درهم. فلولا أن الدرهم يجب بالإتيان لم يجز دخول الفاء؛ كما لا يجوز: زيد فله درهم، وعبد الله فمنطلق.وقال الله عز وجل: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانيةً فلهم أجرهم عند ربهم}. فقد علمت أن الأجر إنما وجب بالإنفاق. فإذا قلت: الذي يأتيك له درهم لم تجعل الدرهم له بالإتيان. فإذا كانت في معنى الجزاء جاز أن تفرد لها وأنت تريد الجماعة؛ كما يكون من وما، قال الله عز وجل: {والذي جاء بالصدق وصدق به}. فهذا لكل من فعل، ولذلك قال: {وأولئك هم المتقون}. فهذه أصول، ونرجع إلى المسائل إن شاء الله). [المقتضب: 3/194-196]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فإن ثنيت، أو جمعت قلت: هذان، وفي المؤنث: هاتان.
ومن قال في الواحدة هذه لم يجز أن يثنى إلا على قولك هاتا؛ لئلا يلتبس المذكر بالمؤنث.
وتقول في الجمع الحاضر: هؤلاء، وأولاء، وهؤلاء، وأولا يمد جميعاً ويقصر، والمد أجود، نحو قوله عز وجل: {ها أنتم هؤلاء تدعون}، وكقوله: {هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه}. والقصر يجوز، وليس هذا موضع تفسيره). [المقتضب: 4/278]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ويقال في تثنية الند: ندان، وفي جمعه أنداد. ومن العرب من لا يثنيه ولا يجمعه ولا يؤنثه؛ فيقول: الرجلان ندي، والرجال ندي، والمرأة ندي، والنساء ندي، كما قالوا: القوم مثلي، والقوم أمثالي؛ قال الله عز وجل: {ثم لا يكونوا أمثالكم}، وقال تبارك وتعالى في موضع آخر: {إنكم إذا مثلهم} ). [كتاب الأضداد: 25] (م)


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:32 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة