العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > التفاسير اللغوية المجموعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 رمضان 1432هـ/19-08-2011م, 11:31 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي تفسير سورة المائدة

تفسير سورة المائدة

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2 محرم 1433هـ/27-11-2011م, 10:57 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (واعلم أنّ العرب يستخفّون فيحذفون التنوين والنون ولا يتغيّر من المعنى
شيء وينجرّ المفعول لكف التنوين ممن الاسم فصار عمله فيه الجرّ ودخل في الاسم معاقباً للتنوين فجرى مجرى غلام عبد الله في اللّفظ لأنّه اسمٌ وإن كان ليس مثله في المعنى والعمل.
وليس يغير كفّ التنوين إذا حذفته مستخفاً شيئاً من المعنى ولا يجعله معرفةً. فمن ذلك قوله عزّ وجلّ: {كل نفس ذائقة الموت} و{إنّا مرسلو النّاقة} و{لو ترى إذ المجرمون ناكسو رءسهم} و: {غير محلي الصيد}. فالمعنى معنى: {ولا آمين البيت الحرام}.
ويزيد هذا عندك بياناً قوله تعالى جدّه: {هديا بالغ الكعبة} و: {عارض ممطرنا}. فلو لم يكن هذا في معنى النّكرة والتنوين لم توصف به النّكرة.
وستراه مفصّلاً أيضاً في بابه مع غير هذا من الحجج إن شاء الله. وقال الخليل هو كائن أخيك على الاستخفاف والمعنى هو كائنٌ أخاك). [الكتاب: 1/165-166] (م)
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب ما إذا طرحت منه الزائدتان اللتان بمنزلة زيادة واحدة رجعت حرفا
وذلك قولك في رجل اسمه قاضون يا قاضي أقبل وفي رجل اسمه ناجي: يا ناجي أقبل، أظهرت الياء لحذف الواو والنون، وفي رجل اسمه مصطفون: يا مصطفى أقبل.
وإنما رددت هذه الحروف لأنك لم تبن واحد على حذفها كما بينت دم على حذف الياء ولكنك حذفتهن لأنه لا يسكن حرفان معا فلما ذهب
في الترخيم ما حذفتهن لمكانه رجعتهن. فحذف الواو والنون ههنا كحذفها في مسلمين لأن حذفها لم يكن إلا لأنه لا يسكن حرفان معا والياء والألف يعني في قاضي ومصطفى تثبتان كما ثبتت الميم في مسلمين.
ومثل ذلك: {غير محلي الصيد وأنتم حرم}. وهذا قول الخليل رحمه الله. فإذا لم تذكر الصيد قلت محلي). [الكتاب: 2/262-263]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آَمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2) }
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (

كيف الزيارة والمخاوف دونكم = ولكم أمير شناءة لا يربع
قوله شناءة يعني بغضا يقال فلان يشنأ فلانا إذا أبغضه وشنآن قوم بغض قوم). [نقائض جرير والفرزدق: 964]
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (وتقول: شنئت الرجل أشنأه شنأ وشنأنا [وشنآنا]
وشنئا ومشنأة إذا أبغضته). [كتاب الهمز: 14-15]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

يوما طواعك في القياد وتارة = تلقاك تنكرها من الشنآن
...
والشنآن: البغض). [شرح ديوان كعب بن زهير: 215]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وتقول: عهدي به شاباً وإنه يومئذ يفخر، أي: وهذه حاله. ولو قلت: أنه جاز على بعد. كأنك قلت: عهدي به شاباً وبفخره. وكذلك لو قلت: رأيت زيداً عاقلاً فإذا إنه أحمق، وكنت أراه حراً فإذا إنه عبد، ولو قلت: أنه جاز. كأنك قلت: ظننته حراً فإذا العبودية أمره.
فأما قوله: {لا جرم أن لهم النار}. فـ أن مرتفعة بجرم، ومعناها: والله أعلم - حق أن لهم النار؛ كما قال عز وجل: {ولا يجرمنكم شنآن قوم} أي: لا يحقنكم.
قال الشاعر:

ولقد طعنت أبا عيينة طـعـنةً = جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا
).
[المقتضب: 2/350-351] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أنه قد يجوز لك أن تحذف النون والتنوين من التي تجري مجرى الفعل، ولا يكون الاسم إلا نكرة وإن كانا مضافاً إلى معرفة؛ لأنك إنما تحذف النون استخفافاً. فلما ذهب النون عاقبتها الإضافة، والمعنى معنى ثبات النون. فمن ذلك قول الله عز وجل: {هدياً بالغ الكعبة} فلو لم ترد التنوين لم يكن صفة لهدي وهو نكرة. ومن ذلك قوله تعالى: {هذا عارض ممطرنا} و{ثاني عطفه}؛ لأنه نصب على الحال، ولا تكون الحال إلا نكرة.
ومن ذلك قول الله عز وجل: {إنا مرسلو الناقة} فإنما هذه حكاية قول الله عز وجل قبل إرسالها.
وكذلك {إلا آتي الرحمن عبداً} و{كل نفس ذائقة الموت} ومن نون قال: (آتٍ الرحمن عبداً)، و(ذائقةٌ الموت)؛ كما قال عز وجل: {ولا آمين البيت الحرام}. وهذا هو الأصل، وذاك أخف وأكثر، إذ لم يكن ناقضاً لمعنى، وكلاهما في الجودة سواء). [المقتضب: 4/149-150] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والشنآن: البغض والعداوة وهو مصدر والشنآن اسم، وقد قرئ بهما جميعًا قال الله عز وجل: {ولا يجرمنكم شَنَآن قومٍ} وشَنْآن). [شرح المفضليات: 700]

تفسير قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3) }
قال أبو فَيدٍ مُؤَرِّجُ بنُ عمروٍ السَّدُوسِيُّ (ت: 195هـ) : (
وأَطْوِي على الْخَمْصِ الحوايَا كما انْطَوَتْ = خُيوطةُ ماريٍّ تُغارُ وتُفْتَلُ
الْخَمْصُ: الْمَخْمَصَةُ، وهو خَلاءُ البَطْنِ مِن الطعامِ جُوعًا). [شرح لامية العرب: --]
قال أبو فَيدٍ مُؤَرِّجُ بنُ عمروٍ السَّدُوسِيُّ (ت: 195هـ) : (والْخَمْصُ: الجُوعُ). [شرح لامية العرب: --] (م)
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قال الله عز وجل: {والنطيحة} ... جعلوها بالهاء لما صيرت اسما مفردا). [المذكور والمؤنث: 54]

تفسير قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه رخص للمحرم في قتل العقرب والفأرة والغراب والحدأ والكلب العقور.
...
قوله: والكلب العقور، بلغني عن سفيان بن عيينة أنه قال: معناه كل سبع يعقر، ولم يخص به الكلب.
وليس للحديث عندي مذهب إلا ما قال سفيان لما رخص الفقهاء فيه من قتل المحرم السبع العادي عليه.
ومثل قول الشعبي وإبراهيم: من حل بك فاحلل به.
يقول: إن المحرم لا يقتل فمن عرض لك فحل بك فكن أنت أيضا به حلالا.
وكأنهم إنما اتبعوا هذا الحديث في الكلب العقور.
ومع هذا أنه قد يجوز في الكلام أن يقال للسبع: كلب، ألا ترى أنهم يروون في المغازي أن عتبة بن أبي لهب كان شديد الأذى للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم سلط عليه كلبا من كلابك)) فخرج عتبة بن أبي لهب إلى الشام مع أصحاب له فنزل منزلا فطرقهم الأسد فتخطى إلى عتبة بن أبي لهب من بين أصحابه حتى قتله، فصار الأسد ههنا قد لزمه اسم الكلب.
وهذا مما يثبت ذلك التأويل.
ومن ذلك قول الله تبارك تعالى: {وما علمتم من الجوارح مكلبين} فهذا اسم مشتق من الكلب، ثم دخل فيه صيد الفهد والصقر والبازي، فصارت كلها داخلة في هذا الاسم، فلهذا قيل لكل جارح أو عاقر من السباع: كلب عقور). [غريب الحديث: 1/382-384]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وقوله: ويجرح أي: يكسب ويصيد، يقال فلان جارحة أهله إذا كان الكاسب لهم وهو من قول الله عز ذكره: {وما علمتم من الجوارح مكلبين} ). [شرح المفضليات: 497]


تفسير قوله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6) }
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (و«القَدَم» أنثى.
و«اليد» و«الكف» و«الرِّجل» إناث كلهن). [المذكور والمؤنث: 71] (م)
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (ثم الرِّجل

يقال: رجل الإنسان، وقدمه، وهما سواء، والجميع: أرجل وأقدام). [كتاب الفَرْق: 64]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (عن الكسائي: الغائط الأرض المطمئنة؛ وإنما سمي الخلاء غائطًا لأن أحدهم كان يقول: اذهب إلى الغائط فسمي به). [الغريب المصنف: 3/679] (م)
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (باب
قال الأصمعي: الكعب من السمن الكتلة. والكعب من الرمح طرف الأنبوب الناشز ومثله الكعبان من الإنسان العظمان الناشزان من جانبي القدمين وله قال الشاعر:
[؟]
درماء الكعوب
يعني أن ذلك منها غائب وأنكر قول الناس إنه في ظهر القدم. غيره: الكعاب والكاعب الجارية حين يبدأ ثديها وقد كعبت تكعب كعوبًا وكعبت تكعب تكعيبًا. والكعبة البيت الحرام، ويقال إنما سميت الكعبة للتربيع). [الغريب المصنف: 3/938-939]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (


وغائط قد هبطت وحدي = للقلب من خوفه اجئلال
الغائط: ما اطمأن من الأرض واتسع). [شرح ديوان امرئ القيس: 596] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {إِلَى الْمَرَافِقِ} قال: هي مثل حتى للغاية، والغاية تدخل وتخرج. يقال ضربت القوم حتى زيدًا، يكون زيد مضروبًا وغير مضروب فيؤخذ هاهنا بالأوثق). [مجالس ثعلب: 226]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
ودافعة الحزام بمرفقيها = كشاة الربل آنست الكلابا
هذا مثل قول بشر بن أبي خازم.
نسوف للحزام بمرفقيها = يسد خواء طبييها الغبار
يقال هو مِرْفَق ومَرْفِق وهو من الإنسان بالكسر والفتح ومن الارتفاق بالأمر مرفق بالكسر لا غير). [شرح المفضليات: 704] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
يوما طواعك في القياد وتارة = تلقاك تنكرها من الشنآن
...
والشنآن: البغض). [شرح ديوان كعب بن زهير: 215] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9) }

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (10) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآَتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآَمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (12) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( وسواء من الأضداد. يكون (سواء) غير الشيء، ويكون (سواء) الشيء بعينه؛ فإذا كانت بمعنى (غير) قيل: الرجل سواءك وسواك وسواك، إذا كسرت السين أو ضممتها قصرت، وإذا فتحتها مددت؛ وأنشد الفراء:
كمالك القصير أو كبرز = سوى كالمؤخرات من الضلوع
وأما الموضع الذي يكون فيه (سواء) نفس الشيء، فمثل قول الأعشى:
تجانف عن جو اليمامة ناقتي = وما عدلت من أهلها بسوائكا
معناه: وما عدلت من أهلها بك.
قال أبو بكر: هكذا رواه أبو عبيدة وفسره. ورواه غيره:
وما عدلت عن أهلها لسوائكا
وقالوا: معناه لغيرك. وينشد في هذا المعنى أيضا:
أتانا فلم نعدل سواه بغيره = نبي أتى من عند ذي العرش صادق
معناه أتانا فلم نعدله بغيره، على هذا أكثر الناس.
ويقال فيه قولان آخران. و(سواه) صلة للكلام، معناها التوكيد، كما قال عز وجل: {ليس كمثله شيء}، أراد كهو شيء؛ فأكد بـ«مثل»، قال الشاعر:
وقتلى كمثل جذوع النخيل يغشاهم سبل منهمر
أراج كجذوع النخيل. وقد تكسر السين منه ويقصر، وهو بمعنى النفس ومثل، قال الراجز:

يا ليت شعري والمنى لا تنفع = هل أغدون يوما وأمري مجمع
وتحت رحلي زفيان ميلع = كأنها نائحة تفجع
تبكي لميت وسواها الموجع
قال الأصمعي: سواها نفسها، ولو كان (سواها) غيرها لكان قد قصر في صفة الناقة، وإنما أراد امرأة تبكي على حميمها، ولم يرد نائحة مستأجرة.
وتكون (سواء) بمعنى (حذاء)، حكى الفراء: زيد سواء عمرو، بمعنى حذاء عمرو.
وتكون (سواء) بمعنى وسط، فتفتح سينه فيمد، وتكسر فيقصر، قال الله عز وجل: {فقد ضل سواء السبيل}، فمعناه وسط السبيل، ومثله: {فاعتلوه إلى سواء الجحيم} معناه في وسط الجحيم، قال حسان:

يا ويح أنصار النبي ورهطه = بعد المغيب في سواء الملحد
وقال عيسى بن عمر: كتبت حتى انقطع سوائي. وقال الآخر:

سحيرا وأعجاز النجوم كأنها = صوار تدلى من سواء أميل
وقال الله عز وجل: {لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى}، فمعناه وسكا بين الموضعين، وقال الشاعر:
وإن أبانا كان حل ببلدة = سوى بين قيس قيس عيلان والفزر
أراد وسطا.
وتكون (سواء) بمعنى معتدل، أنشد الفراء:
وليل تقول القوم من ظلماته = سواء صحيحات العيون وعورها
وقال ابن قيس الرقيات:
تقدت بي الشهباء نحو ابن جعفر = سواء عليها ليلها ونهارها).
[كتاب الأضداد:40- 43]

تفسير قوله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13) }

تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) }

تفسير قوله تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16) }

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19) }


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 2 محرم 1433هـ/27-11-2011م, 11:01 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآَتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (20) }

تفسير قوله تعالى: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) }

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23) }

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وتقول فيما يكون معطوفاً على الاسم المضمر في النّية وما يكون صفة له في النّية كما تقول في المظهر.
أمّا المعطوف فكقولك رويدكم أنتم وعبد الله. كأنّك قلت افعلوا أنتم وعبد الله لأنّ المضمر في النيّة مرفوع فهو يجرى مجرى المضمر الذي يبيّن
[علامته في الفعل. فإن قلت رويدكم وعبد الله فهو أيضاً رفعٌ وفيه قبحٌ لأنّك لو قلت اذهب وعبد الله كان فيه قبحٌ فإذا قلت اذهب أنت وعبد الله حسن. ومثل ذلك في القرآن {فاذهب أنت وربّك فقٌاتلا} و: {اسكن أنت وزوجك الجنة} ). [الكتاب: 1/246-247]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما قولك: رويدك زيدا فإن الكاف زائدة، وإنما زيدت للمخاطبة، وليست باسم، وإنما هي بمنزلة قولك: النجاءك يا فتى، وأريتك زيدا ما فعل?، وكقولك: أبصرك زيدا. إنما الكاف زائدة للمخاطبة، ولولا ذلك كان النجاءك محالاً؛ لأنك لا تضيف الاسم وفيه الألف واللام، وقوله عز وجل: {أرأيتك هذا الذي كرمت علي} قد أوضح لك أن الكاف زائدة. ولو كانت في رويدك علامةً للفاعلين لكان خطأ إذا قلت: رويدكم؛ لأن علامة الفاعلين الواو؛ كقولك: أرودوا.
واعلم أن هذه الأسماء ما كان منها مصدراً، أو موضوعاً موضع المصدر فإن فيه الفاعل مضمراً؛ لأنه كالفعل المأمور به. تقول: رويدك أنت وعبد الله زيدا، وعليك أنت وعبد الله أخاك. فإن حذفت التوكيد قبح، وإعرابه الرفع على كل حال؛ ألا ترى أنك لو قلت: قم وعبد الله كان جائزاً على قبح حتى تقول: قم أنت وعبد الله، و{فاذهب أنت وربك فقاتلا} و{اسكن أنت وزوجك الجنة}. فإن طال الكلام حسن حذف التوكيد؛ كما قال الله عز وجل: {لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا} وقد مضى هذا مفسراً في موضعه. وكذلك ما نعته بالنفس في المرفوع. إنما يجري على توكيد فإن لم تؤكد جاز على قبح. وهو قولك: قم أنت نفسك. فإن قلت: قم نفسك جاز. وذلك قولك: رويدك أنت نفسك زيدا، وعليك أنت نفسك زيدا، والحذف جائز قبيح إذا قلت: رويدك نفسك زيدا.
واعلم أنك إذا قلت: عليك زيدا ففي عليك اسمان: أحدهما: المرفوع الفاعل. والآخر: هذه الكاف المخفوضة. تقول: عليكم أنفسكم أجمعون زيدا، فتجعل قولك أجمعون للفاعل: وتجعل قولك: أنفسكم للكاف. وإن شئت أجريتهما جميعاً على الكاف فخفضته، وإن شئت أكدت، ورفعتهما لما ذكرت لك من قبح مجرى النفس في المرفوع إلا بتوكيد، وإن شئت رفعت بغير توكيد على قبح. وإن قلت: رويد نفسك، أو رويدك. جعلت النفس مفعولة بمنزلة زيد؛ كما قال الله عز وجل: {عليكم أنفسكم}). [المقتضب: 3/209-211] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
فإني وقيارًا بها لغريب
أراد: فإني لغريب بها وقيارًا، ولو رفع لكان جيداٌ، تقول: إن زيداٌ منطلقٌ وعمراٌ وعمرو، فمن قال: "عمراٌ" فإنما رده على زيد، ومن قال: "عمرو" فله وجهان من الإعراب: أحدهما جيد، والآخر جائز، فأما الجيد فأن تحمل عمراٌ على الموضع، لأنك إذا قلت: إن زيداٌ منطلق فمعناه زيد منطلق فرددته على الموضع، ومثل هذا لست بقائم ولا قاعدًا، والباء زائدةٌ، لأن المعنى لست قائماٌ ولا قاعداٌ، ويقرأ على وجهين: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} (وَرَسُولَهُ) والوجه الآخر لأن يكون معطوفًا على المضمر في الخبر، فإن قلت إن زيداٌ منطلق هو وعمرو حسن العطف لأن المضمر المرفوع إنما يحسن العطف عليه إذا أكدته، كما قال الله تعالى: {اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا} و{اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} إنما قبح العطف عليه بغير تأكيد لأنه لا يخلو من أن يكون مستكنا في الفعل بغير علامة، أو في الاسم الذي يجري مجرى الفعل، نحو إن زيدًا ذهب وإن زيداٌ ذاهب فلا علامة له، أو تكون له علامة يتغير لها الفعل عما كان نحو ضربت، سكنت الباء التي هي لام الفعل من أجل الضمير لأن الفعل والفاعل لا ينفك أحدهما عن صاحبه فهما كالشيء الواحد، ولكن المنصوب يجوز العطف عليه، ويحسن بلا تأكيد، لأنه لا يغير الفعل إذ كان الفعل قد يقع ولا مفعول فيه، نحو ضربتك وزيدًا، فأما قول الله عز وجل: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا} فإنما يحسن بغير توكيد لأن" لا" صارت عوضًا، والشاعر إذا احتاج أجراه بلا توكيد لاحتمال الشعر ما لا يحسن في الكلام. وقال عمر بن أبي ربيعة:


قلت إذا أقبلت وزهرٌ تهادى = كنعاج الملا تعفسن رملا
وقال جرير:
ورجا الأخيطل من سفاهة رأيه = ما لم يكن وأبٌ له لينالا
فهذا كثير. فأما النعت إذا قلت إن زيدًا يقوم العاقل فأنت مخير إن شئت قلت العاقل فجعلته نعتًا لزيد، أو نصبته على المدح وهو بإضمار أعني، وإن شئت رفعت على أن تبدله من المضمر في الفعل، وإن شئت كان على قطع وابتداءٍ، كأنك قلت إن زيدًا قام، فقيل من هو فقلت: العاقل، كما قال الله عز وجل: {قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ}، أي هو النار والآية تقرأ على وجهين على ما فسرنا: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} و {عَلَّامَ الْغُيُوبِ} ). [الكامل: 1/416-418] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ومن التشبيه المحمود قول الشاعر:

طليق الله لم يمنن عليه = أبو داود وابن أبي كثير
ولا الحجاج عيني بنت ماء = تقلب طرفها حذر الصقور
وهذا غاية في صفة الجبان.
ونصب عيني بنت ماء على الذم، وتأويله: إنه إذا قال: جاءني عبد الله الفاسق الخبيث فليس يقوله إلا وقد عرفه بالفسق والخبث فنصبه أعني وما أشبهه من الأفعال، نحو أذكر، وهذا أبلغ في الذم، أن يقيم الصفة مقام الاسم، وكذلك المدح. وقول الله تبارك وتعالى: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ} بعد قوله: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ}. إنما هو على هذا. ومن زعم أنه أراد: "ومن المقيمين الصلاة" فمخطئ في قول البصريين، لأنهم لا يعطفون الظاهر على المضمر المخفوض، ومن أجازه من غيرهم فعلى قبح، كالضرورة. والقرآن إنما يحمل على أشرف المذاهب. وقرأ حمزة: (الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامِ)، وهذا مما لا يجوز عندنا إلا أن يضطر إليه شاعر، كما قال:

فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا = فاذهب فما بك والأيام من عجب
وقرأ عيسى بن عمر: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ}. أراد: وامرأته في جيدها حبل من مسد، فنصب حمالة على الذم. ومن قال إن امرأته مرتفعة بقوله: {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ}: فهو يجوز. وليس بالوجه أن يعطف المظهر المرفوع على المضمر حتى يؤكد، نحو: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا} [المائدة: 24] و: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}، فأما قوله: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا}. فإنه لما طال الكلام وزيدت فيه لا احتمل الحذف وهذا على قبحه جائز في الكلام، أعني: ذهبت وزيد، وأذهب وعمرو، قال جرير:
ورجا الأخيطل من سفاهة رأيه = ما لم يكن وأب له لينالا
وقال ابن أبي ربيعة:
قلت إذ أقبلت وزهر تهادى = كنعاج الملا تعسفن رملا
ومما ينصب على الذم قول النابغة الذبياني:

لعمري وما عمري علي بهين = لقد نطقت بطلا علي الأقارع
أقارع عوف لا أحاول غيرها = وجوه قرود تبتغي من تجادع
وقال عروة بن الورد العبسي:

سقوني الخمر ثم تكنفوني = عداة الله من كذب وزور
والعرب تنشد قول حاتم الطائي رفعًا ونصبًا:

إن كنت كارهة معيشتنا = هاتا فحلي في بني بدر
الضربين، لدى أعنتهم = والطاعنين وخيلهم تجري
وإنما خفضوهما على النعت، وربما رفعوهما على القطع والابتداء.
وكذلك قول الخرنق بنت هفان القيسي، من بني قيس بن ثعلب:

لا يبعدن قومي الذين هم = سم العداة وآفة الجزر
النازلين بكل معترك = والطيبين معاقد الأزر
وكل ما كان من هذا فعلى هذا الوجه.
وإن لم يرد مدحًا ولا ذمًا قد استقر له فوجهه النعت. وقرأ بعض القراء: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ).
وأكثر ما تنشد العرب بيت ذي الرمة نصبًا، لأنه لما ذكر ما يحن إليه ويصبو إلى قربه أشاد بذكر ما قد كان يبغي، فقال:
ديار مية إذ مي تساعفنا = ولا يرى مثلها عجم ولا عرب
وفي هذه القصيدة من التشبيه المصيب قوله:

بيضاء في دعج، صفراء في نعج = كأنها فضة قد مسها ذهب
وفيها من التشبيه المصيب قوله:
تشكو الخشاش ومجرى النسعتين كما = أن المريض إلى عاده الوصب).
تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25) }
تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26) }
قال أبو فَيدٍ مُؤَرِّجُ بنُ عمروٍ السَّدُوسِيُّ (ت: 195هـ) : (ويُرْوَى: واتَّسَى واتَّسَتْ به، وهو مِن الأَسَى وهو الْحُزْنُ، يُقالُ: أَسِيَ يَأْسَى أَسًى، ويُرْوَى: واتَّسَتْ واتَّسَى به). [شرح لامية العرب: --] (م)
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (والأسى الحزن مقصور يكتب بالياء). [المقصور والممدود: 75]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

وذي إبل فجعته بخيارها = فأصبح منها وهو أسوان يائس
...
و(أسوان) من الحزن، وهو (الأسى) ). [شرح أشعار الهذليين: 2/645]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
فلا تأس إن صدت سواك ولا تكن = جنيبا لخلات كذوب المواعد
(لا تأس) لا تحزن). [شرح أشعار الهذليين: 2/932]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
وقوفنا بها صحبي علي مطيهم = يقولون لا تهلك أسىً وتجمل
...
أسىً: من أسِيَ يَأسَى أسىً). [شرح ديوان امرئ القيس: 172-173]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (والأسى:
الحزن، يقال: أسي يأسى أسىً). [الأمالي: 2/317-318] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآَخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) }

تفسير قوله تعالى: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) }

تفسير قوله تعالى: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقال التغلبي:
ألا تنتهي عنا ملوكٌ وتتقي = محارمنا لا يبوء الدم بالدمِ
ويقال: باء فلانٌ بذنبهِ، أي. بخع به وأقر، قال الفرزدق لمعاوية:
فلو كان هذا الحكُ في غير ملككم = لبؤت به أو غص بالماء شاربهْ
ويقال: باء فلانٌ بالشيء، من قولٍ أو فعلٍ، أي احتمله فصارَ عليه.
وقال المفسرون في قول الله جل وعزَّ: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بإِثْمِي وَإِثْمِكَ}، أي يجتمعا5 عليك فتحملهما). [الكامل: 2/776-777]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وقال الله عز وجل: {وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم}، فمعناه: لئلا تميد بكم، فاكتفى بـ (أن) من (لا). وقال أيضا: {يبين الله لكم أن تضلوا}، فمعناه: ألا تضلوا، فاكتفى بـ (أنا) من (لا)، وقال عمرو بن كلثوم:
نزلتم منزل الأضياف منا = فعجلنا القرى أن تشتمونا
أراد ألا تشتمونا، فاكتفى بـ (أن) من (لا). وقال الراعي:
أيام قومي والجماعة كالذي = لزم الرحالة أن تميل مميلا
أراد لئلا تميل؛ فاكتفى بـ (أن) من (لا).
وقال بعض الناس: قول الله عز وجل: {إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك}، فمعناه: إني أريد ألا تبوء بإثمي فحذف (لا) على ما مضى من التفسير.
قال أبو بكر: وهذا القول خطأ عند الفراء، لأن (لا) لا تضمر من الإرادة، كما لا تضمر مع العلم والظن.
وفي المسألة غير قول:
أحدهن: إني أريد أن تبوء بإثمي إذا قتلتني، وما أحب أن تقتلني، فمتى قتلتني أحببت أن تنصرف بإثم قتلي وإثمك السالف الذي من أجله لم يتقبل الله قربانك.
وقال بعضهم: كان قابيل صاحب زرع، وهابيل صاحب غنم، وكان الله عز وجل أمر آدم عليه السلام أن يزوج هابيل أخت قابيل التي ولدت معه في بطن، وأن يزوج قابيل أخت هابيل التي ولدت معه في بطن، فقال هابيل: رضيت بأمر الله، وقال قابيل: والله لا يتزوج هابيل أختي الحسناء وأتزوج أخته القبيحة أبدا، فقال آدم لهما: قربا قربانا فأيكما قبل قربانه تزوج الحسناء، فقرب هابيل شاة سمينة وزبدا، وقرب قابيل سنبلا من شر
سنبله، وصعدا بالقربان إلى الجبل، فنزلت نار فأخذت قربان هابيل، ولم تعرض لقربان قابيل، وكانت علامة قبول القربان نزول النار عليه، وأخذها إياه، فانصرف هابيل وقابيل، وقد أضمر هابيل في نفسه الطاعة والرضا، وأضمر قابيل في نفسه البلاء والخلاف، فقصد هابيل في غنمه فقال: لم تقبل الله قربانك ولم يتقبل مني؟ فقال له هابيل بعد أن توعده قابيل بالقتل: {إنما يتقبل الله من المتقين . لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين}.
فرماه قابيل بالحجارة حتى قتله، ثم جزع بعد قتله إياه، وظهور عورته. ولم يدر ما يصنع به، فنظر إلى غرابين: أحدهما حي، والآخر ميت، والحي يحثي على الميت التراب، حتى واراه به، فقال قابيل: {يا وليتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي}، فحمل هابيل ميتا فألقاه في غيضة.
وقال الآخرون: بل حثى التراب عليه على سبيل ما رأى من فعل أحد الغرابين بصاحبه.
وقال أصحاب القول المقدم: فدلت الآية والتفسير على أن قابيل لما قال لهابيل: {لأقتلنك} قال له هابيل بعد الموعظة: ما أحب أن أقتلك ولا أحب أن تقتلتني؛ فإن أبيت إلا قتلي كان انصرافك بإثم قتلي أعجب إلي من انصرافي بإثم قتلك، إذا لم يكن من أحد الفعلين بد.
وقال آخرون: معنى الآية: إني أريد بطلان أن تبوء بإثمي وإثمك، فحذف البطلان أو الزوال أو الدفع أو ما أشبههن وأقام (أن) مقام الساقط كما، قال: {واسأل القرية}.
قال أبو بكر: وفي هذا القول عندي بعد؛ لأن المحذوف ليس بمشهور ولا بين الموضع، فالقول الأول هو المختار عندنا لما مضى من الاحتجاج له وإقامة الدليل عليه. والله أعلم). [كتاب الأضداد: 311-314] (م)

تفسير قوله تعالى: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) }

تفسير قوله تعالى: {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31) }

تفسير قوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (أبو اليقظان قال: بعث الحجاج إلي الفُضَيْل بن بَزَوَان العدواني، وكان خيرًا من أهل الكوفة، فقال: إني أريد أن أوليك. قال: أوَ يُعفيني الأمير؟ فأبى وكتب عهده، فأخذه وخرج من عنده فرمى بالعهد وهَرَب، فأخِذَ وأتِيَ به الحجاجُ، فقال: يا عدو الله؛ فقال: لستُ لله ولا للأمير بعدوّ؛ قال: ألم أكرمك! قال: بل أردتَ أن تُهينني. قال: ألم أستعملك! قال: بل أردت أن تستعبدني. قال: {إِنًمَا جَزَاءُ الًذِينَ يُحَارِبُونَ اللّه وَرَسُولَهُ} الآية؛ قال: ما استوجب واحدةً منهن؛ قال: كل ذلك قد استوجبت بخلافك. وأمر رجلاً من أهل الشأم أن يضرب عُنقه). [عيون الأخبار: 5/210-211]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34) }


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2 محرم 1433هـ/27-11-2011م, 11:03 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
Exclamation

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (36) }

تفسير قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (37) }

تفسير قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وتقول أمّا زيداً فجدعاً له وأمّا عمراً فسقياً له لأنّك لو أظهرت الذي انتصب عليه سقياً وجدعا لنصبت زيداً وعمراً فإضماره بمنزلة إظهاره كما تقول أمّا زيداً فضرباً.
وتقول أمّا زيدٌ فسلامٌ عليه وأمّا الكافر فلعنة الله عليه لأنّ هذا ارتفع بالابتداء.
وأمّا قوله عزّ وجلّ: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}. وقوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} فإن
هذا لم يبن على الفعل ولكنه جاء على مثل قوله تعالى: {مثل الجنّة اّلتي وعد المتّقون}.
ثمّ قال بعد: {فيها أنهار من ماء} فيها كذا وكذا. فإنما وضع المثل للحديث الذي بعده فذكر أخباراً وأحاديث فكأنه قال ومن القصص مثل الجنّة أو مما يقصّ عليكم مثل الجنّة فهو محمول على هذا الإضمار ونحوه. والله تعالى أعلم.
وكذلك: {الزانية والزاني} كأنه لمّا قال جلّ ثناؤه: {سورة أنزلناها وفرضناها}. قال في الفرائض الزّانية والزّاني أو الزانية والزاني في الفرائض. ثم قال فاجلدوا فجاء بالفعل بعد أن مضى فيهما الرفع، كما قال:
وقائلةٍ: خولان فانكح فتاتهم
فجاء بالفعل بعد أن عمل فيه المضمر. وكذلك: {والسارق والسارقة} كأنه قال وفيما فرض الله عليكم السارق والسارقة أو السّارق والسارقة فيما فرض عليكم. فإنّما دخلت هذه الأسماء بعد قصص وأحاديث. ويحمل على نحوٍ من هذا ومثل ذلك: {واللذان يأتيانها منكم فآذوهما}
وقد يجرى هذا في زيدٍ وعمرو على هذا الحدّ إذا كنت تخبر بأشياء أو توصى. ثم تقول زيدٌ أي زيدٌ فيمن أوصى به فأحسن إليه وأكرمه. وقد قرأ أناسٌ والسّارق والسّارقة والزانية والزاني وهو في العربيّة على ما ذكرت لك من القوّة. ولكن أبت العامّة إلاّ القراءة بالرفع. وإنّما كان الوجه في الأمر والنّهى النصب لأنّ حدّ الكلام تقديم الفعل وهو فيه أوجب إذ كان ذلك يكون في ألف الاستفهام لأنّهما لا يكونان إلا بفعل). [الكتاب: 1/142-144] (م)
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب ما لفظ به مما هو مثنى كما لفظ بالجمع
وهو أن يكون الشيئان كل واحد منهما بعض شيء مفردٍ من صاحبه وذلك قولك ما أحسن رءوسهما وأحسن عواليهما وقال عز وجل: {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما} {والسارق والسارقة فاقطعوا
أيديهما} فرقوا بين المثنى الذي هو شيء على حدةٍ وبين ذا.
وقال الخليل: نظيره قولك فعلنا وأنتما اثنان فتكلم به كما تكلم به وأنتم ثلاثة.
وقد قالت العرب في الشيئين اللذين كل واحد منهما اسمٌ على حدة وليس واحدٌ منهما بعض شيء كما قالوا في ذا لأن التثنية جمعٌ فقالوا كما قالوا فعلنا.
وزعم يونس أنهم يقولون ضع رحالهما وغلمانهما وإنما هما اثنان قال الله عز وجل: {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان} وقال: {كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون} ). [الكتاب: 3/621-622] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قوله: "هريرةَ ودعها وإن لامَ لائمُ"
منصوب بفعل مضمر، تفسيره ودعها كأنه قال: ودع هريرة، فلما اختزل الفعل أظهر ما يدل عليه، وكان ذلك أجود من ألا يضمرَ، لأن الأمر لا يكون إلا بفعل، فأضمر الفعل إذ كان الأمر أحق به، وكذلك زيدًا اضربه وزيدًا فأكرمه وإن لم تضمر ورفعت جاز، وليس في حسن الأولِ، ترفعه على الابتداءِ وتصيرُ الأمر في موضع خبره. فأما قول الله جل وعزَّ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} وكذلك: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} فليس على هذا، والرفعُ الوجه، لأن معناهُ الجزاءُ، كقوله: الزانيةُ أي التي تزني، فإما وجب القطع للسرق والجلد للزنا، فهذا مجازاة، ومن ثم جاز: الذي يأتيني فله درهمٌ، فدخلت الفاءُ لأنه استحق الدرهم بالإتيان، فإن لم ترد هذا المعنى قلت الذي يأتيني له درهمٌ، ولا يجوزُ: زيدٌ فله درهمٌ، أو هذا زيدٌ، فحسن جميلٌ، جازَ، على أن زيدًا خبرٌ. وليس بابتداءٍ، للإشارة دخلت الفاءُ، وفي القرآن: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ}، ودخلتِ الفاءُ لأن الثواب دخل للإنفاق. وقد قرأت القراءُ: {الزَّانِيَةَ وَالزَّانِيَ فَاجْلِدُوا} {وَالسَّارِقَ وَالسَّارِقَةَ فَاقْطَعُوا} بالنصبِ، على وجه الأمر، والوجه الرفعُ، والنصبُ حسنٌ في هاتين الآيتين، وما لم يكن فيه معنى جزاءِ فالنصبُ الوجهُ). [الكامل: 2/821-823]

تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39) }

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (40) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آَخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41) }

تفسير قوله تعالى: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قدم بعض عمال السلطان من عمل فدعا قومًا فأطعمهم وجعل يحدّثهم بالكذب، فقال بعضهم: نحن كما قال اللّه عز وجل: {سمّاعون للكذب أكّالون للسّحت} قال بعض الشعراء:


ما ظنّكم بأناس خير كسبهم = مصرّح السحت سمّوه الإصابات
). [عيون الأخبار: 1/58]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (والقسوط: العصيان. يقال: قسط يقسط إذا جار وخالف. قال الله عز وجل: {وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا}. ويقال: أقسط يقسط إذا عدل، {إن الله يحب المقسطين} ). [التعازي والمراثي: 75] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: قسطوا أي جاروا، يقال قسط فهو قاسط، إذا جار، قال الله جل ثناؤه: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا}. ويقال: أقسط يقسط فهو مقسط، إذا عدل، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} ). [الكامل: 3/1330] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( وَقَسَطَ حرف من الأضداد. يقال: قسط الرجل إذا عدل، وقسط إذا جار، والجور أغلب على (قسط)؛ قال الله جل وعز: {وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا}، أراد الجائرون. وقال القطامي:
أليسوا بالألى قسطوا جميعا = على النعمان وابتدروا السطاعا
وقال الآخر:
قسطوا على النعمان وابن محرق = وابن قطام بعزة وتناول
ويقال: أقسط الرجل، بالألف إذا عدل، لا غير، قال الله عز وجل: {إن الله يحب المقسطين}. وقال الحارث بن حلزة:
ملك مقسط وأكمل من يمـ = ـشي ومن دون ما لديه الثناء).
[كتاب الأضداد: 58] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) }
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
وكأن منزلة لها بجلاجل = وحي الزبور تجده الأحبار
...
قال والأحبار العلماء الذين يكتبون الزبور فقد انمحى ذلك الكتاب إلا القليل). [نقائض جرير والفرزدق: 850]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا} قال: كل نبي بعض بالإسلام). [مجالس ثعلب: 221]


تفسير قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ َهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (باب الأنف
وقالوا في الأنف من الإنسان:
والأنف من الإنسان: ما شخص على الوجه، وهو: الخَطم والخُرْطوم أيضا.
وقال بعضهم: الأنف هو العِرْنين، والمَرْسِن: الأنف). [الفرق في اللغة: 47]
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (والأذن أنثى، تصغيرها: أُذينة، وتجمعها فتقول: ثلاث آذان). [المذكور والمؤنث: 64]
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (ثم الأنف

أدنى العدد: أنف، والجميع: أنوف). [كتاب الفَرْق: 60]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (أتت جارية أبا ضمضم فقالت: إن هذا قبلني؛ فقال: يا فتى، أذعن لها بحقها، قبليه عافاك الله كما قبلك، فإن الله يقول: {والجروح قصاص} ). [عيون الأخبار: 4/55]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وقال بعض أهل اللغة: تصدق حرف من الأضداد؛ يقال: قد تصدق الرجل إذا أعطى، وهو المعروف المشهور عند أكثر العرب، وقد تصدق إذا سأل؛ وهو القليل في كلامهم). [كتاب الأضداد: 179]

تفسير قوله تعالى: {وَقَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (وقَفَّيْتُ غيري إذا أتبعتهم غيرك ومنه قوله: {وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم} ). [الغريب المصنف: 3/1003]

تفسير قوله تعالى: {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) }

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) }

تفسير قوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) }

تفسير قوله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) }

تفسير قوله تعالى: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب أن
اعلم أن أن والفعل بمنزلة المصدر. وهي تقع على الأفعال المضارعة فتنصبها، وهي صلاتها. ولا تقع مع الفعل حالاً؛ لأنها لما لم يقع في الحال، ولكن لما يستقبل.
فإن وقعت على الماضي؛ نحو: سرني أن قمت، وساءني أن خرجت كان جيداً. قال الله عز وجل: {وامرأة مؤمنةً أن وهبت نفسها للنبي} أي: لأن كان هذا فيما مضى.
فهذا كله لا يلحق الحال؛ لأن الحال لما أنت فيه.
واعلم أن هذه لا تلحق بعد كل فعل، إنما تلحق إذا كانت لما لم يقع بعد ما يكون توقعاً لا يقيناً؛ لأن اليقين ثابت. وذلك قولك: أرجو أن تقوم يا فتى، وأخاف أن تذهب يا فتى. كما قال: عز وجل: {نخشى أن تصيبنا دائرةٌ}.
ولو قلت: أعلم أن تقوم يا فتى لم يجز؛ لأن هذا شيء ثابت في علمك،فهذا من مواضع أن الثقيلة؛ نحو: أعلم أنك تقوم يا فتى.
وتقول: أظن أنك ستقوم؛ لأنه شيءٌ قد استقر في ظنك؛ كما استقر الآخر في علمك، كما قال الله تبارك اسمه: {الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم}.
فإن قيل: إن يظنون هاهنا يوقنون. فهكذا هو، ولكنها في الثبات في الظن وفي إعمالها على الوجه الآخر. إلا أنها إذا أرد بها العلم لم تكن إلا مثقلة. فإن أريد بها الشك جاز الأمران جميعاً. والتثقيل في الشك أكثر استعمالاً؛ لثباته في الظن كثبات الأخرى في العلم.
فأما الوجه الذي يجوز فيه الخفيفة فإنه متوقع غير ثابت المعرفة. قال الله عز وجل: {تظن أن يفعل بها فاقرةٌ}.
وأما {إن ظنا أن يقيما حدود الله} وقولهم: معناه: أيقنا فإنما هو شيء متوقع، الأغلب فيه ذا، إلا أنه علم ثابت؛ ألا تراه قال: {فظنوا أنهم مواقعوها} لما كان أيقنوا). [المقتضب: 2/29-30] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب الأفعال التي تسمى أفعال المقاربة
وهي مختلفة المذاهب والتقدير، مجتمعة في المقاربة
فمن تلك الأفعال عسى وهي لمقاربة الفعل، وقد تكون إيجاباً، ونحن نذكر بعد فراغنا منها شيئاً إن شاء الله. اعلم أنه لا بد لها من فاعل؛ لأنه لا يكون فعلٌ إلا وله فاعل. وخبرها مصدر؛ لأنها لمقاربته. والمصدر اسم الفعل. وذلك قولك: عسى زيدٌ أن ينطلق، وعسيت أن أقوم، أي: دنوت من ذلك، وقاربته بالنية. وأن أقوم في معنى القيام. ولا تقل: عسيت القيام، وإنما ذلك لأن القيام مصدر، لا دليل فيه يخص وقتاً من وقت، وأن أقوم مصدر لقيام لم يقع؛ فمن ثم لم يقع القيام بعدها، ووقع المستقبل. قال الله عز وجل: {فعسى الله أن يأتي بالفتح} وقال: {فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين}). [المقتضب: 3/68-69]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: "لما أوشكت أن تضلعا": يقول: لما قاربت ذلك، والوشيك القريب من الشيء والسريع إليه، يقال: يوشك فلان أن يفعل كذا وكذا، والماضي منه أوشك، ووقعت بأن وهو أجود، وبغير "أن" كما كان ذلك في" لعل"، تقول: لعل زيدًا يقوم، فهذه الجيدة، قال الله عز وجل: {لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا}، و{لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} و{لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} وقال تميم بن نويرة:

لعلك يومًا أن تلم ملمةٌ = عليك من اللائي يدعنك أجدعا
وعسى، الأجود فيها أن تستعمل بأن، كقولك: عسى زيد أن يقوم، كما قال الله عز وجل: {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ} وقال جل ثناؤه {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} ويجوز طرح "أن "وليس بالوجه الجيد، قال هدبة:

عسى الكرب الذي أمسيت فيه = يكون وراءه فرجٌ قريب
وقال آخر:
عسى الله يغني عن بلاد ابن قادرٍ = بمنهمرٍ جون الرباب سكوب
وحروف المقاربة لها باب قد ذكرناها فيه على مقاييسها في الكتاب المقتضب بغاية الاستقصاء). [الكامل: 1/253-255] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53) }


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 2 محرم 1433هـ/27-11-2011م, 11:04 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (58) }

تفسير قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (

فماذا نقمتم من بنين وسادة = بريء لكم من كل غمر صدورها
الغمر: الحقد والعدواة، ويروى: من كل ضب صدورها والضب والغمر سواء، يقال نقم ينقم وهي اللغة العالية، قال الله تعالى: {وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا} وقال عز ذكره: {هل تنقمون منا} ونقم ينقم لغة). [شرح المفضليات: 352] (م)

تفسير قوله تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ (61) }

تفسير قوله تعالى: {وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62) }

تفسير قوله تعالى: {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
دون النساء ولو باتت بأطهار
معناه أنه يجتنبها، في طهرها، وهو الوقت الذي يستقيم له غشيانها فيه، وأهل الحجاز يرون " الأقراء " الطهر، وأهل العراق يرونه الحيض، وأهل المدينة يجعلون عدد النساء الأطهار، ويحتجون بقول الأعشى:

وفي كل أنت جاشم غزوة = تشد لأقصاها عزيم عزائكا
مؤرثه مالاً، وفي الحي رفعة = لما ضاع فيها من قروء نسائكا
وقوله: " ولو باتت بأطهار "، فـ " لو " أصلها في الكلام أن تدل على وقوع الشيء لوقوع غيره، تقول: لو جئتني لأعطيك، ولو كان زيد هناك لضربته، ثم يتسع فتصير في معنى " إن " الواقعة للجزاء تقول: أنت لا تكرمني ولو أكرمتك، تريد " وإن " قال الله عز وجل: {وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين} [يوسف: 107]، فأما قوله عز وجل: {فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبًا ولو افتدى به} [آل عمران: 91] فإن تأويله عند أهل اللغة: لا يقبل أن يتبرأ به وهو مقيم على الكفر، ولا يقبل إن افتدى به، فـ " لو " في معنى " إن " وإنما منع " لو " أن تكون من حروف المجازاة فتجزم كما تجزم " إن " أن حروف المجازاة إنما تقع لما لم يقع، ويصير الماضي معها في معنى المستقبل تقول: إن جئتني أعطيتك، وإن قعدت عني زرتك، فهذا لم يقع.، وإن كان لفظ الماضي لما أحدثته فيه " إن " وكذلك متى أتيتني أتيتك.، و " لو " تقع في معنى الماضي، تقول: لو جئتني أمس لصادفتني، ولو ركبت إلي أمس لألفيتني، فلذلك خرجت من حروف الجزاء، فإذا أدخلت معها " لا " صار معناها أن الفعل يمتنع لوجود غيره، فهذا خلاف ذلك المعنى، ولا تقع إلا على الأسماء، ويقع الخبر محذوفًا لأنه لا يقع فيها الاسم إلا وخبره مدلول عليه، فاستغني عن ذكره، لذلك تقول: لولا عبد الله لضربتك، والمعنى في هذا المكان: من قرابتك، أو صداقتك، أو نحو ذلك، فهذا معناها في هذا الوضع، ولها موضع آخر تكون فيه على غير هذا المعنى، وهي " لولا " التي تقع في معنى " هلا " للتحضيض، ومن ذلك قوله: {لولا إذا سمعتوه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرًا} [النور: 12] أي هلا، وقال الله عز وجل: {لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم} [المائدة: 63] فهذه لا يليها إلا الفعل.، لأنها للأمر والتحضيض، مظهرًا أو مضمرًا، كما قال:
تعدون عقر النيب أفضل مجدكم = بني ضوطري لولا الكمي المقنعا
أي هلا تعدون الكمي المقنعا، " ولولا " الأولى لا يليها إلا الاسم على ما ذكرت لك.، ولا بد في جوابها من اللام أو معنى اللام، تقول: لولا زيدٌ فعلت، والمعنى لفعلت، وزعم سيبويه أن " زيدًا " من حديث " لولا " واللام والفعل حديثٌ معلقٌ بحديث " لولا "، وتأويله أنه للشرط الذي وجب من أجلها وامتنع لحال الاسم بعدها، و" لو " لا يليها إلا الفعل مضمرًا أو مظهرًا.، لأنها تشارك حروف الجزاء في ابتداء الفعل وجوابه، تقول: لو جئتني لأعطيتك، فهذا ظهور الفعل، وإضماره، قوله عز وجل: {قل لو أنتم تملكون خزآئن رحمة ربي} [الإسراء: 100] والمعنى والله أعلم: لو تملكون أنتم.، فهذا الذي رفع " أنتم " ولما أضمر ظهر بعده ما يفسره، ومثل ذلك: " لو ذات سوارٍ لطمتني " أراد لو لطمتني ذات سوارٍ، ومثله:
ولو غير أخوالي أرادوا نقيصتي = جعلت لهم فوق العرانين ميسمًا
وكذلك قول جرير:
لو غيركم علق الزبير بحبله = أدى الجوار إلى بني العوام
فنصب بفعل مضمر يفسره ما بعده، لأنها للفعل، وهو في التمثيل: لو علق الزبير غيركم، وكذلك كل شيء للفعل نحو: الاستفهام، والأمر، والنهي، وحروف الفعل نحو: " إذ وسوف " وهذا مشروح في الكتاب " المقتضب " على حقيقة الشرح). [الكامل: 1/360-364] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الغل يراه الرجل في يده، فهو مكروه؛ لقول الله عز وجل: {غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا} وقوله: {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا}. وقد يراه الرجل البر، فيصرف إلى أن يده تقبض عن الشر). [تعبير الرؤيا: 46]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67) }

تفسير قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68) }
قال أبو فَيدٍ مُؤَرِّجُ بنُ عمروٍ السَّدُوسِيُّ (ت: 195هـ) : (ويُرْوَى: واتَّسَى واتَّسَتْ به، وهو مِن الأَسَى وهو الْحُزْنُ، يُقالُ: أَسِيَ يَأْسَى أَسًى، ويُرْوَى: واتَّسَتْ واتَّسَى به). [شرح لامية العرب: --] (م)
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

وذي إبل فجعته بخيارها = فأصبح منها وهو أسوان يائس
...
و(أسوان) من الحزن، وهو (الأسى) ). [شرح أشعار الهذليين: 2/645] (م)
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
فلا تأس إن صدت سواك ولا تكن = جنيبا لخلات كذوب المواعد
(لا تأس) لا تحزن). [شرح أشعار الهذليين: 2/932] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
ولم يكن لجراحي فيكم آس
يقول: مداوٍ، الآسي: الطبيب، قال الفرزدق يصف شجة:
إذا نظر الآسون فيها تقلبت = حماليقهم من هول أنيابها العصل
والإساء الدواء، ممدودٌ، وقال الحطيئة:

هم الآسون أم الرأس لما = تواكلها الأطبة والإساءُ
فأما الأسى فمقصور، وهو: الحزن، ومن ذلك قول الله جل ثناؤه: {فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} وقال العجاج:
يا صاح هل تعرف رسمًا مكرسا = قال نعم أعرفهُ، وأبلسا5
وانحلبت عيناه من فرط الأسى
فإذا قلت: "الأسى" قصرت أيضًا، وهو جمع أسوة، يقال فلان أسوتي وقدوتي. قال الله جل وعزَّ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ). [الكامل: 2/722-723]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (والأسى:
الحزن، يقال: أسي يأسى أسىً). [الأمالي: 2/317-318] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (69) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وأما قوله عز وجل: {والصابئون} فعلى التقديم والتأخير كأنه ابتدأ على قوله: {والصابئون} بعدما مضى الخبر). [الكتاب: 2/155]

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ (70) }

تفسير قوله تعالى: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (71) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (فأما ظننت وحسبت وخلت ورأيت فإن أن تكون فيها على وجهين على أنها تكون أن التي تنصب الفعل وتكون أن الثقيلة فإذا رفعت قلت قد حسبت أن لا يقول ذاك وأرى أن سيفعل ذاك ولا تدخل هذه السين في الفعل ههنا حتى تكون أنه وقال عز وجل: {وحسبوا أن لا تكون فتنةٌ} كأنك قلت قد حسبت أنه لا يقول ذاك وإنما حسنت أنه ههنا لأنك قد أثبت هذا في ظنك كما أثبته في علمك وأنك أدخلته في ظنك على أنه ثابتٌ الآن كما كان في العلم ولولا ذلك لم يحسن
أنك ههنا ولا أنه فجرى الظن ههنا مجرى اليقين لأنه نفيه وإن شئت نصبت فجعلتهن بمنزلة خشيت وخفت فتقول ظننت أن لا تفعل ذاك.
ونظير ذلك: {تظن أن يفعل بها فاقرة} و: {إن ظنا أن يقيما حدود الله} فلا إذا دخلت ههنا لم تغير الكلام عن حاله). [الكتاب: 3/166-167]
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقال الله جل جلاله: {فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كثير منهم}. أراد، والله أعلم: عموا وصموا، ثم خص به الكثير بفعل مضمر). [المذكور والمؤنث: 103]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أن لا إذا دخلت على أن جاز أن تريد ب أن الثقيلة، وأن تريد الخفيفة.

فإن أردت الثقيلة رفعت ما بعدها؛ لأنه لا يحذف منها التثقيل إلا مع الإضمار. وهذا لك في باب إن وأن. وإنما تقع الخفيفة والثقيلة على ما قبلها من الأفعال ولا يجوز الإضمار إلا أن تأتي بعوض.
و العوض: لا، أو السين، أو سوف، أو نحو ذلك مما يلحق الأفعال.
فأما لا وحدها فإنه يجوز أن تريد ب أن التي قبلها الخفيفة، وتنصب ما بعدها؛ لأن لا لا تفصل بين العامل والمعمول به، تقول: مررت برجل لا قائم ولا قاعد؛ كما تقول: مررت برجل قائم، وقاعد. وذلك قولك: أخاف ألا تذهب يا فتى، وأظن ألا تقوم يا فتى؛ كما قال: {إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله}.
و في ظننت وبابها تكون الخفيفة والثقيلة كما وصفت لك. قال الله عز وجل: {وحسبوا أن لا تكون فتنةٌ} وأن لا يكون فالرفع على: أنها لا تكون فتنة. وكذلك {أفلا يرون أن لا يرجع إليهم قولاً}: أي أنه لا يرجع إليهم قولاً. لا يرون في معنى يعلمون، فهو واقع ثابت.
فأما السين وسوف، فلا يكون قبلهما إلا المثقلة. تقول: علمت أن سيقومون، وظننت أن سيذهبون، وأن سوف تقومون؛ كما قال: {علم أن سيكون منكم مرضى}. ولا يجوز أن تلغى من العمل والعمل كما وصفت لك.
و لا يجوز ذلك في السين وسوف؛ لأنهما لا يلحقان على معنى لا، فإنما الكلام بعد لا على قدر الفصل. قال: {لئلا يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون}. فـ (يعلم) منصوبةٌ، ولا يكون إلا ذلك؛ لأن لا زائدة. وإنما هو لأن يعلم. وقوله: {أن لا يقدرون} إنما هو: أنهم لا يقدرون. وهي في بعض المصاحف (أنهم لا يقدرون) ). [المقتضب: 2/30-31] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما الأفعال التي تشترك فيها الخفيفة والثقيلة فما كان من الظن. فأما وقوع الثقيلة فعلى أنه قد استقر في ظنك: كما استقر الأول في علمك. وذلك قولك: ظننت أنك تقوم، وحسبت أنك منطلق. فإذا أدخلت على المحذوفة العوض قلت: حسبت أن سيقومون، وكذلك تقول: ظننت أن لا تقول خيرا، تريد: أنك لا تقول خيرا. وأما النصب فعلى أنه شيء لم يستقر، فقد دخل في باب رجوت وخفت بهذا المعنى. وهذه الآية تقرأ على وجهين: {وحسبوا أن لا تكون فتنةٌ} و{أن لا تكون فتنةٌ}، فانتصب ما بعد لا وهي عوضٌ؛ كما أوقعت الخفيفة الناصبة بعد ظننت بغير عوض. وذلك قوله عز وجل: {تظن أن يفعل بها فاقرةٌ}، لأن معناها معنى ما لم يستقر. وكذلك: {إن ظنا أن يقيما حدود الله}. وزعم سيبويه أنه يجوز: خفت أن لا تقوم يا فتى، إذا خاف شيئاً كالمستقر عنده، وهذا بعيد. وأجاز أن تقول: ما أعلم إلا أن تقوم، إذا لم يرد علماً واقعا، وكان هذا القول جارياً على باب الإشارة؛ أي: أرى من الرأى؛ وهذا في البعد كالذي ذكرنا قبله. وجملة الباب تدور على ما شرحت لك من التبيين والتوقع. فأما قول الله عز وجل: {أفلا يرون أن لا يرجع إليهم} فإن الوجه فيه الرفع، والمعنى: أنه لا يرجع إليهم قولا؛ لأنه علم واقع. والوجه في قول الشاعر:
أفنى عرائكها وخدد لحمهـا = أن لا تذوق مع الشكائم عودا
الرفع؛ لأنه يريد: إن الذي أفنى عرائكها هذا. فهذا على المنهاج الذي ذكرت لك). [المقتضب: 3/7-8]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وحَسِبْتُ حرف من الأضداد. يكون بمعنى الشك، ويكون بمعنى اليقين، قال الله عز وجل: {وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا}، فـ «حَسِبوا» هاهنا من باب الشك.
وقال لبيد في معنى اليقين:
حسبت التقى والبر خير تجارة = رباحا إذا ما أصبح المرء قافلا
معناه تيقنت ذاك، وقافلا: راجعا؛ يقال: قد قفل القوم إذا رجعوا من سفرهم؛ ولا يقال قافلة إلا للراجعين، فإن كانوا غير راجعين فليسوا قافلة.
وقال الفراء: حسبت أصله من «حَسَبْتُ» الشيء، أي وقع
في حسابي، ثم كسرت السين منه، ونقل إلى معنى الشك). [كتاب الأضداد: 21-22]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 2 محرم 1433هـ/27-11-2011م, 11:07 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72) }

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب ذكرك الاسم الذي به تبين العدة كم هي مع تمامها الذي هو من ذلك اللفظ
فبناء الاثنين وما بعده إلى العشرة فاعلٌ وهو مضافٌ إلى الاسم الذي به يبين العدد وذلك قولك ثاني اثنين قال الله عز وجل: {ثاني اثنين إذ هما في الغار} و: {ثالث ثلاثة} وكذلك ما بعد هذا إلى العشرة). [الكتاب: 3/559] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب اشتقاقك للعدد اسم الفاعل
كقولك: هذا ثاني اثنين، وثالث ثلاثة، ورابع أربعة
اعلم أنك إذا قلت: هذا ثاني اثنين، فمعنى هذا: أحد اثنين؛ كما قال الله عز وجل: {إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين} وقال: عز وجل: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة} على هذا: فإن قلت: هذا ثالث اثنين فعلى غير هذا الوجه. إنما معناه: هذا الذي جاء إلى اثنين فثلثهما فمعناه الفعل. وكذلك هذا رابع ثلاثة. ورابعٌ ثلاثةٌ يا فتى، لأن معناه: أنه ربعهم، وثلثهم. وعلى هذا قوله عز وجل: {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم}. ومثله قوله عز وجل: {سيقولون ثلاثةٌ رابعهم كلبهم}.
وتلك الأولى لا يجوز أن تنصب بها؛ لأن المعنى: أحد ثلاثة وأحد أربعة). [المقتضب: 2/179-180] (م)

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74) }

تفسير قوله تعالى: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآَيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واحدة المهيرات مهيرة، وهي الحرّة الممهورة، و"مفعول" يخرج إلى "فعيل" كمقتولٍ وقتيل، ومجروح وجريح، قال الأعشى:

ومنكوحةٍ غير ممهورةٍ = وأخرى يقال لها فادها
فهذا المعروف في كلام العرب، مهرت المرأة فهي ممهورةٌ، ويقال وليس بالكثير أمهرتها فهي ممهرةٌ، أنشدني المازنيّ:

أخذن اغتصابًا خطبةً عجرفيّة = وأمهرن أرماحًا من الخط ذبّلا
وأهل الحجاز يرزن النكاح العقد دون الفعل، ولا ينكرونه في الفعل ويحتجّون بقول الله عزّ وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}، فهذا الأشيع في كلام العرب، قال الأعشى:

وأمتنعت نفسي من الغانيا = ت إمّا نكاحًا وإما أزن
ومن كل بيضاء رعبوبةٍ = لها بشرٌ ناصعٌ كاللّبن
ويكون النّكاح الجماع، وهو في الأصل كناية، قال الراجز:
إذا زنيت فأجد نكاحًا = وأعمل الغدوّ والرّواحا
والكناية تقع عن هذا الباب كثيرًا، والأصل ما ذكرنا لك، وفال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أنا من نكاح لا من سفاح". ومن خطب المسلمين: "إن الله عز وجل أحلّ النّكاح وحرم السّفاح".
والكناية تقع على جماع، قال الله عزّ وجل: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}، فهذه كناية عن الجماع، قال أكثر الفقهاء في قوله تبارك وتعالى: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ}، قالوا: كناية عن الجماع، وليس الأمر عندنا كذلك، وما أصف مذهب أهل المدينة، قد فرغ من النكاح تصريحًا، وإنما الملامسة أن يلمسها الرجل بيد أو بإدناء جسدٍ من جسد، فذلك ينقض الوضوء في قول أهل المدينة، لأنه قال تبارك وتعالى بعد ذكر الجنب: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ}.
وقوله عزّ وجل: {كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ}، كنايةٌ بإجماع عن قضاء الحاجة، لأن كلّ من يأكل الطعام في الدنيا أنجى، يقال: نجا وأنجى، إذا قام لحاجة الإنسان. وكذلك: {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا}. كناية عن الفروج، ومثله: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ}، فإنما الغائط كالوادي، وقال عمرو بن معدي كرب:
وكم من غائط من دون سلمى = قليل الإنس ليس به كتيع).
[الكامل: 2/655-657] (م)

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76) }

تفسير قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77) }

تفسير قوله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) }
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (واللسان يذكر وربما أنث إذا قصدوا باللسان قصد الرسالة أو القصيدة. قال الشاعر:
لسان المرء تهديها إلينا = وحنت وما حسبتك أن تحينا
ويروى: لسان السوء.
وقال الآخر"
أتتني لسان بني عامر = أحاديثها بعد قول نكر
وذكّرها الحطيئة، فقال:
ندمت على لسان كان مني فليت بأنه في جوف عكم
فأما اللسان بعينه، فلم أسمعه من العرب إلا مذكرا). [المذكور والمؤنث: 64-65]

تفسير قوله تعالى: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) }

تفسير قوله تعالى: {تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ} قال: قال الكسائي: بئس الذي قدمت لهم السخط، وكأنه بئس الشيء شيء قدمت لهم أنفسهم. وليس بشيء. وقال الفراء: بئس ما يرفع ما ببئس، ولا يجوز بئس الذي قام زيد). [مجالس ثعلب: 62]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (81) }

تفسير قوله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84) }

تفسير قوله تعالى: {فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (85) }

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (86) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87) }

تفسير قوله تعالى: {وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (88) }

تفسير قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) }

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث علي رضي الله عنه: «إن المرء المسلم ما لم يغش دناءة يخشع لها إذا ذكرت وتغري به
لئام الناس -كالياسر الفالج- ينتظر فوزة من قداحه أو داعي الله فما عند الله خير للأبرار.
قال: حدثنيه أبو بدر عن عبد الرحمن بن زبيد اليامي، عن من حدثه عن علي.
ويروى أيضا عن عوف، عن رجل من أهل الكوفة، عن علي.
قال أبو عبيدة وأبو عمرو والأصمعي وغيرهم -دخل كلام بعضهم في بعض- قوله: الياسر: من الميسر، وهو: القمار الذي كان أهل الجاهلية يفعلونه حتى نزل القرآن بالنهي عنه في قوله تعالى: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه} الآية.
وكان أمر الميسر أنهم كانوا يشترون جزورا فينحرونها ثم يجزئونها أجزاء، وقد اختلفوا في عدد الأجزاء فقال أبو عمرو: على عشرة أجزاء، وقال الأصمعي: على ثمانية وعشرين جزءا، ولم يعرف أبو عبيدة
لها عددا، ثم يسهمون عليها بعشرة قداح لسبعة منها أنصباء وهي: الفذ والتوأم والرقيب والحلس والنافس والمسبل والمعلى، وثلاثة منها ليست لها أنصباء وهي: المنيح والسفيح والوغد، ثم يجعلونها على يدي رجل عدل عندهم يجيلها لهم باسم رجل رجل ثم يقتسمونها على قدر ما تخرج لهم السهام، فمن خرج سهمه من هذه السبعة التي لها أنصباء أخذ من الأجزاء بحصة ذلك، فإن خرج له واحد من الثلاثة، فقد اختلف الناس في هذا الموضع، فقال بعضهم: من خرجت باسمه لم يأخذ شيئا ولم يغرم، ولكن يعاد الثانية ولا يكون له نصيب ويكون لغوا، وقال بعضهم: بل يصير ثمن هذه الجزور كله على أصحاب هؤلاء الثلاثة فيكونون مقمورين، ويأخذ أصحاب السبعة أنصباءهم على ما خرج لهم فهؤلاء الياسرون.
ولم أجد علماءنا يستقصون معرفة علم هذا ولا يدعونه كله، ورأيت أبا عبيدة أقلهم ادعاء لعلمه.
قال أبو عبيدة: وقد سألت عنه الأعراب فقالوا: لا علم لنا بهذا، لأنه شيء قد قطعه الإسلام منذ جاء، فلسنا ندري كيف كانوا ييسرون
قال أبو عبيد: فالياسرون: هم الذي يتقامرون على الجزور، وإنما كان هذا في أهل الشرف منهم والثروة والجدة وكانوا يفتخرون به وقال الأعشى يمدح قوما:

المطعمو الضيف إذا ما شتوا = والجاعلو القوت على الياسر
وقال طرفة:
فهم أيسار لقمان إذا = أغلت الشتوة أبداء الجزر
وهو كثير في أشعارهم، فأراد علي بقوله: كالياسر الفالج ينتظر فوزة من قداحه أو داعي الله فما عند الله خير للأبرار، يقول: هو بين خيرتين، إما صار إلى ما يحب من الدنيا فهو بمنزلة المعلى وغيره من القداح التي لها حظوظ، أو بمنزلة التي لا حظوظ لها -يعني الموت- فيحرم ذلك في الدنيا وما عند الله خير له). [غريب الحديث: 4/362-363]
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والرجس الشيء القذر). [إصلاح المنطق: 27]

قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
وكان اللحم ييسره أبوها = أحب إلى الفتاة من العبير
يَيْسِرُهُ من الميسر وهو القمار بالقداح على الجزور، وأكثر ما يكون الميسر في الجدب؛ ويقال للرجل يفعل ذلك: ياسِرٌ ويَسِرٌ، والجمع: الأيسار؛ ويقال للذي لا يدخل في الميسر: برم، والجمع: الأبرام). [رواية أبي سعيد السكري لديوان جران العود: 27] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
وكان اللحم ييسره أبوها = أحب إلى الفتاة من العبير
يَيْسِرُهُ من الميسر وهو القمار بالقداح على الجزور، وأكثر ما يكون الميسر في الجدب؛ ويقال للرجل يفعل ذلك: ياسِرٌ ويَسِرٌ، والجمع: الأيسار؛ ويقال للذي لا يدخل في الميسر: برم، والجمع: الأبرام). [رواية أبي سعيد السكري لديوان جران العود: 27] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (92) }

تفسير قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآَمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (94) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (95) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (واعلم أنّ العرب يستخفّون فيحذفون التنوين والنون ولا يتغيّر من المعنى
شيء وينجرّ المفعول لكف التنوين ممن الاسم فصار عمله فيه الجرّ ودخل في الاسم معاقباً للتنوين فجرى مجرى غلام عبد الله في اللّفظ لأنّه اسمٌ وإن كان ليس مثله في المعنى والعمل.
وليس يغير كفّ التنوين إذا حذفته مستخفاً شيئاً من المعنى ولا يجعله معرفةً. فمن ذلك قوله عزّ وجلّ: {كل نفس ذائقة الموت} و{إنّا مرسلو النّاقة} و{لو ترى إذ المجرمون ناكسو رءسهم} و: {غير محلي الصيد}. فالمعنى معنى: {ولا آمين البيت الحرام}.
ويزيد هذا عندك بياناً قوله تعالى جدّه: {هديا بالغ الكعبة} و: {عارض ممطرنا}. فلو لم يكن هذا في معنى النّكرة والتنوين لم توصف به النّكرة.
وستراه مفصّلاً أيضاً في بابه مع غير هذا من الحجج إن شاء الله. وقال الخليل هو كائن أخيك على الاستخفاف والمعنى هو كائنٌ أخاك). [الكتاب: 1/165-166] (م)
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وقال ذو الرمة:
وأنّي متى أشرف على الجانب الذي = به أنت من بين الجوانب ناظر
أي ناظرٌ متى أشرف فجاز هذا في الشعر وشبهوه بالجزاء إذا كان جوابه منجزماً لأن المعنى واحد كما شبه الله يشكرها وظالم فإذا هم يقنطون جعله بمنزلة يظلم ويشكرها الله كما كان هذا بمنزلة قنطوا وكما قالوا في اضطرارٍ إن تأتني أنا صاحبك يريد معنى الفاء فشبهه ببعض ما يجوز في الكلام حذفه وأنت تعنيه.
وقد يقال إن أتيتني آتك وإن لم تأتني أجزك لأن هذا في موضع الفعل المجزوم وكأنه قال إن تفعل أفعل.
ومثل ذلك قوله عز وجل: {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها} فكان فعل وقال الفرزدق

دسّت رسولاً بأنًّ القوم إن قدروا = عليك يشفوا صدوراً ذات توغير
وقال الأسود بن يعفر:

ألا هل لهذا الدّهر من متعلّل = عن النّاس مهما شاء بالناس يفعل
وقال إن تأتني فأكرمك أي فأنا أكرمك فلا بد من رفع فأكرمك إذا سكت عليه لأنه جواب وإنما ارتفع لأنه مبني على مبتدأ.
ومثل ذلك قوله عز وجل: {ومن عاد فينتقم الله منه} ومثله: {ومن كفر فأمتعه قليلا} ومثله: {فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا}). [الكتاب: 3/68-69] (م)
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (والنعم من الإبل:
وقالوا: النعم من الإبل والغنم والبقر والبراذين والسوام والخيل.
وقالوا في مثل ذلك من ذي الظلف:
قالوا في الشاء:
الصبة من المَعْز خاصة: ما بين العشر إلى الأربعين. وقالوا: المَعْز، والمَعَز.
وقرأ أبو عمرو: المَعَز فحرك، وأهل المدينة: سكنوا.
ويقال للماعز: المَعْز، والمعزى، والمعيز، وقد معز معازة.
والضأن للجميع، وحكى لنا بعضهم: واحد الضأن: ضأنه، وهي قليلة شاذة.
وقالوا: ضائنة، وضائن للجميع، والضئين –على مثال فعيل- مثل: المعيز.
ويقال: ضئنت الغنم ضأنا إذا أشبهت الضأن، كالصبة من المَعْز). [الفرق في اللغة:151- 152]
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (و«النَّعم» ذكر؛ يقال: هذا نعم وارد). [المذكور والمؤنث: 79]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (باب
قال الأصمعي: الكعب من السمن الكتلة. والكعب من الرمح طرف الأنبوب الناشز ومثله الكعبان من الإنسان العظمان الناشزان من جانبي القدمين وله قال الشاعر:
[؟]
درماء الكعوب
يعني أن ذلك منها غائب وأنكر قول الناس إنه في ظهر القدم. غيره: الكعاب والكاعب الجارية حين يبدأ ثديها وقد كعبت تكعب كعوبًا وكعبت تكعب تكعيبًا. والكعبة البيت الحرام، ويقال إنما سميت الكعبة للتربيع). [الغريب المصنف: 3/938-939] (م)
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (قال يونس قولهم لا يقبل منه صرف ولا عدل الصرف الحيلة ومنه قيل إنه ليتصرف في الأمور والعدل والفداء ومنه قول الله جل وعز: {وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها} أي وإن تفد كل

فداء ومنه: {عدل ذلك صياما} أي فداء ذلك). [إصلاح المنطق:314- 315] (م)
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
ترنم الشارف في أخرى النهم
...
و(النعم) الإبل). [شرح أشعار الهذليين: 2/576]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أن المصدر كسائر الأسماء إلا أنه اسم للفعل، فإذا نصبت فعلى إضمار الفعل. فمن المصادر ما يكثر استعماله، فيكون بدلاً من فعله ومنها ما لا يكون له حق الاسم. فأما ما كثر استعماله حتى صار بدلاً من الفعل فقولك: حمداً وشكراً، لا كفراً. وعجباً إنما أردت: أحمد الله حمداً. فلولا الاستعمال الذي أبان عن ضميرك لم يجز أن تضمر؛ لأنه موضع خبر، وإنما يحسن الإضمار ويطرد في موضع الأمر؛ لأن الأمر لا يكون إلا بفعل. نحو قولك: ضرباً زيدا. إنما أردت: اضرب ضربا. وكذلك ضرب زيد. نصبت الضرب باضرب، ثم أضفته إلى زيد لما حذفت التنوين؛ كما تقول: هذا ضارب زيد غدا. والأصل إثبات التنوين وحذفه استخافٌ لعلم المخاطب. ألا ترى أن الاسم المضاف إلى معرفة على نية التنوين لا يكون إلا نكرة؛ لأن التنوين في النية، نحو قوله عز وجل: {هذا عارضٌ ممطرنا} و{هدياً بالغ الكعبة}. هو وصف للنكرة، وتدخل عليه رب كما تدخل على النكرة. وقد مضى تفسير هذا في بابه. قال الشاعر:
يا رب غابطنا لو كان يطلبكم = لاقى مباعدةً منكم وحرمانا
يريد: غابطٍ لنا. ومن ذلك قوله عز وجل: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} وإنما التقدير - والله أعلم -: فضرباً الرقاب. فهذا يدل على ما بعده، وما يرد من جنسه ونظائره). [المقتضب: 3/226-227] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أنه قد يجوز لك أن تحذف النون والتنوين من التي تجري مجرى الفعل، ولا يكون الاسم إلا نكرة وإن كانا مضافاً إلى معرفة؛ لأنك إنما تحذف النون استخفافاً. فلما ذهب النون عاقبتها الإضافة، والمعنى معنى ثبات النون. فمن ذلك قول الله عز وجل: {هدياً بالغ الكعبة} فلو لم ترد التنوين لم يكن صفة لهدي وهو نكرة. ومن ذلك قوله تعالى: {هذا عارض ممطرنا} و{ثاني عطفه}؛ لأنه نصب على الحال، ولا تكون الحال إلا نكرة.
ومن ذلك قول الله عز وجل: {إنا مرسلو الناقة} فإنما هذه حكاية قول الله عز وجل قبل إرسالها.
وكذلك {إلا آتي الرحمن عبداً} و{كل نفس ذائقة الموت} ومن نون قال: (آتٍ الرحمن عبداً)، و(ذائقةٌ الموت)؛ كما قال عز وجل: {ولا آمين البيت الحرام}. وهذا هو الأصل، وذاك أخف وأكثر، إذ لم يكن ناقضاً لمعنى، وكلاهما في الجودة سواء). [المقتضب: 4/149-150]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ويجوز أن تقول: هذا رجل حسن الوجه. فالوجه لم يجعل حسناً معرفة، وإن كان مضافاً إليه؛ وذلك لأن التنوين هو الأصل. ومعنى هذه الإضافة الانفصال؛ كما كان ذلك في قوله: {هدياً بالغ الكعبة} و{هذا عارض ممطرنا} لما كان التقدير: إنما هو التنوين ثبت الاسم نكرة، وصار بمنزلة ما لفظوا بتنوينه). [المقتضب: 4/158]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (والنعم: الإبل خاصة، فإن اختلط بها غنمٌ جاز أن يقال: نعم، ولا يجوز أن يقال للغنم: وحدها: نعم، وجمع نعم: أنعام). [الأمالي: 2/133]

تفسير قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96) }

تفسير قوله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (97) }

تفسير قوله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (98) }

تفسير قوله تعالى: {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (99) }

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (100) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} يعني الحرام). [مجالس ثعلب: 376]


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 2 محرم 1433هـ/27-11-2011م, 11:09 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآَنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال، ونهى عن عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات.
...
...
وقوله: وكثرة السؤال، فإنها مسألة الناس أموالهم، وقد يكون أيضا من السؤال عن الأمور وكثرة البحث عنها، كما قال سبحانه: {لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} ). [غريب الحديث: 3/411-413]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (أَشْيَاءُ في قول الخليل: إنما هي عنده فَعْلاءُ. وكان أصلها شيئاء يا فتى فكرهوا همزتين بينمها ألف فقلبوا؛ لنحو ما ذكرت لك من خطايا كراهة ألفين بينهما همزة، بل كان هذا أبعد، فقلبوا فصارت اللام التي هي همزة في أوله، فصار تقديره من الفعل: لَفْعَاء ولذلك لم ينصرف، قال الله عز وجل: {لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} ولو كان أَفْعالا لا تصرف كما ينصرف أحياء وما أشبهه.

وكان الأخفش يقول: أشياء أَفْعِلاءُ يافتى، جمع عليها فَعْل؛ كما جُمِع سمح على سُمَحاء، وكلاهما جمع لفعِيل؛ كما تقول في نصيب: أَنْصباءُ: وفي صديق: أَحصْدِقاءُ، وفي كريم: كُرَماءُ، وفي جليس: جلساء. فسمح وشيء على مثال فَعْل فخرج إلى مثال فَعيل .
قال المازني: فقلت له: كيف تصغرهن؟ فقال: أشياء. فسألته: لِمَ لَمْ ترده إلى الواحد؟ إنه أَفْعِلاءُ فقد وجب عليه فلم يأت بمقنع. وهذا ترك قوله؛ لأنه إذا زعم أنه أفعلاء فقد وجب عليه أن يصغر الواحد ثم يجمعه، فيقول في تصغير أشياء على مذهبه: شُيَيْئات فاعلم، تقدير: فُعَيْلاتُ ولا يجب هذا على الخليل لأنه إذا زعم أنه فَعْلاءُ فقد زعم أنه اسم واحد في معنى الجمع، بمنزلة قوم، ونفر، فهذا إنما يجب عليه تصغيره في نفسه. فقد ثبت قول الخليل بحجة لازمة .
ومما يؤكد ذلك السماع: قول الأصمعي - فيما حدث به علماؤنا -: أن أعرابياً سمع كلام خلف الأحمر فقال: يا أحمر، إن عندك لأشاوى فقلب الياء واواً، وأخرجه مُخْرَج صحراء وصحارى، فكل مقلوب فله لفظه). [المقتضب: 1/168-169]

تفسير قوله تعالى: {قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ (102) }

تفسير قوله تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (103) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (104) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما قولك: رويدك زيدا فإن الكاف زائدة، وإنما زيدت للمخاطبة، وليست باسم، وإنما هي بمنزلة قولك: النجاءك يا فتى، وأريتك زيدا ما فعل?، وكقولك: أبصرك زيدا. إنما الكاف زائدة للمخاطبة، ولولا ذلك كان النجاءك محالاً؛ لأنك لا تضيف الاسم وفيه الألف واللام، وقوله عز وجل: {أرأيتك هذا الذي كرمت علي} قد أوضح لك أن الكاف زائدة. ولو كانت في رويدك علامةً للفاعلين لكان خطأ إذا قلت: رويدكم؛ لأن علامة الفاعلين الواو؛ كقولك: أرودوا.
واعلم أن هذه الأسماء ما كان منها مصدراً، أو موضوعاً موضع المصدر فإن فيه الفاعل مضمراً؛ لأنه كالفعل المأمور به. تقول: رويدك أنت وعبد الله زيدا، وعليك أنت وعبد الله أخاك. فإن حذفت التوكيد قبح، وإعرابه الرفع على كل حال؛ ألا ترى أنك لو قلت: قم وعبد الله كان جائزاً على قبح حتى تقول: قم أنت وعبد الله، و{فاذهب أنت وربك فقاتلا} و{اسكن أنت وزوجك الجنة}. فإن طال الكلام حسن حذف التوكيد؛ كما قال الله عز وجل: {لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا} وقد مضى هذا مفسراً في موضعه. وكذلك ما نعته بالنفس في المرفوع. إنما يجري على توكيد فإن لم تؤكد جاز على قبح. وهو قولك: قم أنت نفسك. فإن قلت: قم نفسك جاز. وذلك قولك: رويدك أنت نفسك زيدا، وعليك أنت نفسك زيدا، والحذف جائز قبيح إذا قلت: رويدك نفسك زيدا.
واعلم أنك إذا قلت: عليك زيدا ففي عليك اسمان: أحدهما: المرفوع الفاعل. والآخر: هذه الكاف المخفوضة. تقول: عليكم أنفسكم أجمعون زيدا، فتجعل قولك أجمعون للفاعل: وتجعل قولك: أنفسكم للكاف. وإن شئت أجريتهما جميعاً على الكاف فخفضته، وإن شئت أكدت، ورفعتهما لما ذكرت لك من قبح مجرى النفس في المرفوع إلا بتوكيد، وإن شئت رفعت بغير توكيد على قبح. وإن قلت: رويد نفسك، أو رويدك. جعلت النفس مفعولة بمنزلة زيد؛ كما قال الله عز وجل: {عليكم أنفسكم} ). [المقتضب: 3/209-211] (م)

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آَخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآَثِمِينَ (106) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وإذا كان الفعل يدوم فالماضي والمستقبل واحد. صلى يصلي، وصام يصوم، واحد.
وأنشد:

شهد الحطيئة حين يلقى ربه = أن الوليد أحق بالعذر
قال: هو بمعنى يشهد: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ} قال: زعم سيبويه أنه شهادة اثنين، ورفع الشهادة بمحذوف: معه شهادة اثنين قد تقدما. وقال الفراء: إن شئت رفعته بحين أي يشهد اثنان {ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آَخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} من غير أهل دينكم من النصارى أو اليهود. وهذا في السفر للضرورة، لأنه لا يجوز شهادة كافرٍ على مسلم، هذه الشهادة لكافرين {إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ}: للضرورة. ولا تجوز الشهادة لهما في غير هذا. {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} وهذا لا يكون في الإسلام أن يحبس المسلم حتى يحلف بعد الصلاة. {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} الكافران. {إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ} بأيماننا {ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ} {فَإِنْ عُثِرَ} أي اطلع بعد ذا عليهما بأنهما قد اختانا و{اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآَخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا} مقام النصرانيين، والنصرانيان من استحقت الخيانة فيهم فقال: {اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ} أي استحقت الخيانة، استحقها المسلمان على النصرانيين. الأوليان هما استحق على النصرانيين. وقال بعضهم: الأوليان هما الآخران، {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} أن هؤلاء قد اختانوا و{لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا} الأولين والأوليان يقرأ على ثلاثة أوجه). [مجالس ثعلب: 388-390]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآَخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (107) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا} أي اطلع عليهما بسوء). [مجالس ثعلب: 299]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وإذا كان الفعل يدوم فالماضي والمستقبل واحد. صلى يصلي، وصام يصوم، واحد.
وأنشد:

شهد الحطيئة حين يلقى ربه = أن الوليد أحق بالعذر
قال: هو بمعنى يشهد: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ} قال: زعم سيبويه أنه شهادة اثنين، ورفع الشهادة بمحذوف: معه شهادة اثنين قد تقدما. وقال الفراء: إن شئت رفعته بحين أي يشهد اثنان {ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آَخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} من غير أهل دينكم من النصارى أو اليهود. وهذا في السفر للضرورة، لأنه لا يجوز شهادة كافرٍ على مسلم، هذه الشهادة لكافرين {إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ}: للضرورة. ولا تجوز الشهادة لهما في غير هذا. {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} وهذا لا يكون في الإسلام أن يحبس المسلم حتى يحلف بعد الصلاة. {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} الكافران. {إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ} بأيماننا {ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ} {فَإِنْ عُثِرَ} أي اطلع بعد ذا عليهما بأنهما قد اختانا و{اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآَخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا} مقام النصرانيين، والنصرانيان من استحقت الخيانة فيهم فقال: {اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ} أي استحقت الخيانة، استحقها المسلمان على النصرانيين. الأوليان هما استحق على النصرانيين. وقال بعضهم: الأوليان هما الآخران، {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} أن هؤلاء قد اختانوا و{لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا} الأولين والأوليان يقرأ على ثلاثة أوجه). [مجالس ثعلب: 388-390] (م)

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (108) }

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (109) }

تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (110) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (ومن الأضداد وهي آخره: «إذ» في القرآن لما مضى في معنى «إذا». و«إذ»: لما يستقبل ويجيء أيضا في معناها. وقال الله جل وعز:
{ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت} و{لو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم}. المعنى: إذا يفزعون وإذا يوقفون ولم يوقفوا بعد. وقال أيضا: {إذ قال الله يا عيسى ابن مريم}. وكأن القول يكون في القيمة. فهذا لما لم يقع. وقال أبو النجم: [الرجز]
ثم جزاه الله عنا إذ جزى
جنات عدن في العلالي العلى
كأنه قال: إذا جزى لأن هذا لم يقع بعد، وقال الأسود أيضا:
فالآن إذ هازلتهن فإنما = يقلن ألا لم يذهب المرء مذهبا
وقال أوس:

والحافظ الناس في الزمان إذا = لم يرسلوا تحت عائذ ربعا
وهبت الشمأل البليل وإذ = بات كميع الفتاة ملتفعا
فقال: «إذ» و«إذا» في معنى واحد. وقال بعض أهل اليمن:

وندمان يزيد الكأس طيبا = سقيت إذا تغورت النجوم
فقال: «إذا». والمعنى: «إذ» لأنه يخبر عما مضى. والله أعلم). [الأضداد:150- 152] (م)
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (قال سحيم بن وثيل الرياحي:

أخو خمسين مجتمع أشدي = ونجذني مداورة الشؤون
يريد بقوله نجذني دربني وحنكني، دربني أي صبرني درباً حاداً، وهو شاب من الحلم إلى أن يكتهل، فإذا تم فهو كهل). [خلق الإنسان: 161] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وإذ وإذا حرفان؛ تكون (إذ) للماضي و(إذا) للمستقبل، وهذا هو المشهور فيهما، وتكون إذ للمستقبل، وإذا للماضي إذا شهر المعنى ولم يقع فيه لبس. فأما كون إذ للماضي وإذا للمستقبل فشهرته تغني عن إقامة الشواهد عليه، وأما كون إذ للمستقبل فقول الله عز وجل: {ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم}، أراد المستقبل، وكذلك قوله: {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت}، معناه إذا يفزعون. وقال جل جلاله: {إذ قال الله يا عيسى بن مريم}، معناه: (وإذا يقول الله)؛ وأما كون إذا للماضي فقول الشاعر، وهو أوس بن حجر:

والحافظ الناس في الزمان إذا = لم يتركوا تحت عائذ ربعا
وهبت الشمال البليل وإذ = بات كميع الفتاة ملتفعا
أراد: إذ لم يتركوا تحت عائذ، والعائذ: الناقة الحديثة النتاج، وجمعها عوذ
وقال بعض أهل اللغة: إذا لم تقع في هذا البيت إلا للمستقبل؛ لأن المعنى: والذي يحفظ الناس إذا كان كذا وكذا، والأول قول قطرب.
وقال الآخر:
فالآن إذ هازلتهن فإنما = يقلن ألا لم يذهب المرء مذهبا
معناه إذا هازلتهن، وقال أبو النجم:
ثم جزاه الله عنا إذ جزى = جنات عدن في العالي العلا
أراد إذا جزى.
وقال بعض أهل العلم: إنما جاز أن تكون إذ بمعنى إذا في قوله: {وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم}، لأنه لما وقع في علم الله عز وجل أن هذا كائن لا محالة كان بمنزلة المشاهد الموجود، فخبر عنه بالمضي، كما قال: {ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار}، وهو يريد: (وينادي) وروى قطرب هذا البيت:
وندمان يزيد الكأس طيبا = سقيت إذا تغورت النجوم
أراد (إذا تغورت). ورواه غير قطرب: (سقيت وقد تغورت) ). [كتاب الأضداد: 118-119] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((الزبير ابن عمتي وحواري من أمتي)).
قال: حدثناه أبو معاوية عن هشام بن عروة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم:
يقال والله أعلم: إن أصل هذا إنما كان بدؤه من الحواريين أصحاب عيسى ابن مريم صلوات الله عليه وعلى نبينا.
وإنما سموا حواريين لأنهم كانوا يغسلون الثياب يحورونها، وهو التبييض.
يقال: حورت الشيء إذا بيضته.
ومنه قيل: امرأة حوارية إذا كانت بيضاء قال الشاعر:

فقل للحواريات يببكين غيرنا = ولا تبكنا إلا الكلاب النوابح
قال وكان أبو عبيدة يذهب بالحواريات إلى نساء الأمصار دون أهل البوادي.
وهذا عندي يرجع إلى ذلك المعنى؛ لأن عند هؤلاء من البياض ما ليس عند أولئك، فسماهن حواريات لهذا.
فلما كان عيسى ابن مريم.
صلى الله عليه وسلم نصره هؤلاء الحواريون فكانوا شيعته وأنصاره دون الناس، فقيل: فعل الحواريون كذا ونصره الحواريون بكذا، جرى هذا على ألسنة الناس حتى صار مثلا لكل ناصر، فقيل: حواري إذا كان مبالغا في نصرته تشبيها بأولئك.
هذا كما بلغنا والله أعلم.
وهذا مما قلت لك: إنهم يحولون اسم الشيء إلى غيره إذا كان من سببه). [غريب الحديث: 2/248-251]

تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) }

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ (114) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
فيا قوم هل من حيلة تعرفونها
موضع "تعرفونها" خفضٌ، لأنه نعت للحيلة وليس بجواب، ولو كان ههنا شرط يوجب جوابًا لا نجزم، تقول: ائتني بدابة أركبها، أي بدابةٍ مركوبة، فإذا أردت معنى: فإنك إن أتيتني بدابة ركبتها قلت: "أركبها"، لأنه جواب الأمر، كما أن الأول جواب الاستفهام، وفي القرآن: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}، أي مطهرة لهم، وكذلك: {أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا} أي كائنة لنا عيدًا، وفي الجواب: {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا}، أي إن تركوا خاضوا ولعبوا، وأما قوله عز وجل: {ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} فإنما هو فذرهم في هذه الحال لأنهم كانوا يلعبون، وكذلك: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ}، إنما هو ولا تمنن مستكثرًا فمعنى ذا: هل معروفة عندكم?). [الكامل: 1/373-374] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال في قوله عز وجل: {عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ}: أي علامة.
وسئل هل قرئ: (وإنه منك)؟ قال: لا أعرفه). [مجالس ثعلب: 270]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (115) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ الحَارِثِيُّ (ت: 180هـ): (هذا بابٌ من أبواب إن
تقول قال عمرو إن زيدا خيرٌ منك وذلك لأنك أردت أن تحكي قوله ولا يجوز أن تعمل قال في إن كما لا يجوز لك أن تعملها في زيد وأشباهه إذا قلت قال زيدٌ عمروٌ خير الناس فأن لا تعمل فيها قال كما لا تعمل قال فيما تعمل فيه أن لأن أن تجعل الكلام شأنا وأنت لا تقول قال الشأن متفاقماً كما تقول زعم الشأن متفاقماً فهذه الأشياء بعد قال حكايةٌ.
ومثل ذلك: {وإذا قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}.
وقال أيضا: {قال الله إني منزلها عليكم} وكذلك جميع ما جاء من ذا في القرآن). [الكتاب: 3/142] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب إن المكسورة ومواقعها
اعلم أن مكانها في الكلام في أحد ثلاثة مواضع ترجع إلى موضع واحد وهو الابتداء؛ لأنه موضع لا يخلص للاسم دون الفعل.
وإنما تكون المفتوحة في الموضع الذي لا يجوز أن يقع فيه الاسم. وذلك قولك: إن زيداً منطلق، وإن عمراً قائم، لا يكون في هذا الموضع إلا الكسر. فأما قوله: (وأن هذه أمتكم أمةً واحدةً) فإنما المعنى معنى اللام، والتقدير: ولأن هذه أمتكم أمةً واحدة، وأنا ربكم فاعبدون.
وكذلك قوله عند الخليل: {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً} أي: ولأن.
وأما المفسرون فقالوا: هو على أوحي. وهذا وجهٌ حسن جميل وزعم قوم من النحويين موضع أن خفض في هاتين الآيتين وما أشبههما، وأن اللام مضمره وليس هذا بشيء. واحتجوا بإضمار رب في قوله:
وبلدٍ ليس به أنيس
وليس كما قالوا؛ لأن الواو بدل من رب كما ذكرت لك، والواو في قوله تبارك وتعالى: {وأن المساجد لله} واو عطف. ومحالٌ أن يحذف حرف الخفض ولا يأتي منه بدلٌ.
واحتج هؤلاء بأنك لا تقول: أنك منطلق بلغني أو علمت.
فقيل لهم: هي لا تتقدم إلا مكسورةٌ، وإنما كانت هاهنا بعد الواو منصوبة لأن المعنى معنى اللام؛ كما تقول: جئتك ابتغاء الخير، فتنصب والمعنى معنى اللام، وكذلك قال الشاعر:

وأغفر عوراء الكريم ادخـاره = وأعرض عن شتم اللئيم تكرما
فإذا قلت: جئتك أنك تحب المعروف فالمعنى معنى اللام، فعلى هذا قدمت، وهذا قد مر. فهذا قول الخليل.
والموضع الآخر للمكسورة: أن تدخل اللام في الخبر. وقد مضى قولنا في هذا، لأن اللام تقطعها مما قبلها، فتكون مبتدأة. فهذا مما ذكرت لك أنها ترجع إلى الابتداء.
والموضع الثالث: أن تقع بعد القول حكايةً فتكون مبتدأة. كما تقول: قال زيد: عمروٌ منطلقٌ، وقلت: الله أكبر. وقد مضى هذا في باب الحكاية.
فعلى هذا تقول: قال زيد: إن عمراً منطلق، وقال عبد الله: إنك خير منه. من ذلك قوله عز وجل: {قال الله إني منزلها عليكم}. وقال: {وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك} وقال: {قال يا قوم إني لكم نذيرٌ مبين} ). [المقتضب: 2/346-348] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( ومما يفسر من كتاب الله جل وعز تفسيرين متضادين، قوله تعالى: {قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين}، قال بعض المفسرين: نزلت المائدة، وقال بعضهم: لم تنزل. أخبرنا أبو علي العنزي، قال: حدثنا الحسن بن قزعة، قال: حدثنا سفيان بن حبيب، عن سعيد، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن عمار بن ياسر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نزلت المائدة خبزا ولحما، وأمروا ألا يخونوا ولا يخبئوا ولا يدخروا، فخانوا، وخبئوا وادخروا، فمسخوا قردة وخنازير)).
وحدثنا محمد بن يونس، قال: حدثنا عمر بن يونس بن القاسم اليمامي، قال: حدثنا إسماعيل بن فيروز، عن أبيه، عن وهب بن منبه، قال: كانت مائدة يجلس عليها أربعة آلاف، فقالوا لقوم من وضعائهم: إن هؤلاء يلطخون ثيابنا علينا، فلو بنينا لها دكانا يرفعها! فبنوا لها دكانا، فجعلت الضعفاء لا تصل إلى شيء، فلما خالفوا أمر الله جل وعز رفعها عنهم.
وحدثنا محمد، قال: حدثنا الحكم بن مروان، قال: حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قوله تعالى: {أنزل علينا مائدة من السماء}، قال: مائدة طعام.
وحدثنا محمد، قال: خبرنا بشر بن عمر، قال: خبرنا شعبة عن أبي إسحاق، عن أبي عبد الرحمن السلمي، في قوله: {أنزل علينا مائدة من السماء}، قال: خبزا وسمكا.
وحدثنا محمد، قال: حدثنا الحكم بن مروان، قال: أخبرنا الفضل بن مرزوق، عن عطية، قال: كانت سمكة وجدوا فيها كل شيء.
وأخبرنا عبد الله بن محمد، قال: خبرنا يوسف القطان، قال: حدثنا جرير، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد، قال: نزلت المائدة وهي طعام يفور؛ فكانوا يأكلون منها قعودا، فأحدثوا فرفعت شيئا، فأكلوا على الركب، ثم أحدثوا، فرفعت شيئا، فأكلوا قياما، ثم أحدثوا، فرفعت البتة.
وأخبرنا عبد الله، قال: خبرنا يوسف، قال: خبرنا عمرو بن حمران، عن سعيد، عن قتادة، قال: كانت مائدة ينزل عليها ثمر من ثمار الجنة. وأمروا ألا يخونوا، ولا يخبئوا ولا يدخروا، بلاء ابتلاهم الله به، فكانوا إذا فعلوا شيئا من ذلك أخبرهم به عيسى عليه السلام، قال: فخانوا وخبئوا وادخروا.
وأخبرنا عبد الله، قال: خبرنا يوسف، قال: أخبرنا
عمرو بن حمران، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن قال: لما قال الله عز وجل: {إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين}, قالوا: لا حاجة لنا فيها، فلم تنزل عليهم ). [كتاب الأضداد: 350-352]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 2 محرم 1433هـ/27-11-2011م, 11:10 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وإن خففت الهمزة من قولك: هو يجيئك، ويسوءك قلت: يجيك، ويسوك، تحرك الياء والواو بحركة الهمزة، لأنهما أصلا في الحروف. فهذا يدلك على ما يرد عليك من هذا الباب.
واعلم أنه من أبى قول ابن أبي إسحق في الجمع بين الهمزتين فإنه إذا أراد تحقيقهما أدخل بينهما ألفا زائدة، ليفصل بينهما، كالألف الداخلة بين نون جماعة النساء، والنون الثقيلة إذا قلت: اضربنان زيدا.
فتقول: {أئذا كنا ترابا} وتقول: {آأنت قلت للناس} ومثل ذلك قول ذي الرمة:

فيا ظبية الوعساء بين جلاجلٍ = وبين النّقا آأنت أم أم سالـم).
[المقتضب: 1/299-300] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
"أأنت أخي ما لم تكن لي حاجة"
تقرير وليس باستفهام، ولكن معناه: أني قد بلوتك تظهر الإخاء فإذا بدت الحاجة لم أر من إخائك شيئًا وقال الله عز وجل: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} إنما هو توبيخ وليس باستفهام. وهو رجل وعز العالم بأن عيسى لم يقله. وقد ذكرنا التقرير الواقع، بلفظ الاستفهام في موضعه من الكتاب "المقتضب "مستقصى، ونذكر منه جملة في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى). [الكامل: 1/277]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وكان ابن عباس يقرأ: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سَأَلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتُ}. وقال أهل المعرفة في قول الله عزّ وجل: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} إنما تسأل تبكيتًا لمن فعل ذلك بها، كما قال الله تعالى: {يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ}.
وقوله: "وئدت"، إنما هو أثقلت بالتراب، يقال للرجل: اتّئد أي تثبّت. وتثقّل، كما يقال: توفّر، قال قصيرٌ صاحب جذيمة:
ما للجمال مشيها وئيدا = أجندلاً يحملن أم حديدا).
[الكامل: 2/609] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( وأخفيت حرف من الأضداد؛ يقال: أخفيت الشيء، إذا سترته، وأخفيته إذا أظهرته، قال الله عز وجل: {إن الساعة آتية أكاد أخفيها}، فمعناه أكاد أسترها، وفي قراءة أبي: (أكاد أخفيها من نفسي
فكيف أطلعكم عليها)، فتأويل (من نفسي) (من قبلي) و(من غيبي)، كما قال: {تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك}، ويقال: معنى الآية: إن الساعة آتية أكاد أظهرها. ويقال: خفيت الشيء، إذا أظهرته.
ولا يقع هذا –أعني الذي لا ألف فيه- على الستر والتغطية.
قال الفراء: حدثنا الكسائي، عن محمد بن سهل، عن وقاء، عن سعيد بن جبير أنه قرأ: (أكاد أَخْفيها) فمعنى (أخفيها) أظهرها. وقال عبدة بن الطبيب يذكر ثورا يحفر كناسا، ويستخرج ترابه فيظهره:
يخفي التراب بأظلاف ثمانية = في أربع مسهن الأرض تحليل
أراد يظهر التراب. وقال الكندي:
فإن تدفنوا الداء لا نخفه = وإن تبعثوا الحرب لا نقعد
أراد لا نظهره، وقال النابغة:
يخفي بأظلافه حتى إذا بلغت = يبس الكثيب تدانى الترب وانهدما
أراد يظهر.
قال أبو بكر: يجوز أن يكون معنى الآية: إن الساعة آتية أكاد آتي بها؛ فحذف (آتي) لبيان معناه، ثم
ابتدأ فقال: (أخفيها لتجزى كل نفس)، قال ضابئ البرجمي:
هممت ولم أفعل وكدت وليتني = تركت على عثمان تبكي حلائله
أراد: وكدت أقتله، فحذف ما حذف، إذ كان غير ملبس. ويجوز أن يكون المعنى: إن الساعة آتية أريد أخفيها، قال الله عز وجل: {كذلك كدنا ليوسف}، فيقال: معناه أردنا. وأنشدنا أبو علي العنزي للأفوه:
فإن تجمع أوتاد وأعمدة = وساكن بلغوا الأمر الذي كادوا
معناه الذي أرادوا. وقال الآخر:
كادت وكدت وتلك خير إرادة = لو عاد من لهو الصبابة ما مضى
معناه أرادت وأردت. ويجوز أن يكون معنى الآية: إن الساعة آتية أخفيها لتجزى كل نفس؛ فيكون (أكاد) مزيدا للتوكيد، قال الشاعر:
سريعا إلى الهيجاء شاك سلاحه = فما إن يكاد قرنه يتنفس
أراد: فما كاد قرنه. وقال أبو النجم:
وإن أتاك نعيي فاندبن أبا = قد كاد يضطلع الأعداء والخطبا
معناه قد يضطلع. وقال الآخر:
وألا ألوم النفس فيما أصابني = وألا أكاد بالذي نلت أبجح
معناه: وألا أبجح بالذي نلت. وقال حسان:
وتكاد تكل أن تجيء فراشها = في جسم خرعبة وحسن قوام
معناه: وتكسل أن تجيء فراشها.
وقال أبو بكر: والمشهور في (كدت) مقاربة الفعل، كدت أفعل كذا وكذا: قاربت الفعل ولما أفعله. وما كدت أفعله، معناه فعلته بعد إبطاء. قال الله عز وجل: {فذبحوها وما كادوا يفعلون}، معناه فعلوا بعد إبطاء لغلائها، قال قيس بن الخطيم:

أتعرف رسما كاطراد المذاهب = لعمرة وحشا غير موقف راكب
ديار التي كادت ونحن على منى = تحل بنا لولا نجاء الركائب
معناه قاربت الحلول ولم تحل. وقال ذو الرمة:
وقفت على ربع لمية ناقتي فما زلت أبكي عنده وأخاطبه

وأسقيه حتى كاد مما أبثه = تكلمني أحجاره وملاعبه
معناه: قارب الكلام ولم يكن كلام. وقال الآخر:

وقد كدت يوم الحزن لما ترتمت = هتوف الضحى محزونة بالترنم
أموت لمبكاها أسي إن عولتي = ووجدي بسعدى شجوه غير منجم
معناه مقلع. وأراد بقوله: (كدت) قاربت الموتى ولم أمت، ويقال: خفا البرق يخفو، إذا ظهر، وهو من قولهم: خفيت الشيء، إذا أظهرته، قال حميد بن ثور:

أرقت لبرق في نشاص خفت به = سواجم في أعناقهن بسوق
بسوق: طول، بسق الرجل إذا طال). [كتاب الأضداد: 95-99] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وقول الله عز وجل: {يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد}
...
وقال ثعلب: ظاهر الخطاب لجهنم؛ ومعنى التوبيخ لمن حضر ممن يستحق دخولها، كما قال جل اسمه: {أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله}، لعيسى عليه السلام، وقد علم أنه ما قال هذا قط إلا ليوبخ الكفار بإكذاب من ادعوا عليه هذه الدعوى الباطلة إياهم). [كتاب الأضداد: 195]

تفسير قوله تعالى: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب ما تكون فيه أن بمنزلة أي
وذلك قوله عز وجل: {وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا} زعم الخليل أنه بمنزلة أي لأنك إذا قلت انطلق بنو فلان أن امشوا فأنت لا تريد أن تخبر أنهم انطلقوا بالمشي ومثل ذلك: {ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله} وهذا تفسير الخليل ومثل هذا في القرآن كثير). [الكتاب: 3/162] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب ما يضاف إلى الأفعال من الأسماء
يضاف إليها أسماء الدهر وذلك قولك هذا يوم يقوم زيدٌ وآتيك يوم يقول ذاك وقال الله عز وجل: {هذا يوم لا ينطقون} و: {هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم} وجاز هذا في الأزمة واطرد فيها كما جاز للفعل أن يكون صفةً وتوسعوا بذلك في الدهر لكثرته في كلامهم فلم يخرجوا الفعل من هذا كما لم يخرجوا الأسماء من ألف الوصل نحو ابنٍ وإنما أصله للفعل وتصريفه). [الكتاب: 3/117] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما إن فإنها ليست باسم ولا فعل، إنما هي حرف، تقع على كل ما وصلته به، زماناً كان أو مكاناً أو آدمياً أو غير ذلك. تقول: إن يأتني زيدٌ آته. وإن يقم في مكان كذا وكذا أقم فيه، وإن تأتني يوم الجمعة آتك فيه.
وكذلك الألف في الاستفهام. تدخل على كل ضرب منه، وتتخطى ذلك إلى التقرير والتسوية: فالتقرير: قولك: أما جئتني فأكرمتك. وقوله عز وجل: {أليس في جهنم مثوىً للمتكبرين}.
والتسوية: ليت شعري أقام زيد أم قعد. وقد علمت أزيد في الدار أم عمرو.
فأما قولنا في إذ وحيث: إن الجزاء لا يكون فيهما إلا بما وما ذكرنا من أنا سنفسره فهذا موضع تفسيره.
أما إذ فتنبىء عن زمان ماض، وأسماء الزمان تضاف إلى الأفعال فإذا أضيفت إليها كانت معها كالشيء الواحد، ومتى جزمتها فصلت منها؛ ألا ترى أنك تقول: جئتك يوم خرج زيدٌ، وهذا يوم يخرج زيد، و{هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم} فلما وصلتها بـ ما جعلتهما شيئاً واحداً فانفصلت من الإضافة فعملت.
وحيث اسم من أسماء المكان مبهمٌ يفسره ما يضاف إليه. فحيث في المكان كحين في الزمان فلما ضارعتها أضيفت إلى الجمل، وهي الابتداء والخبر، أو الفعل والفاعل. فلما وصلتها ب ما امتنعت من الإضافة فصارت ك إذ إذا وصلتها ب ما.
فأما سائر الحروف التي ذكرنا سواهما فأنت في زيادة ما وتركها مخير. تقول: إن تأتني آتك، وإما تأتني آتك، وأين تكن أكن، وأينما تكن أكن، وأياً تكرم يكرمك، و{أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى}.
فـ ما تدخل على ضربين: أحدهما: أن تكون زائدة للتوكيد فلا يتغير الكلام بها عن عمل ولا معنى. فالتوكيد ما ذكرته في هذه الحروف سوى حيثما وإذ ما. واللازم. ما وقع فيهما. ونظيرهما قولك: إنما زيد أخوك. منعت ما إن عملها، وكذلك جئتك بعد ما عبد الله قائم، فهذا خلاف قولك: بعد عبد الله، وكذلك:

أعلاقةً أم الوليد بـعـدمـا = أفنان رأسك كالثغام المخلس
وكذلك رب، تقول: رب رجلٍ، ولا تقول: رب يقوم زيد. فإذا ألحقت ما هيأتها للأفعال فقلت: ربما يقوم زيد، و{ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} ). [المقتضب: 2/52-54] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وتقول في المستقبل: أتيتك يوم يقوم زيد، ولا يجوز: يوم زيدٌ أميرٌ لما ذكرت لك. قال الله عز وجل: {هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم}. وقال: {هذا يوم لا ينطقون}.
فأما إذا التي تقع للمفاجأة فهي التي تسد مسد الخبر، والاسم بعدها مبتدأ وذلك قولك: جئتك فإذا زيد، وكلمتك فإذا أخوك. وتأويل هذا: جئت، ففاجأني زيد، وكلمتك، ففاجأني أخوك، وهذه تغني عن الفاء، وتكون جواباً للجزاء؛ نحو: إن تأتني إذا أنا أفرح على حد قولك: فأنا أفرح. قال الله عز وجل: {وإن تصبهم سيئةٌ بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون} فقوله: {إذا هم يقنطون} في موضع: يقنطوا. وقوله: إن تأتني فلك درهم في موضع إن تأتني أعطك درهما؛ كما أن قوله عز وجل: {سواءٌ عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون} في موضع: أم صممتم). [المقتضب: 3/177-178]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقول الله عز وجل: {إذا السماء انفطرت} و{إذا السماء انشقت} معناه: إذا انشقت السماء، ولولا هذا الفعل لم يصلح أن يقع بعد إذا لما فيها من معنى الجزاء. فعلى هذا تقول: آتيك يوم يقوم زيد، ولا يجوز: آتيك يوم زيد منطلق، لما ذكرت لك. قال الله عز وجل: {هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم} وقال {هذا يوم لا ينطقون} ). [المقتضب: 4/348] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فريث وعوض ما يضاف إلى الأفعال، وتأويله أنه لا يطعم النوم إلا يسيرًا حتى يبعثه الهم، فمعناه مقدار ذلك ومما يضاف إلى الأفعال أسماء الزمان، كقوله عز ذكره: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ}؛ فأسماء الزمان كلها تضاف إلى الفعل، نحو قولك: آتيك يوم يخرج زيد. وجئتك يوم قام عبد الله). [الكامل: 3/1352-1353]

تفسير قوله تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120) }


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:36 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة