قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب أسماء السور
تقول هذه هودٌ كما ترى إذا أردت أن تحذف سورة من قولك هذه سورة هودٍ فيصير هذا كقولك هذه تميمٌ كما ترى.
وإن جعلت هوداً اسم السورة لم تصرفها لأنها تصير بمنزلة امرأة سميتها بعمرو والسور بمنزلة النساء والأرضين.
وإذا أردت أن تجعل اقتربت اسماً قطعت الألف كما قطعت ألف إضرب حين سميت به الرجل حتى يصير بمنزلة نظائره من الأسماء نحو إصبع.
وأما نوح فبمنزلة هودٍ تقول هذه نوحٌ إذا أردت أن تحذف سورة من قولك هذه سورة نوحٍ ومما يدلك على أنك حذفت سورةً
قولهم هذه الرحمن ولا يكون هذا أبداً إلا وأنت تريد سورة الرحمن وقد يجوز أن تجعل نوح اسماً ويصير بمنزلة امرأة سميتها بعمرو إن جعلت نوح اسماً لها لم تصرفه.
وأما حم فلا ينصرف جعلته اسماً للسورة أو أضفته إليه لأنهم أنزلوه بمنزلة اسم أعجمي نحو هابيل وقابيل وقال الشاعر وهو الكميت:
وجدنا لكم في آل حاميم آيةً = تأوّلها منّا تقيٌّ ومعرب
وقال الحماني:
أو كتباً بيّنّ من حاميما = قد علمت أبناء إبراهيما
وكذلك طاسين وياسين.
واعلم أنه لا يجيء في كلامهم على بناء حاميم وياسين وإن أردت في هذا الحكاية تركته وقفاً على حاله وقد قرأ بعضهم: {ياسين والقرآن} و{قاف والقرآن} فمن قال هذا فكأنه جعله اسما أعجميا ثم قال أذكر ياسين.
وأما صاد فلا تحتاج إلى أن تجعله اسما أعجمياً لأن هذا البناء الوزن من كلامهم ولكنه يجوز أن يكون اسماً للسورة فلا تصرفه.
ويجوز أيضاً أن يكون ياسين وصاد اسمين غير متمكنين فيلزمان الفتح كما ألزمت الأسماء غير المتمكنة الحركات نحو كيف وأين وحيث وأمس.
وأما طسم فإن جعلته اسماً لم يكن بد من أن تحرك النون وتصير ميماً كأنك وصلتها إلى طاسين فجعلتها اسماً واحداً بمنزلة دراب جرد وبعل بك وإن شئت حكيت وتركت السواكن على حالها.
وأما كهيعص والمر فلا يكن إلا حكاية وإن جعلتها بمنزلة طاسين لم يجز لأنهم لم يجعلوا طاسين كحضرموت ولكنهم جعلوها بمنزلة هابيل وقابيل وهاروت.
وإن قلت اجعلها بمنزلة طاسين ميم لم يجز لأنك وصلت ميماً إلا طاسين ولا يجوز أن تصل خمسة أحرف إلى خمسة أحرف فتجعلهن اسماً واحداً.
وإن قلت اجعل الكاف والهاء اسماً ثم اجعل الياء والعين اسماً فإذا
صارا اسمين ضممت أحدهما إلى الآخر فجعلتهما كاسمٍ واحد لم يجز ذلك لأنه لم يجيء مثل حضرموت في كلام العرب موصولاً بمثله وهذا أبعد لأنك تريد أن تصله بالصاد.
فإن قلت أدعه على حاله واجعله بمنزلة إسماعيل لم يجز لأن إسماعيل قد جاء عدة حروفه على عدة حروف أكثر العربية نحو اشهيبابٍ وكهيعص ليس على عدة حروفه شيء ولا يجوز فيه إلا الحكاية.
وأما «نون» فيجوز صرفها في قول من صرف هنداً لأن النون تكون أنثى فترفع وتنصب.
ومما يدل على أن حاميم ليس من كلام العرب أن العرب لا تدري ما معنى حاميم وإن قلت إن لفظ حروفه لا يشبه لفظ حروف الأعجمي فإنه قد يجيء الاسم هكذا وهو أعجميٌ قالوا قابوس ونحوه من الأسماء). [الكتاب: 3/256-259]