اسم المكان
في [الهمع: 1/ 200]: «النوع الرابع ما دل على محل الحدث المشتق هو من اسمه كمقعد ومرقد ومصلى معتكف، نحو: قعدت مقعد زيد، وقعُودي مقعد زيد، أي فيه، وهو مقيس بشرط أن يكون العامل فيه أصله المشتق منه، ولا يجوز أن يعمل فيه غيره، فلا يقال: ضحكت مجلس زيد، أي فيه، وما سمع من نصب ذلك يقتصر فيه على السماع ولا يقاس نحو: هو منى مقعد القابلة، ومقعد الإزار، ومنزلة الولد في القرب، ومناط الثريا ومزجر الكلب في الارتفاع والبعد وأشباه ذلك مما دل على قرب أو بعد.
وما ذكرناه من الاقتصار فيه على السماع هو مذهب سيبويه والجمهور، فلا يقال: هو مني مجلسك، ومتكأ زيد، ومربط الفرس، ومقعد الشراك وذهب الكسائي إلى أن ذلك مقيس».
1- {ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق} [10: 93]
{مبوأ}: مفعول ثان، كقوله {لنبوئنهم من الجنة غرفا}. قيل يجوز أن يكون مصدرًا ومعنى صدق: أي فضل وكرامة، وقيل: مكان صدق.
[البحر: 5/ 190].
2- {وقال اركبوا فيها باسم الله مجريها ومرساها} [11: 41]
{مجريها، مرساها}: منصوبان على أنهما ظرفا زمان أو ظرفا مكان، أو ظرفا زمان على جهة الحذف، نحو مقدم الحاج، فهما مصدران في الأصل.
[البحر: 5/ 255]، [العكبري: 2/ 20].
3- {وأعتدت لهن متكأ} [12: 31]
{متكأ}: إما أن يراد به الجنس، وإما أن يراد وأعتدت لكل واحدة منهن، قال ابن عباس: متكأ: مجلسا فيكون ظرف مكان، أي مكانا يتكئن فيه، أو يراد به الآلات التي يتكأ عليها. [البحر: 5/ 302]، [العكبري: 2/ 28].
وفي [شرح الكافية: 1/ 169]: «اسم المكان إما أن يشتق من حدث بمعنى الاستقرار والكون في مكان أولا، والثاني لا ينتصب على الظرفية إلا بالفعل الذي ينتصب به على الظرفية المختص من المكان كدخلت ونزلت وسكنت، وهو كالمضرب والمقتل، والمأكل والمشرب ونحوها.
والأول ينصبه على الظرفية الفعل المشتق مما اشتق منه اسم المكان، نحو المجلس والمقعد والمأوى... ، فتقول: قاتلت موضع القتال، ونصرت مكان النصر، وكذا تقول: قمت مقامه، وجلست مجلسه، وأويت مأواه وسددت مسده، وينصبه أيضًا كل ما فيه معنى الاستقرار، وإن لم يشتق مما اشتق منه، نحو جلست موضع القيام، وتحركت مكان السكون، وقعدت موضعك، ومكان زيد، وجلست منزل فلان، وقعدت مركزه. قال الله تعالى: {واقعدوا لهم كل مرصد}».
{واقعدوا لهم كل مرصد} [9: 5]
في [معاني القرآن للزجاج: 2/ 476]: «قال أبو عبيدة: المعنى: كل طريق، قال أبو الحسن الأخفش: {على} محذوفة، المعنى: اقعدوا لهم كل مرصد، وأنشد:
تغالى اللحم للأضياف نيئًا = ونرخصه إذا نصح القدور
المعنى: تعالى باللحم، فحذف الباء هاهنا، وكذلك حذف {على}.
قال أبو إسحاق: كل مرصد: ظرف، كقولك: ذهبت مذهبًا، وذهبت طريقًا، وذهبت كل طريق، فلست تحتاج أن تقول في هذا إلا ما تقوله في الظروف، مثل خلف وأمام وقدام».
كل مرصد: انتصابه على الظرف. كقوله {لأقعدن لهم صراطك المستقيم}، قال الزمخشري والزجاج، ورده أبو علي، لأن المرصد: المكان الذي يرصد فيه العدو، فهو مكان مخصوص لا يحذف الحرف منه إلا سماعا، كما حكى سيبويه: دخلت البيت وكما عسل الطريق الثعلب.
وأقول: يصح انتصابه على الظرف لأن قوله: {واقعدوا لهم} ليس معناه حقيقة القعود بل المعنى: ارصدوهم في كل مكان يرصد فيه، ولما كان بهذا المعنى جاز قياسًا أن يحذف منه كما قال:
وقد قعدوا أنفاقها كل مقعد
فمتى كان العامل في الظرف المختص عاملاً من لفظه أو من معناه جاز أن يصل إليه بواسطة {في} فيجوز: جلست مجلس زيد، وقعدت مجلس زيد، تريد: في مجلس زيد، فكما يتعدى الفعل إلى المصدر من غير لفظه إذا كان بمعناه فكذلك إلى الظرف.
وقال الأخفش: معناه: على كل مرصد، فحذف وأعمل الفعل.
وحذف {على} ووصل الفعل إلى مجرورها. فنصبه يخصه أصحابنا بالشعر وأنشدوا:
تحن فتبدي ما بها من صبابة = وأخفى الذي لولا الأسى لقضاني
[البحر: 5/ 10]، [العكبري: 2/ 6].
وفي [المغني: 638]: «وهذا مخالف لكلامهم، إذ اشترطوا توافق مادة الظرف وعامله، ولم يكتفوا بالتوافق المعنوي كما في المصدر. والفرق أن انتساب هذا النوع على الظرفية على خلاف القياس لكونه مختصًا، فينبغي ألا يتجاوز به محل السماع».
[البيان: 1/ 394]. ذكر الوجهين.