قيام المفرد مقام الجمع:
سيبويه, والمبرد يريان أن ذلك إنما يكون في ضرورة الشعر.
في [سيبويه: 1/ 107 – 108]: «وليس بمستنكر في كلامهم أن يكون اللفظ واحدًا, والمعنى جميع، حتى قال بعضهم في الشعر من ذلك ما لا يستعمل في الكلام, قال علقمة بن عبيدة.».
بها جيف الحسرى فأما عظامها = فبيض وأما جلدها فصليب
ومما جاء في الشعر على لفظ الواحد يراد به الجميع:
كلوا في بعض بطنكم تعفوا = فإن زمانكم زمن خيص
ومثل ذلك في الكلام قوله سبحانه وتعالى: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً} [4: 4], وقررن به عيناً؛ وإن شئت قلت: أعيناً وأنفساً.
وفي [المقتضب: 2/ 171 – 173]:«وقد جاز في الشعر أن تفرد وأنت تريد الجماعة إذا كان في الكلام دليل على الجمع، فمن ذلك قوله:
كلوا في نصف بطنكم تعيشوا = فإن زمانكم زمن خميص
وأما قول الله عز وجل: {ثم يخرجكم طفلاً} [40: 67], وقوله: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً} , فإنه أفرد هذا؛ لأن مخرجهما مخرج التمييز، كما تقول: زيد أحسن الناس ثوباً، وأفره الناس مركباً.».
وفد تبين لي أن المفرد قام مقام الجمع كثيراً في القراءات السبعية المتواترة, وفي غيرها أيضًا من القراءات السبعية, وقوله تعالى:
1- {فانظر إلى آثار رحمة الله} [30: 50].
قرأ ابن عامر, وحفص, وحمزة, والكسائي, وخلف: (آثار) بالجمع لتعدد أثر المطر المعبر عنه بالرحمة, وتنوعه..., والباقون بالتوحيد.
[الإتحاف: 348، 349],[النشر: 2/ 345],[ غيث النفع: 201],[الشاطبية: 264],[البحر: 7/179]
2- {أو من وراء جدر} [59: 14].
في [النشر: 2/386]: «اختلفوا في (جدر), فقرأ ابن كثير, وأبو عمرو: (جدار) بكسر الجيم, وفتح الدال، وألف بعدها على التوحيد, وقرأ الباقون بضم الجيم, والدال من غير ألف على الجمع.».
[الإتحاف: 413],[غيث النفع: 258],[ الشاطبية: 287],[البحر: 8/249]
3- {إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا} [58: 11].
في [النشر: 2/385]: «اختلفوا في: (المجالس), فقرأ عاصم بالجمع, والباقون بالتوحيد.».
[الإتحاف: 412],[غيث النفع: 257],[ الشاطبية: 236],[البحر: 8/ 231]
4- {وتصريف الرياح} [2: 164].
في [النشر: 2/223: 224]:«واختلفوا في: (الرياح) هنا, وفي الأعراف، وإبراهيم، والحجر، وسبحان، والكهف، والأنبياء، والفرقان، والنمل والثاني من الروم، وسبأ، وفاطر، وص، والشورى، والجاثية.
فقرأ أبو جعفر على الجمع في الخمسة عشر موضعاً، ووافقه نافع إلا في سبحان، والأنبياء، وسبأ، وص، ووافقه ابن كثير هنا، والحجر، والكهف، والجاثية، ووافقه هنا والأعراف، والحجر، والكهف، والفرقان والنمل، وثاني الروم، وفاطر، والجاثية البصريان, وابن عامر, وعاصم, واختص حمزة, وخلف بإفرادهما سوى الفرقان، ووافقهما الكسائي إلا في الحجر، واختص ابن كثير بالإفراد في الفرقان.
واتفقوا على الجمع في أول الروم، وهو: {ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات} [30: 46], وعلى الإفراد في الذاريات: {الريح العقيم}[51: 41] , من أجل الجمع في مبشرات , والإفراد في (عقيم), واختلف عن أبي جعفر في الحج.».
[الإتحاف: 151],[غيث النفع: 47],[الشاطبية: 157]
وفي [البحر: 1/ 467]: «من قرأ بالإفراد, فهو يريد الجنس, فهو كقراءة الجمع.».
ب- {وأرسلنا الرياح لواقح} [15: 22].
قرأ الريح بالإفراد: حمزة, وخلف.
[الإتحاف: 274],[ النشر: 2/301],[غيث النفع: 45]
وفي [البحر: 5/ 451]: «ومن قرأ بالإفراد فعلى تأويل الجنس كما قالوا: أهلك الناس الدينار الصفر, والدرهم البيض.».
5- {ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله} [9: 97].
في [النشر: 2/ 278]: «واختلفوا في: (أن يعمروا مساجد الله) , فقرأ البصريان, وابن كثير: (مساجد الله) على التوحيد. وقرأ الباقون بالجمع، واتفقوا على الجمع في الحرف الثاني: {إنما يعمر مساجد الله} [9: 18]؛ لأنه يريد جميع المساجد.».
[الإتحاف: 240],[غيث النفع: 115],[ الشاطبية: 215],[ البحر: 5/ 98]
6- {لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة} [43: 33].
في [النشر: 2/369]:«واختلفوا في: (سقفاً) , فقرأ ابن كثير, وأبو عمرو, وأبو جعفر بفتح السين, وإسكان القاف, وقرأ الباقون بضمهما.».
[الإتحاف: 385],[غيث النفع :233],[البحر: 8/ 15]
7- {واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب} [38: 45].
في [النشر: 2/ 361]:«واختلفوا في: (واذكر عبادنا) , فقرأ ابن كثير: (عبدنا) بغير ألف على التوحيد, وقرأ الباقون بالألف على الجمع.».
[الإتحاف: 372],[ غيث النفع: 218],[ الشاطبية: 273],[ البحر: 7/ 401]
8- {فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحماً} [23: 14].
في [النشر: 2/ 328]:«واختلفوا في: (عظاماً فكسون العظام) , فقرأ ابن عامر, وأبو بكر: (عظمًا؛ العظم) بفتح العين وإسكان الظاء من غير ألف على التوحيد, وقرأهما الباقون بكسر العين, وفتح الظاء, وألف بعدهما على الجمع.».
[الإتحاف: 318],[ غيث النفع: 176],[الشاطبية: 252]
وفي [البحر: 6/ 398]:«فالإفراد يراد به الجنس. وقال الزمخشري: وضع الواحد موضع الجمع لزوال اللبس، لأن الإنسان ذو عظام كثيرة، وهذا لا يجوز عند سيبويه, وأصحابنا إلا في الضرورة, وأنشدوا:
كلوا في بعض بطنكمو تعفوا
ومعلوم أن هذا لا يلبس لأنهم كلهم ليس لهم إلا بطن واحد، ومع هذا خصوا مجيئه بالضرورة». [الكشاف: 3/ 178]
9- {والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش} [42: 37، 53: 32].
في [النشر: 2/ 367]: «واختلفوا في: (كبائر الإثم) هنا, والنجم, فقرأ حمزة, والكسائي, وخلف: (كبير) بكسر الباء من غير ألف, ولا همزة على التوحيد في الموضعين, وقرأ الباقون بتفح الباء وألف، وهمزة مكسورة على الجمع في الموضعين.».
[الإتحاف: 383],[غيث النفع: 232],[ الشاطبية: 277],[ الإتحاف: 403],[ النشر: 2/ 379],[ غيث النفع: 249]
10- {والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه} [2: 285].
في [النشر: 2/ 237]: «واختلفوا في: (وكتبه) , فقرأ حمزة, والكسائي, وخلف: (وكتابه) على التوحيد, وقرأ الباقون على الجمع.».
[الإتحاف: 167],[ غيث النفع: 58],[ الشاطبية: 170]
وفي [الكشاف: 1/ 331]:«وقرأ ابن عباس: (وكتابه): يريد القرآن, أو الجنس، وعنه الكتاب أكثر من الكتب، فإن قلت: كيف يكون الواحد أكثر من الجمع؟.
قلت: لأنه إذا بالواحد الجنس والجنسية قائمة في وجدان الجنس كلها – لم يخرج منه شيء، فأما الجمع فلا تدخل تحته إلا ما فيه الجنسية من الجموع».
وفي [البحر: 2/ 364 – 365]: «فمن وحد أراد كل مكتوب، سمي المفعول بالمصدر؛ كقولهم: نسج اليمن، أي منسوجه، قال أبو علي: معناه أن هذا الإفراد ليس كإفراد المصادر، وإن أريد بها الكثير، كقوله: {وادعوا ثبوراً كثيراً} [45: 14], ولكنه كما تفرد الأسماء التي يراد بها الكثرة، نحو: كثر الدينار والدرهم، ومجيئها بالألف واللام أكثر من مجيئها مضافة، ومن الإضافة: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}[14: 34، 16: 18]، وفي الحديث: ((منعت العراق درهمها, وقفيزها)) :يراد به الكثير كما يراد بما فيه الألف واللام, وملخصًا, ومعناه: أن المفرد المحلي بالألف واللام يعم أكثر من المفرد المضاف.
وقال الزمخشري... وليس كما ذكر لأن الجمع إذا أضيف أو دخلته الألف واللام الجنسية صار عامًا، ودلالة العام على كل فرد فرد، فلو قال: أعتقت عبيدي يشمل ذلك كل عبد عبد، ودلالة الجمع أظهر في العموم من الواحد سواء كانت فيه الألف واللام أم الإضافة، بل لا يذهب إلى العموم في الواحد إلا بقرينة لفظية، كأن يستثنى منه، أو يوصف بالجمع، نحو: {إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا} [103: 2، 3] , وأهلك الناس الدينار الصفر والدرهم البيض، أو قرينة معنوية نحو: نية المؤمن أبلغ من عمله. وأقصى حاله أن يكون مثل الجمع العام إذا أريد به العموم».
ب- {وم نطوي السماء كطي السجل للكتب} [21: 104].
قرأ حمزة, والكسائي, وخلف, وحفص: للكتب بضم الكاف, والتاء من غير ألف على الجمع.
وقرأ الباقون بكسر الكاف، وفتح التاء مع الألف على الإفراد.
[النشر: 2/325],[ الإتحاف: 312],[البحر: 6/ 313]
ج- {وصدقت بكلمات ربها وكتبه} [66: 12].
في [النشر: 2/ 89]:«واختلفوا في: (وكتبه), فقرأ البصريان, وحفص بضم الكاف والتاء من غير ألف على الجمع, وقرأ الباقون بكسر الكاف وفتح التاء, وألف بعدها على التوحيد.».
[الإتحاف: 419],[ غيث النفع: 262]
11- {وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار} [13: 42].
في [النشر: 2/298]:«واختلفوا في: (وسيعلم الكفار), فقرأ المدنيان, وابن كثير, وأبو عمرو: (الكافر) على التوحيد, وقرأ الباقون على الجمع.».
[الإتحاف: 270],[غيث النفع: 142],[الشاطبية: 232],[ البحر: 5/401]
12- {وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة} [31: 20].
نافع, وأبو عمرو, وحفص, وأبو جعفر: (نعمه) بفتح العين، وهاء مضمومة، جمع نعمة كسدرة,وسدر, والباقون بسكون العين وتاء منونة، اسم جنس يراد به الجمع.
[الإتحاف: 350],[ النشر: 28/347],[غيث النفع: 203],[الشاطبية: 265],[البحر: 7/190]
13- {كأنهم إلى نصب يوفضون} [70: 43].
في [النشر: 2/ 391]:«واختلفوا في نصب: فقرأ ابن عامر, وحفص بضم النون والصاد, وقرأ الباقون بفتح النون, وإسكان الصاد.».
[الإتحاف: 424],[ غيث النفع: 266],[الشاطبية: 290],[البحر: 8/336]
جمع نصب كسقف, وسقف, أو جمع نصاب ككتاب, وكتب.
14- {فلا أقسم بمواقع النجوم} [56: 75].
في [النشر: 2/ 383]:«واختلفوا في: (بمواقع النجوم), فقرأ حمزة, والكسائي, وخلف: (بموقع) بإسكان الواو من غير ألف على التوحيد, وقرأ الباقون بألف على الجمع.».
[الإتحاف: 409],[ غيث النفع: 255],[ الشاطبية: 285]
المفرد يراد به الجمع. [البحر: 8/ 213]