(من) للعاقل
(من) لا يعني بها في خبر، ولا استفهام، ولا جزاء إلا من يعقل [المقتضب:2/296، 3/63، 1/41].
تستعمل (من) في غير العاقل في أحوال:
1- تنزيل غير العاقل منزلة العاقل وتشبيهه به؛ كقوله تعالى:
(أ) {ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له} [46: 5].
فدعاء الأصنام في قوله: {ما تدعون من دون الله} [39: 38، 46: 4]. سوغ ذلك.
(ب) {أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون} [16: 17].
عوملت معاملة أولي العلم لاعتقاد الكفار أن لها تأثيرًا أو من باب التغليب لأنه يشمل الملائكة والأصنام والآدميين. [البحر:5/481]، التصريح على التوضيح.
2- تغليب العاقل على غيره؛ كقوله تعالى:
أ- {ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض} [22: 18]
{من في السموات} يشمل الملائكة والشمس والقمر والنجوم وغيرها.
{ومن في الأرض} يشمل الآدميين والجبال والشجر والدواب ... التصريح.
ب- {وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين} [15: 20].
يراد بـ(من): العيال والمماليك والخدم الذين يحسبون أنهم يرزقونهم، ويدخل معهم بحكم التغليب الأنعام والدواب. [البحر:5/450]، [الرضي:2/52].
ج- {وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا} [17: 70].
المراد بـ{من خلقنا} : جميع المخلوقات العقلاء وغيرهم. [الجمل:2/629].
د- {كل من عليها فان} [55: 26].
عبر بـ(من) تغليبا لمن يعقل. [البحر:8/192].
3- أن يقترن غير العاقل بالعاقل في عموم فصل بمن، كقوله تعالى: {والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع} [24: 45].
وجعل الفراء المسوغ هو الاختلاط قال في [معاني القرآن:2/257]: « يقال كيف قال من يمشي، وإنما تكون (من) للناس وقد جعلها هاهنا للبهائم؟
قلت: لما قال: {خلق كل دابة} فدخل فيهم الناس كنى عنهم فقال: {منهم} لمخالطتهم الناس، ثم فسرهم بمن لما كنى عنهم كناية الناس خاصة، وأنت قائل في الكلام: من هذان المقبلان لرجل ودابته، أو رجل وبعيره، فتقول له بمن وبما لاختلاطهما؛ ألا ترى أنك تقول: الرجل وأباعره مقبلون، فكأنهم ناس إذا قلت: مقبلون».
وفي [المقتضب:2/50-51]: «فإن قال قائل: فقد قال الله عز وجل: {والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه} فهذا لغير الآدميين، وكذلك {ومنهم من يمشي على أربع}.
قيل: إنما جاز هذا، لأنه قد خلط مع الآدميين غيرهم بقوله {والله خلق كل دابة من ماء} وإذا اختلط المذكوران جرى على أحدهما ما هو للآخر إذا كان في مثل معناه».
وقوله تعالى: {فلما جاءها نودى أن بورك من في النار ومن حولها} [27: 8].
{من في النار} ذاته على حذف مضاف، أي من قدرته وسلطانه. وقيل: {من} للملائكة، وقيل: هي لغير العاقل أراد النور والشجرة التي تنقد فيها.
{ومن حولها} الملائكة. وقيل: لغير العاقل وهي الأمكنة التي حول النار. [البحر:7/55-56].