لمحات عن دراسة (إذا) الشرطية في القرآن الكريم
1- الأصل في استعمال (إذا) أن تدخل على الذي تيقن وقوعه أو رجح. والأصل في استعمال (إن) أن تدخل على المشكوك فيه.
وقد يقع كل منهما موقع الآخر.
2- (إذا) ظرف لما يستقبل من الزمان، وقد جاءت في بعض آيات من القرآن مستعملة استعمال (إذ) في الزمن الماضي؛ كما جاءت للحال بعد القسم.
3- (إذا) ظرف متضمن لمعنى الشرط غالبًا؛ فهو مختص بالجملة الفعلية، وقد جاء في الشعر وقوع الاسمية بعد (إذا)، وجاء في القرآن بعد (إذا) اسم مرفوع بعده فعل في آيات كثيرة، ويرى سيبويه أن (إذا) مضافة للجملة الاسمية في هذه الآيات، وخالفه المبرد.
4- جاءت الجملة الفعلية التي فعلها ماض بعد (إذا) كثيرًا في القرآن الكريم، فلم يقع بعد (إذا) الشرطية في القرآن إلا فعل مضارع واحد، هو مضارع (تلا) جاء بعد (إذا) الشرطية مبنيًا للمجهول في ثلاثة عشرة آية.
وجاء المضارع بعد (إذا) المتمحضة للظرفية في ثلاث آيات بعد القسم، وثلاث آيات في غير القسم، وجاء منفيًا بلم في آية واحدة.
5- جاء في القرآن شرط (إذا) مضارعًا، وجوابها ماضيًا؛ فدل ذلك على جوازه في (إذا) جوازًا فصيحًا دون بقية أدوات الشرط.
6- (إذا) ظرف لا يتصرف عند جمهور النحويين وأبعد من أعربه مبتدأ أو خبرًا في بعض الآيات.
7- اقترن جواب (إذا) الشرطية بالفاء في مواضع كثيرة من القرآن الكريم؛ كما جاء الجواب غير مقترن بالفاء في مواضع يجب اقترانه بالفاء في الأدوات الجازمة.
جاء جواب (إذا) غير مقرون بالفاء، وهو مصدر بما أو (إن) النافيتين وكذلك جاء غير مقرون بالفاء، وهو جملة اسمية أو جملة طلبية في بعض القراءات.
فأبو حيان اغتفر مع (إذا) خاصة عدم الاقتران إن كان الجواب مصدرًا بما، أو (إن) النافيتين، والرضي اغتفر ذلك في الجملة الاسمية وغيرهما سلك سبيل التأويل.
وأرى أن يغتفر اقتران الجواب بالفاء مع (إذا) في كل المواضع لأمرين:
(1) القياس على المسموع.
(2) لأدوات الشرط غير الجازمة شأن يخالف الأدوات الجازمة، فالجملة المقرونة بقد تصلح شرطًا لـ (لو)، ولا تصلح شرطًا لأداة جازمة.
8- (إذا) الفجائية تقع رابطة لجواب الشرط إن كانت الأداة (إذا) أو (إن)، وقد جاءت رابطة لجواب (إذا) في القرآن أكثر من مجيئها رابطة لجواب (إن).
9- جاء جواب (إذا) الشرطية مقرونًا بلام الابتداء في قوله تعالى: {أَءِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا} [19: 66] كما جاء ذلك في شعر للمرار بن منقذ فقال بعض العلماء تعليقًا عليه: لم نجد هذا الاستعمال فيما بين أيدينا من المصادر.
10- جاء في القرآن الكريم وقوع (إن) و (لو) الشرطيتين في جواب (إذا) الشرطية، واقترنتا بالفاء؛ كما هو الحكم في اجتماع الشرطين.
وقد جاءت (إن) و(لو) بعد (إذا) الشرطية ولم تقترنا بالفاء، لأنهما لم تجعلا في جواب (إذا).
11- جاءت (إذا) متمحضة للظرفية، ولا شرطية فيها في القرآن بعد القسم، وبعد (كيف)، كما جاءت محتملة للظرفية فقط، وللظرفية مع الشرطية في آيات أخرى.
12- وقعت (إذا) بعد القسم في آيات كثيرة، وهي ظرف دال على الحال، وقد اختلف النحويون في تقدير العامل في (إذا) بعد القسم وفي بعض الآيات كان العطف على معمولي عاملين مختلفين، وتأويل ذلك.
13- وقعت (إذا) بعد (حتى) في ثلاثة وأربعين موضعًا، وهي (إذا) الشرطية صرح فيها بجواب الشرط ما عدا خمسة مواضع فقد حذف فيها الجواب للعلم به.
14- كل ما جاء في القرآن من (فإذا) فهي شرطية صرح بجوابها إلا في خمس آيات: ثلاث آيات حذف فيها الجواب لدلالة السياق. وفي آيتين وقع فيهما خلاف: هل الجواب مذكور أو محذوف؟
15- كل ما جاء في القرآن من (وإذا) فهي ظرفية شرطية إلا آية واحدة فهي ظرفية فقط لعطفها على (إذا) الظرفية. وهي قوله تعالى:
{إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [70: 19-21].
وصرح بجواب إذا في آيات (وإذا) إلا في أربع آيات حذف فيه الجواب لدلالة المقام.
16- بين النحويين خلاف في ناصب (إذا) الشرطية: الجمهور يرى أنه الجواب والمحققون على أنه الشرط، وجاء في القرآن جواب (إذا) مقترنًا بالفاء الرابطة، وبإذا الفجائية، وبلام الابتاء، ومصدرًا بإن و(ما) النافيتين، وبلا النافية للجنس، وبإن المكسورة المشددة، وبالاستفهام، وجاء في الجملة الاسمية مصدر لا يعمل ما بعده فيما قبله، أو موصوف لا يصلح للعمل فيما قبله، وكل هذا يؤيد من يرى أن الناصب لإذا شرطها.
ومن يرى أن الناصب جوابها يقدر جوابًا محذوفًا يصلح للعمل في (إذا) دل عليه المذكور.
17- جاء (إذا ما) في إحدى عشرة آية و(ما) زائدة للتوكيد.
18- كل ما ورد من (أئذا) فهو لإنكار البعث واستبعاده.
19- لا تتوسط أداة الشرط مع شرطها بين المبتدأ والخبر إلا ضرورة فلا يقال: زيد – إن لقيته – كريم، بل يقال: فكريم، أي فهو كريم.
وجاء ذلك في (إذا) لعدم عراقتها في الشرطية [شرح الكافية للرضى:2/239] جاء ذلك في قوله تعالى:
1- {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ –إِذَا أَرَدْنَاهُ– أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [16: 40].
2- {إِنَّمَا أَمْرُهُ –إِذَا أَرَادَ شَيْئًا– أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [36: 82].
3- {وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ –إِذَا يَشَاءُ- قَدِيرٌ} [42: 29].
ويرد على الرضي بقوله تعالى: {وَإِنَّا –إِنْ شَاءَ اللَّهُ- لَمُهْتَدُونَ} [2: 70].
[دراسات عضيمة: ق1، ج1،ص169]