العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 شعبان 1431هـ/19-07-2010م, 11:27 AM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي التفسير اللغوي لسورة الإنسان

التفسير اللغوي لسورة الإنسان

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 1 ذو الحجة 1431هـ/7-11-2010م, 10:55 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 10]


{هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3) إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا (4) إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10)}

تفسير قوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (قوله تبارك وتعالى: {هل أتى على الإنسان حينٌ مّن الدّهر...} معناه: قد أتى على الإنسان حين من الدهر.
"وهل" قد تكون جحدا، وتكون خبرا. فهذا من الخبر؛ لأنك قد تقول: فهل وعظتك؟ فهل أعطيتك؟ تقرره بأنك قد أعطيته ووعظته والجحد أن تقول: وهل يقدر واحد على مثل هذا؟). [معاني القرآن: 3/213]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله تبارك وتعالى: {لم يكن شيئاً مّذكوراً...} يريد: كان شيئا، ولم يكن مذكورا. وذلك من حين خلقه الله من طين إلى أن نفخ فيه الروح). [معاني القرآن: 3/213]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({هل أتى على الإنسان} مجازها: قد أتى على الإنسان، ليس باستفهام ويخفق ذلك قول أبي بكر: ليتها كانت تمت فلم نبتل). [مجاز القرآن: 2/279]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({هل أتى}: قد أتى). [غريب القرآن وتفسيره: 404]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({هل أتى على الإنسان} قال المفسرون: «أراد: قد أتي على الإنسان»). [تفسير غريب القرآن: 502]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (هل: تكون للاستفهام...، والمفسّرون يجعلونها في بعض المواضع بمعنى: «قد»، كقوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ}، أي قد أتى وقوله: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}، و: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى}، و: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ}، و: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ}؟. هذا كله عندهم بمعنى: (قد)). [تأويل مشكل القرآن: 538]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): («الباء» مكان «من» تقول العرب: شربت بماء كذا وكذا، أي من ماء كذا. قال الله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}، و{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ}. ويكون بمعنى يشربها عباد الله ويشرب منها.
قال الهذليّ وذكر السّحائب:
شربنَ بماءِ البحر ثم ترفَّعت = مَتَى لُجَجٍ خُضْرٍ لَهُنَّ نَئِيجُ
أي شربن من ماء البحر.
وقال عنترة:
شَرِبَت بماءِ الدُّحْرُضَينِ فَأَصْبَحَتْ = زَوْراءَ تَنْفِرُ عَن حِيَاضِ الدَّيْلَمِ
وقال عز وجل: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ}، أي من علم الله). [تأويل مشكل القرآن: 575-576](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
(قوله عزّ وجلّ: {هل أتى على الإنسان حين من الدّهر لم يكن شيئا مذكورا}
المعنى ألم يأت على الإنسان حين من الدّهر، - وقد كان شيئا إلّا أنّه كان ترابا وطينا إلى أن نفخ فيه الروح فلم يكن قبل نفخ الروح فيه شيئا مذكورا، ويجوز أن يكون يعنى به جميع الناس، ويكون المعنى أنهم كانوا نطفا ثم علقا ثم مضغا إلى أن صاروا شيئا مذكورا.
ومعنى {هل أتى}: قد أتى على الإنسان، أي ألم يأت على الإنسان حين من الدهر). [معاني القرآن: 5/257]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({هل أتى} أي: قد أتى). [ياقوتة الصراط: 547]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({هَلْ أَتَى} أي قد أتى). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 287]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({هَلْ أَتَى}: قد أتى). [العمدة في غريب القرآن: 327]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {أمشاجٍ نّبتليه...}. [معاني القرآن: 3/213]
الأمشاج: الأخلاط، ماء الرجل، وماء المرأة، والدم، والعلقة، ويقال للشيء من هذا إذا خلط: مشيج؛ كقولك: خليط، وممشوج، كقولك: مخلوط.
وقوله: {نّبتليه...} والمعنى والله أعلم: جعلناه سميعا بصيرا لنبتليه، فهذه متقدّمة معناها التأخير، إنما المعنى: خلقناه وجعلناه سميعا بصيرا لنبتليه). [معاني القرآن: 3/214]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({أمشاجٍ} خلطين. قال رؤبة: من دمٍ أمشاج.
وقال أبو ذؤيب:
كأن الرّيش والفوقين منه = خلاف النّصل سيط به مشيج).
[مجاز القرآن: 2/279]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({إنّا خلقنا الإنسان من نّطفةٍ أمشاجٍ نّبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً} قال: {أمشاجٍ} واحدها: "المشج"). [معاني القرآن: 4/40]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({أمشاج}: أخلاط واحدها مشج ومشيج). [غريب القرآن وتفسيره: 404]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({أمشاجٍ}: أخلاط، يقال: مشجته فهو مشيخ. يريد:
اختلاط ماء الرجل بماء المرأة، {نبتليه}...: أي إنا جعلناه سمعيا بصيرا، لنبتليه بذلك). [تفسير غريب القرآن: 502]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {إنّا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا}
{أمشاج} أخلاط منيّ ودم، ثم ينقل من حال إلى حال.
وواحد الأمشاج [مشيج]، ومعنى نبتليه نختبره يدل عليه: {فجعلناه سميعا بصيرا} أي جعلناه كذلك لنختبره). [معاني القرآن: 5/257]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَمْشَاجٍ} أخلاط). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 287]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَمْشَاجٍ}: أخلاط). [العمدة في غريب القرآن: 327]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله تبارك وتعالى: {إنّا هديناه السّبيل...} وإلى السبيل، وللسبيل. كل ذلك جائز في كلام العرب.
يقول: {هديناه}: عرّفناه السبيل، شكر أو كفر، و(إما) ها هنا تكون جزاء، أي: إن شكر وإن كفر، وتكون على (إما) التي مثل قوله: {إما يعذّبهم وإمّا يتوب عليهم} فكأنه قال: خلقناه شقيا أو سعيدا). [معاني القرآن: 3/214]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({إنّا هديناه السّبيل إمّا شاكراً وإمّا كفوراً} وقال: {إنّا هديناه السّبيل إمّا شاكراً وإمّا كفوراً} كذلك {إمّا العذاب وإمّا السّاعة} كأنك لم تذكر "إمّا" وإن شئت ابتدأت ما بعدها فرفعته). [معاني القرآن: 4/40]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله: {إنّا هديناه السّبيل إمّا شاكرا وإمّا كفورا} معناه هديناه الطريق إما لشقوة وإما لسعادة). [معاني القرآن: 5/257]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا (4)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {سلاسل وأغلالاً...} كتبت "سلاسل" بالألف، وأجراها بعض القراء لمكان الألف التي في أخرها. ولم يجر بعضهم. وقال الذي لم يجر: العرب تثبت فيما لا يجرى الألف في النصب، فإذا وصلوا حذفوا الألف، وكلٌّ صواب.
ومثل ذلك قوله: {كانت قواريراً} أثبتت الألف في الأولى؛ لأنها رأس آية، والأخرى ليست بآية.
- فكان ثبات الألف في الأولى أقوى لهذه الحجة، وكذلك رأيتها في مصحف عبد الله، وقرأ بها أهل البصرة، وكتبوها في مصاحفهم كذلك.
- وأهل الكوفة والمدينة يثبتون الألف فيهما جميعا، وكأنهم استوحشوا أن يكتب حرف واحد في معنًى نصب بكتابين مختلفين.
فإن شئت أجريتهما جميعا، وإن شئت لم تجرهما، وإن شئت أجريت الأولى لمكان الألف في كتاب أهل البصرة.
ولم تجر الثانية إذ لم يكن فيها الألف). [معاني القرآن: 3/214]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {إنّا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا} الأجود في العربية ألا يصرف سلاسل، ولكن لما جعلت رأس آية صرفت ليكون آخر الآي على لفظ واحد). [معاني القرآن: 5/258]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {يشربون من كأسٍ كان مزاجها كافوراً...}
يقال: إنها عين تسمى الكافور، وقد تكون كان مزاجها كالكافور لطيب ريحه، فلا تكون حينئذ اسماً، والعرب تجعل النصب في أي هذين الحرفين أحبوا.
قال حسان:
كأنّ خبيئةً من بيت رأسٍ = يكون مزاجها عسلٌ وماء
وهو أبين في المعنى: أن تجعل الفعل في المزاج، وإن كان معرفة، وكل صواب. تقول: كان سيدهم أبوك، وكان سيدهم أباك.
والوجه أن تقول: كان سيدهم أبوك؛ لأن الأب اسم ثابت والسيد صفة من الصفات). [معاني القرآن: 3/214-215]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله: {إنّ الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا} الأبرار واحدهم برّ.
{يشربون من كأس كان مزاجها كافورا} يجوز في اللغة أن يكون طعم الطيب فيها والكافور، وجائز أن يمزج بالكافور فلا يكون في ذلك ضرر لأن أهل الجنة لا يمسهم فيما يأكلون ويشربون ضرر ولا نصب.
و"الكأس" في اللغة: الإناء إذا كان فيه الشراب. فإذا لم يكن فيه الشراب لم يسم كأسا.
قال الشاعر:
صددت الكأس عنّا أمّ عمر = وكان الكأس مجراها اليمينا ).

[معاني القرآن: 5/258]

تفسير قوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {عيناً...} إن شئت جعلتها تابعة للكافور كالمفسّرة، وإن شئت نصبتها على القطع من الهاء في {مزاجها}.
وقوله عز وجل: {يشرب بها...}، و"يشربها" سواء في المعنى، وكأن {يشرب بها}: يروى بها، وينقع. وأما "يشربونها" فبيّن.
وقد أنشدني بعضهم:
شربن بماء البحر ثمّ ترفّعت = متى لججٍ خضرٍ لهنّ نئيج
ومثله: إنه ليتكلم بكلام حسن، ويتكلم كلاماً حسناً.
وقوله عز وجل: {يفجّرونها تفجيراً...} أيها أحب الرجل من أهل الجنة فجرها لنفسه). [معاني القرآن: 3/215]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({عيناً يشرب بها عباد اللّه يفجّرونها تفجيراً}
وقال: {عيناً يشرب بها عباد اللّه} فنصبه من ثلاثة أوجه:
- إن شئت فعلى قوله: {يشربون}، {عيناً}.
- وإن شئت فعلى {يشربون من كأسٍ كان مزاجها كافوراً}، {عيناً}.
- وإن شئت فعلى وجه المدح، كما يذكر لك الرجل فتقول أنت: "العاقل واللبيب" أي: ذكرت العاقل اللبيب.
على "أعني عيناً"). [معاني القرآن: 4/40-41]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والباء تزاد في الكلام، والمعنى إلقاؤها؛ كقوله سبحانه: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ}،وقوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} أي اسم ربك.
و{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} أي يشربها). [تأويل مشكل القرآن: 248](م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (هل: تكون للاستفهام...، والمفسّرون يجعلونها في بعض المواضع بمعنى: «قد»، كقوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ}، أي قد أتى وقوله: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}، و: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} [طه: 9]، و: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ}، و: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ}؟ .. هذا كله عندهم بمعنى: (قد) ). [تأويل مشكل القرآن: 538]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): («الباء» مكان «من» تقول العرب: شربت بماء كذا وكذا، أي من ماء كذا. قال الله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}، و{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ}. ويكون بمعنى يشربها عباد الله ويشرب منها.
قال الهذليّ وذكر السّحائب:
شربنَ بماءِ البحر ثم ترفَّعت = مَتَى لُجَجٍ خُضْرٍ لَهُنَّ نَئِيجُ
أي شربن من ماء البحر.
وقال عنترة:
شَرِبَت بماءِ الدُّحْرُضَينِ فَأَصْبَحَتْ = زَوْراءَ تَنْفِرُ عَن حِيَاضِ الدَّيْلَمِ
وقال عز وجل: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ}، أي من علم الله). [تأويل مشكل القرآن: 575-576](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
(وقوله: {عينا يشرب بها عباد اللّه يفجّرونها تفجيرا}
{عينا} جائز أن يكون من صفة الكأس. والأجود أن يكون المعنى من عين.
قوله: {يفجّرونها تفجيرا}: معناه تجري لهم تلك العين كما يحبّون). [معاني القرآن: 5/258]

تفسير قوله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {يوفون بالنّذر...} [معاني القرآن: 3/215]
هذه من صفاتهم في الدنيا، كأن فيها إضمار كان: كانوا يوفون بالنذر.
وقوله عز وجل: {ويخافون يوماً كان شرّه مستطيراً...} ممتد البلاء، والعرب تقول: استطار الصدع في القارورة وشبهها، واستطال). [معاني القرآن: 3/216]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({شرّه مستطيراً} فاشياً). [مجاز القرآن: 2/279]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({كان شرّه مستطيراً} أي فاشيا منتشرا. يقال: استطار الحريق، إذا انتشر. واستطار الفجر: إذا انتشر الضوء). [تفسير غريب القرآن: 502]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله: {يوفون بالنّذر ويخافون يوما كان شرّه مستطيرا} معناه يبلغ أقصى المبالغ فيه). [معاني القرآن: 5/258]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مُسْتَطِيراً} أي فاشيا منتشراً). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 287]

تفسير قوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله: {ويطعمون الطّعام على حبّه مسكينا ويتيما وأسيرا}
هذه الهاء تعود على الطعام، المعنى يطعمون الطعام أشد ما تكون حاجتهم إليه للمسكين، ووصفهم الله بالأثرة على أنفسهم.
{ويتيما وأسيرا} الأسير قيل كان في ذلك الوقت من الكفّار، وقد مدح من يطعم الأسير وهو كافر، فكيف بأسارى المسلمين. وهذا يدل على أن في إطعام أهل الحبوس ثوابا جزيلا، وأهل الحبوس أسراء). [معاني القرآن: 5/258-259]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({إنّما نطعمكم لوجه اللّه لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً} [وقال] {ولا شكوراً} إن شئت جعلته جماعة "الشكر" وجعلت "الكفور" جماعة "الكفر" مثل "الفلس" و"الفلوس". وإن شئت جعلته مصدرا واحدا في معنى جميع مثل: "قعد قعودا" و"خرج خروجا"). [معاني القرآن: 4/41]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومما يزاد في الكلام: (الوجه)، يقول الله عز وجل: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} أي: يريدونه بالدعاء. و{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} أي: إلا هو.
و{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} أي: فثمّ الله. و{إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} أي: لله). [تأويل مشكل القرآن: 254](م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الإسلام: هو الدخول في السّلم، أي: في الانقياد والمتابعة.
قال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا}أي: انقاد لكم وتابعكم. والاستسلام مثله. يقال: سلّم فلان لأمرك واستسلم وأسلم. أي دخل في السّلم. كما تقول: أشتى الرجل: إذا دخل في الشتاء، وأربع: دخل في الربيع، وأقحط: دخل في القحط. فمن الإسلام متابعة وانقياد باللّسان دون القلب. ومنه قوله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} أي: أنقذنا من خوف السيف. وكذلك قوله: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} أي: انقاد له وأقرّ به المؤمن والكافر.
ومن الإسلام: متابعة وانقياد باللسان والقلب، ومنه قوله حكاية عن إبراهيم: {قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}. وقوله: {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ} أي: انقدت لله بلساني وعقدي.
والوجه زيادة؛ كما قال: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}، يريد: إلا هو. وقوله: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} أي لله.
قال زيد بن عمرو بن نفيل في الجاهلية:
أسلمت وجهي لمن أسلمت = له المزن تحمل عذبا زلالا
أي: انقادت له المزن). [تأويل مشكل القرآن: 479-480]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
(وقوله: {إنّما نطعمكم لوجه اللّه لا نريد منكم جزاء ولا شكورا}
المعنى يقولون إنما نطعمكم لوجه اللّه، أي لطلب ثواب اللّه - عزّ وجلّ - وجائر أن يكونوا يطعمون ولا ينطقون هذا القول ولكن معناهم في أطعامهم هذا، فترجم ما في قلوبهم، وكذلك: {إنّا نخاف من ربّنا يوما عبوسا قمطريرا}). [معاني القرآن: 5/259]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {عبوساً قمطريراً...}. والقمطرير: الشديد، يقال: يوم قمطرير، ويوم قماطر، أنشدني بعضهم:
بني عمّنا، هل تذكرون بلاءنا = عليكم إذا ما كان قماطر).
[معاني القرآن: 3/216]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({عبوساً}: العبوس. و(القمطرير)، والقماطر والعصيب، والعصيب: أشد ما يكون من الأيام وطوله في البلاء). [مجاز القرآن: 2/279]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({عبوسا قمطريرا}: العبوس المقبض ما بين العينين.
والقمطرير والعصيب: أشد ما يكون من الأيام وأطوله في البلاء). [غريب القرآن وتفسيره: 404]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({يوماً عبوساً} أي يوما تعبس فيه الوجوه. فجعل "عبوسا" من صفة اليوم، كما قال: {في يومٍ عاصفٍ} [سورة إبراهيم آية: 18]، أراد: عاصف الريح.
و(القمطرير): الصعب الشديد. [يقال]: يوم قمطرير وقماطر، [إذا كان صعبا شديدا أشدّ ما يكون من الأيام، وأطوله في البلاء].
ويقال: المعبس الوجه). [تفسير غريب القرآن: 502]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({إنّا نخاف من ربّنا يوما عبوسا قمطريرا} العبوس الذي يعبّس الوجوه، وهذا مثل قوله: {ووجوه يومئذ باسرة}.
و{قمطريرا}، يقال يوم قمطرير ويوم قُماطر إذا كان شديدا غليظا، وجاء في التفسير أن {قمطريرا} معناه: تعبس فيجمع ما بين العينين، وهذا سائغ في اللغة؛ يقال اقمطرت النّاقة إذا رفعت ذنبها وجمعت قطريها ورمت بأنفها). [معاني القرآن: 5/259]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({عَبُوساً} أي يعبس فيه الوجه. (القمطرير): الصعب الشديد). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 287]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({عَبُوسًا}: تقديراً.
{قَمْطَرِيرًا}: شديداً). [العمدة في غريب القرآن: 327]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 1 ذو الحجة 1431هـ/7-11-2010م, 10:59 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 11 إلى 22]


{فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12) مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13) وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (14) وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآَنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ (15) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20) عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (22)}
تفسير قوله تعالى: {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجلك {مّتّكئين فيها...} منصوبة كالقطع. وإن شئت جعلته تابعاً للجنة، كأنك قلت: جزاؤهم جنة متكئين فيها). [معاني القرآن: 3/216]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({مّتّكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً * ودانيةً عليهم ظلالها وذلّلت قطوفها تذليلاً} وقال: {مّتّكئين} على المدح أو على: "جزاهم جنّةً متكّئين فيها" على الحال. وقد تقول "جزاهم ذلك قياماً"). [معاني القرآن: 4/41](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله {متّكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا} واحدتها أريكة، وجاء في التفسير أنها من الحجال, فيها الفرش وفيها الأسرّة. وفي اللغة أن كل متكأ عليه فهو أريكة.
ونصب {متّكئين} على الحال، المعنى: وجزاهم جنّة في حال اتكائهم فيها.
وكذلك: {ودانية عليهم ظلالها وذلّلت قطوفها تذليلا}). [معاني القرآن: 5/259]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((الزَمْهَرِير): شديد البرد). [العمدة في غريب القرآن: 327]

تفسير قوله تعالى: {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (14)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله جل ذكره: {ودانيةً عليهم ظلالها...} يكون نصباً على ذلك: جزاؤهم جنة متكئين فيها، ودانيةً ظلالها. وإن شئت جعلت: الدانية تابعة للمتكئين على سبيل القطع الذي قد يكون رفعاً على الاستئناف. فيجوز مثل قوله: {وهذا بعلي شيخاً} "وشيخٌ"، وهي في قراءة أبي: (ودانٍ عليهم ظلالها) فهذا مستأنف في موضع رفع، وفي قراءة عبد الله: "ودانياً عليهم ظلالها"، وتذكير الداني وتأنيثه كقوله: {خاشعاً أبصارهم} في موضع، وفي موضع {خاشعةً أبصارهم}.
وقد تكون الدانية منصوبة على مثل قول العرب: عند فلان جاريةٌ جميلةٌ، وشابةً بعد طريةً، يعترضون بالمدح اعتراضاً، فلا ينوون به النسق على ما قبله، وكأنهم يضمرون مع هذه الواو فعلا تكون به النصب في إحدى القراءتين: "وحوراً عيناً".
أنشدني بعضهم:
ويأوي إلى نسوة عاطلاتٍ = وشعثا مراضيع مثل السعالي
بالنصب يعني: وشعثا، والخفض أكثر.
وقوله عز وجل: {وذلّلت قطوفها تذليلاً...} يجتني أهل الجنة الثمرة قياماً وقعوداً، وعلى كل حال لا كلفة فيها). [معاني القرآن: 3/216-217]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وذلّلت قطوفها} ثمارها). [مجاز القرآن: 2/280]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({مّتّكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً * ودانيةً عليهم ظلالها وذلّلت قطوفها تذليلاً}
وقال: {مّتّكئين} على المدح أو على: "جزاهم جنّةً متكّئين فيها" على الحال. وقد تقول "جزاهم ذلك قياماً" وكذلك {ودانيةً} على الحال أو على المدح، إنما انتصابه بفعل مضمر.
وقد يجوز في قوله: {ودانيةً} أن يكون على وجهين على "وجزاهم دانيةً ظلالها" تقول: "أعطيتك جيداً طرفاه" و"رأينا حسناً وجهه"). [معاني القرآن: 4/41]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وذلّلت قطوفها تذليلًا} أي أدنيت منهم. ممن قولك: حائط ذليل، إذا كان قصير السّمك. ونحوه قوله: {قطوفها دانيةٌ}.
و«القطوف»: الثمر، واحدها: «قطف».
و(التذليل) أيضا: تسوية العذوق. يقول أهل المدينة: ذلّل النخل، أي سوي عذوقه). [تفسير غريب القرآن: 503]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({ودانية عليهم ظلالها وذلّلت قطوفها تذليلا} وجائز أن يكون دانية نعتا للجنة. المعنى وجزاهم جنة دانية عليهم ظلالها
{وذلّلت قطوفها تذليلا} هذا كقوله تعالى: (قطوفها دانية).
وقيل كلما أرادوا أن يقطعوا شيئا منها ذلّل لهم، ودنا منهم قعودا كانوا أو مضطجعين أو قياما). [معاني القرآن: 5/259-260]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَذُلِّلَتْ} أي أُدنيت). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 288]

تفسير قوله تعالى: {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآَنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَاْ (15)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {كانت قواريرا...} يقول: كانت كصفاء القوارير، وبياض الفضة، فاجتمع فيها صفاء القوارير، وبياض الفضة). [معاني القرآن: 3/217]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(الأكواب): كيزان لا عري لها. واحدها: كوب). [تفسير غريب القرآن: 503]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأما قوله: {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآَنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَاْ * قَوَارِيرَاْ مِنْ فِضَّةٍ}، فقد أعلمتك أن كل ما في الجنة من آلتها وسررها وفرشها وأكوابها- مخالف لما في الدنيا من صنعة العباد، وإنما دلّنا الله بما أراناه من هذا الحاضر على ما عنده من الغائب. وقال ابن عباس: ليس في الدنيا شيء مما في الجنة إلا الأسماء.
والأكواب: كيزان لا عرى لها، وهي في الدنيا قد تكون من فضة، وتكون من قوارير.
فأعلمنا أن هناك أكوابا لها بياض الفضّة وصفاء القوارير، وهذا على التشبيه، أراد قوارير كأنها من فضة، كما تقول: أتانا بشراب من نور، أي كأنه نور.
وقال قتادة في قول الله عز وجل: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ}أي لهنّ صفاء الياقوت وبياض المرجان). [تأويل مشكل القرآن: 80-81]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ):
({الأَكْوَاب} كيزان لا عُرى لها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 288]


تفسير قوله تعالى: {قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {قدّروها...} قدروا الكأس على ري أحدهم لا فضل فيه ولا عجز عن ريه، وهو ألذ الشراب. وقد روى بعضهم عن الشعبي: (قُدِّروها تقديراً). والمعنى واحد، والله أعلم، قدّرت لهم، وقدروا لها سواء). [معاني القرآن: 3/217]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({قواريرا من فضّةٍ} مفسر في كتاب «تأويل المشكل».
{قدّروها تقديراً} على قدر الرّيّ). [تفسير غريب القرآن: 503]
- راجع كلام عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) في كتاب "تأويل مشكل القرآن" عند الآية 15.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
({ويطاف عليهم بآنية من فضّة وأكواب كانت قواريرا * قوارير...}
قرئت غير مصروفة، وهذا الاختيار عند النحويين البصريين لأنّ كل جمع يأتي بعد ألفه حرفان لا ينصرف. وقد فسرنا ذلك فيما سلف من الكتاب.
ومن قرأ (قواريرا) فصرف الأول فلأنّه رأس آية، وترك صرف الثاني لأنه ليس بآخر آية، ومن صرف الثاني أتبع اللّفظ اللفظ، لأن العرب ربّما قلبت إعراب الشيء ليتبع اللفظ اللفظ، فيقولون: هذا حجر ضبّ خرب، وإنما الخرب من نعت الحجر، فكيف بما يترك صرفه، وجميع ما يترك صرفه يجوز صرفه في الشعر.
ومعنى {قوارير من فضّة قدّروها تقديرا} أصل القوارير التي في الدنيا من الرمل، فأعلم اللّه أن فضل تلك القوارير أن أصلها من فضة يرى من خارجها ما في داخلها
ومعنى: {قدّروها تقديرا} أي جعلت بكون الإناء على قدر ما يحتاجون إليه ويريدونه.
وقرئت (قدّروها تقديرا) أي جعلت لهم على قدر إرادتهم). [معاني القرآن: 5/260]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({قَدَّرُوهَا} أي على قدر الرِّيّ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 288]

تفسير قوله تعالى: {وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {كأساً كان مزاجها زنجبيلاً...} إنما تسمى الكأس إذا كان فيها الشراب، فإذا لم يكن فيها الخمر لم يقع عليها اسم الكأس.
وسمعت بعض العرب يقول للطبق الذي يهدى عليه الهدية: وهو المهدي، ما دامت عليه الهدية، فإذا كان فارغا رجع إلى اسمه إن كان طبقاً أو خواناً، أو غير ذلك). [معاني القرآن: 3/217]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {زنجبيلاً... عيناً...} ذكر أن الزنجبيل هو العين، وأن الزنجبيل اسم لها، وفيها من التفسير ما في الكافور). [معاني القرآن: 3/217]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {تسمّى سلسبيلاً...} ذكروا أن السلسبيل اسم للعين، وذكر أنه صفة للماء لسلسلته وعذوبته، ونرى أنه لو كان اسما للعين لكان ترك الإجراء فيه أكثر، ولم نر أحدا من القراء ترك إجراءها وهو جائز في العربية، كما كان في قراءة عبد الله: {ولا تذرنّ ودًّا ولا سواعاً ولا يغوثاً ويعوقاً} بالألف.
وكما قال: "سلاسلا"، و"قواريرا" بالألف، فأجروا ما لا يجرى، وليس بخطأ، لأن العرب تجري ما لا يجري في الشعر، فلو كان خطأ ما أدخلوه في أشعارهم، قال متمم بن نويرة:
فما وجد أظآرٍ ثلاثٍ روائمٍ = رأين مجرًّا من حوارٍ ومصرعا
فأجرى روائم، وهي مما لا يجري فيما لا أحصيه في أشعارهم). [معاني القرآن: 3/217-218]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ويسقون فيها كأساً كان مزاجها زنجبيلاً} [معاني القرآن: 4/41]
وقال: {كان مزاجها زنجبيلاً} فنصب العين على أربعة وجوه على "يسقون عيناً" أو على الحال، أو بدلاً من الكأس أو على المدح والفعل مضمر. وقال بعضهم "إن" "سلسبيل" صفة للعين بالسلسبيل.
وقال بعضهم: "إنّما أراد" "عيناً تسمّى سلسبيلاً" أي: تسمى من طيبها، أي: توصف للناس كما تقول: "الأعوجيّ" و"الأرحبيّ" و"المهريّ من الإبل" وكما تنسب الخيل إذا وصفت إلى هذه الخيل المعروفة والمنسوبة كذلك تنسب العين إلى أنها تسمى [سلسبيلا] لأن القرآن يدل على كلام العرب.
قال الشاعر، وأنشدناه يونس هكذا:
صفراء من نبعٍ يسمّى سهمها = من طول ما صرع الصّيود الصّيّب
فرفع "الصيّب" لأنه لم يرد "يسمى سهمها بالصيّب" إنما "الصيّب" من صفة الاسم والسهم. وقوله "يسمى سهمها": يذكر سهمها.
وقال بعضهم: "لا بل هو اسم العين وهو معرفة ولكن لما كان رأس آية [و] كان مفتوحاً زدت فيه الألف كما كانت {قواريرا} [الإنسان: 15] ). [معاني القرآن: 4/42]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({سلسبيلا}: شديد الحرية). [غريب القرآن وتفسيره: 405]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({كان مزاجها زنجبيلًا} يقال: هو اسم العين. وكذلك (السلسبيل): اسم العين.
قال مجاهد: «السلسبيل: الشديد[ة] الجرية». وقال غيره: «السلسبيل: السّلسة الليّنة».
وأمّا «الزنجبيل»: فإن العرب تضرب به المثل وبالخمر ممتزجين. قال المسيّب ابن علس يصف فم المرأة:
وكان طعم الزنجبيل به - إذ ذقته - وسلافة الخمر). [تفسير غريب القرآن: 503]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا} أي يجمع طعم الزنجبيل، والعرب تصف الزنجبيل، وهو مستطاب عندها جدّا قال الشاعر:
كأنّ القرنفل والزّنجبيل = باتا بفيها وأريا مشورا
فجائز أن يكون طعم الزنجبيل فيها، وجائز أن يكون مزاجها ولا غائلة له كما قلنا في الكافور). [معاني القرآن: 5/260]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {عينا فيها تسمّى سلسبيلا} المعنى يسقون عينا، وسلسبيل اسم العين إلا أنه صرف لأنه رأس آية. وسلسبيل في اللغة صفة لما كان في غاية السلاسة، فكأنّ العيق -واللّه أعلم- سميت بصفتها). [معاني القرآن: 5/261]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({زَنجَبِيلاً} قيــل: هو اسم العين. وكذلك (السَّلْسَبِيل).
وقيل: السلسبيل: الشديدة الجَرْية). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 288]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({سَلْسَبِيلًا}: الحديدة الجري). [العمدة في غريب القرآن: 328]

تفسير قوله تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {مّخلّدون...} يقول: محلّون مسورون، ويقال: مقرطون، ويقال: مخلدون دائم شبابهم لا يتغيرون عن تلك السنن، وهو أشبهها بالصواب ـ والله أعلم ـ وذلك أن العرب إذا كبر الرجل، وثبت سواد شعره قيل: إنه لمخلد، وكذلك يقال إذا كبر ونبتت له أسنانه وأضراسه قيل: إنه لمخلد ثابت الحال. كذلك الولدان ثابتة أسنانهم). [معاني القرآن: 3/218]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({ويطوف عليهم ولدان مخلّدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا} أي يخدمهم وصفاء مخلّدون، وتأويل {مخلّدون} أي لا يجوز واحد منهم حدّ الوصافة أبدا هو وصيف، والعرب تقول للرجل الذي لا يشيب: هو مخلّد.
ويقال {مخلّدون} مجلّون عليهم الحلي، ويقال لجماعة الحلي الخلدة.
وقوله: {حسبتهم لؤلؤا منثورا} أي هم في حسن ألوانهم وصفائها كاللؤلؤ المنثور). [معاني القرآن: 5/261]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({مخلدون} أي: مقرطون بالخلدة، ووجمعها: خلد، وهي: القرطة، ومخلدون، أي: لا يشيبون، أي: كلهم شباب مرد). [ياقوتة الصراط: 547]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مُخَلَّدُونَ}:.....) [1]. [العمدة في غريب القرآن: 328]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {وإذا رأيت ثمّ رأيت نعيماً...} يقال: إذا رأيت ما ثمّ رأيت نعيما، وصلح إضمار (ما) كما قيل: {لقد تقطّع بينكم}. والمعنى: ما بينكم، والله أعلم.
ويقال: {إذا رأيت ثم}، يريد: إذا نظرت، ثم إذا رميت ببصرك هناك رأيت نعيما). [معاني القرآن: 3/218]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وإذا رأيت ثمّ رأيت نعيماً وملكاً كبيراً} وقال: {وإذا رأيت ثمّ رأيت نعيماً} يريد أن يجعل "رأيت" لا تتعدى كما يقول: "ظننت في الدار خيرٌ" لمكان ظنه وأخبر بمكان رؤيته). [معاني القرآن: 4/42]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا} أي: عاينت). [تأويل مشكل القرآن: 499]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله: {وإذا رأيت ثمّ رأيت نعيما وملكا كبيرا} جاء في التفسير أنه "ملكا كبيرا" أنهم تسلم عليهم الملائكة.
وجاء أيضا تستأذن عليهم الملائكة، و (ثمّ) يعنى به الجنة، والعامل في (ثمّ) معنى رأيت. المعنى وإذا رأيت ببصرك (ثمّ).
وقيل المعنى وإذا رأيت ما (ثمّ) رأيت نعيما وهذا غلط لأن ما موصولة بقوله (ثمّ) على هذا التفسير - ولا يجوز إسقاط الموصول وترك الصلة، ولكن " رأيت " يتعدى في المعنى إلى (ثمّ)). [معاني القرآن: 5/261]

تفسير قوله تعالى: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {عاليهم ثياب سندسٍ...}. نصبها أبو عبد الرحمن وعاصم والحسن البصري، جعلوها كالصفة فوقهم. والعرب تقول: قومك داخل الدار، فينصبون داخل الدار؛ لأنه محل، فعاليهم من ذلك.
وقد قرأ أهل الحجاز وحمزة: "عاليهم" بإرسال الياء، وهي في قراءة عبد الله: "عاليتهم ثياب سندسٍ" بالتاء. وهي حجةٌ لمن أرسل الياء وسكنها. وقد اختلف القراء في: الخضر والسندس، فخفضهما يحيى بن وثاب أراد أن يجعل الخضر من صفة السندس ويكسر على الإستبرق ثياب سندس، وثياب إستبرق، وقد رفع الحسن الحرفين جميعاً. فجعل الخضر من صفة الثياب، ورفع الإستبرق بالرد على الثياب، ورفع بعضهم الخضر، وخفض الإستبرق ورفع الإستبرق وخفض الخضر، وكل ذلك صواب. والله محمود.
وقوله عز وجل: {شراباً طهوراً...} يقول: طهور ليس بنجس كما كان في الدنيا مذكوراً بالنجاسة). [معاني القرآن: 3/218-219]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(السندس) و(الإستبرق) قد تقدم ذكرهما). [تفسير غريب القرآن: 504]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلّوا أساور من فضّة وسقاهم ربّهم شرابا طهورا}
(عاليهم) بإسكان الياء، وقرئت (عاليهم) بفتح الياء، وقرئت (عليهم) بغير ألف (ثياب سندس).. وهذه الثلاثة توافق المصحف وكلها حسن في العربية.
وقرئ على وجهين غير هذه الثلاثة؛ قرئت (عاليتهم ثياب سندس) بالرفع والتأنيث، و(عاليتهم) بالنّصب.. وهذا الوجهان جيّدان في العربية إلا أنهما يخالفان المصحف، ولا أرى القراءة بهما، وقرّاء الأمصار ليس يقرأون بهما.
فأما تفسير إسكان (عاليهم) بإسكان الياء، فيكون رفعه بالابتداء، ويكون خبره (ثياب سندس خضر).
ومن نصب فقال: (عاليهم) بفتح الياء، فقال بعض النحويين إنه ينصبه على الظرف، كما تقول فوقهم ثياب، وهذا لا نعرفه في الظروف، ولو كان ظرفا لم يجز إسكان الياء.
ولكن نصبه على الحال من شيئين:
أحدهما: من الهاء والميم، المعنى يطوف على الأبرار ولدان مخلّدون عاليا الأبرار ثياب سندس لأنه وقد وصف أحوالهم في الجنّة، فيكون المعنى يطوف عليهم في هذه الحال هؤلاء.
ويجوز أن يكون حالا من الولدان، المعنى: إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا في حال علو الثياب إياهم. فالنصب على هذا بين.
فأما (عليهم ثياب سندس) فرفع كقولك عليك مال فترفعه بالابتداء، ويكون المعنى: وثياب سندس عليهم.
وتفسير نصب (عاليتهم) ورفعها كتفسير عاليهم.
و"السندس": الحرير.
وقد قرئت خُضرٌ وخُضْرٍ. فمن قرأ {خُضرٌ} فهو أحسن لأنه يكون نعتا للثياب، فلفظ الثياب لفظ الجميع، وخضر لفظها لفظ الجمع. ومن قرأ خضر فهو من نعت السندس، والسّندس في المعنى راجع إلى الثياب.
وقرئت {وإستبرق} وهو الدّيباج الصّفيق الغليظ الخشن- وقرئت بالرفع والجر:
- فمن رفع فهو عطف على "ثياب"، المعنى: عليهم إستبرق.
- ومن جر عطف على السندس. ويكون المعنى: عليهم ثياب من هذين النوعين ثياب سندس وإستبرق.
وقرئت (وإستبرق) على وجهين غير هذين الوجهين، كلاهما ضعيف في العربية جدّا:
- قرئت (وإستبرق) وحلّوا - بنصب (إستبرق) - وهو في موضع الجر ولم يصرف، قرأها ابن محيصن، وزعموا أنه لم يصرفه لأن (وإستبرق) اسم أعجمي، وأصله بالفارسية استبره، فلما حول إلى العربية لم يصرف، وهذا غلط لأنه نكرة؛ ألا ترى أن الألف واللام يدخلانه، تقول: السندس والإستبرق.
- والوجه الثاني، واستبرق وحلّوا - بطرح الألف - جعل الألف ألف وصل، وجعله مسمّى بالفعل من البريق، وهذا خطأ لأن الإستبرق معروف معلوم أنه اسم نقل من العجمية إلى العربية كما سمي الديباج وهو منقول من الفارسية.
قوله عزّ وجلّ: {وسقاهم ربّهم شرابا طهورا} جاء في التفسير أنهم إذا شربوه ضمرت بطونهم ورشحت جلودهم عرقا كرائحة المسك، وقيل إنه طهور ليس برجس كخمر الدنيا). [معاني القرآن: 5/261-263]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (22)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا} عملكم). [مجاز القرآن: 2/280]




[1] بياض في الأصل.


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 ذو الحجة 1431هـ/7-11-2010م, 11:01 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 23 إلى آخر السورة]


{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ تَنْزِيلًا (23) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا (24) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26) إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (27) نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (28) إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (29) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30) يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31)}

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ تَنْزِيلًا (23) }

تفسير قوله تعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا (24)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا...}
(و) ها هنا بمنزلة (لا)، وأو في الجحد والاستفهام والجزاء تكون في معنى (لا) فهذا من ذلك. وقال الشاعر:

لا وجد ثكلى كما وجدت ولا = وجد عجولٍ أضلّها ربع
أو وجد شيخٍ أصلّ ناقته = يوم توافي الحجيج فاندفعوا
أراد: ولا وجد شيخ وقد يكون في العربية: لا تطيعن منهم من أثم أو كفر. فيكون المعنى في (أو) قريباً من معنى (الواو). كقولك للرجل: لأعطينك سألت، أو سكتّ معناه: لأعطينك على كل حال). [معاني القرآن: 3/219-220]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا} ليس ها هنا تخيير أراد آثماً وكفوراً). [مجاز القرآن: 2/280]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا}
"أو" ههنا أوكد من الواو، لأن الواو إذا قلت: "لا تطع زيدا وعمرا" فأطاع أحدهما كان غير عاص، لأنه أمره ألا يطيع الاثنين. فإذا قال {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا} "أو" قد دلت على أنّ كل واحد منهما أهل لأن يعصى، وكما أنك إذا قلت: لا تخالف الحسن أو ابن سيرين، أو: اتبع الحسن أو ابن سيرين، فقد قلت: هذان أهل أن يتبعا، وكل واحد منهما أهل وقد فسرنا مثل هذا التفسير في غير هذا الحرف في أول سورة البقرة في قوله تعالى: {مثلهم كمثل الّذي استوقد نارا} إلى آخر الآية - وبعد ذلك {أو كصيّب من السّماء} وتأويله مثلهم لأنك إن جعلت مثلهم كمثل الذي استوقد نارا، أو مثلّتهم بالصّيّب أو بهما جميعا فأنت مصيب). [معاني القرآن: 5/263]

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} الأصيل العشى، يقال: قد أصلنا إذا دخلوا في الأصيل، وهو العشي). [معاني القرآن: 5/263]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (27)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا} أي: قدامهم. قال مساور بن حمئان من بني ربيعة ابن كعب:
أترجو بنو مروان سمعي وطاعتي = وقومي تميمٌ والفلاة ورائيا
أي: قدامي.
{أَسْرَهُمْ} شدة الخلق، يقال للفرس: شديد الأسر شديد الخلق وكل شيء شددته من قتبٍ أو من غبيط فهو مأسور). [مجاز القرآن: 2/280]

تفسير قوله تعالى: {نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (28)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {وشددنا أسرهم...} والأسر: الخلق. تقول: لقد أسر هذا الرجل أحسن الأسر، كقولك: خلق أحسن الخلق). [معاني القرآن: 3/220]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({أَسْرَهُمْ}: شدة الخلق، يقال للفرس إذا كان شديد الخلق "شديد الأسر"، وكل شيء شددته من قتب أو خيط فهو مأسور. والترس مأسورة بالعقب). [غريب القرآن وتفسيره: 405]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({وشددنا أسرهم} أي خلقهم. يقال: امرأة حسنة الأسر، أي حسنه الخلق: كأنها أسرت، أي شدّت.
وأصل هذا من «الإسار» وهو: القدّ [الذي يشدّ به الأقتاب]. يقال: ما أحسن ما اسر قتبه! أي ما أحسن ما شدّه [بالقد]! وكذلك امرأة حسنة العصب، إذا كانت مدمجة الخلق: كأنها عصّبت، أي شدت). [تفسير غريب القرآن: 504]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله: {نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدّلنا أمثالهم تبديلا}
{أَسْرَهُمْ} خلقهم جاء في التفسير أيضا مفاصلهم). [معاني القرآن: 5/263]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({أَسْرَهُمْ} أي: موضع البول والغائط، يقال لهما: مصرتان، حتى يجلس الرجل لقضاء حاجته منهما، فتنفتح المصرتان، فإذا خرج منهما الأذى تقبضتا كما كانتا). [ياقوتة الصراط: 548]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَسْرَهُمْ} أي خلقهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 288]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَسْرَهُمْ}:......) [1]. [العمدة في غريب القرآن: 328]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (29)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {إنّ هذه تذكرةٌ...} يقول: هذه السورة تذكرة وعظة. {فمن شاء اتّخذ إلى ربّه سبيلاً...} وجهة وطريقاً إلى الخير). [معاني القرآن: 3/220]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {وما تشاءون...} جواب لقوله: {فمن شاء اتّخذ إلى ربّه سبيلاً}. ثم أخبرهم أن الأمر ليس إليهم، فقال: {وما تشاءون} ذلك السبيل {إلاّ أن يشاء اللّه} لكم، وفي قراءة عبد الله {وما تشاءون إلاّ أن يشاء اللّه} والمعنى في (ما) و(أن) متقارب). [معاني القرآن: 3/220]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله {وما تشاءون إلّا أن يشاء اللّه إنّ اللّه كان عليما حكيما} أي لستم تشاءون إلا بمشيئة اللّه). [معاني القرآن: 5/264]

تفسير قوله تعالى: {يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ...}. نصبت الظالمين؛ لأن الواو في لها تصير كالظرف لأعدّ. ولو كانت رفعاً كان صوابا، كما قال: {والشّعراء يتّبعهم الغاوون} بغير همز، وهي في قراءة عبد الله: (وللظالمين أعد لهم) فكرر اللام في (الظالمين) وفي (لهم)، وربما فعلت العرب ذلك. أنشدني بعضهم:
أقول لها إذا سألت طلاقا = إلام تسارعين إلى فراقى
وأنشدني بعضهم:
فأصبحن لا يسلنه عن بما به = أصعّد في غاوي الهوى أم تصوّبا؟
فكرر الباء مرتين. فلو قال: لا يسلنه عما به، كان أبين وأجود. ولكن الشاعر ربما زاد ونقص ليكمل الشعر.
ولو وجهت قول الله تبارك وتعالى: {عمّ يتساءلون، عن النّبأ العظيم} إلى هذا الوجه كان صواباً في العربية.
وله وجه آخر يراد: عم يتساءلون يا محمد! ثم أخبر، فقال: يتساءلون عن النبأ العظيم، ومثل هذا قوله في المرسلات: {لأي يومٍ أجّلت} تعجباً، ثم قال: {ليوم الفصل} أي: أجلت ليوم الفصل). [معاني القرآن: 3/220-221]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} انتصب بالجوار ولا يدخل الظالمين في رحمته). [مجاز القرآن: 2/280]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}
نصب (الظالمين) لأن قبله منصوبا. المعنى يدخل من يشاء في رحمته ويعذب الظّالمين أعدّ لهم عذابا أليما، ويكون (أعدّ لهم) تفسيرا لهذا المضمر.
وقرئت (والظالمون) ولا أرى القراءة بها، من وجهين: أحدهما: خلاف المصحف. والآخر: إن كانت تجوز في العربية على أن يرفع الظالمين بالابتداء، والذي بعد الظالمين خبر الابتداء، فإن الاختيار عند النحويين البصريين النصب، يقول النحويون "أعطيت زيدا وعمرا أعددت له برا".. فيختارون النصب على معنى وبررت عمرا وأبر عمرا أعددت له برا، فلا يختارون للقرآن إلا أجود الوجوه، وهذا مع موافقة المصحف). [معاني القرآن: 5/264]




[1] بياض في الأصل.


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:36 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة