{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)}
تفسير قوله تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (قوله تبارك وتعالى: {والنّجم إذا هوى...}.
أقسم -تبارك وتعالى- بالقرآن، لأنّه كان ينزل نجوماً الآية والآيتان، وكان بين أوّل نزوله وآخره عشرون سنةً...
- وحدثني الفضيل بن عياض عن منصور عن المنهال بن عمرو رفعه إلى عبد الله في قوله: "فلا أقسم بموقع النّجوم" قال: هو محكم القرآن.
قال: حدثنا محمد أبو زكريا يعني: الذي لم ينسخ). [معاني القرآن: 3/94]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله تبارك وتعالى: {إذا هوى} نزل، وقد ذكر: أنه كوكب إذا غرب). [معاني القرآن: 3/94]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): (قوله: {والنّجم إذا هوى}
قسمٌ والنجم النجوم ذهب إلى لفظ الواحد وهو في معنى الجميع، قال راعي الإبل:
وباتت تعدّ النجم في مستحيرةٍ = سريعٍ بأيدي الآكلين جمودها
مستحيرةٍ في إهالة جعغلها صافية لأنها من شحم وارٍ ولو كان هرطاً لا خير فيه لجاء كدراً قليلاً). [مجاز القرآن: 2/235]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({والنجم}: الكوكب. والنجم: الزرع، والنجم لكل طالع كائن ما كان من إنسان أو غير ذلك). [غريب القرآن وتفسيره: 353]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {والنّجم إذا هوى}
يقال: «كان القرآن ينزل نجوما، فأقسم اللّه بالنجم منه إذا نزل».
وقال مجاهد: «أقسم بالثّريّا إذا غابت» والعرب تسمى الثّريا - وهي ستة أنجم ظاهرة - نجما.
[و] قال أبو عبيدة: «أقسم بالنجم إذا سقط في الغور». وكأنه لم يخصّص الثّريّا دون غيرها). [تفسير غريب القرآن: 427]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله تعالى: {والنّجم إذا هوى} أقسم اللّه -عزّ وجلّ- بالنّجم). [معاني القرآن: 5/69]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({إِذَا هَوَى}: سقط). [العمدة في غريب القرآن: 285]
تفسير قوله تعالى: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله جل وعز: {ما ضلّ صاحبكم}.
جوابٌ لقوله: {والنّجم إذا هوى}). [معاني القرآن: 3/94-95]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ("وما غوى" يغوزى من الغي والغاوي فأما من قال غوى يغوى تقديرها " شقي يشقى " فهو من اللبن يبشم عنه يقال: غوى الفصيل يغوى إذا بشم). [مجاز القرآن: 2/235]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ما ضلّ صاحبكم وما غوى} جواب القسم.
وجاء في التفسير أن النجم الثريّا، وكذلك يسميها العرب، وجاء أيضا في التفسير أن النجم نزول القرآن نجما بعد نجم، وكان ينزل منه الآية والآيتان، وكان بين أول نزوله إلى استتمامه عشرون سنة.
وقال بعض أهل اللغة: النجم بمعنى النجوم وأنشدوا:
فباتت تعدّ النّجم في مستحيرة = سريع بأيدي الآكلين جمودها
يصف قدرا كثيرة الدسم، ومعنى تعد النجم أي من صفاء دسمها ترى النجوم فيه، والمستحيرة القدر، فقال يجمد على الأيدي الدّسم من كثرته وقالوا مثله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم}.
ومعنى: {إذا هوى}: إذا سقط، وإذا كان معناه نزول القرآن فالمعنى في {إذا هوى}: إذا نزل.
{ما ضلّ صاحبكم وما غوى} يعني النبي صلى الله عليه وسلم). [معاني القرآن: 5/69-70]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({ومَا غَوَى}: ما جهل). [العمدة في غريب القرآن: 285]
تفسير قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {وما ينطق عن الهوى...}.
يقول: ما يقول هذا القرآن برأيه إنّما هو وحي، وذلك: أن قريشاً قالوا: إنما يقول القرآن من تلقائه، فنزل تكذيبهم). [معاني القرآن: 3/95]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وما ينطق عن الهوى} أي ما ينطق بالهوى). [مجاز القرآن: 2/236]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): («عن» مكان «الباء»
قال الله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى}، أي بالهوى.
والعرب تقول: رميت عن القوس، أي رميت بالقوس). [تأويل مشكل القرآن: 569]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وما ينطق عن الهوى}
أي ما الذي يأتيكم به مما قاله بهواه). [معاني القرآن: 5/70]
تفسير قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({إن هو إلّا وحي يوحى}
"إن" بمعنى "ما"، المعنى: ما هو إلا وحي). [معاني القرآن: 5/70]
تفسير قوله تعالى: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {علّمه شديد القوي...}.
أراد جبريل -صلى الله عليه-). [معاني القرآن: 3/95]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({شديد القوى} جماع القوة). [مجاز القرآن: 2/236]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({علّمه شديد القوى}
قال: {علّمه شديد القوى} جماعة "القوّة" وبعض العرب يقول "حبوة" و"حبى" فينبغي أن يقول "القوى" في ذا القياس.
ويقول بعض العرب "رشوة" و"رشا" ويقول بعضهم "رشوة" و"رشا" وبعض العرب يقول "صورٌ" و"صورٌ" والجيدة "صور" {صوّركم فأحسن صوركم} و(صوركم) تقرأ). [معاني القرآن: 4/21]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({شديد القوى}: جمع القوة). [غريب القرآن وتفسيره: 353]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({علّمه شديد القوى}: جبريل عليه السلام. وأصله من «قوي الحبل»، وهي طاقاته. الواحدة: قوة). [تفسير غريب القرآن: 427]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({علّمه شديد القوى}
يعني به جبريل عليه السلام). [معاني القرآن: 5/70]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({شَدِيدُ الْقُوَى}: جبريل عليه السلام بالأفق الأعلى). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 247]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْقُوَى}: جمع قوة). [العمدة في غريب القرآن: 285]
تفسير قوله تعالى: {ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): ({ذو مرّةٍ...} من نعت شديد القوي.
وقوله عز وجل: {فاستوى...} استوى هو وجبريل بالأفق الأعلى لمّا أسرى به، وهو مطلع الشمس الأعلى، فأضمر الاسم في ـ استوى، وردّ عليه هو، وأكثر كلام العرب أن يقولوا: استوى هو وأبوه ـ ولا يكادون يقولون: ـ استوى وأبوه، وهو جائز، لأن في الفعل مضمراً: أنشدني بعضهم:
ألم تر أن النّبع يخلق عوده = ولا يستوي والخروع المتقصّف
وقال الله تبارك وتعالى -وهو أصدق قيلا- {أئذا كنّا تراباً وآباؤنا} فردّ الآباء على المضمر في "كنا" إلاّ أنّه حسن لما حيل بينهما بالتّراب. والكلام: أئذا كنّا تراباً نحن وآباؤنا). [معاني القرآن: 3/95]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ذو مرّةً فاستوى} ذو شدة وإحكام، يقال: حبل ممر أي مشدود). [مجاز القرآن: 2/236]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({ذو مرة}: ذو شدة، ومنه حبل ممر أي محكم). [غريب القرآن وتفسيره: 353]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ذو مرّةٍ}: أي ذو قوة. وأصل «المرّة»: الفتل.
ومنه الحديث : «لا تحلّ الصدقة لغنى، ولا لذي مرة سوى».
وقوله: {فاستوى [وهو]}، أي استوى هو وجبريل - صلوات اللّه عليهما {بالأفق الأعلى}). [تفسير غريب القرآن: 427]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ذو مرّة فاستوى}
(ذو مرّة) من نعت قوله (شديد القوى)، والمرة القوة.
(علّمه) علم النبي صلى الله عليه وسلم). [معاني القرآن: 5/70]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({ذُو مِرَّةٍ}: شدة). [العمدة في غريب القرآن: 285]
تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {فاستوى * وهو بالأفق الأعلى}
قال بعض أهل اللغة: "هو" ههنا يعنى به النبي عليه السلام.
المعنى فاستوى جبريل والنبي - صلى الله عليه وسلم - بالأفق الأعلى.
وهذا عند أهل اللغة لا يجوز مثله إلا في الشعر إلا أن يكون مثل قولك: استويت أنا وزيد، ويستقبحون استويت وزيد.
وإنما المعنى استوى جبريل وهو بالأفق الأعلى على صورته الحقيقية.
لأنه كان يتمثل للنبي - صلى الله عليه وسلم - إذا هبط عليه بالوحي في صورة رجل، فأحبّ رسول اللّه أن يراه على حقيقته فاستوى في أفق المشرق فملأ الأفق.
فالمعنى - واللّه أعلم - فاستوى جبريل في الأفق الأعلى على صورته). [معاني القرآن: 5/70]
تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {ثمّ دنا...}
يعني: جبريل صلى الله عليه، دنا من محمد صلى الله عليه حتّى كان قاب قوسين عربيّتين أو أدنى.
{فأوحى...} يعني: جبريل عليه السلام {إلى عبده...}: إلى محمد صلى الله عليه عبد الله: {ما أوحى...}.
وقوله تبارك وتعالى: {فتدلّى...} كأن المعنى: ثم تدلّى فدنا، ولكنه جائز إذا كان معنى الفعلين واحداً أو كالواحد قدمت أيهما شئت، فقلت: قد دنا فقرب، وقرب فدنا وشتمني فأساء، وأساء فشتمني، وقال الباطل؛ لأن الشتم، والإساءة شيء واحدٌ.
وكذلك قوله: {اقتربت السّاعة وانشقّ القمر}.
والمعنى ـ والله أعلم ـ انشق القمر واقتربت الساعة، والمعنى واحدٌ). [معاني القرآن: 3/95-96]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وكذلك قوله: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى}
أي: تدلى فدنا، لأنّه تدلّى للدّنوّ، ودنا بالتّدلّي). [تأويل مشكل القرآن: 193]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({ثمّ دنا فتدلّى}
ومعنى (دنا، وتدلى) واحد، لأن المعنى أنه قرب، وتدلى زاد في القرب.
كما تقول: قد دنا فلان مني وقرب، ولو قلت: قد قرب مني ودنا جاز). [معاني القرآن: 5/70]
تفسير قوله تعالى: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({قاب قوسين} قدر قوسين وقاد، وقيدٌ وقدى قوسين مثلها.
"أو أدنى" أو أقرب). [مجاز القرآن: 2/236]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({قاب قوسين}: أي قدر قوسين). [غريب القرآن وتفسيره: 353]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ثمّ دنا فتدلّى * فكان قاب قوسين أو أدنى} أي قدر قوسين عربيتين.
وقال قوم: «القوس: الذراع، أي كان ما بينهما قدر ذراعين».
والتفسير الأول أعجب إليّ، لقول النبي صلّى اللّه عليه وعلى آله وسلم: «لقاب قوس أحدكم من الجنة، أو موضع قدّه - خير له من الدنيا وما فيها».
و«القدّ»: السوط). [تفسير غريب القرآن: 428]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ((أو): تأتي للشك، تقول. رأيت عبد الله أو محمدا.
وتكون للتخيير بين شيئين...، وأما قوله: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ}، فإن بعضهم يذهب إلى أنها بمعنى بل يزيدون، على مذهب التَّدارك لكلام غلطت فيه وكذلك قوله: {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ}، وقوله: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى}.
وليس هذا كما تأوّلوا، وإنما هي بمعنى (الواو) في جميع هذه المواضع: وأرسلناه إلى مائة ألف ويزيدون، وما أمر الساعة إلا كلمح البصر وهو أقرب، و: فكان قاب قوسين وأدنى.
وقال ابن أحمر:
قَرَى عنكُما شَهْرينِ أو نِصْفَ ثالث = إلى ذاكُمَا قَد غَيَّبَتْنِي غِيَابِيَا
وهذا البيت بوضح لك معنى الواو: وأراد: قرى شهرين ونصفا، ولا يجوز أن يكون أراد قرى شهرين بل نصف شهر ثالث.
وقال آخر:
أثعلبةَ الفوارسِ أو رِياحا = عَدَلْتَ بِهِمْ طُهَيَّةُ وَالخِشَابَا
أراد: وعدلت هذين بهذين). [تأويل مشكل القرآن: 543-545] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({فكان قاب قوسين أو أدنى}
المعنى كان ما بينه وبين رسول اللّه مقدار قوسين من القسيّ العربية أو أقرب.
وهذا الموضع يحتاج إلى شرح لأن القائل قد يقول: ليس تخلو " أو " من أن تكون للشك أو لغير الشك.
فإن كانت للشك فمحال أن يكون موضع شك.
وإن كان معناها بل أدنى، بل أقرب فما كانت الحاجة إلى أن يقول: (فكان قاب قوسين) - كان ينبغي أن يكون كان أدنى من قاب قوسين.
والجواب في هذا - والله أعلم - أن العباد خوطبوا على لغتهم ومقدار فهمهم وقيل لهم في هذا ما يقال للذي يحزر، فالمعنى فكان على ما تقدرونه أنتم قدر قوسين أو أدنى من ذلك، كما تقول في الذي تقدره: هذا قدر رمحين أو أنقص من رمحين أو أرجح.
وقد مرّ مثل هذا في قوله: {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون}). [معاني القرآن: 5/70-71]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({قَابَ قَوْسَيْنِ}: أي قدرهما وقيل قدر ذراعين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 247]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({قَابَ}: قدر). [العمدة في غريب القرآن: 286]
تفسير قوله تعالى: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): ({فأوحى...} يعني: جبريل عليه السلام {إلى عبده...}: إلى محمد صلى الله عليه عبد الله: {ما أوحى...} ). [معاني القرآن: 3/96](م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فأوحى إلى عبده ما أوحى} عن اللّه عز وجل). [تفسير غريب القرآن: 428]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({فأوحى إلى عبده ما أوحى}
أي فأوحى جبريل إلى النبي عليه السلام ما أوحى). [معاني القرآن: 5/71]
تفسير قوله تعالى: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {ما كذب الفؤاد...}.
فؤاد محمد -صلى الله عليه- {ما رأى}، يقول: قد صدقه فؤاده الذي رأى، و"كذّب" يقرأ بالتشديد والتخفيف. خففها عاصم، والأعمش، وشيبة، ونافع المدنيان وشدّدها الحسن البصريّ، وأبو جعفر المدني.
وكأن من قال: كذب يريد: أن الفؤاد لم يكذّب الذي رأى، ولكن جعله حقاً صدقاً وقد يجوز أن يريد: ما كذّب صاحبه الذي رأى. ومن خفف قال: ما كذب الذي رأى، ولكنه صدقه). [معاني القرآن: 3/96]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ما رأى} يقول بعض المفسرين. «إنه أراد: رؤية بصر القلب»). [تفسير غريب القرآن: 428]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله: {ما كذب الفؤاد ما رأى}
وقرئت: (ما كذّب الفؤاد ما رأى) بتشديد الذّال). [معاني القرآن: 5/71]
تفسير قوله تعالى: {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {أفتمارونه...}.
أي: أفتجحدونه...
- حدثني قيس بن الربيع عن مغيرة عن إبراهيم قال: "أفتمرونه" -أفتجحدونه، "أفتمارونه"-: أفتجادلونه [حدثنا أبو العباس قال، حدثنا محمد قال: حدثنا الفراء قال حدثني] حدثنا هشيم عن مغيرة عن إبراهيم أنه قرأها: "أفتمرونه"...
- حدثنا قيسٌ عن عبد الملك بن الأبجر عن الشعبي عن مسروق أنه قرأ: "أفتمرونه" وعن شريح أنه قرأ: "أفتمارونه". وهي قراءة العوام وأهل المدينة، وعاصم بن أبي النّجود والحسن). [معاني القرآن: 3/96]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أفتمارونه على ما يرى}: أفتجادلونه. من «المراء».
ومن قرأ: أفتمرونه، أراد: أفتجحدونه). [تفسير غريب القرآن: 428]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجل: {أفتمارونه على ما يرى}
و(أفتمارونه) وقرئت بالوجهين جميعا، فمن قرأ (أفتمرونه) فالمعنى أفتجحدونه.
ومن قرأ (أفتمارونه) فمعناه أتجادلونه في أنه رأى اللّه – عز وجل - بقلبه، وأنه رأى الكبرى من آياته). [معاني القرآن: 5/71-72]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَفَتُمَارُونَهُ}: أي أتجادلونه ومن قرأ (أفتمرونه) فمعناه: أتجحدونه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 247]
تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {ولقد رآه نزلةً أخرى...} يقول: مرةً أخرى). [معاني القرآن: 3/96-97]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله تعالى: (ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى}
أي رآه مرة أخرى عند سدرة المنتهى). [معاني القرآن: 5/72]
تفسير قوله تعالى: {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله تعالى: {ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى}
أي رآه مرة أخرى عند سدرة المنتهى). [معاني القرآن: 5/72](م)
تفسير قوله تعالى: {عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله تبارك وتعالى: {عندها جنّة المأوى}...
- حدثني حبان عن أبي إسحاق الشيباني قال: سئل زرّ بن حبيش، وأنا أسمع: عندها جنة المأوى، أو جنة المأوى، فقال: جنة من الجنان...
- وحدثني بعض المشيخة عن العرزمي عن ابن أبي مليكة عن عائشة أنها قالت: جنةٌ من الجنان...
قال: وقال الفراء: وقد ذكر عن بعضهم: {جنّة المأوى} يريد: أجنّة، وهي شاذة، وهي: الجنة التي فيها أرواح الشهداء). [معاني القرآن: 3/97]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({عندها جنّة المأوى}
جاء في التفسير أنها جنة تصير إليها أرواح الشهداء، فلما قصّ هذه الأقاصيص، وأعلم -عزّ وجلّ- كيف قصه جبريل، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يأتيه ذلك من عند اللّه الذي ليس كمثله شيء قيل لهم: {أفرأيتم اللّات والعزّى * ومناة الثّالثة الأخرى}). [معاني القرآن: 5/72]
تفسير قوله تعالى: {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({إذ يغشى السّدرة ما يغشى}: من أمر اللّه تعالى). [تفسير غريب القرآن: 428]
تفسير قوله تعالى: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله تبارك وتعالى: {ما زاغ البصر...}
بصر محمد صلى الله عليه ما زاغ بقلبه يميناً وشمالاً ولا طغى ولا جاوز ما رأى). [معاني القرآن: 3/97]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ما زاغ البصر} ما عدل ولا جار). [مجاز القرآن: 2/236]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({ما زاغ البصر}: ما عدل عنه). [غريب القرآن وتفسيره: 353]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ما زاغ البصر} أي ما عدل، {وما طغى}: ما زاد، ولا جاوز). [تفسير غريب القرآن: 428]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله تعالى: {ما زاغ البصر وما طغى}
أي ما زاغ بصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما طغى، ما عدل ولا جاوز القصد في رؤيته جبريل قد ملأ الأفق). [معاني القرآن: 5/72]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَا زَاغَ}: أي ما عدل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 247]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَا زَاغَ}: مال). [العمدة في غريب القرآن: 286]
تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({من آيات ربّه الكبرى} من أعلام ربه الكبرى وعجائبه). [مجاز القرآن: 2/236]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {لقد رأى من آيات ربّه الكبرى}
جاء في التفسير أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى ربّه -عزّ وجلّ- بقلبه، وأنه فضل خصّ به كما خصّ إبراهيم عليه السلام بالخلّة.
وقيل رأى أمرا عظيما، وتفسيره {لقد رأى من آيات ربّه الكبرى}). [معاني القرآن: 5/71]