العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 شعبان 1431هـ/18-07-2010م, 03:29 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي التفسير اللغوي لسورة الأحقاف

التفسير اللغوي لسورة الأحقاف

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 24 ذو القعدة 1431هـ/31-10-2010م, 11:34 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 14]

(حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (3) قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4) وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (7) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (8) قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (9) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآَمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11) وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (12) إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (14) )

تفسير قوله تعالى: (حم (1) )

تفسير قوله تعالى: (تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) )

تفسير قوله تعالى: (مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (3) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : قوله عزّ وجلّ: (مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (3) )
جاء في التفسير: ما خلقناهما إلّا للحقّ، أي لإقامة الحق، وتكون على معنى ما قامت السماوات والأرض إلا بالحق.
وقوله بعقب هذا: ({وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ}) أي أعرضوا بعد أن قام لهم الدليل بخلق الله السماوات والأرض، وما بينهما). [معاني القرآن: 4/437]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( من ذلك قوله جل وعز: {مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ } [آية: 3] أي الإقامة الحق
ثم قال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ} [آية: 3] أي أعرضوا بعدما تبين لهم الحق من خلق الله عز وجل). [معاني القرآن: 6/437]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}، ثم قال: {أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا ...} ولم يقل: خلقت، ولا خلقن؛ لأنه إنما أراد الأصنام، فجعل فعلهم كفعل الناس وأشباههم؛ لأن الأصنام تكلّم وتعبد وتعتاد وتعظم كما تعظم الأمراء وأشباههم، فذهب بها إلى مثل الناس. وهي في قراءة عبد الله: [بن مسعود]: من تعبدون من دون الله، فجعلها (من)، فهذا تصريح بشبه الناس في الفعل وفي الاسم. وفي قراءة عبد الله: أريتكم، وعامة ما في قراءته من قول الله أريت، وأريتم فهي في قراءة عبد الله بالكاف، حتى إن في قراءته: "أريتك الذي يكذّب بالدين".
وقوله: {أو أثارةٍ مّن علمٍ...}.
قرأها العوامّ: "أثارة"، وقرأها بعضهم قال: قرأ أبو عبد الرحمن فيما أعلم و"أثرةً" خفيفة. وقد ذكر عن بعض القراء "أثرة". والمعنى فيهن كلهن: بقية من علم، أو شيء مأثور من كتب الأولين.
فمن قرأ "أثارة" فهو كالمصدر مثل قولك: السماحة، والشجاعة.
ومن قرأ "أثرة" فإنه بناه على الأثر، كما قيل: قترة.
ومن قرأ "أثرة" كأن أراد مثل قوله: {إلا من خطف الخطفة}، والرّجفة). [معاني القرآن: 3/49-50]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ("{أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ }{" ما "} هاهنا في موضع جميع.
" {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ }" أي بقية وقال راعي الإبل:
وذات أثارةٍ أكلت عليه... نباتاً في أكمتّه قفارا
أي بقية من شحمٍ أكلت عليه. ومن قال أثرة فهو مصدر أثره يأثره يذكره). [مجاز القرآن: 2/212]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أو أثارة من علم}: أي بقية. ومن قرأ {أثره} فهو مصدر أثره يأثره: يذكره ويرويه. وحديث مأثور من ذلك). [غريب القرآن وتفسيره: 337]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( { أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} أي بقية من علم تؤثر عن الأولين.
ويقرأ: (أثرة)، اسم مبني على «فعلة» من ذلك. والأول على «فعالة»). [تفسير غريب القرآن: 407]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( ({والّذين كفروا عمّا أنذروا معرضون}).
أي أعرضوا بعد أن قام لهم الدليل بخلق الله السماوات والأرض، وما بينهما ثم دعاهم إلى الدليل لهم على بطلان عبادة ما يعبدون من الأوثان فقال:
({قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4)}
ويقرأ أريتم بغير ألف.
( {مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}) ما تدعونه إلها من دون اللّه.
({أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ} ) أي في خلق السّماوات، أي فلذلك أشركتموهم في عبادة الله عزّ وجلّ.
({اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا}) أي ايتوني بكتاب أنزل فيه برهان ما تدّعون.
({أو أثرة من علم}) ويقرأ ( {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ})، وقرئت أو أثرة من علم - بإسكان الثاء - ومعناها؛ إذا قال: أثارة على معنى علامة من علم، ويجوز أن يكون على معنى بقية من علم، ويجوز أن يكون على معنى ما يؤثر من العلم). [معاني القرآن: 4/437-438]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم احتج عليهم فيما يعبدون فقال: {قُل أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [آية: 4]
المعنى ما تدعونه إلها من دون الله
{أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ }. [معاني القرآن: 6/437] أي في خلق السموات
({اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا} ) أي بكتاب فيه برهان على ما قلتم
{ أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} قال مجاهد أحد يأثر علما ،
وقال الحسن شيء يثار أو يستخرج
وقال أبو عبيدة أثارة بقية
قال أبو جعفر وهذه القوال متقاربة لأن البقية هو شيء يؤثر ومعروف في اللغة أن يقال سمنت الناقة على أثارة أي على بقية من سمن
ويقرأ "أو أثرة"
روى أبو سلمة عن ابن عباس "أو أثرة" من علم قال الخط
حدثنا محمد بن أحمد يعرف بالجريجي حدثنا بندار أنبأنا يحيي بن سعيد عن سفيان الثوري عن صفوان بن سليم عن أم سلمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: { أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} قال الخط
وروى سعيد عن قتادة "أو أثرة" من علم قال خاصة من علم
قال أبو جعفر يقال لفلان عندي أثرة أو أثرة أي شيء أخصه به ومنه آثرت فلانا على فلان
ويجوز أن يكون أثرة خبرا عن بعض الأنبياء صلى الله عليهم من أثرت الحديث وذا قول أبي عبيدة). [معاني القرآن: 6/438-440]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} أي: بقية أو {آثاره} مثله). [ياقوتة الصراط: 467]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( { أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ}: أي بقية). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 229]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَثَارَةٍ}: بقية
4- {أَثَرَةٍ}: مأثورة). [العمدة في غريب القرآن: 272]

تفسير قوله تعالى: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ومن أضلّ ممّن يدعوا من دون اللّه من لاّ يستجيب له...}.
عني بـ {من} الأصنام، وهي في قراءة عبد الله: "مالا يستجيب له"، فهذا مما ذكرت لك في: من، وما). [معاني القرآن: 3/50]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: ({وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5)} أي من أضل ممن عبد غير اللّه.
وجميع ما خلق اللّه دليل على وحدانيّته فمن أضل ممن عبد حجرا لا يستجيب له.
وقال و{من}وقال {وهم} وهو لغير ما يعقل، لأن الذين عبدوها أجروها مجرى ما يميز فخوطبوا على مخاطباتهم كما قالوا: {ما نعبدهم إلّا ليقرّبونا إلى اللّه زلفى}
ولو كانت " ما " لكان جيدا كما قال: {لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر} ). [معاني القرآن: 4/438]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ (6) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: ({وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ (6)}
أي كانت الأصنام كافرة بعبادتهم إياها، تقول ما دعوهم إلى عبادتنا). [معاني القرآن: 4/438]

تفسير قوله تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (8) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: ({قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (8)} أي فلستم تملكون من اللّه شيئا، أي اللّه أملك بعباده.
{كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ}أي كفى هو شهيدا.
و{ بِهِ} في موضع رفع.
وقوله في هذا الموضع: {وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } معناه أنه من أتى من الكبائر العظام ما أتيتم به من الافتراء على اللّه جلّ وعزّ وعلا - ثم تاب فإن الله غفور رحيم له).
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ } [آية: 8]
قال مجاهد أي تقولونه). [معاني القرآن: 6/438-440]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (9) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ ...}.
يقول: لم أكن أول من بعث، قد بعث قبلي أنبياء كثير.
وقوله: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ...} نزلت في أصحاب النبي صلى الله عليه، وذلك أنهم شكوا إليه ما يلقون من أهل مكة قبل أن يؤمر بقتالهم، فقال النبي صلى الله عليه: إني قد رأيت في منامي أني أهاجر إلى أرض ذات نخل وشجر وماء، فاستبشروا بذلك، ثم إنهم مكثوا برهة لا يرون ذلك؛ فقالوا للنبي صلى الله عليه: ما نرى تأويل ما قلت: وقد اشتد علينا الأذى؟ فأنزل الله عز وجل: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ } أخرج إلى الموضع الذي أريته في منامي أم لا؟ ثم قال لهم: إنما هو شيء أريته في منامي، وما أتبع إل ما يوحى إليّ. يقول: لم يوح إليّ ما أخبرتكم به، ولو كان وحيا لم يقل صلى الله عليه: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ }). [معاني القرآن: 3/50-51]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" {قل ما كنت بدعاً من الرّسل} " ما كنت أولهم معناها بدأ من الرسل قال الأحوص:
فخرت فانتمت فقلت انظريني... ليس جهل أتيته ببديع). [مجاز القرآن: 2/212]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ }
قال: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ } والبدع: البديع وهو: الأوّل). [معاني القرآن: 4/16]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {بدعا}: أي بديعا والمعنى ما كنت أولهم. والعرب تقول: ما هذا مني ببدع). [غريب القرآن وتفسيره: 337]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {قل ما كنت بدعاً من الرّسل} أي بدءا منهم ولا أولا). [تفسير غريب القرآن: 407]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : وقوله: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ(9)}أي ما كنت أول من أرسل. قد أرسل قبلي رسل كثيرون.
وقوله عزّ وجلّ:{وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} كان رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - رأى في منامه أنه سيصير إلى أرض ذات نخل وشجر، وقد شكا أصحابه الشدة التي نالتهم فلما أعلمهم أنه سيصير إلى أرض ذات نخل وشجر، وتأخّر ذلك استبطأوا ما قال عليه السلام، فأعلمهم أن الذي يتبعه ما يوحى إليه، إن أمر بقتال أو انتقال، وكان ذلك الأمر وحيا فهو متّبعه، ورؤيا الأنبياء عليهم السلام وحي). [معاني القرآن: 4/439]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ } [آية: 9]
قال مجاهد في قوله تعالى: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} أي أول من أرسل
[معاني القرآن: 6/440]
وقوله تعالى: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ } وقد قال في موضع آخر ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر
فالجواب في هذا أنه ليس من ذاك وإنما المعنى والله أعلم وما أدري ما يفعل بي ولا بكم من جدب أو غيره
ويبين هذا أنه يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رؤيا سرت أصحابه فاستبطأوا تأويلها فانزل الله جل وعز: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ } ). [معاني القرآن: 6/440-442]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ}: أي أولاً). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 229]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بِدْعًا }: بديعاً). [العمدة في غريب القرآن: 272]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآَمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وشهد شاهدٌ مّن بني إسرائيل على مثله....}.
شهد رجل من اليهود على مثل ما شهد عليه عبد الله بن سلام من التصديق بالنبي صلى الله عليه وأنه موصوف في التوراة، فآمن ذلك الرجل واستكبرتم). [معاني القرآن: 3/51]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآَمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10)}
جاء في التفسير أن عبد اللّه بن سلام صار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قآمن به، وقال له: سل اليهود عني فإنهم سيزكونني عندك ويخبرونك بمكاني من العلم، فسالهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه من قبل أن يعلموا أنه قد آمن. فأخبروا عنه بأنه أعلمهم بالتوراة وبمذهبهم، وأنه عالم ابن عالم ابن عالم.
قآمن بحضرتهم وشهد أن محمدا رسول اللّه فقالوا بعد إيمانه أنت شرّنا وابن شرّنا.
قال: ألم يأتكم في التوراة عن موسى عليه السلام: إذا رأيتم محمدا فأقرئوه السلام مني وآمنوا به، وأقبل يقفهم من التوراة على أمكنة فيها ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وصفته، وهم يستكبرون ويجحدون ويتعمدون ستر ذلك بأيديهم.
وجواب: (إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآَمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ ) أتؤمنون.
ثم أعلم أن هؤلاء المعاندين خاصة لا يؤمنون،
فقال: (إنّ اللّه لا يهدي القوم الظّالمين) أي قد جعل جزاءهم على كفرهم بعدما تبين لهم الهدى مدّهم في الضلالة.
وقيل في تفسير قوله: (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ )
على مثل شهادة عبد اللّه بن سلام.
والأجود - واللّه أعلم - أن يكون (عَلَى مِثْلِهِ) على مثل شهادة النبي - صلى الله عليه وسلم -). [معاني القرآن: 4/439-440]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآَمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ } [آية: 10]
قيل في الكلام حذف لعلم السامع به
والمعنى أرأيتم إن كان من عند الله وشهد شاهد من بني إسرائيل ممن تثقون به وتقفون على صدقه وعلمه على ما شهد النبي صلى الله عليه وسلم وكفرتم به أليس قد غررتم وأتيتم أمرا قبيحا واجترأتم عليه ، فأما الشاهد من بني إسرائيل فقيل إنه عبد الله بن سلام
روى مالك عن أبي النضر عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على وجه الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام وفيه نزلت وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم
وقال الحسن ومجاهد والضحاك وشهد شاهد من بني إسرائيل عبد الله بن سلام
قال أبو جعفر وفي الآية قولان آخران:
أ-قال مسروق ليس هو عبد الله بن سلام لأن السورة مكية والمعنى لموسى والتوراة وأهل الكتاب أنزل الله جل وعز التوراة على موسى فآمن بها أهل الكتاب وكفرتم به مخاطبة لقريش قال وسبقونا إليه يعني أهل الكتاب
ب- روى ابن عون عن الشعبي في قوله تعالى: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ } قال هو رجل من أهل الكتاب وليس بعبد الله بن سلام لأن السورة مكية وإنما اسلم عبد الله بن سلام قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بعامين
قال أبو جعفر هذا الاعتراض لا يلزم وسئل محمد بن سيرين عن هذا بعينه فقال كانت الآية تنزل فيقال لهم ألحقوها في سورة كذا وكذا
قال أبو جعفر فهذا جواب عن ذاك
ويجوز أن تكون الآية نزلت بمكة ويكون المعنى أرأيتم إن كان من عند الله وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله أتؤمنون
وقال الحسن نزل هذا بمكة فآمن عبد الله بن سلام بالمدينة). [معاني القرآن: 6/442-445]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ...}.
لمّا أسلمت: مزينة، وجهينة، وأسلم، وغفار، قالت بنو عامر بن صعصعة وغطفان، وأشجع وأسد: لو كان هذا خيرا ما سبقنا إليه رعاة البهم، فهذا تأويل قوله: {لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ}). [معاني القرآن: 3/51]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: { وقال الّذين كفروا للّذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم (11) } جاء في التفسير أنه لما أسلمت جهينة ومزينة وأسلم وغفار، قالت بنو عامر وغطفان وأسد وأشجع: لو كان ما دخل فيه هؤلاء من الذين خيرا ما سبقونا إليه، ونحن أعز منهم، وإنما هؤلاء رعاة البهم). [معاني القرآن: 4/440]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وقال الذين كفروا لو كان خيرا ما سبقونا إليه} [آية: 11]
3- قال مسروق هم أهل الكتاب
وقال الحسن اسلم وغفار فقالت قريش لو كان خيرا ما سبقونا إليه). [معاني القرآن: 6/445]

تفسير قوله تعالى: (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (12) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا ...}.
وفي قراءة عبد الله: مصدق لما بين يديه لسانا عربيا، فنصبه في قراءتنا على تأويل قراءة عبد الله، أي هذا القرآن يصدق التوراة عربيا مبينا، وهي في قراءة عبد الله يكون [نصبا] من مصدق. على ما فسرت لك، ويكون قطعا من الهاء في بين يديه.
وقوله عز وجل: {لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ ...}.
البشرى تكون رفعا ونصبا، الرفع على: وهذا كتاب مصدق وبشرى، والنصب على لتنذر الذين ظلموا وتبشر، فإذا أسقطت تبشر، ووضعت في موضعه بشرى أو بشارة نصبت،
ومثله في الكلام: أعوذ بالله منك، وسقيا لفلان، كأنه قال: وسقى الله فلانا، وجئت لأكرمك وزيارة لك وقضاء لحقك، معناه: لأزورك وأقضى حقك، فنصبت الزيارة والقضاء بفعل مضمر). [معاني القرآن: 3/51-52]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : { وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ }
وقال: {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً } نصب لأنه خبر معرفة.
وقال: {وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا } فنصب اللسان والعربي لأنه ليس من صفة الكتاب فانتصب على الحال أو على فعل مضمر كأنه قال: "أعني لسانا عربيّاً" وقال بعضهم: إن انتصابه على "مصدّق" جعل الكتاب مصدّق اللسان). [معاني القرآن: 4/17]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : وقوله عزّ وجلّ: ({وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (12)} )
{إماما} منصوب على الحال وقوله: {ورحمة} عطف عليه.
{وهذا كتاب مصدّق لسانا عربيّا}المعنى واللّه أعلم، وهو مصدق لما بين يديه لسانا عربيّا، لما جاء بعد هذا الموضع.
{قالوا يا قومنا إنّا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدّقا لما بين يديه يهدي إلى الحقّ}.
وحذف {له} ههنا أعني من قوله {وهذا كتاب مصدّق} لأن قبله {ومن قبله}
كتاب موسى، فالمعنى وهذا كتاب مصدّق له، أي مصدّق التوراة و{لسانا عربيّا} منصوبان على الحال.
المعنى مصدق لما بين يديه عربيّا، وذكر {لسانا} توكيدا.
كما تقول جاءني زيد رجلا صالحا، تريد: جاءني زيد صالحا.
وتذكر رجلا توكيدا، وفيه وجه آخر، على معنى وهذا كتاب مصدق لسانا عربيّا. المعنى مصدق النبي عليه السلام، فيكون المعنى مصدق ذا لسان عربى.
وقوله: {لينذر الّذين ظلموا}
ويقرأ {لتنذر الّذين ظلموا}.
{وبشرى للمحسنين} الأجود أن يكون {بشرى} في موضع رفع، المعنى وهو بشرى للمحسنين، ويجوز أن يكون بشرى في موضع نصب على معنى لينذر الذين ظلموا ويبشر المحسنين بشرى). [معاني القرآن: 4/440-441]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ } [آية: 12]
فيه جوابان
أحدهما أن المعنى مصدق له أي لكتاب موسى ثم حذف لأن قبله ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة
و عربيا حال ولسانا توطئه للحال أي توكيد كما يقال جاءني زيد رجلا صالحا ويقوي هذا أنه في قراءة عبد الله وهذا كتاب مصدق لما بين يديه لسانا عربيا
والجواب الآخر أن يكون لسانا مفعولا يراد به النبي صلى الله عليه وسلم ويكون المعنى ذا لسان عربي
ثم قال: {لتنذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين} [آية: 12]
يجوز أن يكون المعنى وهو بشرى
وأن يكون المعنى وتبشر المحسنين بشرى). [معاني القرآن: 6/445-447]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13)}
معنى (ثم استقاموا) أي أقاموا على توحيد اللّه وشريعة نبيه عليه السلام). [معاني القرآن: 4/441-442]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } [آية: 13] قد بينا معنى ثم استقاموا فيما تقدم). [معاني القرآن: 6/447]

تفسير قوله تعالى: (أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (14) )


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 ذو القعدة 1431هـ/31-10-2010م, 11:38 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 15 إلى 20]

({وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16) وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آَمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17) أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (18) وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (19) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (20)} )

تفسير قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا...}.
قرأها أهل الكوفة بالألف، وكذلك هي في مصاحفهم، وأهل المدينة وأهل البصرة يقرءون: (حسناً) وكذلك هي في مصاحفهم، ومعناهما واحد والله أعلم.
وقوله: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ...}.
وفي قراءة عبد الله: حتّى إذا استوى وبلغ أشده وبلغ أربعين سنة، والمعنى فيه، كالمعنى في قراءتنا؛ لأنه جائز في العربية أن تقول: لمّا ولد لك وأدركت مدرك الرجال عققت وفعلت، والإدراك قبل الولادة، ويقال: إن الأشد هاهنا هو الأربعون.
وسمعت بعض المشيخة يذكر بإسناد له في الأشد: ثلاث وثلاثون، وفي الاستواء: أربعون.
وسمعت أن الأشد في غير هذا الموضع: ثماني عشرة. والأول أشبه بالصواب؛ لأن الأربعين أقرب في النسق إل ثلاث وثلاثين ومنها إلى ثماني عشرة؛ ألا ترى أنك تقول: أخذت عامة المال أو كلّه، فيكون أحسن من أن تقول: أخذت أقلّ المال أو كلّه. ومثله قوله: {إنّ ربّك يعلم أنّك تقوم أدنى من ثلثي الّليل ونصفه وثلثه}، فبعض ذا قريب من بعض، فهذا سبيل كلام العرب، والثاني يعني ثماني عشرة، {و} لو ضم إلى الأربعين كان وجها.
وقوله: {أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ...}.
نزلت هذه الآية: في أبي بكر الصديق رحمه الله.
حدثني به حبان بن علي العنزيّ عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: نزلت في أبي بكر رحمه الله إلى قوله: {أولئك الّذين نتقبّل عنهم أحسن} إلى آخر الآية). [معاني القرآن: 3/52-53]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" أوزعني " ألهمني، أصلها من وزعت أنا دفعته وأوزعني أي ألهمني). [مجاز القرآن: 2/213]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {كرها}: وقال بعضهم كرها. والكره ما كرهته والكره ما
[غريب القرآن وتفسيره: 337]
أكرهت عليه.
{أوزعني}: ألهمني).[غريب القرآن وتفسيره: 338]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا} أي مشقة، {ووضعتهُ كرهاً} أي مشقة.

{حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ } قد ذكرناه فيما تقدم.
{قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي} أي ألهمني. والأصل في «الإيزاع»: الإغراء بالشيء، يقال: فلان موزع بكذا ومولع). [تفسير غريب القرآن: 407]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: { وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) }
{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا} وتقرأ {إحسانا}، وكلتاهما جيّد، ونصب {إحسانا}على المصدر، لأن معنى وصيناه بوالديه أمرناه بأن يحسن إليهما {إحسانا}.
وقوله عزّ وجلّ: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا}
و {كُرْهًا}، وقد قرئ بهما جميعا.
المعنى حملته أمه على مشقّة ووضعته على مشقّة.
وقوله: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}
وقد قرئت {وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}. ومعنى فصاله فطامه ، وأقل ما يكون الحمل لستة أشهر.
والاختيار {وَفِصَالُهُ}، لأن الذي جاء في الحديث: إلا رضاع بعد الفصال " يعني بعد الفطام.
وقوله: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً}
جاء في التفسير أن الأشد ثلاث وثلاثون سنة، وقيل الأشد ثماني عشرة سنة، وقيل الأشد بلوغ الحلم، والأكثر أن يكون ثلاثا وثلاثين، لأن الوقت الذي يكمل فيه الإنسان في بدنه وقوته واستحكام شبابه أن يبلغ بضعا وثلاثين سنة، وكذلك في تمييزه.
وقوله: {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي} معناه اجعل ذرّيّتي صالحين). [معاني القرآن: 4/442]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا} [آية: 15] إحسانا أي يحسن إليهما إحسانا
ثم قال تعالى: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا} [آية: 15]
ويقرأ {كَرها} بفتح الكاف وهو عند بعض العربية لحن لأنه يفرق بينهما
قال الحسن ومجاهد وقتادة الكره المشقة
والفراء وجماعة من أهل العربية يذهبون إلى أن الكره بفتح الكاف القهر والغصب فعلى هذا القول يكون لحنا
وقال الكسائي الكره والكره بمعنى واحد وكذلك هو عند البصريين جميعا لا اعلم بينهم اختلافا لأن الكره المصدر والكره اسم بمعناه
وقوله جل وعز: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً } [آية: 15]
قال مجاهد سالت ابن عباس عن قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ } فقال بضعا وثلاثين سنة
قال مجاهد ثلاثا وثلاثين
قال أبو جعفر وقيل الأشد ثماني عشرة سنة
والأول أشبه لاتساق الكلام ألا ترى أن بعده وبلغ أربعين سنة
وأيضا فإن البالغ ثلاثا وثلاثين سنة أولى بهذا الاسم لأنه أكمل
وقوله جل وعز: {قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ} [آية: 15]
روى أحمد بن عبد الله بن يونس عن أبي بكر بن عياش في قوله تعالى: {أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ } قال هو أبو بكر الصديق فلم يكفر له أب ولا أم قال وأوزعني ألهمني). [معاني القرآن: 6/447-450]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَوْزِعْنِي}: ألهمني). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 229]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الكُرْه}: ما كرهته ، {أَوْزِعْنِي}: ألهمني). [العمدة في غريب القرآن: 272]

تفسير قوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): ( حدثني به حبان بن علي العنزيّ عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: نزلت في أبي بكر رحمه الله إلى قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ} إلى آخر الآية.
وقرأ يحيى بن وثاب، وذكرت عن بعض أصحاب عبد الله: {نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ} بالنون. وقراءة العوام: "يتقبل عنهم أحسن ما عملوا ويتجاوز عن سيئاتهم" بالياء وضمها، ولو قرئت "تتقبّل عنهم {أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا} وتتجاوز" كان صواباً). [معاني القرآن: 3/53]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي...}.
كقولك: وعدا صدقا، أضيف إلى نفسه، وما كان من مصدر في معنى حقا فهو نصب معرفة كان أو نكرة، مثل قوله في يونس: {وَعدَ اللهِ حقّاً}). [معاني القرآن: 3/53]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16)}
({أولئك الّذين يتقبّل عنهم أحسن ما عملوا}). ويجوز ({أولئك الذين نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا}).
فالقراءة (يتقبّل) و {نتقبّل} وكذلك يتجاوز ونتجاوز، ويتقبّل جائز، ولا أعلم أحدا قرأ بها.
وقوله: {وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} هذا منصوب لأنه مصدر مؤكد لما قبله، لأن قوله: أولئك الذين نتقئل عنهم أحسن ما عملوا. بمعنى الوعد، لأنه قد وعدهم الله القبول. فوعد الصّدق توكيد لذلك). [معاني القرآن: 4/442-443]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آَمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا...}.
ذكر أنه عبد الرحمن بن أبي بكر قال هذا القول قبل أن يسلم: {أُفٍّ لَكُمَا} قذراً لكما أتعدانني أن أخرج من القبر؟
واجتمعت القراء على {أُخرَج} بضم الألف لم يسم فاعله، ولو قرئت: أن أخرج بفتح الألف كان صوابا.
وقوله: {وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ ...}.
ويقولان: "وَيْلَكَ آَمِنْ ". القول مضمر يعني: أبا بكر رحمه الله وامرأته). [معاني القرآن: 3/53-54]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: ({وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آَمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17)}
{أُفٍّ لَكُمَا} وقد قرئت {أفّ لكم}{أفّ لكما} وقد فسرنا ذلك في سورة بني إسرائيل.
وقوله: {أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ}.
ويقرأ {أَنْ أُخْرَجَ } ويجوز {أتعداني} بالإدغام، وإن شئت أظهرت النونين.
وإن شئت أسكنت الياء، وإن شئت فتحتها.
وقد رويت عن بعضهم أتعدانني - بالفتح. وذلك لحن لا وجه له، فلا تقرأنّ به، لأن فتح نون الاثنين خطأ، وإن حكي ذلك في شذوذ، فلا تحمل القراءة على الشذوذ.
ويروى أن قوله في الآية التي قبل هذه إلى قولك له: {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ} نزلت في أبي بكر رحمة اللّه عليه.
فأما قوله: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا} فقال بعضهم: إنها نزلت في عبد الرحمن قبل إسلامه، وهذا يبطله). [معاني القرآن: 4/443]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي} [آية: 17]
قال الفراء {أُفٍّ لَكُمَا} أي قذرا لكما أتعدانني أن أخرج
روى سعيد عن قتادة قال هذا عبد سوء نعته الله جل وعز قال لوالديه أتعدانني أن أبعث). [معاني القرآن: 6/450]

تفسير قوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (18) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ ...}.
لم تنزل في عبد الرحمن بن أبي بكر، ولكن عبد الرحمن، قال: ابعثوا [لي] جدعان بن عمرو، وعثمان بن عمرو ـ وهما من أجداده ـ حتى أسألهما عما يقول محمد صلى الله عليه وسلم ـ أحق أم باطل؟ فأنزل الله: {أولائك الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ}. يعني: جدعان، وعثمان). [معاني القرآن: 3/54]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: ({أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (18)} فأعلم اللّه أن هؤلاء قد حقت عليهم كلمة العذاب، وإذا أعلم بذلك فقد أعلم أنهم لا يؤمنون، وعبد الرحمن مؤمن، ومن أفاضل المؤمنين.
وسرواتهم. والتفسير الصحيح أنها نزلت في الكافر العاق). [معاني القرآن: 4/443-444]

تفسير قوله تعالى: (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (19) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: ({وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (19)}
{وَلِيُوَفِّيَهُمْ} {ولنوفّيهم} جميعا، بالنون والياء). [معاني القرآن: 4/444]

تفسير قوله تعالى: (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (20) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ...}
قرأها الأعمش وعاصم ونافع المدني بغير استفهام، وقرأها الحسن وأبو جعفر المدني بالاستفهام: "{أأذهبتم}"، والعرب تستفهم بالتوبيخ ولا تستفهم فيقولون: ذهبت ففعلت وفعلت، ويقولون: أذهبت ففعلت وفعلت، وكلٌّ صواب). [معاني القرآن: 3/54]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: ({وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ(20)}
أكثر القراءة الفتح في النون والتفخيم في النار، وأكثر كلام العرب على إمالة الألف إلى الكسر، وبها يقرأ أبو عمرو {عَلَى النَّارِ} يختار الكسر في الرّاء، لأن الراء عندهم حرف مكرر، فكان كسرته كسرتان.
وقوله عزّ وجلّ: {أذهبتم طيّباتكم}
بغير ألف الاستفهام، ويقرأ {أأذهبتم} - بهمزتين محققتين، وبهمزتين الثانية منهما مخففة، وهذه الألف للتوبيخ، التوبيخ إن شئت أثبت فيه الألف، وإن شئت حذفتها، كما تقول: " يا فلان أحدثت ما لا يحل لك جنيت على نفسك " إذا وبّختة.
وإن شئت: أأخذت ما لا يحل لك، أجنيت على نفسك.
وقوله عزّ وجلّ: {فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} معناه الهوان). [معاني القرآن: 4/444]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} [آية: 20]
وقرأ يزيد بن القعقاع {أذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} بالاستفهام
قال أبو جعفر العرب تقرر وتوبخ بالاستفهام وغير الاستفهام
ويروى أن عمر رضي الله عنه رأى جابر بن عبد الله ومعه إنسان يحمل شيئا فقال ما هذا فقال لحم اشتريته بدرهم فقال أكلما قام أحدكم اشترى لحما بدرهم والله لو شئت أن أكون أطيبكم طعاما والينكم ثوبا لفعلت ولكن الله يقول أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا فأنا اترك طيباتي.
وقوله جل وعز: {فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} [آية: 20] قال مجاهد الهون الهوان). [معاني القرآن: 6/450-451]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24 ذو القعدة 1431هـ/31-10-2010م, 11:42 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 21 إلى آخر السورة]

({وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22) قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23) فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25) وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (26) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (27) فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آَلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (28) وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآَمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (32) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (34) فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35)} )

تفسير قوله تعالى: (وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ) : (وقوله: {إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ ...}.
{الاحقاف}: الرمل، واحدها: حقفٌ، والحقف: الرملة المستطيلة المرتفعة إلى فوق.
وقوله: {وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ...} قبله ومن خلفه من بعده، وهي في قراءة عبد الله "{من بين يديه ومن بعده}"). [معاني القرآن: 3/54]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ) : ("{إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ} " أحقاف الرمال قال العجاج:
بات إلى أرطاة حقّذفٍ أحقفا
وإنما حقفه اعوجاجه). [مجاز القرآن: 2/213]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ([الأحقاف]: أحقاف الرمل، واحده حقف وإنما حقفه اعوجاجه). [غريب القرآن وتفسيره: 338]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ} واحدها: «حقف» وهو من الرمل ما أشرف من كثبانه واستطال وانحنى). [تفسير غريب القرآن: 407]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله - عز وجل -: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21)}
[الْأَحْقَافِ] رمال مستطيلة مرتفعة كالدكّاوات، وكانت هذه الأحقاف منازل عاد.
وقوله: {وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ}
أي قد أنذروا بالعذاب إن عبدوا غير اللّه فيما تقدّم قبل إنذار هود.
وعلى لسان هود عليه السلام). [معاني القرآن: 4/444-445]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ } [آية: 21]
قال قتادة كانت عاد أحياء من اليمن منازلهم عند الرمال والدكاوات
قال أبو جعفر الحقف عند أهل اللغة الرمل المنحني وجمعه حقفة وأحقاف وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بظبي حاقف أي منحن متثن). [معاني القرآن: 6/451-452]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْأَحْقَافِ}: واحدها حقف وهو من الرمل ما أشرف من كثبانه واستطال وانحنى). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 229]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْأَحْقَافِ}: الرمل). [العمدة في غريب القرآن: 272]

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" {أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا} " لتصرفنا عن آلهتنا). [مجاز القرآن: 2/213]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أجئتنا لتأفكنا}: أي لتصرفنا). [غريب القرآن وتفسيره: 338]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( { أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا }: لتصرفنا). [تفسير غريب القرآن: 407]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22)}
أي لتصرفنا عنها بالإفك والكذب..
{فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا}أي اثتنا بالعذاب الذي نعدنا، ({إن كنت من الصّادقين} ) ). [معاني القرآن: 4/445]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قالوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا } [آية: 22]
معنى لتأفكنا لتصرفنا). [معاني القرآن: 6/452]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لِتَأْفِكَنَا}: لتصرفنا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 229]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لِتَأْفِكَنَا}: لتصرفنا). [العمدة في غريب القرآن: 273]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23)}
أي هو يعلم متى يأتيكم العذاب
{وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ}إليكم. ويقرأ بالتخفيف وأبلِغكم.
{وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ}أي أدّلّكم على الرّشاد وأنتم تصدّون وتعبدون آلهة لا تنفع ولا تضر). [معاني القرآن: 4/445]

تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ ...}.
طمعوا أن يكون سحاب مطرٍ، فقالوا: هذا الذي وعدتنا، هذا والله الغيث والخير، قال الله قل لهم: بل هو ما استعجلتم به من العذاب. وفي قراءة عبد الله: قل {بل} ما استعجلتم به هي ريح فيها عذاب أليم. وهو، وهي في هذا الموضع بمنزلة قوله: "من مني تمنى" و"يمنى". من قال: "هو". ذهب إلى العذاب، ومن قال: "هي" ذهب إلى الريح). [معاني القرآن: 3/54-55]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ("{ عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} " يريد ممطر لنا وعارض نكرة وممطرنا معرفة وإنما يجوز هذا الفعل ولا يجوز في الأسماء في قول العرب، لا يجوز هذا رجل غلامنا والعارض السحاب الذي يرى في قطر من أقطار السماء من العشي ثم يصبح وقد حبا حتى استوى). [مجاز القرآن: 2/213]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {هذا عارض}: العارض السحاب).[غريب القرآن وتفسيره: 338]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا} و«العارض»: السحاب). [تفسير غريب القرآن: 407]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: ({فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24)}أي فلما رأوا السحاب الذي نشأت منه الريح التي عذبوا بها قد عرضت في السماء، قالوا الذي وعدتنا به سحاب فيه الغيث والحياة والمطر.
فقال اللّه عزّ وجلّ: ( {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}).
وقرأ بعضهم: " {قل بل هو ما استعجلتم} ".
وكانت الريح من شدتها ترفع الراعي مع غنمه، فأهلك اللّه قوم عاد بتلك الريح.
وقوله: {مُمْطِرُنَا}لفظه لفظ معرفة، وهو صفة للنكرة، المعنى عارض ممطر إيّانا، إلا أن إيّانا لا يفصل ههنا). [معاني القرآن: 4/445]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [آية: 24]
أي فلما رأوا الذي أوعدوا كسحاب عارض قد اعترض فيه عذاب ولم يعلموا أن فيه عذابا قالوا هذا عارض ممطرنا
روى طاووس عن ابن عباس قال كان لعاد واد إذا جاء المطر أو الغيم من ناحيته كان غيثا فأرسل الله عليهم العذاب من ناحيته فلما وعدهم هود بالعذاب ورأوا العارض قالوا هذا عارض ممطرنا قال لهم هود عليه السلام بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب اليم فقالوا كذبت كذبت فقال الله جل وعز: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} ). [معاني القرآن: 6/452-453]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( ({عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ}) أي: سحابا معترضا في السماء). [ياقوتة الصراط: 467]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {عَارِضًا}:.....). [العمدة في غريب القرآن: 273]

تفسير قوله تعالى: (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ ...}.
قرأها الأعمش وعاصم وحمزة "{لا يرى إلا مساكنهم}"...
وقرأها علي بن أبي طالب، رحمه الله،
- حدثني محمد بن الفضل الخرساني عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن عن علي بن أبي طالب أنه قال: "لا ترى إلا مساكنهم"...
- وحدثني الكسائي عن قطر بن خليفة عن مجاهد أنه قرأ: "{فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ}". قال: وقرأ الحسن: "{فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم}" وفيه قبح في العربية؛ لأن العرب إذا جعل فعل المؤنث قبل إلا ذكّروه، فقالوا: لم يقم إلا جاريتك، وما قام إلا جاريتك، ولا يكادون يقولون: ما قامت إلا جاريتك، وذلك أن المتروك أحد، فأحد إذا كانت لمؤنث أو مذكر ففعلهما مذكر. ألا ترى أنك تقول: إن قام أحد منهن فاضربه، ولا تقل: إن قامت إلا مستكرها، وهو على ذلك جائز. قال أنشدني المفضل:

" ونارنا لم تر ناراً مثلها = قد علمت ذك معدّ أكرما
فأنث فعل (مثل)؛ لأنه للنار، وأجود الكلام أن تقول: ما رئي إلا مثلها). [معاني القرآن: 3/55]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقالوا للكبير: (جلل)، وللصغير: (جلل)، لأنّ الصغير قد يكون كبيرا عند ما هو أصغر منه، والكبير يكون صغيرا عند ما هو أكبر منه، فكلّ واحد منهما صغير كبير.
ولهذا جعلت (بعض) بمعنى (كلّ)، لأنّ الشيء يكون كلّه بعضا لشيء، فهو بعض وكلّ.
وقال عز وجل: {وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ} [الزخرف: 63] {وكلّ} بمعنى {بعض}، كقوله: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 23]، و{يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} [النحل: 112]، وقال: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: 25] ). [تأويل مشكل القرآن: 189-190] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: ({فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25)}[معاني القرآن: 4/445]
في هذا خمسة أوجه:
أجودها في العربية والقراءة، ( {لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} )
مساكنهم)، وتأويله لا يرى شيء إلّا مساكنهم لأنّهم قد أهلكوا.
ويجوز فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم فيكون المعنى لا ترى أشخاص إلا مساكنهم.
ويقرأ فأصبحوا ترى مساكنهم، أي لا ترى شيئا إلا مساكنهم.
وفيها وجهان بحذف الألف، {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ }، ومسكنهم، ويجوز فأصبحوا لا ترى إلا مسكنهم.
يقال: سكن يسكن مسكنا ومسكنا.
وقوله عزّ وجلّ: ({كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ}) المعنى مثل ذلك نجزي القوم المجرمين أي بالعذاب). [معاني القرآن: 4/446]

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (26) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ...}.
يقول: في الذي لم نمكنكم فيه، و{إن}. بمنزلة ما في الجحد.
وقوله: {وَحَاقَ بِهِمْ ...} وهو في كلام العرب: عاد عليهم، وجاء في التفسير: أحاط بهم، ونزل بهم). [معاني القرآن: 3/56]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ } أي: فيما لم نمكنكم (فيه) و«إن» بمعنى «لم».
ويقال: بل هي زائدة، والمعنى: مكناهم فيما مكناكم فيه). [تفسير غريب القرآن: 408]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(إن الخفيفة) تزاد، كقول الشاعر:

ما إن رأيت ولا سمعت به = كاليومِ هَانِي أَيْنُقٍ جُرْبِ
وقال عز وجل: {ولقد مكّنّاهم فيما إن مكّنّاكم فيه} [الأحقاف: 26].
وقال بعضهم: أراد فيما مكَّنَّاكم فيه، و{إن} زائدة.
[تأويل مشكل القرآن: 251]
وقال بعضهم: هي بمعنى مكّنّاهم فيما لم نمكنكم فيه). [تأويل مشكل القرآن: 252]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: ({وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (26)}
({وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ})
{إن} ههنا في معنى " ما " و {إن} في النفي مع " ما " التي في معنى الّذي أحسن في اللفظ من " ما "، ألا ترى أنك لو قلت رغبت فيما ما رغبت فيه لكان الأحسن أن تقول: قد رغبت فيما إن رغبت فيه، تريد في الذي ما رغبت فيه، لاختلاف اللفظين). [معاني القرآن: 4/446]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً } [آية: 26]
قال قتادة أنبأنا الله أنه قد مكنهم في شيء لم يمكنا فيه
قال أبو جعفر فإن على هذا القول بمعنى (ما)
وقد قيل إنها زائدة والأول أولى لأنه لا يعرف زيادتها إلا في النفي وفي الإيجاب أن بالفتح). [معاني القرآن: 6/453-454]

تفسير قوله تعالى: (فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آَلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (28) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ...}.
ويقرأ أفكهم، وأفكهم. فأمّا الإفك والأفك فبمنزلة قولك: الحذر والحذر، والنّجس والنّجس. وأمّا من قال: أفكهم فإنه يجعل الهاء والميم في موضع نصب يقول: ذلك صرفهم عن الإيمان وكذبهم، كما قال عز وجل: {يؤفك عنه من أفك} أي يصرف عنه من صرف). [معاني القرآن: 3/56]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آَلِهَةً} أي اتخذوهم آلهة يتقربون بهم إلى اللّه). [تفسير غريب القرآن: 408]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجل: ({بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (28)}
أي دعاؤهم آلهتهم هو إفكهم، ويقرأ {أفكهم} بمعنى وذلك كذبهم وكفرهم، والأفك والأفك مثل النجس والنجس ويقرأ أفكهم، أي ذلك جعلهم ضلالا كافرين، أي صرفهم عن الحق، ويقرأ آفكهم أي جعلهم يأفكون، كما تقول: ذلك أكفرهم وأضلهم). [معاني القرآن: 4/446]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فَلَمَّا قُضِيَ} أي فرغ [رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم] من [قراءة القرآن و] تأويله). [تفسير غريب القرآن: 408]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: ({وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29)} أي قال بعضهم لبعض صه، ومعنى صه اسكت، ويقال إنهم كانوا تسعة نفر أو سبعة نفر، وكان فيهم زوبعة.
(فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ) أي فلما تلى عليهم القرآن حتى فرع منه، {وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ}
ويقرأ {فلما قضاه} ). [معاني القرآن: 4/446-447]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ} [آية: 29] قال زر بن حبيش كانوا تسعة نفر). [معاني القرآن: 6/454]

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( ( {قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30)} أي يصدّق جميع الكتب التي تقدمته والأنبياء الذين أتوا بها.
وفي هذا دليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى الإنس والجنّ). [معاني القرآن: 4/447]

تفسير قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ...}.
دخلت الباء للم، والعرب تدخلها مع الجحود إذا كانت رافعة لما قبلها، ويدخلونها إذا وقع عليها فعل يحتاج إلى اسمين مثل قولك: ما أظنك بقائم، وما أظن أنك بقائم وما كنت بقائم، فإذا خلّفت الباء نصبت الذي كانت فيه بما يعمل فيه من الفعل، ولو ألقيت الباء من قادر في هذا الموضع رفعه لأنه خبر لأن. قال. وأنشدني بعضهم:
فما رجعت بخائبةٍ ركابٌ = حكيم بن المسيّب منتهاها
فأدخل الباء في فعلٍ لو ألقيت منه نصب بالفعل لا بالباء يقاس على هذا وما أشبهه.
وقد ذكر عن بعض القراء أنه قرأ: {يقدر} مكان {بقادر}: كما قرأ حمزة: "{وما أنت تهدي العمي}". وقراءة العوام: "بهادي العمي"). [معاني القرآن: 3/56-57]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}" مجازها قادر العرب تؤكد الكلام بالباء وهي مستغنى عنها). [مجاز القرآن: 2/213]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
وأما قوله: {وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} فهو بالباء كالباء في قوله: {كفى باللّه} وهي مثل {تنبت بالدّهن}). [معاني القرآن: 4/17]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ ( {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33)}
دخلت الباء في خبر {إنّ} بدخول (أولم) في أول الكلام، ولو قلت:
ظننت أن زيدا بقائم لم يجز، ولو قلت: ما - ظننت أن زيدا بقائم جاز بدخول ما، ودخول أن إنما هو توكيد للكلام فكأنّه في تقدير أليس اللّه بقادر على أن يحيي الموتى فيما ترون وفيما تعلمونه.
وقد قرئت يقدر على أن يحيي الموتى، والأولى هي القراءة التي عليها أكثر القراء. وهذه جائزة أيضا). [معاني القرآن: 4/447]

تفسير قوله تعالى: (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (34) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: { أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ ...}.
فيه قول مضمر يقال: أليس هذا بالحق بلاغٌ، أي: هذا بلاغ رفع بالاستئناف). [معاني القرآن: 3/57]

تفسير قوله تعالى: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( " {لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ} " رفع للاستئناف). [مجاز القرآن: 2/213]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ}
وقال: { لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ } يقول: ذاك بلاغٌ. وقال بعضهم: "إنّ البلاغ هو القرآن" وإنما يوعظ بالقرآن. ثم قال: {بلاغٌ} أي: هو بلاغ). [معاني القرآن: 4/17]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: ({فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35)}
جاء في التفسير أن أولي العزم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد -صلوات الله عليهم أجمعين-.
قوله: ({لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ}) الرفع على معنى ذلك بلاغ.
والنصب في العربية جيد بالغ. إلا أنه يخالف المصحف، وبلاغا على معنى يبلغون بلاغا كما قال: ({كتاب اللّه عليكم}) منصوب على معنى:
{حرمت عليكم أمّهاتكم}، تأويله: كتب اللّه ذلك كتابا..
وقوله عزّ وجلّ: (فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ) تأويله أنه لا يهلك مع رحمة اللّه وتفضله إلا القوم الفاسقون ولو قرئت " {فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} " كان وجها.
ولا أعلم أحدا قرأ بها.
وما في الرجاء لرحمة اللّه شيء أقوى من هذه الآية ، وهي قوله: ( {فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ}). [معاني القرآن: 4/447-448]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [آية: 35]
قال قتادة هم أربعة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى صلى الله عليهم
وقال مجاهد وعطاء الخراساني أولو العزم من الرسل خمسة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم
وقوله جل وعز: {بلاغ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ } [آية: 35] أي ذلك بلاغ
وقرأ عيسى بن عمر بلاغا وقرأ أبو مجلز بلغ على الأمر
ثم قال جل وعز: {فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} [آية: 35] أي فهل يهلك مع رحمة الله وتفضله إلا القوم الفاسقون). [معاني القرآن: 6/454-455]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:38 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة