العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 شعبان 1431هـ/18-07-2010م, 03:28 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي التفسير اللغوي لسورة غافر

التفسير اللغوي لسورة غافر

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 ذو القعدة 1431هـ/25-10-2010م, 08:33 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي المقدمات والخواتيم

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((مثل الحواميم في القرآن كمثل الحبرات في الثياب.)).
وقال ابن مسعود: (
الحواميم ديباج القرآن.)). [معاني القرآن: 4/365]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 18 ذو القعدة 1431هـ/25-10-2010م, 08:40 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 22]

{حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3) مَا يُجَادِلُ فِي آَيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ (4) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (5) وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (6) الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8) وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ (10) قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (11) ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (12) هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آَيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (13) فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14) رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15) يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (20) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (21) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (22) }

تفسير قوله تعالى: (حم (1) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ حم }: مجازها مجاز أوائل السور , وقال بعض العرب: بل هو اسم، واحتج بقول شريح بن ابي أوفى العبسي:
يذكّرني حاميم والرمح شاجر= فهّلا تلا حاميم قبل التقدمّ
وقال الكميت بن زيد الأسدي:
وجدنا لكم في آل حاميم آيةً = تأوّلها منا تقيٌّ ومعرب
قال يونس: ومن قال هذا القول فهو منكسرٌ عليه ؛ السورة حم ساكنة الحروف , فخرجت مخرج التهجي , وهذه أسماء سور خرجن متحركات , وإذا سميت سورة بشيء من هذه الأحرف المجزومة , دخله الإعراب). [مجاز القرآن: 2/193-194]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({حم (1) تنزيل الكتاب من اللّه العزيز العليم (2) غافر الذّنب وقابل التّوب شديد العقاب ذي الطّول لا إله إلاّ هو إليه المصير}
قال: {حم} , {تنزيل الكتاب من اللّه العزيز العليم} , {غافر الذّنب وقابل التّوب شديد العقاب} : فهذا على البدل لأن هذه الصفة, وأما {غافر الذّنب وقابل التّوب} : فقد يكون معرفة , لأنك تقول: هذا ضارب زيدٍ مقبلاً ؛إذا لم ترد به التنوين, ثم قال: {ذي الطّول} , فيكون على البدل , وعلى الصفة , ويجوز فيه الرفع على الابتداء , والنصب على خبر المعرفة إلا في {ذي الطّول}, فإنه لا يكون فيه النصب على خبر المعرفة ؛ لأنه معرفة, و"التوب" هو جماعة التوبة , ويقال "عومةٌ", و"عومٌ" في "عوم السّفينة", وقال الشاعر:
عوم السّفين فلمّا حال دونهم = فيد القريّات فالفتكان فالكرم)[معاني القرآن: 4/1]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وجاء في التفسير عن ابن عباس - رحمه اللّه - ثلاثة أقوال في :حم.
قال: حم : اسم اللّه الأعظم، وقال: حم : قسم.
وقال: حم: حروف الرحمن مقطعة.
والمعنى: " الر ", و "حم " , و " نون " : بمنزلة الرحمن, وقد فسرنا إعراب حروف الهجاء في أول البقرة, والقراءة فيها على ضربين:
حم بفتح الحاء، وحم بكسر الحاء.
فأمّا الميم فساكنة في قراءة القراء كلهم إلا عيسى بن عمر , فإنه قرأ: {حم والكتاب} ، بفتح الميم، وهو على ضربين: أحدهما أن يجعل حم اسما للسّورة، فينصبه , ولا ينوّنه ؛ لأنه على لفظ الأسماء الأعجمية نحو هابيل وقابيل، ويكون المعنى :اتل حم.
, والأجود أن يكون فتح لالتقاء السّاكنين ؛ حيث جعله اسما للسورة، ويكون حكاية حروف هجاء). [معاني القرآن: 4/365]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (من ذلك قوله جل وعز: {حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم}
روى معمر, عن قتادة قال: حم : اسم من أسماء القرآن
, وقيل معنى حم : حم الأمر.
وفي رواية عكرمة , عن ابن عباس قال: آلر, وحم, ونون : حروف الرحمن جل وعز , مقطعة .
وقرأ عيسى بن عمر : حاميم تنزيل, والمعنى على قراءته اتل حاميم , ولم يصرفه لأنه جعله اسما للسورة
, ويجوز أن يكون فتح لالتقاء الساكنين , والمعنى : هذا تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم). [معاني القرآن: 6/202]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (قال ابن عباس: {الر} , و{حم} , و{ن}: الرحمن , وقيل هو اسم من أسماء الله عز .). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 215]

تفسير قوله تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({حم (1) تنزيل الكتاب من اللّه العزيز العليم (2) غافر الذّنب وقابل التّوب شديد العقاب ذي الطّول لا إله إلاّ هو إليه المصير}
قال: {حم} , {تنزيل الكتاب من اللّه العزيز العليم} , {غافر الذّنب وقابل التّوب شديد العقاب} : فهذا على البدل لأن هذه الصفة, وأما {غافر الذّنب وقابل التّوب} : فقد يكون معرفة لأنك تقول: هذا ضارب زيدٍ مقبلاً إذا لم ترد به التنوين.
ثم قال: {ذي الطّول} فيكون على البدل , وعلى الصفة ويجوز فيه الرفع على الابتداء , والنصب على خبر المعرفة إلا في {ذي الطّول} , فإنه لا يكون فيه النصب على خبر المعرفة لأنه معرفة, و{التوب} :هو جماعة التوبة , ويقال "عومةٌ" , و"عومٌ" في "عوم السّفينة" , وقال الشاعر:
عوم السّفين فلمّا حال دونهم = فيد القريّات فالفتكان فالكرم) [معاني القرآن: 4/1] (م)

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (من ذلك قوله جل وعز: {حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم}
روى معمر, عن قتادة قال: حم : اسم من أسماء القرآن.
وقيل معنى حم : حم الأمر
وفي رواية عكرمة , عن ابن عباس قال: آلر , وحم , ونون: حروف الرحمن جل وعز , مقطعة .
وقرأ عيسى بن عمر : حاميم تنزيل , والمعنى على قراءته اتل حاميم , ولم يصرفه لأنه جعله اسما للسورة
, ويجوز أن يكون فتح لالتقاء الساكنين , والمعنى : هذا تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم.). [معاني القرآن: 6/201-202] (م)


تفسير قوله تعالى: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله عز جل: {غافر الذّنب وقابل التّوب شديد العقاب...}
جعلها كالنعت للمعرفة , وهي نكرة؛ ألا ترى أنك تقول: مررت برجل شديد القلب، إلاّ أنه وقع معها قوله: {ذي الطول}، وهو معرفة فأجرين مجراه. وقد يكون خفضها على التكرير فيكون المعرفة والنكرة سواء. ومثله قوله: {وهو الغفور الودود، ذو العرش المجيد، فعّالٌ لما يريد} فهذا على التكرير؛ لأن فعّال نكرة محضة، ومثله قوله: {رفيع الدرجات ذو العرش}، فرفيع نكرة، وأجرى على الاستئناف، أو على تفسير المسألة الأولى).[معاني القرآن: 3/5]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({غافر الذّنب وقابل التّوب }: مجازها أن يكون مصدراً وجماعاً.
{ذي الطول }: ذي التفضل , تقول العرب للرجل: إنه لذو طول على قومه, أي: ذو فضل عليهم.). [مجاز القرآن: 2/194]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({حم (1) تنزيل الكتاب من اللّه العزيز العليم (2) غافر الذّنب وقابل التّوب شديد العقاب ذي الطّول لا إله إلاّ هو إليه المصير}
قال: {حم} , {تنزيل الكتاب من اللّه العزيز العليم} {غافر الذّنب وقابل التّوب شديد العقاب} : فهذا على البدل لأن هذه الصفة, وأما {غافر الذّنب وقابل التّوب} : فقد يكون معرفة , لأنك تقول: هذا ضارب زيدٍ مقبلاً إذا لم ترد به التنوين, ثم قال: {ذي الطّول}: فيكون على البدل , وعلى الصفة , ويجوز فيه الرفع على الابتداء , والنصب على خبر المعرفة إلا في {ذي الطّول} ,فإنه لا يكون فيه النصب على خبر المعرفة لأنه معرفة, و{التوب}: هو جماعة التوبة ويقال "عومةٌ" , و"عومٌ" في "عوم السّفينة" , وقال الشاعر:
عوم السّفين فلمّا حال دونهم = فيد القريّات فالفتكان فالكرم) [معاني القرآن: 4/1] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ذي الطول}: التفضل).[غريب القرآن وتفسيره: 327]


قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {الطّول}: التفضل, يقال: طل علي برحمتك، أي: تفضل.). [تفسير غريب القرآن: 385]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {غافر الذّنب وقابل التّوب شديد العقاب ذي الطّول لا إله إلّا هو إليه المصير (3)}: على صفات اللّه، فأما خفض {شديد العقاب} فعلى البدل لأنه مما يوصف به النكرة.
وقوله: {ذي الطّول} : معناه : ذي الغنى , والفضل , والقدرة.
تقول: لفلان على فلان طول ؛ إذا كان له عليه فضل.). [معاني القرآن: 4/366]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {غافر الذنب وقابل التوب}
ويجوز أن يكون التوب : جمع توبة , كما قال:-
=فيخبو ساعة ويهب ساعا
ويجوز أن يكون التوب بمعنى التوبة , ثم قال جل وعز: {شديد العقاب ذي الطول}
روى ابن أبي نجيح : ذي الطول , قال: ذي الغنى .
وروى سعيد , عن قتادة قال : ذي النعمة .
قال أبو جعفر : الطول في اللغة الفضل والاقتدار , يقال: لفلان على فلان طول, واللهم طل علينا برحمتك
وروى علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: ذي الطول , قال: ذي السعة والغنى.). [معاني القرآن: 6/202-203]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : (و{قابل التوب} : جمع: توبة، والتوب مصدر: تاب, {ذي الطول}:أي: الغنى والفضل.). [ياقوتة الصراط: 449]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الطَّوْلِ}: التفضل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 215]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الطَّوْلِ}: الفضل). [العمدة في غريب القرآن: 263]


تفسير قوله تعالى: {مَا يُجَادِلُ فِي آَيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ (4)}

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فلا يغررك تقلّبهم في البلاد} :أي , تصرفهم في البلاد للتجارة، وما يكسبون, ومثله: {لا يغرّنّك تقلّب الّذين كفروا في البلاد متاعٌ قليلٌ}.). [تفسير غريب القرآن: 385]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {ما يجادل في آيات اللّه إلّا الّذين كفروا فلا يغررك تقلّبهم في البلاد (4)}
المعنى: في دفع آيات اللّه بالباطل ليدحض به الحق، إلا الذين كفروا.
ومعنى {فلا يغررك تقلبهم في البلاد} : أي: فلا تغررك سلامتهم بعد كفرهم حتى إنهم يتصرفون كيف شاءوا، فإن عاقبة كفرهم العذاب والهلاك.). [معاني القرآن: 4/366]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد}
قال قتادة: أي: فلا يغررك إقبالهم, وإدبارهم, وتصرفهم في أسفارهم.
قال أبو جعفر: مثله قوله جل وعز: {لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل} , والمعنى : لا يغرنك سلامتهم , وأناة الله لهم ؛ فإن عاقبتهم مذمومة ومصيرهم إلى النار.). [معاني القرآن: 6/203-204]


تفسير قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (5)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وهمّت كلّ أمّةٍ برسولهم...}.: ذهب إلى الرجال، وفي حرف عبد الله : {برسولها}، وكلّ صواب). [معاني القرآن: 3/5]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({كذّبت قبلهم قوم نوحٍ والأحزاب من بعدهم وهمّت كلّ أمّةٍ برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحقّ فأخذتهم فكيف كان عقاب}
قال: {وهمّت كلّ أمّةٍ برسولهم} , فجمع على "الكلّ" ؛ لأن "الكلّ" : مذكر معناه معنى الجماعة.). [معاني القرآن: 4/1]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وهمّت كلّ أمّةٍ برسولهم ليأخذوه}: ليهلكوه, من قوله: {فأخذتهم فكيف كان عقاب}.
ويقال: ليحبسوه , ويعذبوه, ويقال للأسير: أخيذ.).[تفسير غريب القرآن: 385]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والأخذ: التعذيب، قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى} أي: تعذيبه. وقال: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} أي عذبنا.
وقال: {وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ} أي ليعذبوه أو ليقتلوه). [تأويل مشكل القرآن: 503] (م)

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ثم بين كيف ذلك، وأعلم أن الأمم التي كذبت قبلهم أنهم أهلكوا بقوله:
{كذّبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمّت كلّ أمّة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحقّ فأخذتهم فكيف كان عقاب (5)}

يعني: عادا, وثمود, وقوم لوط , والأمم التي أهلكت بين ذلك.
{وهمّت كلّ أمّة برسولهم ليأخذوه} : أي: ليتمكنوا منه , فيقتلوه.
{وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق} :أي: ليدفعوا به الحق.
{فأخذتهم}: أي: جعلت جزاءهم على إرادة أخذ الرسل أن أخذتهم, فعاقبتهم.
{فكيف كان عقاب} :أي: إنهم يجتازون بالأمكنة التي أهلك فيها القوم , فيرون آثار الهلاك.). [معاني القرآن: 4/366-367]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم بين أن ذلك كان سبيل من قبلهم , فقال: {كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم} : وهم ثمود , وعاد, وقوم لوط , ومن كان مثلهم.
, وقوله جل وعز: {وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه}
روى معمر, عن قتادة قال: ليأخذوه , فيقتلوه .
قال أبو جعفر, ويبين هذا قوله تعالى: {فأخذتهم}: أي: أهلكتهم , ويقال للأسير: أخيذ.). [معاني القرآن: 6/204]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لِيَأْخُذُوهُ}: أي: ليهلكوه , كما قال تبارك وتعالى: {فأخذتهم فكيف كان عقاب}: أي: فأهلكتهم, وقيل: معناه : ليحبسوه , ويعذبوه.).[تفسير المشكل من غريب القرآن: 215]



تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (6) }
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وكذلك حقّت كلمة ربّك على الّذين كفروا أنّهم أصحاب النّار}
, وقال: {وكذلك حقّت كلمة ربّك على الّذين كفروا أنّهم أصحاب النّار}: أي: لأنهم , أو بأنّهم, وليس {أنّهم} في موضع مفعول, ليس مثل قولك : أأحقّت أنهم لو كان كذلك كان أحقّت أنّهم). [معاني القرآن: 4/1]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وكذلك حقّت كلمت ربّك على الّذين كفروا أنّهم أصحاب النّار (6)}
أي: ومثل ذلك حقت كلمة ربك , يعني به قوله {لأملأن جهنّم}
{أنّهم أصحاب النّار} : ويجوز " إنهم ".).[معاني القرآن: 4/367]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار}
أي: بقوله: {لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين}
قال قتادة : حق عليهم العذاب بكفرهم.). [معاني القرآن: 6/204-205]



تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) }
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({الّذين يحملون العرش ومن حوله يسبّحون بحمد ربّهم ويؤمنون به ويستغفرون للّذين آمنوا ربّنا وسعت كلّ شيءٍ رّحمةً وعلماً فاغفر للّذين تابوا واتّبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم}
وقال: {وسعت كلّ شيءٍ رّحمةً وعلماً} , فانتصابه كانتصاب "لك مثله عبداً" ؛ لأنك قد جعلت "وسعت" لـ"كلّ شيءٍ" , وهو مفعول به , والفاعل التاء , وجئت بـ"الرّحمة" و"العلم" ؛ تفسيرا قد شغل عنها الفعل كما شغل "المثل" بالهاء , فلذلك نصبته تشبيها بالمفعول بعد الفاعل.).[معاني القرآن: 4/2]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أخبر - جلّ وعز - بفضل المؤمنين فقال:{الّذين يحملون العرش ومن حوله يسبّحون بحمد ربّهم ويؤمنون به ويستغفرون للّذين آمنوا ربّنا وسعت كلّ شيء رحمة وعلما فاغفر للّذين تابوا واتّبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم (7)}: يعني الملائكة.
{يسبّحون بحمد ربّهم ويؤمنون به ويستغفرون للّذين آمنوا} : فالمؤمن تستغفر له الملائكة المقرّبون.
ويعني: {ربّنا وسعت كلّ شيء رحمة وعلما فاغفر للّذين تابوا واتّبعوا سبيلك}
المعنى يقولون: ربنا وسعت كل شيء، أي: تقول الملائكة.
وقوله: {رحمة وعلما} : منصوب على التمييز.
{فاغفر للّذين تابوا واتّبعوا سبيلك} : أي: لزموا طريق الهدى التي دعوت إليها). [معاني القرآن: 4/367-368]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم أخبر أن الملائكة إنما يستغفرون للمؤمنين فقال: {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم}
روى معمر , عن قتادة:{ فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك } , قال: تابوا من الشرك , واتبعوا طاعتك.).[معاني القرآن: 6/205]



تفسير قوله تعالى:{رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأدخلهم جنّات عدنٍ...}.
وبعضهم يقرأ {جنة عدن} واحدة، وكذلك هي في قراءة عبد الله: واحدة.
وقوله: {ومن صلح من آبائهم...}
من نصبٌ من مكانين: إن شئت جعلت {ومن} مردودة على الهاء والميم "وأدخلهم"، وإن شئت على الهاء والميم في: "وعدتهم"). [معاني القرآن: 3/5]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {ربّنا وأدخلهم جنّات عدن الّتي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرّيّاتهم إنّك أنت العزيز الحكيم (8)}
{ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرّيّاتهم} : " من " في موضع نصب، عطف على الهاء والميم في قوله: {ربّنا وأدخلهم جنّات عدن}: أي، وأدخل من صلح.
ويصلح أن يكون عطفا على الهاء والميم في قوله: {وعدتهم} فيكون المعنى وعدتهم , ووعدت من صلح من آبائهم.). [معاني القرآن: 4/368]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم}
يروى أن عمر بن الخطاب قال لكعب الأحبار :ما جنات عدن ؟.
قال : قصور من ذهب في الجنة يدخلها النبيون , والصديقون, والشهداء , وأئمة العدل .
قال أبو جعفر : العدن في اللغة : الإقامة , وقد عدن بالمكان : أقام به). [معاني القرآن: 6/205-206 ]



تفسير قوله تعالى: {وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته} : {وقهم السيئات} قال قتادة: أي: العذاب , {ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته قال العذاب}). [معاني القرآن: 6/205-206]



تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ (10) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ينادون لمقت اللّه...}.
المعنى فيه: ينادون أنّ مقت الله إياكم أكبر من مقتكم أنفسكم يوم القيامة؛ لأنهم مقتوا أنفسهم إذ تركوا الإيمان، ولكن اللام تكفي من أن تقول في الكلام: ناديت أن زيداً قائم، وناديت لزيد قائم، ومثله: {ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات} الآية، اللام بمنزلة أنّ في كل كلام ضارع القول مثل: ينادون، ويخبرون، وما أشبه ذلك). [معاني القرآن: 3/6]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({إنّ الّذين كفروا ينادون لمقت اللّه أكبر من مّقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون}
وقال: {ينادون لمقت اللّه أكبر} : فهذه اللام هي لام الابتداء كأنه "ينادون", فيقال لهم لأنّ النداء قول, ومثله في الإعراب: يقال: "لزيدٌ أفضل من عمرٍو"). [معاني القرآن: 4/2]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ينادون لمقت اللّه أكبر من مقتكم أنفسكم}.
قال قتادة: يقول: لمقت اللّه إياكم في الدنيا , حين دعيتم إلى الإيمان، فلم تؤمنوا أكبر من مقتكم أنفسكم , حين رأيتم العذاب). [تفسير غريب القرآن: 385]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {إنّ الّذين كفروا ينادون لمقت اللّه أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون (10)}
معناه: إن الذين كفروا ينادون إذا كانوا في حال العذاب لمقت اللّه إياكم في الدنيا إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون {أكبر من مقتكم أنفسكم} إذ عذبتم في النار.). [معاني القرآن: 4/368]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون}
في الكلام تقديم وتأخير , وقد بينه أهل التفسير :-
قال الحسن : يعطون كتابهم فإذا نظروا في سيئاتهم , مقتوا أنفسهم , فينادون لمقت الله إياكم في الدنيا إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون أكبر من مقتكم أنفسكم اليوم
وقال مجاهد : إذا عاينوا أعمالهم السيئة , مقتوا أنفسهم , فنودوا لمقت الله لكم إذ تدعون إلى الإيمان أكبر من مقتكم أنفسكم إذ عاينتم النار). [معاني القرآن: 6/206-207]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ({ينادون لمقت الله أكبر }: المقت: البغض , والبراءة). [ياقوتة الصراط: 449-450]



تفسير قوله تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (11)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({أمتّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين }: مجازها مجاز قوله: { كنتم أمواتاً فأحييناكم ثمّ يميتكم ثمّ يحيكم ثمّ إليه ترجعون }: فها هنا موتتان , وحياتان.). [مجاز القرآن: 2/194]


قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين}: مثل قوله {كنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم}). [غريب القرآن وتفسيره: 327]


قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {{قالوا ربّنا أمتّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين}، مثل قوله:
{وكنتم أمواتاً فأحياكم ثمّ يميتكم ثمّ يحييكم} , وقد تقدم ذكر ذلك في سورة البقرة). [تفسير غريب القرآن: 385-386]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا ربّنا أمتّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل (11)}
{ربّنا أمتّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا} :أي: قد أريتنا من الآيات ما أوجب أن علينا أن نعترف , وقالوا في {أمتّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين}:أي: خلقتنا أمواتا , ثم أحييتنا , ثم أمتّنا بعد، ثم بعثتنا بعد الموت.
وقد جاء في بعض التفاسير أن إحدى الحياتين، وإحدى الموتتين أن يحيا في القبر ثم يموت، فذالك أدل على أحييتنا وأمتنا، والأول أكثر في التفسير). [معاني القرآن: 4/368]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين}
روى أبو إسحاق , عن أبي الأحوص , عن ابن مسعود قال : هي مثل قوله تعالى: {وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم}
قال أبو جعفر : المعنى على هذا في أمتنا اثنتين : خلقتنا أمواتا , أي : نطفا , ثم أحييتنا , ثم أمتنا , ثم أحييتنا للبعث
وقيل : إحدى الحياتين , وإحدى الموتتين الإحياء في القبر , ثم الموت , وأنهم لم يعنوا حياتهم في الآخرة).). [معاني القرآن: 6/207-208]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ}: حين كنا نطفاً , وحين أمتنا , {وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ}: حين أخرجنا إلى الدنيا وحين يعيدنا). [العمدة في غريب القرآن: 263]



تفسير قوله تعالى: {ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (12)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ذلكم بأنّه إذا دعي اللّه وحده كفرتم}: كذبتم, {وإن يشرك به تؤمنوا} :أي: تصدقوا.). [تفسير غريب القرآن: 386]


قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال: {ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا}، أي: تصدّقوا. والعبد مؤمن بالله، أي مصدّق). [تأويل مشكل القرآن: 481]



تفسير قوله تعالى: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14) }
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم} :أي : كذبتم , وإن يشرك به تؤمنوا , أي : تصدقوا.). [معاني القرآن: 6/208]



تفسير قوله تعالى: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يلقي الرّوح من أمره على من يشاء من عباده...}.
الروح في هذا الموضع: النبوة؛ لينذر من يلقى عليه الروح يوم التلاق, وإنما قيل "التلاق"؛ لأنه يلتقي فيه أهل السماء , وأهل الأرض.). [معاني القرآن: 3/6]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({رفيع الدّرجات ذو العرش يلقي الرّوح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التّلاق}
وقال: {رفيع الدّرجات ذو العرش} :رفيع ,رفع على الابتداء, والنصب جائز لو كان في الكلام على المدح). [معاني القرآن: 4/2]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يلقي الرّوح من أمره}: أي: الوحي).[تفسير غريب القرآن: 386]


قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وكلام الله: روح؛ لأنه حياة من الجهل وموت الكفر، قال: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ}، وقال: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} ). [تأويل مشكل القرآن: 487]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): («من» مكان «الباء»
قال الله تعالى: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} أي بأمر الله.
وقال تعالى: {يلقي الرّوح من أمره}، أي بأمره.
وقال: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ}، أي بكل أمر). [تأويل مشكل القرآن: 574]


قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {رفيع الدّرجات ذو العرش يلقي الرّوح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التّلاق (15)}

جاء في التفسير : أن الروح : الوحي، وجاء أن الروح : القرآن , وجاء أن الروح : أمر النبوة.


فيكون المعنى : تلقي الروح , أو أمر النبوة على من تشاء، على من تختصه بالرسالة.
{لينذر يوم التّلاق} : أي : لينذر النبي صلى الله عليه وسلم بالذي يوحى إليه يوم التلاق، ويجوز أن يكون لينذر اللّه يوم التلاق، والأجود - واللّه أعلم - أن يكون لينذر النبي صلى الله عليه وسلم .
والدليل على ذلك : أنه قرئ لتنذر يوم التلاق بالتاء , ويجوز يوم التلاقي بإثبات الياء، والحذف جائز حسن لأنه آخر آية, ومعنى التلاقي: يوم يلتقي أهل الأرض , وأهل السماء.
وتأويل الروح فيما فسّرنا : أنه به حياة الناس، لأن كل مهتد حيّ، وكل ضالّ كالميّت، قال الله عز وجل: {أموات غير أحياء وما يشعرون أيّان يبعثون}, وقال: {أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في النّاس}.: وهذا جائز في خطاب الناس، يقول القائل لمن لا يفقه عنه ما فيه صلاحه: أنت ميّت). [معاني القرآن: 4/368-369]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده}
روى عكرمة , عن ابن عباس قال: الروح : النبوة.
وروى ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال: الروح: الوحي .
وروى معمر , عن قتادة : يلقي الروح , قال: الوحي والرحمة .
قال أبو جعفر يلقي الوحي على من يختص من عباده وسمي الوحي روحا لأن الناس يحيون به أي يهتدون والمهتدي حي والضال ميت على التمثيل ومنه يقال لمن لم يفقه إنما أنت ميت وقال الله تعالى: {فإنك لا تسمع الموتى}
ثم قال جل وعز: {لينذر يوم التلاق يوم هم بارزون} :أي: لينذر الذي يوحى إليه , ويجوز أن يكون المعنى لينذر الله يوم التلاق .
قال قتادة: أي: يوم يتلاقى أهل السماء , وأهل الأرض , ويلتقي الأولون والآخرون .
{يوم هم بارزون }: قال قتادة : أي لا يسترهم جبل, ولا شيء.).[معاني القرآن: 6/208-210]



تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يوم هم بارزون...}.
هم في موضع رفع بفعلهم بعده، وهو مثل قولك: آتيك يوم أنت فارغ لي.). [معاني القرآن: 3/6]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({يوم هم بارزون لا يخفى على اللّه منهم شيءٌ لّمن الملك اليوم للّه الواحد القهّار}
وقال: {يوم هم بارزون} فأضاف المعنى , فلذلك لا ينون اليوم كما قال: {يوم هم على النّار يفتنون}، وقال: {هذا يوم لا ينطقون} : معناه: هذا يوم فتنتهم, ولكن لما ابتدأ الاسم , وبقي عليه لم يقدر على جرّه , وكانت الإضافة في المعنى إلى الفتنة, وهذا إنما يكون إذا كان "اليوم" في معنى "إذ" وإلا فهو قبيح.
ألا ترى أنك تقول "لقيتك زمن زيدٌ أميرٌ" أي: إذ زيدٌ أمير, ولو قلت "ألقاك زمن زيدٌٍ أمير" لم يحسن.
وقال: {لّمن الملك اليوم} : فهذا على ضمير "يقول".). [معاني القرآن: 4/2-3]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم} أي: يقال هذا.
روى أبو وائل , عن عبد الله بن مسعود قال : يحشر الناس على أرض بيضاء مثل الفضة, لم يعص الله جل وعز عليها قط , فأول ما يقال : {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار}, ثم أول ما ينظر من الخصومات في الدماء , فيحضر القاتل والمقتول ,فيقول : سل هذا لم قتلني؟, , فإن قال: قتلته لتكون العزة لفلان , قيل للمقتول : اقتله كما قتلك , وكذلك إن قتل جماعة أذيق القتل كما أذاقهم في الدنيا , قال : {لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب}.). [معاني القرآن: 6/210-211]



تفسير قوله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {الآزفة...}, وهي: القيامة.
وقوله: {كاظمين...}: نصبت على القطع من المعنى الذي يرجع من ذكرهم في القلوب والحناجر، والمعنى: إذ قلوبهم لدى حناجرهم كاظمين. وإن شئت جعلت قطعه من الهاء في قوله: {وأنذرهم} ، والأول أجود في العربية.
ولو كانت "كاظمون" مرفوعة على قولك: إذ القلوب لدى الحناجر : إذ هم كاظمون، أو على الاستئناف كان صوابا.
وقوله: {ما للظّالمين من حميمٍ ولا شفيعٍ يطاع...}: تقبل شفاعته). [معاني القرآن: 3/6-7]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وأنذرهم يوم الأزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظّالمين من حميمٍ ولا شفيعٍ يطاع}
وقال: {إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين}, فانتصاب {كاظمين} على الحال ؛ كأنه أراد "القلوب لدى الحناجر في هذه الحال".). [معاني القرآن: 4/3]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({الآزفة} : القيامة. سميت بذلك: لقربها, يقال: أزفت , فهي آزفة، وأزف: شخوص فلان، أي قرب.). [تفسير غريب القرآن: 386]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظّالمين من حميم ولا شفيع يطاع (18)}
معنى أنذرهم خوّفهم، والآزفة يوم القيامة، كذا جاء في التفسير.
وإنما قيل لها آزفة لأنها قريبة وإن استبعد الناس مداها.
يقال قد أزف الأمر إذا قرب.
وقوله: {إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين}
نصب{كاظمين}على الحال، والحال محمولة على المعنى لأن القلوب لا يقال لها كاظمة، وإنّما الكاظمون أصحاب القلوب والمعنى إذ قلوب الناس لدى الحناجر في حال كظمهم.
وجاء في التفسير : أن القلب من الفزع يرتفع , فيلتصق بالحنجرة , فلا يرجع إلى مكانه , ولا يخرج ؛ فيستراح من كرب غمّه.
{ما للظّالمين من حميم ولا شفيع يطاع}ْ : {يطاع} من صفة شفيع، أي ولا من شفيع مطاع.). [معاني القرآن: 4/369-370]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين}
قال مجاهد , وقتادة: أي: القيامة.
قال الكسائي : يقال أزف الشيء يأزف , أي: دنا , واقترب .
قال أبو جعفر : قيل للقيامة الآزفة لقربها , وإن بعدت عن الناس , ومنه يقال: أزف رحيل فلان .
ثم قال جل وعز: {إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين}
قال قتادة: شخصت من صدورهم , فنشبت في حلوقهم فلم تخرج , ولم ترجع .
وقال غيره: تزحزحت قلوبهم من الفزع , فلم تخرج فيستريحوا , ولم ترجع .
ثم قال تعالى: {كاظمين} :أي: مغتاظين , ولا شيء يزيل غيظهم , يقال : كظم البعير بجرته إذا رددها في حلقه , وكظم غيظه إذا حبسه .
ثم قال جل وعز: {ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع} :أي :ليس لهم شفيع مطاع.
قال الحسن: استكثروا من الأصدقاء المؤمنين , فإن الرجل منهم يشفع في قريبه وصديقه , فإذا رأى الكفار ذلك , قالوا: فما لنا من شافعين , ولا صديق حميم). [معاني القرآن: 6/211-212]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْآزِفَةِ}: القيامة سميت بذلك لقربها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 215]



تفسير قوله تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (ثم قال: {يعلم خائنة الأعين} : يعني: الله عز وجل، يقال: إنّ للرجل نظرتين: فالأولى مباحة له، والثانية محرمة عليه، فقوله: {يعلم خائنة} : الأعين في النظرة الثانية، وما تخفى الصدور في النظرة الأولى, فإن كانت النظرة الأولى تعمّداً , كان فيها الإثم أيضاً، وإن لم يكن تعمّدها فهي مغفورة). [معاني القرآن: 3/7]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({يعلم خائنة الأعين}, قال قتادة: هي همزه بعينه , وإغماضه فيما لا يحب اللّه.
والخيانة والخائنة واحد, قال اللّه تعالى: {ولا تزال تطّلع على خائنةٍ منهم} ). [تفسير غريب القرآن: 386]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور (19)}
إذا نظر الناظر نظرة خيانة علمها اللّه، فإذا نظر أول نظرة غير متعمد خيانة فذلك غير إثم، فإن عاد ونيته الخيانة في النّظر علم الله ذلك، والله عزّ وجلّ عالم الغيب والشهادة، ولكنه ذكر العلم ههنا ؛ ليعلم أن المجازاة لا محالة واقعة). [معاني القرآن: 4/370]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور}
قال ابن عباس : (هو الرجل ينظر إلى المرأة , فإذا نظر إليه أصحابه غض بصره , فإذا رأى منهم غفلة تدسس , فإذا نظروا إليه غض بصره , وقد علم الله جل وعز منه أن بوده أن لو نظر إلى عورتها) .
وقال جرير بن عبد الله : (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة , فأمرني أن أغض بصري).). [معاني القرآن: 6/212-213]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ}: أي: خيانة , وهو همزه , وإغماضه بعينه.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 216]



تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (21) }
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وآثارا في الأرض}
قال مجاهد: هو مشيهم , وتأثيرهم في الأرض.). [معاني القرآن: 6/213]


تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (22) }


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 18 ذو القعدة 1431هـ/25-10-2010م, 08:57 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 23 إلى 35]

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (23) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (24) فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (25) وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (26) وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (27) وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ (31) وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34) الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (23)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والسلطان: الحجّة، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ} أي حجة.
وقال: {مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} أي: حجّة في كتاب الله وقال: {أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ} أي حجّة.
وقال: {أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ}، أي: حجة وعذر). [تأويل مشكل القرآن: 504] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين (23)} : أي: بعلاماتنا التي تدلّ على صحة نبوته، من العصا , وإخراج يده بيضاء من غير سوء , وأشباه ذلك.
{وسلطان مبين}:أي: حجة ظاهرة.). [معاني القرآن: 4/370]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين} : بآياتنا , أي: بالعلامات التي تدل على رسالته نحو العصا, وما أشبهها , وسلطان مبين , أي: وحجة مبينة). [معاني القرآن: 6/213-214]

تفسير قوله تعالى: {إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (24) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذّاب (24)} : هذه الأسماءفي موضع خفض إلّا أنها فتحت ؛ لأنها لا تنصرف ؛ لأنها معرفة , وهي أعجمية.
{فقالوا ساحر كذّاب} : المعنى : فقالوا: هو ساحر كذاب، جعلوا أمر الآيات التي يعجز عنها المخلوقون سحرا.). [معاني القرآن: 4/370]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم أعلم جل وعز: أنهم ردوا الآيات التي يعجز عنها المخلوقون , بأن قالوا : ساحر كذاب {فقالوا ساحر كذاب} ). [معاني القرآن: 6/214]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (25) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فلمّا جاءهم بالحقّ من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الّذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم وما كيد الكافرين إلّا في ضلال (25)}
وإنه كان قيل لفرعون: إن ملكه يزول بسبب غلام يولد، فقيل: افعلوا هذا حتى لا ينجو المولود.
{وما كيد الكافرين إلا في ضلال}: أي : يذهب باطلا، ويحيق الله به ما يريد.). [معاني القرآن: 4/370-371]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم}
روى معمر , عن قتادة قال: (هذا بعد القتل الأول).).
[معاني القرآن: 6/214]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (26)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أو أن يظهر في الأرض الفساد...}.
رفع (الفساد) الأعمش، وعاصم جعلا له الفعل. وأهل المدينة والسلمي قرءوا:
{وأن يظهر في الأرض الفساد} , نصبوا الفساد، وجعلوا يظهر لموسى. وأهل المدينة يلقون الألف الأولى يقولون: وأن يظهر، وكذلك هي في مصاحفهم. وفي مصاحف أهل العراق: "أو أن يظهر" .
المعنى أنه قال: إني أخاف التبديل على دينكم، أو أن يتسامع الناس به ، فيصدقوه , فيكون فيه فساد على دينكم.).
[معاني القرآن: 3/7]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربّه إنّي أخاف أن يبدّل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد (26)}
{أو أن يظهر في الأرض الفساد} : على هذا مصاحف أهل العراق، وفي مصحف أهل الحجاز: {وأن يظهر} بغير ألف، ويجوز وأن يظهر، ومعنى أو وقوع أحد الشيئين , فالمعنى على (أو) : أن فرعون قال: إني أخاف أن يبدل دينكم , أو يفسد، فجعل طاعة الله تعالى هي الفساد، فيكون المعنى إني أخاف أن يبطل دينكم ألبتّة، فإن لم يبطله , أوقع فيه الفساد.
ومن قرأ " وأن " , فيكون المعنى: أخاف إبطال دينكم والفساد معه.).
[معاني القرآن: 4/371]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ومعنى: {إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد}
قال أبو جعفر : أخاف أن يكون أحد الأمرين , إما أن يذهب دينكم البتة , وإما أن يستميل , فيفسد عليكم ويحاربكم .
ويقرأ:
{وأن يظهر في الأرض الفساد } , أي: أخاف الأمرين جميعا). [معاني القرآن: 6/214-215]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وقال فرعون ذروني أقتل موسى}, قال: لم يسألهم من باب الأمر والنهي، ولكن من باب المشورة، أي: أشيروا علي.).[ياقوتة الصراط: 450]

تفسير قوله تعالى:{وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربّي اللّه وقد جاءكم بالبيّنات من ربّكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الّذي يعدكم إنّ اللّه لا يهدي من هو مسرف كذّاب (28)}
جاء في التفسير : أن هذا الرجل أعني مؤمن آل فرعون، كان أن يسمى: سمعان، وقيل: كان اسمه حبيبا، ويكون
{من آل فرعون} : صفة للرجل، ويكون {يكتم إيمانه} معه محذوف، ويكون المعنى يكتم إيمانه منهم، ويكون يكتم من صفة رجل، فيكون المعنى: وقال رجل مؤمن يكتم إيمانه من آل فرعون.
{أتقتلون رجلا أن يقول ربّي اللّه} : المعنى لأن يقول ربي اللّه.
{وقد جاءكم بالبيّنات من ربّكم}: أي: بما يدل على صدقه من آيات النبوة {وإن يك كاذبا فعليه كذبه} , أي: فلا يضركم.
{وإن يك صادقا يصبكم بعض الّذي يعدكم} : وهذا من لطيف المسائل؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا وعد وعدا وقع الوعد بأسره، لم يقع بعضه، فالسؤال في هذا من أين جاز أن يقول: بعض الذي يعدكم؟، وحق اللفظ كل الذي يعدكم , فهذا باب من النظر يذهب فيه المناظر إلى الزام الحجة بأيسر ما في الأمر، , وليس في هذا نفي إصابة الكل ومثل هذا قول الشاعر:
قد يدرك المتأنّي بعض حاجته = وقد يكون مع المستعجل الزّلل
إنما ذكر البعض ليوجب له الكل، لا أن البعض هو الكل ولكن للقائل إذا قال أقل ما يكون للمتأني إدراك بعض الحاجة، وأقل ما يكون للمستعجل الزلل، فقد أبان فضل المتأني على المستعجل بما لا يقدر الخصم أن يدفعه.
وكان مؤمن آل فرعون قال لهم: أقل ما يكون في صدقه أن يصيبكم بعض الذي يعدكم، وفي بعض ذلك هلاككم، فهذا تأويله , واللّه أعلم).
[معاني القرآن: 4/371-372]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه}
يجوز أن يكون المعنى : وقال رجل مؤمن يكتم إيمانه من آل فرعون على التقديم والتأخير
ويجوز أن يكون المعنى : وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه :
{ أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله } أي: لأن يقول , وإن يك كاذبا فعليه كذبه , أي : لا يضركم منه شيء.
وقوله جل وعز:
{وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم}: هذه آية مشكلة ؛ لأن كل ما وعد به نبي كان فهذا موضع كل , ففيها أجوبة:
-منها أن بعضا بمعنى كل , وهذا مذهب أبي عبيدة وأنشد:
=أو يرتبط بعض النفوس حمامها
وهذا قول مرغوب عنه ؛ لأن فيه بطلان البيان .
-قال أبو إسحاق : في هذا إلزام الحجة للمناظر , أن يقال: أرأيت إن أصابك بعض ما أعدك , أليس فيه هلاكك؟ , فالمعنى : إن لم يصبكم إلا بعض ما وعدكم موسى , هلكتم , قال ومثله قول الشاعر:
قد يدرك المتأني بعض حاجته = وقد يكون مع المستعجل الزلل
أي : أقل أحوال المتأني أن يدرك بعض حاجته .
-وقيل: ليس في قوله:
{يصبكم بعض الذي يعدكم} : نفي للكل.
-وقيل: الأنبياء صلى الله عليهم يدعون على قومهم , فيقولون :اللهم اخسف بهم , اللهم أهلكهم في أنواع من الدعاء , فيصيبهم بعض ذلك .
-وفي الآية جواب خامس , وهو: أن موسى وعدهم بعذاب الدنيا معجلا إن كفروا , وبعذاب الآخرة , وإنما يلحقهم في الدنيا ما وعدهم به فيها , وعذاب الآخرة مؤخر , فعلى هذا يصيبهم بعض الذي يعدهم .
ثم قال جل وعز:
{إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب}
أي : كافر
وقال قتادة :أي: (أسرف على نفسه بالشرك)
وقال السدي : (وهو صاحب الدم).).
[معاني القرآن: 6/216-218]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ({يصبكم بعض الذي يعدكم}
قال ثعلب: وعدهم شيئين من العذاب: عذاب الدنيا، وعذاب الآخرة، فقال: يصبكم هذا العذاب في الدنيا، وهو بعض الوعيدين.).
[ياقوتة الصراط: 450]

تفسير قوله تعالى: {يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والبأس: الشدة بالعذاب، قال الله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} أي عذابنا.
وقال تعالى: {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا} وقال: {فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ} أي: يمنعنا من عذاب الله). [تأويل مشكل القرآن: 505] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس اللّه إن جاءنا قال فرعون ما أريكم إلّا ما أرى وما أهديكم إلّا سبيل الرّشاد (29)}
هذه حكاية قول مؤمن آل فرعون, أعلمهم اللّه أن لهم الملك في حال ظهورهم على جميع الناس).
[معاني القرآن: 4/372]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد}
روي , عن معاذ بن جبل أنه قرأ:
{سبيل الرشاد} بتشديد الشين , وقال: (سبيل الله جل وعز)
قال أبو جعفر : وهذا عند أكثر أهل اللغة العربية لحن ؛ لأنها إنما يقال : أرشد يرشد, ولا يكون فعال من أفعل , إنما يكون من الثلاثي , وإن أردت التكثير من الرباعي قلت مفعال .
قال أبو جعفر: يجوز أن يكون رشاد بمعنى يرشد , لا على أنه مشتق منه , ولكن كما يقال: لأل من اللؤلؤ , فهو بمعناه , وليس جاريا عليه , ويجوز أن يكون رشاد من : رشد , يرشد , أي: صاحب رشاد كما قال:
=كليني لهم يا أميمة ناصب)[معاني القرآن: 6/219]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( ثم أعلمهم أن بأس اللّه لا يدفعه داف, ع ولا ينصر منه ناصر فقال: {فمن ينصرنا من بأس اللّه إن جاءنا}
{وقال الّذي آمن يا قوم إنّي أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب (30)}:أي: مثل يوم حزب حزب، والأحزاب ههنا : قوم نوح , وعاد , وثمود , ومن أهلك بعدهم وقبلهم). [معاني القرآن: 4/372]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب}
قال قتادة : هم قوم نوح , وعاد , وثمود.).
[معاني القرآن: 6/219]

تفسير قوله تعالى: {مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ (31)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ومعنى: {مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والّذين من بعدهم وما اللّه يريد ظلما للعباد (31)}
مثل عادة، وجاء في التفسير مثل : حال قوم نوح، أي أخاف عليكم أن تقيموا على كفركم, فينزل بكم ما نزل بالأمم السالفة المكذبة رسلهم).
[معاني القرآن: 4/373]

تفسير قوله تعالى: {و َيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {[و] يا قوم إنّي أخاف عليكم يوم التّناد...}.
قرأها العوام على التناد بالتخفيف، وأثبت الحسن وحده فيه الياء، وهي من تنادى القوم...
- وحدثني حبان , عن الأجلح , عن الضحاك بن مزاحم أنه قال:
(تنزل الملائكة من السموات، فتحيط بأقطار الأرض، ويجاء بجهنم، فإذا رأوها هالتهم، فندّوا في الأرض كما تند الإبل، فلا يتوجهون قطراً إلا رأوا ملائكة فيرجعون من حيث جاءوا، وذلك قوله: {يا معشر الجنّ والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض} , وذلك قوله: {وجاء ربّك والملك صفًّا صفًّا، وجيء يومئذٍ بجهنّم} وذلك قوله: {ويوم تشقّق السّماء بالغمام ونزّل الملائكة تنزيلاً}).
قال الأجلح: وقرأها الضحاك:
{التنادّ} مشددة الدال.
قال حبان: وكذلك فسّرها الكلبي , عن أبي صالح , عن ابن عباس...
ومن قرأها
{التناد} خفيفة : أراد يوم يدعو أهل الجنة أهل النار، وأهل النار أهل الجنة، وأصحاب الأعراف رجالاً يعرفونهم).[معاني القرآن: 3/8]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({يوم التّناد} :أي : يوم يتنادي الناس: ينادي بعضهم بعضا.
ومن قرأ: التّناد بالتشديد، فهو من «ند يند»: إذا مضي على وجهه , يقال: ندت الإبل، إذا شردت وذهبت).
[تفسير غريب القرآن: 386]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ويا قوم إنّي أخاف عليكم يوم التّناد (32)}
{التّناد}:بكسر الدال , وقرأ الحسن :يوم التنادي, بإثبات الياء , وأكثر القراءة: التناد، وقرأ ابن عباس يوم التنادّ , بتشديد الدال، والأصل التنادي , وإثبات الياء الوجه، وحذفها حسن جميل ؛ لأن الكسرة تدل عليها الياء , وهو رأس آية، وأواخر هذه الآيات على الدال.
ومعنى : يوم التنادي: يوم ينادي
{أصحاب الجنّة أصحاب النّار أن قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقّا} , وينادي {أصحاب النّار أصحاب الجنّة أن أفيضوا علينا من الماء}.
ويجوز - واللّه أعلم - أن يكون " يوم الئناد ": يوم يدعي كل أناس بإمامهم.
ومن قرأ يوم التنادّ , بتشديد الدال، فهو من قولهم ندّ فلان, وندّ البعير إذا هرب على وجهه، ومما يدل على هذا قوله:
{يوم تولّون مدبرين}, وقوله :{يوم يفرّ المرء من أخيه (34) وأمّه وأبيه (35)}
وجاء في التفسير : أنهم يؤمر بهم إلى النار فيفرون , ولا يعصمهم من النار).
[معاني القرآن: 4/373]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد}
وقرأ الضحاك : يوم التناد , بتشديد الدال
قال أهل العربية : هذا لحن , لأنه من: ند يند , إذا مر على وجهه هاربا , كما قال الشاعر:
وبرك هجود قد أثارت مخافتي = نواديها أسعى بعضب مجرد
قال : ولا معنى لهذا في القيامة.
قال أبو جعفر: هذا غلط , والقراءة به حسنة .
روى صفوان بن عمرو , عن عبد الله بن خالد قال :
(يظهر للناس يوم القيامة عنق من نار , فيولون هاربين منها حتى تحيط بهم , فإذا أحاطت بهم , قالوا أين المفر ؟, ثم أخذوا في البكاء حتى تنفد الدموع , فيكون دما , ثم تشخص أبصار الكفار , فذلك قوله تعالى: {مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم}
ويروي : أنه إذا أمر بهم إلى النار , ولوا هاربين منها, ولو لم يكن في الاحتجاج بالقراءة إلا قوله تعالى: {يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم}لكفى) .
فأما معنى التخفيف , فقال قتادة في قوله:
{إني أخاف عليكم يوم التناد} , قال : يوم ينادى كل قوم بأعمالهم , وينادي أهل الجنة أهل النار
وقال عبد الله بن خالد :
(إذا حشر الناس يوم القيامة نادى بعضهم بعضا حتى يظهر لهم عنق من النار فيولون هاربين).).[معاني القرآن: 6/220-222]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَوْمَ التَّنَادِ}: ينادي بعضهم بعضاً , ومن شدد الدال فهو من : ند البعير شرق , ومضى لوجهه, وتصديق هذه القراءة: {يوم يفر المرء من أخيه} ..الآية).[تفسير المشكل من غريب القرآن: 216]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) }
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {ما لكم من الله من عاصم}
قال قتادة: (أي : من ناصر)).
[معاني القرآن: 6/222]

تفسير قوله تعالى:{وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبيّنات فما زلتم في شكّ ممّا جاءكم به حتّى إذا هلك قلتم لن يبعث اللّه من بعده رسولا كذلك يضلّ اللّه من هو مسرف مرتاب (34)}
أي : الآيات المعجزات.
{حتى إذا هلك قلتم لن يبعث اللّه من بعده رسولا}: أي: أقمتم على كفركم , وظننتم أنه لا يجدد عليكم إيجاب الحجة.
{كذلك يضلّ اللّه من هو مسرف مرتاب}:أي: مثل ذلك الضلال يضل اللّه من هو مسرف مرتاب.
{مسرف}:ههنا كافر، و {مرتاب} :شاكّ في أمر اللّه وأنبيائه). [معاني القرآن: 4/374]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات}
أي : من قبل موسى بالبينات , أي: بالآيات المعجزات .
{فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا}
أي : ظننتم أن الحجة لا تقام عليكم بعده , كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب , أي: مثل هذا الضلال, يضل الله من هو مسرف مرتاب).
[معاني القرآن: 6/222]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {كبر مقتاً عند اللّه...}.
أي: كبر ذلك الجدال مقتا، ومثله:
{كبرت كلمةً تخرج من أفواههم} :أضمرت في كبرت قولهم: {اتّخذ اللّه ولداً} , ومن رفع الكلمة , لم يضمر، وقرأ الحسن بذلك برفع الكلمة :{كبرت كلمةٌ تخرج}.
وقوله:
{على كلّ قلب متكبّرٍ جبّارٍ...}.
يضيف القلب إلى المتكبر، ومن نوّن جعل القلب هو المتكبر الجبار، وهي في قراءة عبد الله
{كذلك يطبع اللّه على قلب كلّ متكبر جبار}: فهذا شاهدٌ لمن أضاف، والمعنى في تقدم القلب , وتأخره واحد ,والله أعلم.
قال: سمعت بعض العرب يرجّل شعره يوم كل جمعة، يريد: كل يوم جمعة، والمعنى واحد).
[معاني القرآن: 3/8-9]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({الّذين يجادلون في آيات اللّه بغير سلطان أتاهم كبر مقتاً عند اللّه وعند الّذين آمنوا كذلك يطبع اللّه على كلّ قلب متكبّرٍ جبّارٍ}
وقال:
{على كلّ قلب متكبّرٍ جبّارٍ} , فمن نون جعل "المتكبّر الجبار" من صفته , ومن لم ينون أضاف "القلب" إلى المتكبر). [معاني القرآن: 4/3]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {الّذين يجادلون في آيات اللّه بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند اللّه وعند الّذين آمنوا كذلك يطبع اللّه على كلّ قلب متكبّر جبّار (35)}
(الذين) في موضع نصب على الرد على " من " , أي: كذلك اللّه يضل الذين يجادلون في آيات اللّه بغير حجة أتتهم.
ويجوز أن يكون موضع (الذين) رفعا على معنى :
{من هو مسرف مرتاب }:هم الذين يجادلون.
وقوله عزّ وجلّ:
{كبر مقتا عند اللّه وعند الّذين آمنوا} :أي: كبر جدالهم مقتا عند الله , وعند الذين آمنوا.
{كذلك يطبع اللّه على كلّ قلب متكبّر جبّار} : ويقرأ على كل قلب متكبّر، والأول الوجه؛ لأن المتكبر هو الإنسان, وقد يجوز أن تقول: قلب متكبّر، أي صاحبه متكبّر). [معاني القرآن: 4/374]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم}
على البدل من
{من} , ومعنى :{كبر مقتا }: كبر الجدال مقتا .
ثم قال جل وعز:
{كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار}
وفي قراء عبد الله بن مسعود :
{على قلب كل متكبر جبار} : ومعنى هذه القراءة كمعنى الأولى , كما يقال: أنا أكلم فلانا يوم كل جمعة , وكل يوم جمعة
فأما التنوين , فإنه يقال: قلب متكبر , أي : صاحبه متكبر.).
[معاني القرآن: 6/224]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 ذو القعدة 1431هـ/25-10-2010م, 09:02 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 36 إلى 55]

{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37) وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآَخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40) وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآَخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46) وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ (47) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ (48) وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ (49) قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (50) إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52) وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (53) هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (54) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55)}

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لّعلّي أبلغ الأسباب... (أسباب السّماوات) فأطّلع...}.
بالرفع، يردّه على قوله: "أبلغ". ومن جعله جوابا للعلّي نصبه، وقد قرأ به بعض القراء قال: وأنشدني بعض العرب:
علّ صروف الدّهر أو دولاتها
= يدللنا اللّمّة من لمّاتها
= فتستريح النفس من زفراتها
فنصب على الجواب بلعلّ).
[معاني القرآن: 3/9]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحاً لّعلّي أبلغ الأسباب}
وقال:
{يا هامان ابن لي} : بعضهم يضم النون , كأنه اتبعها ضمة النون التي في {هامان} , كما قالوا "منتنٌ" فكسروا الميم للكسرة التي في التاء , وبينها حرف ساكن فلم يحل, وكذلك لم يحل الباء في قوله: {ابن لي}).[معاني القرآن: 4/3]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (السبب والحبل
السّبب أصله: الحبل.
ثم قيل: لكل شيء وصلت به إلى موضع، أو حاجة تريدها: سبب.
تقول: فلان سببي إليك، أي وصلني إليك. وما بيني وبينك سبب، أي آصرة رحم، أو عاطفة مودّة.
ومنه قيل للطريق: سبب؛ لأنّك بسلوكه تصل إلى الموضع الذي تريده، قال عز وجل: {فَأَتْبَعَ سَبَبًا} أي: طريقا.
وأسباب السماء: أبوابها؛ لأن الوصول إلى السماء يكون بدخولها. قال الله عز وجل- حكاية عن فرعون: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ}.
وقال زهير:
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه = ولو نالَ أسبابَ السَّمَاءِ بسُلَّمِ). [تأويل مشكل القرآن: 464] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلّي أبلغ الأسباب (36)}: والصرح القصر، وكل بناء عظيم فهو صرح.
{لعلّي أبلغ الأسباب} : جاء في التفسير : أبواب السماء، , والأسباب في اللغة ما اتصل بالشيء.
وكذلك يقال : للحبل سبب؛ لأنه يوصل بالأشياء.
وجاء في التفسير: أيضا طرق السّماوات.
فالمعنى - واللّه أعلم, لعلي أبلغ إلى الذي يؤديني إلى السّماوات).
[معاني القرآن: 4/374-375]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا}
أي: قصرا , وكل بناء عظيم صرح .
{لعلي أبلغ الأسباب}, قال قتادة : أي: الأبواب .
والسبب في اللغة : ما يؤدي إلى الشيء , فالمعنى لعلي أبلغ ما يؤدي إلى السموات).
[معاني القرآن: 6/224]

تفسير قوله تعالى: {أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لّعلّي أبلغ الأسباب... (أسباب السّماوات) فأطّلع...}.
بالرفع، يردّه على قوله: "أبلغ", ومن جعله جوابا للعلّي نصبه، وقد قرأ به بعض القراء قال: وأنشدني بعض العرب:
علّ صروف الدّهر أو دولاتها
= يدللنا اللّمّة من لمّاتها
=فتستريح النفس من زفراتها
, فنصب على الجواب بلعلّ).
[معاني القرآن: 3/9] (م)
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({في تباب} : في هلكة). [مجاز القرآن: 2/194]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( و{لعلّي أبلغ الأسباب (36) أسباب السّماوات} : أي: أبوابها.
{في تبابٍ} : أي : بطلان, وكذلك: الخسران, ومنه: {تبّت يدا أبي لهبٍ وتبّ} ، وقوله: {وما زادوهم غير تتبيبٍ} ).[تفسير غريب القرآن: 387]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أسباب السّماوات فأطّلع إلى إله موسى وإنّي لأظنّه كاذبا وكذلك زيّن لفرعون سوء عمله وصدّ عن السّبيل وما كيد فرعون إلّا في تباب (37)}
ويقرأ :
{فأطلع} : بالرفع والنصب.
{وإنّي لأظنّه كاذبا} : هذا قول فرعون، يقول : وإن كنت زعمت أني أطلع إلى إله موسى، فأنا قلت هذا على دعوى موسى لا على أني على يقين من ذلك.
فيروى : أن هامان طبخ الآجر , لبناء الصرح, وأن أول من طبخ الآجر هامان.
{وكذلك زيّن لفرعون سوء عمله} : موضع الكاف نصب المعنى {زيّن لفرعون سوء عمله}: مثل ما وصفنا.
{وصدّ عن السّبيل} : أي صدّ عن السّبيل المستقيم, أي: المستقيمة , بكفره.
{وما كيد فرعون إلّا في تباب} : إلا في خسران، يقال: تبّت يداه أي خسرتا). [معاني القرآن: 4/375]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل}
ويقرأ :
{وصد عن السبيل } , وهو اختيار أبي عبيد.
وروي , عن ابن أبي إسحاق :
{وصد عن السبيل } .
قالوا أبو جعفر : وأحسنها
{ وصد عن السبيل } , كما قال تعالى: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله} .
وقول أبي عبيد في اختياره : ليس بشيء؛ لأن من قرأه بالضم, فالمعنى عنده على ما ذكر أبو حاتم: وصده الشيطان عن السبيل , كما قال: وزين لهم الشيطان أعمالهم , فصدهم عن السبيل المستقيمة .
ثم قال جلا وعز:
{وما كيد فرعون إلا في تباب}
قال مجاهد , وقتادة: أي في خسار
قال أبو جعفر من هذا قوله جل وعز:
{تبت يدا أبي لهب}
وقوله:
{وما زادوهم غير تتبيب} ).[معاني القرآن: 6/224-226]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فِي تَبَابٍ}: أي: بطلان.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 216]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَبَابٍ}: هلاك.). [العمدة في غريب القرآن: 263]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({وقال الّذي آمن يا قوم اتّبعون أهدكم سبيل الرّشاد (38)}
يعني : سبيل القصد إلى اللّه عزّ وجلّ، وأخرجكم عن سبيل فرعون, فأهدكم جزم جواب للأمر.
المعنى : إن تتبعوني أهدكم.).
[معاني القرآن: 4/375]

تفسير قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يرزقون فيها بغير حسابٍ}: أي : بغير تقدير.). [تفسير غريب القرآن: 387]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها} , قال قتادة : يعني : شركا.). [معاني القرآن: 6/226]

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة}
قال مجاهد : إلى الإيمان بالله عز وجل.).
[معاني القرآن: 6/226]

تفسير قوله تعالى: (تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) )
تفسير قوله تعالى: {لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآَخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( (لا جَرَمَ) قالَ الفرَّاء: هي بمنزلةِ لا بُدَّ ولا مَحَالةَ، ثمَّ كَثُرَت في الكلام حتى صارت بمنزلة حقًّا.
وأصلها من جَرَمْتُ: أي كَسَبْتُ.
وقال في قول الشاعر:
ولقد طعنتُ أبا عيينةَ طعنةً = جَرَمَتْ فَزَارَةُ بعدَها أَن يَغْضَبُوا
أي: كَسَبْتُهُمُ الغَضَبَ أَبَدًا.
قال: وليس قول من قال: (حُقَّ لِفَزَارَةَ الغَضَبُ) بِشيء.
ويقال: فلان جَارِمُ أَهْلِهِ، أَي كاسبُهُم وَجَرِيمَتُهُم.
ولا أحسبُ الذَّنبَ سُمِّيَ جُرْمًا إِلاَّ مِن هَذَا: لأَنَّهُ كَسْبٌ واقترِافٌ). [تأويل مشكل القرآن: 550-551] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({لا جرم أنّما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدّنيا ولا في الآخرة وأنّ مردّنا إلى اللّه وأنّ المسرفين هم أصحاب النّار (43)}
يعني: أنه ليس له استجابة دعوة في الدنيا , ولا في الآخرة.
قال سيبويه: سألت الخليل عن قوله:
{لا جرم}، فقال: لا جرم ردّ لكلام. والمعنى وجب أن لهم النّار، وحق أن لهم النار.
وأنشد:
ولقد طعنت أبا عيينة طعنة = جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا
المعنى: كسبتهم الغضب، وأحقّتهم بالغضب.
فمعنى
{لا جرم أنّما تدعونني إليه}: لقد وجب أن ما تدعونني إليه ليس له دعوة , أي: وجب بطلان دعوته.
{وأنّ مردّنا إلى اللّه} : وجب مردنا إلى اللّه، وكذلك {وأنّ المسرفين هم أصحاب النّار} ). [معاني القرآن: 4/375-376]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {لا جرم أن ما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة}
قال مجاهد : يعني: الأوثان.
قال أبو جعفر : قال الخليل: معنى :
{لا جرم}: حقا, وقد جرم الشيء, أي: حق , وأنشد:
ولقد طعنت أبا عيينة طعنة = جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا
قال أبو جعفر: فأما دخول لا على جرم, فلتدل على أنه جواب لكلام , وأنه ليس مستأنفا.
فالمعنى : وجب بطلان ما تدعونني إليه , أي: ليس له استجابة دعوة تنفع.
وقوله:
{وأن المسرفين هم أصحاب النار}
قال عبد الله بن مسعود :
(هم السفاكون للدماء) , وكذلك قال عطاء ومجاهد). [معاني القرآن: 6/226-228]

تفسير قوله تعالى: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فوقاه اللّه سيّئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب}
وقال:
{وحاق بآل فرعون سوء العذاب}, {النّار} , فإن شئت جعلت {النار} بدلا من {سوء العذاب} , ورفعتها على {حاق} , وإن شئت جعلتها تفسيرا , ورفعتها على الابتداء ؛ كأنك تقول: "هي النار" , وإن شئت جررت على أن تجعل {النار} بدلا من {العذاب} , كأنك أردت: "سوء النار"). [معاني القرآن: 4/3-4]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({حاق بهم}: نزل بهم). [غريب القرآن وتفسيره: 327]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فوقاه الله سيئات ما مكروا}
قال قتادة : كان رجلا من القبط , فنجاه الله مع بني إسرائيل.).
[معاني القرآن: 6/228]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {حَاقَ بهم}: حل بهم , ونزل.). [العمدة في غريب القرآن: 263]

تفسير قوله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {النّار يعرضون عليها...}.
رفعت
{النار} بما عاد من ذكرها في عليها، ولو رفعتها بما رفعت به {سوء العذاب} كان صوابا، ولو نصبت على أنها وقعت بين راجع من ذكرها، وبين كلام يتصل بما قبلها كان صوابا، ومثله: {قل أفأنبّئكم بشرٍّ من ذلكم النار وعدها}.
وقوله:
{غدوًّا وعشيًّا...}.: ليس في الآخرة غدو ولا عشي، ولكنه مقادير عشيات الدنيا وغدوها.
وقوله:
{و يوم تقوم السّاعة أدخلوا آل فرعون...}.
همز الألف يحيى بن وثاب , وأهل الحجاز، وخففها عاصم , والحسن فقرأ :
{ويوم تقوم السّاعة ادخلوا آل فرعون} , ونصب ها هنا آل فرعون على النداء: ادخلوا يا آل فرعون أشد العذاب، وفي المسألة الأولى توقّع عليهم "أدخلوا"). [معاني القرآن: 3/9-10]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({النّار يعرضون عليها غدوّاً وعشيّاً ويوم تقوم السّاعة أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب}
وقال:
{غدوّاً وعشيّاً ويوم تقوم السّاعة أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب} , وفيه ضمير "يقال لهم ادخلوا يا آل فرعون" .
وقال بعضهم: {أدخلوا} فقطع , وجعله من "أدخل يدخل", وقال:
{غدوّاً وعشيّاً ويوم تقوم السّاعة} , فإنما هو مصدر كما تقول: "آتيه ظلاماً" تجعله ظرفا , وهو مصدر جعل ظرفا , ولو قلت "موعدك غدرةٌ" , "موعدك ظلامٌ" , فرفعته كما تقول: "موعدك يوم الجمعة" لم يحسن ؛ لأن هذه المصادر , وما أشبهها من نحو "سحر" لا تجعل إلا ظرفا , والظرف كله ليس بمتمكن.
وقال:
{أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب} , وقال: {إنّ المنافقين في الدّرك الأسفل من النّار} , فيجوز أن يكون آل فرعون أدخلوا مع المنافقين في الدّرك الأسفل , وهو أشد العذاب.
وأمّا قوله:
{فإنّي أعذّبه عذاباً لاّ أعذّبه أحداً مّن العالمين} : فقوله: لا أعذّبه أحداً من عالم أهل زمانه.).[معاني القرآن: 4/4]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأما قوله: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا}، فإنه لم يرد أن ذلك يكون في الآخرة، وإنما أراد أنهم يعرضون عليها بعد مماتهم في القبور.
وهذا شاهد من كتاب الله لعذاب القبر، يدلّك على ذلك قوله: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} فهم في البرزخ يعرضون على النار غدوّا وعشيّا، وفي القيامة يدخلون أشد العذاب). [تأويل مشكل القرآن: 83]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ : {سوء العذاب (45) النّار يعرضون عليها غدوّا وعشيّا ويوم تقوم السّاعة أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب (46)}
{النّار} بدل من قوله : {سوء العذاب}, وجائز أن تكون مرتفعة على إضمار تفسير سوء العذاب، كان قائلا قال: ما هو؟ فكان الجواب هو:
{النّار يعرضون عليها}: فإن قال قائل: كيف يعرضون عليها , وهم من أهل النار؟
فجاء في التفسير : أن أرواحهم في أجواف طير سود , تعرض على النار بالغداة والعشى إلى يوم القيامة.
, ألا ترى أن بعده :
{ويوم تقوم السّاعة أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب}, ويقرأ ادخلوا على معنى الأمر لهم بالدخول، كأنّه : ويوم تقوم الساعة , يقول: ادخلوا يا آل فرعون أشد العذاب.
وقرئت
{أدخلوا} على جهة الأمر للملائكة بإدخالهم أشدّ العذاب). [معاني القرآن: 4/376]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا}
يقال: كيف يعرضون عليها غدوا وعشيا , وهم من أهلها ؟.
فالجواب عن هذا : ما قاله عبد الله بن مسعود, قال:
(أرواح آل فرعون في أجواف طير سود تعرض كل يوم على النار مرتين , يقال هذه داركم).
وروى شعبة , عن يعلى بن عطاء قال : سمعت ميمون بن ميسرة يقول: كان أبو هريرة إذا أصبح ينادي : (
أصبحنا والحمد لله , وعرض آل فرعون على النار) , وإذا أمسى نادى : (أمسينا والحمد لله , وعرض آل فرعون على النار) , فلا يسمع أبا هريرة أحد إلا تعوذ بالله من النار .
وقال مجاهد في قوله تعالى:
{النار يعرضون عليها غدوا وعشيا} , قال: من أيام الدنيا .
قال الفراء : ليس في القيامة غدو , ولا عشي , ولكن مقدار ذلك .
قال أبو جعفر : التفسير على خلاف ما قال الفراء, وذلك أن التفسير على أن : هذا العرض إنما هو في أيام الدنيا , والمعنى أيضا بين ؛ أنه على ذلك لأنه قال جل وعز:
{النار يعرضون عليها غدوا وعشيا} , ثم دل على أن هذا قبل يوم القيامة بقوله: {ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} : فدل على أن الأول بمنزلة عذاب القبر). [معاني القرآن: 6/228-230]

تفسير قوله تعالى:{وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ (47) })
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وإذ يتحاجّون في النّار فيقول الضّعفاء للّذين استكبروا إنّا كنّا لكم تبعاً فهل أنتم مّغنون عنّا نصيباً مّن النّار}
وقال:
{كنّا لكم تبعاً}, لأن "التبع" يكون واحداً , وجماعةً , ويجمع فيقال "أتباع".). [معاني القرآن: 4/4]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ (48)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّا كلٌّ فيها...}.
رفعت (كلّ) بفيها، ولم تجعله نعتا لإنّا، ولو نصبته على ذلك، وجعلت خبر إنا فيها ، ومثله:
{قل إنّ الأمر كلّه للّه} , ترفع {كلّه لله}، وتنصبها على هذا التفسير). [معاني القرآن: 3/10]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({قال الّذين استكبروا إنّا كلٌّ فيها إنّ اللّه قد حكم بين العباد}
وقال:
{إنّا كلٌّ فيها} : فجعل {كلٌّ} اسماً مبتدأً , كما تقول: "إنّا كلّنا فيها"). [معاني القرآن: 4/5]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ (49)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({لخزنة جهنّم }: خازن وخزنة : مثل ظالم وظلمة , وفاعل وفعله). [مجاز القرآن: 2/194]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله: {ويوم يقوم الأشهاد...}.
قرأت القراء بالياء يعني: يقوم بالتذكير، ولو قرأ قارئ: ويوم تقوم كان صوبا؛ لأن الأشهاد جمع، والجمع من المذكر يؤنث فعله , ويذكر إذا تقدم, العرب تقول: ذهبت الرجال، وذهب الرجال).
[معاني القرآن: 3/10]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا ويوم يقوم الأشهاد}
وقال:
{ويوم يقوم الأشهاد}{تقوم} : كلٌّ جائز , وكذلك كل جماعة مذكّر أو مؤنّث من الإنس , فالتذكير والتأنيث في فعله جائز). [معاني القرآن: 4/5]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ويوم يقوم الأشهاد}: الملائكة الذين يكتبون إعمال بني آدم.). [تفسير غريب القرآن: 387]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا ويوم يقوم الأشهاد (51)}
{ويوم يقوم الأشهاد} : أي: الملائكة، وأحدهم شاهد، مثل صاحب , وأصحاب.).[معاني القرآن: 4/376]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ويوم يقوم الأشهاد}
قال معمر , عن قتادة: الملائكة.
قال أبو جعفر :
واحدهم شاهد , كما يقال: صاحب وأصحاب , ويجوز أن يكون جمع شهيد ؛ كشريف وأشراف). [معاني القرآن: 6/230]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52) }
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ولهم اللعنة ولهم سوء الدار}: قال: معناه: عليهم اللعنة، وعليهم سوء الدار.). [ياقوتة الصراط: 451]

تفسير قوله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فاصبر إنّ وعد اللّه حقٌّ واستغفر لذنبك وسبّح بحمد ربّك بالعشيّ والإبكار}
وقال:
{وسبّح بحمد ربّك بالعشيّ والإبكار} , يريد "في الإبكار" , وقد تقول: "بالدار زيدٌ" , تريد : "زيدٌ في الدّار".). [معاني القرآن: 4/5]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18 ذو القعدة 1431هـ/25-10-2010م, 09:06 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 56 وحتى آخر السورة]

{إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56) لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57) وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ (58) إِنَّ السَّاعَةَ لَآَتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (59) وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (61) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (62) كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (63) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (64) هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (65) قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (66) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (67) هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (69) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ (74) ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (75) ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (76) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (77) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ (78) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (79) وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (80) وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَأَيَّ آَيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ (81) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (83) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85)}

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إلاّ كبرٌ مّا هم ببالغيه...}.
يريد: تكبروا أن يؤمنوا بما جاء به محمد صلى الله عليه ما هم ببالغي ذلك: بنائلي ما أرادوا).
[معاني القرآن: 3/10]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إن في صدورهم إلّا كبرٌ ما هم ببالغيه} : أي: تكبر عن محمد صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم , وطمع أن يعلوه، وما هم ببالغي ذلك).[تفسير غريب القرآن: 387]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إنّ الّذين يجادلون في آيات اللّه بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلّا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ باللّه إنّه هو السّميع البصير (56)}: أي: يجادلون في دفع آيات اللّه.
{بغير سلطان أتاهم} : أي: بغير حجة أتتهم.
{إن في صدورهم إلّا كبر ما هم ببالغيه} : أي: ما هم ببالغي إرادتهم فيه، وإرادتهم دفع آيات اللّه عزّ وجلّ , ودل على هذا المعنى : {يجادلون في آيات اللّه}؛ لأن الكبر هم قد أوقعوه , فليس يلبس هذا ببالغي الكبر.
وجاء في التفسير: أنه يعنى به اليهود، وأن الكبر الذي ليس هم ببالغيه توقع أمر الدّجال، فتكبروا متربصين يتوقعون خروج الدجال.
فأعلم اللّه : أن هذه الفرقة التي تجادل لا تبلغ خروج الدجال.
ويدل على قول من قال هذا قول اللّه عزّ وجلّ يعقب هذا:
{فاستعذ باللّه} ). [معاني القرآن: 4/377]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه}
مثل قوله:
{واسأل القرية} : المعنى : ما هم ببالغي إرادتهم فيه ؛ لأن الكبر شيء قد أتوه فهذا لا يشكل .
وقد قيل : الكبر ههنا العلو على النبي صلى الله عليه وسلم , وذلك إرادتهم ولم يبلغوه , فأما إرادتهم في الأول, فالجدال في آيات الله جل وعز حتى يبطلوها , ولم يبلغوا ذلك .
وقيل : إنما يراد بذا اليهود, تكبروا , وتوقفوا , وقالوا: حتى يخرج الدجال ونكون معه , فأعلم الله جل وعز أن هذه الفرقة من اليهود لا تلحق الدجال, واستشهد صاحب هذا القول بقوله:
{فاستعذ بالله} ). [معاني القرآن: 6/231]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({إِلَّا كِبْرٌ}: أي تكبر عن النبي صلى الله عليه وسلم {مَّا هُم بِبَالِغِيهِ}: أي : ما هم ببالغي ما يريدون فيه.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 216]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ (58)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ قليلاً ما يتذكّرون}: مجازها يتذكرون قليلاً.). [مجاز القرآن: 2/194]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقال ربّكم ادعوني أستجب لكم إنّ الّذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنّم داخرين}
وقال:
{ادعوني أستجب لكم} , فقوله: {أستجب} : إنّما هو "أفعل" : هذه الألف سوى ألف الوصل, ألا ترى أنّك تقول: "بعت" "تبيع" , ثم تقول "أبيع" , فتجيء فيها ألف لـ "أفعل" , فهي نظير الياء والتاء في "يفعل" و"تفعل" , تقطع كل شيء كان على "أفعل" في وصل كان , أو قطع.).[معاني القرآن: 4/5]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({داخرين} :أي: صاغرين.). [تفسير غريب القرآن: 387]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {وقال ربّكم ادعوني أستجب لكم إنّ الّذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنّم داخرين (60)}ْ
{سيدخلون جهنّم داخرين} : معناه : صاغرين.). [معاني القرآن: 4/377]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين}
روى يسيع الكندي , عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( الدعاء هو العبادة )), وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين}. ))
قال أبو عبيدة:
{داخرين}: صاغرين.). [معاني القرآن: 6/232]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {دَاخِرِينَ}: صاغرين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 216]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {دَاخِرِينَ}: صاغرين.). [العمدة في غريب القرآن: 263]

تفسير قوله تعالى: {كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (63)}
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {يؤفك} : أي: يصرف). [ياقوتة الصراط: 451]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (67) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ثمّ لتكونوا شيوخاً...}.
وفي حرف عبد الله :
{ومنكم من يكون شيوخا}, فوحّد فعل من، ثم رجع إلى الشيوخ , فنوى بمن الجمع، ولو قال: شيخا لتوحيد من في اللفظ كان صوابا). [معاني القرآن: 3/10-11]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ثمّ يخرجكم طفلاً }: مجازها أطفالاً , والعرب قد تضع لفظ الواحد على معنى الجميع, قال عباس بن مرداس:
قلنا أسلموا إنا أخوكم= فقد برئت من الإحن الصدور
وقال الغنوي:
إن تقتلوا اليوم فقد شرينا= في حلقكم عظم وقد شجينا) [مجاز القرآن: 2/195]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَجَلًا}: مقداراً معلوماً.).[العمدة في غريب القرآن: 263]

تفسير قوله تعالى: {إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (71)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إذ الأغلال في أعناقهم والسّلاسل...}.
ترفع السلاسل والأغلال، ولو نصبت السلاسل وقلت: يسحبون، تريد يسحبون سلاسلهم في جهنم.
وذكر الكلبي , عن أبي صالح , عن ابن عباس أنه قال: (وهم في السلاسل يسحبون)، فلا يجوز خفض السلاسل، والخافض مضمر؛ ولكن لو أنّ متوهما قال: إنما المعنى إذ أعناقهم في الأغلال , وفي السلاسل يسحبون جاز الخفض في السلاسل على هذا المذهب، ومثله مما ردّ إلى المعنى قول الشاعر:
قد سالم الحيات منه القدما = الأفعوان والشّجاع الشجعما
فنصب الشجاع، والحيات قبل ذلك مرفوعة؛ لأنّ المعنى: قد سالمت رجله الحيات وسالمتها، فلما احتاج إلى نصب القافية جعل الفعل من القدم واقعا على الحيات.).
[معاني القرآن: 3/11]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{إذ الأغلال في أعناقهم والسّلاسل}
يجوز على ثلاثة أوجه
{والسّلاسل} بالنصب، و {السّلاسل} بالخفض.
فمن رفع فعطف على الأغلال , ومن جر , فالمعنى: إذ الأغلال في أعناقهم, وفي السلاسل، ومن نصب ففتح اللام قرأ:
{والسّلاسل يسحبون} ). [معاني القرآن: 4/378]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون}
وقرئ:
{والسلاسل يسحبون} , وفي قراءة أبي :{بالسلاسل يسحبون} , وأجاز الفراء:{والسلاسل يسحبون}
قال أبو جعف:ر من قرأ :
{يسحبون} : فالمعنى عنده يسحبون السلاسل , وهي قراءة ابن عباس قال: وذلك اشد عليهم يكلفون أن يسحبوها , ولا يطيقون .
ومن قرأ
:{ والسلاسل يسحبون }: فالتمام عنده : {والسلاسل }, ثم ابتدأ فقال:{ يسحبون في الحميم }
قال الفراء :
{والسلاسل} : بالخفض محمول على المعنى ؛ لأن المعنى أعناقهم في الأغلال والسلاسل , كما حمل على المعنى قوله:
قد سالم الحيات منه القدما = الأفعوان والشجاع الشجعما)
[معاني القرآن: 6/233-234]

تفسير قوله تعالى: {فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ثم في النار يسجرون}
قال مجاهد: أي: توقد بهم النار .
قال أبو جعفر : يقال: سجرت الشيء , أي ملاته , ومنه:
{ والبحر المسجور} .
فالمعنى على هذا: تملأ بهم النار وقال الشاعر يصف وعلا:
إذا شاء طالع مسجورة = ترى حولها النبع والساسما
أي: عينا مملوءة).
[معاني القرآن: 6/234-235]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (75)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض} :أي: تبطرون, وقد تقدم ذكر هذا.). [تفسير غريب القرآن: 387]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والفرح: البطر والأشر، لأن ذلك عن إفراط السرور، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} وقال: {إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} وقال: {ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ}.
وقد تبدل (الحاء) في هذا المعنى (هاء) فيقال: فره أي بطر، قال الله تعالى: {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ} أي: أشرين بطرين. و(الهاء) تبدل من (الحاء) لقرب مخرجيهما، تقول: (مدحته) و(مدهته)، بمعنى واحد). [تأويل مشكل القرآن: 491] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ذلكم بما كنتم تفرحون} الآية, يدل عليه قوله تعالى: {فلمّا جاءتهم رسلهم بالبيّنات فرحوا بما عندهم من العلم}: أي: ذلك العذاب الذي نزل بكم بما كنتم تفرحون بالباطل الذي كنتم فيه، و{تمرحون}:أي: تأشرون , وتبطرون , وتستهزئون.). [معاني القرآن: 4/378]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق}
بين هذا بقوله سبحانه:
{فرحوا بما عندهم من العلم}
ثم قال جل وعز:
{وبما كنتم تمرحون}
قال مجاهد : أي : تبطرون , وتأشرون).
[معاني القرآن: 6/235]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق}, قال ثعلب: هذا يدل على أنه يكون فرح بحق.). [ياقوتة الصراط: 451]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({تَفْرَحُونَ}: تبطرون.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 216]

تفسير قوله تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ (78) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك وما كان لرسول أن يأتي بآية إلّا بإذن اللّه فإذا جاء أمر اللّه قضي بالحقّ وخسر هنالك المبطلون (78)}
جاء في التفسير : أن اللّه عز وجل بعث ثمانية ألف نبي، منهم أربعة آلاف من بني اسرائيل، ومنهم أربعة آلاف من سائر الناس.
وجاء عن علي رضي اللّه عنه أنه قال: في قوله تعالى:
{ومنهم من لم نقصص عليك} : (أن اللّه بعث نبيا أسود, فهو ممن لم تذكر قصته في القرآن.)).[معاني القرآن: 4/377]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (79)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({اللّه الّذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون}
وقال:
{لتركبوا منها} , كأنه أضمر "شيئاً".).[معاني القرآن: 4/5]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {اللّه الّذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون (79)} : الأنعام ههنا : الإبل.). [معاني القرآن: 4/377-378]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {الله الذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون} : أي: الإبل .
قال قتادة في قوله تعالى:
{ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم} : الرحلة من بلد إلى بلد .
وقال مجاهد : أي حاجة كانت.).
[معاني القرآن: 6/235-236 ]

تفسير قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (80)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وعليها وعلى الفلك تحملون} : مجازها , وفي الفلك تحملون , وفي آية أخرى: {لأصلّبنّكم في جذوع النّخل }: أي : على جذوع النخل). [مجاز القرآن: 2/195]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولتبلغوا عليها حاجةً في صدوركم} : قال قتادة:رحلة من بلد إلى بلد.). [تفسير غريب القرآن: 387]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (83)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فرحوا بما عندهم من العلم} : أي, رضوا به.).[تفسير غريب القرآن: 387]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والفرح: الرضا، لأنه عن المسرة يكون، قال الله تعالى: {كلّ حزبٍ بما لديهم فرحون} أي راضون، وقال: {فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} أي رضوا). [تأويل مشكل القرآن: 491] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم} : أي: رضوا به .
قال مجاهد : قالوا: نحن أعلم منكم لن تبعث , ولن نحيا بعد الموت.
قال مجاهد:
{وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون} : أي : ما جاءت به الرسل الحق.). [معاني القرآن: 6/236]

تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (51) وَقَالُوا آَمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (53) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ}.
كان الحسن- رضي الله عنه- يجعل الفزع يوم القيامة إذا بعثوا من القبور. يقول: (ولو ترى يا محمد فزعهم حين لا فوت)، أي لا مهرب ولا ملجأ يفوتون به ويلجأون إليه. وهذا نحو قوله: {فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ}، أي نادوا حين لا مهرب.
{وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ}، يعني القبور.
وقالوا: آمنّا به، أي بمحمد، صلى الله عليه.
{وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ} والتناوش: التناول، أي كيف لهم بنيل ما يطلبون من الإيمان في هذا الوقت الذي لا يقال فيه: كافر ولا تقبل توبته؟.
وقوله: {مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}ٍ يريد بعد ما بين مكانهم يوم القيامة، وبين المكان الذي تتقبّل فيه الأعمال.
{وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ}، أي بمحمد، صلّى الله عليه وسلم. يقول: كيف ينفعهم الإيمان به في الآخرة وقد كفروا به في الدنيا؟.
{وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ}، أي بالظنّ أن التوبة تنفعهم.
{مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}، أي بعيد من موضع تقبّل التوبة.
{وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} من الإيمان. كما فعل بأشياعهم، أي بأشباههم من الأمم الخالية.
وكان غير الحسن يجعل الفزع: عند نزول بأس الله من الموت أو غيره، ويعتبره بقوله في موضع آخر: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ}). [تأويل مشكل القرآن: 331] (م)

تفسير قوله تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" سنّة اللّه التّي قد خلت في عباده ", نصبها على مصدر ما جاء من فعل على غير لفظها). [مجاز القرآن: 2/195]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({سنّت اللّه الّتي قد خلت في عباده}, وسنته في الخالين: أنهم يؤمنون به - إذا رأوا العذاب - فلا ينفعهم إيمانهم). [تفسير غريب القرآن: 387]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (فمن الإيمان: تصديق باللسان دون القلب، كإيمان المنافقين. يقول الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا} ، أي آمنوا بألسنتهم وكفروا بقلوبهم. كما كان من الإسلام انقياد باللسان دون القلب.
ومن الإيمان: تصديق باللسان والقلب. يقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}، كما كان من الإسلام انقياد باللسان والقلب.
ومن الإيمان: تصديق ببعض وتكذيب ببعض. قال الله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} ، يعني مشركي العرب، إن سألتهم من خلقهم؟ قالوا: الله، وهم مع ذلك يجعلون له شركاء.
وأهل الكتاب يؤمنون ببعض الرّسل والكتب، ويكفرون ببعض. قال الله تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} ، يعني: ببعض الرسل والكتب، إذ لم يؤمنوا بهم كلّهم). [تأويل مشكل القرآن: 481-482] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فلم يك ينفعهم إيمانهم لمّا رأوا بأسنا سنّت اللّه الّتي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون (85)}
يقول: حين عاينوا العذاب.
{سنّت اللّه} : على معنى سنّ اللّه هذه السّنّة في الأمم كلّها، لا ينفعهم إيمانهم إذا رأوا العذاب.
{وخسر هنالك الكافرون}:
وكذلك:
{وخسر هنالك المبطلون} : والمبطلون , والكافرون خاسرون في ذلك الوقت, و وفي كل وقت خاسرون, ولكنه تعالى بيّن لهم خسرانهم إذا رأوا العذاب.). [معاني القرآن: 4/378]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده}
قال قتادة : أي: إنهم إذا رأوا العذاب آمنوا , فلم ينفعهم إيمانهم .
ثم قال تعالى:
{وخسر هنالك الكافرون} : وقد كانوا قبل ذلك خاسرين؛ لأنه تبين خسرانهم بأن لحقهم العذاب , ولم يقبل إيمانهم). [معاني القرآن: 6/237]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ}: أي: سنته في الخالين: أنهم يؤمنون عند معاينة العذاب , فلا ينفعهم إيمانهم.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 216]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:47 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة