أبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني(ت:127هـ)
مشهور بكنيته، واختلف في اسمه، والمشهور أنه يزيد بن القعقاع، وقال أحمد بن صالح المصري: اسمه جندب بن فيروز.
مولده في خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد أدرك جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم: أبو هريرة، وابن عباس، وابن عمر، وجابر بن عبد الله، وغيرهم.
وهو أحد القراء العشرة وهو مولى عبد الله بن عياش وتلميذه، تعلّم القرآن في خلافة معاوية، وكان يقرئ الناس في المسجد النبوي قبل وقعة الحرة سنة 63هــ، واُمرَ أن يكون خلف الأئمة يفتح عليهم في قراءتهم.
- قال أبو بكر ابن مجاهد: (كان أبو جعفر لا يتقدَّمه أحد في عصره، أخذ القراءة عن ابن عباس وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما وعن مولاه عبد الله ابن عياش بن أبي ربيعة المخزومي، وكان عبد الله بن عياش قد قرأ على أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه، وقرأ أبيّ على النبي صلى الله عليه وسلم).
- وقال يعقوب بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري: (كان إمام الناس بالمدينة أبو جعفر يزيد بن القعقاع مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي، وكان أخذ القراءة عن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، وعن مولاه عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة).رواه ابن مجاهد وابن عساكر.
- وقال ابن جماز: أخبرني أبو جعفر أنه أُتي به أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير؛ فمسحت على رأسه ودعت فيه بالبركة. رواه ابن مجاهد وابن عساكر.
- وقال أبو مصعب الزهري: أخبرنا مالك عن أبي جعفر القارئ أنه قال: (كنت أصلي وعبد الله بن عمر ورائي وأنا لا أشعر؛ فالتفتّ فوضع يده في قفاي فغمزني). رواه ابن عساكر.
- وقال محمد بن عبد الرحمن القرشي: سمعت أبا جعفر مولى ابن عياش يحدث قال: (رأيت أبا هريرة يلقّن مروان بن الحكم في صلاة العشاء الآخرة).رواه ابن عساكر.
- وقال سليمان بن مسلم بن جماز الزهري: سمعت أبا جعفر يحكي لنا قراءة أبي هريرة رضي الله تعالى عنه في {إذا الشمس كورت} يحزّنها شبه الرثاء). رواه ابن مجاهد وابن عساكر.
- وقال سليمان ابن جماز أيضاً: (أخبرني أبو جعفر أنه كان يمسك المصحف على عبد الله بن عياش، وعنه أخذ القراءة). رواه أبو عبيد في فضائل القرآن، ورواه ابن مجاهد وابن عساكر، ولفظه: أخبرني أبو جعفر أنه كان يمسك على مولاه عبد لله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي المصحف وكان أقرأ الناس، قال: (فكنت أروي كلَّ ما يقرأ أو أحدث عنه قراءته).
- وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: (كان أبو جعفر يصلي خلف القراء في رمضان يلقنهم يؤمر بذلك، وكان بعده شيبة جعلوه لذلك). ذكره الذهبي في معرفة القراء.
- وقال ابن جمّاز: (أخبرني أبو جعفر أنه كان يقرئ القرآن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الحرة، وكانت الحرَّة سنة ثلاث وستين سنة). رواه أبو عبيد وابن مجاهد وابن عساكر.
- وقال ابن سعد: (كان إمام أهل المدينة في القراءة؛ فسمي القارئ بذلك، وكان ثقة قليل الحديث).
- وقال ابن حبان: (أبو جعفر القارئ اسمه يزيد بن القعقاع مولى عبد الله بن عياش بن أبى ربيعة ممن كان قد عنى بعلم القرآن مع النسك والورع).
- وقال الذهبي: (وكان مع عبادته وتبتّله مفتيا مجتهدا كبير القدر).
- وقال عبد الله بن وهب: حدثنا ابن زيد بن أسلم قال: قال رجل لأبي جعفر مولى ابن عياش، وكان في دينه فقيهاً وفي دنياه أبله: هنيئا لك ما أتاك من القرآن!
فقال: (ذاك إذا أحللت حلاله وحرمت حرامه وعملت بما فيه). ذكره الذهبي في "معرفة القراء"
- قال نافع بن أبي نعيم: كان أبو جعفر يقوم الليل فإذا أصبح جلس يقرئ الناس، فيقع عليه النوم فيقول لهم: خذوا الحصا فضعوه بين أصابعي ثم ضمّوها؛ فكانوا يفعلون ذلك وكان النوم يغلبه، فقال: (أراني أنام على هذا، فإذا رأيتموني قد نمت فخذوا خصلة من لحيتي فمدّوها).
قال: فيمرّ عبد الله بن عياش مولاه، فيرى ما يفعلون به فيقول: أيها الشيخ ذهبت بك الغفلة؛ فيقول أبو جعفر: (إن هذا الشيخ في خلقه شيء دوروا بنا وراء القبر موضعا لا يرانا).
قال الذهبي في معرفة القراء: رواها ابن مجاهد، ولم أره في كتاب السبعة لابن مجاهد.
- وقال أبو معشر المدني: كنا مع أبي جعفر القارئ في جنازة؛ فجلس في سقيفة واد يبكي؛ فقيل له: لم تبكي يا أبا جعفر؟
فقال: (أخبرني زيد بن أسلم أن أهل النار لا يتنفسون). رواه ابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وابن جرير في تفسيره، وابن عساكر في تاريخه.
ولا يتنفسون أي لا يرتاحون، وأما الزفير والشهيق فمذكور في القرآن وهو مما يتعذبون به، نسأل الله العفو والعافية.
- وقال ابن كثير: قال زيد بن أسلم في هذه الآية: {كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها} قال: (بلغني أن أهل النار في النار لا يتنفسون).
وقد روى ابن أبي الدنيا في "صفة النار" عن مقاتل بن حيان أنه قال: (إن أهل النار لا يخرج لهم نفس، إنما تردد أنفاسهم في أجوافهم). لكن في إسناده أبو ليلى وهو عبد الله بن ميسرة الحارثي ضعيف الحديث.
قرأ أبو جعفر على مولاه عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي، وروي أنه قرأ على أبي هريرة وابن عباس.
وقرأ عليه: نافع بن أبي نعيم، وسليمان بن مسلم بن جماز، وعيسى بن وردان الحذاء، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغيرهم.
- قال ابن سعد: توفي في خلافة مروان بن محمد.
وخلافة مروان بن محمد كانت من سنة 127هـ إلى سنة 132هـ.
واختلف في تعيين سنة وفاته:
- فقال محمد بن المثنى: مات سنة سبع وعشرين ومائة.
- وقال خليفة بن خياط: سنة ثلاثين ومائة.
- وقال ابن حبان: سنة ثنتين وثلاثين ومائة
وقد نيّف على التسعين.
- وقال نافع بن أبي نعيم: (لما غُسل أبو جعفر يزيد بن القعقاع القارئ بعد وفاته نظروا ما بين نحره إلى فؤاده مثل ورقة المصحف؛ فما شك أحد ممن حضره أنه نور القرآن). رواه ابن مجاهد.