وضع المصحف على الوجه والعينين والتمسح به
قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لأهل العلم فى مسألة وضع المصحف على الوجه والعينين والتمسح به أقوال أربعة :
أحدها : الاستحباب - وثانيها : الإباحة
وثالثها : الكراهة – ورابعها : التوقف
فأما الاستحباب : فوجهه ما أخرجه الدرامى فى سننه حيث قال [ أنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن ابن أبى مليكة [أن عكرمة بن أبى جهل رضى الله عنه كان يضع المصحف على وجهه , ويقول هذا كتاب ربى هذا كتاب ربى ]
ووصف النووى إسناده بالصحة قال محقق التبيان [ ورجاله ثقات إلا أنه منقطع بين ابن أبى مليكة وعكرمة فإنه لم يدركه ]
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية فى مختصر الفتاوى المصرية [ وقد سئل أحمد عن تقبيله ؟ فقال ما سمعت فيه شيئا , ولكن روى عن عكرمة ابن أبى جهل [ : أنه كان يفتح المصحف ويضع وجهه عليه ويقول كلام ربى كلام ربى ]
فقد احتج الإمام أحمد بأثر عكرمة وهذا يدل على ثبوته عنده . وذكر ابن مفلح فى الآداب أثر عكرمة هذا قال رواه جماعة منهم الدارمى وأبو بكر عبد العبد العزيز وصرح فى الفروع بأن أحمد قد رواه وحكى ابن مفلح وغيره من أصحابنا {773}
الحنابلة فى المسألة عن الإمام أحمد أربع روايات , الاستحباب والإباحة لأثر السابق , والكراهة لعدم التوقيف , والرواية الرابعة التوقف قال القاضى فى الجامع الكبير إنما توقف عن ذلك وإن كان فيه رفعة وإكرام لأن ما طريقه القرب إذا لم يكن للقياس فيه مدخل لا يستحب فعله وإن كان فيه تعظيم إلا بتوقيف , ألا ترى [ أن عمر لما رأى الحجر قال لا تضر ولا تنفع ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك وكذلك [معاوية لما طاف فقبل الأركان كلها أنكر عليه ابن عباس , فقال : ليس فى البيت شئ مهجور , فقال إنما هى السنة فأنكر عليه الزيادة على فعل النبى صلى الله عليه وسلم .
وذكر بعض فقهاء الحنفية فى مسح الوجه بالمصحف أثرا عن ذى النورين عثمان رضى الله عنه بيد أنهم أوردوه غفلا عن أى عزو أو إسناد , فجاء النص عندهم على هذا النحو [ وكان عثمان رضى الله عنه يقبل المصحف ويمسحه على وجهه ]
وأما وجه الإباحة فينطوى فى وجه الاستحباب السالف ذكره والسلامة من المعارض .
وأما وجه الكراهة فلعدم التوقيف ولما فى القول بالمنع من سد ذرائع البدع وهو الذى حكاه القاضى عليش عن فقهاء المالكية وأقره وقد مضى فى مسألة تقبيل المصحف من هذا البحث طرف من ذلك فليعاود والله أعلم بالصواب) . {774}