سورة الفلق
[ من الآية (1) إلى آخر السورة ]
{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)}
قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (قال أبو عبد الله: الفلق: الصبح، والفرق مثله، وقيل الفلق: جب في جهنم و{قل أعوذ برب الفلق} [1] قيل: واد في جهنم نعوذ بالله منه). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/549]
قوله تعالى: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2)}
قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ( {ومن شر غاسق} الليل إذا دخل بظلمته، وقيل: القمر). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/549]
قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- وقوله تعالى: {ومن شر النفاثات في العقد} [4].
اتفق القراء على تشديد الفاء على (فعالات) وإنما ذكرته؛ لأن عبد الله ابن القاسم مولى أبي بكر قرأ: {ومن شر النفِاثات} فنافثة ونافثات مثل ساحرة، وساحرات، وهو يدل على المرة الواحدة، فإذا شددته دل على التكرار، والتكثير مثل ساحر وسحار، والنفاثات السواحر: بنات لبيد بن الأعصم كن سحرن رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل سحرة في جف طلع أي: في قشر طلع في راعوفة بئر، وهي صخرة يقوم عليها الماتح إذا دخل البئر، وكان
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/549]
السحر وترأ فيه إحدى عشرة عقدة، واشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم شكوى شديدة فبينا هو كذلك إذ أتاه ملكان فجلس أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه فقال أحدهما لصاحبه: ما علته، قال: به طب، أي: سحر، قال: من طبه، قال: بنات لبيد، قال: وأين ذلك، قال: في جف طلعة تحت راعوفة بئر بني فلان، فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعث عليا كرم الله وجهه وعمارًا فاستخرجا السحر. وأنزل الله تعالى المعوذتين وهما إحدى عشرة آية على عدد العقد، وكلما تلوا آية انحلت عقدة ووجد رسول الله خفة حتى حلوا العقد فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما أنشط من عقال، وأمر بالتعوذ، والتبرك بهما وكان كثير مما يعوذ بهما سبطيه الحسن والحسين سيد شباب أهل الجنة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/550]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {النَّفَّاثَاتِ} [آيَةُ/ 4] بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ، وَبِالأَلِفِ بَعْدَ الْفَاءِ.
قَرَأَهَا الْقُرَّاءُ كُلُّهُمْ، إِلاَّ مَا رَوَى- يس- عَنْ يَعْقُوبَ فَإِنَّهُ قَرَأَ (النَّافِثَاتِ) بِأَلِفٍ قَبْلَ الْفَاءِ عَلَى وَزْنِ فَاعِلاتٍ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ {النَّفَّاثَاتِ} جَمْعُ نَفَّاثَةٍ، وَهِيَ الْكَثِيرَةُ النَّفْثِ، وَالنَّفْثُ نَفْخٌ مِنْ غَيْرِ رِيقٍ، بِخِلافِ التَّفْلِ، وَالْمُرَادُ بِهِنَّ السَّوَاحِرُ بَنَاتُ لَبِيدِ بْنِ أَعْصَمَ.
[الموضح: 1416]
وَأَمَّا (النَّافِثَاتُ) فَهِيَ جَمْعُ نَافِثَةٍ، وَهِيَ النَّافِخَةُ، وَلَيْسَ لَفْظُ الْفَاعِلَةِ مَوْضُوعًا لِلْمُبَالَغَةِ وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ الْكَثْرَةَ أَيْضًا، كَمَا أَنَّ الْفِعْلَ وَإِنْ لَمْ يُبْنَ عَلَى التَّفْعِيلِ، فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ الْكَثْرَةَ؛ لأَنَّ كِلَيْهِمَا دَالٌّ عَلَى الْمَصْدَرِ). [الموضح: 1417]
قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم وقوله جلّ وعزّ: (ومن شرّ حاسدٍ إذا حسد (5).
روى روحٌ عن أحمد بن موسى عن أبي عمرو (حاسدٍ) بكسر الحاء.
وقرأ بن كثير ونافع، وأبو عمرو وعاصم، وحمزة، والكسائي، وابن عامر (حاسدٍ) بفتح الحاء). [معاني القراءات وعللها: 3/173]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {ومن شر حاسد إذا حسد} [5].
اتفق القراء على فتح الحاء من {حاسد} وإنما ذكرته لأن ابن مجاهد حدثني عن الحمال عن أحمد بن يزيد عن روح عن أحمد بن موسى عن أبي عمرو {من شر حاسد} بالإمالة من أجل كسرة السين قد ذكرت العلة في إمالة كل فاعل، وجوازه وامتناع الإمالة إذا كان فيه حرف مستعل). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/550]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي: حاسد [5] بفتح الحاء، قال: وخبّرني الجمال عن أحمد بن يزيد عن روح عن أحمد بن موسى عن أبي عمرو: حاسد بكسر الحاء.
قال أبو علي: التفخيم والإمالة في هذا النحو حسنان). [الحجة للقراء السبعة: 6/466]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- (حِاسِدٍ) [آيَةُ/ 5] بِالإِمَالَةِ: -
رُوِيَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو.
وَالْوَجْهُ أَنَّ الإِمَالَةَ حَسَنَةٌ فِي هَذَا؛ لِلْكَسْرَةِ الَّتِي بَعْدَ الأَلِفِ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {حَاسِدٍ} بِالْفَتْحِ مِنْ غَيْرِ إِمَالَةٍ.
وَالْوَجْهُ أَنَّهُ هُوَ الأَصْلُ، وَالإِمَالَةُ لَيْسَتْ بِحُكْمٍ وَاجِبٍ). [الموضح: 1417]