سورة قريش
[ من الآية (1) إلى آخر السورة ]
{لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)}
قوله تعالى: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قرأ ابن عامر (لإلاف قريشٍ)
بهمزةٍ مختلسة الكسرة، ليس بعدها ياء.
وقرأ الباقون (لإيلاف) قبلها همزة.
وروى زمعة بن صالح عن ابن كثير " إلفهم " بغير ياء قبل اللام.
وقرأ الباقون " إيلافهم " بوزن (عيلافهم).
قال أبو منصور: من قرأ (لإيلاف) فإنه كان في الأصل (لإئلاف قريشٍ) بهمزتين، كقولك: لإعلاف قريشٍ.
فأبدلت الهمزة الثانية ياء، كما قالوا: أئمة.
وهي في الأصل (أأممة) فكرهوا الجمع بين الهمزتين.
وروى الأعشى عن أبي بكر عن عاصم " إألافهم " بهمزتين، الأولى مكسورة والثانية ساكنة.
كذا قرئ على أبي بكر، ثم رجع عنه، وقرأ
[معاني القراءات وعللها: 3/165]
مثل حمزة بهمزة بعدها ياء.
ومن قرأ (لإلفهم) فهو من ألف يألف إلفًا.
يقال: آلفته آلفه إلفا). [معاني القراءات وعللها: 3/166] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (قرأ القراء السبعة إلا ابن عامر: {لإيلاف} [1] بلام مكسورة وبعدها يا {إيلافهم} مثل الأول، مثل إيمانهم؛ لأنه مصدر ألف يؤلف إيلافا فهو مؤلف، وأصل الياء الساكنة همزة غير أنها صارت [ياء] لانكسار ما قبلها، وإنما ذكرته لأن ابن مجاهد حدثني، قال: حدثني أحمد بن محمد عن عاصم قال: حدثنا إبراهيم بن حسن عن يونس بن حبيب عن أبي عمرو أنه قرأ: {إلفهم} [2] بإسكان اللام، وكسر الهمزة والفاء جعله مصدر ألف يألف إلفا، فهو آلف.
وقد روي عن النبي عليه السلام قرأ: {ويل أمكم قريش إلفهم}. وقرأ أبو جعفر: {إلفهم} بفتح اللام، وهو مصدر ألف أيضا.
وقرأ عاصم في الشواذ عنه {لإئلف قريش} بهمزتين أتياء بعد اللام {إءلفهم} بهمزتين، والمشهور عنه مثل قراءة أبي عمرو.
وقرأ ابن عامر: {لإلف قريش} بقصرها بكسر الهمزة ولا يمدها {إلفهم} مثل أبي عمرو. وكأن ابن عامر أراد {لإيلاف} فترك المد تخفيفًا.
واختلف أهل العربية في هذه اللام فقال قوم: هي لام التعجب، ومعناه:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/533]
أعجب يا محمد لإلف الله قريشا، وذلك أن قريشا كانوا ببلاد غير ذي زرع، كانوا يرتحلون رحلتين، رحلة في الشتاء ورحلة في الصيف إلى اليمن والشام فيمتارون ما يحتاجون إليه، فشق ذلك عليهم فكفاهم الله أمر الرحلتين. بل كانت تأتيهم العير والقوافل بما يحتاجون إليه، فذكرهم الله نعمته عليهم؛ صرف الفيل عنهم، وكفاهم أمر الرحلين، ومع ذلك لا يؤمنون، فقيل: اللام لام التعجب، وقيل: اللام لام الإضافة وهي متصلة بـ«ألم تر» فعلى هذا القول {ألم تر} و{لإيلاف} سورة واحدة {فجعلهم كعصف مأكول * لإيلاف قريش}.
وقال الخليل وأصحابه اللام [متصلة] بـ{فليعبدوا} وتلخيصه فليعبدوا رب هذا البيت لإيلاف قريش على التقديم والتأخير). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/534]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ عاصم في رواية أبي بكر: لإئلاف قريش إئلافهم [1، 2] بهمزتين الثانية ساكنة، ثم رجع عنه، فقرأ مثل حمزة بهمزة بعدها ياء.
وقرأ ابن عامر: لإلاف يقصرها، ولا يجعل بعد الهمزة ياء، إيلافهم يجعل بعد الهمزة ياء، خلاف اللفظة الأولى.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحفص عن عاصم وحمزة والكسائي: لإيلاف قريش إيلافهم.
وقال غير أحمد: روى القاسم الخيّاط عن الشموني عن الأعشى عن أبي بكر عن عاصم: لإيلاف قريش مثل حمزة، إإيلافهم بهمزتين مكسورتين بعدهما ياء.
قال أبو علي: قال أبو عبيدة: تقول العرب: ألفت وآلفت. ذاك لغتان. قال أبو ذؤيب:
[الحجة للقراء السبعة: 6/444]
وتؤلف الجوار ويغشيها الأمان ربابها قال التوّزي: أنشدني أبو زيد:
من المؤلفات الرّمل أدماء حرّة شعاع الضّحى في جيدها يتوضّح وأنشد غيره:
ألف الصّفون فما يزال كأنّه ممّا يقوم على الثلاث كسيرا وقال آخر:
[الحجة للقراء السبعة: 6/445]
زعمتم أن إخوتكم قريش لهم إلف وليس لكم إلاف والإلف والإلاف مصدر ألف، والإيلاف مصدر آلف.
قال أبو علي: أما ما كان يقرؤه عاصم من تحقيق الهمزتين في إئلاف، فلم يكن له وجه، ألا ترى أنّا لم نعلم أحدا حقّق الهمزة في نحو هذا، ولو جاز هذا لجاز في الإيمان، والإيمار: الإئمان والإئمار، إذا أردت مصدر آمن وآمر، [و] لجاز أأدم وأأدر.
ومثل ذلك في البعد ما روي عنه من طريق الأعشى عن أبي بكر، إإيلافهم فإنّ ذلك أبعد من الأول لأنه حقّق الهمزتين، وألحق ياء، ولا مذهب لها، ولا وجه في قوله: إإيلافهم ألا ترى أن الهمزة الأولى هي همزة الإفعال الزائدة، والثانية التي هي فاء الفعل من ألف، فالياء لا وجه لها، لأن بعد الهمزة التي هي الفاء ينبغي أن تكون اللام التي هي العين من ألف وإلاف، فالياء لا مذهب لها إلا على شيء لم نعلمه، أخذ به في القراءة، وهو أن يشبع الكسرة فيزيد ياء، أو الضمة فيتبعها واوا، أو الضمة ألفا، فمن زيادة الياء قوله:
أو من بني عامر الحمر الجلاعيد وواحدهم زعموا: جلعد.. وكذلك قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 6/446]
نفي الدراهيم...
ومن ذلك قول الآخر:
وأقطع النّجود والأوداية إنما هو الأودية، فقلب، كما يقال في الناصية: ناصاة فأشبع الفتحة، فدخلت الألف، ووقع بعدها الياء التي هي لام الفعل والألف، نحو قول الشاعر:
وأنت من الغوائل حين تلقى ومن ذم الرّجال بمنتزاح وإنما هو مفتعل من النزح، والواو نحو قول الشاعر:
.... أثني فأنظور إنما هو أنظر، ولم نعلم شيئا من ذلك أخذ به في القراءة.
فأما قوله عزّ وجلّ: فما استكانوا لربهم [المؤمنون/ 76] فليس افتعلوا من السكون، ولكن استفعلوا من الكون، أي: لم يكونوا لأمر ربّهم، ومعناه: لم ينتهوا إليه ولم يتقبّلوه وكان واستكان مثل: عجب واستعجب، وسخر واستسخر، ولعله رجع عن هذا الوجه كما رجع عن الوجه الآخر، ومثل إيلافهم في أنه لا وجه للياء فيه، شيء ينشده بعضهم، أو سأايلتهم بالياء، ولا وجه له أيضا.
[الحجة للقراء السبعة: 6/447]
وأما قول ابن عامر: لإلاف قريش وقصره له، ثم قال: إيلافهم، فجاء بالأول على فعال، والآخر على إفعال، فهو سائغ مستقيم، وكذلك قول ابن كثير ونافع وأبي عمرو وحفص عن عاصم وحمزة والكسائي، فهو مثل قول ابن عامر، فأما اللام في قوله:
لإيلاف قريش فقال أبو الحسن: فجعلهم كعصف مأكول [الفيل/ 5] لإيلاف قريش، واعترض عليه معترض فقال: إنما جعلوا كعصف مأكول لبعدهم، ولم يجعلوا كذلك لتأتلف قريش، وليس هذا الاعتراض بشيء لأنه يجوز أن يكون المعنى: أهلكوا لكفرهم، ولما أدّى إهلاكهم إلى أن تألف قريش جاز ذلك، كقوله: ليكون لهم عدوا وحزنا [القصص/ 8] وهم لم يلتقطوه لذلك، فلما آل الأمر إليه حسن أن يجعل علّة للالتقاط. والخليل وسيبويه: فليعبدوا ربّ هذا البيت لإيلاف قريش، أي: ليجعلوا عبادتهم شكرا لهذه النعمة واعترافا لها). [الحجة للقراء السبعة: 6/448] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لإيلاف قريش * إيلافهم رحلة الشتاء والصيف} 2 1
روي يحيى عن أبي بكر (لإيلاف قريش * إئلافهم) بهمزتين الهمزة الثّانية ساكنة قيل ثمّ رجع عنه وروي عن الأعشى إإيلافهم بهمزتين مكسورتين بعدهما ياء قال النحويون تحقيق الهزتين في إلافهم لا وجه له ألا ترى أنا لم نعلم أحدا حقق الهمزتين في نحو هذا ولو جاز هذا الجاز في إيمان إئمان إذا أردت مصدر آمن يؤمن إيمانًا فلمّا لم يجز في إيمان إئمان كذلك لم يجز في مصدر آلف يؤلف إيلافا إئلاف بهمزتين ومثل ذلك في البعد ما روي عن الأعشى فإن ذلك أبعد من
[حجة القراءات: 773]
الأول لأنّه حقق الهمزتين وألحق ياء لا مذهب لها ولا في وجه قوله {إيلافهم} ألا ترى أن الهمزة الأولى هي همزة الأفعال الزّائدة والثّانية الّتي هي فاء الفعل من ألف والياء لا وجه له لأن بعد الهمزة الّتي هي الفاء ينبغي أن تكون اللّام الّتي هي العين من آلف فالياء لا مذهب لها إلّا على وجد وهو أن تشبع الكسرة فتزيد ياء
فإن قيل ما وجه تحقيق الهمزتين في إألافهم قلت وجه تحقيقها أنه شبهها بالهمزتين في أأنت في أن الثّانية منهما أصيلة والأولى عليها داخلة ليست في الأصل إلّا أنّهما تخالفان أأنت من جهة أن الهمزة الأولى لم تدخل في بنية الكلمة وهي في إألافه داخلة في البنية ولأجل ذلك ألزم النحويون الهمزة الثّانية التّخفيف لاجتماع همزتين في بنية واحدة ولا اعتبار بكون الأولى زائدة كما لم يكن بها اعتبار في {آدم} ولا يجوز أحد همز الألف من آدم فيقول أأدم مع ما أن الساكنة أخف من المتحركة فلذلك بعد تحقيق لهمزتين وروى الأعشى أيضا عن أبي بكر (إإلافهم) بهمزتين مكسورتين ليس بعدهما ياء
قرأ ابن فليح عن ابن كثير لإيلاف قريش إلفهم ساكنة اللّام وليس قبلها ياء جعله مصدر ألف يألف إلفا المعنى أن الله آلفهم
[حجة القراءات: 774]
فألفوا قال محمّد بن يزيد المبرد كأنّه لما قال آلفهم جاء بالثّاني على ألفوا إلفا وإلافا كما قال جلّ وعز {والله أنبتكم من الأرض نباتا} أي أنبتكم فنبتم نباتا قال ابن نوفل:
زعمتم أن إخوتكم قريش ... لهم إلف وليس لكم إلاف
والمعنى فيهما واحد إلفهم وإلافهم إنّما هو مصدر على وزن فعل وفعال وهما مصدران فأما ما جاء من المصادر على فعال فنحو لقيته لقاء وكتبته كتابا وأما ما كان على فعل فنحو علمته علما يجعل بعد الأول مصدر ألف إيلافا فإذا عديته إلى مفعولين قلت وكذا فمصدره إفعال لا غير مثل
وقرأ الباقون {لإيلاف قريش * إيلافهم} من يؤلف إيلافا وأصل الساكنة ياء لانكسار ما قبلها فإن قيل لم رد الألف رحلة الشتاء والصيف الجواب إنّما رد لأن الأول كان غير متعدٍّ فأتى بالثّاني معدى إحسانك إحسانك إلى عمرو أشكرك الإحسان الأول
[حجة القراءات: 775]
فأما اللّام في قوله {لإيلاف} ذكر النحويون منها ثلاثة أوجه {فجعلهم كعصف مأكول لإيلاف قريش} أي {الفيل} لتبقى قريش وما ألفوا من رحلة الشتاء والصيف هذا لام الإضافة وقال آخرون هذا كان المعنى اعجبوا الإيلاف قريش وقال معناه متّصل بما بعده فليعبدوا أي .....). [حجة القراءات: 776] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): («3» وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: {لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ} (1) قَرَأَهُ ابْنُ عَامِرٍ بِغَيْرِ يَاءٍِ، بَعْدَ الْهَمْزَةِ، فِي الأَوَّلِ، جَعَلَهُ مَصْدَرَ «أَلِفَ إِلاَفًا»، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِيَاءٍ بَعْدَ
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/389]
الْهَمْزَةِ، جَعَلُوهُ مَصْدَرَ «آلَفَ»، وَهُمَا لُغَتَانِ، يُقَالُ: أَلِفْتُ كَذَا، وَآلَفْتُ كَذَا.
وَكُلُّ الْقُرَّاءِ قَرَؤُوا الثَّانِيَ بِيَاءٍ، بَعْدَ الْهَمْزَةِ، عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرُ «آلَفْتُ»، فَكَأَنَّ ابْنَ عَامِرٍ جَمَعَ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ فِي الْكَلِمَتَيْنِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ} «الطَّارِقِ 17»، فَجَمَعَ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ، لأَنَّهُ يُقَالُ: مَهَّلَ وَأَمْهَلَ بِمَعْنًى، وَكَذَلِكَ يُقَالُ: أَلِفْتُ كَذَا وَآلَفْتُ كَذَا، بِمَعْنًى). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/390]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- (لإِلافِ قُرَيْشٍ) [آيَةُ/1] بِغَيْرِِ يَاءٍ بَعْدَ الْهَمْزَةِ، فِي وَزْنِ لِعِلافِ: -
قَرَأَهَا ابْنُ عَامِرٍ وَحْدَهُ، وَ{إِيلافِهِمْ} [آيَةُ/2] بِالْيَاءِ مِثْلُ عِيلافِهِمْ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ إِلافًا عَلَى فِعَالٍ مَصْدَرُ أَلِفَ يَأْلَفُ إِلْفًا وَإِلافًا، قَالَ الشَّاعِرُ:
186- زَعَمْتُمْ أَنَّ إِخْوَتَكُمْ قُرَيْشٌ لَهُمْ إِلْفٌ وَلَيْسَ لَكُمْ إِلافُ
وَأَمَّا {إِيلافِهِمْ} فَهُوَ مَصْدَرُ آلَفَ يُولِفُ إِيلافًا مِثْلُ آمَنَ يُؤْمِنُ إِيمَانًا، وَأَلِفَ وَآلَفَ وَاحِدٌ فِي الْمَعْنَى. وَلَمَّا كَانَا لُغَتَيْنِ لِمَعْنًى وَاحِدٍ جَمَعَ بَيْنَهُمَا ابْنُ عَامِرٍ، فَقَرَأَ الأَوَّلَ عَلَى فِعَالٍ، وَالثَّانِيَ عَلَى إِفْعَالٍ جَمْعًا بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {لإِيلافِ} بِالْيَاءِ فِي وَزْنِ لِعِيلافِ.
[الموضح: 1400]
وَلَمْ يُخْتَلَفْوا فِي {إِيلافِهِمْ} أَنَّهُ بِالْيَاءِ، إِلاَّ مَا رَوَى زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ أَنَّهُ قَرَأَ {إِلْفِهِمْ} بِغَيْرِِ يَاءٍ وَلا أَلِفٍ، مِثْلُ عِلْفِهِمْ، وَهَذَا فِي الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ.
وَالْوَجْهُ فِي إِيلافٍ قَدْ تَقَدَّمَ، وَأَنَّهُ مَصْدَرُ آلَفَ بِالْمَدِّ الَّتِي عَلَى وَزْنِ أَفْعَلَ، وَهِيَ فِي الْمَعْنَى مِثْلُ أَلِفَ بِكَسْرِ اللاَّمِ وَقَصْرِ الأَلِفِ، وَأَمَّا {إِيلافِهِمْ} فِي قِرَاءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ فَمَصْدَرُ أَلِف عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ مَصْدَرَ أَلِفَ إِلْفٌ وَإِلافٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الاسْتِشْهَادُ عَلَيْهِ.
وَرَوَى الأَعَمْشُ عَنْ –ياش- عَنْ عَاصِمٍ {إِئْلافَهُمْ} بِهَمْزَتَيْنِ الأُولَى مَكْسُورَةٌ وَالثَّانِيَةُ سَاكِنَةٌ.
وَالْوَجْهُ فِيهِ بَعِيد، لأَنَّ تَحْقِيقَ الْهَمْزَتَيْنِ فِي مِثْلِ هَذَا غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الأَصْلَ، أَلا تَرَى أَنَّهُ لا يُسْتَعْمَلُ إِأْمَانٌ وَأَأْدَمُ وَأَأْدَرُ بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ لا يُعْلَمُ أَحَدٌ قَالَهُ، وَإِنْ كَانَ وَصْلاً.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَاصِمٍ رَجْعُهُ عَنْهُمُ، وَهُوَ أَوْلَى بِهِمْ.
[الموضح: 1401]
وَقَدْ جَاءَتِ الرِّوَايَةُ عَنْهُ أَيْضًا بِهَذَا الطَّرِيقِ {إِإِيلافِهِمْ} بِهَمْزَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ بَعْدَهُمَا يَاءٌ.
وَالْقَوْلُ أَنَّهُ أَبْعَدُ مِنَ الأَوَّلِ بِحَيْثُ لا وَجْهَ لَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَسَرَ الْهَمْزَةَ الثَّانِيَةَ الَّتِي مِنْ حَقِّهَا أَنْ تَكُونَ سَاكِنَةً، فَإِنَّهَا فَاءُ الْكَلِمَةِ بِمَنْزِلَةِ الْكَافِ مِنْ إِكْرَامٍ ثُمَّ أَشْبَعَ الْكَسْرَةَ الَّتِي تَنَشَّأَتْ مِنْهَا يَاءٌ، فَبَقِيَ إِإِيلافِهِمْ، وَإِشْبَاعُ الْكَسْرَةِ قَدْ جَاءَ فِي كَلامِهِمْ، نَحْوَ قَوْلِ الشَّاعِرِ
187- تَنْفِي يَدَاهَا الْحَصَى فِي كُلِّ هَاجِرَةٍ = نَفْيَ الدَّرَاهِيمَ تَنْقَادُ الصَّيَارِيفُ
أَرَادَ الدَّرَاهِمَ، وَكَقَوْلِ الآخَرِ: -
188- أَوْ مِنْ بَنِي عَامِرِ الْخُضْرِ الْجَلاعِيدِ
وَوَاحِدُهَا جَلْعَدٌ وَقِيَاسُ جَمْعِهِ جَلاعِدُ، إِلاَّ أَنَّ الْكَسْرَةَ هَاهُنَا أَعْنِي فِي {إِإِيلافِهِمْ} لَيْسَتْ فِي مَوْضِعِهَا فَإِنَّ الْمَوْضِعَ مَوْضِعُ سُكُونٍ). [الموضح: 1402] (م)
قوله تعالى: {إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قرأ ابن عامر (لإلاف قريشٍ)
بهمزةٍ مختلسة الكسرة، ليس بعدها ياء.
وقرأ الباقون (لإيلاف) قبلها همزة.
وروى زمعة بن صالح عن ابن كثير " إلفهم " بغير ياء قبل اللام.
وقرأ الباقون " إيلافهم " بوزن (عيلافهم).
قال أبو منصور: من قرأ (لإيلاف) فإنه كان في الأصل (لإئلاف قريشٍ) بهمزتين، كقولك: لإعلاف قريشٍ.
فأبدلت الهمزة الثانية ياء، كما قالوا: أئمة.
وهي في الأصل (أأممة) فكرهوا الجمع بين الهمزتين.
وروى الأعشى عن أبي بكر عن عاصم " إألافهم " بهمزتين، الأولى مكسورة والثانية ساكنة.
كذا قرئ على أبي بكر، ثم رجع عنه، وقرأ
[معاني القراءات وعللها: 3/165]
مثل حمزة بهمزة بعدها ياء.
ومن قرأ (لإلفهم) فهو من ألف يألف إلفًا.
يقال: آلفته آلفه إلفا). [معاني القراءات وعللها: 3/166] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ عاصم في رواية أبي بكر: لإئلاف قريش إئلافهم [1، 2] بهمزتين الثانية ساكنة، ثم رجع عنه، فقرأ مثل حمزة بهمزة بعدها ياء.
وقرأ ابن عامر: لإلاف يقصرها، ولا يجعل بعد الهمزة ياء، إيلافهم يجعل بعد الهمزة ياء، خلاف اللفظة الأولى.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحفص عن عاصم وحمزة والكسائي: لإيلاف قريش إيلافهم.
وقال غير أحمد: روى القاسم الخيّاط عن الشموني عن الأعشى عن أبي بكر عن عاصم: لإيلاف قريش مثل حمزة، إإيلافهم بهمزتين مكسورتين بعدهما ياء.
قال أبو علي: قال أبو عبيدة: تقول العرب: ألفت وآلفت. ذاك لغتان. قال أبو ذؤيب:
[الحجة للقراء السبعة: 6/444]
وتؤلف الجوار ويغشيها الأمان ربابها قال التوّزي: أنشدني أبو زيد:
من المؤلفات الرّمل أدماء حرّة شعاع الضّحى في جيدها يتوضّح وأنشد غيره:
ألف الصّفون فما يزال كأنّه ممّا يقوم على الثلاث كسيرا وقال آخر:
[الحجة للقراء السبعة: 6/445]
زعمتم أن إخوتكم قريش لهم إلف وليس لكم إلاف والإلف والإلاف مصدر ألف، والإيلاف مصدر آلف.
قال أبو علي: أما ما كان يقرؤه عاصم من تحقيق الهمزتين في إئلاف، فلم يكن له وجه، ألا ترى أنّا لم نعلم أحدا حقّق الهمزة في نحو هذا، ولو جاز هذا لجاز في الإيمان، والإيمار: الإئمان والإئمار، إذا أردت مصدر آمن وآمر، [و] لجاز أأدم وأأدر.
ومثل ذلك في البعد ما روي عنه من طريق الأعشى عن أبي بكر، إإيلافهم فإنّ ذلك أبعد من الأول لأنه حقّق الهمزتين، وألحق ياء، ولا مذهب لها، ولا وجه في قوله: إإيلافهم ألا ترى أن الهمزة الأولى هي همزة الإفعال الزائدة، والثانية التي هي فاء الفعل من ألف، فالياء لا وجه لها، لأن بعد الهمزة التي هي الفاء ينبغي أن تكون اللام التي هي العين من ألف وإلاف، فالياء لا مذهب لها إلا على شيء لم نعلمه، أخذ به في القراءة، وهو أن يشبع الكسرة فيزيد ياء، أو الضمة فيتبعها واوا، أو الضمة ألفا، فمن زيادة الياء قوله:
أو من بني عامر الحمر الجلاعيد وواحدهم زعموا: جلعد.. وكذلك قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 6/446]
نفي الدراهيم...
ومن ذلك قول الآخر:
وأقطع النّجود والأوداية إنما هو الأودية، فقلب، كما يقال في الناصية: ناصاة فأشبع الفتحة، فدخلت الألف، ووقع بعدها الياء التي هي لام الفعل والألف، نحو قول الشاعر:
وأنت من الغوائل حين تلقى ومن ذم الرّجال بمنتزاح وإنما هو مفتعل من النزح، والواو نحو قول الشاعر:
.... أثني فأنظور إنما هو أنظر، ولم نعلم شيئا من ذلك أخذ به في القراءة.
فأما قوله عزّ وجلّ: فما استكانوا لربهم [المؤمنون/ 76] فليس افتعلوا من السكون، ولكن استفعلوا من الكون، أي: لم يكونوا لأمر ربّهم، ومعناه: لم ينتهوا إليه ولم يتقبّلوه وكان واستكان مثل: عجب واستعجب، وسخر واستسخر، ولعله رجع عن هذا الوجه كما رجع عن الوجه الآخر، ومثل إيلافهم في أنه لا وجه للياء فيه، شيء ينشده بعضهم، أو سأايلتهم بالياء، ولا وجه له أيضا.
[الحجة للقراء السبعة: 6/447]
وأما قول ابن عامر: لإلاف قريش وقصره له، ثم قال: إيلافهم، فجاء بالأول على فعال، والآخر على إفعال، فهو سائغ مستقيم، وكذلك قول ابن كثير ونافع وأبي عمرو وحفص عن عاصم وحمزة والكسائي، فهو مثل قول ابن عامر، فأما اللام في قوله:
لإيلاف قريش فقال أبو الحسن: فجعلهم كعصف مأكول [الفيل/ 5] لإيلاف قريش، واعترض عليه معترض فقال: إنما جعلوا كعصف مأكول لبعدهم، ولم يجعلوا كذلك لتأتلف قريش، وليس هذا الاعتراض بشيء لأنه يجوز أن يكون المعنى: أهلكوا لكفرهم، ولما أدّى إهلاكهم إلى أن تألف قريش جاز ذلك، كقوله: ليكون لهم عدوا وحزنا [القصص/ 8] وهم لم يلتقطوه لذلك، فلما آل الأمر إليه حسن أن يجعل علّة للالتقاط. والخليل وسيبويه: فليعبدوا ربّ هذا البيت لإيلاف قريش، أي: ليجعلوا عبادتهم شكرا لهذه النعمة واعترافا لها). [الحجة للقراء السبعة: 6/448] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لإيلاف قريش * إيلافهم رحلة الشتاء والصيف} 2 1
روي يحيى عن أبي بكر (لإيلاف قريش * إئلافهم) بهمزتين الهمزة الثّانية ساكنة قيل ثمّ رجع عنه وروي عن الأعشى إإيلافهم بهمزتين مكسورتين بعدهما ياء قال النحويون تحقيق الهزتين في إلافهم لا وجه له ألا ترى أنا لم نعلم أحدا حقق الهمزتين في نحو هذا ولو جاز هذا الجاز في إيمان إئمان إذا أردت مصدر آمن يؤمن إيمانًا فلمّا لم يجز في إيمان إئمان كذلك لم يجز في مصدر آلف يؤلف إيلافا إئلاف بهمزتين ومثل ذلك في البعد ما روي عن الأعشى فإن ذلك أبعد من
[حجة القراءات: 773]
الأول لأنّه حقق الهمزتين وألحق ياء لا مذهب لها ولا في وجه قوله {إيلافهم} ألا ترى أن الهمزة الأولى هي همزة الأفعال الزّائدة والثّانية الّتي هي فاء الفعل من ألف والياء لا وجه له لأن بعد الهمزة الّتي هي الفاء ينبغي أن تكون اللّام الّتي هي العين من آلف فالياء لا مذهب لها إلّا على وجد وهو أن تشبع الكسرة فتزيد ياء
فإن قيل ما وجه تحقيق الهمزتين في إألافهم قلت وجه تحقيقها أنه شبهها بالهمزتين في أأنت في أن الثّانية منهما أصيلة والأولى عليها داخلة ليست في الأصل إلّا أنّهما تخالفان أأنت من جهة أن الهمزة الأولى لم تدخل في بنية الكلمة وهي في إألافه داخلة في البنية ولأجل ذلك ألزم النحويون الهمزة الثّانية التّخفيف لاجتماع همزتين في بنية واحدة ولا اعتبار بكون الأولى زائدة كما لم يكن بها اعتبار في {آدم} ولا يجوز أحد همز الألف من آدم فيقول أأدم مع ما أن الساكنة أخف من المتحركة فلذلك بعد تحقيق لهمزتين وروى الأعشى أيضا عن أبي بكر (إإلافهم) بهمزتين مكسورتين ليس بعدهما ياء
قرأ ابن فليح عن ابن كثير لإيلاف قريش إلفهم ساكنة اللّام وليس قبلها ياء جعله مصدر ألف يألف إلفا المعنى أن الله آلفهم
[حجة القراءات: 774]
فألفوا قال محمّد بن يزيد المبرد كأنّه لما قال آلفهم جاء بالثّاني على ألفوا إلفا وإلافا كما قال جلّ وعز {والله أنبتكم من الأرض نباتا} أي أنبتكم فنبتم نباتا قال ابن نوفل:
زعمتم أن إخوتكم قريش ... لهم إلف وليس لكم إلاف
والمعنى فيهما واحد إلفهم وإلافهم إنّما هو مصدر على وزن فعل وفعال وهما مصدران فأما ما جاء من المصادر على فعال فنحو لقيته لقاء وكتبته كتابا وأما ما كان على فعل فنحو علمته علما يجعل بعد الأول مصدر ألف إيلافا فإذا عديته إلى مفعولين قلت وكذا فمصدره إفعال لا غير مثل
وقرأ الباقون {لإيلاف قريش * إيلافهم} من يؤلف إيلافا وأصل الساكنة ياء لانكسار ما قبلها فإن قيل لم رد الألف رحلة الشتاء والصيف الجواب إنّما رد لأن الأول كان غير متعدٍّ فأتى بالثّاني معدى إحسانك إحسانك إلى عمرو أشكرك الإحسان الأول
[حجة القراءات: 775]
فأما اللّام في قوله {لإيلاف} ذكر النحويون منها ثلاثة أوجه {فجعلهم كعصف مأكول لإيلاف قريش} أي {الفيل} لتبقى قريش وما ألفوا من رحلة الشتاء والصيف هذا لام الإضافة وقال آخرون هذا كان المعنى اعجبوا الإيلاف قريش وقال معناه متّصل بما بعده فليعبدوا أي .....). [حجة القراءات: 776] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- (لإِلافِ قُرَيْشٍ) [آيَةُ/1] بِغَيْرِِ يَاءٍ بَعْدَ الْهَمْزَةِ، فِي وَزْنِ لِعِلافِ: -
قَرَأَهَا ابْنُ عَامِرٍ وَحْدَهُ، وَ{إِيلافِهِمْ} [آيَةُ/2] بِالْيَاءِ مِثْلُ عِيلافِهِمْ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ إِلافًا عَلَى فِعَالٍ مَصْدَرُ أَلِفَ يَأْلَفُ إِلْفًا وَإِلافًا، قَالَ الشَّاعِرُ:
186- زَعَمْتُمْ أَنَّ إِخْوَتَكُمْ قُرَيْشٌ لَهُمْ إِلْفٌ وَلَيْسَ لَكُمْ إِلافُ
وَأَمَّا {إِيلافِهِمْ} فَهُوَ مَصْدَرُ آلَفَ يُولِفُ إِيلافًا مِثْلُ آمَنَ يُؤْمِنُ إِيمَانًا، وَأَلِفَ وَآلَفَ وَاحِدٌ فِي الْمَعْنَى. وَلَمَّا كَانَا لُغَتَيْنِ لِمَعْنًى وَاحِدٍ جَمَعَ بَيْنَهُمَا ابْنُ عَامِرٍ، فَقَرَأَ الأَوَّلَ عَلَى فِعَالٍ، وَالثَّانِيَ عَلَى إِفْعَالٍ جَمْعًا بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {لإِيلافِ} بِالْيَاءِ فِي وَزْنِ لِعِيلافِ.
[الموضح: 1400]
وَلَمْ يُخْتَلَفْوا فِي {إِيلافِهِمْ} أَنَّهُ بِالْيَاءِ، إِلاَّ مَا رَوَى زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ أَنَّهُ قَرَأَ {إِلْفِهِمْ} بِغَيْرِِ يَاءٍ وَلا أَلِفٍ، مِثْلُ عِلْفِهِمْ، وَهَذَا فِي الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ.
وَالْوَجْهُ فِي إِيلافٍ قَدْ تَقَدَّمَ، وَأَنَّهُ مَصْدَرُ آلَفَ بِالْمَدِّ الَّتِي عَلَى وَزْنِ أَفْعَلَ، وَهِيَ فِي الْمَعْنَى مِثْلُ أَلِفَ بِكَسْرِ اللاَّمِ وَقَصْرِ الأَلِفِ، وَأَمَّا {إِيلافِهِمْ} فِي قِرَاءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ فَمَصْدَرُ أَلِف عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ مَصْدَرَ أَلِفَ إِلْفٌ وَإِلافٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الاسْتِشْهَادُ عَلَيْهِ.
وَرَوَى الأَعَمْشُ عَنْ –ياش- عَنْ عَاصِمٍ {إِئْلافَهُمْ} بِهَمْزَتَيْنِ الأُولَى مَكْسُورَةٌ وَالثَّانِيَةُ سَاكِنَةٌ.
وَالْوَجْهُ فِيهِ بَعِيد، لأَنَّ تَحْقِيقَ الْهَمْزَتَيْنِ فِي مِثْلِ هَذَا غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الأَصْلَ، أَلا تَرَى أَنَّهُ لا يُسْتَعْمَلُ إِأْمَانٌ وَأَأْدَمُ وَأَأْدَرُ بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ لا يُعْلَمُ أَحَدٌ قَالَهُ، وَإِنْ كَانَ وَصْلاً.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَاصِمٍ رَجْعُهُ عَنْهُمُ، وَهُوَ أَوْلَى بِهِمْ.
[الموضح: 1401]
وَقَدْ جَاءَتِ الرِّوَايَةُ عَنْهُ أَيْضًا بِهَذَا الطَّرِيقِ {إِإِيلافِهِمْ} بِهَمْزَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ بَعْدَهُمَا يَاءٌ.
وَالْقَوْلُ أَنَّهُ أَبْعَدُ مِنَ الأَوَّلِ بِحَيْثُ لا وَجْهَ لَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَسَرَ الْهَمْزَةَ الثَّانِيَةَ الَّتِي مِنْ حَقِّهَا أَنْ تَكُونَ سَاكِنَةً، فَإِنَّهَا فَاءُ الْكَلِمَةِ بِمَنْزِلَةِ الْكَافِ مِنْ إِكْرَامٍ ثُمَّ أَشْبَعَ الْكَسْرَةَ الَّتِي تَنَشَّأَتْ مِنْهَا يَاءٌ، فَبَقِيَ إِإِيلافِهِمْ، وَإِشْبَاعُ الْكَسْرَةِ قَدْ جَاءَ فِي كَلامِهِمْ، نَحْوَ قَوْلِ الشَّاعِرِ
187- تَنْفِي يَدَاهَا الْحَصَى فِي كُلِّ هَاجِرَةٍ = نَفْيَ الدَّرَاهِيمَ تَنْقَادُ الصَّيَارِيفُ
أَرَادَ الدَّرَاهِمَ، وَكَقَوْلِ الآخَرِ: -
188- أَوْ مِنْ بَنِي عَامِرِ الْخُضْرِ الْجَلاعِيدِ
وَوَاحِدُهَا جَلْعَدٌ وَقِيَاسُ جَمْعِهِ جَلاعِدُ، إِلاَّ أَنَّ الْكَسْرَةَ هَاهُنَا أَعْنِي فِي {إِإِيلافِهِمْ} لَيْسَتْ فِي مَوْضِعِهَا فَإِنَّ الْمَوْضِعَ مَوْضِعُ سُكُونٍ). [الموضح: 1402] (م)
قوله تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3)}
قوله تعالى: {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)}
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين