سورة الطارق
[ من الآية (1) إلى الآية (10) ]
{وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (10)}
قوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (قال أبو عبد الله: الطارق، النجم، سمي طارقًا لطلوعه ليلا، قالت هند تفتخر:
نحن بنات طارق = نمشي على النمارق
أي: إن أبانا كالنجم في شرفه. هذا قول الناس كلهم إلا ما ذرك أبو حنيفة الدينوري أن بنات طارق هن بنات ملك من الملوك في الزمان الأول يوصفن بالجمال. أي: إنا في شرفنا مثل بنات طارق. والطارق أيضا: أحد الكواكب الأحد عشر التي رآها يوسف عليه السلام، ومنها الوثاب والعمودان. وقد ذكرتها في سورة (يوسف) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/460]
قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2)}
قوله تعالى: {النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3)}
قوله تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله جلّ وعزّ: (لمّا عليها حافظٌ (4).
قرأ ابن عامر وحمزة وعاصم (لمّا عليها حافظٌ) بالتشديد.
وقرأ الباقون: (لما عليها) خفيفة.
قال أبو منصور: من قرأ (لمّا) مشددا فمعناه: (إلاّ) بلغة هذيل.
و (إن) بمعنى: (ما) الجحد.
المعنى: ما من نفس إلا عليها حافظ.
والعرب تجعل (لمّا) مشددة بمعنى (إلا) في موضعين:
أحدهما: مع (إن) التي بمعنى (ما) النّفي.
والآخر: في قولهم: سألتك لمّا فعلت كذا.
بمعنى: إلا فعلت.
ومن قرأ (لما) خفيفة جعل (ما) مؤكدة.
المعنى: إن كل نفس لعليها حافظ). [معاني القراءات وعللها: 3/138]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- وقوله تعالى: {إن كل نفس لما عليها حافظ} [4].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/460]
قرأ عاصم وحمزة وابن عامر: {لما} مشددًا؛ لأن «إن» بمعنى «ما» الجاحدة. و«لما» بمعنى «إلا» والتقدير إن كل نفس إلا عليها حافظ من الله.
وقرأ الباقون: {لما} مخففًا فـ«ما» صلة في هذه القراءة، والتقدير: إن كل نفس لعيها حافظ.
قال أبو عبد الله: وقد تأملت «إن» في القرآن وفي كلام العرب [فوجدتها] تنقسم أربعة وعشرين قسمًا:
- منها تكون «إن» شرطًا كقولك: إن تزرني أزرك، {وإن تعفوا وتصفحوا}.
- وتكون «إن» بمعنى «ما» قولك: إن أنت إلا قائم، أي: ما أنت إلا قائمو: {إن أنت إلا نذير}.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/461]
- وتكون صلة: «ما» [كقولك: ما] إن رأيت مثلك، أي: ما رأيت، وينشد:
ما إن رأيت ولا سمعت به
كاليوم طالئ أينق جرب
متبذلا تبدو محاسنه
يضع الهناء مواضع النقب
- وتكون «إن» مخففة من مشددة، كقولك: إن زيدًا قائم، تريد إن زيدًا قائم. قال الله تعالى: {وإن كلا لما ليوفيتهم} كذلك قرأها نافع وعاصم، وينشد:
وصدر مشرق النحر = كأن ثدييه حقان
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/462]
يريد: كأن فخفف، أنشدني ابن مجاهد:
فلو أنك في يوم الرخاء سألتني = فراقك لم أبخل وأنت صديق
- وتكون بمعنى «قد» و«لم» كقوله تعالى: {ولقد مكنهم فيما إن مكنكم فيه} قيل: فيم لم نمكنكم، وقيل: فيما قد مكناكم.
والوجه السابع: «أن» بمعنى «إذا» كقوله تعالى: {اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين} أي: إذا كنتم.
والوجه الثامن: «إن» أمر من آن يئين: إذا حان وقت الشيء فإذا أمرت قلت: «إن» كما تقول: «من» من مان يمين مينًا: إذا كذب «من» ومن حان يحين «حن» ومن ران يرين «رن»). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/463]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكسائي: لما* [4] خفيف.
وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة: لما مشدّدة.
قال أبو علي: من خفّف فقال: لما عليها حافظ كانت إن عنده المخفّفة من الثقيلة، واللام معها هي التي تدخل مع هذه المخفّفة لتخلّصها من إن النافية، وما صلة كالتي في قوله: فبما رحمة من الله [آل عمران/ 159]، وعما قليل [المؤمنون/ 40]، وتكون إن متلقية للقسم كما تتلقاه مثقلة.
ومن ثقّل فقال: لما عليها كانت إن عنده النافية كالتي في قوله: في ما إن مكناهم فيه [الأحقاف/ 26] ولما في معنى: إلّا.
قال سيبويه عن الخليل في قولهم: نشدتك اللّه لمّا فعلت، المعنى: إلا فعلت، قال: والوجه إلا، وهي متلقّية للقسم كما تتلقّاه ما، قال أبو الحسن: الثقيلة في معنى إلا، والعرب لا تكاد تعرف ذا.
وقال الكسائي: لا أعرف وجه التثقيل، وروي عن أبي عون أنه قال: قرأت عند محمّد، يعني ابن سيرين: لما فكرهها وأنكرها). [الحجة للقراء السبعة: 6/397]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إن كل نفس لما عليها حافظ}
قرأ ابن عامر وعاصم وحمزة {إن كل نفس لما} بالتّشديد أي ما كل نفس إلّا عليها حافظ ف إن بمعنى ما و{لما} بمعنى إلّا والعرب تقول نشدتك الله لما فعلت المعنى إلّا فعلت
وقرا الباقون لما بالتّخفيف ما تكون زائدة على هذه القراءة المعنى إن كل نفس لعليها حافظ). [حجة القراءات: 758]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (لَيْسَ فِيهَا اخْتِلافٌ إِلاَّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِهِ: {لَمَّا عَلَيْهَا} «4» [أَنَّ ابْنَ عَامِرٍ وَعَاصِمًا وَحَمْزَةَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ فِي {لَمَّا عَلَيْهَا} وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ] فِي يس، وَمَا قَدَّمْنَا مِنَ الأُصُولِ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/369]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {لَمَّا عَلَيْهَا} [آيَةُ/4] بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ: -
قَرَأَهَا ابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ {إِنْ} فِي قَوْلِهِ {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ} هِيَ النَّافِيَةُ، وَهِيَ بِمَعْنَى مَا، وَ{لَمَّا} الْمُشَدَّدَةُ بِمَعْنَى إِلاَّ، كَمَا قَالَوا نَشَدْتُكَ اللَّهَ لَمَّا فَعَلْتَ، وَالْمَعْنَى إِلاَّ فَعَلْتَ، وَالْمُرَادُ مَا كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا حَافِظٌ.
وقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: الْعَرَبُ لا تَكَادُ تَعْرِفُ لَمَّا بِمَعْنَى إِلاَّ.
وَالأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ هَذَا قَدْ جَاءَ مِنْهُمْ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {لَمَا} مُخَفَّفَةً.
وَالْوَجْهُ أَنَّ {إِنْ} عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ هِيَ الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَاللاَّمُ فِي {لَمَا} لِلْتَأْكِيدِ، وَهِيَ الْفَارِقَةُ بَيْنَ إِنَّ الْمُؤَكِّدَةِ وَإِنِ النَّافِيَةِ، وَ{مَا} زَائِدَةٌ، وَالتَّقْدِيرُ: إِنَّ الأَمْرَ أَوِ الشَّأْنَ كُلُّ نَفْسٍ لَعَلَيْهَا حَافِظٌ، وَقَدْ بَيَّنَّا قَبْلُ أَنَّ إِنْ إِذَا
[الموضح: 1358]
خُفِّفَتْ أُضْمِرَ بَعْدَهَا الأَمْرُ أَوِ الشَّأْنُ، فَيَكُونُ اسْمَهَا، وَالْجُمْلَةُ الَّتِي بَعْدَهَا خَبَرُهَا). [الموضح: 1359]
قوله تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (قال الله تعالى: {فلينظر الإنسان مم خلق} [5] ثم فسر أن الإنسان {خلق من ماء دافق} [6] مهين). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/463] (م)
قوله تعالى: {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (قال الله تعالى: {فلينظر الإنسان مم خلق} [5] ثم فسر أن الإنسان {خلق من ماء دافق} [6] مهين). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/463] (م)
قوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ({يخرج من الصلب والترآئب} [7] أي: صلب الرجل وتريبة المرأة، وهي معلق الحلي على الصدر. وفي الصلب ثلاث لغا: الصلب وهي قراءة الناس والصلب بضمتين، وقرأ بذلك
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/463]
عيسى بن عمر، والصلب بفتح اللام والصاد قال العجاج:
في صلب مثل العناق المؤدم
ولغة رابعة: صالب، قال العباس بن عبد المطلب يمدح النبي عليه السلام:
من قبلها طبت في الظلال وفي = مستودع حيث تخصف الورق
ثم هبطت البلاد لا بشر = أنت ولا مضغة ولا علق
بل نطقة تركب السفين وقد = ألجم نسرًا وقومه الغرق
تنقل من صالب إلى رحم = إذ مضى عام بدا طبق
قد احتوى بيتك المهذب من = خندف علياء تحتها النطق
فأنت ما ظهرت أشرقت الأر = ض وضاءت بنورك الأفق
فنحن في ذلك الضياء وفي النو = ر وسبل الرشاد نحترق
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/464]
فقال النبي عليه السلام «لا فض الله فاك»، فيقال: للصلب الصلب والصلب، والصلب، والصالب، والمتن، والمتنة، والظهر، والظهر، والمطأ، والقرا، وكتب بالألف كقولهم: ناقة قرواء إذا كانت طويلة القراء، أي: بالياء والألف ويثني القريان، والقروان). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/465]
قوله تعالى: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (وقوله: {إنه على رجعه لقادر} الرجع: الماء أنشد أبو عبيدة في صفة سيف: للمتنخل:
أبيض كالرجع رسوب إذا = ما ثاخ في محتفل يختلي). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/465]
قوله تعالى: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9)}
قوله تعالى: {فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (10)}
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين