{كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21) إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)}
قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {إن كتاب الأبرار لفي عليين} [18].
قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي {الأبرار} بالإمالة.
وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي {الأبرار} بالإمالة.
وقرأ الباقون بالتفخيم. وقد أنبات عن علته فيما سلف، والأبرار: واحدهم بر، ويجوز أن يكون جمعًا لبار؛ لن أفعالا يكون جمعا كصاحب وأصحاب، ولفعل كعنب وأعناب، ولفعل كأطم وآطام، ولفعل كحمل وأحمال، ولفعل
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/451]
كجمل وأجمال، ولفعل كجذع وأجذاع، ولأشياء كثيرة قد ذكرتها في غير هذا الموضع ويقال: رجل بار وبر، وبار جمعه بررة، ويقال: خرجت إلى بر ولا يقال: إلى برا، والبر بالكسر بر الوالدين، والبر: القلب، والبر: الفارة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/452]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ ابن عامر: كتاب الأبرار [المطففين/ 18] بكسر الراء. أبو عمرو وحمزة والكسائي: الأبرار* بالإمالة، وحمزة أقلّهم إمالة.
[الحجة للقراء السبعة: 6/387]
قال أبو علي: الإمالة للفتحة من الأبرار حسنة، وذلك أن المفتوحة غلبتها المكسورة، كما غلبت المستعلي في طارد وقادر، فإذا غلبت المستعلي المفتوح، فإن تغلب فتحة الراء أجدر، ألا ترى أن الراء ليس بمستعل، وإنما منعت الإمالة حيث منعت لما فيها من التكرير). [الحجة للقراء السبعة: 6/388]
قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19)}
قوله تعالى: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20)}
قوله تعالى: {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21)}
قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22)}
قوله تعالى: {عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23)}
قوله تعالى: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (تعرف في وجوههم نضرة النّعيم (24).
قرأ الحضرمي وحده " تعرف في وجوههم نضرة النّعيم " رفعًا.
وقرأ الباقون " تعرف " بفتح التاء (نضرة النّعيم) نصبًا.
قال أبو منصور: من قرأ (تعرف) بضم التاء فـ (نضرة) مرفوعة؛ لأنه مفعول لم يسم فاعله.
ومن قرأ (تعرف) بفتح التاء نصب (نضرة) بـ (تعرف) ). [معاني القراءات وعللها: 3/131]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- (تُعْرَفُ فِي وُجُوهِهِمْ) بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، وَرَفْعِ (نَضْرَةُ) [آيَةُ/24]: -
قَرَأَهَا يَعْقُوبُ وَحْدَهُ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ.
[الموضح:1350]
وَالْوَجْهُ أَنَّ الْفِعْلَ الْمَبْنِيَّ لِلْمَفْعُولِ بِهِ، (نَضْرَةُ) مَفْعُولٌ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ فَلِذَلِكَ رُفِعَتْ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {تَعْرِفُ} بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، وَنَصْبِ {نَضْرَةَ}.
وَالْوَجْهُ تَعْرِفُ أَنْتَ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ، فَتَعْرِفُ مُضَارِعُ عَرَفْتَ، وَ{نَضْرَةَ} مَفْعُولٌ بِهِ، فَلِذَلِكَ نَصَبُوهَا). [الموضح: 1351]
قوله تعالى: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25)}
قوله تعالى: {خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ختامه مسكٌ (26).
القراء اتفقوا على " ختامه " بالألف بعد التاء، إلا الكسائي فإنه قرأ (خاتمه مسكٌ).
وقد رويت هذه القراءة عن عليٍّ.
قال أبو منصور "المعنى في الختام والخاتم واحد، معناهما: آخره، أي: يجد شاربه منه ريح المسك حين ينزع الإناء من فيه.
المعنى: أنهم إذا شربوا الرحيق ففني ما في الكأس وانقطع الشراب انختم ذلك بطعم المسك ورائحته، وليس بين الخاتم والختام فرقٌ، غير أن الخاتم اسم، والختام مصدر). [معاني القراءات وعللها: 3/131]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (4- وقوله تعالى: {ختامه مسك} [26].
قرأ الكسائي وحده: {ختامه مسك} أي: آخر شرابهم مسك بفتح التاء في {خاتمه}. وقد روي عن إبراهيم النخعي عن الكسائي {خاتمه مسك} بكسر التاء، والعرب تقول: خاتم وخام، وخيتام، وخاتام، وأنشد:
يا خدل ذات الجورب المنشق = أخذت خيتامي بغير حق
وقرأ الباقون: {ختامه مسك} ومعناه: آخر شرابهم مختوم بالمسك: {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/451]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ الكسائي وحده: خاتمه مسك [المطففين/ 26] الألف قبل التاء.
[الحجة للقراء السبعة: 6/386]
وقرأ الباقون: ختامه الألف بعد التاء.
قال أبو عبيدة: له ختام أي عاقبة. ختامه مسك، أي: عاقبته، قال ابن مقبل:
ممّا يفتّق في الحانوت ناطفها بالفلفل الجون والرّمان مختوم وروي عن سعيد بن جبير: ختامه: آخر طعمه.
قال أبو علي: المراد بقوله: خاتمه مسك لذاذة المقطع وذكاء الرائحة، وأرجها مع طيب الطعم، وهذا كقوله: كان مزاجها كافورا [الإنسان/ 5]، وكان مزاجها زنجبيلا [الإنسان/ 17] أي: تحذي اللسان. وقد أبان عن هذا المعنى سعيد بن جبير، وكذلك قول ابن مقبل.
فأما قول الكسائي: خاتمه، فإن معناه: آخره، كما كان من قرأ: خاتم النبيين [الأحزاب/ 40] كان معناه: آخرهم. والختام:
المصدر، والخاتم: اسم الفاعل، والخاتم: كالطّابع والتابل). [الحجة للقراء السبعة: 6/387]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ختامه مسك} 26
قرأ الكسائي خاتمه مسك بالألف بين الخاء التّاء وفتح التّاء
وقرأ الباقون {ختامه مسك} بكسر الخاء وبعد التّاء ألف وحجتهم أن المعنى في ذلك آخره مسك كأنّه إذا شرب أحدهم الكأس وجد آخر شرابه مسكا وختام كل شيء آخره أي آخر ما يجدونه رائحة المسك وهو مصدر ختمه يختمه ختما وختاما
[حجة القراءات: 754]
وحجّة الكسائي أن الخاتم الاسم وهو الّذي يختم به الكأس بدلالة قوله قبلها {يسقون من رحيق مختوم} ثمّ أخبر عن كيفيته فقال مختوم بخاتم من مسك وقال قوم خاتمه أي آخره كما كان من قرأ {وخاتم النّبيين} بالفتح كان معناه آخرهم
وكان علقمة يقول خاتمه وقال أما رأيت المرأة تأتي العطّار وتشتري منه العطر فتقول اجعل لي خاتمه مسكا قال الفراء الخاتم والختام متقاربان في المعنى إلّا أن الخاتم الاسم والختام المصدر). [حجة القراءات: 755]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): («1» قَوْلُهُ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} قَرَأَهُ الْكِسَائِيُّ بِأَلِفٍ قَبْلَ التَّاءِ وَفَتْحِ الْخَاءِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِكَسْرِ الْخَاءِ، وَأَلِفٍ بَعْدَ التَّاءِ.
وَحُجَّةُ مَنْ قَرَأَ بِأَلِفٍ بَعْدَ التَّاءِ أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى مَعْنَى «آخِرُهُ مِسْكٌ»، كَمَا قَالَ: {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} «الأَحْزَابِ 40»، أَيْ: آخِرُهُمْ. وَالْمَعْنَى: «أَنَّهُ لَذِيذُ الآخِرِ، ذَكِيُّ الرَّائِحَةِ فِي آخِرِهِ»، فَإِذَا كَانَ آخِرُهُ فِي طِيبِهِ وَذَكَاءِ رَائِحَتِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمِسْكِ فَأَوَّلُهُ أَذْكَى وَأَطْيَبُ رَائِحَةً، لأَنَّ الأَوَّلَ مِنَ الشَّرَابِ أَصْفَى وَأَلَذُّ، وَهُوَ مَصْدَرُ «خَتَمَ خِتَامًا».
«2» وَحُجَّةُ مَنْ قَرَأَ بِأَلِفٍ قَبْلَ التَّاءِ أَنَّهُ جَعَلَهُ اسْمًا لِمَا يُخْتَمُ بِهِ الْكَأْسُ، بِدَلالَةِ قَوْلِهِ: {مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ} «25»، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ مَخْتُومٌ، ثُمَّ بَيَّنَ هَيْئَةَ الْخَاتَمِ، فَقَالَ «خَاتَمُهُ مِسْكٌ»، وَبِذَلِكَ قَرَأَ عَلِيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَلْقَمَةُ وَالنَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/366]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {خَاتَمُهُ مِسْكٍ} [آيَةُ/26] بِأَلِفٍ بَعْدَ الْخَاءِ وَبِفَتْحِ الْخَاءِ وَالتَّاءِ قَرَأَهَا الْكِسَائِيُّ وَحَسَّنَهُ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ الْخَاتَمَ بِالْفَتْحِ اسْمٌ كَالطَّابَعِ وَالتَّابَلِ، وَقَدْ قُرِئَ {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} بِفَتْحِ التَّاءِ، وَقَدْ سَبَقَ، وَالْمَعْنَى آخِرُهُمْ، وَ{خَاتَمُهُ مِسْكٌ} أَيْ آخِرُهُ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {خِتَامُهُ} بِكَسْرِ الْخَاءِ وَالأَلِفِ بَعْدَ التَّاءِ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ الْخِتَامَ مَصْدَرٌ سُمِّيَ بِهِ، فَهُوَ اسْمٌ لِمَا يُخْتَمُ بِهِ، وَالطِّينُ الَّذِي يُخْتَمُ عَلَيْهِ خِتَامٌ، قَالَ:
180- أَوْ جَوْنَةٍ قُدِحَتْ وَفُضَّ خِتَامُهَا.
[الموضح: 1351]
وَالْمُرَادُ أَنَّ عَاقِبَتَهُ مِسْكٌ أَيِ الَّذِي يُخْتَمُ بِهِ مِسْكٌ.
وَقِيلَ: جُعِلَ مَا خُتِمَ بِهِ عَلَى ذَاكَ الشَّرَابِ مِسْكٌ رَطْبٌ يَنْطَبِعُ فِيهِ الْخَاتَمُ). [الموضح: 1352]
قوله تعالى: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27)}
قوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)}
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين