قوله تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (1)}
قوله تعالى: {وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (2)}
قوله تعالى: {وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (3)}
قوله تعالى: {وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4)}
قوله تعالى: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5)}
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (روى عن سعيد بن جبير: [يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا أَغَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ]، ممدودة، على التعجب.
قال أبو الفتح: هذا كقول الله سبحانه: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} أي: على أفعال
[المحتسب: 2/353]
أهل النار، ففيه حذف مضافين شيئا على شيء كما قدمنا في قوله: {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ}، وغير ذلك.
وقيل في قوله: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّار}: أي: ما الذي دعاهم إلى الصبر على موجبات النار؟ فكذلك يجوز أن يكون قوله أيضا: [مَا أغَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ]، أي: ما الذي دعاك إلى الاغترار به؟ غر الرجل، فهو غار، أي: غفل). [المحتسب: 2/354]
قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله جلّ وعزّ: (فعدلك).
قرأ عاصم وحمزة والكسائي " فعدلك " مخففة.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب " فعدّلك " مشددة.
قال أبو منصور: من قرأ (فعدلك) بالتخفيف جعل في بمعنى (إلى) كأنه قال: (عدلك) إلى أي صورةٍ شاء أن يركبك فيها فركبك.
وهذا قول الفرّاء.
وقال غيره: (فعدلك)، أي: سواك.
يقال: عدلت القدح فاعتدل، إذا قومته فاستقام.
ومنه قول الشاعر
وعدلنا ميل بدرٍ فاعتدل
ومن قرأ (فعدّلك) معناه: قوّمك تقويما حسنًا.
وتكون (ما) صلة، كأنه قال: سوّاك فعدّلك.
ثم ابتدأ فقال: في أي صورة شاء أن يركبك ركبك،
[معاني القراءات وعللها: 3/126]
إما طويلاً، وإما قصيرًا، وإما مستحسنًا، وإما غير ذلك.
ويجوز أن يكون (ما) بمعنى الشرط والجزاء.
فيكون المعنى: في أي صورة ما يشاء أن يركبك فيها ركّبك.
ويكون (شاء) بمعنى: يشاء). [معاني القراءات وعللها: 3/127]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (قرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع وابن عامر: {فعدلك} [7] مشددًا، أي: قومك، قال: ابن الجهم قال أبو طلحة الناقد للفراء، حدثنا [....] ذكر سندًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال: «الحمد لله الذي خلقك فسواك فعدلك» فعرفه الفراء الحديث. وقال كنت أقرأ بالتخفيف إتباعًا للأعمش ولا تراني أقرؤها بعد يومي هذا إلا بالتشديد إذا كانت قد ذكرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن الجهم: فسألت الفراء بعد ثلاث سنين في طريق مكة كيف يقرأ هذا الحرف {فعدلك} فقال: بالتشديد.
وقرأ الباقون: {فعدلك} مخففًا، ومعناه: فصرفك إلى أي صورة شاء، إما حسن وإما قبيح، وإما طويل وإما قصير، وذلك أن النطفة إذا وقعت في الرحم طابت في البدن أربعين صباحًا، ثم تصير علقة أربعين، ثم مضغة أربعين، ثم يبعث الله ملكًا ومعه تراب هي تربة العبد، فيعجنه بتلك النطفة ويقول: يا رب أطويل أم قصير، أغني أم فقير، أشقي أم سعيد، فذلك قوله: {هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء} وقال ابن أبي نجيح: {فعدلك في أي صورة} قال: في صورة عم، في صورة أب، في صورة بعض القرابات.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/448]
وقال بعض النحويين: الاختيار التشديد، والتقدير: فعدلك، أي: جعلك معدل الخلق معتدلا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/449]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: فعدلك [7] بالتشديد.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: فعدلك خفيفة.
قال أبو علي: معنى عدّلك: عدّل خلقك، فأخرجك في أحسن تقويم، وهيّأ فيك بلطف الخلقة وتعديلها، ما قدرت به على ما لم يقدر عليه غيرك.
ومعنى التخفيف: عدل بعضك ببعض، فكنت معتدل الخلقة متناسبها فلا تفاوت فيها). [الحجة للقراء السبعة: 6/382]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({الّذي خلقك فسواك فعدلك * في أي صورة ما شاء ركبك} 8 ، 7
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {فعدلك} بالتّخفيف قال الفراء وجهه والله أعلم فصرفك إلى أي صورة شاء إمّا حسن أو قبيح أو طويل أو قصير وعن أبي نجيح قال في صورة أب أو في صورة عم وليست {في} من صلة {فعدلك} لأنّك لا تقول عدلتك
[حجة القراءات: 752]
في كذا إنّما تقول عدلتك إلى كذا أي صرفتك إليه وإنّما هي متعلقة ب {ركبك} كأن المعنى في أي صورة شاء أن يركبك وقال آخرون فعدك فسوى خلقك قال محمّد بن يزيد المبرد فعدك أي قصد بك إلى الصّورة المستوية ومنه العدل الّذي هو الإنصاف أي هو قصد إلى الاستواء فقولك عدل الله فلانا أي سوى خلقه فإن قيل فأين الباء الّتي تصحب القصد حتّى يصح ما تقول قلت إن العرب قد تحذف حروف الجرّ قال الله جلّ وعز {وإذا كالوهم أو وزنوهم} فحذف اللامين فكذلك {فعدلك} بمعنى فعدل بك
وقرا الباقون {فعدلك} التّشديد يعني فقومك جعل خلقك معتدلا بدلالة قوله {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} أي معتدل الخلق ليس منه شيء بزائد على شيء فيفسده وقال قوم معناه حسنك وجملك). [حجة القراءات: 753]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): («1» قَوْلُهُ: {فَعَدَّلَكَ} قَرَأَهُ الْكُوفِيُّونَ بِالتَّخْفِيفِ، عَلَى مَعْنَى «عَدَلَ بَعْضَكَ بِبَعْضٍ فَصِرْتَ مُعْتَدِلَ الْخَلْقِ مُتَنَاسِبَهُ، فَلاَ تَفَاوُتَ فِي خَلْقِكَ» وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: عَدَلَكَ أَيْ شِبْهَ أَبِيكَ أَوْ خَالِكَ أَوْ عَمِّكَ، أَيْ: صَرَفَكَ إِلَى شَبَهِ مَنْ شَاءَ مِنْ
قَرَابَتِكَ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّشْدِيدِ عَلَى مَعْنَى سَوَّى خَلْقَكَ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ وَأَكْمَلِ تَقْوِيمٍ، فَجَعَلَكَ قَائِمًا، وَلَمْ يَجْعَلْكَ كَالْبَهَائِمِ مُتَطَأْطِئًا، وَالتَّشْدِيدُ مَرْوِيٌّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/364]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {فَعَدَلَكَ} [آيَةُ/7] بِتَخْفِيفِ الدَّالِ: -
قَرَأَهَا الْكُوفِيُّونَ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ الْمَعْنَى سَوَّاكَ.
قَالَ الْفَرَّاءُ: عَدَلْتُهُ فَاعْتَدَلَ أَيْ سَوَّيْتُهُ فَاسْتَوَى.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ مَعْنَاهُ عَدَلَ بَعْضَكَ بِبَعْضٍ فَصِرْتَ مُعْتَدِلَ الْخِلْقَةِ مُتَنَاسِبًا؛ لأَنَّهُ يُقَالُ عَدَلْتُ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ، إِذَا سَوَّيْتَهُ بِهِ، وَقِيلَ عَدَلَكَ إِلَى أَيِّ صُورَةٍ شَاءَ، وَ{فِي} بِمَعْنَى إِلَى، وَ{مَا} زَائِدَةٌ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ (فَعَدَّلَكَ) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ الْمَعْنَى عَدَلَ خَلْقَكَ، أَيْ قَوَّمَهُ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَخْرَجَكَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ، ثُمَّ ابْتَدَأَ فِي أَيِّ صُورَةٍ (مَا) شَاءَ رَكَّبَكَ). [الموضح: 1346]
قوله تعالى: {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ركّبك (8) كلّا) (9).
قرأ يعقوب الحضرمي " ركّبك كّلّا " مدغمًا.
وكذلك أدغم الكاف في الكاف في (طه): (نسبّحك كثيرًا. ونذكرك كثيرًا). وموضعٍا في (الروم): (كذلك كّانوا) في هذه الخمسة المواضع.
ويظهرها في غيرهن.
وروى خارجة عن نافع مثل ذلك.. " ركّبك كّلّا " مدغمًا.
قال أبو منصور: القراءة بإظهار الكافين؛ لأنهما من كلمتين، وهي أبين القراءتين وأتمّهما وأعربهما). [معاني القراءات وعللها: 3/127] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (خارجة عن نافع ركبك كلا [الانفطار/ 8، 9] مدغم.
الإدغام في ذلك حسن لاجتماع المثلين وتوالي الحركات). [الحجة للقراء السبعة: 6/384]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- (رَكَّبَك * كَّلاَّ) [آيَةُ/8 و9] بِإِدْغَامِ الْكَافِ فِي الْكَافِ: -
قَرَأَهَا أَبُو عَمْرٍو إِذَا أَدْغَمَ الْحُرُوفَ الْمُتَحَرِّكَةَ، وَكَذَلِكَ خَارِجَةُ عَنْ نَافِعٍ.
وَأَمَّا- يس- عَنْ يَعْقُوبَ فَإِنَّهُ يُدْغِمُ الْكَافَ فِي الْكَافِ فَأَرْبَعَةُ مَوَاضِعَ، مِنْهَا فِي طه (نُسَبِّحَك كَّثِيرًا وَنَذْكُرَك كَّثِيرًا) وَحَرْفٌ فِي الرُّومِ (كَذَلِك كَّانُوا). وَأَمَّا قَوْلُهُ (رَكَّبَك كَّلاَّ) فَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ عَنْهُ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ (رَكَّبَكَ كَلاَّ) بِالإِظْهَارِ.
وَالْوَجْهُ فِي الإِدْغَامِ أَنَّهُمَا حَرْفَانِ مِثْلانِ، فَاسْتُثْقِلَ اجْتِمَاعُهُمَا، فَأُدْغِمَ أَحَدُهُمَا فِي الآخَرِ.
وَالْوَجْهُ فِي الإِظْهَارِ أَنَّهُمَا مِنْ كَلِمَتَيْنِ، فَكَأَنَّهُمَا لَمْ يَجْتَمِعَا، وَهَذِهِ أَبْيَنُ الْقِرَاءَتَيْنِ وَأَفْصَحُهُمَا). [الموضح: 1347] (م)