سورة النازعات
[ من الآية (15) إلى الآية (26) ]
{هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15) إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (19) فَأَرَاهُ الْآَيَةَ الْكُبْرَى (20) فَكَذَّبَ وَعَصَى (21) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22) فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآَخِرَةِ وَالْأُولَى (25) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (26) }
قوله تعالى: {هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15)}
قوله تعالى: {إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {طوى * اذهب} [16، 17].
قرأ أهل الكوفة منونًا مجرى جعلوه اسم واد.
وقرأ الباقون: {طوى} غير منون، جعلوه اسم أرض فلم يجروه.
وقال آخر: لم يجر؛ لأنه معدول من طاوي.
وفيها قراءة ثالثة: {طوى} بكسر الطاء، قال: ثني البركة فيه مرتين، وقدس مرتين. ولم يذكر في التنوين شيئًا وما أبعد من قال: إنه معدول من طاوي، لأن عيسى بن عمر قرأ: {طاوي اذهب}.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/435]
وسمعت ابن مجاهد إذ قرأ في الصلاة سكت على طوي سكتة خفيفة ويقطع ألف الوصل؛ ليعلم أن {طوى} رأس آية، فسألته عن ذلك وقلت: لم تقطع ألف الوصل وأنت تصل. فقال: لأنه روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه كان يقرأ آية آية فأحب أن أقف عند رءوس الآي على مذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذ كانت سكتة خفيفة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/436]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: طوى. اذهب
[الحجة للقراء السبعة: 6/371]
[النازعات/ 16] غير مجراة، وقرأ الباقون: طوى منونة.
قال أبو عبيدة: طوى مضمومة الأول ومكسورة، فمن لم ينوّن جعله اسما مؤنثا، ومن نوّن جعله ثنى مثل طوى، جعله مرتين مصدرا، قال طرفة:
أعاذل إن اللّوم في غير كنهه عليّ طوى من غيّك المتردّد قال أبو علي: من لم يصرف طوى* احتمل قوله أمرين:
أحدهما: أنه جعله اسم بلدة أو بقعة أو يكون جعله معدولا، كزفر وعمر. ومن صرف احتمل أيضا أمرين: أحدهما: أن يكون جعله اسم موضع أو بلد أو مكان، والآخر أن يكون مثل رجل حطم وسكع وأهلكت مالا لبدا [البلد/ 6].
ويجوز أن توصف النكرة إذا أبدلت من المعرفة، وإن كان قد جاء في الآية: بالناصية. ناصية كاذبة [العلق/ 15، 16] موصوفا، ويدلّ على جواز ذلك قول الشاعر:
إنّا وجدنا بني جلّان كلّهم كساعد الضّبّ لا طول ولا قصر
[الحجة للقراء السبعة: 6/372]
المعنى: لا كذي طول ولا قصر، وإنما جاز ذلك لأنه يفيد ما لا يفيده الأول، ولو لم يوصف ناصية بالكذب، لم يعلم بعد البدل إلا ما كان علم بالأول.
وقال أبو الحسن: كان الحسن يقول: قدّس مرتين، قال: فهذا ينبغي أن يكون مكسورا نحو: الثني للشيء بعد الشيء يكسر ويقصر، وأنشد:
ترى ثنانا إذا ما جاء بدأهم وبدؤهم إن أتانا كان ثنيانا وأنشد غيره أفي جنب بكر قطّعتني ملامة لعمري لقد كانت ملامتها ثنى أي: ليس ذلك بأول ملامة، وثنى: فعل من ثنيت، وهذا مثل قوم عدى، ومكان سوى في أنه فعل، صفة، ويكون مصدرا بالسمع.
واختلف عن الحسن، فمنهم من روى عنه أنه قرأها بكسر الطاء، ومنهم من روى عنه أنه قرأها بضمّها، وفسّر الحسن ثنيت فيه البركة والتقديس مرّتين). [الحجة للقراء السبعة: 6/373]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إذ ناداه ربه بالواد المقدّس طوى} 16
{طوى} قد ذكرت في سورة طه). [حجة القراءات: 748]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- (طُوَى اذْهَبْ) [آيَةُ/16 و17] بِغَيْرِِ تَنْوِينٍ: -
قَرَأَهَا ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو ويَعْقُوبُ.
وَالْوَجْهُ أَنَّهَا جُعِلَتِ اسْمَ بُقْعَةً أَوْ أَرْضٍ، فَتُرِكَ صَرْفُهَا لاجْتِمَاعِ التَّعْرِيفِ وَالتَّأْنِيثِ فِيهَا، كَامْرَأَةٍ سَمَّيْتَهَا بِحَجَرٍ.
وَيَجُوزُ أَنْ تُجْعَلَ مَعْدُولَةً، وَإِنْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ مَا عُدِلَتْ عَنْهُ، فَفِيهَا الْعَدْلُ وَالتَّعْرِيفُ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {طُوًى اذْهَبْ} بِالتَّنْوِينِ.
وَالْوَجْهُ أَنَّهُمْ صَرَفُوا الْكَلِمَةَ؛ لأَنَّهُمْ جَعَلُوهَا اسْمَ وَادٍ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهَا إِلاَّ التَّعْرِيفُ وَحْدَهُ، فَصُرِفَتْ.
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ صِفَةً كَثُنًى وَعُدًى وَسُوًى، وَالْمَعْنَى: قُدِّسَ مَرَّتَيْنِ). [الموضح: 1337] (م)
قوله تعالى: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17)}
قوله تعالى: {فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إلى أن تزكّى).
[معاني القراءات وعللها: 3/119]
قرأ ابن كثير ونافع والحضرمي " إلى أن تزّكّى " بتشديد الزاي.
وكذلك عباس عن أبي عمرو. وقرأ الباقون (إلى أن تزكى) خفيفة الزاي.
قال أبو منصور: من قرأ (تزّكّى) بتشديد الزاي أراد: (تتزكّى)، وأدغم الثانية في الزاي وشدّدها.
ومن قرأ (تزكّى) فإنه حذف التاء الثانية، وبقيت الزاي خفيفة). [معاني القراءات وعللها: 3/120]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- وقوله تعالى: {فقل هل لك إلى أن تزكى} [18].
قرأ ابن كثير ونافع: {تزكى} أراد تتزكي فأدغما.
وقرأ الباقون: {تزكى} خفيفًا لنهم أسقطوا تاء.
قال أبو عمرو: إنما يقال تزكى إذا أردت تتصدق. ولم يدع موسى فرعون إلى أن يتصدق، وهو كافر، وإنما قال: هل لك أن تصير زاكيًا، فالتخفيف الاختيار). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/436]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ ابن كثير ونافع: إلى أن تزكى [النازعات/ 18] مشدّدة الزاي، وقرأ عاصم، وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي: تزكى خفيفة.
عباس عن أبي عمرو: تزكى* بتشديد الزاي مثل نافع.
قال أبو علي: كأن معنى: تزكى*: تطهّر من الشرك، وقال: قد أفلح من زكاها [الشمس/ 5]، ومنه: أقتلت نفسا زكية [الكهف/ 74] ومنه: تزكية الشهود، وما عليك ألا يزكى [عبس/ 7]، والمبتدأ محذوف من اللفظ، مراد في المعنى، التقدير: هل لك إلى ذلك حاجة أو إربة، قال:
فهل لكم فيها إليّ فإنني طبيب بما أعيا النّطاسيّ حذيما ومن قال: تزكى* أراد تتزكّى، فأدغم تاء التفعّل في الزاي لتقاربهما، ومن قال: تزكى خفيفة الزاي، حذف التاء التي أثبتها من أدغم بالإدغام وتخفيفها بالحذف أشبه). [الحجة للقراء السبعة: 6/374]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فقل هل لك إلى أن تزكّى} 18
[حجة القراءات: 748]
قرأ نافع وابن كثير إلى أن تزكّى بالتّشديد وقرأ الباقون بالتّخفيف والأصل تتزكى فمن ثقل أدغم التّاء في الزّاي ومن خفف حذف إحدى التّاءين). [حجة القراءات: 749]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): («2» قَوْلُهُ: {إِلَى أَنْ تَزَكَّى} قَرَأَهُ الْحَرَمِيَّانِ بِالتَّشْدِيدِ لِلزَّايِ، عَلَى أَنَّ أَصْلَهُ «تَتَزَكَّى» ثُمَّ أُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الزَّايِ، وَذَلِكَ حَسَنٌ قَوِيٌّ، لأَنَّكَ تَنْقُلُ التَّاءَ بِالإِدْغَامِ إِلَى لَفْظِ الزَّايِ، وَالزَّايُ أَقْوَى مِنَ التَّاءِ بِكَثِيرٍ، فَأَنْتَ بِالإِدْغَامِ تَنْقُلُ الأَضْعَفَ إِلَى الأَقْوَى، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِتَخْفِيفِ الزَّايِ، عَلَى حَذْفِ التَّاءِ الثَّانِيَةِ، لاجْتِمَاعِ تَاءَيْنِ بِحَرَكَةٍ وَاحِدَةٍ اسْتِخْفَافًا، وَهُوَ مِثْلُ «تُظَاهِرُونَ وَتَسَاءَلُونَ» وَشِبْهِهِ. وَمَعْنَى {تَزَكَّى} تَنْهَى نَفْسَكَ بِالتَّطْهِيرِ مِنَ الشِّرْكِ بِاللَّهِ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى التَّشْدِيدِ فِي قَوْلِهِ: {وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى} «عَبَسَ 7». وَلاَ
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/361]
يَجُوزُ تَخْفِيفُ الزَّايِ فِي هَذَا، إِذْ لَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِ تَاءَانِ، وَمِثْلُهُ الاخْتِلاَفُ وَالْحُجَّةُ فِي قَوْلِهِ: {تَصَدَّى} فِي عَبَسَ «6»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/362]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- (إِلَى أَنْ تَزَّكَّى) [آيَةُ/18] بِتَشْدِيدِ الزَّايِ: -
قَرَأَهَا ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ ويَعْقُوبُ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ الأَصْلَ تَتَزَكَّى بِتَاءَيْنِ عَلَى تَتَفَعَّلَ، فَأُدْغِمَتِ التَّاءُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ تَاءِ
[الموضح: 1337]
(التَّفَعُّلِ) فِي الزَّايِ لِتَقَارُبِهِمَا فَبَقِيَ تَزَّكَّى بِالتَّشْدِيدِ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {تَزَكَّى} بِتَخْفِيفِ الزَّايِ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ الأَصْلَ تَتَزَكَّى عَلَى مَا سَبَقَ، فَحُذِفَتِ التَّاءُ الثَّانِيَةُ الَّتِي أُدْغِمَتْ فِي الْقِرَاءَةِ الأُولَى فِي الزَّايِ، وَإَنِّمَا فَرُّوا مِنَ اجْتِمَاعِ التَّائَيْنِ اسْتِثْقَالاً، فَخَفَّفَ بَعْضُهُمْ بِالْحَذْفِ، وَبَعْضُهُمْ بِالإِدْغَامِ، فَالْحَذْفُ بِالتَّخْفِيفِ أَشْبَهُ). [الموضح: 1338]
قوله تعالى: {وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (19)}
قوله تعالى: {فَأَرَاهُ الْآَيَةَ الْكُبْرَى (20)}
قوله تعالى: {فَكَذَّبَ وَعَصَى (21)}
قوله تعالى: {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22)}
قوله تعالى: {فَحَشَرَ فَنَادَى (23)}
قوله تعالى: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24)}
قوله تعالى: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآَخِرَةِ وَالْأُولَى (25)}
قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (26)}
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين