سورة القمر
[ من الآية (1) إلى الآية (8) ]
{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ (2) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ (3) وَلَقَدْ جَاءهُم مِّنَ الأَنبَاء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (4) حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (5) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ (6) خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ (7) مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8)}
قوله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ (1)} قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (قرأ حذيفة: [اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَقَدِ َانْشَقَّ الْقَمَرُ].
قال أبو الفتح: هذا يجري مجرى الموافقة على إسقاط العذر ورفع التشاك، أي: قد كان انشقاق القمر متوقعا دلالة على قرب الساعة، فإذا كان قد انشق -وانشقاقه من أشراطها، وأحد أدلة قربها - فقد توكد الأمر في قرب وقوعها. وذلك أن "قد" إنما هي جواب وقوع أمر كان متوقعا، يقول القائل: انظر أقام زيد؟ وهل قام زيد؟ وأرجو ألا يتأخر زيد. فيقول المجيب: قد قام، أي: قد وقع ما كان متوقعا). [المحتسب: 2/297]
قوله تعالى: {وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ (2)}
قوله تعالى: {وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ (3)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي جعفر يزيد: {وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِر}.
قال أبو الفتح: رفعه عندي عطف على الساعة، أي: اقتربت الساعة وكل أمر أي: قد اقترب استقرار الأمور في يوم القيامة، من حصول أهل الجنة في الجنة، وحصول أهل النار في النار. هذا وجه رفعه. والله أعلم). [المحتسب: 2/297]
قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءهُم مِّنَ الأَنبَاء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (4)}
قوله تعالى: {حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (5)}
قوله تعالى: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ (6)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله جلّ وعزّ: (مهطعين إلى الدّاعي) و(يوم يدع الدّاعي).
قرأ ابن كثيرٍ ونافع "يوم يدع الداع " بغير ياء، " مهطعين إلى الداعي " بياء في الوصل، ووقف ابن كثير بياء.
وقرأ أبو عمرو (الداعي)، و(إلى الداعي) في الوصل جميعًا ونحو ذلك روى إسماعيل بن جعفر وورش عن نافع فيهما.
وقرأها الباقون بغير ياء لا في وصل ولا وقف.
قال أبو منصور: من قرأ (الدّاع) اكتفى بالكسرة الدالة على الياء عنها.
ومن قرأ (الدّاعي) فعلى الأصل). [معاني القراءات وعللها: 3/41] (م)
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إلى شيءٍ نكر).
قرأ ابن كثير وحده " إلى شيء نكرٍ " خفيفا.
وقرأ الباقون "إلى شيءٍ نكر" ثقيلا.
[معاني القراءات وعللها: 3/41]
قال أبو منصور: هما لغتان، نكر ونكر.
والتثقيل أجود الوجهين لتتفق الفواصل بحركتين). [معاني القراءات وعللها: 3/42]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ ابن كثير ونافع يوم يدع الداع [القمر/ 6] بغير ياء، ومهطعين إلى الداعي [القمر/ 8] بياء في الوصل، وروى إسماعيل بن جعفر وابن جمّاز وورش عن نافع يوم يدع الداعي بياء في الوصل، وروى عنه قالون ومحمد بن إسحاق عن أبيه وإبراهيم القورسيّ عن أبي بكر بن أبي أويس وإسماعيل بن أبي أويس مثل ابن كثير: يوم يدع الداع بغير ياء ومهطعين إلى الداعي بياء في الوصل.
وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي: يوم يدع الداع [القمر/ 6] وإلى الداع بغير ياء في وصل ولا وقف.
قد تقدّم القول في هذا النحو في غير موضع). [الحجة للقراء السبعة: 6/241] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ ابن كثير وحده: إلى شيء نكر [القمر/ 6] خفيفة.
[الحجة للقراء السبعة: 6/241]
وقرأ الباقون: نكر مثقل.
قال أبو علي: نكر: أحد الحروف التي جاءت على فعل، وهو صفة، وعلى ذلك حمله سيبويه، واستشهد بالآية، ومثل ذلك: ناقة أجد، ومشية سجح قال:
دعوا التّخاجؤ وامشوا مشية سجحا إنّ الرّجال ذوو عصب وتذكير ورجل شلل: الخفيف في الحاجة، فقول من قال: نكر، إنّما هو على التخفيف مثل: رسل وكتب وسبع، والضمة في تقدير الثبات كما كان كذلك في: لقضوا الرجل، ولذلك رفضوا أن يجمعوا كساء على فعل في قول من قال: رسل). [الحجة للقراء السبعة: 6/242]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (من ذلك قراءة مجاهد والجحدري وأبي قلابة: [إِلَى شَيْءٍ نُكِرَ].
قال أبو الفتح: يقال: أنكرت الشيء فهو منكر، ونكرته فهو منكور. وجمع الأعشى بين اللغتين، فقال:
وأنكرتني وما كان الذي نكرت ... من الحوادث إلا الشيب والصلعا
وكذلك هذه القراءة: [إِلَى شَيْءٍ نُكِرَ]، إلى شيء يجهل. ومثله مررت بصبي ضرب، ونظرت إلى امرأة أكرمت، وصف بالفعل الماضي). [المحتسب: 2/298]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شيء نكر * خشعا أبصارهم} 6 و7
قرأ ابن كثير {إلى شيء نكر} بإسكان الكاف وقرأ الباقون بضم الكاف وهما لغتان مثل الرعب والرعب وإنّما خالف أبو عمرو أصله فقرأها ها هنا بالتثقيل لأن رؤوس الآي مثقلة نحو عذر كذا ونذر ولهذا اختار التثقيل). [حجة القراءات: 688]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قوله: {إلى شيء نكر} قرأه ابن كثير بإسكان الكاف، وضمها الباقون وهما لغتان، وقيل: الأصل الضم، والإسكان على التخفيف كـ «رُسُل ورُسْل وكتُب وكتْب» و{نكر} صفة، و«فعل» في الصفات قليل). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/297]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ} [آية/ 6] بالتخفيف:-
قرأها ابن كثير وحده.
والوجه أن أصله نكر على فعل بضمتين، فحذفت الضمة الثانية تخفيفًا وهي في تقدير الثبات، كما حذفت من رسل وكتب ونحوه.
وقرأ الباقون {نُكُرٍ} بضم النون والكاف.
والوجه أنه هو الأصل الذي لم يغير، واستعمالهم إياه مخففًا أكثر، والمراد به المنكر). [الموضح: 1224]
قوله تعالى: {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ (7)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (خاشعًا أبصارهم).
قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم "خشّعًا أبصارهم" بضم الخاء، وتشديد الشين.
وقرأ الباقون "خاشعًا" بفتح الخاء، والألف.
قال أبو منصور: من قرأ (خشّعًا) و(خاشعًا) فالنصب على الحال، المعنى: يخرجون من الأجداث خشعًا أبصارهم.
فمن جمع فلأنه نعت للجماعة، كقولك: مررت بشباب حسان وجوههم. ومن وحّد فلتقدم النعت على الجماعة، كقولك: مررت بشباب حسنٍ أوجههم. قال:
وشبابٍ حسنٌ أوجههم... من إياد بن نزار بن معد). [معاني القراءات وعللها: 3/42]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي: خاشعا [القمر/ 7]، بألف.
وقرأ الباقون: خشعا بغير ألف.
قال أبو علي: وجه من قال: خاشعا أنّه فعل متقدّم، فكما لم يلحق علامة التأنيث لم يجمع، وحسن أن لا يؤنث، لأنّ التأنيث ليس بحقيقيّ، ومن قال: خشّعا فقد أثبت ما يدلّ على الجمع، وهو على لفظ الإفراد، ودلّ الجمع على ما يدلّ عليه التأنيث الذي ثبت في نحو قوله في الأخرى: خاشعة أبصارهم [القلم/ 43] وخشعت الأصوات للرحمن [طه/ 108]، فلذلك يرجّح: مررت برجل حسان
[الحجة للقراء السبعة: 6/242]
قومه، على قولهم: مررت برجل حسن قومه، لأنّ حسانا قد حمل فيه ما يدلّ على الجمع والجمع كالتأنيث في باب أنه يدلّ عليه). [الحجة للقراء السبعة: 6/243]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : (قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائيّ (خاشعًا أبصارهم) بالألف على التّوحيد واحتجّوا بحرف ابن مسعود {خاشعة أبصارهم} على التّوحيد والعرب تجتزئ في مثل هذا وتختار التّوحيد لأنّه قد جرى مجرى الفعل إذ كان ما بعده قد ارتفع به نحو مررت بقوم حسن وجوههم والتّقدير حسن وجوههم
وقرأ الباقون {خشعا} بضم الخاء وتشديد الشين جمع خاشع وخشع وراكع وركع وتنصب {خشعا} و{خاشعًا} على الحال قال الزّجاج ولك في أسماء الفاعلين إذا تقدّمت على الجماعة التّوحيد نحو (خاشعًا أبصارهم) والتأنيث لتأنيث الجماعة نحو {خاشعة أبصارهم} ولك الجمع نحو {خشعا أبصارهم} تقول مررت بشباب حسن أوجههم وحسان أوجههم وحسنة أوجههم). [حجة القراءات: 688]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (2- قوله: {خشعًا أبصارهم} قرأه أبو عمرو وحمزة والكسائي «خاشعًا» على وزن «فاعل»، موحدًا، وقرأ الباقون على وزن «فعل» على جمع فاعل، كـ «راكع وركع».
وحجة من قرأ بالتوحيد على «فاعل» أنه لما رأى اسم الفاعل متقدمًا قد رفع فاعلا بعده، وهو {أبصارهم} أجراه مجرى الفعل المتقدم على فاعله، فوحده كما يوحد الفعل، ولم تلحقه علامة تأنيث الجمع؛ لأن التأنيث فيه ليس بحقيقي.
3- وحجة من قرأ بالجمع أنه فرق بين الاسم الرافع لما بعده وبين الفعل، فجمع مع الاسم ووحد مع الفعل لفرق، وحسن فيه الجمع؛ لأن الجمع يدل على التأنيث، فصار في دلالته على التأنيث بمنزلة قولك {خاشعة أبصارهم} ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/297]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ} [آية/ 7] بتشديد الشين من غير ألف:-
قرأها ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم.
[الموضح: 1224]
والوجه أن {خُشَّعًا} جمع خاشع كضارب وضرب، وإنما جمع {خُشَّعًا}؛ لأنه وصف للأبصار في الحقيقة، والأبصار جمع بصر، و{خُشَّعًا} جمع اسم فاعل يعمل عمل الفعل، فكما جاز للفعل المسند إلى المؤنث أن تلحق به علامة التأنيث إعلامًا بأن الفاعل مؤنث، فكذلك يجوز أن يجمع الاسم الذي يعمل عمل الفعل إعلامًا بأن فاعله جمع، وقد قال الله تعالى في موضع آخر {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ} فألحق التاء بخاشعة؛ لأن فاعلها مؤنث تأنيث الجمع وهو الأبصار.
وقرأ الباقون {خَاشِعًا أَبْصَارُهُمْ} بالألف وكسر الشين.
والوجه أنه اسم فاعل موحد يعمل عمل الفعل، تقدم على فاعله، وهو الأبصار، والفعل إذا تقدم على فاعله المؤنث جاز أن لا يلحق علامة التأنيث إذا كان التأنيث غير حقيقي، فكذلك هذا يجوز أن لا يجمع؛ لأن جمع هذا النحو يجري مجرى إلحاق علامة التأنيث بالفعل). [الموضح: 1225]
قوله تعالى: {مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله جلّ وعزّ: (مهطعين إلى الدّاعي) و(يوم يدع الدّاعي).
قرأ ابن كثيرٍ ونافع "يوم يدع الداع " بغير ياء، " مهطعين إلى الداعي " بياء في الوصل، ووقف ابن كثير بياء.
وقرأ أبو عمرو (الداعي)، و(إلى الداعي) في الوصل جميعًا ونحو ذلك روى إسماعيل بن جعفر وورش عن نافع فيهما.
وقرأها الباقون بغير ياء لا في وصل ولا وقف.
قال أبو منصور: من قرأ (الدّاع) اكتفى بالكسرة الدالة على الياء عنها.
ومن قرأ (الدّاعي) فعلى الأصل). [معاني القراءات وعللها: 3/41] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ ابن كثير ونافع يوم يدع الداع [القمر/ 6] بغير ياء، ومهطعين إلى الداعي [القمر/ 8] بياء في الوصل، وروى إسماعيل بن جعفر وابن جمّاز وورش عن نافع يوم يدع الداعي بياء في الوصل، وروى عنه قالون ومحمد بن إسحاق عن أبيه وإبراهيم القورسيّ عن أبي بكر بن أبي أويس وإسماعيل بن أبي أويس مثل ابن كثير: يوم يدع الداع بغير ياء ومهطعين إلى الداعي بياء في الوصل.
وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي: يوم يدع الداع [القمر/ 6] وإلى الداع بغير ياء في وصل ولا وقف.
قد تقدّم القول في هذا النحو في غير موضع). [الحجة للقراء السبعة: 6/241] (م)
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين