سورة الطور
[ من الآية (17) إلى الآية (21) ]
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (19) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ (20) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)}
قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17)}
قوله تعالى: {فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18)}
قوله تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (19)}
قوله تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ (20)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (قرأ عبد الله وإبراهيم: [وَزَوَّجْنَاهُمْ بِعيس عِينٍ].
قال أبو الفتح: قد تقدم ذكر العيس، وأن المرأة العيساء: البيضاء. ومثله جمل أعيس، وناقة عيساء. قال في وصف امرأة:
كأنها البكرة العيساء). [المحتسب: 2/290]
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
وقوله جلّ وعزّ: (وأتبعناهم ذريّاتهم).
قرأ ابن كثير وعاصم وحمزة والكسائي " واتّبعتهم " بالتاء، "ذريتهم " على واحدة، " ألحقنا بهم ذريتهم " واحدة أيضا.
وقرأ. نافع " واتّبعتهم" بالتاء (ذرّيّتهم) واحدة، (ألحقنا بهم ذرياتهم) جماعة، وقال خارجة عن نافع (ذريتهم)) على التوحيد معا.
وقرأ أبو عمرو (وأتبعناهم) (ذرياتهم) جماعة، (ألحقنا بهم ذرياتهم،) جماعة. وقرأ ابن عامر والحضرمي (واتّبعتهم) بالتاء (ذرياتهم) جماعة " ألحقنا بهم ذرياتهم " جماعة.
قال أبو منصور: من قرأ (واتّبعتهم) فهو فعل ماض، اتّبع يتبع بمعنى: تبع يتبع.
والذرية: تقع على الواحد والجماعة.
ومن قرأ (وأتبعناهم ذرياتهم) فمعناه: ألحقناهم أولادهم، ويكون أتبع بمعنى: لحق.
قال الله: (ثمّ أتبع سببًا) أي: لحق، فالأول متعدٍّ إلى مفعولين، الثاني متعدٍّ
[معاني القراءات وعللها: 3/33]
إلى مفعول واحد.
ومن قرأ (ذرياتهم) فهو جمع الذرّية، والتاء تاء الجماعة، تكسر في موضع النصب). [معاني القراءات وعللها: 3/34]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ (وما ألتناهم).
قرأ ابن كثير وحده " وما ألتناهم " بكسر اللام.
وقرأ الباقون (وما ألتناهم).
قال أبو منصور: ما روي عن ابن كثير (وما ألتناهم) بكسر اللام فهو وهمٌ.
قال ابن مجاهد وغيره: وأخبرني أبو بكر بن عثمان عن أبي حاتم أنه قال: الهمز مع كسر اللام غلط.
قال أبو حاتم: وروى عن ابن كثير الهمز مع فتح اللام كما قرأ القراء، وهو الصحيح.
قال أبو منصور: هذا حرف فيه ثلاث لغات، يقال: ألت يألت.
ولات يليت. وألات يليت.
وكلها صحيحة مسموعة، معناها: النقص.
وأمّا ألت يألت فهو خطأ، ولا يجوز القراءة بها، ولكن لو قرئ (ما لتناهم) بغير ألف كان جيدًا في كلام العرب.
ويكون من: لات يليت.
غير أنه لا تجوز القراءة إلا بما قرئ به). [معاني القراءات وعللها: 3/34]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ ابن كثير وعاصم وحمزة والكسائي: واتبعتهم [21] بالتاء ذريتهم واحدة بهم ذريتهم واحدة أيضا.
وقرأ نافع واتبعتهم ذريتهم واحدة، بهم ذرياتهم جماع.
خارجة عن نافع فيهما مثل حمزة.
وقرأ ابن عامر: واتبعتهم بالتاء ذرياتهم* برفع التاء جماعة ألحقنا بهم ذرياتهم جماعة أيضا.
وقرأ أبو عمرو: وأتبعناهم ذرياتهم جماعة بهم ذرياتهم جماعة أيضا.
الذّرّيّة: اسم يقع على الصغير والكبير، فممّا أريد به الصغير قوله: قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة [آل عمران/ 38] فنادته الملائكة... الله يبشرك بيحيى [آل عمران/ 39].
وأمّا وقوعه على الكبار البالغين، فقوله: ومن ذريته داود
[الحجة للقراء السبعة: 6/224]
وسليمان وأيوب ويوسف [الأنعام/ 84] فإن حملت الذّرّيّة في الآية على الصّغار كان قوله: بإيمان في موضع نصب على الحال من المفعولين، أي: اتّبعتهم بإيمان من الآباء ذرّيّتهم، ألحقنا الذّرّيّة بهم في أحكام الإسلام، فجعلناهم في حكمهم في أنّهم يرثون ويورثون، ويدفن موتاهم في مقابر المسلمين، وحكمهم حكم الآباء في أحكامهم إلّا فيما كان موضوعا عن الصغير لصغره. وإن جعلت الذّرّيّة للكبار كان قوله بإيمان حالا من الفاعلين الذين هم ذريتهم، أي: ألحقنا بهم ذريّتهم في أحكام الدّنيا والثواب في الآخرة، وما ألتناهم من عملهم أي: من جزاء عملهم من شيء كما قال: فلا تظلم نفس شيئا [الأنبياء/ 47]، وكما قال: وإنما توفون أجوركم يوم القيامة [آل عمران/ 185] ومن يعمل من الصالحات فلا يخاف ظلما ولا هضما [طه/ 112] فمن قرأ: ذريتهم* وأفرد، فلأنّ الذّرّيّة تقع على الكثرة، فاستغنى بذلك عن جمعه، وكذلك القول في قوله: بهم ذريتهم في أنّه أفرده وألحق التاء في واتبعتهم لتأنيث الاسم.
وقول نافع: وجهه أنّه جمع وأفرد، لأنّ كلّ واحد منهما جائز، ألا ترى أنّ الذّرّيّة قد تكون جمعا؟ فإذا جمعه فلأنّ الجموع قد تجمع نحو: أقوام وطرقات.
وقول ابن عامر: واتبعتهم ذرياتهم... ألحقنا بهم ذرياتهم أنّه جمع الموضعين، لأنّ الجموع تجمع نحو: الطرقات والجزرات
وفي الحديث: «صواحبات يوسف».
وقول أبي عمرو: أتبعناهم ذرياتهم جماعة، بهم ذرياتهم
[الحجة للقراء السبعة: 6/225]
جماعة، الفعل فيه للمتكلمين، وتبعت يتعدّى إلى مفعول، فإذا ثقّل بالهمزة تعدّى إلى مفعولين، فالمفعول الأوّل الهاء والميم، والمفعول الثاني: ذريّاتهم وكذلك ذرّيّاتهم مفعول ألحقنا). [الحجة للقراء السبعة: 6/226]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ ابن كثير: وما ألتناهم [الطور/ 21] بكسر اللّام غير ممدودة الألف.
وقرأ الباقون: ألتناهم مفتوحة الألف واللّام غير ممدودة أيضا.
وقد تقدّم حكاية اللّغات في هذا الحرف. ويشبه أن يكون فعلنا لغة، وقد قالوا: نقم ينقم، ونقم ينقم، فيشبه أن يكون: ألت مثله، ومثل نحوه من حروف جاءت على فعل وفعل، وقد حكي ذلك عن يحيى ومكانه مكانه). [الحجة للقراء السبعة: 6/226]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأعرج: [وَمَا آلَتْنَاهُم]، على أفعلناهم.
قال أبو الفتح: وفيما روينا عن قطرب، قال:
قراءة عبد الله وأبي: و[مالتناهم]. وكان ابن عباس يقول: {ألتناهم}: نقصناهم. يقال: ألته يألته ألتا، وآلته يؤلته إيلاتا، ولاته يليته ليتا. كلهن بمعنى واحد. أي: نقصه، ويقال أيضا: ولته يلته ولتا، بمعناه. قال الحطيئة:
أبلغ لديك بني سعد مغلغلة ... جهد الرسالة لا ألتا ولا كذبا
وقالوا: ولته يلته: إذا صرفه عن الشيء يريده، وقالوا: ألته يألته باليمين: إذا غلظ عليه بها، وآلته يؤلته بها: إذا قلده إياها، وقال رؤبة:
وليلة ذات ندى سريت ... ولم يلتني عن سراها ليت
[المحتسب: 2/290]
أي: لم يثني عنها ثان). [المحتسب: 2/291]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرّيتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء} 21
قرأ أبو عمرو {وأتبعناهم} بالنّون والألف (ذرياتهم) جماعة (ألحقنا بهم ذرياتهم) جماعة وكسر التّاء وإنّما كسر التّاء وهي موضع نصب لأن التّاء غير أصليّة كما تقول رأيت مسلمات قوله {وأتبعناهم} جعل الفع لله سبحانه وحجته قوله {ألحقنا بهم} ولم يقل لحقت فذهب أبو عمرو إلى أنه لما أتى عقيب الفعل
[حجة القراءات: 681]
فعل بلفظ الجمع وفق بين اللّفظين لأنّه في سياقه ليأتلف الكلام على نظام واحد وتبعت يتعدّى إلى مفعول واحد فإذا نقل بالهمزة تعدى إلى مفعولين فالمفعول الأول الهاء والميم في قوله {وأتبعناهم} والمفعول الثّاني (ذرياتهم)
وقرأ نافع {واتّبعتهم} بالتّاء والتّشديد ذرّيتهم بغير ألف ورفع التّاء (ألحقنا بهم ذرياتهم) بالألف وكسر التّاء فجمع وأفرد لأن كل واحد منهما جائز ألا ترى أن الذّرّيّة قد تكون جمعا فإذا جمعت فلأن الجموع قد تجمع نحو أقوام
قرأ ابن عامر {واتّبعتهم} بالتّشديد (ذرياتهم) بالألف ورفع التّاء (ألحقنا بهم ذرياتهم) جماعة وكسر التّاء وجمع في الموضعين لأن الجموع تجمع نحو الطرقات
وقرأ أهل الكوفة وأهل مكّة {واتّبعتهم} بالتّشديد {ذرّيتهم} على واحدة وارتفعت الذّرّيّة بفعلها {ألحقنا بهم ذرّيتهم} على التّوحيد أيضا وهي مفعولة لأن الله تعالى لما ألحقها لحقت هي كما تقول أمات الله زيدا فمات هو وأدخلت زيدا الدّار فدخل هو والذرية تنوب عن الجمع قوله {واتّبعتهم} {وأتبعناهم} يتداخلان تداخل {يدخلون الجنّة} و{يدخلون الجنّة} لأن الله تعالى إذا أتبعهم ذرّيتهم اتبعتهم
قرأ ابن كثير {وما ألتناهم} بكسر اللّام وقرأ الباقون بالفتح
[حجة القراءات: 682]
وهما لغتان يقال ألت يألت وألت بكسر اللّام يألت كما تقول نقم ينقم ونقم ينقم). [حجة القراءات: 683]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قوله: {واتبعتهم} قرأه أبو عمرو «وأتبعناهم» بقطع الألف وإسكان التاء، والتخفيف، وبعد العين نون وألف، وقرأ الباقون بوصل الألف، وتشديد التاء، وبعد العين تاء ساكنة.
وحجة من قطع الألف أنه أضاف الفعل إلى الله جل ذكره، فحمله على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه، كما أتى الإخبار من اله جل ذكره عن نفسه قبل ذلك وبعده في قوله: {وزوجناهم} «20» وقوله: {ألحقنا بهم}، وقوله: {وما ألتناهم}، فجرى الكلام على سنن ما قبله وما بعده، ولما أضاف الفعل إلى الله جل ذكره انتصبت «الذريات» بوقوع الفعل عليهم، والتاء غير أصلية، لفظ النصب فيها كلفظ الخفض، لأنها تاء جماعة المؤنث كالمسلمات والصالحات.
2- وحجة من وصل الألف أنه أضاف الفعل إلى «الذرية» فارتفعت بفعلها، ولولا الجماعة لكانت القراءة الأولى أحب إلي لصحة معناها، ولأنه ليس كل من آمن اتبعته ذريته بإيمان، إنما ذلك إلى الله يوفق من يشاء من ذرية المؤمنين إلى الإيمان بمثل إيمانهم، ويخذل من يشاء فلا يوفقه إلى الإيمان). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/290]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (3- قوله: {ذريتهم، ألحقنا بهم ذريتهم} قرأ أبو عمرو الأول «ذرياتهم» بالجمع، لكثرة الذرية، وبكسر التاء لأنه مفعول «أتبعناهم» وقرأ ابن عامر مثله، غير أنه ضم التاء؛ لأنه فاعل {اتبعتهم} لأن الذرية في قراءته تابعون الآباء، وقرأ الباقون بالتوحيد في اللفظ، لأن الذرية تقع للواحد والجمع، فاكتفوا بلفظ الواحد لدلالته على الجمع، ورفعوا الذرية بفعلهم، وهو الاتباع، وقرأ الكوفيون وابن كثير في الثاني بالتوحيد، وفتح التاء، لدلالة الواحد على
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/290]
الجمع، ونصبوا لأنه مفعول {ألحقنا} وقرأ الباقون بالجمع، لكثرة ذرية المؤمنين، فحملوه على المعنى، فكسروا التاء، لأنه جمع مسلم منصوب بـ {ألحقنا} ولفظ الجمع فيهما هو الاختيار، لكثرة من تناسل من المؤمنين، واتبعوا منهاج آبائهم في الإيمان). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/291]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (4- قوله: {وما ألتناهم} قرأ ابن كثير بكسر اللام، لغة فيه، ويقال: ألت يألت إلتًا إذا نقص كعلم يعلم علمًا، وقرأ الباقون بفتح اللام، لغة فيه، يقال: ألت يألت كضرب يضرب، وبهذه اللغة قرأ أبو عمرو في الحجرات، وقد ذكرناه، ويقال فيه أيضًا: لات يليت ككال يكيل، وبهذه اللغة قرأ الجماعة غير أبي عمرو في سورة الحجرات: {لا يلتكم} «14» وفيه لغة رابعة، ولم يقرأ بها، حكاها التوزي قال: يقال آلت يولت، في النقصان، وفتح اللام هو الاختيار لأن الجماعة عليه، وقد تقدم ذكر {ولا لغو فيها ولا تأثيم} في البقرة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/291]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {وَأَتْبَعْنَاهُمْ} بالنون وقطع الألف {ذُرِّيَّاتِهِمْ} بالألف وكسر التاء [آية/ 21]:-
قرأها أبو عمرو وحده.
والوجه أن أتبع ههنا فعل منقول بالهمزة من تبع، يقال تبع فلان الشيء وأتبعته إياه، فهو يتعدى إلى مفعولين لما نقل بالهمزة، فالمفعول الأول هو الضمير المنصوب في {وَأَتْبَعْنَاهُمْ}، والمفعول الثاني قوله {ذُرِّيَّاتِهِمْ}.
والمعنى جعلناهم تابعين لهم في الإيمان.
وذريات جمع ذرية، جمعت وإن كانت جمعًا كالطرقات. وقد مضى الكلام في هذه اللفظة.
[الموضح: 1211]
وقرأ الباقون {وَأَتْبَعْنَاهُمْ} بالتاء موصولة الألف.
واختلفوا في {ذُرِّيَّتُهُمْ} في الحرفين.
فقرأ ابن عامر ويعقوب {ذُرِّيَّتُهُمْ} بالألف في الحرفين، وتابعهما نافع في الحرف الثاني فقرأها بالألف، وقرأ الباقون {ذُرِّيَّتُهُمْ} بغير ألف في الحرفين.
وكلهم رفع الأولى وهي {ذُرِّيَّتُهُمْ}، ونصب الثانية وهي {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} غير أبي عمرو فإنه نصب الأولى لقوله {وَأَتْبَعْنَاهُمْ}.
وروي عن يعقوب أنه فيهما مثل أبي عمرو.
والوجه في {وَاتَّبَعَتْهُمْ} بوصل الألف وبالتاء، أن اتبع وتبع كلاهما واحد في المعنى، والفعل للذرية، فلذلك الحق تاء التأنيث الفعل.
وأما إفراد الذرية فلأنها تقع على الجماعة، فاستغني بذلك عن جمعهما، وأما من أفرد في إحداهما وجمع في الأخرى، فلأن كليهما جائز؛ لأن الذرية قد تكون واحدًا وجمعًا، فيجوز أن تكون إذا جمعت جمعت وهي واحدة، ويجوز أن تكون جمعت وهي جمع على ما سبق). [الموضح: 1212]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {وَمَا أَلَتْنَاهُمْ} [آية/ 21] بالهمزة وكسر اللام:-
قرأها ابن كثير وحده.
وروى –ل- عنه {وَمَالِتْنَاهُمْ} بكسر اللام من غير همزة.
والوجه في {أَلِتْنَاهُمْ} بالألف وكسر اللام أن ألت يألت على فعل يفعل
[الموضح: 1212]
بالكسر لغة في ألت بالفتح، كما قالوا نقم ينقم ونقم ينقم، وهو مما جاء فيه فعل وفعل بفتح العين وكسرها في معنى واحد.
وأما {لِتْنَاهُمْ} بكسر اللام من غير ألف، فهو من لات يليت كباع يبيع، فلتناهم كبعناهم، والمعنى في الأول نقصناهم، وفي الأخير عطفناهم، وقيل: بل الكل بمعنى النقصان.
وقرأ الباقون {وَمَا أَلَتْنَاهُمْ} بالألف وفتح اللام.
والوجه أنه من ألت يألت ألتا، كضرب يضرب ضربًا، ومعناه: نقص). [الموضح: 1213]
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين