قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ (38)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي عبد الرحمن السلمي وطلحة: [وَمَا مَسَّنَا مِنْ لَغُوبٍ]، بفتح اللام.
قال أبو الفتح: قد تقدم القول على ذلك، وذكرنا رأي أبي بكر ونحوه من المصادر التي جاءت على فعول بفتح الفاء، كالوضوء، والولوع، والطهور، والوزوع، والقبول، وأنها صفات مصادر محذوفة، أي: توضأت وضوءا وضوءا، أي وضوءا حسنا. وكذلك هذا أي: ما مسنا من لغوب لغوب، فيصف اللغوب بأنه لغوب، أي لغب ملغب). [المحتسب: 2/285]
قوله تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39)}
قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وأدبار السّجود (40).
قرأ ابن كثير ونافع وحمزة (وإدبار السّجود) بكسر الألف.
وقرأ الباقون (وأدبار السّجود) بفتح الألف.
[معاني القراءات وعللها: 3/27]
قال أبو منصور: من قرأ (أدبار) فهو جمع، دبر وأدبار.
ومن قرأ بالكسر فهو مصدر أدبر إدبارًا
وروى في التفسير أن أدبار السجود: ركعتا السّنّة بعد صلاة المغرب). [معاني القراءات وعللها: 3/28]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله: وأدبار السجود [ق/ 40] في فتح الألف وكسرها.
فقرأ ابن كثير ونافع وحمزة: وإدبار السجود بكسر الألف.
وقرأ الباقون: وأدبار بفتح الألف.
قال أبو علي: إدبار مصدر، والمصادر تجعل ظروفا على إرادة إضافة أسماء الزمان إليها وحذفها: كقولهم: جئتك مقدم الحاجّ،
[الحجة للقراء السبعة: 6/213]
وخفوق النجم، وخلافة فلان، تريد في ذلك كلّه وقت كذا، فحذفت، وكذلك يقدّر في قوله: وقت إدبار السجود، إلّا أنّ المضاف المحذوف في هذا الباب لا يكاد يظهر ولا يستعمل، فهذا أدخل في باب الظروف من قول من فتح، وكأنّه أمر بالتسبيح بعد الفراغ من الصلاة، وقد قيل: إنّه يراد به الركعتان اللّتان بعد المغرب، ومن قال: وأدبار السجود جعله جمع دبر أو دبر، مثل: قفل وأقفال، وطنب وأطناب، وقد استعمل ذلك ظرفا نحو: جئتك في دبر الصلاة، وفي أدبار الصلوات، وعلى دبر الشهر الحرام، وقال أوس بن حجر:
على دبر الشّهر الحرام بأرضنا وما حولها جدب سنون تلمّع). [الحجة للقراء السبعة: 6/214]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ومن اللّيل فسبحه وأدبار السّجود} 40
قرأ نافع وابن كثير وحمزة {وأدبار السّجود} بكسر الألف مصدر أدبر يدبر إدبارا
وقرأ الباقون {وأدبار} بفتح الألف جمع دبر مثل قفل وأقفال). [حجة القراءات: 678]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (4- قوله: {وأدبار السجود} قرأه الحرميان وحمزة بكسر الهمزة، وقرأ الباقون بالفتح.
وحجة من قرأ بالكسر أنه جعله مصدر «أدبر» فنصبه على الظرف، والتقدير: ومن الليل فسبحه ووقت أدبار السجود، أي: وسبحه وقت
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/285]
والمصادر تجعل ظروفًا على تقدير إضافة أسماء الزمان إليهان وحذفها اتساعًا، السجود، أي: بعد الصلاة، وهو كقولهم: جئت مقدم الحاج، أي: وقت مقدم الحاج، ورأيتك وقت خفوق النجم، أي: وقت خفوقه، وحذ المضاف في هذا الباب هو المستعمل في أكثر الكلام، وفي هذه الآية أمر من الله جل ذكره لنا أن نسبحه بعد الفراغ من الصلاة، وقيل: يراد بالتسبيح في هذا الركعتان بعد المغرب.
5- وحجة من قرأ بالفتح أنه جعله جمع «دبر» وقد استعمل ذلك أيضًا ظرفًا، قالوا: جئتك دبر الصلاة، فهو منصوب على الظرف أيضًا، وقد ذكرنا {تشقق} في الفرقان، وكلهم كسر الهمزة في «إدبار» في آخر الطور على أنه مصدر حذف معه مضاف إليه، وهو الظرف، فانتصب المصدر على الظرف لقيامه مقام المضاف المحذوف، وكذلك هذا في قراءة من كسر الهمزة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/286]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {وَإِدْبَارَ السُّجُودِ} [آية/ 40] بكسر الألف:-
قرأها ابن كثير ونافع وحمزة.
والوجه أنه مصدر أدبر، وقد جعل ظرفًا، والمصادر تجعل ظروفًا على تقدير إضافة أسماء الزمان إليها، نحو جئتك خفوق النجم أي وقته، وكذلك أتيتك مقدم الحاج أي وقت قدومه، فكذلك ههنا تقديره: وقت إدبار السجود أي وقت الفراغ من الصلاة، قيل: هي النوافل بعد الصلوات المكتوبة، وقيل: هي ركعتان بعد المغرب.
[الموضح: 1201]
وقرأ الباقون {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} بفتح الألف.
والوجه أنه جمع دبر مثل قفل وأقفال وبرج وأبراج، وقد استعمل هذا أيضًا ظرفًا، تقول جئتك عقب الصلاة ودبر الصلاة، إلا أن المكسورة أولى بالظرفية لكونها مصدرًا). [الموضح: 1202]
قوله تعالى: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ (41)} قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: ينادي المنادي [ق/ 41] بياء في الوصل، ووقف ابن كثير بياء، ووقف نافع وأبو عمرو بغير ياء.
ووقف الباقون بغير ياء وكذلك وصلوا.
أمّا إثبات الياء في الوصل، فلأنّ هذه الياءات أكثر الأمر، إنّما تحذف من الفواصل، وما شبّه بها من الكلام التّام، ومن وقف بالياء فلأنّه كلام غير تام، وإنّما الحذف في أكثر الأمر من الكلام التام تشبيها بالفواصل، ووقف نافع وأبو عمرو بغير ياء لأنّ الوقف موضع تغيير، ألا ترى أنّه يبدل من التاء فيه الهاء في نحو: تمرة، ويبدل من التنوين الألف، ويضعّف فيه الحرف نحو: هذا فرجّ، ويحذف فيه الحرف في
[الحجة للقراء السبعة: 6/214]
القوافي فغيّراه بالحذف، كما غيّرت بهذه الأشياء.
وأمّا من حذف في الوصل والوقف فقد ذكرنا القول في الحذف في الوقف، فأمّا من حذف في الوصل فقد قيل: إنّه في الكتاب لا ياء فيه). [الحجة للقراء السبعة: 6/215]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب}
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو (يوم ينادي المنادي) بالياء في الوصل على الأصل وحذفوهما في الوقف للكتاب
[حجة القراءات: 678]
وقرأ الباقون بحذف الياء في الوصل والوقف اتباعا للمصحف). [حجة القراءات: 679]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي} [آية/ 41] بالياء:-
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر {يُنَادِي الْمُنَادِي} بياء في الوصل.
ووقف ابن كثير بالياء، ووقف أبو عمرو ونافع وابن عامر بغير ياء.
وقرأ الباقون بغير ياء في الوصل والوقف.
والوجه في إثبات الياء أنها إنما تحذف في الأكثر من الفواصل، وما كان شبيهًا بها، وليس هذا بذلك فأثبتت.
[الموضح: 1202]
والوجه في حذفها في الوقف أن الوقف موضع تغيير وحذف، فحذفت الياء لذلك.
وأما وجه إثباتها في الوقف، فهو أن الكلام به غير تام، وإنما الحذف في أكثر الأمر من الكلام التام تشبيهًا بالفواصل.
وأما حذفها في الوصل والوقف جميعًا فللتخفيف والاكتفاء بالكسرة، وعلى تقدير حذف الياء قبل دخول الألف واللام، وذكر أنه في الكتاب بلا ياء). [الموضح: 1203]
قوله تعالى: {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42)}
قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43)}
قوله تعالى: {يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ (44)} قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقال ابن كثير ونافع وابن عامر: يوم تشقق* [ق/ 44] مشددة الشين.
وقرأ الباقون: تشقق خفيفة.
من قال: تشقق* أدغم التاء في الشين، ومن قال: تشقق مخفّفا حذف التاء التي أدغمها من ثقل). [الحجة للقراء السبعة: 6/215]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يوم تشقق الأرض عنهم سراعًا}
قرأ نافع وابن كثير وابن عامر {تشقق} بتشديد الشين الأصل تتشقق فأدغموا التّاء في الشين
وقرأ الباقون {يوم تشقق} بتخفيف الشين حذفوا التّاء اختصارا مثل تذكرون وتذكرون). [حجة القراءات: 679]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {يَوْمَ تَشَقَّقُ} [آية/ 44] بتشديد الشين:-
قرأه ابن كثير ونافع وابن عامر ويعقوب.
والوجه أنه أدغم التاء في الشين، والأصل: تتشقق.
وقرأ الباقون {تَشَقَّقُ} بتخفيف الشين.
والوجه أن أصله تتشقق على ما سبق، فحذفت التاء الثانية التي ادغمت في الشين في القراءة الأولى، وقد سبق القول في هذه الكلمة في سورة الفرقان). [الموضح: 1203]
قوله تعالى: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ (45)} قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فحقّ وعيد) و(يناد المناد)، و(من يخاف وعيد (45).
[معاني القراءات وعللها: 3/28]
وقف عليهن يعقوب بالياء، ووصل (يناد) بغير ياء، ووصل الباقي بياء.
وقرأ ابن كثيرٍ ونافع وأبو عمرو (المنادي) بياء في الوصل، ووقف ابن كثيرٍ بياء). [معاني القراءات وعللها: 3/29]
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين