قال: جاء في التفسير أن المعنى: لو جعلناه قرانا أعجميًا لقالوا هلاّ بينت آيائه، أقرآن أعجمي ونبي عربي). [معاني القراءات وعللها: 2/353]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (4- وقوله: {ءاعجمي} [44]
فيه أربع قراءات:
قرأ أهل الكوفة: {ءأعجمي} بهمزتين.
الأولي ألف الإنكار والتوبيخ على لفظ الاستفهام.
والثانية ألف القطع، لأنه يقال: رجل عجمي إذا كان لا يفح، وإن كان عربي الأصل، ورجل أعجمي إذا كان منسوبًا إلى العجم وإن كان فصيحا.
وقرأ الباقون: {آعجمي} بهمزة، ومدة، لنهم كرهوا الجمع بين الهمزتين فلينوا الثانية.
وقرأ الحسن: {اعجمي} بغير استفهام، وأسكن العين، ومعناه: هلا كان عربيًا والقرآن أعجميًا، والرسول أعجميًا، والقرآن عربيًا. فقال الله: {بل هو للذين آمنوا هدي وشفاء} وعمي على الذين كفروا، لأنهم صرفوا عنه بعد وضوح الحجة {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم}.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/278]
وحدثني ابن مجاهد عن السمري عن الفراء قال: قرأ بعضهم {أعجمي} بفتح العين، فهذاه ألف الاستفهام، ودخلت على عجمي. وقد فسرت لك فرق ما بين عجمي وأعجمي. قال بعضهم رجل أعجم بمعنى: أعجمي، واحتجوا بما حدثني أحمد عن على عن أبي عبيد أن الحسن قرأ: {ولو أنزلنه على بعض الأعجمين} بتشيديد الياء، إلا أن تقول: العجم جمع واحدهم عجمي، فيكون الفرق بين الواحد والجمع حذف الياء كقولك، عربي، وعرب، وورمي وروم وهذا قد أحكمناه في كتاب «السبعة»). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/279]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وحفص عن عاصم: أأعجمي [فصّلت/ 44]: ممدود.
عاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائي أأعجمي: بهمزتين.
قال أبو علي: الأعجم الذي لا يفصح، من العرب كان أو من
[الحجة للقراء السبعة: 6/119]
العجم، ألا ترى أنّهم قالوا: زياد الأعجم، لأنّه كانت في لسانه، وكان عربيا، وقالوا:
«صلاة النهار عجماء»، أي تخفى فيها القراءة ولا تبيّن، «والعجماء جبار» لأنّها لا تبيّن عن أنفسها، كما يبيّن ذوو التعبير.
قال أبو يوسف: هي المنفلتة، لاجتماع الناس على تضمين السائق والقائد، ويجمع الأعجم على عجم، أنشد أبو زيد:
يقول الخنا وأبغض العجم ناطقا إلى ربنا صوت الحمار اليجدّع فالعجم جمع أعجم والمعنى: وأبغض صوت العجم صوت الحمار، لأنّ المضاف في أفعل بعض المضاف إليه، وصوت الحمار ليس بالعجم. فإذا لم يسغ حمل هذا الكلام على ظاهره علمت أن التقدير فيه ما وصفنا، وتسمي العرب من لم يبيّن كلامه من أي صنف كان من الناس أعجم، ومن ثمّ قال أبو الأحذر:
سلّوم لو أصبحت وسط الأعجم بالرّوم أو بالترك أو بالدّيلم
[الحجة للقراء السبعة: 6/120]
فقال: لو كنت وسط الأعجم، ولم يقل: العجم لأنّه جعل كلّ من لم يبيّن كلامه أعجم، وكأنّه قال: لو كنت وسط القبيل الأعجم.
والعجم خلاف العرب، ويقال: العجم والعجم كما يقال: العرب والعرب، والعجمي خلاف العربي، وهو منسوب إلى العجم كما أنّ العربي منسوب إلى العرب، وإنّما قوبل الأعجمي في الآية بالعربي، وخلاف العربي العجمي، لأنّ الأعجمي في أنّه لا يبين مثل العجمي عندهم، فمن حيث اجتمعا في أنّهما لا يبيّنان قوبل به العربي في قوله: أعجمي وعربي وينبغي أن يكون الأعجمي الياء فيه للنسب، تنسب إلى الأعجم الذي لا يفصح، وهو في المعنى كالعجمي، وإن كانا يختلفان في النسبة، فيكون الأعجمي عربيا، ويجوز أن يقال: رجل أعجميّ فيراد به ما يراد بالأعجم بغير ياء النسب، كما يقال: أحمر وأحمري، ودوّار. و: دوّاريّ وقوله: ولو نزلناه على بعض الأعجمين [الشعراء/ 198] مما جمع على إرادة ياء النسب فيه، مثل النميرون والهبيرات، ولولا ذلك لم يجز جمعه بالواو والنون، ألا ترى أنّك لا تقول في الأحمر إذا كان صفة أحمرون؟ فإنّما جاز الأعجمون لما ذكرنا.
فأمّا الأعاجم فينبغي أن يكون تكسير أعجمي، كما كان المسامعة تكسير مسمعي، وقد استعمل هذا الوصف استعمال الأسماء، من ذلك قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 6/121]
لأعجم طمطم وقوله: وسط الأعجم فيجوز لذلك أن يكون من باب الأجازع، والأباطح، وهذه الآية في المعنى كقوله: ولو نزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين [الشعراء/ 198 - 199]، فقوله: ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته [فصّلت/ 44] كأنّهم كانوا يقولون: لم تفصّل آياته، ولم تبيّن لأنّه أعجمي، فأمّا قوله: أعجمي وعربي، فالمعنى: المنزّل عليه أعجمي وعربي يرتفع كلّ واحد منهما بأنّه خبر مبتدأ محذوف، وقوله: أعجمي وعربي على وجه الإنكار منهم لذلك، كقوله في الأخرى: ما كانوا به مؤمنين [الشعراء/ 199].
ابن كثير وأبو عمرو ونافع وابن عامر أعجمي على تخفيف الهمزة الثانية، وجعلها بين بين.
وحمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص: أأعجمي بهمزتين.
وهذا على أصلهم في الهمزتين إذا التقتا، وتخفيفهم لهما). [الحجة للقراء السبعة: 6/122]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن وأبي الأسود والجحدري وسلام والضحاك وابن عامر؛ بخلاف: [أَعْجَمِي]، بهمزة واحدة مقصورة، والعين ساكنة.
[المحتسب: 2/247]
وقرأ بهمزة واحدة غير ممدودة وفتح العين - عمرو بن ميمون.
قال أبو الفتح: أما [أَعْجَمِي]، بقصر الهمزة، وسكون العين فعلى أنه خبر لا استفهام، أي: لقالوا: لولا فصلت آياته، ثم أخبر فقال: الكلام الذي جاء به أعجمي، أي: قرآن، وكلام أعجمي. ولم يخرج مخرج الاستفهام على معنى التعجب والإنكار على قراءة الكافة، وهذا كقولك للآمر بالمعروف، التارك لاستعماله: أراك تأمر بشيء ولا تفعله. وعلى قراءة الكافة: أتأمر بالبر وتتركه؟.
وأما قراءة عمرو بن ميمون: [أَعْجَمِي] فهذه همزة استفهام، وهو منسوب إلى العجم. وأما أعجمي بسكون العين فلفظه لفظ. النسب، وليس هناك حقيقة نسب، وإنما هو لتوكيد معنى الصفة. ونظيره قولهم: رجل أحمر وأحمري، وأشقر وأشقري. وعليه قول العجاج:
غضف طواها الأمس كلابي
أي: كلاب، يعني صاحب كلاب، كبغال وحمار. وقوله أيضا:
والدهر بالإنسان دواري
أي: دوار. فكذلك أعجمي، معناه أعجم. ومنه قولهم: زياد الأعجم. رجل أعجم، ومرأة عجماء، وقوم عجم. فهذا كأحمر وحمراء وحمر.
فأما الأعاجم فتكسير أعجمي، وهو على حذف زيادة ياءي الإضافة. وجاز تكسيره على أفاعل؛ لأنه بدخول ياءي الإضافة عليه فارق في اللفظ باب أفعل وفعلاء، فكسر تكسير الأسماء.
ووجه مفارقته إياه لحاق تاء التأنيث، فصار كظريف وظريفة، وقائم وقائمة. فلما فارق أحكام أفعل وفعلاء كسر على الأفاعل، فجرى مجرى أحمد وأحامد. نعم، وصرفه عند لحاق التأنيث له يزيده بعدا عن حكم أحمر وبابه، وأنت أيضا تصرفه معرفة ونكرة، وأحمر لا ينصرف معرفة ونكرة. والحديث هنا طويل، وفيما مضى كاف على ما عقدنا عليه من الاقتصاد في هذا الكتاب، على حد ما سئلنا في معناه). [المحتسب: 2/248]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولو جعلناه قرآنًا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي} 44
قرأ حمزة والكسائيّ وأبو بكر {أأعجمي} بهمزتين الأولى ألف الاستفهام على وجه الإنكار منهم والثّانية ألف القطع
قرأ القواس {أعجمي} بهمزة واحدة على وجه الخبر لا على معنى الاستفهام أي هلا بيّنت آياته فجعل بعضه بيانا للعرب وبعضه بيانا للعجم
وقرأ الباقون آعجمي بهمزة واحدة ومد كأنّهم كرهوا الجمع بين همزتين فلينوا الثّانية وقد ذكرت الحجّة والمعنى ولو جعلنا قرآنًا أعجميا لقالوا {لولا فصلت آياته} أي هلا بيّنت آياته (آعجمي وعربي) أي قرآن أعجمي ونبي عربيّ). [حجة القراءات: 637]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (4- قوله: {أأعجمي} قرأ أبو بكر وحمزة والكسائي بهمزتين محققتين، وقرأ هشام بهمزة واحدة على الخبر، وقرأ الباقون بهمزة ومدة، على ما تقدم من أصولهم في التخفيف، وقد تقدمت علل ذلك في أبواب الهمز، والذي يجب أن يؤخذ في هذا لابن ذكوان أن يخفف الثانية بين بين، ويدخل بينهما ألفا على ما قدمنا من العلل لهشام وأبي عمرو وقالون في تخفيفهم الثانية في {أأنذرتهم} وشبهه، وإدخال ألف بين الهمزتين، فأما قراءة هشام هنا بهمزة على الخبر فإنه جعل الكلام كله خبرًا، حكاية عن قول الكفار أنهم قالوا: لولا فصلت آيات القرآن بعضه أعجمي وبعضه عربي، فيعرف العربي ما فيه من العربي، ويعرف العجمي ما فيه من العجمي، ومعنى القراءة بالاستفهام أنه على الإنكار منهم لذلك؛ لأنه قال: {ولو جعلناه قرآنًا أعجميًا لقالوا} منكرين: أقرآن أعجمي ونبي عربي، كيف يكون هذا، فأخبر عما لم يكن لو كان كيف يكون، فبين أنه لو أنزل القرآن بلسان العجم لقالت
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/248]
قريش: أقرآن أعجمي ونبي عربي، إنكارًا منهم لذلك). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/249]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} [آية/ 44] بهمزة واحدة ممدودة:-
قرأها ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم –ص- ويعقوب –يس-.
والوجه أنه قد اجتمعت همزتان إحداهما همزة الاستفهام، والثانية همزة أعجم، فلما اجتمعتا خففت الثانية بأن جعلت بين بين، أعني بين الهمزة والألف، وما كان بين الهمزة والألف فإنه يشبه الألف، فلهذا كانت الهمزة واحدة ممدودة.
وقرأ عاصم –ياش- وحمزة الكسائي ويعقوب –ح- {أَعْجَمِيٌّ} بهمزتين.
والوجه أن المثلين قد يجتمعان، وإن كانا حلقيين نحو كععت وفههت، فالهمزة إذًا يجوز أن تجتمع مع مثلها، وإثبات الهمزتين هو الأصل ههنا). [الموضح: 1134]
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين