سورة المؤمنون
[من الآية (84) إلى الآية (92) ]
{قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (92) }
قوله تعالى: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84)}
قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (سيقولون للّه (85)، 87، 89)
قرأ أبو عمرو ويعقوب الأول (سيقولون للّه)، والثاني والثالث (سيقولون اللّه) (اللّه).
وقرأ الباقون (للّه) (للّه) (للّه).
قال أبو منصور: أما الأولى فلم يختلف القراء فيها؛ لأن جواب الاستفهام في (لمن الأرض؟) (للّه) فرجعت في خبر المستفهم باللام أيضًا.
وأما الأخريان فإنّ أبا عمرو جعل خبر المستفهم (اللّه) (اللّه)، لأنه لا لام في قوله (قل من ربّ السّماوات)، وهذا الذي اختاره أبو عمرو في العربية أبين: لأنه مردود مرفوع، فجرى جوابه على مبتدأ به، وأما من قرأ الثانية والثالثة باللام فعلّته أن الجواب خرج على المعنى لا على اللفظ.
ألا ترى أنك لو قلت لرجل: من مولاك؟.
فقال: أنا لفلان. كفاك من أن يقول: مولاي فلان " فلما كان المعنيان واحد جرى ذلك في كلامهم، وقد جاء في الشعر مثله، أنشد الفراء لبعض العامريين:
وأعلم أنني سأكون رمسًا... إذا سار النواجع لا أسير
فقال السائلون لمن حفرتم... فقال المخبرون لهم وزير
[معاني القراءات وعللها: 2/194]
كان وجه الكلام أن يقول فقال المخبرون لهم: لوزير.
فرفعه، وأراد: الميت وزيرٌ.
النواجع: الذين يخرجون إلى البادية من المرتع). [معاني القراءات وعللها: 2/195] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {سيقولون لله} [85، 87، 89]
قرأ أبو عمرو وحده (سيقولون الله) بألف في الحرفين الأخيرين، وكذلك في مصاحف أهل البصرة. وذلك أن القائل إذا قال لمن هذه الضيعة. جاز أن تقول: لفلان، أو صاحبها فلان، أنشدني ابن مجاهد:
وأعلم أني سأكون رمسا = إذا سار النواجع لا يسير
فقال السائلون لمن حفرتم = فقال المخبرون لهم وزير
فهذا حجة أبي عمرو.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/93]
وقرأ الباقون: {الله}، {لله}، {لله} ثلاثها، واحتجوا بمصحف عثمان الذي يقال: إنه (الإمام) كذلك كتبت فيه، وكذلك مصاحف أهل الحجاز والكوفة، والأمر فيهما واحد، وهما صوابان ولله الحمد). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/94] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عزّ وجلّ: سيقولون لله [المؤمنون/ 85، 87، 89] في الآيتين. ولم يختلفوا في الأول، فقرأ أبو عمرو وحده: (سيقولون الله) بألف في الحرفين. وقرأ الباقون: (لله... لله... لله) هذه الثلاثة المواضع.
أوّلها: قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون، سيقولون لله
[الحجة للقراء السبعة: 5/300]
[المؤمنون/ 84 - 85] لا اختلاف فيها. الثاني: قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم، سيقولون لله [المؤمنون/ 86 - 87] و (سيقولون الله). والثالث: قل من بيده ملكوت كل شيء [المؤمنون/ 88] إلى آخرها سيقولون لله و (سيقولون الله) [المؤمنون/ 89].
أبو عمرو وحده يقول فيهما: (الله) والباقون: (لله) ولم يختلفوا في الأول، أما الآية الأولى فجوابها على القياس، كما يقال: لمن الدار؟ فنقول: لزيد، كأنك تقول: لزيد الدار، فاستغنيت عن ذكرها لتقدمها.
قرأ أبو عمرو وحده: (سيقولون الله) في الحرفين.
وقرأ الباقون: (لله... لله)، وأمّا قوله: قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم فجواب هذا: الله، على ما يوجبه اللفظ، وأما من قال: لله فعلى المعنى، وذلك أنه إذا قال: من مالك هذه الدار؟ فقال في جوابه: لزيد، فقد أجابه على المعنى دون ما يقتضيه اللفظ، والذي يقتضيه: من مالك هذه الدار؟ أن يقال في جوابه: زيد، ونحوه، فإذا قال: لزيد، فقد حمله على المعنى، وإنما استقام هذا لأن معنى من مالك هذه الدار؟ ولمن هذه الدار؟ واحد، فلذلك حملت تارة على اللفظ وتارة على المعنى، والجواب على اللفظ هو الوجه). [الحجة للقراء السبعة: 5/301] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (15- قوله: {سيقولون لله} في الثاني والثالث قرأهما أبو عمرو «الله» بالألف، والرفع في الثاني والثالث، وقرأهما الباقون {لله} بلام من غير ألف مخفوضًا، وكلهم قرأ الأول {لله} بغير ألف مخفوضًا.
وحجة من قرأ بالألف أنه أتى بالجواب على ظاهر السؤال؛ لأنك إذا قلت: من رب الدار، فالجواب: فلان، وليس جوابه على ظاهره أن تقول: لفلان فقوله: {من رب السماوات} {قل من بيده ملكوت كل شيء} «88» جوابه على ظاهر السؤال الله، فهو خير من الشيء في السؤال.
16- وحجة من قرأ بغير ألف أنه حمل الجواب، على معنى الكلام دون ظاهر لفظه، لأنك إذا قلت: من رب الدار، فمعناه: لمن الدار، فالجواب في قولك: لمن الدار، لفلان، كذلك لما قالك من رب السماوات، كان معناه: لمن السماوات، ولما قال: قل من بيده ملكوت كل شيء، كان معناه: لمن ملكوت كل شيء، فالجواب في هذا لله، فحمل الجواب على معنى الكلام دون ظاهر لفظه، وهو الاختيار؛ لأن الجماعة عليه وكذلك هي بغير ألف في جميع المصاحف إلا في مصاحف أهل البصرة، فإن الثاني والثالث فيهما بالألف على قراءة
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/130]
أبي عمرو). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/131]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} [آية/ 85] بغير ألف في الأولى، و{اللهُ} [آية/ 87]، {اللهُ} [آية/ 89] بالألف في الأخريين:
قرأها أبو عمرو ويعقوب.
والوجه في الأجوبة جاءت في هذه القراءة على ما يقتضيه اللفظ؛ لأن قوله {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} فجوابه {لِلَّهِ}؛ لأنه جواب لمن، كما يقال لمن الدار؟ فنقول: لزيد، أي الدار لزيدٍ.
فأما قوله: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} فإن جوابه {اللهُ} كما يقال: مَنْ صاحب الدار؟ فتقول: زيدٌ، أي صاحبها زيدٌ.
وأما قوله {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، فإن جوابه {اللهُ} أيضًا، كما يقال: من بيده الدار؟ فتقول: زيدٌ، كأنك قلت: الذي بيده الدار زيدٌ، فهذا كله مستقيمٌ.
وقرأ الباقون {لِلَّهِ} في الثلاثة بغير ألف.
والوجه أن الأول على ما يقتضيه اللفظ كما سبق.
وأما الأخريان فإنهما محمولتان على المعنى؛ لأن قولك: من مالك هذه الدار؟ ولمن هذه الدار؟ سواء في المعنى، فيجوز أن يجاب عن كل واحدٍ
[الموضح: 899]
منهما بجواب الآخر فيجوز في جواب: من مالك هذه الدار؟ أن يقال لزيدٍ، أي هي لزيدٍ، كما يجوز في جواب: لمن هذه الدار؟ أن يقال زيدٌ، أي مالكها زيد، فكذلك الأخريان تحملان على المعنى). [الموضح: 900]
قوله تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86)}
قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (سيقولون للّه (85)، 87، 89)
قرأ أبو عمرو ويعقوب الأول (سيقولون للّه)، والثاني والثالث (سيقولون اللّه) (اللّه).
وقرأ الباقون (للّه) (للّه) (للّه).
قال أبو منصور: أما الأولى فلم يختلف القراء فيها؛ لأن جواب الاستفهام في (لمن الأرض؟) (للّه) فرجعت في خبر المستفهم باللام أيضًا.
وأما الأخريان فإنّ أبا عمرو جعل خبر المستفهم (اللّه) (اللّه)، لأنه لا لام في قوله (قل من ربّ السّماوات)، وهذا الذي اختاره أبو عمرو في العربية أبين: لأنه مردود مرفوع، فجرى جوابه على مبتدأ به، وأما من قرأ الثانية والثالثة باللام فعلّته أن الجواب خرج على المعنى لا على اللفظ.
ألا ترى أنك لو قلت لرجل: من مولاك؟.
فقال: أنا لفلان. كفاك من أن يقول: مولاي فلان " فلما كان المعنيان واحد جرى ذلك في كلامهم، وقد جاء في الشعر مثله، أنشد الفراء لبعض العامريين:
وأعلم أنني سأكون رمسًا... إذا سار النواجع لا أسير
فقال السائلون لمن حفرتم... فقال المخبرون لهم وزير
[معاني القراءات وعللها: 2/194]
كان وجه الكلام أن يقول فقال المخبرون لهم: لوزير.
فرفعه، وأراد: الميت وزيرٌ.
النواجع: الذين يخرجون إلى البادية من المرتع). [معاني القراءات وعللها: 2/195] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {سيقولون لله} [85، 87، 89]
قرأ أبو عمرو وحده (سيقولون الله) بألف في الحرفين الأخيرين، وكذلك في مصاحف أهل البصرة. وذلك أن القائل إذا قال لمن هذه الضيعة. جاز أن تقول: لفلان، أو صاحبها فلان، أنشدني ابن مجاهد:
وأعلم أني سأكون رمسا = إذا سار النواجع لا يسير
فقال السائلون لمن حفرتم = فقال المخبرون لهم وزير
فهذا حجة أبي عمرو.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/93]
وقرأ الباقون: {الله}، {لله}، {لله} ثلاثها، واحتجوا بمصحف عثمان الذي يقال: إنه (الإمام) كذلك كتبت فيه، وكذلك مصاحف أهل الحجاز والكوفة، والأمر فيهما واحد، وهما صوابان ولله الحمد). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/94] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عزّ وجلّ: سيقولون لله [المؤمنون/ 85، 87، 89] في الآيتين. ولم يختلفوا في الأول، فقرأ أبو عمرو وحده: (سيقولون الله) بألف في الحرفين. وقرأ الباقون: (لله... لله... لله) هذه الثلاثة المواضع.
أوّلها: قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون، سيقولون لله
[الحجة للقراء السبعة: 5/300]
[المؤمنون/ 84 - 85] لا اختلاف فيها. الثاني: قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم، سيقولون لله [المؤمنون/ 86 - 87] و (سيقولون الله). والثالث: قل من بيده ملكوت كل شيء [المؤمنون/ 88] إلى آخرها سيقولون لله و (سيقولون الله) [المؤمنون/ 89].
أبو عمرو وحده يقول فيهما: (الله) والباقون: (لله) ولم يختلفوا في الأول، أما الآية الأولى فجوابها على القياس، كما يقال: لمن الدار؟ فنقول: لزيد، كأنك تقول: لزيد الدار، فاستغنيت عن ذكرها لتقدمها.
قرأ أبو عمرو وحده: (سيقولون الله) في الحرفين.
وقرأ الباقون: (لله... لله)، وأمّا قوله: قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم فجواب هذا: الله، على ما يوجبه اللفظ، وأما من قال: لله فعلى المعنى، وذلك أنه إذا قال: من مالك هذه الدار؟ فقال في جوابه: لزيد، فقد أجابه على المعنى دون ما يقتضيه اللفظ، والذي يقتضيه: من مالك هذه الدار؟ أن يقال في جوابه: زيد، ونحوه، فإذا قال: لزيد، فقد حمله على المعنى، وإنما استقام هذا لأن معنى من مالك هذه الدار؟ ولمن هذه الدار؟ واحد، فلذلك حملت تارة على اللفظ وتارة على المعنى، والجواب على اللفظ هو الوجه). [الحجة للقراء السبعة: 5/301] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({سيقولون لله} 87 و89
قرأ أبو عمرو (سيقولون الله) (سيقولون الله) بالألف فيهما ولم يختلفوا في الأولى
وقرأ الباقون {لله} {لله}
من قرأ (سيقولون الله) فهو على جواب السّؤال إذ قال قبلها {من رب السّماوات السّبع} 86 فالجواب {الله} وأما من قال {لله} فعلى المعنى وذلك أنه إذا قال من مالك هذه الدّار فقال في جوابه لزيد فقد أجابه على المعنى دون ما يقتضيه اللّفظ والّذي يقتضيه من مالك هذه الدّار أن يقال في جوابه زيد وإذا قال لزيد فقد حمله على المعنى وإنّما استقام هذا لأن معنى من مالك هذه الدّار ولمن هذه الدّار واحد فلذلك حملت تارة على اللّفظ وتارة على المعنى والجواب على اللّفظ
[حجة القراءات: 490]
هو الوجه لأنّك إذا قلت من صاحب هذه الدّار فأجبت زيد لكان جوابا على لفظ السّؤال ولو قلت في جواب من صاحب هذه الدّار لزيد لجاز لأن معنى من صاحب هذه الدّار معنى لمن هذه الدّار). [حجة القراءات: 491] (م)
قوله تعالى: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88)}
قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (سيقولون للّه (85)، 87، 89)
قرأ أبو عمرو ويعقوب الأول (سيقولون للّه)، والثاني والثالث (سيقولون اللّه) (اللّه).
وقرأ الباقون (للّه) (للّه) (للّه).
قال أبو منصور: أما الأولى فلم يختلف القراء فيها؛ لأن جواب الاستفهام في (لمن الأرض؟) (للّه) فرجعت في خبر المستفهم باللام أيضًا.
وأما الأخريان فإنّ أبا عمرو جعل خبر المستفهم (اللّه) (اللّه)، لأنه لا لام في قوله (قل من ربّ السّماوات)، وهذا الذي اختاره أبو عمرو في العربية أبين: لأنه مردود مرفوع، فجرى جوابه على مبتدأ به، وأما من قرأ الثانية والثالثة باللام فعلّته أن الجواب خرج على المعنى لا على اللفظ.
ألا ترى أنك لو قلت لرجل: من مولاك؟.
فقال: أنا لفلان. كفاك من أن يقول: مولاي فلان " فلما كان المعنيان واحد جرى ذلك في كلامهم، وقد جاء في الشعر مثله، أنشد الفراء لبعض العامريين:
وأعلم أنني سأكون رمسًا... إذا سار النواجع لا أسير
فقال السائلون لمن حفرتم... فقال المخبرون لهم وزير
[معاني القراءات وعللها: 2/194]
كان وجه الكلام أن يقول فقال المخبرون لهم: لوزير.
فرفعه، وأراد: الميت وزيرٌ.
النواجع: الذين يخرجون إلى البادية من المرتع). [معاني القراءات وعللها: 2/195] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {سيقولون لله} [85، 87، 89]
قرأ أبو عمرو وحده (سيقولون الله) بألف في الحرفين الأخيرين، وكذلك في مصاحف أهل البصرة. وذلك أن القائل إذا قال لمن هذه الضيعة. جاز أن تقول: لفلان، أو صاحبها فلان، أنشدني ابن مجاهد:
وأعلم أني سأكون رمسا = إذا سار النواجع لا يسير
فقال السائلون لمن حفرتم = فقال المخبرون لهم وزير
فهذا حجة أبي عمرو.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/93]
وقرأ الباقون: {الله}، {لله}، {لله} ثلاثها، واحتجوا بمصحف عثمان الذي يقال: إنه (الإمام) كذلك كتبت فيه، وكذلك مصاحف أهل الحجاز والكوفة، والأمر فيهما واحد، وهما صوابان ولله الحمد). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/94] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عزّ وجلّ: سيقولون لله [المؤمنون/ 85، 87، 89] في الآيتين. ولم يختلفوا في الأول، فقرأ أبو عمرو وحده: (سيقولون الله) بألف في الحرفين. وقرأ الباقون: (لله... لله... لله) هذه الثلاثة المواضع.
أوّلها: قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون، سيقولون لله
[الحجة للقراء السبعة: 5/300]
[المؤمنون/ 84 - 85] لا اختلاف فيها. الثاني: قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم، سيقولون لله [المؤمنون/ 86 - 87] و (سيقولون الله). والثالث: قل من بيده ملكوت كل شيء [المؤمنون/ 88] إلى آخرها سيقولون لله و (سيقولون الله) [المؤمنون/ 89].
أبو عمرو وحده يقول فيهما: (الله) والباقون: (لله) ولم يختلفوا في الأول، أما الآية الأولى فجوابها على القياس، كما يقال: لمن الدار؟ فنقول: لزيد، كأنك تقول: لزيد الدار، فاستغنيت عن ذكرها لتقدمها.
قرأ أبو عمرو وحده: (سيقولون الله) في الحرفين.
وقرأ الباقون: (لله... لله)، وأمّا قوله: قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم فجواب هذا: الله، على ما يوجبه اللفظ، وأما من قال: لله فعلى المعنى، وذلك أنه إذا قال: من مالك هذه الدار؟ فقال في جوابه: لزيد، فقد أجابه على المعنى دون ما يقتضيه اللفظ، والذي يقتضيه: من مالك هذه الدار؟ أن يقال في جوابه: زيد، ونحوه، فإذا قال: لزيد، فقد حمله على المعنى، وإنما استقام هذا لأن معنى من مالك هذه الدار؟ ولمن هذه الدار؟ واحد، فلذلك حملت تارة على اللفظ وتارة على المعنى، والجواب على اللفظ هو الوجه). [الحجة للقراء السبعة: 5/301] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({سيقولون لله} 87 و89
قرأ أبو عمرو (سيقولون الله) (سيقولون الله) بالألف فيهما ولم يختلفوا في الأولى
وقرأ الباقون {لله} {لله}
من قرأ (سيقولون الله) فهو على جواب السّؤال إذ قال قبلها {من رب السّماوات السّبع} 86 فالجواب {الله} وأما من قال {لله} فعلى المعنى وذلك أنه إذا قال من مالك هذه الدّار فقال في جوابه لزيد فقد أجابه على المعنى دون ما يقتضيه اللّفظ والّذي يقتضيه من مالك هذه الدّار أن يقال في جوابه زيد وإذا قال لزيد فقد حمله على المعنى وإنّما استقام هذا لأن معنى من مالك هذه الدّار ولمن هذه الدّار واحد فلذلك حملت تارة على اللّفظ وتارة على المعنى والجواب على اللّفظ
[حجة القراءات: 490]
هو الوجه لأنّك إذا قلت من صاحب هذه الدّار فأجبت زيد لكان جوابا على لفظ السّؤال ولو قلت في جواب من صاحب هذه الدّار لزيد لجاز لأن معنى من صاحب هذه الدّار معنى لمن هذه الدّار). [حجة القراءات: 491] (م)
قوله تعالى: {بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90)}
قوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91)}
قوله تعالى: {عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (92)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (عالم الغيب والشّهادة (92)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحفص (عالم الغيب) خفضا.
وقرأ الباقون (عالم الغيب) رفعًا.
قال أبو منصور: من قرأ (عالم الغيب) بالكسر ردة على قوله: (سبحان الله.. عالم الغيب).
ومن قرأ (عالم الغيب) فهو استئناف.
والدليل على ذلك دخول الفاء في قوله: (فتعالى عمّا يشركون) كأنه أراد: هو عالم الغيب والشهادة فتعالى). [معاني القراءات وعللها: 2/195]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (18- وقوله تعالى: {عالم الغيب} [92]
قال أبو عمرو، وابن كثير، وابن عامر، وحفص عن عاصم بالخفض، {سبحان الله ... عالم الغيب}.
وقرأ الباقون {عالم الغيب} بالرفع على الاستئناف، لأن بعد تمام أيه، وشبيه بهذا {إلى صراط العزيز الحميد * الله} و{الله} كذلك {عما يصفون علم} و{عالم} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/94]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله تعالى: عالم الغيب والشهادة [المؤمنون/ 92] في الخفض والرفع.
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحفص عن عاصم وابن عامر: عالم الغيب خفضا.
[الحجة للقراء السبعة: 5/301]
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر ونافع وحمزة والكسائي: (عالم الغيب) رفعا.
قال أبو الحسن: الجر أجود ليكون الكلام من وجه واحد، وأما الرفع فعلى أن يكون خبر ابتداء محذوف. قال: ويقوّي ذلك أن الكلام الأول قد انقطع). [الحجة للقراء السبعة: 5/302]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({سبحان الله عمّا يصفون * عالم الغيب والشّهادة فتعالى عمّا يشركون} 91 و92
قرأ نافع وحمزة والكسائيّ وأبو بكر عالم بالرّفع وقرأ الباقون {عالم} بالخفض رد على قوله سبحان الله عالم الغيب فأما الرّفع فعلى أن يكون خبر ابتداء محذوف كأنّه قال هو عالم). [حجة القراءات: 491]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (17- قوله: {عالم الغيب} قرأه أبو بكر ونافع وحمزة والكسائي بالرفع في {عالم} جعلوه خبر ابتداء محذوف، وفيه معنى التأكيد، أي: هو عالم، وخفضه الباقون، جعلوه نعتًا لله في قوله: {سبحان الله} «91» وهو الاختيار، ليتصل بعض الكلام ببعض، ويكون كله جملة واحدة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/131]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (15- {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [آية/ 92] بالرفع:
قرأها نافع وحمزة والكسائي و-ياش- عن عاصم.
الوجه أنه خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: هو عالم الغيب، فيكون الكلام مستأنفًا مقطوعًا عما قبله.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر و-ص- عن عاصم ويعقوب –ح- و-ان- {عَالِمِ} بالجر.
والوجه أنه على الصفة لله سبحانه الذي تقدم ذكره في قوله تعالى {سُبْحَانَ الله عَمَّا يَصِفُونَ} فيكون متصلًا بالكلام الأول غير مقطوع.
و-يس- عن يعقوب إذا ابتدأ رفع، وإذا وصل خفض؛ لما قدمناه من العلة). [الموضح: 900]