العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 11:52 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة المؤمنون

[من الآية (23) إلى الآية (30) ]
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (23) فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آَبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (24) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (25) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (26) فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (27) فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (29) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30)}


قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (23)}
قوله تعالى: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آَبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (24)}
قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (25)}
قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (26)}
قوله تعالى: {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (27)}

قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (9- وقوله تعالى: {من كل زوجين اثنين} [27].
روى حفص عن عاصم {من كل زوجين} منونا على تقدير: اسلك فيها زوجين اثنين {من كل} أي: من كل جنس، ومن كل الحيوان، كما قال تعالى: {ولكل وجهة} أي: ولكل إنسان قبلة هو موليها؛ لأن «كلا»، و«بعضًا» يقتضيان مضافًا إليهما.
وقرأ الباقون {من كل زوجين} مضافًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/89]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (حفص عن عاصم: من كل زوجين اثنين [المؤمنون/ 27] منون. وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم بلا تنوين.
حجة قول عاصم: (من كل شيء) [الحجر/ 19] فحذف كما حذف في قوله: وكل آتوه داخرين [النمل/ 87] فزوجين على هذا مفعول به واثنين وصف له.
وأما من قال: (من كلّ زوجين) فإنه أضاف كلّا إلى زوجين واثنين انتصب على أنه مفعول به، والمعنى في قراءة عاصم: من كلّ يؤول إلى كلّ زوجين، لأن شيئا المقدّر حذفه في كلّ إنما هو ما يحمل من الأزواج التي للنسل وغيره دون الأشياء التي لا تكون أزواجا.
فقراءة الجمهور في هذا أبين، والرواية الأخرى عن عاصم أولى من هذه، كأنه وضع العام موضع الخاص. أراد من كلّ زوج الأشبه أن يريد هذا). [الحجة للقراء السبعة: 5/294]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك}
قرأ حفص {من كل زوجين} منونا أراد من كل شيء فحذف كما حذف من قوله كل أتوه و{زوجين} مفعول به و{اثنين} وصف له وتقدير الكلام اسلك فيها زوجين اثنين من كل أي من كل جنس ومن كل الحيوان كما قال {ولكل وجهة} أي ولكل إنسان قبلة لأن كلا وبعضا يقتضيان مضافا إليهما
وقرأ الباقون {من كل زوجين} مضافا أضافوا {كلا} إلى زوجين و{اثنين} مفعول به). [حجة القراءات: 486]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ} [آية/ 27] بالتنوين:
قرأها الباقون و-ياش- عن عاصم {مِنْ كُلِّ زَوْجَيْنِ} بالإضافة.
وقد مضى وجه هذا في سورة هود). [الموضح: 894]

قوله تعالى: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28)}
قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (29)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (منزلًا مباركًا.. (29)
قرأ عاصم في رواية أبي بكر (منزلًا) بفتح الميم، وبكسر الزاي.
وقرأ الباقون (منزلًا) بضم الميم وفتح الزاي.
[معاني القراءات وعللها: 2/189]
قال أبو منصور: من قرأ (منزلاً) فهو موضع النزول، من نزل ينزل.
ومن قرأ (منزلاً) فله وجهان:
أحدهما: مصدر أنزله إنزالاً ومنزلاً.
والوجه الثاني: الموضع الذي ينزلون فيه). [معاني القراءات وعللها: 2/190]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {أنزلني منزلا مباركًا} [29].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/88]
قرأ عاصم وحده في رواية أبي بكر (منزلا) جعله اسما للمكان ومصدر ثلاثي:
وقرأ الباقون (منزلا) لأنه مصدر، أنزلت، إنزالا، ومنزلا مثل {أدخلني مدخل صدق} وإدخال صدق {وأنت خير المنزلين} فلو قرأ قارئ: وأنت خير المنزلين لكان صوابًا على تقدير وأنت خير المنزلين به، كما تقول: أنزلت حوائجي بك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/89]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضم الميم وفتحها من قوله عز وجل منزلا [المؤمنون/ 29] فقرأ عاصم في رواية أبي بكر: (منزلا) بفتح الميم وكسر الزاي. وقرأ الباقون وحفص عن عاصم: منزلا بضم الميم وفتح الزاي.
المنزل فيمن ضم الميم منه يجوز أن يكون مصدرا أو يكون
[الحجة للقراء السبعة: 5/293]
موضعا للإنزال، فإذا أراد المكان فكأنه قال: أنزلني دارا، وإذا أراد المصدر كان بمنزلة: أنزلني إنزالا مباركا، فعلى هذا الوجه يجوز أن يعدّى الفعل إلى مفعول آخر، وعلى الوجه الأول قد استوفى مفعوليه.
ومن قال: (منزلا) أمكن أن يكون مصدرا وأن يكون موضع نزول، ودلّ: (أنزلني) على نزلت، وانتصب (منزلا) على أنه محل، وعلى أنه مصدر، فإذا عنيت به المصدر جاز أن تعدّي الفعل إلى المكان). [الحجة للقراء السبعة: 5/294]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وقل رب أنزلني منزلا مباركًا وأنت خير المنزلين}
قرأ أبو بكر {وقل رب أنزلني منزلا} بفتح الميم وكسر الزّاي جعله اسما للمكان كأنّه قال أنزلني دارا مباركة والمنزل اسم لكل ما نزلت فيه
وقرأ الباقون {منزلا} بضم الميم وفتح الزّاي جعلوه مصدرا بمعنى الإنزال تقول أنزلته إنزالا مباركًا ومنزلا). [حجة القراءات: 486]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (8- قوله: {منزلًا} قرأه أبو بكر بفتح اليم وكسر الزاي، جعله مصدرًا لفعل ثلاثي كان «أنزل» في الآية، دل على «نزل» فكأنه قال: «أنزلني نزولًا مباركًا» ويجوز أن يكون اسم مكان، كأنه قال: أنزلي مكانًا مباركًا فيكون مفعولًا به، وقرأ الباقون بضم الميم وفتح الزاي، وجعلوه مصدرًا لـ «أنزل» لأن قبله {أنزلني} فأتى المصدر على المصدر، كأنه قال: أنزلني إنزالًا مباركًا، ويجوز أيضًا أن يكون اسمًا للمكان، فيكون نصبه على المفعول، وقد تقدم ذكر {هيهات هيهات} والوقف عليهما). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/128]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {مَنْزِلًا مُبَارَكًا} [آية/ 29] بفتح الميم وكسر الزاي:
قرأها عاصم وحده ياش-.
والوجه أنه يجوز أن يكون مصدرًا، وأن يكون موضع نزولٍ.
فإذا كان مصدرًا فيجوز أن يكون المفعول به محذوفًا ويكون الفعل العامل في المصدر مضمرًا يدل عليه {أَنْزِلْنِي}، كأنه قال: أنزلني مكاني لأنزله نزولًا مباركًا، فإن النزول لا يكون مصدرًا لأنزل، بل مصدرًا لنزل، والمنزل والنزول واحد، ويجوز أن يكون المفعول به هو هذا المصدر على تقدير حذف المضاف كأنه قال: أنزلني موضع نزول مباركًا؛ لأن المنزل هو النزول.
وإذا كان المنزل للموضع فيكون المنزل بمعنى موضع النزول؛ لأن مفعلًا قد يكون للمكان وهو القياس فيه؛ لأنه من نزل ينزل بكسر الزاي، فيكون المنزل على هذا مفعولًا به، وهو أظهر الوجوه.
وقرأ الباقون و-ص- عن عاصم {مُنْزَلًا} بضم الميم وفتح الزاي.
والوجه أن يجوز أن يكون مصدرًا، وأن يكون موضع إنزال.
فإن كان مصدرًا فالمفعول به محذوف، والتقدير: أنزلني مكاني إنزالًا مباركًا.
[الموضح: 894]
وإن كان موضعًا للإنزال كان مفعولًا به، والمعنى: أنزلني موضع إنزالٍ مباركًا، فيكون المُنزَل على هذا اسمًا للمكان من أنزل). [الموضح: 895]

قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 11:55 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة المؤمنون

[من الآية (31) إلى الآية (41) ]
{ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ (31) فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (32) وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35)هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (39) قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (40) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41)}

قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ (31)}
قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (32)}
قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33)}
قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34)}
قوله تعالى: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35)}
قوله تعالى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (هيهات هيهات لما توعدون (36)
اتفقوا على فتح التاء في الإدراج، ووقف الكسائي وحده على (هيهاه).
ووقف الباقون على الأولى بالتاء وعلى الثانية بالهاء.
قال أبو منصور: أما ما قاله الكسائي من الوقوف عليهما معًا بالهاء فلأن تاءهما في الأصل هاء، فإذا تحركت صارت تاء، وإذا وقفت عليها كانت هاء كهاء المؤنثات، مثل هاء الرحمة، والصلاة، والحسنة، وأمّا من وقف على الأولى بالتاء وعلى الثانية بالهاء فلأن الأولى الإدراج فيها أكثر؛ لأنها وكدت بالثانية فصارتا شيئا واحدا، وجعلوا الثانية هاء في الوقف على الأصل.
وقال أحمد بن يحيى: من جعلهما كالحرف الواحد ولا يفرد لم يقف على الأولى ووقف على الثانية بالهاء؛ كما يقف على اثنتي عشرة بالهاء، ومن نوى الإفراد وقف عليهما بالهاء، لأن الأصل الهاء، فقف كيف شئت. قال: وكأني أستحب الوقوف على التاء؛ لأن من العرب من يخفض التاء على كل حال.
قال أبو منصور: والقراء كلهم على فتح التاءين في المضي.
[معاني القراءات وعللها: 2/193]
ودخول اللام في قوله (لما توعدون) كإدخالهم اللام في (هلمّ لك)، والعرب تقول: هيهات أنت منا، وهيهات لك، وهيهات لأرضك، وهيهات لأهلك.
جعلوا (هيهات) أداة ليست مأخوذة من فعل، ولذلك جاز إدخال اللام في (لما) ). [معاني القراءات وعللها: 2/194]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي جعفر والثقفي: [هَيْهَاتِ هَيْهَاتِ]، بكسر التاء غير منونة.
وقرأ: [هَيْهَاتٍ هَيْهَاتٍِ] عيسى بن عمر:
وقرأ: [هَيْهَاتٌ هَيْهَاتٌ] رفع منون -أبو حيوة.
وقرأ: [هَيْهَاتْ هَيْهَاتْ] مرسلة التاء عيسى الهمداني، ورويت عن أبي عمرو.
[المحتسب: 2/90]
قال أبو الفتح: أما الفتح -وهي قراءة العامة- فعلى أنه واحد، وهو اسم سمي به الفعل في الخبر، وهو اسم [بَعُدَ]، كما أن شتان اسم "افترق" وأوَّتَاه اسم "أتألم"، وأُفّ اسم "أتضجر" وقد ذكرنا في "أفّ" طرفا صالحا من هذا الحديث.
ومن كسر فقال: "هيهاتٍ" منونا أو غير منون فهو جمع هيهات وأصله هيْهيات: إلا أنه حذف الألف، لأنها في آخر اسم غير متمكن، كما حذفت ياء الذي في التثنية إذا قلت: اللذان وألف ذا إذا قلت: ذان.
ومن نون ذهب إلى التنكير، أي: بُعْدًا بُعْدًا.
ومن لم ينون ذهب إلى التعريف، أراد: البُعْد البُعْد.
ومن فتح وقف بالهاء؛ لأنها كهاء أرْطَاة وسِعْلَاة.
ومن كسر كتبها بالتاء؛ لأنها جماعة، والكسرة في الجماعة بمنزلة الفتحة في الواحد، كما أن سقوط النون من ضربا بمنزلة الفتحة في ضرب طردا على سقوط النون في لن يضربا بمنزلة الفتحة في أن يضرب. فلفظ البناء في هذا كلفظ الإعراب.
ومن قال: [هيهاةٌ هيهاةٌ] فإنه يكتبها بالهاء؛ لأن أكثر القراءة [هَيْهَاةَ] بالفتح، والفتح يدل على الإفراد، والإفراد بالهاء كهاء أرطاة وعَلْقَاة، غير أن من رفع فقال: [هيهاةٌ] فإنه يحتمل أمرين:
أحدهما أن يكون أخلصها اسما معربا فيه معنى البعد، ولم يجعله اسما للفعل فيبنيه كما بنى الناس غيره، وقوله: {لِمَا تُوعَدُون} خبر عنه، كأنه قال: البعد لوعدكم، كما يقول القائل: الخلف لموعدك، والضلال لإرشادك، والخيبة لانتجاعك.
والآخر أن تكون مبنية على الضم، كما بنيت نحن عليه، وكما بنيت حَوْبُ عليه في الزجر، ثم اعتقد في التنكير فلحقه التنوين على ما مضى. ونحو من ذلك ما حُكي عن بعضهم من ضمة نون التثنية في الزيدانُ والعمرانُ.
[المحتسب: 2/91]
وأما [هيهاتْ هيهاتْ]، ساكنة بالتاء فينبغي أن يكون جماعة، وتكتب بالتاء؛ وذلك أنها لو كانت هاء كهاء علقاة وسماناة للزم في الوقف عليها أن يلفظ بالهاء كما يوقف مع الفتح فيقال: هَيْهَاه هَيْهَاه، فبقاء التاء في الوقف في السكون دليل على أنها تاء، وإذا كانت تاء فهي للجماعة، وهو أمثل من أن يعتقد فيها أنها أجريت في الوقف مجراها في الوصل من كونها تاء كقولنا: عليه السلام والرحمتْ، وقوله:
بلْ جَوْزِ تيهَاءَ كَظَهْرِ الحَجَفَتْ
لقلة هذا وكثرة الأول، وكذلك يقف الكسائي عليه، وهو عندي حسن لما ذكرته.
وعذر من وقف بالتاء كونها في أكثر الأمر مصاحبة للأخرى من بعدها، ولأنها أيضا تشبه الفعل، والفعل أبدا متطاول على الفاعل، وهذا طريق الوصل، ولأن الضمير فيها لم يؤكد قط، فأشبهت الفعل الذي لا ضمير فيه، فكان ذلك أدعى في اللفظ إلى إدراجها بالتوقع له:
والذي حسن الوقوف عليها حتى نطق بالهاء فيها ما أذكره لك، وهو أن هيهاهْ جارية مجرى الفعل في اقتضائها الفاعل، فإذا قال: هيهاتَ، فكأنه قال: بعُد بعثكُم، بعُد إنشاؤكم، بعُد إخراجكم. فإذا وقف عليه أعلم أن فيه فاعلا مضمرا وأن الكلمة قد استقلت بالضمير الذي فيها، وإذا وصلها بالأخرى أوهم حاجة الأولى إلى الآخرة فآذن بالوقوف عليها باستقلالها وغنائها عن الأخرى من بعدها، فافهم ذلك. ولا يجوز أن يكون قوله: {لِمَا تُوعَدُونَ} هو الفاعل؛ لأن حرف الجر لا يكون فاعلا، ولا يحسن اعتقاد زيادة اللام هنا
[المحتسب: 2/92]
حتى كأنه قال: بَعُدَ ما توعدون؛ لأنه لم تؤلف زيادة اللام في نحو هذا، وإنما زيدت في الموضع الذي الغرض بزيادتها فيه تمكين معنى الإضافة، كقوله:
يا بُؤْس للحربِ التي ... وَضَعَتْ أراهِطَ فاستراحُوا
وكقوله:
يا بؤسَ للجهْلِ ضرًّارًا لأقْوَام
وإذا لم يكن لها بد من الفاعل ولم يكن الظاهر بعدها فاعلا لها ففيها ضمير فاعل لا محالة، وهو ما قدمنا ذكره. ومما نون وهو مبني على الضم قوله:
سَلامُ اللهِ يا مَطَرٌ عَلَيْها ... وَلَيْسَ عَليْكَ يا مَطَرُ السلامُ
ومنه قولهم في الضجر: أفٌّ فيمن ضم ونون، ويؤنسك باستعمالهم من هذا اللفظ اسما معربا قول رؤبة:
هَيْهَاتَ من مُنْخَرِقٍ هَيَْهاؤه
فكأنه قال: بَعُدَ بُعْدُهُ، وهو كقولهم: جُنَّ جُنُونُه، وضَلَّ ضَلالُه، وقولهم: موتٌ مائتٌ، وشعرٌ شاعرٌ على طريقة المبالغة. وهيهاؤه إذًا فِعْلالُه، كزِلْزَاله وقِلْقَالِه، والهمزةُ فيه منقلبةٌ عن ياء، لأنه من باب حَاحَيْتُ وعاعَيْتُ. وقريب من لفظه ومعناه ما أنشدَناه أبو علي من قولِ بعضهم:
فَأَرْفَعُ الجفنَةَ بِالْهَيهِ الرثِعْ
[المحتسب: 2/93]
فَالْهَيْهُ: المرقّع من الناس المرذول الذي يقال له في إبعاده: هَيْهْ. فسمي بالصوت الذي يقال، كما قال الآخر
إذَا حَمَلْتُ بِزَّتِي عَلَى عَدَسْ ... فَما أُبالِي مَن مَضَى وَمَن جَلَسْ
يعني البَغْل؛ لأنه يقال له في الزجر: عَدَسْ. قال:
عَدَسْ ما لِعَبادٍ عليكَ إمارَةٌ ... نَجَوْتٍ وهَذَا تَحْمِلِينَ طَلِيقُ
فَالْهَيْهُ -كما ترى- ثلاثي، وهيهات -على ما مضى- رباعي، فاللفظان أخوان، والمعنيان متقاربان؛ لأن هيهاة اسم بَعُدَ وهَيْهْ زجرٌ وإبعادٌ ونظير هَيْهْ وهَيْهَاهْ قولهم: سَلِسَ وسَلْسَلَ، وقَلِقَ وقَلْقَلَ، وجَرِجَ وجَرْجَرَ. وسألني أبو علي يوما فقال: أي شيء مثل غَوْغاء وغَوْغَاء؟ فقلت له: قولهم للمنخوب: هُوهٌ وهَوْهَاءةٌ. وينبغي أن يضاف إلى ذلك ما ذكرناه الآن من قولهم: هَيْه وهَيْهَاتْ). [المحتسب: 2/94]

قوله تعالى: {إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37)}
قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38)}
قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (39)}
قوله تعالى: {قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (40)}
قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 11:57 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة المؤمنون

[من الآية (42) إلى الآية (50) ]
{ ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آَخَرِينَ (42) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (43) ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (44) ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (45) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ (46) فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (47) فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (48) وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (49) وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آَيَةً وَآَوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50) }


قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آَخَرِينَ (42)}
قوله تعالى: {مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (43)}
قوله تعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (44)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (رسلنا تترا.. (44)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (تترًا) منونة، ووقفا بألف.
وقرأ الباقون (تترا) غير منونة.
ووقف حمزة والكسائي بياء.
قال أبو منصور: قال أبو العباس: من قرأ (تترًا) فهو مثل شكوت شكوى، و(تترًا) كان في الأصل: وترا: فقلبت الواو تاء، فقيل: تترت تترًا.
قال وهكذا قال أبو عمرو، وهو من (تترت).
قال أبو العباس: ومن قرأ (تترا) فهو على (فعلى)، كقولك شكوت شكوى، غير منونة؛ لأن فعلى لا تنون، ونحو ذلك.
قال أبو إسحاق من قرأ بالتنوين فمعناه: وترًا، فأبدل التاء من الواو، كما أبدلت في: تولج وتراث، أصلهما: وولج ووراث.
ومن قرأ (تترا) فهو ألف التأنيث..
وأخبرني المنذري عن ابن فهم عن محمد بن سلام قال: سألت يونس عن قوله: (ثمّ أرسلنا رسلنا تترا)؟
قال: منقطعة متفاوتة، وجاءت الخيل تترا، إذا جاءت متقطعة، وكذلك الأنبياء بين كل نبيين دهر طويل.
وقال أبو هريرة:
[معاني القراءات وعللها: 2/190]
لا بأس بقضاء رمضان (تترى)، أن تصوم يومًا وتفطر يومًا، ولا يسرد القوم سردًا.
قال أبو منصور: القراءة بـ (تترًا) جائزة بمعنى: وترًا). [معاني القراءات وعللها: 2/191]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (10- وقوله تعالى: {رسلنا تترى} [44].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (تترى) منونا. والوقف على قرائتهما بالألف.
قال ابن مجاهد: ومن نون لم يقف إلا بألف.
قال أبو عبد الله: قد يجوز أن يقف بالألف وهو الاختيار كما قال، إذا جعل الألف عوضًا من التنوين، كما تقول: رأيت عمرًا تقف عمرا غير ممال
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/89]
ولا يجوز عمرى. ومن جعل الألف للإلحاق نحو أرطي ومعزى يجوز له أن يقف بالإمالة. و{تترى} يكون فعلى مثل: سكرى، ويكون فعلى مثل: أرطى. ويكون فعلا مثل: عمرًا، وهو الاختيار؛ لأنه مصدر وتر، يتر، وترا، ثم قلب من الواو تاء فقيل: تترا كما قيل تراث، ووارث.
وقرأ الباقون {تترى} على وزن سكرى غير منون، فعلى قراءة هؤلاء يجوز الوقف بالتفخيم، وبالإمالة ألفا وياء.
ومن نون فله حجة أخرى أن المصحف كتب فيه بالألف.
وأجاز سيبوية تعلمت علمي، ورأيت زيدا بالإمالة من أجل الكسرة والياء. ولا يجوز رأيت عمرا، لأنها لا كسرة هناك ولا ياء فأفخم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/90]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التنوين من قوله: تترى [المؤمنون/ 44]. فقرأ ابن كثير وأبو عمرو (تترى كلّما) منونة، والوقف بالألف، وقرأ
[الحجة للقراء السبعة: 5/294]
الباقون: تترى بلا تنوين، والوقف في قراءة نافع وعاصم وابن عامر بألف، هبيرة عن حفص عن عاصم يقف بالياء.
قوله: يقف بالياء، يعني بألف ممالة. ومن نون وقف بالألف، ومن لم ينون وقف بالألف والياء.
قال أبو علي: (تترى): فعلى من المواترة، والمواترة أن تتبع الخبر الخبر، والكتاب الكتاب، ولا يكون بين ذلك فصل كبير، قال الشاعر:
قرينة سبع إن تواترن مرّة... ضربن وصفّت أرؤس وجنوب
يصف قطا انفرد بعضها عن بعض في طيرانها يقول: إن انقطعن فلم يكنّ صفّا ضربن أرؤسا وجنوبا لتصطف في طيرانها، فأعمل الفعل الثاني وحذف المفعول من الأول ليتبين الفاعل له، وقال آخر:
تواترن حتّى لم تكن لي ريبة... ولم يك عمّا خبّروا متعقّب
وقال أبو عبيدة: تترى: بعضها في إثر بعض، يقال: جاءت كتبه تترى. قال: وينوّنها بعض الناس، ومن قال في تترى إنها تفعل لم يكن غلطه غلط أهل الصناعة، والأقيس أن لا يصرف لأن المصادر تلحق أواخرها ألف التأنيث كالدعوى والعدوى والذكرى والشورى،
[الحجة للقراء السبعة: 5/295]
ولا نعلم شيئا من المصادر لحق آخره ألف الإلحاق، فمن قال: تترى، أمكن أن يريد فعلى من المواترة، فتكون الألف بدلا من التنوين. وإن كان في الخط بالياء كان للإلحاق، والإلحاق في غير المصادر ليس بالقليل نحو: أرطى ومعزى، فإن كان في الخط ياء لزم أن يحمل على فعلى دون فعلا، ومن قال: تترى، فأراد به فعلا فحكمه أن يقف بالألف مفخّمة، ولا يميلها إلا في قول من قال: رأيت عنتا، وهذا ليس بالكثير، فلا تحمل عليه القراءة. ومن جعل الألف للإلحاق أو للتأنيث أمال الألف إذا وقف عليها، وكثيرا ما تتعاقب الألف التي للإلحاق وألف التأنيث في أواخر الكلم التي لا تكون مصادر). [الحجة للقراء السبعة: 5/296]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ثمّ أرسلنا رسلنا تترا}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (ثمّ أرسلنا رسلنا تترى) منونا وقرأ الباقون تترى فعلى
ومعنى تترى من المواترة والمواترة أن يتبع الخبر الخبر والكتاب الكتاب ولا يكون بين ذلك فصل كثير قال الأصمعي المواترة من واترت الخبر أتبعت بعضه بعضًا وبين الخبر هنيهة وقال غيره المواترة المتابعة وجاء في التّفسير تترى يتبع بعضه بعضًا وقال الزّجاج وأصل هذا كله الوتر وهو الفرد أي جعلت كل واحد بعد صاحبه فردا فردا
فمن قرأ بالتّنوين فمعناه وترا فأبدل التّاء من الواو كما قالوا التكلان من الوكالة وتجاه وإنّما هو وجاه وحجته ذكرها اليزيدي فقال هي من وترت والدّليل على ذلك أنّها كتبت بالألف وهي لغة قريش ولو كانت من ذوات الياء لكانت مكتوبة بالياء تترى كما كتبوا يخشى ويرعى بالياء فذهب اليزيدي إلى أنّها بمعنى المصدر وأن الألف الّتي بعد الرّاء عوض من التّنوين في الوقف من قوله وتر يتر وترا مثل ضرب يضرب ضربا فإن قيل فأين الفعل الّذي هو صدره قلت صدر هذا المصدر عن معنى الفعل لا عن لفظه كأنّه حين قال {ثمّ أرسلنا رسلنا}
[حجة القراءات: 487]
قال وترنا رسلنا فجعل تترا صادرا عن غير لفظ الفعل
وحجّة من لم ينون أن الألف الّتي بعد الرّاء ألف تأنيث فتقول تترى على وزن فعلى مثل شكوى وهذا هو الأقيس ألا تصرف لأن المصادر تلحق أواخرها ألف التّأنيث كالدعوى والشورى والذكرى ونحوها). [حجة القراءات: 488]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (9- قوله: {تترى} قرأه أبو عمرو وابن كثير بالتنوين، وقرأ الباقون بغير تنوين.
وحجة من نونه أنه جعله فعلًا مصدرًا من المواترة، وهي المتابعة بغير مهلة، فألفه في الوقف بدل من التنوين، ويجوز أن يكون ملحقًا بـ «جعفر»، فيكون التنوين دخل على ألف إلحاق، فأذهبها كـ «أرطى ومِعزى» ويدل على قوة كونه ملحقًا في هذه القراءة أنه في الخط بالياء، فإذا كان ملحقًا جاز أني كون في الوقف فيه على ألف الإلحاق، وتحذف ألف التنوين فتجوز إمالته لأبي عمرو كحمزة والكسائي في وصلهما ووقفهما، ويجوز أن يكون الوقف فيه على ألف التنوين، لأنه في موضع نصب، فلا تحسن فيه الإمالة حينئذٍ، والمعمول فيه الوقف على الإمالة لأبي عمرو في كل الوجوه، وهي الرواية، ولا يحسن أن تجعل الألف، في هذه القراءة، للتأنيث؛ لأن التنوين لا يدخل على ألف التأنيث في هذا البناء ألبتة.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/128]
10- وحجة من لم ينون أنه جعله «فعلى» ألفه للتأنيث، وهو مصدر من المواترة أيضًا، والمصادر يلحقها ألف التأنيث في كثير من الكلام، نحو: «الذكرى والعدوى والدعوى والشورى» والأصل فيه في القراءتين «وترا» فالتاء بدل واو، كتاء تخمة وتجاه وتراث وتكاة، ونحوه. والاختيار ترك التنوين؛ لأن الجماعة عليه، وقد ذكرنا الإمالة فيه، وأن ورشا يقرأ بين اللفظين، وذكرنا علة ذلك كله). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/129]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {رُسُلَنَا تَتْرَىً} [آية/ 44] بالتنوين:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو، ووقفا بالألف.
والوجه أن ألف {تَتْرَىً} في هذه القراءة يجوز أن يكون للإلحاق نحو:
أرطى، على أن الألف في المصادر إنما تكون للتأنيث كالدعوى والذكرى والشورى، ولا تكاد تكون للإلحاق، فان {تَتْرَى} مصدر، فهو بمعنى المواترة.
ويجوز أن يكون الألف بدلًا من التنوين، وذلك لأنه منصوب، كما تقول رأيت زيدًا، والألف على هذا يكون في الخط ألفًا وليس بياء.
وقرأ الباقون {تَتْرَى} غير منون، ووصله كوقفه.
والوجه أن الألف فيه للتأنيث، فلا يدخله التنوين؛ لأنه لا ينصرف؛ لكون تأنيثه لازمًا؛ لأن الكلمة بنيت مع ألف التأنيث، والتاء الأولى من {تَتْرَى} منقلبة على الواو، كما قلبوها في نحو توراة، والأصل: وترى.
[الموضح: 895]
وأما الإمالة في ألف {تَتْرَى} فمن جعل الألف بدلًا من التنوين لم يملها، ومن جعلها للتأنيث أو للإلحاق جوَّز إمالتها). [الموضح: 896]

قوله تعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (45)}
قوله تعالى: {إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ (46)}
قوله تعالى: {فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (47)}
قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (48)}
قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (49)}
قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آَيَةً وَآَوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50)}

قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (13- وقوله [تعالى]: {إلى ربوة ذات قرار} [50].
قرأ عاصم، وابن عامر بفتح الراء.
والباقون بالضم. وقد ذكرت علة ذلك في (البقرة) وفيها سبع لغات قد ذكرتهن هناك. ومعنى {ذات قرار}، أي : إلى ربوة: منحني مرتفع، ذات قرار، أي: حول الربوة منبسط يجري فيها الماز المعين يكون مفعولاً من العيون، ويكون فعيلاً من الماعون. والمعنى: قال أبو عبيدة: تقول العرب: فلان في ربوة من أهله أي: في عز، ومنعه، وشرف). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/91]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ عاصم وابن عامر: إلى ربوة [المؤمنون/ 50] بفتح الراء.
وقرأ الباقون: (إلى ربوة) بضم الراء.
التّوزي: الرّبوة والرّباوة بمعنى. وقال أبو عبيدة: فلان في ربوة قومه، أي: في عزّهم وعددهم، وقال الحسن: الربوة: دمشق). [الحجة للقراء السبعة: 5/296]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين}
قرأ عاصم وابن عامر {إلى ربوة} بالفتح وقرأ الباقون بالرّفع وهما لغتان). [حجة القراءات: 488]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {إِلَى رَبْوَةٍ} [آية/ 50] بفتح الراء:
قرأها ابن عامر وعاصم.
وقرأ الباقون {رُبْوَةٍ} بضم الراء.
وقد سبق وجه ذلك في سورة البقرة). [الموضح: 896]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 12:00 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة المؤمنون

[من الآية (51) إلى الآية (56) ]
{يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51) وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53) فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54) أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ (56)}


قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51)}
قوله تعالى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وأنّ هذه أمّتكم (52)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب (وأنّ هذه) بفتح الألف وتشديد النون.
وقرأ الكسائي وعاصم وحمزة (وإنّ هذه أمّتكم) بكسر الألف وتشديد النون.
وقرأ ابن عامر (وأن هذه) بفتح الألف ساكنة النون.
قال أبو منصور: من قرأ (وإنّ هذه) بكسر الألف جعله مستأنفًا.
ومن قرأ بفتح الألف فالمعنى: ولأن هذه أمتكم، أي: لأن دينكم دين واحد، وهو الإسلام، أعلم الله أن قومًا جعلوا دينهم أديانًا فقال (فتقطّعوا أمرهم بينهم).
وأما قراءة ابن عامر (وأن هذه) بفتح الألف ساكنة النون فإنه خفف النون وأعملها، فجعل (هذه) في موضع النصب، وجائر أن يجعل (هذه) في موضع الرفع إذا خفف (أن).
[معاني القراءات وعللها: 2/191]
وقال الزجاج: من قرأ (وأن هذه أمتكم أمة واحدة) (أمتكم) رفع خبر هذه.
المعنى: وأنّ هذه أمتكم في حال اجتماعها على الحق، فإذا افترقت لم تكن على الحق.
قال: وقرئت (أمةٌ واحدةٌ) على أنه خبرٌ بعد خبرٍ، ومعناه: وأن هذه أمة واحدة ليست أممًا.
قال: ويجوز (أمّتكم) على معنى التوكيد، كأنه قال: "إنّ أمتكم كلّها أمة واحدة"
وقال الفراء: من نصب (أمة) فعلى القطع). [معاني القراءات وعللها: 2/192]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (14- وقوله تعالى: {وإن هذه أمتكم} [52].
قرأ عاصم، وحمزة، والكسائي {وإن} بالكسرة، جعلوه استئنافًا، وتمام الكلام {بما تعملون عليم} [51].
وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو {وأن} بالنصب على تقدير: بأن [الله] بما تعملون عليم. ولأن هذه، فـ «أن» اسم مع ما بعدها في موضع نصب، لما فقدت الخافض، وجر عند الكسائي، «وهذه» نصب «بأن». «وأمتكم»: خبر «إن»، «وأمة» بدل منها. «وواحدة»: نعت الأمة في من رفع. وهي قراءة الحسن، وقراءة ساير الناس. {أمة واحدة} بالنصب على الحال.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/91]
وقرأ ابن عامر {وأن هذه} بفتح الألف وتخفيف النون على تقدير. ولأن هذه أمتكم أو يكون مخففًا من مشدد). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/92]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله: وإن هذه أمتكم [المؤمنون/ 52] في فتح الألف وكسرها.
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: (وأنّ هذه) بفتح الألف وتشديد النون.
وقرأ ابن عامر: (وأن) بفتح الألف أيضا وتخفيف النون.
[الحجة للقراء السبعة: 5/296]
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: وإن هذه بكسر الألف وتشديد النون.
من قرأ: (وأنّ هذه) كان المعنى في قول الخليل وسيبويه أنه محمول على الجار، التقدير: ولأن هذه أمّتكم أمّة واحدة وأنا ربّكم فاتّقون، أي اعبدوني لهذا. ومثل ذلك عندهم قوله عزّ وجلّ: وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا [الجن/ 18] المعنى: ولأن المساجد لله. وكذلك عندهم قوله: لإيلاف قريش [قريش/ 1] كأنه: فليعبدوا ربّ هذا البيت لإيلاف قريش، أي: ليقابلوا هذه النعمة بالشكر والعبادة للمنعم عليهم بها، وعلى هذا التقدير يحمل قراءة ابن عامر، ألا ترى أن (أنّ) إذا خفّفت اقتضت ما يتعلّق به اقتضاءها وهي غير مخفّفة، والتخفيف حسن في هذا لأنه لا فعل بعدها ولا شيء ممّا لا يلي أن، فإذا كان كذلك كان تخفيفها حسنا، ولو كان بعدها فعل لم يحسن حتى تعوّض السين أو سوف أولا إذا كان في نفي، فإذا لم يكن بعدها فعل ساغ التخفيف، ومثل ذلك قوله تعالى: وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين [يونس/ 10].
ومن كسر فقال: (وإنّ هذه أمّتكم) لم يحملها على الفعل كما يحملها من فتح، ولكن جعلها كلاما مستأنفا، ويجوز أن يكون فيه تنبيه على الاعتداد بالنعمة كقول من فتح أنّ، فكان معنى: وأن هذه أمتكم أمة واحدة أي: أنتم أهل دعوة واحدة ونصرة، ولا تكونوا كالذين تفرّقوا واختلفوا، وقال: ولا تفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه [الشورى/ 13] من الاتفاق على التوحيد وخلع ما تدعون إليه من دونه). [الحجة للقراء السبعة: 5/297]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإن هذه أمتكم أمة واحدة}
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو {وإن هذه أمتكم} بفتح الألف وقرأ أهل الكوفة {وإن} بكسر الألف
وقرأ ابن عامر {وإن} بالخفيف وهي مخفّفة من {إن} فمن فتح كان المعنى في قول الخليل إنّه يحمل على الجار التّقدير لأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقوني لهذا ومثل ذلك عنده قوله {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله} أي لأن المساجد له فلا تدعوا مع الله أحدا وكذلك قوله {لإيلاف قريش} كأنّه قال فليعبدوا رب هذا البيت لإيلاف قريش
وقال قوم إنّها مردودة على ما وتقدير الكلام أي إنّي بما
[حجة القراءات: 488]
تعملون عليم وبأن هذه أمتكم ومن كسر جعل {إن} استئنافا وابتداءا خبر من الله جلّ وعزلا). [حجة القراءات: 489]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (11- قوله: {وإن هذه أمتكم} قرأه الكوفيون بكسر الهمزة على الابتداء والاستئناف والقطع مما قبله، وقرأ الباقون بالفتح، على تقدير حذف اللام، أي ولأن هذه أمتكم. فـ «أن» في موضع نصب لحذف الخافض، أو في موضع خفض على إعمال الخافض، لكثرة حذفه مع «أن» خاصة، وخفف النون ابن عامر وحده، على إرادة التشديد، ويرتفع ما بعدها إذا خففت على الابتداء، لنقص لفظهان ويجوز إعمالها مخففة، كما أعملوا الفعل مع نقصه في «لم يك زيد منطلقًا» والاختيار فتح الهمزة، وتشديد النون؛ لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/129]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {وَأَنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ} [آية/ 52] بفتح الألف وتشديد النون:
قرأها ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب.
والوجه أنه على إضمار حرف جارٍّ، والتقدير: ولأن هذه أمتكم أمةَ واحدةً وأنا ربكم فاتقون، أي: اتقون لهذا.
وقال الزجاج: هو معطوف على قوله {بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}، كأنه قال: عليم بما تعملون وبأن هذه أمتكم أمةً واحدةً.
وقرأ ابن عامر {أَنْ هَذِهِ} بفتح الألف وإسكان النون.
والوجه أن {أَنْ} مخففة من الثقيلة، وهي إذا خففت اقتضت ما تتعلق به، كما تقتضي إذا لم تُخفف، وقوله {هَذِهِ} في موضع نصب؛ لأنها اسم
[الموضح: 896]
{أَنْ} المخففة، وما بعده جملةٌ هي الخبر.
ويجوز أن يكون موضع {هَذِهِ} رفعًا على أن تكون مع ما بعدها جملة في موضع الخبر، واسم {أَنْ} مضمر، وهو الأمر أو الشأن، والتقدير وأن الأمر أو الشأن هذه أمتكم، وتعلق {أَنْ} بما يتصل به على ما قدمناه من الوجهين.
وقرأ الكوفيون {وَإِنَّ هَذِهِ} بكسر الألف وتشديد النون.
والوجه أنه غير محمول على متقدم ولا متأخر، ولكنه كلام مستأنف). [الموضح: 897]

قوله تعالى: {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (11- وقوله تعالى: {زبرًا كل حزب} [53].
قرأ ابن عامر وحده {زيرًا} جمع زبرة، وهي القطعة من الحديد وغيره. وقرأ الباقون (زبرًا). وقد ذكرت علته في (النساء) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/90]

قوله تعالى: {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54)}
قوله تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55)}
قوله تعالى: {نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ (56)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (12- وقوله تعالى: {نسارع لهم في الخيرت} [56].
روى أبو عمرو عن الكسائي (نسارع) بالإمالة من أجل كسرة التاء.
وقرأ الباقون مفخمًا.
وفيها قراءة ثالثة، حدثني أحمد عن على عن أبي عبيد أن عبد الرحمن بن أبي بكرة قرأ {يسارع لهم}. ومعنى هذه القراءة أي: يسارع لهم إمدادنا
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/90]
إياهم بالمال، والبنين. يقال: أمددته بالخير، ومددته في الشر، كقوله تعالى: {ويمدهم في طغيانهم يعمهون} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/91]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحر النحوي: [نُسْرِعُ لَهُمْ]، وقرأ عبد الرحمن بن أبي بكرة: [يُسَارِعُ لهم]، وروي عنه أيضا: [يُسَارَعُ لهم] بفتح الراء، والذي قبله بكسر الراء وقراءة الناس: {نُسَارِعُ} بالنون والألف.
[المحتسب: 2/94]
قال أبو الفتح: هنا على قراءة الكافة إلا عبد الرحمن ضمير محذوف، أي: أيحسبون أن ما نمدهم به من مال وبنين نُسارِع لهم به في الخيرات، أو نُسْرع لهم به، أو يُسارَعُ لهم به في الخيرات؟ فحذفت "به" للعلم بها، كما حذف الضمير في قولهم: السمن مَنَوَان بدرهم، أي: منوان منه بدرهم، فكأن "به" المتقدمة في الصلة من قوله: {نُمِدُّهُمْ بِهِ} صارت عوضا من اللفظ بها ثانية. ومعناه أنا لا نقدمه لهم إرادة للخير، بل هو إملاء واستدراج لهم كقوله جل وعز: {وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ}، إلى آخر ذلك وغيره من الآي في معناه.
وأما قراءة عبد الرحمن بن أبي بكرة [يُسَارِعُ] بكسر الراء، وبالياء فلا حاجة به إلى تقدير حذف الضمير؛ لأن في الفعل ضميرا يعود على "ما" من قوله: {أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ} ). [المحتسب: 2/95]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 12:01 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة المؤمنون

[من الآية (57) إلى الآية (61) ]
{إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)}


قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57)}
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58)}
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59)}
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60)}

قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة وابن عباس وقتادة والأعمش: [يَأتُونَ مَا أَتَوْا] قصرا.
قال أبو الفتح: قال أبو حاتم -فيما روينا عنه- يأتون ما أتوا، قصرا، أي: يعملون العمل وهم يخالفونه ويخافون لقاء الله ومقام الله، قال: ومعنى قوله: {يُؤْتُونَ مَا آتَوْا} يعطون الشيء فيشفقون ألا يقبل منهم. وحُكي عن إسماعيل بن خلف قال: دخلت مع عبيد الله بن عمير الليثي على عائشة رضي الله عنه، فرحبت به، فقال لها: جئتك لأسالك عن آية في القرآن. قالت: أي آية هي؟ فقال: [الَّذِينَ يَأتُونَ مَا أَتَوْا]، أو {يُؤْتُونَ مَا آتَوْا} ؟ فقالت: أيتهما أحب إليك؟ قال: فقلت: لأن تكون [يَأتُونَ مَا أَتَوْا] أحب إلي من الدنيا جميعا، فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [يأتون ما أتوا] ولكن الهجاءَ حُرّف). [المحتسب: 2/95]

قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحر: [أُولَئِكَ يُسْرِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ]، أي يكونون سراعا.
قال أبو الفتح: يقال سُرع إلى الشيء وأسرع إليه، وقوله: [يُسْرِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ]، أي: يكونون سراعا إليها وفي عملها. وأما {يُسَارِعُون} فيسابقون، فمفعوله إذًا محذوف، أي يُسارِعُون مَنْ يُسَارِعُهم إليها، كقولك: يُسابِقُون إليها وفيها، أي يُسابِقُون مَنْ يُسابِقُهم إليها). [المحتسب: 2/96]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 12:04 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة المؤمنون

[من الآية (62) إلى الآية (70) ]
{وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (62) بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ (63) حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ (64) لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ (65) قَدْ كَانَتْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (67) أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (68) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (69) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (70)}


قوله تعالى: {وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (62)}
قوله تعالى: {بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ (63)}
قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ (64)}
قوله تعالى: {لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ (65)}
قوله تعالى: {قَدْ كَانَتْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66)}
قوله تعالى: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (67)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (سامرًا تهجرون (67)
قرأ نافع وحده (تهجرون) وقرأ الباقون (تهجرون) بفتح التاء وضم الجيم.
قال أبو منصور: من قرأ (تهجرون) فالمعنى: إنكم إذا سمرتم هجرتم النبي - صلى الله عليه وسلم - والقرآن، من الهجران.
وجائز أن يكون معنى (تهجرون): تهذرون، من قولك: هجر الرجل في منامه إذا هذى، والمعنى: أنكم تقولون فيه ما ليس فيه، وما لا يضره، فهو كالهذيان.
ومن قرأ (تهجرون) فمعناه: تفحشون، من أهجرت.
والاسم: الهجر، وكانوا يسبّون النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خلوا حول البيت ليلاً، حدثنا الحسين عن عثمان عن
[معاني القراءات وعللها: 2/192]
عفان قال: حدثنا عبد الوارث قال: حدثنا حميد الأعرج عن مجاهد عن ابن عباس قال: كان يقرأ (سامرًا تهجرون) يقول: الهجر في القول). [معاني القراءات وعللها: 2/193]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (15- وقوله تعالى: {سامرا تهجرون} [67].
قرأ نافع (تهجرون) بالضم من أهجر إهجارًا: إذا أهذي. يقال أهجر المريض: إذا تكلم بما لا يفهم.
وكان الكفار إذا سمعوا قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلموا بالفحش، وهذوا وسبوا. فقال الله جل وعز: {مستكبرين به} أي: بالقرآن. وقيل: بالبيت العتي، سامرًا وجمعه: سمار، وهم الذين يتحدثون بالليل في السمر. والسمر: ظل القمر، يقال: الفخت، والدارة حول القمر: الهالة والساهور: غلاف القمر. وقد قرئ {مستكبرين به سامرا تهجرون} و{سمرا تهجرون} فمن قرأ سمرا جعله جمع سامر مثل غائب، وغيب.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/92]
وقد جعل بعضهم الإهجار ها هنا: الترك.
وقرأ الباقون {تهجرون} من الهجران. يقال هجر فلان فلانا: إذا صرمه، وهجر بلاده: إذا خرج منها وتركها، فشبه الله تعالى من ترك القرآن والعمل به كالمهاجر لرشده). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/93]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ نافع وحده: (تهجرون) [المؤمنون/ 67] بضم التاء وكسر الجيم. وقرأ الباقون: تهجرون بفتح التاء وضمّ الجيم.
من قرأ: تهجرون فالمعنى: أنكم كنتم تهجرون آياتي وما يتلى عليكم من كتابي فلا تنقادون له وتكذبون به، كقوله: قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون مستكبرين [المؤمنون/ 66 - 67] بالبيت والحرم لأمنكم فيه مع خوف سائر الناس في مواطنهم، وقال: أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم [العنكبوت/ 67] و (تهجرون) تأتون بالهجر، وهو الهذيان وما لا خير فيه من الكلام،
وفي الحديث في زيارة القبور: «زورها ولا تقولوا هجرا»). [الحجة للقراء السبعة: 5/298]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن مسعود وابن عباس وعكرمة: [سُمَّرًا يُهَجِّرُونَ].
وروي عن ابن محيص: [سُمَّرًا يُهْجِرُونَ].
قال أبو الفتح: السمَّرُ جمع سامِر، والسامِرُ: القوم يَسْمُرُون، أي: يتحدثون ليلا.
قال ذو الرمة:
وكَمْ عَرَّسَتْ بَعْدَ السُّرَى مِنْ مُعَرَّسٍ ... بِهِ مِنْ عَزِيفِ الجنِّ أصواتُ سَامِرِ
وروينا عن قطرب أن السامر قد يكون واحدا وجماعة وأما [يُهْجَرُون]، بسكون الهاء، وضم الياء فتفسيره: يفحشون القول، يقال: هَجَرَ الرجلُ في منطقِهِ، إذا هذى، وأهْجَرَ: أفحش. قال الشماخ:
[المحتسب: 2/96]
كَمَا جِدَةِ الأعْرافِ قالَ ابنُ ضَرَّةٍ ... عَلَيْها كَلَامًا جَارَ فيهِ وأهْجَرًا
وقال الحسن في {تَهْجُرُونَ} أي: تهجرون كتابي ونبيي. وأما [تُهْجِّرُونَ] فينبغي والله أعلم أن يكون تكثرون من الهجر، وهو الهذيان، أو هجر النبي صلى الله عليه وسلم وكتاب الله، أو تكثرون من الإهجار، وهو إفحاش القول؛ لأن فَعَّلَ تأتي للتكثير.
وروينا عن أبي حاتم قال: قرأ [سُمَّارًا] أبو رجاء، فهذا ككاتِب وكُتّاب، وشارب وشُرّاب. ولو ذهب ذاهب إلى أن معنى [تُهْجِّرُونَ]، أي تكثرون من الهذيان حتى تكونوا -وأنتم في سواد الليل لقلة احتشامكم لظهور ذاك عليكم- كأنكم مهجّرون، أي: مبادون به غير مسايرين له، كالذي يهجّر في مسيره، أي: يسير في الهاجرة، فهذا كقولك لصاحبك: أنت مساترا معلن، وأنت محسنا مسيءٌ، أي: أنت في حال مساترتك معلن، وأنت في حال إحسانك عندي مسيء- لكان وجها). [المحتسب: 2/97]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({مستكبرين به سامرا تهجرون} 68
قرأ نافع {سامرا تهجرون} بضم التّاء وكسر الجيم من أهجر يهجر إذا هذى فمعنى تهجرون أي تهذون وقالوا أهجر المريض إذا تكلم بما لا يفهم فكان الكفّار إذا سمعوا قراءة رسول الله صلى الله عليه تكلموا بالفحش وسبوا النّبي صلى الله عليه فقال جلّ وعز {مستكبرين به} أي بالقرآن أي يحدث لكم بتلاوته عليكم استكبارا {سامرا تهجرون} قال ابن عبّاس تأتون بالهجر والهذيان وما لا خير فيه وفي الحديث في زيارة القبور
زوروها ولا تقولوا هجرا ويجوز أن تكون الهاء للبيت العتيق سامر وجمعه سمار وهم الّذين يتحدثون باللّيل في السمر والسمر ظلّ القمر
وقرأ الباقون بفتح التّاء المعنى أنكم تهجرون النّبي صلى الله عليه وآياتي وما يتلى عليكم من كتابي فشبه الله تعالى من ترك القرآن والعمل به كالهاجر لرشده). [حجة القراءات: 489]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (12- قوله: {تهجرون} قرأه نافع بضم التاء، وكسر الجيم، وقرأ الباقون بفتح التاء، وضم الجيم.
وحجة من ضم الجيم أنه جعله من الهجر، وهو الهذيان وما لا خير فيه من الكلام.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/129]
13- وحجة من فتح التاء أنه جعله من الهجر، أي: تهجرون آيات الله، فلا تؤمنون بها). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/130]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (12- {سَامِرًا تُهْجِرُونَ} [آية/ 67] بضم التاء وكسر الجيم:
قرأها نافع وحده.
والوجه أنه من الهُجْرِ بضم الهاء، وهو الكلام الذي لا خير فيه، يقال: أهجر، إذا أتى بالهُجر، والمعنى: تأتون بالهذيان وبما لا طائل فيه من الكلام.
وقرأ الباقون {تَهْجُرُونَ} بفتح التاء وضم الجيم.
والوجه أن المراد أنكم كنتم تهجرون آياتي وما يتلى عليكم من القرآن، فتُعرِضون عن سماعها والإيمان بها، وهو من الهَجر بفتح الهاء وهو القطيعة.
ويجوز أن يكون من الهُجر أيضًا، فقد يقال: هَجر في مرضه إذا هذى يهجُر). [الموضح: 897]

قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (68)}
قوله تعالى: {أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (69)}
قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (70)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 12:06 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة المؤمنون

[من الآية (71) إلى الآية (77) ]
{وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (71) أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (72) وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (73) وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ (74) وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (75) وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (76) حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (77)}


قوله تعالى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (71)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة يحيى: [وَلَوُ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ]، بضم الواو.
قال: الضم في هذه الواو قليل، وإنما بابها الكسر كقراءة الجماعة، غير أن من ضمها شبهها -لسكونها وانفتاح ما قبلها- بواو الجمع، كقول الله تعالى: {اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ}، كما شبه بعضهم واو الجمع هذه بها فقرأ: [اشْتَرَوِا الضَّلالَةَ]، ومثل ضم هذه الواو ضم واو قوله:.....
[المحتسب: 2/97]
وقرأ بعضهم: [اشْتَرَوَا الضَّلالَةَ] بفتح الواو، كل ذلك لالتقاء الساكنين. فمن كسر فعلى أصل حركة التقاء الساكنين، ومن ضم فلأجل واو الجمع. ومن فتح تبلَّغ بالفتحة لخفتها). [المحتسب: 2/98]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة قتادة: [بَلْ أَتَيْنَاهُمْ نُذَكِّرهم]، [بل أَتيتَهم بِذِكْرِهِمْ]، و[بل أَتيتُهم بذِكْرِهِمْ]، بكلٍّ قد قرئ، وذلك أنه إذا أتاهم بذكرهم فإنه قد ذكرهم به، فالمعنى إذًا واحد). [المحتسب: 2/98]

قوله تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (72)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (16- وقوله تعالى: {فخراج ربك خير} [72]
قرأ ابن عامر، {خرجا فخراج ربك}.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم: {خرجا فخراج ربك}.
وقرأ حمزة والكسائي (خارجا * فخراج ربك) وقد ذكرت علته في (الكهف) وهي الأتاوة التي يأخذها السلطان من بعض الرعية). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/93]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ ابن عامر (خرجا فخرج ربك) [المؤمنون/ 72] بغير ألف في الحرفين.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم: خرجا بغير ألف فخراج ربك بألف.
وقرأ حمزة والكسائي (خراجا، فخراج ربّك) في الحرفين جميعا بألف.
أبو عبيدة: العبد يؤدّي إليك خرجه، أي: غلّته، والرعيّة تؤدّي إلى الأمير الخرج، قال: والخرج أيضا من السحاب، ومنه نرى اشتقّ
[الحجة للقراء السبعة: 5/298]
هذا أجمع، قال أبو ذؤيب:
إذا همّ بالإقلاع هبّت له الصّبا... وأعقب نوء بعدها وخروج
قال: وزعم أبو عمرو الهذلي أنه سمّي خرجا وخروجا للماء الذي يخرج منه.
وفيما حكاه أبو عبيدة من قوله: الرعية تؤدّي إلى الأمراء الخرج، دلالة على من قرأ: (خرجا فخرج ربّك) فكأن الخرج يقع على الضريبة التي على الأرضين وعلى الجزية.
وحكى غير أبي عبيدة: أدّ خرج رأسك، والخرج: ما يخرج إلى من يخرج ذلك إليه وإن لم يكن ذلك ضريبة، ويدلّ على ذلك قراءة من قرأ: فهل نجعل لك خرجا [الكهف/ 94]، وقد يقع على هذا الخراج بدلالة قول العجاج:
يوم خراج يخرج السّمرّجا فهذا ليس على الضريبة، والاسم الأخص بالضريبة المضروبة
[الحجة للقراء السبعة: 5/299]
على الأرضين الخراج، قال:
طرمحوا الدّور بالخراج فأضحت مثل ما امتدّ من عماية نيق فمعنى هذا: بأموال الخراج، وإذا كان كذلك فقول ابن كثير ومن تبعه: خرجا فخراج ربك خير معناه: أنك لا تسألهم شيئا يخرجون إليك، كما قال: قل ما أسألكم عليه من أجر [الفرقان/ 57] وما نسألهم عليه من أجر [يوسف/ 104] فخراج ربك كأنه إضافة إلى الله تعالى، لأنه أوجبه وألزمه هذه الأشياء من الحقوق في الأرضين وجزى الرءوس، فلهذا قال: فخراج ربك خير. وقول حمزة والكسائي: (خراجا فخراج ربك) فقولهما:
فخراج ربك بيّن على ما تقدم، و (خراج) الذي قرأه غيرهما:
خرجا قد جاء فيه الخراج أيضا، بدلالة قول العجاج، وزعموا أن أكثر القراءة: خرجا، فخراج ربك قال أبو الحسن: لا أدري أيهما أكثر في كلام العرب). [الحجة للقراء السبعة: 5/300]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير} 72
قرأ حمزة والكسائيّ (أم تسألهم خراجا فخراج ربك) جميعًا بالألف وقرأ ابن عامر جميعًا بغير ألف
[حجة القراءات: 489]
وقرأ الباقون {أم تسألهم خرجا} بغير ألف {فخراج} بالألف
قال السّديّ (أم تسألهم خراجا) أي رزقا {فخراج ربك خير} أي رزق ربك خير قال ومن قرأ {خرجا} أراد جعلا وقال آخرون الخرج الجعل والخراج العطاء وقال آخرون الخرج والخراج بمعنى واحد). [حجة القراءات: 490]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (14- قوله: {خرجا فخراج} قرأها حمزة والكسائي بألف بعد الراء فيهما، وقرأ ابن عامر بغير ألف فيهما.
وقرأ الباقون الألف بغير ألف والثاني بألف، وقد مضى الكلام على ذلك في آخر الكهف). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/130]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (13- {خَرْجًا فَخَرْجُ رَبِّكَ} [آية/ 72] بغير ألف فيهما:
قرأهما ابن عامر وحده.
[الموضح: 897]
والوجه أن الخرج هو الأجر والجعل.
وعن أبي عبيدة: الخرج ما يؤديه العبد من الغلة، وما يؤديه الرعية إلى الأمير، الخرج والخراج أيضًا.
وعلى هذا قالوا: إن الخرج يقع على الضريبة التي تكون على الأرضين وعلى الجزية.
وقيل: الخرج ما تخرجه إلى غيرك وإن لم يكن ضريبة، والمعنى: أم تسألهم شيئًا يخرجونه إليك من مالهم فما نجعله لك من الرزق، وقيل من الثواب، خير لك.
وقرأ حمزة والكسائي {خَرَاجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ} بالألف فيهما.
والوجه أنه في معنى الأول وهو الأجر أو الجعل وما يجعل من المال للغير، على أن الخراج لما يضرب على الأرضين أكثر. قال الشاعر:
103- طرمحوا الدور بالخراج فأضحت = مثل ما امتد من عماية نيق
والمعنى بأموال الخراج، وطرمحوا: رفعوا.
وقرأ الباقون {خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ} بغير الألف في الأول، وبالألف في الثاني.
والوجه أنه لما كانت اللغتان لمعنىً واحدٍ، أراد هؤلاء الأخذ باللغتين). [الموضح: 898]

قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (73)}
قوله تعالى: {وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ (74)}
قوله تعالى: {وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (75)}
قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (76)}
قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (77)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 12:34 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة المؤمنون

[من الآية (78) إلى الآية (83) ]
{ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (78) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (79) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (80) بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ (81) قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (83)}


قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (78)}
قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (79)}
قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (80)}
قوله تعالى: {بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ (81)}
قوله تعالى: {قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82)}
قوله تعالى: {لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (83)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 12:37 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة المؤمنون

[من الآية (84) إلى الآية (92) ]
{قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (92) }


قوله تعالى: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84)}
قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (سيقولون للّه (85)، 87، 89)
قرأ أبو عمرو ويعقوب الأول (سيقولون للّه)، والثاني والثالث (سيقولون اللّه) (اللّه).
وقرأ الباقون (للّه) (للّه) (للّه).
قال أبو منصور: أما الأولى فلم يختلف القراء فيها؛ لأن جواب الاستفهام في (لمن الأرض؟) (للّه) فرجعت في خبر المستفهم باللام أيضًا.
وأما الأخريان فإنّ أبا عمرو جعل خبر المستفهم (اللّه) (اللّه)، لأنه لا لام في قوله (قل من ربّ السّماوات)، وهذا الذي اختاره أبو عمرو في العربية أبين: لأنه مردود مرفوع، فجرى جوابه على مبتدأ به، وأما من قرأ الثانية والثالثة باللام فعلّته أن الجواب خرج على المعنى لا على اللفظ.
ألا ترى أنك لو قلت لرجل: من مولاك؟.
فقال: أنا لفلان. كفاك من أن يقول: مولاي فلان " فلما كان المعنيان واحد جرى ذلك في كلامهم، وقد جاء في الشعر مثله، أنشد الفراء لبعض العامريين:
وأعلم أنني سأكون رمسًا... إذا سار النواجع لا أسير
فقال السائلون لمن حفرتم... فقال المخبرون لهم وزير
[معاني القراءات وعللها: 2/194]
كان وجه الكلام أن يقول فقال المخبرون لهم: لوزير.
فرفعه، وأراد: الميت وزيرٌ.
النواجع: الذين يخرجون إلى البادية من المرتع). [معاني القراءات وعللها: 2/195] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {سيقولون لله} [85، 87، 89]
قرأ أبو عمرو وحده (سيقولون الله) بألف في الحرفين الأخيرين، وكذلك في مصاحف أهل البصرة. وذلك أن القائل إذا قال لمن هذه الضيعة. جاز أن تقول: لفلان، أو صاحبها فلان، أنشدني ابن مجاهد:
وأعلم أني سأكون رمسا = إذا سار النواجع لا يسير
فقال السائلون لمن حفرتم = فقال المخبرون لهم وزير
فهذا حجة أبي عمرو.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/93]
وقرأ الباقون: {الله}، {لله}، {لله} ثلاثها، واحتجوا بمصحف عثمان الذي يقال: إنه (الإمام) كذلك كتبت فيه، وكذلك مصاحف أهل الحجاز والكوفة، والأمر فيهما واحد، وهما صوابان ولله الحمد). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/94] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عزّ وجلّ: سيقولون لله [المؤمنون/ 85، 87، 89] في الآيتين. ولم يختلفوا في الأول، فقرأ أبو عمرو وحده: (سيقولون الله) بألف في الحرفين. وقرأ الباقون: (لله... لله... لله) هذه الثلاثة المواضع.
أوّلها: قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون، سيقولون لله
[الحجة للقراء السبعة: 5/300]
[المؤمنون/ 84 - 85] لا اختلاف فيها. الثاني: قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم، سيقولون لله [المؤمنون/ 86 - 87] و (سيقولون الله). والثالث: قل من بيده ملكوت كل شيء [المؤمنون/ 88] إلى آخرها سيقولون لله و (سيقولون الله) [المؤمنون/ 89].
أبو عمرو وحده يقول فيهما: (الله) والباقون: (لله) ولم يختلفوا في الأول، أما الآية الأولى فجوابها على القياس، كما يقال: لمن الدار؟ فنقول: لزيد، كأنك تقول: لزيد الدار، فاستغنيت عن ذكرها لتقدمها.
قرأ أبو عمرو وحده: (سيقولون الله) في الحرفين.
وقرأ الباقون: (لله... لله)، وأمّا قوله: قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم فجواب هذا: الله، على ما يوجبه اللفظ، وأما من قال: لله فعلى المعنى، وذلك أنه إذا قال: من مالك هذه الدار؟ فقال في جوابه: لزيد، فقد أجابه على المعنى دون ما يقتضيه اللفظ، والذي يقتضيه: من مالك هذه الدار؟ أن يقال في جوابه: زيد، ونحوه، فإذا قال: لزيد، فقد حمله على المعنى، وإنما استقام هذا لأن معنى من مالك هذه الدار؟ ولمن هذه الدار؟ واحد، فلذلك حملت تارة على اللفظ وتارة على المعنى، والجواب على اللفظ هو الوجه). [الحجة للقراء السبعة: 5/301] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (15- قوله: {سيقولون لله} في الثاني والثالث قرأهما أبو عمرو «الله» بالألف، والرفع في الثاني والثالث، وقرأهما الباقون {لله} بلام من غير ألف مخفوضًا، وكلهم قرأ الأول {لله} بغير ألف مخفوضًا.
وحجة من قرأ بالألف أنه أتى بالجواب على ظاهر السؤال؛ لأنك إذا قلت: من رب الدار، فالجواب: فلان، وليس جوابه على ظاهره أن تقول: لفلان فقوله: {من رب السماوات} {قل من بيده ملكوت كل شيء} «88» جوابه على ظاهر السؤال الله، فهو خير من الشيء في السؤال.
16- وحجة من قرأ بغير ألف أنه حمل الجواب، على معنى الكلام دون ظاهر لفظه، لأنك إذا قلت: من رب الدار، فمعناه: لمن الدار، فالجواب في قولك: لمن الدار، لفلان، كذلك لما قالك من رب السماوات، كان معناه: لمن السماوات، ولما قال: قل من بيده ملكوت كل شيء، كان معناه: لمن ملكوت كل شيء، فالجواب في هذا لله، فحمل الجواب على معنى الكلام دون ظاهر لفظه، وهو الاختيار؛ لأن الجماعة عليه وكذلك هي بغير ألف في جميع المصاحف إلا في مصاحف أهل البصرة، فإن الثاني والثالث فيهما بالألف على قراءة
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/130]
أبي عمرو). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/131]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} [آية/ 85] بغير ألف في الأولى، و{اللهُ} [آية/ 87]، {اللهُ} [آية/ 89] بالألف في الأخريين:
قرأها أبو عمرو ويعقوب.
والوجه في الأجوبة جاءت في هذه القراءة على ما يقتضيه اللفظ؛ لأن قوله {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} فجوابه {لِلَّهِ}؛ لأنه جواب لمن، كما يقال لمن الدار؟ فنقول: لزيد، أي الدار لزيدٍ.
فأما قوله: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} فإن جوابه {اللهُ} كما يقال: مَنْ صاحب الدار؟ فتقول: زيدٌ، أي صاحبها زيدٌ.
وأما قوله {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، فإن جوابه {اللهُ} أيضًا، كما يقال: من بيده الدار؟ فتقول: زيدٌ، كأنك قلت: الذي بيده الدار زيدٌ، فهذا كله مستقيمٌ.
وقرأ الباقون {لِلَّهِ} في الثلاثة بغير ألف.
والوجه أن الأول على ما يقتضيه اللفظ كما سبق.
وأما الأخريان فإنهما محمولتان على المعنى؛ لأن قولك: من مالك هذه الدار؟ ولمن هذه الدار؟ سواء في المعنى، فيجوز أن يجاب عن كل واحدٍ
[الموضح: 899]
منهما بجواب الآخر فيجوز في جواب: من مالك هذه الدار؟ أن يقال لزيدٍ، أي هي لزيدٍ، كما يجوز في جواب: لمن هذه الدار؟ أن يقال زيدٌ، أي مالكها زيد، فكذلك الأخريان تحملان على المعنى). [الموضح: 900]

قوله تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86)}
قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (سيقولون للّه (85)، 87، 89)
قرأ أبو عمرو ويعقوب الأول (سيقولون للّه)، والثاني والثالث (سيقولون اللّه) (اللّه).
وقرأ الباقون (للّه) (للّه) (للّه).
قال أبو منصور: أما الأولى فلم يختلف القراء فيها؛ لأن جواب الاستفهام في (لمن الأرض؟) (للّه) فرجعت في خبر المستفهم باللام أيضًا.
وأما الأخريان فإنّ أبا عمرو جعل خبر المستفهم (اللّه) (اللّه)، لأنه لا لام في قوله (قل من ربّ السّماوات)، وهذا الذي اختاره أبو عمرو في العربية أبين: لأنه مردود مرفوع، فجرى جوابه على مبتدأ به، وأما من قرأ الثانية والثالثة باللام فعلّته أن الجواب خرج على المعنى لا على اللفظ.
ألا ترى أنك لو قلت لرجل: من مولاك؟.
فقال: أنا لفلان. كفاك من أن يقول: مولاي فلان " فلما كان المعنيان واحد جرى ذلك في كلامهم، وقد جاء في الشعر مثله، أنشد الفراء لبعض العامريين:
وأعلم أنني سأكون رمسًا... إذا سار النواجع لا أسير
فقال السائلون لمن حفرتم... فقال المخبرون لهم وزير
[معاني القراءات وعللها: 2/194]
كان وجه الكلام أن يقول فقال المخبرون لهم: لوزير.
فرفعه، وأراد: الميت وزيرٌ.
النواجع: الذين يخرجون إلى البادية من المرتع). [معاني القراءات وعللها: 2/195] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {سيقولون لله} [85، 87، 89]
قرأ أبو عمرو وحده (سيقولون الله) بألف في الحرفين الأخيرين، وكذلك في مصاحف أهل البصرة. وذلك أن القائل إذا قال لمن هذه الضيعة. جاز أن تقول: لفلان، أو صاحبها فلان، أنشدني ابن مجاهد:
وأعلم أني سأكون رمسا = إذا سار النواجع لا يسير
فقال السائلون لمن حفرتم = فقال المخبرون لهم وزير
فهذا حجة أبي عمرو.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/93]
وقرأ الباقون: {الله}، {لله}، {لله} ثلاثها، واحتجوا بمصحف عثمان الذي يقال: إنه (الإمام) كذلك كتبت فيه، وكذلك مصاحف أهل الحجاز والكوفة، والأمر فيهما واحد، وهما صوابان ولله الحمد). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/94] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عزّ وجلّ: سيقولون لله [المؤمنون/ 85، 87، 89] في الآيتين. ولم يختلفوا في الأول، فقرأ أبو عمرو وحده: (سيقولون الله) بألف في الحرفين. وقرأ الباقون: (لله... لله... لله) هذه الثلاثة المواضع.
أوّلها: قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون، سيقولون لله
[الحجة للقراء السبعة: 5/300]
[المؤمنون/ 84 - 85] لا اختلاف فيها. الثاني: قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم، سيقولون لله [المؤمنون/ 86 - 87] و (سيقولون الله). والثالث: قل من بيده ملكوت كل شيء [المؤمنون/ 88] إلى آخرها سيقولون لله و (سيقولون الله) [المؤمنون/ 89].
أبو عمرو وحده يقول فيهما: (الله) والباقون: (لله) ولم يختلفوا في الأول، أما الآية الأولى فجوابها على القياس، كما يقال: لمن الدار؟ فنقول: لزيد، كأنك تقول: لزيد الدار، فاستغنيت عن ذكرها لتقدمها.
قرأ أبو عمرو وحده: (سيقولون الله) في الحرفين.
وقرأ الباقون: (لله... لله)، وأمّا قوله: قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم فجواب هذا: الله، على ما يوجبه اللفظ، وأما من قال: لله فعلى المعنى، وذلك أنه إذا قال: من مالك هذه الدار؟ فقال في جوابه: لزيد، فقد أجابه على المعنى دون ما يقتضيه اللفظ، والذي يقتضيه: من مالك هذه الدار؟ أن يقال في جوابه: زيد، ونحوه، فإذا قال: لزيد، فقد حمله على المعنى، وإنما استقام هذا لأن معنى من مالك هذه الدار؟ ولمن هذه الدار؟ واحد، فلذلك حملت تارة على اللفظ وتارة على المعنى، والجواب على اللفظ هو الوجه). [الحجة للقراء السبعة: 5/301] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({سيقولون لله} 87 و89
قرأ أبو عمرو (سيقولون الله) (سيقولون الله) بالألف فيهما ولم يختلفوا في الأولى
وقرأ الباقون {لله} {لله}
من قرأ (سيقولون الله) فهو على جواب السّؤال إذ قال قبلها {من رب السّماوات السّبع} 86 فالجواب {الله} وأما من قال {لله} فعلى المعنى وذلك أنه إذا قال من مالك هذه الدّار فقال في جوابه لزيد فقد أجابه على المعنى دون ما يقتضيه اللّفظ والّذي يقتضيه من مالك هذه الدّار أن يقال في جوابه زيد وإذا قال لزيد فقد حمله على المعنى وإنّما استقام هذا لأن معنى من مالك هذه الدّار ولمن هذه الدّار واحد فلذلك حملت تارة على اللّفظ وتارة على المعنى والجواب على اللّفظ
[حجة القراءات: 490]
هو الوجه لأنّك إذا قلت من صاحب هذه الدّار فأجبت زيد لكان جوابا على لفظ السّؤال ولو قلت في جواب من صاحب هذه الدّار لزيد لجاز لأن معنى من صاحب هذه الدّار معنى لمن هذه الدّار). [حجة القراءات: 491] (م)

قوله تعالى: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88)}
قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (سيقولون للّه (85)، 87، 89)
قرأ أبو عمرو ويعقوب الأول (سيقولون للّه)، والثاني والثالث (سيقولون اللّه) (اللّه).
وقرأ الباقون (للّه) (للّه) (للّه).
قال أبو منصور: أما الأولى فلم يختلف القراء فيها؛ لأن جواب الاستفهام في (لمن الأرض؟) (للّه) فرجعت في خبر المستفهم باللام أيضًا.
وأما الأخريان فإنّ أبا عمرو جعل خبر المستفهم (اللّه) (اللّه)، لأنه لا لام في قوله (قل من ربّ السّماوات)، وهذا الذي اختاره أبو عمرو في العربية أبين: لأنه مردود مرفوع، فجرى جوابه على مبتدأ به، وأما من قرأ الثانية والثالثة باللام فعلّته أن الجواب خرج على المعنى لا على اللفظ.
ألا ترى أنك لو قلت لرجل: من مولاك؟.
فقال: أنا لفلان. كفاك من أن يقول: مولاي فلان " فلما كان المعنيان واحد جرى ذلك في كلامهم، وقد جاء في الشعر مثله، أنشد الفراء لبعض العامريين:
وأعلم أنني سأكون رمسًا... إذا سار النواجع لا أسير
فقال السائلون لمن حفرتم... فقال المخبرون لهم وزير
[معاني القراءات وعللها: 2/194]
كان وجه الكلام أن يقول فقال المخبرون لهم: لوزير.
فرفعه، وأراد: الميت وزيرٌ.
النواجع: الذين يخرجون إلى البادية من المرتع). [معاني القراءات وعللها: 2/195] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {سيقولون لله} [85، 87، 89]
قرأ أبو عمرو وحده (سيقولون الله) بألف في الحرفين الأخيرين، وكذلك في مصاحف أهل البصرة. وذلك أن القائل إذا قال لمن هذه الضيعة. جاز أن تقول: لفلان، أو صاحبها فلان، أنشدني ابن مجاهد:
وأعلم أني سأكون رمسا = إذا سار النواجع لا يسير
فقال السائلون لمن حفرتم = فقال المخبرون لهم وزير
فهذا حجة أبي عمرو.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/93]
وقرأ الباقون: {الله}، {لله}، {لله} ثلاثها، واحتجوا بمصحف عثمان الذي يقال: إنه (الإمام) كذلك كتبت فيه، وكذلك مصاحف أهل الحجاز والكوفة، والأمر فيهما واحد، وهما صوابان ولله الحمد). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/94] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عزّ وجلّ: سيقولون لله [المؤمنون/ 85، 87، 89] في الآيتين. ولم يختلفوا في الأول، فقرأ أبو عمرو وحده: (سيقولون الله) بألف في الحرفين. وقرأ الباقون: (لله... لله... لله) هذه الثلاثة المواضع.
أوّلها: قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون، سيقولون لله
[الحجة للقراء السبعة: 5/300]
[المؤمنون/ 84 - 85] لا اختلاف فيها. الثاني: قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم، سيقولون لله [المؤمنون/ 86 - 87] و (سيقولون الله). والثالث: قل من بيده ملكوت كل شيء [المؤمنون/ 88] إلى آخرها سيقولون لله و (سيقولون الله) [المؤمنون/ 89].
أبو عمرو وحده يقول فيهما: (الله) والباقون: (لله) ولم يختلفوا في الأول، أما الآية الأولى فجوابها على القياس، كما يقال: لمن الدار؟ فنقول: لزيد، كأنك تقول: لزيد الدار، فاستغنيت عن ذكرها لتقدمها.
قرأ أبو عمرو وحده: (سيقولون الله) في الحرفين.
وقرأ الباقون: (لله... لله)، وأمّا قوله: قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم فجواب هذا: الله، على ما يوجبه اللفظ، وأما من قال: لله فعلى المعنى، وذلك أنه إذا قال: من مالك هذه الدار؟ فقال في جوابه: لزيد، فقد أجابه على المعنى دون ما يقتضيه اللفظ، والذي يقتضيه: من مالك هذه الدار؟ أن يقال في جوابه: زيد، ونحوه، فإذا قال: لزيد، فقد حمله على المعنى، وإنما استقام هذا لأن معنى من مالك هذه الدار؟ ولمن هذه الدار؟ واحد، فلذلك حملت تارة على اللفظ وتارة على المعنى، والجواب على اللفظ هو الوجه). [الحجة للقراء السبعة: 5/301] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({سيقولون لله} 87 و89
قرأ أبو عمرو (سيقولون الله) (سيقولون الله) بالألف فيهما ولم يختلفوا في الأولى
وقرأ الباقون {لله} {لله}
من قرأ (سيقولون الله) فهو على جواب السّؤال إذ قال قبلها {من رب السّماوات السّبع} 86 فالجواب {الله} وأما من قال {لله} فعلى المعنى وذلك أنه إذا قال من مالك هذه الدّار فقال في جوابه لزيد فقد أجابه على المعنى دون ما يقتضيه اللّفظ والّذي يقتضيه من مالك هذه الدّار أن يقال في جوابه زيد وإذا قال لزيد فقد حمله على المعنى وإنّما استقام هذا لأن معنى من مالك هذه الدّار ولمن هذه الدّار واحد فلذلك حملت تارة على اللّفظ وتارة على المعنى والجواب على اللّفظ
[حجة القراءات: 490]
هو الوجه لأنّك إذا قلت من صاحب هذه الدّار فأجبت زيد لكان جوابا على لفظ السّؤال ولو قلت في جواب من صاحب هذه الدّار لزيد لجاز لأن معنى من صاحب هذه الدّار معنى لمن هذه الدّار). [حجة القراءات: 491] (م)

قوله تعالى: {بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90)}
قوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91)}
قوله تعالى: {عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (92)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (عالم الغيب والشّهادة (92)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحفص (عالم الغيب) خفضا.
وقرأ الباقون (عالم الغيب) رفعًا.
قال أبو منصور: من قرأ (عالم الغيب) بالكسر ردة على قوله: (سبحان الله.. عالم الغيب).
ومن قرأ (عالم الغيب) فهو استئناف.
والدليل على ذلك دخول الفاء في قوله: (فتعالى عمّا يشركون) كأنه أراد: هو عالم الغيب والشهادة فتعالى). [معاني القراءات وعللها: 2/195]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (18- وقوله تعالى: {عالم الغيب} [92]
قال أبو عمرو، وابن كثير، وابن عامر، وحفص عن عاصم بالخفض، {سبحان الله ... عالم الغيب}.
وقرأ الباقون {عالم الغيب} بالرفع على الاستئناف، لأن بعد تمام أيه، وشبيه بهذا {إلى صراط العزيز الحميد * الله} و{الله} كذلك {عما يصفون علم} و{عالم} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/94]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله تعالى: عالم الغيب والشهادة [المؤمنون/ 92] في الخفض والرفع.
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحفص عن عاصم وابن عامر: عالم الغيب خفضا.
[الحجة للقراء السبعة: 5/301]
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر ونافع وحمزة والكسائي: (عالم الغيب) رفعا.
قال أبو الحسن: الجر أجود ليكون الكلام من وجه واحد، وأما الرفع فعلى أن يكون خبر ابتداء محذوف. قال: ويقوّي ذلك أن الكلام الأول قد انقطع). [الحجة للقراء السبعة: 5/302]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({سبحان الله عمّا يصفون * عالم الغيب والشّهادة فتعالى عمّا يشركون} 91 و92
قرأ نافع وحمزة والكسائيّ وأبو بكر عالم بالرّفع وقرأ الباقون {عالم} بالخفض رد على قوله سبحان الله عالم الغيب فأما الرّفع فعلى أن يكون خبر ابتداء محذوف كأنّه قال هو عالم). [حجة القراءات: 491]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (17- قوله: {عالم الغيب} قرأه أبو بكر ونافع وحمزة والكسائي بالرفع في {عالم} جعلوه خبر ابتداء محذوف، وفيه معنى التأكيد، أي: هو عالم، وخفضه الباقون، جعلوه نعتًا لله في قوله: {سبحان الله} «91» وهو الاختيار، ليتصل بعض الكلام ببعض، ويكون كله جملة واحدة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/131]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (15- {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [آية/ 92] بالرفع:
قرأها نافع وحمزة والكسائي و-ياش- عن عاصم.
الوجه أنه خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: هو عالم الغيب، فيكون الكلام مستأنفًا مقطوعًا عما قبله.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر و-ص- عن عاصم ويعقوب ح- و-ان- {عَالِمِ} بالجر.
والوجه أنه على الصفة لله سبحانه الذي تقدم ذكره في قوله تعالى {سُبْحَانَ الله عَمَّا يَصِفُونَ} فيكون متصلًا بالكلام الأول غير مقطوع.
و-يس- عن يعقوب إذا ابتدأ رفع، وإذا وصل خفض؛ لما قدمناه من العلة). [الموضح: 900]



روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:46 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة