العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:36 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (32) إلى الآية (34) ]
{وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (32) أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (34)}

قوله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (32)}

قوله تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وصدّوا عن السّبيل (33)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر (وصدّوا) بفتح الصاد، وفي المؤمن مثله، وقرأ الكوفيون ويعقوب (وصدّوا) بضم الصاد في الموضعين.
[معاني القراءات وعللها: 2/57]
قال أبو منصور: من قرأ (وصدّوا عن السّبيل) فله وجهان: صدّوا بأنفسهم، أي: أعرضوا، ومضارعه يصدون، بالكسر، والوجه الثاني: أنهم صدّوا غيرهم عن السبيل فأضلوهم، ومستقبله يصدّون، وهذا متعدّ، والأول لازم - ومن قرأ (وصدّوا) فمعناه: أضلّوا، لا يكون إلا مفعولا). [معاني القراءات وعللها: 2/58]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (9- وقوله تعالى: {وصدوا عن السبيل} [33].
قرأ أهل الكوفة عاصم وحمزة والكسائي بضم الصاد.
وقرأ الباقون {وصدوا} بفتح الصاد، وجعلوا الفعل لهم، ومن ضم فعلى ما لم يسم فاعله جعل الفعل لله، أي: الله صدهم، كما تقول: {طبع على قلوبهم} أي: طبع الله عليها، وقال أبو عبيد: والضم أشبه بقراءة أهل السنة.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/329]
قال أبو عبد الله رضي الله عنه: والأمر بينهما قريب وذلك: أنك تقول: أظل الله زيدًا فظل هو، وأماته الله فمات هو، وكذلك صده الله فصد هو، والاختيار أن تقول: صد الكفار وأصدهم الله وأصدهم بعد أن صدوا عقوبة لهم وجزاء كما قال: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم}.
وفيها قراءةٌ ثالثةٌ.
حدثني أحمد بن عبدان عن علي بن أبي عبيد قال: قرأ يحيي بن وثاب: {وصدوا عن السبيل} بكسر الصاد، والأصل في هذه القراءة: صدوا، فنقلت كسرة الدال إلى الصاد بعد أن أزالوا الضمة، وأدغموا الدال في الدال كما قرأ علقمة: {ولو ردوا لعادوا} بكسر الراء، أراد: رددوا فأدغم وقد بين هذا فيما مضى). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/330]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في: فتح الصاد وضمّها من قوله جلّ وعزّ: (وصدوا عن السبيل) [33].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: (وصدوا) بفتح الصاد، وفي حم المؤمن [37] مثله.
[الحجة للقراء السبعة: 5/17]
وقرأ عاصم وحمزة والكسائيّ: وصدوا عن السبيل بالضمّ فيهما.
وقال أبو عمر عن أبي الحسن: صدّ وصددته مثل: رجع ورجعته، ومن ذلك قول الشاعر:
صدّت كما صدّ عما لا يحلّ له... ساقي نصارى قبيل الفصح صوّام
فهذا صدّت في نفسها. وقال آخر:
صددت الكأس عنّا أمّ عمرو فأما قوله: إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله [الحج/ 25]، فالمعنى: يصدّون المسلمين عن المسجد الحرام، فكأنّ المفعول محذوف، وقوله: رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا [النساء/ 61]، يكون على: يصدّون عنك، أي: لا يبايعونك كما يبايعك المسلمون، ويجوز أن يكونوا يصدّون غيرهم عن الإيمان، كما صدّوا هم، ويثبّطونهم عنه.
[الحجة للقراء السبعة: 5/18]
وحجّة من قال: (وصدوا عن السبيل) فأسند الفعل إلى الفاعل: قوله: الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله [محمد/ 1] وقوله: إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله، وقال: هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام [الفتح/ 25]. فكما أسند الفعل إلى الفاعل في جميع هذه الآي، كذلك يكون مسندا إليهم في قوله: (وصدوا عن السبيل). وقد زعموا أن قوله: (وصدوا عن السبيل) نزلت في قوم جلسوا على الطريق، فصدّوا الناس عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
ومن بنى الفعل للمفعول به فقال: وصدوا عن السبيل، فإنّ فاعل الصدّ غواتهم والعتاة منهم في كفرهم. وقد يكون صدّ على نحو ما يقولون: حدّ فلان عن الخير، وصدّ عنه، يريد أنه لم يفعل خيرا، ولا يريد أن مانعا منعه منه.
فأمّا قوله: (وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل) [غافر/ 37] فالفتح الوجه، لأنّه لم يصدّه عن الإيمان أحد، ولم يمنعه منه.
والذي زيّن له ذلك الشيطان، كما جاء في الأخرى: وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم [الأنفال/ 48]، وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل [النمل/ 24] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/19]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({بل زين للّذين كفروا مكرهم وصدوا عن السّبيل}
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {وصدوا عن السّبيل} بضم الصّاد على ما لم يسم فاعله وحجتهم أن الكلام أتى عقيب الخبر من الله
[حجة القراءات: 373]
بلفظ ما لم يسم فاعله وهو قوله {بل زين للّذين كفروا مكرهم} فجرى الكلام بعده بترك تسمية الفاعل ليأتلف الكلام على نظام واحد
وقرأ الباقون {وصدوا عن السّبيل} بفتح الصّاد أسندوا الفعل إلى الفاعل وحجتهم قوله {الّذين كفروا وصدوا عن سبيل الله} وقال سبحانه {هم الّذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام} فلمّا رأوا الصد مسندًا إليهم في هذه الآيات كذلك يكون مسندًا إليهم في قوله {وصدوا عن السّبيل} ). [حجة القراءات: 374]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (11- قوله: {وصدوا عن السبيل} قرأه الكوفيون بضم الصاد، ومثله في غافر:{وصد عن السبيل} «37»، وقرأها الباقون بفتح الصاد.
وحجة من ضم الصاد أنه أسند الفعل إلى المفعول، على ما لم يسم فاعله، فأقيم {الذين حملوا} على المصدر مقام الفاعل، وفاعل الصد هم أشراف الكفار وكبراؤهم، وفي غافر قبل {صد} {زين لفرعون} على ما لم يُسم فاعله،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/22]
فحمل {صد} على ذلك أيضًا.
12- وحجة من فتح الصاد أنه بناه على الإخبار عن الصادين الناس عن سبيل الله، دليله قوله: {إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله} «الحج 25» وقوله: {إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله} «النساء 167»، وقال: {هم الذين كفروا وصدوكم} «الفتح 25» فأسند الفعل في جميع ذلك إلى الصادين). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/23]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ} [آية/ 33] بضم الصاد:
قرأها الكوفيون ويعقوب.
والوجه أن الفعل مبنيٌّ للمفعول به، والمعنى مُنعوا عن السبيل، والصاد هو المانع، وأراد الله تعالى صدهم، وقيل الشيطان، وقيل عُتاتهم وغواتهم.
وقرأ ابن كثير ونافعٌ وأبو عمرو وابن عامر {وَصُدُّوا} بفتح الصاد.
وكذلك اختلافهم في سورة المؤمن {وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ}.
والوجه أن هؤلاء القوم صدوا الناس عن الإيمان بالنبي (صلى الله عليه وسلم).
[الموضح: 703]
وفي الأثر أنهم جلسوا على الطريق فصدوا الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالفعل مسندٌ إليهم، والمفعول به محذوفٌ، والتقدير: صدوا غيرهم كما قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله} ). [الموضح: 704]

قوله تعالى: {لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (34)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:37 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (35) إلى الآية (37) ]
{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35) وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ (36) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37)}

قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35)}

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ (36)}

قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:43 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (38) إلى الآية (40) ]
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (38) يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39) وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (38)}

قوله تعالى: {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ويثبت وعنده أمّ الكتاب (39)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ويعقوب (ويثبت) خفيفًا، وقرأ الباقون (ويثبّت) مشددًا.
قال أبو منصور: (ثبّت) و(أثبت) بمعنى واحد، وجاء في التفسير أن المعنى: يمحو اللّه ما يشاء مما يكتبه الحفظة على (ويثبّت) العباد، ويثبت ما يشاء إبقاءه في الكتاب.
وقيل: (يمحو الله ما يشاء ويثبت)، أي: من قدر له رزقًا وأجلاً محا ما شاء منه، وأثبت ما شاء). [معاني القراءات وعللها: 2/58]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (10- وقوله تعالى: {ويثبت وعنده} [39].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم مخففًا، من أثبت يثبت إثباتًا فهو مثبت: إذا كتب.
وقرأ الباقون {يثبت} [مشددًا] أي: يتركه فلا يمحوه كما قال الله تعالى: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا} ورأيت النحويين يختارون التخفيف، قالوا: لأن التفسير موافقة اللغة، وذلك أن الله عز وجل قد وكل بالعبد ملكين يكتبان حسناته وسيئاته، فإذا عرضاه على الله تعالى يثبت ما يشاء فيه من الثواب والعقاب، ومحا ما شاء من ذلك مما لا ثواب فيه ولا عقاب كاللغو الذي لا يؤاخذ الله العبد به، وإنما يأخذ بالإصرار على الذنب
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/330]
فأما التوبة والندم وترك الإصرار فيمحو ما سلف من الذنب حتى لا يُكتب البتة، فإن كتب محي، لأن الله تعالى قال: {إن الحسنات يذهبن السيئات} فأما قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «فرغ ربكم مما هو كائن».
إن قال قائل: كيف ينسخ ما قد فرغ منه؟
فالجواب في ذلك: إن معناه: إن الله تعالى فرغَ منه علمًا، وعلمُ الله لا يوجب ثوابًا ولا عقابًا، وإنما يجب ذلك بالعمل، فإذا كتب الملك ثم تاب العبد فمحاه الله قبل ظهور عمل العبد، لأن علمه به قبل ظهوره كعلمه بعد ظهوره.
وقيل في قوله تعالى: {يمحوا الله ما يشاء ويثبت} يعني به الناسخ والمنسوخ قال أبو عبيد. يقال محا يمحو ومحى يمحي بمنى، فأما مح الثوب وأمح فمعناه: بلى.
وأخبرنا ابن دريد عن أبي حاتم عن الأصمعي قال: سمعت أعرابيًا يقول: إياك ومسألة الناس فإن المسألة تمح الوجه أي: تحلق الشعر، قال الشاعر:
ربع دار محه الإقواء = وعفته الأرواح والأنواء
كر فيه البلى فأخلق برد = يه صباح يعتاده ومساء
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/331]
وقيل: من سأل الناس جاء يوم القيامة لا مزعة على وجهه، أي: قطعة لحم. وقال علي رضي الله عنه: «إياك أن تقطر ماء وجهك بالمسألة إلا عند أهله» وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من سأل الناس وهو غني جاءت مسألته يوم القيامة خوشًا في وجهه وكدوحا»). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/332]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في تشديد الباء وتخفيفها من قوله جلّ وعزّ: ويثبت [39].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم: ويثبت ساكنة الثاء.
خفيفة الباء.
[الحجة للقراء السبعة: 5/19]
وقرأ ابن عامر ونافع وحمزة والكسائيّ: (ويثبت) مشدّدة الباء مفتوحة الثاء.
المعنى: يمحو الله ما يشاء ويثبته، فاستغني بتعدية الأوّل من الفعلين عن تعدية الثاني، والمعنى يثبته، ومثل ذلك قوله: والحافظين فروجهم والحافظات، والذاكرين الله كثيرا والذاكرات [الأحزاب/ 35].
وزعم سيبويه أن من العرب من يعمل الأوّل من الفعلين، ولا يعمل الثاني في شيء كقولهم: متى رأيت، أو قلت: زيدا منطلقا. وقال الشاعر:
بأيّ كتاب أم بأيّة سنّة... ترى حبّهم عارا عليّ وتحسب
ولم يعمل الثاني.
[الحجة للقراء السبعة: 5/20]
وهذا والله أعلم فيما يحتمل النّسخ والتبديل من الشرائع الموقوفة على المصالح على حسب الأوقات. فأمّا ما كان من غير ذلك فلا يمحى ولا يبدّل، وأمّ الكتاب: هو الذكر المذكور في قوله: ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر [الأنبياء/ 105].
وحجة من قال: (يثبت) قوله: وأشد تثبيتا [النساء/ 66] وقوله: (فتثبتوا) [النساء/ 94] لأن تثبّت مطاوع ثبّت.
وحجّة من قال يثبت ما روي عن عائشة: «كان إذا صلّى صلاة أثبتها»
وقولهم: ثابت، من قوله: بالقول الثابت [إبراهيم/ 27] لأنّ ثبت مطاوع أثبت، كما أن تثبّت مطاوع ثبّت). [الحجة للقراء السبعة: 5/21]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يمحو الله ما يشاء ويثبت}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم و{يثبت} بالتّخفيف من أثبت يثبت إثباتًا فهو مثبت إذا كتب وحجتهم قولهم فلان ثابت
وقرأ الباقون {يثبت} بالتّشديد أي يقر الله ما قد كتبه فيتركه على حاله وحجتهم قوله {وأشد تثبيتا} وقال قوم هما لغتان مثل وفيت وأوفيت وعظمته وأعظمته). [حجة القراءات: 374]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (13- قوله: {ويثبت وعنده} قرأه ابن كثير وأبو عمرو وعاصم بالتخفيف، جعلوه مستقبل «أثبت» والمفعول محذوف «هاء» من الصلة، أي: ويثبته، وقوله: {بالقول الثابت} «إبراهيم 27» يدل على التخفيف؛ لأنه اسم فاعل من «ثبت»، والتقدير: يمحو الله ما يشاؤه ويثبت ما يشاؤه، وقرأ الباقون بالتشديد، جعلوه مستقبل «ثبت» دليله قوله: {وأشد تثبيتًا} «النساء 66» فـ «تثبيت» مصدر «ثبت» مشددًا، فالقراءتان لغتان، كما أن «ثبت وأثبت» لغتان بمعنى، لكن في التشديد معنى التأكيد والتكرير، وهو الاختيار؛ لأن أكثر القراء عليه، واختار أبو عبيد {ويثبت} بالتشديد، على معنى: يقر ما كتبه، فلا يمحوه، وتعقب عليه ابن قتيبة، فاختار التخفيف؛ لأن المعروف مع المحو الإثبات، فالمعنى: يمحو الله ما يشاء ويكتب ما يشاء، أو على معنى: يمحو الله ما يشاء ويقر ما يشاء، فلا يمحوه، والتخفيف يحتمل المعنيين اللذين ذكر أهل التأويل في الآية). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/23]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {وَيُثْبِتُ} [آية/ 39] بالتخفيف:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو وعاصمٌ ويعقوب.
والوجه أنه منقول من ثبت، ويقال ثبت الشيء وأثبته أنه، وروي عن عائشة أنها قالت: كان النبي صلى الله عليه (وسلم) إذا صلى صلاة أثبتها، أي داوم عليها.
وقرأ نافعٌ وابن عامر وحمزة والكسائي {وَيُثَبِّتُ} بالتشديد.
والوجه أنه منقولٌ من ثبت أيضًا، والنقل بالألف والتضعيف كلاهما واحد في المعنى كأفرحته وفرّحته، إلا أن بعضهم ذكر أن فعل بالتشديد لا يخلو من معنى المبالغة والتكثير أينما وقع، وقيل إن ثبت بالتشديد مطاوعة تثبت). [الموضح: 704]

قوله تعالى: {وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:44 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (41) إلى الآية (43) ]
{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (41) وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (42) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43)}

قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (41)}

قوله تعالى: {وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (42)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وسيعلم الكفّار (42)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو (الكافر) واحدًا، وقرأ الباقون (الكفّار) جماعة.
[معاني القراءات وعللها: 2/58]
قال أبو منصور: من قرأ (الكافر) وهو أكثر من (الكفار) أراد به: الجنس، ومثله كثر الدينار والدرهم، يراد به الكثرة). [معاني القراءات وعللها: 2/59]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (11- وقوله تعالى: {وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار} [42].
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو {الكافر} موحدًا؛ لأن الكافر يعني أبا جهل فقط.
ولهم حجة أخرى: أن يكون الكافر بمعنى الجماعة والجنس كما تقول: أهلك الناس الدينار والدرهم، وقال تعالى: {ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا} لم يرد كافرًا واحدًا.
وقرأ الباقون: {وسيعلم الكفار} على الجمع، وحجتهم قراءة عبد الله وأُبَيٍّ، لأن في حرب أُبَيٍّ: {وسيعلم الذين كفروا} وفي حرف عبد الله {وسيعلم الكافرون} وإنما اختلف القراء في هذه الأحرف لأنه كتب في مصحف عثمان بغير ألف (ا ل ك ف ر) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/332]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الجمع والتوحيد من قوله تعالى: وسيعلم الكافر [42].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: (وسيعلم الكافر) واحدا.
وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائيّ: الكفار على الجمع.
العلم في قوله: (سيعلم الكافر) هو المتعدّي إلى
[الحجة للقراء السبعة: 5/21]
مفعولين، بدلالة تعليقه ووقوع الاستفهام بعده، تقول: علمت لمن الغلام، فتعلّقه مع الجار كما تعلّقه مع غير الجار في نحو: فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار [الأنعام/
135] وموضع الجار مع المجرور نصب من حيث سدّ الكلام الذي هو فيه مسدّ المفعولين، لا من حيث حكمت في نحو: مررت بزيد بأنّ موضعه نصب، ولكنّ اللام الجارة كانت متعلقة في الأصل بفعل فصار مثل: علمت بمن تمرّ، في أنّ الجار يتعلّق بالمرور، والجملة التي هي منها في موضع نصب، وقد علّق الفعل عنها.
فأمّا من قرأ: (الكافر) فإنّه جعل الكافر اسما شائعا كالإنسان في قوله: إن الإنسان لفي خسر [العصر/ 2] وزعموا أنه لا ألف فيه، وهذا الحذف إنّما يقع في فاعل نحو:
خالد وصالح، ولا يكاد يحذف في فعّال؛ فذا حجّة لمن قال: الكافر.
وزعموا أن في بعض الحروف: وسيعلم الذين كفروا فهو يقوّي الجمع.
وقد جاء فاعل يراد به اسم الجنس، أنشد أبو زيد:
إن تبخلي يا جمل أو تعتلّي... أو تصبحي في الظّاعن المولي
[الحجة للقراء السبعة: 5/22]
فهذا إنّما يكون على الكثرة، وليس المعنى على كافر واحد؛ والجمع الذي هو الكفار، المراد في الآية لا إشكال فيه). [الحجة للقراء السبعة: 5/23]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ( {وقد مكر الّذين من قبلهم} {وسيعلم الكفّار لمن عقبى الدّار}
[حجة القراءات: 374]
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو (وسيعلم الكافر) على التّوحيد قال أبو عمرو عني به أبو جهل وحجتهم قوله {ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا} وقال آخرون الكافر واحد والمعنى جمع ولم يرد كافرًا واحدًا وإنّما أراد الجنس كما تقول أهلك النّاس الدّينار والدّرهم تريد الجنس المعنى سيعلم كل من كفر من النّاس
وقرأ الباقون {وسيعلم الكفّار} على الجمع وحجتهم في ذلك أن الكلام أتى عقيب قوله {وقد مكر الّذين من قبلهم} ثمّ قال {وسيعلم الكفّار} بلفظ ما تقدمه ليأتلف الكلام على سياق واحد وفي التّنزيل ما يقوي هذا وهو قوله {وسيعلم الّذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}
وقف ابن كثير على {هادي} و(واقي) و{وإلى} بالياء ووقف الباقون بغير ياء وهو الوجه لأنّك تقول هذا قاض وهاد وواق فتحذف في الوصل الياء لسكونها والتقائها مع النّون لأنهم استثقلوا الكسرة على الياء فحذفوها فالتقى ساكنان الياء والتنوين فحذفت الياء لالتقاء الساكنين مثل ما أنت قاض ووجه قول ابن كثير أن سيبويهٍ قال حدثنا أبو الخطاب أن بعض من يوثق به من العرب
[حجة القراءات: 375]
يقول هذا داعي فيقفون بالياء ووجه ذلك أنهم كانوا قد حذفوا الياء في الوصل لالتقائها مع التّنوين وقد أمن في الوقف أن يلحق التّنوين فإذا أتى التّنوين الّذي كانت الياء حذفت في الوصل من أجل التقائها معه في الوصل ردّت الياء فصار هذا قاضي وهادي وواقي ووالي ومن ثمّ قال الخليل في نداء قاض يا قاضي بإثبات الياء لأن النداء موضع لا يلحق فيه التّنوين فثبتت الياء في النداء لما أمن من لحاق التّنوين فيه كما ثبتت مع الألف واللّام لما أمن التّنوين معها في نحو المعالي والداعي). [حجة القراءات: 376]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (14- قوله: {وسيعلم الكفار} قرأه الكوفيون وابن عامر «الكفار» بالجمع؛ لأن التهدد في الآية لم يقع لكافر واحد بل لجميع الكفار، فأتوا به على المعنى، فوافق اللفظ المعنى، وفي حرف ابن مسعود: «وسيعلم الكافرون» وفي حرف أبي: «وسيعلم الذين كفروا» فهذا كله شاهد قوي لمن قرأه بالجمع.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/23]
وقرأ الباقون بالتوحيد جعلوا الكافر اسمًا للجنس شائعًا، كقوله: {إن الإنسان لفي خسر} «العصر 2» فهو يدل على الجمع بلفظه، وهو أخصر، وأيضًا فإنه لا ألف في الخط، والألف إنما تحذف من الخط في فاعل كـ «خالد وصالح» ولا تكاد تحذف في «فعال» لئلا يتغير بناء الجمع، ويشبه صورة المصدر، فحذف الألف من الخط يدل على أنه «فاعل» وليس بـ «فعال»، والقراءتان ترجع إلى معنى واحد؛ لأن الجمع يدل بلفظه على الكثرة، والواحد الذي للجنس يدل بلفظه على الكثرة، فما سواء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/24]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {وَسَيَعْلَمُ الْكَافِرُ} [آية/ 42] على التوحيد:
قرأها ابن كثير ونافع وأبو عمرو.
والوجه أن الكافر ههنا اسم جنس يستغرق، فهو كالإنسان في قوله تعالى {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ}.
وقد يجيء فاعلٌ ويُراد به الجمع، لكونه اسم الجنس، قال الشاعر:
68- إن تبخلي يا جمل أو تعتلي = أو تصبحي في الظاعن المولي
فأراد بالظاعن الجمع.
وقرأ الباقون {وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ} على الجمع.
والوجه أنه هو الذي عليه المعنى؛ لأن المعنى في القراءة الأولى على الجمع أيضًا كما بيناه، فهذا جمعٌ لفظًا ومعنًى). [الموضح: 705]

قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى وابن عباس وأبي -رضي الله عنهم- وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد بخلاف والحسن بخلاف وعبد الرحمن بن أبي بكرة وابن أبي إسحاق والضحاك والحكم بن عتيبة، ورُويت عن الأعمش: [وَمِنْ عِنْدِهِ عِلْمُ الْكِتَابِ]، وقرأ: [ومِنْ عِنْدِهِ] بكسر الميم والدال والهاء [عُلِمَ الكتابُ] بضم العين وفتح الميم علي وابن السميفع والحسن. وقراءة الجماعة: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ}.
قال أبو الفتح: مَن قرأ: [وَمِنْ عِنْدِهِ عِلْمُ الْكِتَابِ] فتقديره ومعناه: من فضله ولطفه علم الكتاب، ومَن قرأ: [وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَابُ] فمعناه معنى الأول، إلا أن تقدير إعرابه مخالف له؛ لأن من قال: [وَمِنْ عِنْدِهِ عِلْمُ الْكِتَابِ] فـ "من" متعلقة بمحذوف، {وعلمُ الكتاب} مرفوع بالابتداء، كقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ}. ومن قال: [وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَابُ] فـ"من" متعلقة بنفس "عُلم"، كقولك: من الدار أُخرج زيد؛ أي: أخرج زيد من الدار، ثم قَدَّمتَ حرف الجر. وقراءة الجماعة: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} فالعلم مرفوع بنفس الظرف؛ لأنه إذا جرى الظرف صلة رفع الظاهر لإيغاله في قوة شبهه بالفعل، كقولك: مررت بالذي في الدار أخوه). [المحتسب: 1/358]


روابط مهمة:
أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:44 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة