العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #26  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 10:33 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة يوسف
[ من الآية (99) إلى الآية (101) ]

{ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ (99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) }

قوله تعالى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ (99)}
قوله تعالى: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (بيني وبين إخوتي (100)
روى أحمد بن صالح عن قالون أنه حرك الياء من (إخوتي)، وقرأ ابن جماز (إخوتي)، مرسلة.
وروى أبو قرة عن نافع (يدعونني إليه) بفتح الياء، ما روى فتحها عن نافع غيره.
وروى المسيبي وإسماعيل عن نافع أنه أرسل الياء في (أني أوف الكيل)، وفتحها قالون عنه). [معاني القراءات وعللها: 2/51]

قوله تعالى: {رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة عمر بن ذر، وكان يقرأ قراءة ابن مسعود: [قَدْ أَتَيْتَنِ مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِ].
قال أبو الفتح: أراد الياء فيهما جميعًا، فحذفها تخفيفًا ولطول الاسم، كقول الأعشى:
فهل يَمعنِّي ارتياد البلا ... دِ من حذر الموت أن يَأْتِينْ
وهو كثير، وقد مضى مثله). [المحتسب: 1/349]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #27  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 10:34 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة يوسف
[ من الآية (102) إلى الآية (107) ]

{ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102) وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104) وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107) }

قوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102)}

قوله تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103)}

قوله تعالى: {وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104)}

قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة عكرمة وعمرو بن فائد: [والأرضُ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا] بالرفع، وقرأ: [الأرضَ] نصبًا السدي، قراءة الناس: {والْأَرْضِ} .
قال أبو الفتح: الوقف فيمن رفع أو نصب على السماوات، ثم تبتدئ فتقول: [والأرضُ، والأرضَ]؛ فأما الرفع الابتداء، والجملة بعدها خبر عنها، والعائد منها على الأرض "ها" من عليها، و"ها" من عنها عائدة على الآية. وأما من نصب فقال: [والأرضَ يمرون عليها] فبفعل مضمر؛ أي: يطئون الأرض، أو يدوسون الأرض، ونحو ذلك.
[المحتسب: 1/349]
وعليه قراءة ابن مسعود: [يَمْشُون عليها]، فلما أضمر الفعل الناصب فسره بقوله: [يمرون عليها]. والنصب هنا دليل جواز قولنا: زيد عندك وعمرًا مررت به، فهو كقولك: زيدًا مررت به في الابتداء. ومَن جر "الأرض" على قراءة الجماعة، فإن شاء وقف على "الأرض"، وإن شاء على قوله: "معرضون"). [المحتسب: 1/350]

قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)}

قوله تعالى: {أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #28  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 10:35 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة يوسف
[ من الآية (108) إلى الآية (111) ]

{ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (109) حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111) }

قوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله: (قل هذه سبيلي أدعو (108)
فتح ياءها نافع وحده). [معاني القراءات وعللها: 2/52]

قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (109)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إلّا رجالاً يوحى إليهم (109)
قرأ عاصم في رواية حفص وحده (نوحي إليهم) بالنون وكسر الحاء في جميع القرآن إلا موضعًا واحدًا في (عسق) في قوله - عزّ وجلّ - (كذلك يوحي إليك) فإنه قرأه بالياء وكسر الحاء.
وقرأ الباقون بالياء وفتح الحاء في كل القرآن.
قال أبو منصور: القراءة بالياء وفتح الحاء إلا ما جاء في (عسق): (كذلك يوحي إليك).
وقد قرئ هذا كذلك (يوحى إليك)، فمن قرأ بكسر الحاء فالمعنى: كذلك يوحي الله إليك.
ومن قرأ (يوحى) فمعناه التكرير، كأنه قال: كذلك يوحى إليك، وأضمر: يوحيه اللّه إليك.
وكل جائز). [معاني القراءات وعللها: 2/52]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (20- وقوله تعالى: {إلا رجالاً نوحي إليهم} [109].
روى حفص [عن عاصم] {نوحي} بالنون وكسر الحاء، الله تعالى يخبر عن نفسه.
وقرأ الباقون: {يوحى} على ما لم يسم فاعله، فالمصدر من الأول: أوحينا نوحي إيحاء، ومن الثاني أوحى إليهم يوحى. وفيها لغة ثالثة يقال: وحيت إليه بمعنى أوحيت، فإذا لم تسم فاعله من هذا قلت: وحي إليه.
حدثني ابن مجاهد عن السمري عن الفراء قال: قرأ أبو حيوة الأسدي {قل أحي إلي} أراد: وحى فقلب الواو همزة استثقالاً للضمة عليها مثل: {وإذا الرسل اقتت} و{وقتت}. وقال ابن دريد: فلان ابن أد، إنما هو ود فعل من الود فقلب.
وقرأ حفص في كل القرآن {نوحي} بالنون إلا في (عسق) فإنه قرأ {كذلك يوحى إليك} أي: يوحي الله إليك.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/315]
وقرأ الباقون: {يوحي}). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/316]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ عاصم في رواية أبي بكر: يوحي إليهم [109] بفتح الحاء، وفي رواية حفص: نوحي إليهم بالنون وكسر الحاء في جميع القرآن إلا في قوله في عسق: كذلك يوحي إليك [الشورى/ 3] فإنه قرأ: يوحي بالياء مكسورة الحاء.
وجه: نوحي بالنون قوله: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده [النساء/ 163].
ووجه: يوحى* قوله: وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك [هود/ 36]، وقوله: قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا [الجن/ 1]، وأما قراءة عاصم في عسق: كذلك يوحي إليك فلأن الفعل مسند إلى اسم الله تعالى، فارتفاع الاسم كأنه فاعل يوحي، ولو قرأ: يوحى إليك وإلى الذين من قبلك؛ جاز، وأسند الفعل إلى الجار والمجرور وإن لم يكن في حسن ما قرأ به، وكان يكون اسم الله في قوله: الله العزيز الحكيم [الشورى/ 3]: مبتدأ، والعزيز الحكيم، خبره إلّا أنّ
[الحجة للقراء السبعة: 4/440]
العزيز الحكيم أن تجيء به صفة جارية على اسم الله جلّ وعز، أحسن من أن تجعله خبرا عنه، وكذلك إذا أسندت الفعل إلى الاسم المفرد كان أولى من أن يسند الفعل إلى الجار والمجرور، ألا ترى أن الفعل في قوله: قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن [الجن/ 1] ومن قوله: وأوحي إلى نوح [هود/ 36] أنه لم يسند في واحد من الموضعين إلى الجار والمجرور، وإنما أسند إلى أن في الموضعين جميعا، فلعل عاصما اعتبر ذلك في الموضعين، فأسند الفعل إلى الفاعل الذي هو اسم الله دون الجار والمجرور). [الحجة للقراء السبعة: 4/441]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وما أرسلنا من قبلك إلّا رجالًا نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا} {أفلا تعقلون}
قرأ حفص عن عاصم {نوحي إليهم} بالنّون وكسر الحاء الله يخبر عن نفسه لأنّه قال {وما أرسلنا من قبلك} فكذلك {نوحي} وحجته قوله {إنّا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح}
وقرأ الباقون {يوحى} بالياء وفتح الحاء على ما لم يسم فاعله وحجتهم قوله {وأوحي إلى نوح} وقوله {قل أوحي إليّ أنه استمع نفر من الجنّ}
قرأ نافع وابن عامر وعاصم {أفلا تعقلون} بالتّاء على الخطاب وقرأ الباقون بالياء وحجتهم قوله {أفلم يسيروا في الأرض} ). [حجة القراءات: 365]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (27- قوله: {نوحي إليهم} قرأ حفص بالنون وكسر الحاء، ومثله في
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/14]
النحل موضع وفي الأنبياء موضعان، ووافقه حمزة والكسائي في الثاني من الأنبياء، ردوه في هذه السورة على قوله: {وما أرسلنا} فجرى الفعلان على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه بذلك، كما قال: {إنا أوحينا إليك} «النساء 163» وقرأ الباقون بالياء وفتح الحاء، في الأربعة المواضع، ردوه على لفظ «رجال» فأقيموا مقام الفاعل على ما لم يسم فاعله، كما قال: {وأوحي إلى نوح} «هود 36» وقال: {وأوحي إلي} «الأنعام 19»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/15]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (26- {إِلَّا رِجَالًا نُوحِي} [آية/ 109] بالنون وكسر الحاء:
قرأها عاصم وحده ص- في كل القرآن، وتابعه حمزة والكسائي في سورة الأنبياء {مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ}.
[الموضح: 689]
والوجه أن المعنى نوحي نحن إليهم، كما قال تعالى {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ}، فجاء بلفظ الجمع، والموحي هو الله تعالى.
وقرأ الباقون {يُوحَى إِلَيْهِمْ} بالياء وفتح الحاء، وكذلك روى ياش- عن عاصم.
والوجه أن الفعل مبنيٌّ للمفعول به، كما قال تعالى {وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ} وقال {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ}؛ لأن المقصود هو الإخبار عن حصول الوحي، إذ يُعلم أن الموحي هو الله سبحانه). [الموضح: 690]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (27- {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [آية/ 109] بالتاء:
قرأها نافع وابن عامر وعاصمٌ ويعقوب.
والوجه أنه على الخطاب حملًا على القول؛ لأن ما قبله كذلك، وهو قوله تعالى {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى الله عَلَى بَصِيرَةٍ} فلهذا قال {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} أي قل لهم أفلا تعقلون؟
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي {يعقلون} بالياء.
والوجه أن ما قبله على الغيبة وهو قوله تعالى {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ
[الموضح: 690]
فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} فجرى على الغيبة لموافقة ما قبله). [الموضح: 691]

قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وظنّوا أنّهم قد كذبوا (110)
قرأ عاصم وحمزة والكسائي (كذبوا) خفيفةً، وقرأ الباقون (كذّبوا) مشددة.
قال أبو منصور: من قرأ (كذبوا) بالتخفيف فالمعنى: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم وتصديقهم إياهم وظن قومهم أنهم قد كذبوا فيما وعدوا؛ لأن الرسل لا يظنون ذلك، وهو يروى عن عائشة.
[معاني القراءات وعللها: 2/52]
ومن قرأ (وظنّوا أنّهم قد كذّبوا) بالتشديد فالظن ها هنا يقين، المعنى: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم وعلموا أن القوم قد كذّبوهم فلا يصدّقونهم ولا يؤمنون بهم جاءهم النصر). [معاني القراءات وعللها: 2/53]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فننجي من نشاء (110)
قرأ ابن عامر وعاصم ويعقوب (فنجّي من نشاء) بنون واحدة، وتشديد الجيم، وفتح الياء، وقرأ الباقون (فننجي) بنونين، الأولى مضمومة، والثانية ساكنة، والجيم خفيفة، والياء مرسلة.
قال أبو منصور: من قرأ (فننجي من نشاء) بنونين فمعناه، ننجي نحن من نشاء، وهو فعل الله عزّ وجلّ.
ومن قرأ (فنجّي من نشاء) فمعناه: نجّى من نشاء من عذاب الله، أي: من يشاء الله تنجيته،
و (من) على هذه القراءة في موضع الرفع على أنه مفعول لم يسم فاعله.
و (من) في القراءة الأولى في موضع النصب على أنه مفعول به). [معاني القراءات وعللها: 2/53]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (18- وقوله تعالى: {فلما استيئسوا} [80] و{حتى إذا استيئس الرسل} [110].
روى شبل عن ابن كثير {استائس} بالألف {فلما استئياسوا} والأصل الهمز، لأنه استفعل من اليأس فالياء فاء الفعل والهمزة عينه والسين لامه، والمصدر منه استيأس يستيئس استيآسًا فهو مستيئس، وجعله شبل استفعل من أيس الهمزة قبل الياء والإياس: المصدر من هذا، استيأس يستأيس استيئياسًا فهو مستيئس. والعرب تقول: يئست من الشيء وأيست منه). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/314] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (23- وقوله تعالى: {فظنوا أنهم قد كذبوا} [110] قرأ أهل الكوفة مخففًا.
وقرأ الباقون مشددًا. فمن شدد فالظن هاهنا للأنبياء وهو ظن علم ويقين، ومعناه: حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يؤمنوا وظنوا أي: علموا أن قومهم قد كذبوهم جاءهم نصرنا أي: جاء الرسل نصرنا.
ومن قرأ بالتخفيف فالظن ظن شك وهو الكافر، والتقدير: فظن الكافر أن الرسل قد كذبوا فيما أوعدوا أن يأتيهم من النصر.
وفيها قراءة ثالثة: حدثني أحمد بن عبدان عن علي عن أبي عبيد أن مجاهدًا قرأ {فظنوا أنهم قد كذبوا} بفتح الكاف خفيفًا فيكون هذا الظن للكفرة والفعل للرسل). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/317]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (24- وقوله تعالى: {فنجي من نشاء} [110].
قرأ عاصم وابن عامر {فنجي من نشاء} بنون واحدة على أنه فعل ماض لم يُسم فاعله و«مَنْ» في موضع رفع اسم ما لم يسم فاعله وإنما حمله على ذلك أن النون خفيت في اللفظ للغنة التي فيها فحذفت خطا.
والاختيار ما قرأ الباقون {فننجي من نشاء} بنونين الأولى علامة الاستقبال، والثانية أصلية مثل {وما ننزله} والياء ساكنة؛ لأن الياء تسكن في الفعل المستقبل وتفتح في الفعل الماضي مثل قضى يقضي.
وروى نصر عن أبيه عن أبي عمرو: {فنجي من نشاء} بإدغام النون وسكون الياء.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/317]
قال ابن مجاهد رضي الله عنه: ونغلط؛ لأن النون لا يجوز إدغامها في الثانية هاهنا، لأنها ساكنة.
قال أبو عبد الله رضي الله عنه: إنما يدغم الساكن في المتحرك لا المتحرك في الساكن؛ لأن المتحرك حي، والساكن ميت، ومن شأن العرب أن تدفن ميتًا في الحي ولا يدفنون حيًا في ميت.
وفيها قراءة رابعة: قرأ ابن محيصن: {فنجا من نشاء} فعلاً ماضيًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/318]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في تشديد الذّال وتخفيفها من قوله تعالى: وظنوا أنهم قد كذبوا [110].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: كذبوا مشددة الذال.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي كذبوا خفيف. وكلهم ضم الكاف.
الضمير في ظنوا في قول من شدّد للرّسل تقديره: ظن الرّسل، أي: تيقّنوا، وظنّوا الظن الذي هو حسبان، ومعنى:
كذبوا* تلقّوا بالتكذيب، كقولهم: حيّيته، وخطّأته وفسّقته، وجدّعته، وعقّرته، وزنّيته. أي استقبلته بحيّاك الله، وجدعك الله وسقاك الله، فتكذيبهم إياهم يكون بأن تلقوا بذلك كقوله: وإن نظنك لمن الكاذبين [الشعراء/ 186]، أو بما
[الحجة للقراء السبعة: 4/441]
يدل عليه، وإن خالفه في اللفظ، ومن حجة التثقيل قوله: فقد كذبت رسل [فاطر/ 4]، وقوله: فكذبوا رسلي [سبأ/ 45]، وقوله: إن كل إلا كذب الرسل [ص/ 14].
وأما من خفّف فقال: كذبوا فهو من كذبتك الحديث، أي: لم أصدقك.
وفي التنزيل وقعد الذين كذبوا الله ورسوله [التوبة/ 90]، وقياسه إذا اعتبر بالخلاف أن يتعدى إلى مفعولين، كما تعدّى صدق في قوله: لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق [الفتح/ 27]، وقال الأعشى:
فصدقته وكذبته... والمرء ينفعه كذابه
قال سيبويه: كذب يكذب كذبا، وقالوا: كذّابا، فجاءوا به على فعّال، وقد خففه الأعشى، وقال ذو الرمة:
وقد حلفت بالله ميّة ما الّذي... أقول لها إلا الذي أنا كاذبه
والضمير في قوله: وظنوا أنهم قد كذبوا للمرسل إليهم، التقدير: ظنّ المرسل إليهم أن الرّسل قد كذبوهم فيما أخبروهم به من أنهم إن لم يؤمنوا نزل بهم العذاب، وإنما ظنّوا
[الحجة للقراء السبعة: 4/442]
ذلك لما شاهدوه من إمهال الله إياهم، وإملائه لهم، فإن قلت: كيف يجوز أن يحمل الضمير في ظنّوا على أنه للمرسل إليهم الرسل، والذي تقدم ذكرهم الرسل دون المرسل إليهم؟
قيل: إن ذلك لا يمتنع، لأن ذكر الرسل، يدلّ على المرسل إليهم لمقارنة أحد الاسمين للآخر، ولما في لفظ الرسل من الدلالة على المرسل إليهم، وقد قال الشاعر:
أمنك البرق أرقبه فهاجا... فبتّ إخاله دهما خلاجا
أي بتّ أخال الرعد صوت دهم، فأضمر الرعد ولم يجر له ذكر لدلالة البرق عليه لمقارنة لفظ كلّ واحد منهما الآخر، وفي التنزيل: سرابيل تقيكم الحر [النحل/ 81] واستغني عن ذكر البرد، لدلالة الحرّ عليه، وإن شئت قلت: إنّ ذكرهم قد جرى في قوله: أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم [يوسف/ 109]، فيكون الضمير للذين من قبلهم من مكذبي الرسل وإن ذهب ذاهب إلى أن المعنى: ظنّ الرسل أن الذي وعد الله أممهم على لسانهم قد كذبوا أو كذبوا فقد أتى عظيما لا يجوز أن ينسب مثله إلى الأنبياء، ولا إلى صالحي عباد الله، وكذلك من زعم أن ابن عباس ذهب إلى أن الرسل قد ضعفوا فظنوا أنهم قد أخلفوا، لأن الله لا يخلف الميعاد، ولا مبدّل لكلماته.
[الحجة للقراء السبعة: 4/443]
حدثنا أحمد بن محمد قال: حدّثنا المؤمّل بن إسماعيل ابن عليّة عن أبي المعلى عن سعيد بن جبير في قوله: حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا قال: فقال ابن جبير: إن الرسل يئسوا من قومهم أن يؤمنوا، وإن قومهم ظنّوا أن الرسل قد كذبوا فيما قالوا لهم، فأتاهم نصر الله على ذلك). [الحجة للقراء السبعة: 4/444]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله تعالى: فننجي من نشاء [110] فقرأ ابن كثير ونافع، وأبو عمرو، وحمزة والكسائي: فننجي من نشاء بنونين: الأولى مضمومة، والثانية ساكنة.
وروى نصر بن علي عن أبيه عن أبي عمرو فنجي من نشاء يدغم. قال أحمد: هذا غلط في قوله: يدغم، ليس هذا موضعا يدغم فيه، إنما أراد أنّها محذوفة النون الثانية في الكتاب وفي اللفظ بنونين، الأولى متحركة، والثانية ساكنة، [ولا يجوز إدغام المتحرك في الساكن، لأن النون الثانية ساكنة، والساكن لا يدغم فيه متحرك] و [كذلك] النون لا تدغم في الجيم، [فمن قال: يدغم فهو غلط، ولكنها حذفت من الكتاب، أعني النون الثانية لأنها ساكنة تخرج من الأنف، فحذفت من الكتاب، وهي في اللفظ مثبتة]. وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وحفص وابن عامر: فنجي من نشاء مشدّدة الجيم مفتوحة الياء بنون واحدة. وروى ابن اليتيم عن أبي حفص عمرو بن الصباح عن أبي عمر عن عاصم: فنجي بنون واحدة.
[الحجة للقراء السبعة: 4/444]
وروى هبيرة عن حفص عن عاصم بنونين، وفتح الياء، وهذا غلط من قول هبيرة.
من قال: فننجي من نشاء كان ننجي* حكاية حال.
ألا ترى أن القصّة فيما مضى، وإنما حكى فعل الحال على ما كانت عليه، كما أنّ قوله: إن ربك ليحكم بينهم [النحل/ 124] حكاية للحال الكائنة، وكما أنّ قوله: ربما يود الذين كفروا [الحجر/ 2]، جاء هذا النحو على الحكاية، كما أنّ قوله: هذا من شيعته، وهذا من عدوه [القصص/ 15]، إشارة إلى الحاضر، والقصة ماضية لأنه حكى الحال.
ومن حكاية الحال قوله: وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد [الكهف/ 18]، فلولا حكاية الحال لم يعمل اسم الفاعل، لأنه إذا مضى اختصّ، وصار معهودا، فخرج بذلك من شبه الفعل، ألا ترى أن الفعل لا يكون معهودا، فكما أن اسم الفاعل إذا وصف أو حقّر لم يعمل عمل الفعل لزوال شبه الفعل عنه باختصاصه الذي يحدثه فيه التحقير والوصف كذلك إذا كان ماضيا.
فأما النون الثانية من ننجي* فهي مخفاة مع الجيم، كذلك النون مع سائر حروف الفم، لا تكون إلّا مخفاة، قال أبو عثمان: وتثبيتها معها لحن.
والنون مع الحروف ثلاث أحوال: الإدغام، والإخفاء،
[الحجة للقراء السبعة: 4/445]
والبيان، فإنما تدغم إذا كانت مع مقاربها، كما يدغم سائر المقاربة فيما قاربة، والإخفاء فيها مع حروف الفم التي لا تقاربها، والبيان فيها مع حروف الحلق، فأما حذف النون الثانية من الخط فيشبه أن يكون لكراهة اجتماع المثلين فيه، ألا ترى أنهم كتبوا مثل: العليا، والدنيا، ويحيا، ونحو ذلك بالألف، ولولا اجتماعها مع الياء لكتبت
بالياء، كما كتبت:
حبلى ويخشى، وما لم يكن فيه ياء، من هذا النحو بالياء فكأنهم لما كرهوا اجتماع المثلين في الخط، حذفوا النون، وقوّى ذلك أنه لا يجوز فيها إلا الإخفاء، ولا يجوز فيها البيان، فأشبه بذلك الإدغام، لأن الإخفاء لا يتبيّن فيه الحرف المخفى، كما أن الإدغام لا يبيّن فيه الحرف المدغم بيانه في غير الإدغام، فلما وافق النون المدغم في هذا الوجه استجيز حذفه في الخط، ومن ذهب إلى أن النون الثانية مدغمة في الجيم، فقد غلط لأنها ليست بمثل للجيم، ولا مقارب له، فإذا خلا الحرف من هذين الوجهين لم يدغم فيما اجتمع فيه.
ووجه قراءة عاصم: فنجي من نشاء أنه أتى به على لفظ الماضي لأن القصة ماضية. ويقوّي قوله: أنه قد عطف عليه فعل مسند إلى المفعول وهو قوله: ولا يرد بأسنا [يوسف/ 110] ولو كان ننجي* مسندا إلى الفاعل كقول من خالفه، لكان لا نردّ أشبه ليكون مثل المعطوف عليه.
وما رواه هبيرة عن حفص عن عاصم بنونين، وفتح الياء فهو غلط- كما قال أحمد بن موسى- من الراوي لأنه لا شيء هاهنا ينتصب به الياء من قوله: فننجي والنون الأولى
[الحجة للقراء السبعة: 4/446]
للمضارعة، فلا يجوز أن تنتصب من غير ناصب له). [الحجة للقراء السبعة: 4/447]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس ومجاهد والضحاك، بخلاف عنهم: [وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كَذبُوا] بفتح الكاف والذال خفيفة.
قال أبو الفتح: تقديره: حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذَبوا فيما أَتوا به من الوحي إليهم جاءهم نصرنا). [المحتسب: 1/350]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({حتّى إذا استيأس الرّسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين}
[حجة القراءات: 365]
قرأ ابن كثير في رواية البزي فلمّا (استايسوا منه) (حتّى إذا استايس) بغير همز وتقديم الألف والأصل الهمز لأنّه من اليأس والعرب تقول يئست وأيست لغتان فمن قال استايس بغير همز فهي على لغة من يقول أيست نقل العين إلى موضع الفاء فصار استعفل استأيس ثمّ خففت الهمزة فصارت ألفا لسكونها وانفتاح ما قبلها فصارت استايس وهو من الأياس
وقرأ الباقون {حتّى إذا استيأس} بالهمز من اليأس على لغة من يقول يئست فالياء فاء الفعل والهمز عينه والعرب تقول يئس واستيأس وعجب واستعجب وسخر واستسخر وفي التّنزيل {وإذا رأوا آية يستسخرون}
قرأ أهل الكوفة {وظنوا أنهم قد كذبوا} بالتّخفيف من قولك كذبتك الحديث أي لم أصدقك وفي التّنزيل {وقعد الّذين كذبوا الله ورسوله} وفيها وجهان من التّفسير أحدهما حتّى إذا استيأس الرّسل من إيمان قومهم وظن قومهم أن الرّسل قد كذبوا بمعنى أخلفوا ما وعدوه ن النّصر جاء الرّسل نصرنا فجعل الضّمير في قوله {ظنّوا} للقوم وجعل الظّن موافقا لفظه معناه فإن قيل كيف يجوز أن يحمل الضّمير في {ظنّوا} على القوم والّذي تقدم ذكره الرّسل قيل إن ذلك لا يمتنع لأن ذكر الرّسل يدل على المرسل إليهم فلهذا جاز أن يحمل الضّمير على المرسل إليهم والوجه الآخر حتّى إذا استيأس الرّسل من إيمان قومهم وظن
[حجة القراءات: 366]
قومهم أن الرّسل قد كذبتهم فيما أخبروهم به من أنهم إن لم يؤمنوا بهم نزل بهم العذاب ثمّ رد إلى ما لم يسم فاعله فقيل إنّهم كناية عن القوم
قرأ أهل الحجاز والبصرة والشّام {كذبوا} بالتّشديد وفي التّنزيل {ولقد كذبت رسل} وقوله {فكذبوا رسلي} وجعلوا الضّمير في ظنّوا للرسل والظّن بمعنى اليقين وحجتهم في ذلك أن ذكر الرّسل قد تقدم ولم يتقدّم ذكر المرسل إليهم فيجعل الضّمير لهم وإذا كان ذلك كذلك فالأولى أن يجعل الضّمير للرسل فيكون الفعلان للرسل ويصير كلاما واحدًا ومعنى الآية حتّى إذا استيأس الرّسل من إيمان قومهم وظنوا أي أيقنوا أن قومهم قد كذبوهم جاءهم نصرنا أي جاء الرّسل نصرنا وقال قوم ليس الظّن بمعنى اليقين بل لفظه معناه قالوا ومعنى الآية حتّى إذا استيأس الرّسل ممّن كذبهم من قومهم أن يصدقوهم وظنت الرّسل بأن من قد آمن بهم من قومهم قد كذبوهم جاءهم نصر الله عند ذلك قالت عائشة رضي الله عنها لم يزل البلاء بالرسل حتّى خافوا أن يكون من معهم من المؤمنين قد كذبوهم
قرأ عاصم وابن عامر {فنجي من نشاء} بنون واحدة وتشديد الجيم وفتح الياء على ما لم يسم فاعله وحجتهما أن القصّة ماضية فأتيا ب نجي على لفظ الماضي ويقوّي هذا أنه قد عطف عليه فعل لم يسم فاعله وهو قوله {ولا يرد بأسنا} ولو كان ننجي مسندًا إلى الفاعل كقول من خالفه لكان لا نرد ليكون مثل المعطوف عليه
[حجة القراءات: 367]
وقرأ الباقون (فننجي من نشاء) بنونين وحجتهم قوله {إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا} وقوله (فننجي من نشاء) حكاية حال الأمر من القصّة فيما مضى كما أن قوله {هذا من شيعته وهذا من عدوه} إشارة إلى الحاضر والقصة ماضية لأنّه حكى الحال). [حجة القراءات: 368]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (28- قوله: {قد كذبوا} قرأه الكوفيون بالتخفيف، وشدد الباقون.
وحجة من شدد أنه حمله على معنى أن الرسل تلقاهم قومهم بالتكذيب، فالظن بمعنى اليقين، وفي «ظنوا» ضمير الرسل، فالهاء والميم في «أنهم» للرسل. فعطفوه على {استيأس الرسل} والتقدير: وأيقن الرسل أن قومهم قد كذبوهم فيما جاؤوهم به من عند الله جل ذكره، ودليله قوله تعالى: {لقد كذبت رسلٌ من قبلك} «الأنعام 34» وقوله: {فكذبوا رسلي} «سبأ 45» وقوله: {إن كل إلا كذب الرسل} «ص 14»، وقد روي عن عائشة رضي الله عنها في هذه القراءة معنى غير ما ذكرناه، أنها قالت: لحق الرسل البلاء والضرر حتى ظنوا أن المؤمنين بهم قد كذبوهم لما لحق المؤمنين من الفتن على الإيمان فيكون الظن على هذا بمعنى الشك، والتقدير: وظن الرسل أن من آمن بهم قد كذبوهم لما لحقهم من البلاء من الكفار.
29- وحجة من خفف أنه حمله على معنى أن المرسل إليهم ظنوا أنهم قد كذبوا فيما أتتهم به الرسل، فالظن بمعنى الشك أو بمعنى اليقين، وفي «ظنوا» ضمير المرسل إليهم، والهاء والميم في «أنهم» للمرسل إليهم، أي: وظن المرسل غليهم أنهم لم يصدقوا فيما قيل لهم، وما توعدوا به من إتيان العذاب على كفرهم.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/15]
أي: ظنوا أنهم لم يصدقهم الرسل فيما أتوهم به من عند الله جل ذكره من إتيان العذاب إليهم، أو من الأمر بالإيمان والتوحيد جاءهم نصرنا، أي: جاء الرسل نصر الله على قومهم، وهو العذاب، ومعنى ذلك أن المرسل إليهم لما رأوا إمهال الله لهم بما توعدهم به الرسل، إن لم يؤمنوا، شكوا في صدق الرسل، وحسن أن يكون الضمير في {ظنوا} وفي {أنهم} للمرسل إليهم، ولم يجز لهم ذكر؛ لأن ذكر الرسل يدل على أن ثم مرسلًا إليهم، وقوله: {حتى إذا استيأس الرسل} «110» يدل على إياسهم من إتيان المرسل إليهم، ويجوز في هذه القراءة أن يكون الضمير في {ظنوا} وفي {أنهم} للرسل مثل القراءة الأولى، والظن بمعنى اليقين، على معنى: فأيقن الرسل أنهم لم يصدقهم قومهم في وعدهم بقبول ما أتوهم به، وقد روي عن ابن عباس أنه قال: دخل الرسل الشك لما أبطأ عنها العذاب لقومها، وعنه أنه قال: ظن الرسل أنهم أخلفوا والظن بمعنى الشك في هذين القولين، دخل الرسل ما يدخل البشر، واستشهد ابن عباس على ذلك بقول إبراهيم: {ولكن ليطمئن قلبي} «البقرة 260» وبقول نوح: {إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق} «هود 45» قال ابن عباس: كانوا بشرا، يعتريهم ما يعتري البشر من الشك، وقد قال عزير {أنى يحيي هذه الله بعد موتها} «البقرة 259» فاستبعد إحياء الله لبيت المقدس بعد خرابها، وقد روي عن عائشة أنها أنكرت القراءة بالتخفيف. وقالت: معاذ الله، لم تكن الرسل لتظن ذلك بربها، تريد: أن الرسل لا تشك في وعد الله ووعيده، وقالت: هم أتباع الرسل، طال عليهم البلاء، واستأخر عنهم النصر حتى ظن الرسل أن أتباعهم قد كذبوهم، فالظن بمعنى الشك، والتشديد هو الاختيار، لما ذكرنا، ولأن الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/16]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (30- قوله: {فنجي من نشاء} قرأ عاصم وابن عامر بنون واحدة، وتشديد الجيم، وفتح الياء، وقرأ الباقون بنونين، وتخفيف الجيم، وإسكان الياء.
وحجة من قرأ بنون واحدة أنه جعل الفعل ماضيًا، لأن القصة قد مضت، فطابق بين اللفظ والمعنى، وبين الفعل للمفعول، و{من} تقوم مقام الفاعل، ويقوي ذلك أنه قد عطف عليه فعل بني للمفعول أيضًا، وهو قوله: {ولا يرد}، وأيضًا فإنها في أكثر المصاحف بنون واحدة.
31- وحجة من قرأ بنونين أنه جعل الفعل حكاية عن حال يكون فيما بعد، وجعله من «أنجى» وبناه على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه، ردًا على قوله: {جاءهم نصرنا} فأخبر عن نفسه بالنصر، كذلك أخبر عن نفسه بالإنجاء، وأيضًا فإن بعده إخبارًا أيضًا وهو قوله: {من نشاء}، وقوله: {بأسنا}، فحمل «ننجي» على ما قبله وما بعده، فذلك أحسن في المطابقة واتصال بعض الكلام ببعض، وهو الاختيار، إذ عليه الأكثر، واختار أبو عبيد {فنجي} بنون واحدة، على ما لم يسم فاعله، وتعقب عليه ابن قتيبة، فاختار بنونين كقراءة الجماعة، وقال: إنما كتبت في المصحف بنون واحدة لأن الثانية خفيت عند الجيم، لأنك تقول: إذا أتانا مال قبضناه فنصل به من نشاء، ولا تقول: فوصل به من نشاء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/17]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (28- {أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} [آية/ 110] مخففة الذال:
قرأها عاصم وحمزة والكسائي.
والوجه أنه من قولك: كذبته الحديث فهو مكذوب، إذا أخبرته عنه على خلاف ما هو عليه، قال الله تعالى {وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا الله وَرَسُولَهُ}، والمعنى ظن القوم الذين أرسل إليهم الرسل أن الرسل قد كذبوهم فيما أخبروهم به من نزول العذاب بهم، وإنما ظنوا ذلك لما عهدوه من إمهال الله تعالى إياهم، والظن ههنا على أصله ولا يكون بمعنى اليقين.
وقرأ الباقون {كُذِّبُوا} مشددة الذال.
والوجه أنه من التكذيب وهو نسبة المخبر إلى الكذب، والمعنى حتى إذا استيأس الرسل من إيمان القوم ظن الرسل أيضًا أنهم قد كُذبوا أي كذّبهم قومهم، والظن ههنا بمعنى اليقين، أي أيقنوا أن القوم كذّبوهم). [الموضح: 691]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (29- {فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ} [آية/ 110] بنون واحدة وبتشديد الجيم وفتح الياء:
قرأها ابن عامر وعاصم ويعقوب.
[الموضح: 691]
والوجه أنه فعل ماضٍ لما لم يسم فاعله، وموضع {مَنْ نَشَاءُ} رفعٌ؛ لأنه مفعول الفعل الذي لم يسم فاعله، ومعنى {نُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ} أي جُعل ناجيًا، يقال نجا فلانٌ، ونجيته أنا وأنجيته أيضًا، وإنما بُني الفعل للمفعول به؛ لأن ما بعده كذلك وهو قوله {وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا}.
وقرأ الباقون {فَنُنْجِي} بنونين وتخفيف الجيم وسكون الياء.
والوجه أن الفعل مضارع أُسند إلى ضمير المخبرين، والمراد من المضارع حكاية الحال كما قال تعالى {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}، وموضع {مَنْ نَشَاءُ} نصبٌ على أنه مفعول به، والنون الثانية من ننجي أُخفيت مع الجيم؛ لأنها من حروف الفم، والنون مع حروف الفم تُخفى ولا تُظهر، وكُتبت في المصحف بنون واحدة؛ لأنها مخفاة مع الجيم ولا يجوز فيها البيان، فأشبهت المدغم، وقال أبو عثمان: حُذفت إحدى النونين من الخط كراهة اجتماع المثلين). [الموضح: 692]

قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة عيسى الثقفي: [وَلَكِنْ تَصْدِيقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ] برفع الثلاثة الأحرف.
قال أبو الفتح: أي ولكن هو تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة، فحُذف المتبدأ وبقي الخبر. ويجوز على هذا الرفع في قوله تعالى: [مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولُ اللَّهِ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ] أي: ولكن هو رسول الله). [المحتسب: 1/350]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:05 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة