العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 08:14 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (57) إلى الآية (58) ]

{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57) وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58)}

قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وهو الّذي يرسل الرّياح بشرًا... (57).
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والحضرمي (نشرًا) بضم النون والشين في كل القرآن،
[معاني القراءات وعللها: 1/408]
وقرأ ابن عامر (نشرًا) بضم النون وسكون الشين، وقرأ عاصم (بشرًا) بالباء وسكون الشين حيث وقع، وقرأ حمزة والكسائي (نشرًا) بفتح النون وسكون الشين حيث وقع.
قال أبو منصور: من قرأ (نشرًا) و(نشرًا) فهو جمع نشور ريحٌ نشورٌ: تنشر السحاب، أي: تبسطها في السماء.
ومن قرأ (بشرًا) بالباء فهو جمع بشيرة، كما قال: (وهو الّذي أرسل الرّياح بشرًا بين يدي رحمته).
ومن قرأ (نشرًا) فالمعنى: هو الذي يرسل الرياح ذات نشر تنشر السحاب (نشرًا).
وقيل: (بشرًا) أي: مبشرة.
وأخبرني المنذري عن أبي العباس أنه قال: من قرأ (نشرًا) فمعناه: لينة طيبة). [معاني القراءات وعللها: 1/409]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (14- وقوله تعالى: {يرسل الرياح بشرا} [57].
قرأ حمزة والكسائي {نشرا} بفتح النون، أي: إحياء، من قوله تعالى: {والناشرات نشرا}.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو {نشرا} بضم النون والشين، جعلوه جمع ريح نشور مثل: امرأة صبور، والجمع نشر وصبر.
وقرأ ابن عامر {نشرا} بضم النون وإسكان الشين، أراد: نشرًا فخفف مثل رسل ورسل والريح النشور هي: التي تهب من كل جانب، وتجمع السحابة الممطرة فيحيي الله به الأرض بعد موتها.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/186]
وقرأ عاصم {بشرا} بالباء وإسكان الشين جعلها جمع بشور، أي: تبشر بالمطر من قوله تعالى: {الرياح مبشرات}.
ويجوز في النحو وجهان، ولم يقرأ بهما أحد بشرى، وبشرى مثل حبلى، وبشرى بمعنى البشارة بين يدي رحمته. والرحمة هاهنا: المطر. وسمى المطر رحمة، لأن الله يرحم به عباده، كما سميت الجنة رحمة، إذ كانوا يدخلونها برحمته، وذلك حيث يقول: {وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون} وإلى ذلك وجه الفراء قوله تعالى: {إنْ رحمة الله قريب} [56] ولم يقل قريبة إذا كانت الرحمة يعني بها كالمطر هاهنا.
وقال آخرون: {قريب} صفة لمكان أي: إن رحمة الله مكان قريب، كقوله: {وما يدريك لعل الساعة قريب} أي زمان قريب.
وقال آخرون: لما كانت الرحمة تأنيثها غير جائز جاز تذكيره، وقد بينا نحو ذلك فيما سلف من الكتاب.
[وقال آخرون]: إنما ذكرت الرحمة، لأنك إنما عنيت بها الغفران، وإلى هذا ذهب محمد بن القاسم الأنباري رحمه الله. وقال النحويون: إن قريبًا منك الماء وإن بعيد منك الماء فيرفعون مع البعيد وينصبون مع القريب.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/187]
وقال أبو عبيدة: قريب وبعيد لو كانتا صفتين دخلت عليهما الهاء ولكنهما ظرفان ولا يثنيان ولا يجمعان ولا يؤنثان وأنشد:
تؤرقني وقد أمست بعيدا = وأصحابي بعيهم أو تبالة
[عيهم وتبالة] موضعان. وعليهم: - في غير هذا الجَمَلُ الضخم أنشدني ابن عرفة:
ومنقوشة نقش الدنانير عوليت = على عجل فوق العتاق العياهم
[العياهم]: المنقوشة المحمل). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/188]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله: وهو الّذي يرسل الرّياح نشرا بين يدي رحمته [الأعراف/ 57]، فقرأ ابن كثير: وهو الّذي يرسل الرّيح واحدة، (نشرا) مضمومة النون والشين.
وقرأ أبو عمرو، ونافع: (الرياح) جماعة (نشرا) مضمومة النون والشين أيضا. وقرأ ابن عامر: (الرّياح) جماعة (نشرا) مضمومة النون ساكنة الشين.
[الحجة للقراء السبعة: 4/31]
وقرأ عاصم: الرياح جماعة. بشرا بالباء. ساكنة الشين منونة.
وقرأ حمزة والكسائيّ: (الريح) على التوحيد، (نشرا) بفتح النون ساكنة الشين منونة.
القول في إفراد الريح وجمعها:
اعلم أنّ الريح اسم على فعل، والعين منه واو، فانقلبت في الواحد للكسرة.
فأمّا في الجمع القليل: أرواح، فصحّت لأنّه لا شيء فيه يوجبها الإعلال، ألا ترى أن الفتحة لا توجب إعلال هذه الواو في نحو قوم، وقول، وعون؟
وأمّا في الجمع الكثير فرياح، فانقلبت الواو ياء للكسرة التي قبلها، وإذا كانت قد انقلبت في نحو ديمة، وديم، وحيلة وحيل، فأن تنقلب في رياح أجدر لوقوع الألف بعدها، والألف تشبه الياء، والياء إذا تأخّرت عن الواو أوجبت فيها الإعلال؛ فكذلك الألف لشبهها بها، وقد يجوز أن يكون (الريح) على لفظ الواحد، ويراد بها الكثرة. كقولك: كثر
[الحجة للقراء السبعة: 4/32]
الدينار والدرهم، والشاء والبعير، وإن الإنسان لفي خسر [العصر/ 2]، ثم قال: إلا الذين آمنوا [العصر/ 3]، فكذلك من قرأ: (الريح- نشرا)، فأفرد، ووصفه بالجمع، فإنّه حمله على المعنى وقد أجازه أبو الحسن. وقد قال:
فيها اثنتان وأربعون حلوبة... سودا.....
فمن نصب حمله على المعنى لأن المفرد يراد به الجمع، وهذا وجه قراءة ابن كثير. ألا ترى أنّه أفرد الريح، ووصفه بالجمع في قوله: (نشرا بين يدي رحمته) [الأعراف/ 57]، فلا تكون الريح على هذا إلّا اسم الجنس.
[الحجة للقراء السبعة: 4/33]
وقول من جمع الريح، إذا وصفها بالجميع الذي هو (نشرا) أحسن، لأنّ الحمل على المعنى ليس بكثرة الحمل على اللفظ، ويؤكد ذلك قوله: الرياح مبشرات فلمّا وصفت بالجمع جمع الموصوف أيضا.
ومما جاء فيه الجمع القليل بالواو قول ذي الرّمّة:
إذا هبّت الأرواح من نحو جانب... به آل ميّ هاج شوقي هبوبها
وليس ذلك كعيد وأعياد، لأنّ هذا بدل لازم، وليس البدل في الريح كذلك. فأمّا ما
جاء في الحديث من أنّ النبي، صلّى الله عليه وآله وسلّم كان يقول إذا هبّت ريح: «اللهمّ اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا»، فلأنّ عامّة ما جاء في التنزيل، على لفظ الرياح للسقيا والرحمة كقوله: [عزّ من قائل]: وأرسلنا الرياح لواقح [الحجر/ 22]. وكقوله: ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات [الروم/ 46] وقوله الله الذي يرسل الرياح فتثير
[الحجة للقراء السبعة: 4/34]
سحابا فيبسطه في السماء [الروم/ 48].
وما جاء بخلاف ذلك جاء على الإفراد كقوله: وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم [الذاريات/ 41]، وقوله:
وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر [الحاقة/ 6]، بل هو ما استعجلتم به، ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر ربها [الأحقاف/ 24]، فجاءت في هذه المواضع على لفظ الإفراد وفي خلافها على لفظ الجميع.
أبو عبيدة: (نشرا) أي متفرقة من كلّ جانب، وقال أبو زيد: قد أنشر الله الريح إنشارا، إذا بعثها، وقد أرسلها نشرا بعد الموت.
قال أبو علي: أنشر الله الريح إنشارا مثل أحياها، فنشرت هي، أي: حييت، والدليل على أنّ إنشار الريح إحياؤها قول المرّار الفقعسي:
[الحجة للقراء السبعة: 4/35]
وهبّت له ريح الجنوب وأحييت... له ريدة يحيي المياه نسيمها
وكما جاء أحييت كذلك ما حكاه أبو زيد من قولهم:
أنشر الله الريح، معناه: الإحياء. وممّا يدلّ على ذلك أنّ الريح قد وصفت بالموت، كما وصفت بالحياة: قال.
إني لأرجو أن تموت الريح... فأقعد اليوم وأستريح
فقال: تموت الريح. بخلاف ما قاله الآخر:
وأحييت له ريدة...
والرّيدة: الريح، قال:
أودت به ريدانة صرصرّ وقراءة من قرأ (نشرا) يحتمل ضربين: يجوز أن يكون جمع ريح نشور، وريح ناشر. ويكون: ناشر على معنى
[الحجة للقراء السبعة: 4/36]
النسب؛ فإذا جعلته جمع نشور احتمل أمرين: أحدهما: أن يكون النشور بمعنى المنتشر، كما أنّ الركوب بمعنى المركوب.
قال:
وما زلت خيرا منك مذ عضّ كارها... بلحييك عاديّ الطريق ركوب
وقال أوس:
تضمّنها وهم ركوب كأنّها * إذا ضمّ جنبيه المخارم رزدق كأنّ المعنى: ريح أو رياح منشرات.
ويجوز أن يكون نشرا: جمع نشور يراد به الفاعل، كأنّه كطهور ونحوه من الصفات.
ويجوز أن يكون نشرا: جمع ناشر، كشاهد وشهد، وبازل وبزل، وقاتل وقتل، وقال الأعشى:
إنا لأمثالكم يا قومنا قتل
[الحجة للقراء السبعة: 4/37]
وقول ابن عامر: نشرا يحتمل الوجهين: أن يكون جمع فعول وفاعل، فخفّف العين، كما يقال: كتب ورسل، ويكون جمع فاعل كبازل وبزل وعائط وعيط.
وأمّا قراءة حمزة والكسائيّ نشرا فإنه يحتمل ضربين: يجوز أن يكون المصدر حالا من الريح فإذا جعلته حالا منها احتمل أمرين: أحدهما أن يكون النّشر الذي هو خلاف الطيّ، كأنّها كانت بانقطاعها كالمطويّة، ويجوز على تأويل أبي عبيدة، أن تكون متفرقة في وجوهها.
والآخر: أن يكون النشر، الذي هو الحياة في قوله:
يا عجبا للميّت الناشر
فإذا حملته على ذلك وهو الوجه، كان المصدر يراد به الفاعل كما تقول: أتانا ركضا، أي: راكضا، ويجوز أن يكون المصدر يراد به المفعول، كأنّه يرسل الرياح إنشارا، أي: محياة؛ فحذف الزوائد من المصدر كما قالوا: عمرك الله، وكما قال:
فإن يهلك فذلك كان قدري
أي: تقديري.
[الحجة للقراء السبعة: 4/38]
والضرب الآخر: أن يكون نشرا على قراءتهما ينتصب انتصاب المصادر من باب صنع الله [النمل/ 88].
لأنه إذا قال يرسل الرياح دلّ هذا الكلام على: ينشر الريح نشرا أو تنشر نشرا، من قوله:
كما تنشّر بعد الطية الكتب... ومن نشرت الريح مثل نشر الميت.
وقراءة عاصم: بشرا؛ فهو جمع بشير، وبشر من قوله:
يرسل الرياح مبشرات [الروم/ 46]. أي تبشّر بالمطر والرحمة، وجمع بشيرا على بشر، ككتاب وكتب). [الحجة للقراء السبعة: 4/39]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن بخلاف وقتادة وأبي رجاء والجحدري وسهل بن شعيب: [نُشْرًا] بضم النون وجزم الشين.
وقرأ: [بَشْرًا] -بفتح الباء ساكنة الشين- أبو عبد الرحمن بخلاف.
وقرأ: [بُشُرًا] -بالباء مضمومة منونين- ابن عباس والسلمي بخلاف وعاصم بخلاف.
وقرأ: [بُشْرى] -غير منونة على فُعْلَى- محمد بن السميفع وابن قطيب.
وقرأ: [نَشَرًا] -بفتح النون والشين- مسروق.
قال أبو الفتح: أما [نُشْرًا] فتخفيف [نُشُرًا] في قراءة العامة، والنُّشُر جمع نَشُور؛ لأنها تَنْشُر السحاب وتستدرُّه، والتثقيل أفصح لأنه لغة الحجازيين، والتخفيف في نحو ذلك لتميم.
وأما [بُشُرًا] فجمع بشير؛ لأنه الريح تبشِّر بالسحاب.
وأما [بَشْرًا] فمصدر في موضع الحال، كقول الله تعالى: {ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا} أي: ساعيات، فكذلك [بَشْرًا] أي: باشرات في معنى مبشرات، يقال: بَشَرتُ الرجل أبشُرُه بَشْرًا، فأنا باشر وهو مبشور، وأبشرته أُبْشِرُه، فأنا مُبْشِر وهو مُبْشَر. وبشَّرتُه تبشيرًا، فأنا مُبَشِّر وهو مُبَشَّر. وبَشِر بالأمر يَبْشَر به، فهو بَشِرٌ، كفرح به يفرح فرحًا، وهو فَرِح، وأبشر هو أيضًا يُبْشِرُ إبشارًا، ومنه المثل السائر:
أبشر بما سرك عيني تختلج
[المحتسب: 1/255]
والبِشَارَة: حسن البَشَرَة، قال أبو إسحاق: قيل لما يُفْرَح به بِشارة؛ لأن الإنسان إذا فرح حسنت بَشَرته.
فإن قيل: فإن البَشَرة قد يبين عليها الحسن تارة والقبح أخرى، فكيف خُص به هاهنا حسنها دون قبحها؟
قيل: من عادتهم أن يوقعوا على الشيء الذي يختصونه بالمدح اسم الجنس المطلق على جميع أجزائه المختلفة، ألا تراهم قالوا: لفلان خُلُق فخصوه بالمدح، وإن كان الخلق يكون قبيحًا كما يكون حسنًا؟
وقالوا للكعبة: بيت الله، والبيوت كلها لله، فخصوا باسم الجنس أشرف أنواعه.
وقالوا: فلان متكلم، يعنون به صاحب النظر، والناس كلهم متكلمون.
وأما [بُشْرَى] على فُعْلَى فمنصوبة على الحال أيضًا؛ أي: مُبِشِّرات على ما مضى.
وفي [نَشَرًا] فعلى حذف المضاف؛ أي: ذوات نشر، والنَّشَر أن تنتشر الغنم بالليل فترعى، فهذا على تشيبه السحاب في انتشاره وعمومه من هاهنا ومن هاهنا بالغنم إذا انتشرت للرعي). [المحتسب: 1/256]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وهو الّذي يرسل الرّياح بشرا بين يدي رحمته}
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو (نشرا بين) بضم النّون والشين جمع نشور كقولك صبور وصبر وعجوز وعجز ورسول ورسل قال اليزيدي العرب تقول هذه رياح نشر مثل قولك نساء صبر قال أبو عبيد الرّيح النشور الّتي تهب من كل جانب وتجمع السحابة الممطرة وقال غيره الرّيح النشور الّتي تنشر السّحاب
وقرأ الباقون نشرا بضم النّون وسكون الشين أراد {نشرا} فخفف مثل رسل ورسل
وقرأ حمزة والكسائيّ {نشرا} بفتح النّون وسكون الشين قال الفراء النشر من الرّياح الطّيبة اللينة الّتي تنشئ السّحاب فكأن الفراء ذهب إلى أن النشر صنف من صنوف الرّياح ونوع من أنواعها
وقال آخرون يجوز أن يكون قوله {نشرا} مصدر نشرت الرّيح السّحاب نشرا فكأن معنى ذلك على هذا التّأويل وهو الّذي يرسل الرّياح ناشرة للسحاب ثمّ اكتفى بالمصدر عن الفاعل كما تقول العرب رجل صوم ورجل فطر أي صائم
[حجة القراءات: 285]
قال أبو عبيدة وحجته في هذه القراءة قوله {والناشرات نشرا}
وقرأ عاصم {بشرا} بالياء وإسكان الشين أخذه من البشارة وحجته قوله {ومن آياته أن يرسل الرّياح مبشّرات} وذلك أن الرّيح تبشر بالمطر وكان عاصم ينكر أن تكون الرّيح تنشر وكان يقول المطر ينشر أي يحيي الأرض بعد موتها يقال نشر وأنشر إذا أحيا). [حجة القراءات: 286]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (16- قوله: {بشرى بين يدي رحمته} قرأه الحرميان وأبو عمرو بنون مضمومة، وضم الشين، ومثلهم ابن عامر، غير أنه أسكن الشين، ومثله حمزة والكسائي، غير أنهما فتحا النون، وقرأ ذلك عاصم بياء مضمومة وإسكان الشين.
وحجة من ضم النون والشين أنه جعله جمع نشور، ونشور بمعنى ناشر، وناشر معناه محيي، كطهور بمعنى طاهر، جعل الريح ناشرة للأرض، أي: محيية لها إذ تأتي بالمطر الذي يكون النبات به، ويجوز أن يكون جميع نشور، ونشور بمعنى منشور، كركوب بمعنى مركوب وحلوب بمعنى محلوب، كأن الله جل
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/465]
ذكره أحيا الريح لتأتي بين يدي رحمته، فهي ريح منشورة أي: محياه، حكى أبو زيد: قد أنشر الله الريح انتشارًا إذا بعثها، ويجوز أن يكون «نشرا» جمع ناشر كشاهد وشُهد، وقاتل وقُتل، على ما تقدم أن الريح ناشرة للأرض أي: محيية لها بما تسوق من المطر.
17- وحجة من أسكن الشين وضم النون كالحجة فيما قبله، إلا أنه أسكن الشين استخفافًا كرسول ورسل وكتاب وكتب، والضم هو الأصل في ذلك كله.
18- وحجة من فتح النون وأسكن الشين أنه جعله مصدرًا، وأعمل فيه معنى ما قبله، كأنه قال: وهو الذي نشر الرياح نشرًا كقوله: {كتاب الله عليكم} «النساء 24» وكقوله: {صُنع الله الذي أتقن} «النمل 88» لأن قوله: {وهو الذي يرسل الرياح} يدل على نشرها، ويجوز أن يكون مصدرًا في موضع الحال من الرياح، كأنه قال: يرسل الرياح محيية للأرض، كما تقول: أتانا ركضًا، أي راكضًا، وقد قيل: إن تفسير «نشرًا» بالفتح من النشر الذي هو خلاف الطي، كأن الريح في سكونها كالمطوية، ثم ترسل من طيها ذلك، فتصير كالمتفتحة، وقد فسره أبو عبيد بمعنى متفرقة في وجوهها، على معنى: تنشرها ههنا وههنا، ويجوز أن يكون المصدر يُراد به المفعول، كقولهم: هذا درهم ضرب الأمير، أي: مضروبه، وكقوله: {هذا خلق الله} «لقمان 11» أي: مخلوقة، فيكون المعنى: يرسل الرياح منتشرة، أي محياة، ويكون «نشرا» بمعنى انتشارا، قد حذفت منه الزوائد.
19- وحجة من قرأ بالباء مضمومة أنه جعله جمع بشير، إذ الرياح تبشر بالمطر، وشاهده قوله: {يرسل الرياح مبشرات} «الروم 46» وأصل الشين الضم، لكن أسكنت تخفيفًا كرسول ورسل). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/466]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (15- {يُرْسِلُ الرِّيَاحَ} [آية/ 57] على الوحدة:
قرأها ابن كثير وحمزة والكسائي.
والوجه أنه على لفظ الواحد، والمراد به الكثرة، كما يقال: كثر الدينار والدرهم والشاة والبعير، وقال الله تعالى {إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ}، ولهذا قرأ من قرأ {الرِّيَحَ نَشْرًا} فأفرد الريح ووصفه بالجمع إذا كان الريح يراد به الجمع والكثرة؛ لأنه اسم جنس، والريح أصله روح على فعل، فانقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها، وكذلك في الجمع الكثير إذا قلت: رياح، قلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها، وأما الجمع القليل وهو أرواح فإن الواو صحت فيه وما قلبت؛ لأنه ليس فيه شيء يوجب القلب.
وقرأ الباقون {الرِّيَاحِ} بالجمع.
والوجه أن المعنى جمع، فالأحسن أن يأتي لفظه جمعًا ليوافق اللفظ المعنى، وإذا كان لفظ الريح إذا وقع في هذا الموضع كان على معنى الجمع، فلأن يقع لفظ الجمع نفسه أولى). [الموضح: 532]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (16- {نَشْرًا} [آية/ 57] مفتوحة النون، ساكنة الشين:-
قرأها حمزة والكسائي حيث وقع، وهو يحتمل وجهين:
[الموضح: 532]
أحدهما: أن يكون مصدرًا في موضع الحال، والتقدير: ناشرة، كما تقول: أتانا ركضًا أي راكضًا.
والثاني: أن ينتصب انتصاب المصادر؛ لأنه لما قال يرسل الرياح، دل هذا على ينشر، كأنه قال ينشر الريح السحاب نشرًا، والنشر ههنا ضد الطي، والمعنى على الوجه الأول إن الرياح تبسط السحاب في السماء، وعلى الثاني أنه تعالى يبسط الرياح.
وقرأ ابن عامر {نَشْرًا} بضم النون وإسكان الشين حيث وقع.
يجوز أن يكون جمع ريح نشور أو جمع ريح ناشر.
فإذا كان جمع نشور احتمل أن يكون فعول بمعنى مفعول كما أن ركوبًا بمعنى مركوب، وجاز أن يكون بمعنى مفعل كطهور ونحوه من الصفات.
وإذا كان جمع ناشر، فيجوز أن يكون بمعنى ذات نشر، كما يقال لابن وتامر، ويجوز أن يكون بمعنى مفعل كلاقح بمعنى ملقح، قال تعالى {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ}، أي ملقحات، فيكون ناشر بمعني منشر ثم خفف نشرًا بضم الشين فبقى نشرًا بإسكان الشين، كما خفف كتب من كتب، والكلمة ههنا من نشر الله الميت وأنشر، وقال أبو زيد، أنشر الله الريح أي أرسلها.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب {نُشُرًا} بضم النون والشين.
والوجه هو ما تقدم في قراءة ابن عامر، وهذه هي الأصل، وتلك مخففة منها.
[الموضح: 533]
وقرأ عاصم {بُشْرًا} بالباء مضمومة، والشين ساكنة حيث وقع.
والوجه أن {بُشْرًا} جمع بشير من قوله {يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ}، أي تبشر بالمطر، وفعيل يجمع على فعل ككثيب وكثب وقضيب وقضب، وفعيل وفعول وفعال كلها تجمع على فعل كقضيب ورسول وكتاب، وهن أخوات من حيث أن ثالثها حروف اللين). [الموضح: 534]

قوله تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 08:16 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (59) إلى الآية (64) ]

{لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59) قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (60) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (61) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (62) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (63) فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ (64) }

قوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعز: (ما لكم من إلهٍ غيره... (59).
[معاني القراءات وعللها: 1/409]
قرأ الكسائي وحده (ما لكم من إلهٍ غيره) خفضا في كل القرآن، وقرأ الباقون (غيره) رفعا، واتفق حمزة والكسائي على خفض قوله: (هل من خالقٍ غير اللّه).
وقرأ الباقون بالرفع.
قال أبو منصور: من قرأ (غيره) بالخفض جعله نعتا للإله، ومن قرأ (غيره) جعله تابعا، لتأويل (من إلهٍ)؛ لأن فعناه: مالكم إلهٌ غيره. و(من) زائدة). [معاني القراءات وعللها: 1/410]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّي أخاف عليكم... (59).
فتح (الياء) ابن كثير ونافع وأبو عمرو، وأسكنها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 1/410]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (16- وقوله تعالى: {ما لكم من إله غيره} [59].
قرأ الكسائي وحده: {غيره} بالخفض جعله نعتًا لما تقدم.
والباقون يرفعون، وهو الاختيار؛ لأن غيرًا إذا كانت بمعنى «إلا» جعلت على إعراب ما بعد «إلا» وأنت قائل ما لكم من إله إلا الله بالرفع و{لو كان فيهما آلهة إلا الله} لو جعلت مكان «إلا» «غير» رفعته فقلت: لو كان فيهما آلهة غير الله. وهذا بين واضح.
وحجة أخرى لمن رفع أن يجعلها نعت «إله» قبل دخول «من» وهي زائدة، والتقدير: ما لكم إله غيره.
فإن قال قائل: لم اختار الذين رفعوا «غير» هاهنا الخفض في قوله تعالى: {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير [بجناحيه إلا أمم أمثالكم]}.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/189]
فالجواب في ذلك: أن الكلام هاهنا نسق يصلح الوقف على ما قبله، والكلام هناك غير تام، على أن عيسى بن عمر وابن أبي إسحاق قد رفعا {ولا رطب ولا يابس} وأجاز الفراء رحمة الله عليه ما جاءني غيرك بالنصب وأنشد:
لم يمنع الشرب منها غير أن نطقت = حمامة في غصون ذات أوقال
يقال: توقل في النخلة: إذا صعد فيها.
وقال البصريون: غلط الفراء رحمه الله؛ لأن «غير» هاهنا إنما فتحت لأنها بنيت مع «أن» فأما قوله: {هل من خالق غير الله} فقرأها حمزة والكسائي بالخفض، على النعت لـــ {خالق}.
وقرأ الباقون بالرفع على ما تقدم من التفسير). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/190]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الرفع والخفض في قوله تعالى: من إله غيره [الأعراف/ 59].
فقرأ الكسائي وحده ما لكم من إله غيره* خفضا، وقرأ الباقون: [ما لكم من إله غيره] رفعا في كلّ القرآن.
وقرأ حمزة والكسائيّ: هل من خالق غير الله [فاطر/ 3] خفضا.
[الحجة للقراء السبعة: 4/39]
وقرأ الباقون: غير الله رفعا.
وجه قراءة الكسائي في: ما لكم من إله غيره* بالجرّ أنّه جعل غيرا صفة لإله على اللفظ، وجعل لكم مستقرا، أو جعله غير مستقر، وأضمر الخبر، والخبر: ما لكم في الوجود أو العالم، ونحو ذلك، لا بدّ من هذا الإضمار، إذا لم يجعل لكم مستقرا لأنّ الصفة والموصوف، لا يستقلّ بهما كلام.
وحجة من قرأ ذلك رفعا ما لكم من إله غيره قوله: وما من إله إلا الله [آل عمران/ 62]، فكما أنّ قوله إلّا الله بدل من قوله: ما من إله كذلك قوله: غير الله يكون بدلا من قوله من إله وغيره يكون بمنزلة الاسم الذي بعد إلّا، وهذا الذي ذكرنا أولى أن يحمل عليه من أن يجعل غير صفة لإله على الموضع.
فإن قلت: ما تنكر أن يكون إلا الله صفة لقوله: من إله على الموضع. كما كان قوله: لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا [الأنبياء/ 22]. صفة لآلهة.
فالقول أنّ «إلّا» بكونها استثناء أعرف، وأكثر من كونها صفة، وإنّما جعلت صفة على التشبيه بغير؛ فإذا كان بالاستثناء أولى حملنا: هل من خالق غير الله على الاستثناء من المنفي
[الحجة للقراء السبعة: 4/40]
في المعنى، لأنّ قوله: هل من خالق غير الله بمنزلة: ما من خالق غير الله، ولا بدّ من إضمار الخبر، كأنّه: ما من خالق للعالم غير الله، ويؤكّد ذلك قوله: لا إله إلا الله [محمد/ 19] فهذا استثناء من منفي مثل: لا أحد في الدار إلّا زيد.
فأمّا قراءة حمزة والكسائيّ: هل من خالق غير الله فعلى أن جعلا غير* صفة للخالق، وأضمر الخبر كما تقدّم.
والباقون جعلوه استثناء بدلا من المنفي، وهو الأولى عندنا لما تقدّم من الاستشهاد عليه من قوله: وما من إله إلا الله [آل عمران/ 62] ). [الحجة للقراء السبعة: 4/41]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ما لكم من إله غيره}
قرأ الكسائي {ما لكم من إله غيره} بالخفض جعله صفة ل إله ولموافقة اللّفظ المعنى
وقرأ الباقون {ما لكم من إله غيره} بالرّفع أي ما لكم إله غيره ودخلت من مؤكدة وهو المختار على مذهب التّحقيق لأن غير إذا كانت بمعنى إلّا جعلت على إعراب ما بعد إلّا وأنت قائل ما لكم من إله إلّا الله ولو جعلت مكان إلّا غير رفعته والاستثناء بعد الجحد تحقيق). [حجة القراءات: 286]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (17- {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [آية/ 59] بالجر:-
قرأها الكسائي وحده في كل القرآن.
والوجه أنه جعل غيرًا صفة لإله على اللفظ، وجعل {لَكُمْ} خبرًا، ويجوز أن يكون الخبر مضمرًا، والتقدير: ما لكم من إله غيره في الوجود.
وقرأ الباقون {مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} بالرفع في كل القرآن.
والوجه أنه بدل من قوله {مِنْ إِلَهٍ}؛ لأن موضعه رفع، والتقدير: ما لكم إله غيره، فإن {مِنْ} زائدة، فكما أن {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا الله} في قوله {مِنْ إِلَهٍ} بدل من قوله {مِنْ إِلَهٍ}، فكذلك ههنا {غَيْرُهُ} بدل من قوله {مِنْ
[الموضح: 534]
إِلَهٍ}، وهكذا الكلام في قوله تعالى {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ الله} ). [الموضح: 535]

قوله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (60)}

قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (61)}

قوله تعالى: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (62)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أبلّغكم رسالات ربّي... (62).
قرأ أبو عمرو وحده (أبلغكم) بسكون الباء خفيفة، وقرأ الباقون بفتح الباء وتشديد اللام.
قال أبو منصور: هما لغتان: أبلغت وبلّغت، مثل: أنجيت ونجّيت.
[معاني القراءات وعللها: 1/410]
وقوله جلّ وعزّ: (قال الملأ الّذين استكبروا من قومه للّذين استضعفوا لمن آمن... (75).
قرأ ابن عامر وحده: (وقال الملأ) بواو، وكذلك هي في مصاحفهم.
قال أبو منصور: الواو وحذفها لا يغير المعنى). [معاني القراءات وعللها: 1/411]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {أبلغكم رسالات} [62].
قرأ أبو عمرو وحده بالتخفيف من أبلغ يبلغ، واحتج بقوله: {لقد
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/190]
أبلغتكم رسالات ربي} [68] وبقول الشاعر:
أبلغ النعمان عني مالكا = أنه قد طال حبسي وانتظاري
ويقول الآخر:
ابلغ أبا مالك عني مغلغلة = وفي العتاب حياة بين أقوام
وقرأ الباقون: {أبلغكم} مشددة من بلغت أبلغ مثل كلمت أكلم، واحتجوا بقوله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك} وبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بلغوا عني ولو آية».
وقال قوم: بلغت وأبلعت بمعنى، والاختيار عندي: {بلغ ما أنزل إليك} إنما شدد للتكرير، أي: مرة بعد مرة أخرى، فإذا كان الإبلاغ رسالة واحدة قلت: أبلغ فلانًا عني، قال الشاعر:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/191]
بلغ بني حمران أنـــ = ـــى عن عداوتكم غني). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/192]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في تشديد اللّام وتخفيفها من قوله تعالى: أبلغكم [الأعراف/ 62].
فقرأ أبو عمرو وحده: أبلغكم* ساكنة الباء خفيفة اللّام مضمومة الغين في كلّ القرآن.
وقرأ الباقون: أبلغكم بفتح الباء وتشديد اللّام في كلّ القرآن.
القول: إنّ بلغ* فعل يتعدى إلى مفعول واحد في
[الحجة للقراء السبعة: 4/41]
نحو: بلغني خبرك، وبلغت أرضك جريبا.
فإذا نقلته تعدى إلى مفعولين. والنقل تارة يكون بالهمز وأخرى بتضعيف العين، وكلا الأمرين قد جاء به التنزيل، قال: فإن تولوا فقد أبلغتكم [هود/ 57].
فهذا. نقل بالهمزة، والنّقل بالتضعيف، يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالاته [المائدة/ 67]، فكلا الأمرين في التنزيل، وكلّ واحدة من اللغتين مثل الأخرى في مجيء التنزيل بهما،
وفي الحديث: «اللهم هل بلّغت»). [الحجة للقراء السبعة: 4/42]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أبلغكم رسالات ربّي}
قرأ أبو عمرو {أبلغكم رسالات} بالتّخفيف من أبلغ يبلغ
[حجة القراءات: 286]
وحجته قوله {لقد أبلغتكم رسالات ربّي} فرد أبو عمرو ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه
وقرأ الباقون {أبلغكم} بالتّشديد وحجتهم قوله تبارك وتعالى {يا أيها الرّسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} وقال {الّذين يبلغون رسالات الله} وهما لغتان مثل عظمت الأمر وأعظمته). [حجة القراءات: 287]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (18-{أُبَلِّغُكُمْ} [آية/ 62 و68] بسكون الباء وتخفيف اللام:-
قرأها أبو عمرو وحده في كل القرآن، وقرأ الباقون {أُبَلِّغُكُمْ} بفتح الباء وتشديد اللام حيث وقع.
والوجه أنهما بمعنى واحد؛ لأن النقل بالتضعيف مثل النقل بالهمزة كما سبق، وقد جاء التنزيل باللغتين في هذه الكلمة، قال الله تعالى {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ} وقال {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} ). [الموضح: 535] (م)

قوله تعالى: {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (63)}

قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ (64)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 08:22 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (65) إلى الآية (72) ]

{وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (65) قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (66) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (67) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (68) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (69) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (70) قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (71) فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ (72)}

قوله تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (65)}
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (20- قوله: {من إله غيره} و{هل من خالق غير الله} «فاطر 3» قرأهما الكسائي بالخفض، حيث وقعا، ووافقه حمزة على الخفض في {خالق غير الله} وقرأ ذلك الباقون بالرفع.
وحجة من خفض أنه جعله صفة لـ «إله، وخالق» على اللفظ، وموضع «إله» و«خالق» موضع رفع على الابتداء، و«لكم» و«يرزقكم» الخبر، أو يضمر الخبر، كأنه قال: ما لكم من إله غير الله في الوجود.
21- وحجة من رفع أنه جعل «غير» بدلًا من «إله» ومن «خالق» على الموضع، ويجوز أن يكون «غير» صفة لـ «إله» ولـ «خالق» على الموضع، كقوله: {وما من إله إلا الله} «آل عمران 62» أي غير الله، والرفع أحب إلي، لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/467]

قوله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (66)}

قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (67)}

قوله تعالى: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (68)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (18-{أُبَلِّغُكُمْ} [آية/ 62 و68] بسكون الباء وتخفيف اللام:-
قرأها أبو عمرو وحده في كل القرآن، وقرأ الباقون {أُبَلِّغُكُمْ} بفتح الباء وتشديد اللام حيث وقع.
والوجه أنهما بمعنى واحد؛ لأن النقل بالتضعيف مثل النقل بالهمزة كما سبق، وقد جاء التنزيل باللغتين في هذه الكلمة، قال الله تعالى {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ} وقال {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} ). [الموضح: 535] (م)

قوله تعالى: {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (69)}
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (22- قوله: {أبلغكم} قرأه أبو عمرو بالتخفيف حيث وقع، جعله من «أبلغت» الرسالة، كما قال: {فقد أبلغتكم ما أرسلت به} «هود 57» وهو إجماع، وقرأ الباقون بالتشديد من «بلغ» كما قال: {بلغ ما أنزل إليك} «المائدة 67» وهو إجماع، والتشديد أحب إلي لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/467]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (19- {وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً} [آية/ 69] بالسين:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة، والباقون {بَصْطَةً} بالصاد.
والأصل في هذه الكلمة هو السين، يقال بسطت الشيء، بالسين، فبسطة هو الأصل، وأما بصطة بالصاد، فإن الصاد فيه عوض من السين لمكان الطاء، فإن الصاد يقارب الطاء، والسين ليس كذلك، فلتقاربهما أعني الصاد
[الموضح: 535]
والطاء من حيث الإطباق اختاروا قلب السين صادًا مع الطاء). [الموضح: 536]

قوله تعالى: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (70)}

قوله تعالى: {قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (71)}

قوله تعالى: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ (72)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 08:25 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (73) إلى الآية (79) ]

{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (74) قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (75) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آَمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (76) فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (77) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (78) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (79)}

قوله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) }

قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (74)}

قوله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (75)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (19- وقوله تعالى في قصة صالح -: {قال الملأ} [75].
قرأ ابن عامر وحده {وقال} بزيادة واو، كذلك هي في مصاحفهم.
وقرأ الباقون بغير واو.
و«الملأ» - بالهمز -: الأشراف والرؤساء. قالت امرأة يوم بدر: إنما قتلتم عجائز صلعًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أولئك الملأ من قريش لو حضرت فعالهم لحقرت فعالك مع فعالهم» وجمع الملأ: أملاء. والملا بلا همز -
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/193]
المتسع من الأرض والصحراء من ذلك: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه أعرابي فقال: يا رسول الله: أأضرب الملا؟ فقال عليه السلام: آا»، تقول العرب: ضربت في الأرض: إذا سافرت، وضربت الأرض: تغوط فيها.
فكأنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: هل أبول في الصحراء إذا سافرت؟ هل على في ذلك من جناح؟ قال نعم كنى عنه أن افعل، وشبيه به إن شاء الله ما ذكره الأصمعي من الحذف والاجتزاء ببعض الكلمة أن أخوين كانا لا يتلاقيان في كل حول إلا مرة فيقول أحدهما لصاحبه: ألا تا، فيقول الآخر بلى: فا، يريد الأول: ألا ترحل، فيقول الآخر: بلى فأفعل قال الشاعر:
بالخير خيرات وإن شرًا فاأ
ولا أخاف الشر إلا أن تأا
وإنما همز، لأن القوافي على العين فجعل الهمزة بإزائها، وأولها:
إن شئت يا أسماء أشرفنا معاا
بالخير خيرات وإن شرفأا
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/194]
والملأ: الخلق [أيضا] مهموز، قال الشاعر:
تنادوا يآل بهتة يوم صدق = فقلنا أحسني ملأ جهينا
وخرج النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه وهم يتخاصمون فقال: «أحسنوا ملاءكم». وملاكم: على لفظ الواحد، أي: أخلاقكم وكتبوا في سورة (قد أفلح) {قال الملو} بواو والقراءة فيهما جميعًا بالهمز، وإنما أرى كتبوه بالواو؛ لأن الهمزة إذا كانت مضمومة وقبلها فتحة تصير في الوقف عند الإخفاء وتليينها كالواو، وفي الموضع الذي كتب لفظ الملأ به موصولاً مهموزًا فكتب هذا على
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/195]
الوقف وذلك على الوصل. كما كتبوا {شفعاو} و{ضعفاو} و{يابنوم} بالواو كل ذلك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/196]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ ابن عامر في الأعراف [75] في قصة صالح: وقال الملأ الذين استكبروا بإثبات الواو، وكذلك هي في مصاحفهم.
[الحجة للقراء السبعة: 4/51]
وقرأ الباقون بغير واو، وكذلك هي في مصاحفهم.
قد قلنا فيما تقدّم في نحو هذه الواو أنّ إثباتها حسن وحذفها حسن). [الحجة للقراء السبعة: 4/52]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قال الملأ الّذين استكبروا من قومه}
قرأ ابن عامر في قصّة صالح (وقال الملأ الّذين استكبروا من قومه) بزيادة واو كذلك في مصاحفهم
وقرأ الباقون بغير الواو فمن قرأ بالواو عطفه على ما قبله ومن قرأ بغير الواو ابتدأ بغير عطف). [حجة القراءات: 287]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (23- قوله: {قال الملأ} في قصة صالح، قرأه ابن عامر بزيادة واو قبل القاف، وقرأ الباقون بغير واو، والقول في هذه الواو كالقول في: {وما كنا لنهتدي} «الأعراف 43»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/467]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (20- {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا} [آية/ 75] بزيادة واو في قصة صالح:
قرأها ابن عامر وحده، وقرأ الباقون {قَالَ الْمَلَأُ} بغير واو، وقد مضى الكلام في مثله). [الموضح: 536]

قوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آَمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (76)}

قوله تعالى: {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (77)}

قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (78)}

قوله تعالى: {فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (79)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 08:27 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (80) إلى الآية (84) ]

{ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (83) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (84)}

قوله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80)}

قوله تعالى: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أتأتون الفاحشة... (80) أئنّكم... (81) ونظائره.
قرأ ابن كثير وعاصم وأبو عمرو وحمزة بالجمع بين الاستفهامين في كل القرآن، إلا أن ابن كثير يترك الاستفهام الأول في العنكبوت فقط، وخالف حفص أبا بكر في موضعين: فقرأ ها هنا (إنّكم لتأتون الرّجال) بغير استفهام، ومثله في العنكبوت (إنّكم لتأتون الفاحشة) في الأول على لفظ الخبر، واتفقا في سائر الاستفهام.
وكذلك كان نافع والكسائي ويعقوب يكتفون بالاستفهام الأول من الثاني، فيقرأون (أإذا كنّا ترابًا أإنّا لفي خلقٍ جديدٍ) على لفظ الخبر في كل القرآن في مثل هذا أو نحوه إذا أتى استفهامان يتصلان، إلا مواضع
[معاني القراءات وعللها: 1/411]
فإنهم افترقوا فيها.
فجمع الكسائي بين الاستفهامين في قصة لوط هنا، وفي العنكبوت، وقرأ في النمل (أإذا كنّا ترابًا) مستفهمًا (إنّنا لمخرجون) بنونين، ومضى في سائر القرآن على ترك الثاني.
واستمر نافع على أصله في كل القرآن، إلا في النمل والعنكبوت فقرأ في النمل (إذا كنّا ترابًا) على الخبر (أئنّا لمخرجون)، وكذلك في العنكبوت، قرأ (إنّكم لتأتون الفاحشة) على لفظ الخبر، (أئنّكم لتأتون الرّجال) فاستفهم بالثاني وترك الأول في هذين الموضعين.
وقرأ يعقوب بالجمع بين الاستفهامين في قصة لوط هنا، وفي النمل في قوله: (أإذا كنّا ترابًا وآباؤنا أئنّا لمخرجون).
وقرأ في العنكبوت بترك الاستفهام الأول (إنّكم لتأتون الفاحشة)، واستفهم قوله (أئنّكم لتأتون الرّجال).
وكان ابن عامر يكتفي بالاستفهام الثاني من الأول في كل القرآن إلا في ثلاثة مواضع خلاف أصله فيها: فقرأ في النمل مثل الكسائي سواء، وقرأ في الواقعة بالجمع بين الاستفهامين جميعا قوله (أئذا متنا وكنّا ترابًا وعظامًا أإنّا لمبعوثون)، لم يجمع بين الاستفهامين إلا هنا، وقرأ في النازعات مثل نافع، استفهم الأول وترك الثاني.
[معاني القراءات وعللها: 1/412]
وكل القراء متفقون على الاستفهام في قوله في النمل (أئنّكم لتأتون الرّجال)، وذلك أنها مكتوبة في المصحف (أينّكم) بياء ونون قبل الكاف، واختلفت مذاهبهم في الهمز، فكان ابن كثير والحضرمي يقرآن (أيذا) (أينّكم)، (أينّا لمردودون) (أين ذكّرتم) بهمزة مقصورة بعدها ياء ساكنة في كل القرآن من هذا الجنس.
وكان نافع وأبو عمرو يقرآن (ءايذا) (ءاينكم) بهمزة مطولة بعدها ياء ساكنة.
والباقون يحققون الهمزتين (أئذا) (أئنّكم (أئنا) في كل هذا الباب، وهم ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي.
قال أبو منصور: وقد ذكرنا اختلاف القراء في هذه الحروف من الجمع بين الاستفهامين، ومن ترك أحدهما، وما افترقوا فيه من تطويل الهمزة وتخفيفها، وهي لغات كلها جائزة، وكل ما قرئ به فهو معروف، ومعانيها متفقة، ولا اختلاف في جوازها). [معاني القراءات وعللها: 1/413]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (18- وقوله تعالى: {إنكم لتأتون الرجال} [81].
اختلف القراء في الجمع بين الاستفهامين. فكان نافع والكسائي يخبران بالأول عن الثاني فلا يستفهمان بهما معًا.
وحجتهما قوله: {أفإن مت فهم الخالدون} ولم يقل أفهم؟ وقوله: {أفإن مات أو قتل انقلبتم} على أن الكسائي خالف نافعًا في (النمل) فقرأ {إننا لمخرجون} بنونين فاستفهم في قصة لوط بهما واستفهم نافع في (العنكبوت) بالثاني دون الأول؛ لأن ابن عامر شبه جمع الاستفهامين بالاستفهام وجوابه، كقولك: أقام زيد أم عمرو، والعرب تخزل ألف الاستفهام وتبقى «أم» كثيرًا، قال امرؤ القيس:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/192]
تروح من الحي أم تبتكر = وماذا يضرك لو تنتظر
وقال الأخطل:
كذبتك عينك أم رأيت بواسط = ملث الظلام من الرباب خيالا
وقرأ الباقون بالجمع على الاستفهامين على أصل الكلمة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/193]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في الاستفهامين يجتمعان، فاستفهم فيها بعضهم، واكتفى بعضهم بالأول من الثاني.
فممن استفهم بهما جميعا عبد الله بن كثير، وأبو عمرو، وعاصم في رواية أبي بكر، وحمزة كانوا يقرءون: ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة... أئنكم لتأتون الرجال
[الحجة للقراء السبعة: 4/42]
[الأعراف/ 80، 81]، أإذا كنا ترابا [الرعد/ 5]، وما كان مثله في كلّ القرآن باستفهام.
وروى حفص عن عاصم: إنكم في الأعراف. مثل نافع، وكذلك في العنكبوت [28 - 29] غير أنّهم اختلفوا في الهمز.
وقرأ عاصم بهمزتين، وكذلك حمزة، ولم يهمز ابن كثير، وأبو عمرو إلّا واحدة.
وممّن اكتفى بالاستفهام الأول من الثاني: نافع والكسائيّ؛ فكانا يقرءان: أءذا كنا ترابا إنا لفي خلق جديد [الرعد/ 5]، أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما إنا لمبعوثون [الصافات/ 16]، وما كان مثله في القرآن كلّه، إلّا أن الكسائيّ همز همزتين ونافع لم يهمز إلّا واحدة.
وخالف نافع الكسائي في قصة لوط، فكان نافع يمضي على ما أصّل، وكان الكسائيّ يقرأ بالاستفهامين جميعا في قصة لوط، ثم اختلفا في العنكبوت: أئنكم لتأتون الرجال [الآية/ 29]؛ فكان نافع يستفهم بالثاني ولا يستفهم بالأول، وكان الكسائيّ يستفهم بهما جميعا.
اختلفوا في سورة النمل في قوله: وقال الذين كفروا
[الحجة للقراء السبعة: 4/43]
أئذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا [67] باستفهام.
فقرأ الكسائيّ أإذا كنا ترابا بهمزتين. وو آباؤنا إننا بنونين من غير استفهام.
وقرأ ابن عامر ضد قراءة نافع والكسائي في عامّة ذلك، فكان لا يستفهم بالأول ويستفهم بالثاني، وهمز همزتين في كلّ القرآن إلّا في حرفين؛ فإنه خالف فيهما هذا الأصل؛ فقرأ في الواقعة: أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا [الآية/ 47]، جمع بين الاستفهامين. وفي النازعات: أئنا لمردودون في الحافرة [الآية/ 10] بالاستفهام، إذا كنا عظاما* [الآية/ 11] بغير استفهام، وقرأ في النمل غير ذلك:
وقال الذين كفروا أئذا كنا ترابا وآباؤنا إننا لمخرجون [الآية/ 67] كقراءة الكسائي، ومضى في العنكبوت على الأصل الذي أصّل من ترك الاستفهام في الأول.
قوله: أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها [الأعراف/ 80] إنكم لتأتون الرجال [الأعراف/ 81]. كل واحد من الاستفهامين كلام مستقل لا حاجة بواحد من الكلامين إلى الآخر فيما يستقل به.
[الحجة للقراء السبعة: 4/44]
فلو قال: إنّ قوله: إنكم لتأتون الرجال تقرير؛ فهو بمنزلة الإخبار، وإن كان على لفظ الاستفهام وإذا كان كذلك جعلت: أئنكم لتأتون الرجال تفسيرا للفاحشة، كما أن قوله: للذكر مثل حظ الأنثيين [النساء/ 176] تفسير للوصية؛ لكان قولا.
فأمّا قوله: أئذا كنا ترابا وآباؤنا إننا [النمل/ 67] فليس مثل قوله: أتأتون الفاحشة [الأعراف/ 80] أئنكم لتأتون الرجال [الأعراف/ 81]، لأنّ الاستفهامين هنا قد استثقلا وليس كذلك قوله: أئذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا، ألا ترى أنّ قوله: إذا* في قوله: إذا كنا ترابا، ظرف من الزمان يقتضي أن يكون متعلقا بشيء، وليس في الكلام ما يتعلق به.
فإن قلت: فلم لا يتعلق إذا* بقوله: كنا*؟ قيل: لا يجوز ذلك، لأنّ كنّا مضاف إليه، ألا ترى أنّ إذا مضاف إلى كنّا، والمضاف والمضاف إليه لا يكون منهما كلام مستقل، كما لا يكون من الصفة والموصوف.
فإن قلت: فاجعل الفعل في موضع جزم بإذا لتكون إذا معمولة. فإنّ ذلك لم يجيء في الكلام، إنّما يجيء في الشعر،
[الحجة للقراء السبعة: 4/45]
فإذا كان كذلك، فلا بدّ من تعليق إذا بشيء يكون معمولا، ويستقلّ به الكلام، وذلك نبعث أو نحشر، التقدير: أنبعث إذا كنا ترابا. فحذف نبعث في اللفظ لدلالة: أئنا لمبعوثون عليه- ولا يجوز أن يتعلق إذا في قوله: أإذا كنا ترابا بقوله:
مبعوثون لأنّ ما قبل الاستفهام لا يعمل فيه ما بعد الاستفهام، ولكن يتعلق بالمضمر الذي ذكرنا.
ومثل ذلك قوله: يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين [الفرقان/ 22]، فقوله: يوم يرون الملائكة متعلق بما دلّ عليه هذا الكلام من قوله: يحزنون، ولا يتعلق بشيء مما بعد لا* من قوله: لا بشرى يومئذ للمجرمين.
قال: روى حفص عن عاصم إنكم* في الأعراف مثل نافع؛ وكذلك في العنكبوت، غير أنّهم اختلفوا في الهمز.
فقرأ عاصم بهمزتين، وكذلك حمزة، ولم يهمز ابن كثير، وأبو عمرو، إلّا واحدة، يريد أحمد بن موسى بقوله: إلّا واحدة، أنهم خففوا إحدى الهمزتين، ولم يحقّقوهما كما حقّقهما عاصم وحمزة.
قال: وممّن اكتفى بالاستفهام الأول من الثاني نافع
[الحجة للقراء السبعة: 4/46]
والكسائيّ، وكانا يقرءان: أئذا كنا ترابا، إنا لفي خلق جديد [الرعد/ 5] أءذا متنا وكنا ترابا.. إنا لمبعوثون [الواقعة/ 47] وما كان مثله في القرآن كلّه، إلّا أنّ الكسائيّ همز همزتين ونافع لم يهمز إلّا واحدة.
يريد أحمد بقوله: إلّا أنّ الكسائيّ همز همزتين، أنّه حقّقهما كما يحقّقهما عاصم وحمزة، وخفّف نافع إحداهما.
والقول في قوله: أءذا كنا ترابا، إنا لفي خلق جديد:
أنّ إذا متعلق بفعل مضمر يدلّ عليه قوله: إنا لفي خلق جديد* تقديره: أإذا كنّا ترابا نبعث أو نحشر أو نعاد، لأنّ قوله:
إنا لفي خلق جديد*، يدلّ على هذا الضرب من الفعل، ولا يجوز أن يتعلق إذا بجديد؛ لأنّ ما بعد إن لا تعمل فيما قبلها، كما أنّ ما بعد لام الابتداء، لا يعمل فيما قبلها، وكذلك القول في قوله: أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما إنا لمبعوثون [المؤمنون/ 82].
قال أحمد: وخالف نافعا الكسائيّ في قصة لوط، فكان نافع يمضي على ما أصّل، وكان الكسائيّ يقرأ بالاستفهامين جميعا في قصة لوط: وقد تقدم ذكر ذلك.
قال أحمد: واختلفا في قوله في العنكبوت: أئنكم
[الحجة للقراء السبعة: 4/47]
لتأتون الرجال، فكان نافع يستفهم بالثاني ولا يستفهم بالأول، وكان الكسائيّ يستفهم بهما جميعا.
كل واحد من الاستفهامين جملة مستقلة لا تحتاج في تمامها إلى شيء، فمن ألحق حرف الاستفهام جملة نقلها به من الخبر إلى الاستخبار، ومن لم يلحقها بقّاها على الخبر.
واختلفا في سورة النمل في قوله: وقال الذين كفروا أئذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا [الآية/ 67].
فقرأ نافع وقال الذين كفروا إئذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا باستفهام.
وقرأ الكسائيّ: أئذا كنا ترابا بهمزتين، وآباؤنا إننا بنونين من غير استفهام.
وجه قراءة نافع: إذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا أن إذا* لا بدّ من أن يحمل على فعل، يدلك على ذلك أنّه لا يخلو من أن يترك الكلام على ظاهره؛ فلا يضمر شيء، أو يضمر الفعل؛ ليحمل إذا عليه، فلا يجوز إن ترك على ظاهره، لأنّ ما بعد الاستفهام. لا يعمل فيما قبله، وكذلك ما بعد إن لا يعمل فيما قبلها، وقد اجتمع الأمران في قوله: إذا كنا ترابا أئنا.
فإذا لم يجز حمل إذا على شيء من هذا الكلام ظاهر،
[الحجة للقراء السبعة: 4/48]
فلا بدّ من إضمار الفعل وتقدير ذلك الفعل: أنبعث أو نحشر، أو نخرج، ودلّك قوله: إنا لمبعوثون* على ذلك، وكذلك قراءة الكسائي: أإذا كنا ترابا، وآباؤنا بهمزتين أيضا، وينبغي أن يقدر فعل في الكلام، يتعلق إذا به، يدلّ على ذلك أنّ إذا لا يجوز تعلّقها بشيء قبلها، لأنّ ما في حيّز الاستفهام ينقطع مما قبله، فلا يتعلق به، ولا يجوز أن يتعلق [ما بعد إنّ من قوله]: إنّنا، لأنّ إنّ لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، كما أنّ الاستفهام، ولام الابتداء، كذلك. ومثلهما في هذا لا* النافية التي تبنى مع المفرد المنكور على الفتح، نحو: لا رجل؛ فإذا لم يجز تعلّقها بما قبلها، ولا بما بعدها فلا بدّ من فعل مضمر يتعلق به إذا، وهو الفعل الذي تقدّم ذكره، ولا يجوز تعلّق إذا بالفعل الذي بعدها، لأنّها مضافة إليه، ولو جاز ذلك لجاز:
القتال زيدا حين يأتي، يريد: القتال حين يأتي زيدا.
وأمّا قراءته: إننا* بنونين؛ فلأنّه جاء به على الأصل، ومن قرأ: إنا* حذف من النونات واحدة كراهة اجتماع الأمثال والمحذوفة، وهي الوسطى، لأن علامة الضمير لا تحذف.
فإن قلت: إن التكرير إنّما وقع بالتي هي علامة الضمير، فهي لذلك أولى بالحذف. قيل: إنه* وإن كان كذلك لم يحذف، لأنّها لم تحذف في موضع، ونظير ذلك في أن الحذف وقع في غير الآخر قولهم: في تحقير ذا* ذيّا حذف
[الحجة للقراء السبعة: 4/49]
الأول من الأمثال، وكان أصله: ذييّا، فلم تحذف الياء للتحقير، ولم تحذف التي هي لام لما كان يلزم من تحريك ياء التحقير، وهي لم تحرّك في موضع.
قال: وقرأ ابن عامر ضدّ قراءة نافع والكسائي في عامة ذلك، فكان لا يستفهم بالأول ويستفهم بالثاني، ويهمز همزتين في كلّ القرآن إلّا في حرفين.
[قال أبو علي]: إلحاق حرف الاستفهام الأول نحو:
أءذا كنا ترابا... إنا لمبعوثون أحسن لأمرين:
أحدهما: أنّ قوله: لمبعوثون*، لمّا كان يدلّ على يبعث ونحوه مما يتعلق إذا* به صار كجزء من الكلام الذي دخل عليه حرف الاستفهام.
والآخر: أنّ الكلام الأول إذا دخل عليه الاستفهام قد ذكر حرفه، وأريد في الكلام الثاني كان أحسن لأنّه على الاستفهام أدلّ.
ووجه قول ابن عامر: أنّ الدلالة مما تذكر بعد قد يكون كالدّلالة فيما يذكر قبل، ألا ترى أنّ من قرأ: ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم [آل عمران/ 180] إنما يريد: لا تحسبنّ بخل الذين يبخلون؛
[الحجة للقراء السبعة: 4/50]
فأضمر البخل لدلالة ما يجيء من بعد عليه في قوله: يبخلون فكذلك الاستفهام إذا ذكر حرفه بعد، يدل على إرادته فيما تقدمه.
ووجه قراءة ابن عامر في الواقعة: أإذا متنا وكنا ترابا أئنا [الآية/ 47]. فعلق إذا* بالمضمر على ما تقدّم، وقراءته في النازعات: أئنا لمردودون في الحافرة. إذا كنا [الآية/ 10 - 11] فإنّ قوله إذا* إذا لم يدخل عليه حرف الاستفهام، جاز تعلقه بقوله: مردودون، وإذا ألحق إذا حرف الاستفهام، لم يكن بدّ من إضمار فعل.
قال: وقرأ في النمل غير ذلك: وقال الذين كفروا أئذا كنا ترابا وآباؤنا إننا لمخرجون [الآية/ 67]، كقراءة الكسائي، ومضى في العنكبوت على ما أصّل من ترك الاستفهام في الأول.
قوله: إذا كنا ترابا* ينبغي أن يتعلق بمضمر على نحو ما تقدّم به القول في نحوه). [الحجة للقراء السبعة: 4/51]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إنّكم لتأتون الرّجال}
قرأ نافع وحفص {إنّكم لتأتون الرّجال} بكسر الألف على الخبر
وقرا ابو عمرو (ءاينكم) بهمز ثمّ بمد بعد الهمز أصل الكلمة إنّكم ثمّ دخلت همزة الاستفهام وصار أئنكم فاستثقل الجمع بين الهمزتين فأدخل بينهما ألفا ليبعد المثل عن المثل ويزول الاجتماع فيخف اللّفظ فصار ءائنكم ثمّ لين الثّانية فصار ءاينكم وحجته أن العرب تستثقل الهمزة الواحدة فتخففها في أخف أحوالها وهي ساكنة نحو كأس وبأس وتقلّبها ألفا فإذا كانت تخففها وهي وحدها فأن تخففها ومعها مثلها أولى
[حجة القراءات: 287]
وقرأ ابن كثير (أينكم) بهمزة واحدة غير مطوّلة وهو أن تحقق الأولى وتخفف الثّانية والثّانية إذا خففت جعلت بين الهمزة وبين الحرف الّذي عنه حركة الهمزة وهو ها هنا همزة مكسورة والأصل إنّكم ثمّ دخلت همزة الاستفهام فصار أئنكم ثمّ لين الثّانية فصار أينكم
قرأ ابن عامر في رواية هشام (ءائنكم) بهمزتين بينهما مدّة وهو أن تزاد الألف بين الهمزتين ليبعد المثل عن المثل فيخف اللّفظ بالهمزتين مع الحائل بينهما وهو المدّة
وقرأ ابن عامر وأهل الكوفة {أئنكم} بهمزتين وحجتهم أن الهمزة حرف من حروف المعجم كغيره من سائر الحروف جاز الجمع بينهما من غير تغيير كقوله {أتمدونن بمال} و{لعلّكم تتفكرون} فجعلوا الهمزتين كغيرهما من سائر الحروف فافهم ذلك وقس وابن على هذا جميع ما يأتي في القرآن من هذا النّوع من اختلاف القرّاء على ما بيّنت لك). [حجة القراءات: 288]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (24- قوله: {إنكم لتأتون} قرأ نافع وحفص على الخبر، بهمزة واحدة مكسورة، وقرأ الباقون بهمزتين على لفظ الاستفهام، الذي في معناه التوبيخ، غير أن ابن كثير يسهل الثانية بين الهمزة والياء، وأبا عمرو يفعل كذلك، ويدخل بين الهمزتين ألفًا فيمد، وهشامًا يدخل بين الهمزتين ألفًا مع تخفيفهما.
وحجة من قرأه على الخبر أنه جعل {إنكم لتأتون} تفسيرًا للفاحشة المذكورة، فلم يحسن إدخال ألف الاستفهام عليه، لأنها تقطع ما بعدها مما قبلها.
25- وحجة من قرأ بالاستفهام أنه لما رأى {أتأتون الفاحشة} وما بعده كلامًا تامًا ابتدأ بالجملة الثانية بالاستفهام، لتأكيد التوبيخ لهم والتقرير، فبنى الجملتين على كلامين، كل واحد قائم بنفسه في معناه، فذلك أصح وأبين وهو الاختيار). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/468]

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82)}

قوله تعالى: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (83)}

قوله تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (84)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 08:29 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (85) إلى الآية (93) ]

{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (85) وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86) وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آَمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (87) قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88) قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89) وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (90) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ (92) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آَسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ (93)}

قوله تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (85)}

قوله تعالى: {وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86)}

قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آَمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (87)}

قوله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88)}

قوله تعالى: {قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89)}

قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (90)}

قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91)}

قوله تعالى: {الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ (92)}

قوله تعالى: {فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آَسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ (93)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 08:33 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (94) إلى الآية (99) ]

{ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ 94) ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آَبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (95) وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99)}

قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ 94)}

قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آَبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (95)}

قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (21- وقوله تعالى: {لفتحنا عليهم بركات من السماء} [96].
قرأ ابن عامر وحده: {لفتحنا} أي: مرة بعد أخرى.
والباقون يخففون). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/196]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (كلّهم قرأ لفتحنا عليهم [الأعراف/ 96] خفيفة غير ابن عامر، فإنّه قرأ لفتحنا عليهم مشددة التاء.
قد تقدّم القول في هذا). [الحجة للقراء السبعة: 4/52]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لفتحنا عليهم بركات من السّماء والأرض}
قرأ ابن عامر {لفتحنا} بالتّشديد أي مرّة بعد مرّة وحجته قوله {بركات من السّماء} ولم يقل بركة
وقرأ الباقون بالتّخفيف أرادوا الواحد). [حجة القراءات: 288]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (21- {لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ} [آية/ 96] بتشديد التاء:
قرأها ابن عامر وحده.
والوجه أن التشديد للتكثير، فالذي أسند إليه الفعل جمع.
وقرأ الباقون {فَتَحْنَا} بالتخفيف؛ لأن التخفيف قد يؤدي معنى التثقيل، فالفعل وإن خفف يدل على الجنسية والكثرة، لكن التثقيل يختص الكثرة، وقد مضى مثله في مواضع). [الموضح: 540]

قوله تعالى: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97)}

قوله تعالى: {أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أوأمن أهل القرى... (98)، (أوآباؤنا).
قرأ ابن كثير (أو أمن، (أو آباؤنا) بسكون الواو هنا.
وقرأ نافع وابن عامر (أو أمن)، (أو آباؤنا) في الصافات (أو آباؤنا) في الواقعة.
[معاني القراءات وعللها: 1/413]
وقرأ محمد بن الحسن عن أبي ربيعة عن البزي عن ابن كثير الثلاثة المواضع مثل نافع، والباقون يفتحون الواو فيهن.
قال أبو منصور: من فتح الواو في هذه الحروف هي واو عطف، ادخلت عليها ألف الاستفهام كما تدخل على الفاء من قوله (أفعجبتم) (أوعجبتم)، ومن سكن الواو فهي (أو)، وكذلك سكنه، و(أو) من حروف العطف للشك، تقول: ضربت زيدًا أو عمرًا، ومرّ بي زيد أو عمرو، وقد يكون (أو) بمعنى (بل)، ويكون (أو) بمعنى الواو، ويجيء بمعنى (بل) ). [معاني القراءات وعللها: 1/414]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (20- وقوله تعالى: {أو أمن أهل القرى} [98].
قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر بإسكان الواو جعلوه نسقًا: كقولك: لقيت زيدًا أو عمرًا.
وقرأ الباقون: {أو أمن} بفتح الواو جعلها واوًا وأدخلت عليها ألف الاستفهام. وهو الاختيار؛ لأنه مثل قوله: {أفأمنتم}.
وقرأ نافع وابن عامر في (الصافات) و(الواقعة) ساكنة أيضًا. وفارقهم ابن كثير في هذين). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/196]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الواو وإسكانها من قوله تعالى: أوأمن [الأعراف/ 98].
فقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر: أو أمن بإسكان الواو.
وروى ورش عن نافع أو امن يفتح ويدع الهمزة، ويلقي حركتها على الواو.
وقرأ عاصم وأبو عمرو وحمزة والكسائي: أو أمن بتحريك الواو، غير أن ابن كثير كان ينصب الواو في الصافات [17] والواقعة [48].
وكان نافع وابن عامر يقفانها في الثلاثة المواضع.
[الحجة للقراء السبعة: 4/52]
[قال أبو علي]: أو: حرف استعمل على ضربين:
أحدهما: أن يكون بمعنى أحد الشيئين أو الأشياء في الخبر والاستفهام.
والآخر: أن يكون للإضراب عمّا قبلها في الخبر والاستفهام، كما أنّ «أم» المنقطعة في الاستفهام، والخبر كذلك.
فأمّا «أو» التي تكون لأحد الشيئين أو الأشياء، فمثاله في الخبر: زيد أو عمرو جاء، وزيد أو عمرو ضربته كما تقول:
أحدهما جاء، وأحدهما ضربته، وهي إذا كانت للإباحة، كذلك أيضا، وذلك قولك: جالس الحسن أو ابن سيرين، ويدلّك على أنّها ليست بمعنى الواو أنّه إذا جالس أحدهما؛ فقد ائتمر للأمر، ولم يخالفه، وإنّما جاز له الجمع بين مجالستهما من حيث كان كلّ واحد منهما مجالسته بمعنى مجالسة الآخر، ليس من حيث كانت «أو» بمعنى الواو، وقول الشاعر:
وكان سيّان أن لا يسرحوا نعما... أو يسرحوه بها واغبرّت
السّوح إنّما حسن له استعمال أو، مع أنّه لا يجوز: سيّان
[الحجة للقراء السبعة: 4/53]
أحدهما؛ أنّه رأى نحو: جالس الحسن أو ابن سيرين؛ فيجوز له أن يجمع بين مجالستهما.
وأمّا «أو» التي تجيء للإضراب بعد الخبر والاستفهام، فكقولك: أنا أخرج، ثم تقول: أو أقيم، أضرب عن الخروج وأثبت الإقامة، كأنّك قلت: لا بل أقيم، كما أنّك في قولك: «إنّها لإبل أم شاء» مضرب عن الأول، ولا تقع بعد أو هذه إلّا جملة، كما لا تقع بعد «أم» إذا كانت للإضراب إلّا جملة.
ومن ثمّ قال سيبويه: في قوله: ولا تطع منهم آثما أو كفورا [الإنسان/ 24]، إنّك لو قلت: أو لا تطع كفورا، انقلب المعنى، وإنّما كان ينقلب المعنى لأنّه إذا قال: لا تطع آثما أو كفورا، فكأنّه قال: لا تطع هذا الضّرب، ولا تطع هؤلاء، وإنّما لزمه أن لا يطيع أحدا منهما، لأنّ كلّ واحد منهما في معنى الآخر في وجوب ترك الطاعة له، كما جاز له أن يجمع بين مجالسة الحسن وابن سيرين، لأنّ كلّ واحد منهما أهل للمجالسة، ومجالسة كلّ واحد منهما كمجالسة الآخر، ولو قال: لا تطع آثما أو لا تطع كفورا، كان بقوله: أو لا تطع، قد
[الحجة للقراء السبعة: 4/54]
أضرب عن ترك طاعة الأوّل، فكان يجوز أن يطيعه، وفي جواز ذلك انقلاب المعنى.
فوجه قراءة من قرأ: أو أمن، أنّه جعل أو للإضراب لا على أنّه أبطل الأوّل، ولكن كقوله: الم، تنزيل الكتاب لا ريب فيه [السجدة/ 1 - 2]، ثم قال: أم يقولون افتراه [السجدة/ 3]، فجاء هذا ليبصّروا ضلالتهم، فكأنّ المعنى:
أأمنوا هذه الضروب من معاقبتهم، والأخذ لهم، وإن شئت جعلته أو التي في قولك: ضربت زيدا أو عمرا، كأنّك أردت:
أفأمنوا إحدى هذه العقوبات؟
ووجه قراءة من قرأ: أوأمن أهل القرى [الأعراف/ 98] أنّه أدخل همزة الاستفهام على حرف العطف، كما دخل في نحو قوله: أثم إذا ما وقع [يونس/ 51].
وقوله: أوكلما عاهدوا عهدا [البقرة/ 100].
ومن حجة من قرأ ذلك: أنّه أشبه بما قبله وما بعده، ألا ترى أنّ قبله: أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا وبعده أفأمنوا مكر الله [الأعراف/ 99] أولم يهد للذين يرثون الأرض [الأعراف/ 100]، فكما أنّ هذه الأشياء، حروف عطف دخل عليها حرف الاستفهام، كذلك يكون قوله: أوأمن). [الحجة للقراء السبعة: 4/55]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أو أمن أهل القرى}
[حجة القراءات: 288]
قرأ نافع وابن كثير وابن عامر {أو أمن أهل القرى} بإسكان الواو جعلوه نسقا في الاستفهام كما تقول أقمت أو قعدت
وقرأ الباقون {أو أمن} بفتح الواو جعلوا واو عطف دخلت عليها ألف الاستفهام وهو المختار لأنّه مثل قوله قبلها {أفأمن أهل القرى} ). [حجة القراءات: 289]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (26- قوله: {أو أمن أهل القرى} قرأ الحرميان وابن عامر بإسكان الواو من «أو» غير أن ورشًا يُلقي حركة الهمزة من «أمن» على الواو من «أو» على أصله، وقرأ الباقون بفتح الواو، وبهمزة بعدها.
وحجة من أسكن الواو أنه جعلها «أو» التي للعطف، على معنى الإباحة، مثل: {ولا تطع منهم آثمًا أو كفورًا} «الإنسان 24» أي: لا تطع هذا الجنس، ومثل قولك: جالس الحسن أو ابن سيرين، أي: جالس هذا الصنف، فالمعنى: أفأمنوا هذه الضور من العقوبات، أي: إن أمنتم ضربًا منها لم تأمنوا الضرب الآخر، ويجوز أن تكون «أو» لأحد الشيئين، كقولك:
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/468]
ضربت زيدًا أو عمرًا، أي: ضربت أحدهما، ولم ترد أن تبين المضروب منهما وأنت عالم به من هو منهما، وليست هو «أو» التي للشك في هذا، إنما هي «أو» التي لأحد الشيئين غير معين، فيكون التقدير في الآية: أفأمنوا إحدى هذه العقوبات.
27- وحجة من فتح الواو وهمز «أمن» أنه جعلها واو العطف، دخلت عليها ألف الاستفهام، كما تدخل على «ثم» في نحو قوله: {أثم إذا ما وقع} «يونس 51» ومثله: {أو كلما} «البقرة 100» ويقوي ذلك أن الحرف الذي قبله، والذي بعده، وهو الفاء دخلت عليه ألف الاستفهام، وكذلك: {أولم يهد} «الأعراف 100» فحمل وسط الكلام على ما قبله وما بعده، للمشاكلة والمطابقة في اتفاق اللفظ، في دخول الألف عليه كله، وهو الاختيار، لأن عليه الجماعة، وقد تقدم ذكر «الريح» و«بسطة»، و«إن لنا» و{أئنكم لتأتون} و«تعقلون» و{أرثتموها} و{يلهث ذلك} وشبهه، فأغنانا ذلك عن التكرير له). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/469]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (22- {أَوْ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى} [آية/ 98] بسكون الواو من «أو»:-
قرأها ابن كثير في هذا وحده، وقرأها نافع وابن عامر في هذا وفي الصافات والواقعة {أَوَ آبَاؤُنَا}.
وهذا هو أو الذي معناه الإضراب عن الأول، لا على معنى إبطال الأول، فإن أو على ضربين:
أحدهما: أن يكون لأحد الشيئين أو الأشياء في الخبر والاستفهام، كقولك في الخبر: زيد أو عمرو جاءني، وفي الاستفهام: أزيد أو عمرو في الدار؟
والثاني: أن يكون للإضراب عما قبله في الخبر والاستفهام، كأم المنقطعة في الخبر والاستفهام، فمثاله في الخبر: أنا أقوم، ثم تقول: أو أقعد، أضربت عن القيام وأثبت القعود، كأنك قلت: لا بل أقعد، كما في أم المنقطعة، كذلك إذا قلت: إنها لإبل أم شاء، كأنك قلت بل أهي شاء؟ ومثاله في الاستفهام: أضربت زيدًا أو شتمته، كأنك تركت السؤال عن ضربه واستأنفت السؤال عن شتمه، والتقدير: أضربت زيدًا بل أشتمته؟ فكلاهما استفهام.
فأو في هذه القراءة هو الذي للإضراب عن الأول واستئناف الثاني، كأنه قال أأمنوا هذه الضروب عن عقوباتهم.
وقرأ الباقون {أَوْ أَمِنَ} بفتح الواو.
والوجه أن همزة الاستفهام دخلت على واو العطف، وهو أشبه بما قبله وما
[الموضح: 541]
بعده، فإن ما قبله قوله تعالى {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا}، وما بعده قوله تعالى {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ الله}، فكما دخلت همزة الاستفهام على فاء العطف في الآيتين، فكذلك على الواو في هذا الموضع). [الموضح: 542]

قوله تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 08:35 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (100) إلى الآية (102) ]

{ أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (100) تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102)}

قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (100)}

قوله تعالى: {تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101)}

قوله تعالى: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 08:43 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (103) إلى الآية (112) ]

{ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103) وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104) حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105) قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآَيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108) قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110) قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112) }

قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103)}

قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104)}

قوله تعالى: {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (حقيقٌ على أن لا أقول... (105)
قرأ نافع وحده (عليّ) أضاف (على) إلى نفسه، وأرسلها الباقون (على) مفخمة.
قال أبو منصور: من شدد ياء (عليّ) فلإضافته إلى نفسه، ومن سكن ألف (على) جعله بمعنى الباء، كقولك: رميت على القوس، وبالقوس.
و (على) مفخم، وكذلك (إلى) و(حتى) ). [معاني القراءات وعللها: 1/414]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فأرسل معي بني إسرائيل (105).
حرك الياء من (معي) حفص عن عاصم، وكذلك ياء (معي) حيث وقعت، وأسكنها الباقون، وهما لغتان). [معاني القراءات وعللها: 1/415]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (22- وقوله تعالى: {حقيق على أن لا أقول} [105] قرأ نافع وحده {حقيق على} مشددة الياء، أي: واجب علي، ويجب علي، فالياء الأخيرة ياء الإضافة، والأولى من نفس الكلمة فأدغمت الأولى في الثانية، وفتحت الثانية لالتقاء الساكنين على أصلها، ومثله (لدي) و(إلى) ولو قرأ قارئ {علي} مثل {مصرخي} جاز عند بعض النحويين. وبعضهم يراه لحنًا.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/196]
وقرأ الباقون {حقيق على أن لا} وحجتهم قراءة عبد الله: {حقيق بأن لا}.
فحدثني ابن مجاهد عن السمري عن الفراء قال الباء بمعنى «على» كقول العرب رمى عن القوس وبالقوس، وفلان على حال حسنة وبحال حسنة. وقال غير الفراء: في قراءة عبد الله {حقيق أن لا} بغير باء، فإن في قراءة نافع في موضع رفع، وفي قراءة الباقين في موضع نصب وفي موضع خفض). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/197]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في تشديد الياء وتخفيفها من قوله جلّ وعزّ: حقيق علي أن لا أقول [الأعراف/ 105].
[الحجة للقراء السبعة: 4/55]
فقرأ نافع وحده: حقيق على أن لا أقول بتشديد الياء ونصبها.
وقرأ الباقون بتخفيف الياء وهي مرسلة.
حجة نافع في قوله عزّ وجلّ: حقيق علي وإيصاله له بعلي* أنّه يسوغ من وجهين:
أحدهما: أنّ «حقّ» الذي هو فعل، قد تعدّى بعلى، قال: فحق علينا قول ربنا [الصافات/ 31]، وقال: فحق عليها القول [الإسراء/ 16]، فحقيق يتصل بعلى من هذا الوجه.
والوجه الآخر: أنّ حقيق بمعنى واجب، فكما أنّ وجب يتعدى بعلى، كذلك تعدى حقيق به إذا أريد به ما أريد بواجب.
وأمّا من قرأ: حقيق على فجاز تعدّيه بعلى من الوجهين اللّذين ذكرنا.
وقد قالوا: هو حقيق بكذا، فيجوز على هذا أن يكون
[الحجة للقراء السبعة: 4/56]
على بمنزلة الباء تقول: «حقيق على أن». فتضع على موضع الباء.
قال أبو الحسن: قال: ولا تقعدوا بكل صراط توعدون [الأعراف/ 86]، فكما وقعت الباء في قوله: بكل صراط توعدون موقع على، كذلك وقعت على موقع الباء في قوله: حقيق على أن لا.
قال: والأول أحسنهما عندنا، يعني: حقيق على أن لا بالألف غير مضاف إلى المتكلم.
قال: لأنّ حقيق على، معناها الباء، أي حقيق بذا، قال: وليس ذلك بالمقيس لو قلت: ذهبت على زيد، وأنت تريد بزيد؛ لم يجز، قال: وجاز في علي* لأنّ القراءة قد وردت به). [الحجة للقراء السبعة: 4/57]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({حقيق على أن لا أقول على الله إلّا الحق}
قرأ نافع {حقيق على} مشدّدة الياء وحجته ما جاء في التّفسير حقيق عليّ أي واجب عليّ كما يقول الرجل هذا عليّ واجب فالياء الأخيرة ياء الإضافة والأولى من نفس الكلمة فأدغمت الأولى في الثّانية وفتحت الثّانية لالتقاء الساكنين على أصلها ومثله لدي وإلي
وقرأ الباقون (حقيق على ألا أقول) بالتّخفيف معناه حقيق بألا أقول كقولك جدير وخليق ألا أفعل كذا وقال قوم معناه حريص على ألا أقول وحجتهم قراءة ابن مسعود قرأ (حقيق بألا أقول) قال الفراء الباء بمعنى على كقول العرب فلان على حالة حسنة وبحالة حسنة). [حجة القراءات: 289]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (28- قوله: {حقيق على} قرأه نافع بياء مشددة مفتوحة، على تعدية «حقيق» إلى ضمير المتكلم فلما اجتمع ياءان ياء «على» التي تنقلب مع الضمير ياء، وياء المتكلم، أدغم الأولى في الثانية وفتح؛ لأن الإضافة أصلها الفتح، و«حقق وحق» سواء بمعنى واجب ومثله حق، وأصله أن يتعدى
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/469]
بعلى كما يتعدى واجب بعلى، قال الله تعالى ذكره: {فحق علينا قول ربنا} «الصافات 31»، وقال: {فحق عليها القول} «الإسراء 16» وقرأ الباقون بألف بعد اللام من «على»، ولم يضيفوها إلى المتكلم، وذلك أنه عدى «حقيق» بـ «على» إلى «أن»، ويجوز أن تكون «على » في هذا بمعنى الباء، كما جاز وقوع الباء في موضع «على» في قوله: {ولا تقعدوا بكل صراط} «الأعراف 86» أي: على كل طريق). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/470]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (23- {حَقِيقٌ عَلَى} [آية/ 105] بتشديد الياء:-
قرأها نافع وحده.
والوجه أن حقيقة فعيل من حق، وهو معدى بعلى قال الله تعالى {فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا} فإذا عدي الفعل بعلى وجب أن يعدي به ما هو منه، ثم إن معناه يقتضي أيضًا تعديته بعلى؛ لأن معناه وجب، ووجب يعدى بعلى، تقول وجب علي دين، فكذلك ما هو بمعناه.
وقرأ الباقون {عَلى} بالتخفيف.
والوجه أن {على} ههنا بمعنى الباء، والتقدير: حقيق بأن لا أقول، وعلى قد يكون بمعنى الباء، كما تقول: أتانا فلان على حالة وبحالة حسنة، وقال أبو عبيدة: حقيق معناه حريص، فكما يقال هو حريص على كذا، فكذلك
[الموضح: 542]
هو حقيق عليه، وقال أبو عمرو بن العلاء: معناه حقيق أن لا أقول، ويؤيده قراءة عبد الله {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لا أَقُولَ}، بغير على). [الموضح: 543]

قوله تعالى: {قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآَيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106)}

قوله تعالى: {فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107)}

قوله تعالى: {وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108)}

قوله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109)}

قوله تعالى: {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110)}

قوله تعالى: {قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أرجه وأخاه... (111).
قرأ ابن كثيرٍ (أرجئهو وأخاه) يهمز وضم الهاء ضما مشبعًا بلفظ واو، وقرأ أبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر ويعقوب (أرجئه وأخاه)
بالهمز وضم الهاء ضمة غير مشبعة، وقرأ نافع (أرجه) بلا همز ويكسر الهاء كسرةً مختلسة، وروى ورش عنه أنه جرّ الهاء ووصلها بياء ولا يهمز، وكذلك روى خلف وابن سعدان عن أبي المسيبي عنه.
وقرأ ابن عامر (أرجئه وأخاه) بالهمز وكسر الهاء خفيفة.
وقرأ حمزة وحفص والأعشى عن أبي بكر (أرجه) ساكنة الهاء غير مهموزة، وكذلك قال خلف وأبو هشام عن يحيى عن أبي بكر.
وقرأ الكسائي (أرجهي) غير مهموز، ويجر الهاء بياء في اللفظ، وكذلك قولهم في الشعراء مثل قولهم في الأعراف، إلا أن هبيرة روى عن حفص بجزم الهاء هنا، وجرّها في الشعراء.
قال أبو منصور: هذه الوجوه كلها وإن اختلفت فهي لغات
[معاني القراءات وعللها: 1/415]
محفوظة عن العرب، وأبعدها عند النحويين تسكين الهاء بلا همزة لأنها ليست بموضع الجزم، وهي ضعيفة عند جميعهم.
وقراءة ابن عامر بالهمز وكسر الهاء ليست بجيدة؛ لأن أصل الهاء الضم في (أرجئه)، وإنما يجر مع الياءات والكسرات، والهمزة تكون ساكنة فالكسرة لا تتبعها). [معاني القراءات وعللها: 1/416]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (23- وقوله: {أرجه وأخاه} [111].
قرأ أبو عمرو وابن كثير بهمزة ساكنة جعلاه من أرجئت الأمر أي: أخرته، ومنهم (المرجئة)، لأنهم أرجأوا العمل فقالوا: الإيمان قول بلا عمل وأخطأوا؛ لأن الله تعالى ذم قومًا آمنوا بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم، وهم المنافقون، فقال تعالى: {يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم} فلا يصح الإيمان إلا بثلاثة أشياء نطق باللسان وعمل بالجوارح وعقد بالقلب. وعلامة الجزم في أرجئة سكون الهمزة، كما تقول: أقرئ زيدًا السلام ثم تكنى فتقول أقرئه.
وكان أبو عمرو يصل الهائين بضمة مختلسة، وابن كثير يلفظه كالواو {أرجهو وأخاهو}. وقد بينت علة ذلك فيما سلف.
وقرأ نافع والكسائي في رواية: ورش بالصلة {أرجهي وأخاه}، ويسقطان الياء للجزم ويصلان الهاء بياء؛ لانكسار ما قبلهما، أعني أرجهي، وهما لغتان
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/197]
أرجأت وأرجيت وكذلك: {ترجى من تشاء} و{ترجئ من تشاء}.
وقرأ عاصم وحمزة بترك الهمزة أيضًا غير أنهما أسكنا الهاء {أرجه} وإنما سكنت الهاء توهما أن الهاء آخر الكلمة، أو تخفيفًا، لما طالبت الكلمة بالهاء.
وقرأ ابن عامر في رواية هشام بن عمار {أرجئهي} بالهمز وكسر الهاء مع الصلة وفي رواية ذكوان {أرجئه} بالهمز وكسر الهاء بغير الصلة.
فقال ابن مجاهد هو غلط، وكذلك عند النحويين هو غلط؛ لأن الكسرة لا تجوز في الهاء إذا سكن ما قبلها نحو منهم واضربهم، وله وجه عندي؛ وذلك: أن الهمزة لما سكنت للجزم وبعدها الهاء ساكنة على لغة من يسكن كسر الهاء، لالتقاء الساكنين، وليس هذا كقولهم: منهم واضربهم؛ لأن الهاء هنالك لا تكون إلا متحركة، فيحمل قول من خطاه أن يكون خطأ الرواية ولم ينعم النظر في هذا الحرف.
وقد اجترأ جماعة في الطعن على هؤلاء السبعة في بعض حروفهم وليس واحد منهم عندي لاحنًا بحمد الله. فإن قال قائل: فقد لحن يونس والخليل وسيبويه رضي الله عنهم حمزة في قراءته {فما استطاعوا}.
فالجواب عن ذلك كالجواب فيما سلف؛ لأن هؤلاء وإن كانوا أئمة فريما لم يأخذوا أنفسهم بالاحتجاج لكل من يروى عن هؤلاء السبعة كعناية غيرهم به، وسترى الاحتجاج لحمزة وجميع ما يلحن فيه، ولا قوة إلا بالله.
ولابن كثير نحو {وكشفت عن ساقيها} {ثم ائتوا صفًا}
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/198]
و{بمصرخي} و{مكر السيء} و{قال فرعون} و{آمنتم} في مواضعها إن شاء الله). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/199]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الهمز وإسقاطه من قوله تعالى: قالوا أرجه وأخاه [الأعراف/ 111].
فقرأ ابن كثير أرجئهو وأخاه مهموز بواو بعد الهاء في اللّفظ، وقرأ أبو عمرو مثله، غير أنّه كان يضم الهاء ضمة من غير أن يبلغ بها الواو، وكانا يهمزان مرجئون [التوبة/ 106] وترجئ من تشاء [الأحزاب/ 51].
[الحجة للقراء السبعة: 4/57]
وقرأ نافع [وحده] أرجه وأخاه بكسر الهاء، ولا يبلغ بها الياء، ولا يهمز. هذه رواية المسيّبي وقالون.
وروى ورش عنه: أرجهي وأخاه يصلها بياء، ولا يهمز بين الجيم والهاء، وكذلك قال إسماعيل بن جعفر عن نافع.
وقال خلف وابن سعدان عن إسحاق عن نافع أنّه وصل الهاء بياء.
وقرأ ابن عامر: أرجئه وأخاه في رواية هشام بن عمار مثل أبي عمرو.
وفي رواية ابن ذكوان: كسرها بالهمز، وكسر الهاء أرجئه، وهمز مرجئون وترجئ، وهذا غلط، لا يجوز كسر الهاء مع الهمز، وإنما يجوز إذا كان قبلها ياء ساكنة أو كسرة.
واختلف عن عاصم فروى هارون بن حاتم عن حسين الجعفيّ عن أبي بكر عن عاصم أنّه قرأ مثل أبي عمرو أرجئه مهموزا.
وقال خلف عن يحيى عن أبي بكر أنه ربما كان همزها ورفع الهاء.
[الحجة للقراء السبعة: 4/58]
وحدّثني محمد بن الجهم عن ابن أبي أميّة عن أبي بكر عن عاصم أرجئه مهموز ساكنة الهاء.
وقال محمد بن الجهم فيما نحسب- شكّ ابن الجهم-:
بهمز الألف التي قبل الراء.
وقال إبراهيم بن أحمد الوكيعي عن أبيه عن يحيى عن أبي بكر عن عاصم: أرجئه مهموز جزم. حدّثني موسى بن إسحاق القاضي، عن أبي هشام عن يحيى عن أبي بكر عن عاصم: أرجه جزم بغير همز.
وكذلك روى خلف عن يحيى عنه جزم.
وكذلك حدثني عبد الله بن شاكر عن يحيى عن أبي بكر:
بجزم الهاء، والكسائي عن أبي بكر [عن عاصم]: بجزم الهاء، ولم يذكر هو الهمز.
[قال الأعشى عن أبي بكر عن عاصم أرجه بغير همز، ويهمز مرجئون ولا يهمز ترجي أبو البحتري عن يحيى عن أبي بكر عنه أنه لا يهمز ترجي ولا مرجون].
[الحجة للقراء السبعة: 4/59]
و قال هبيرة عن حفص عن عاصم: أنه جزم الهاء في الأعراف، وجرّها في الشعراء [36].
وقال غير هبيرة عن حفص: أرجه جزم ولا يهمز مرجون وترجى وفي الشعراء أرجه جزم، وكذلك قال وهيب [بن عبد الله] عن الحسن بن مبارك عن أبي حفص عمرو بن الصباح عن أبي عمر عن عاصم.
وقرأ حمزة والكسائي أرجه وأخاه.
واختلفا في الهاء؛ فأسكنها حمزة مثل عاصم، ووصلها الكسائي بياء فقال أرجهي وأخاه.
قال أبو زيد: أرجأت الأمر إرجاء: إذا أخّرته، فقوله:
أرجئه. أفعله من هذا، وضمّ الهاء مع الهمزة لا يجوز غيره، وأن لا يبلغ الواو أحسن لأنّ الهاء خفيّة، فلو بلغ بها الواو لكان كأنّه قد جمع بين ساكنين، ألا ترى أنّ من قال: ردّ يا فتى،
[الحجة للقراء السبعة: 4/60]
فضمّ، فإنّه إذا وصل بالدّال الضمير المؤنث قال: ردّها، ففتح، كما تقول: ردّا، لخفاء الهاء، فكذلك أرجئه لا ينبغي أن يبلغ بها الواو، فيصير كأنّه جمع بين ساكنين.
ومن قال: أرجئهو فألحق الواو، فلأنّ الهاء متحركة ولم يلتق ساكنان، لأنّ الهاء فاصل، فقال: أرجئهو كما تقول:
اضربهو قبل، ولو كان مكان الباء حرف لين لكان وصلها بالواو أقبح، نحو: عليهو، لاجتماع حروف متقاربة مع أن الهاء، ليس بحاجز قوي في الفصل، واجتماع المتقاربة في الكراهة كاجتماع الأمثال.
قال: وقرأ نافع: أرجه وأخاه بكسر الهاء، ولا يبلغ بها الياء، ولا يهمز. هذه رواية المسيّبي وقالون.
وروى ورش: أرجهي يصلها بياء، ولا يهمز بين الجيم والهاء.
وكذلك قال إسماعيل بن جعفر.
[قال أبو علي]: وصل الهاء بياء إذا قال: أرجهي لأنّ هذه الهاء توصل في الإدراج بواو أو ياء، نحو: بهو أو بهي وضربهو، ولا تقول في الوصل: به، ولا به، ولا ضربه
[الحجة للقراء السبعة: 4/61]
حتّى. تشبع فتقول: بهو فاعلم، وبهي داء، أو: بهو داء، إلّا في ضرورة شعر كقوله:
وما له من مجد تليد قال: وقرأ ابن عامر: أرجئه وأخاه في رواية هشام ابن عمّار مثل أبي عمرو، وفي رواية ابن ذكوان كسرها بالهمز.
[قال أبو علي]: كسر الهاء مع الهمز غلط، لا يجوز، وإنّما يجوز إذا كان قبلها ياء ساكنة أو كسرة، ولو خفّف الهمزة فقلبها ياء فقال: أرجيه، فكسر الهاء؛ لم يستقم، لأنّ هذه الياء في تقدير الهمزة؛ فكما لم يدغم نحو: رؤيا، إذا خفّفت الهمزة، لأنّ الواو في تقدير الهمزة، كذلك لا يحسن تحريك الهاء بالكسر مع الياء المنقلبة عن الهمز.
وقياس من قال: ريّا، فأدغم، أن يحرّك الهاء أيضا بالكسر، وعلى هذا المسلك قول من قال: أنبيهم [البقرة/ 33] إذا كسر الهاء مع قلب الهمزة ياء.
[الحجة للقراء السبعة: 4/62]
قال: واختلف عن عاصم، فروى هارون بن حاتم عن حسين الجعفي عن أبي بكر عن عاصم أنّه قرأ مثل قراءة أبي عمرو أرجئه مهموز.
وقال خلف عن يحيى عن أبي بكر عن عاصم أنه كان ربّما همزها ورفع الهاء.
وروى أبان عن عاصم: أرجه جزم، [قال أبو علي]: وهذا لأنّه قد جاء في أرجأت لغتان: أرجأت، وأرجيت، وإذا قال: أرجه كان من أرجيت). [الحجة للقراء السبعة: 4/63]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قالوا أرجه وأخاه}
قرأ ابن كثير وهشام عن ابن عامر (أرجئه) مهموزة بواو بعد الهاء في اللّفظ واصل هذه الهاء الّتي للمضمر أن تكون مضمومة
[حجة القراءات: 289]
بعدها واو كقولك ضربتهو يا فتى ومررت بهويا فتى زعم سيبويهٍ أن الواو زيدت على الهاء في المذكر كما زيدت الألف في المؤنّث كقولك ضربتها ومررت بها ليستوي المذكر والمؤنث في باب الزّيادة وعلامة الأمر في أرجئهو سكون الهمزة
وقرأ أبو عمرو (وأرجئه) مضمومة الهاء من غير إشباع اكتفاء بالضمة عن الواو لأنّها نابت عن الواو وأخرى أن الهاء ليست بحاجز حصين فكأن السّاكن الّذي قبلها ملاق للساكن الّذي بعدها فتحذف الواو كما يحذف السّاكن عند ملاقاة ساكن
وقرأ نافع والكسائيّ (أرجهي) بغير همزة وبجر الهاء يصلان بياء والأصل في هذه الهاء الضمة كما ذكرنا ولكنهم قلبوا الواو ياء لانكسار ما قبلها أعني كسرة الجيم وإنّما اختار الكسرة على الضمة الّتي هي الأصل لاستثقال الضمة بعد الكسرة ألا ترى أنه رفض في اصل البناء فلم يجئ بناء على فعل مضمومة العين بعد كسرة الفاء
وقرأ الحلواني عن نافع {أرجه} بكسر الهاء من غير إشباع وحجته هي أن الكسرة تدل على الياء وتنوب كما قال {أكرمن} و{أهانن} والأصل أكرمني وأهانني
وقرأ عاصم وحمزة {أرجه} بترك الهمزة وسكون الهاء وحجتهما ذكرها الفراء قال إن من العرب من يسكن الهاء إذ تحرّك ما قبلها فيقول ضربته ضربا شديدا فينزلون الهاء وأصلها الضمة بمنزلة أنتم وأصل الميم الرّفع ولم يصلوها بواو والّذي يدل على ما قال
[حجة القراءات: 290]
أنّك تردها إلى الأصل مع المضمر فتقول رأيتموه قال الله تعالى {فقد رأيتموه وأنتم تنظرون} فأجريا الهاء وأصلها الضّم مجرى الميم قال الشّاعر:
فيصلح اليوم ويفسده غدا
وقرأ ابن عامر (أرجئه) بالهمز وكسر الهاء من غير إشباع
قال أهل النّحو هذا غلط لأن الكسرة لا تجوز في الهاء إذا سكن ما قبلها نحو منهم بكسر الهاء قال وإنّما يجوز كسر الهاء إذا كان ما قبلها ياء أو كسرة فتكسر الهاء لأجلهما وله وجه قد ذكره بعض النّحويين قال إن الهمزة لما سكنت للجزم وبعدها الهاء ساكنة على لغة من يسكن فكسر الهاء لالتقاء الساكنين وليس هذا كقولهم منهم لأن الهاء هنالك لا تكون إلّا متحركة). [حجة القراءات: 291]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (29- قوله: {أرجه وأخاه} قرأه ابن كثير وهشام بهمزة ساكنة، ويصلان الهاء بواو في الوصل، وكذلك قرأ أبو عمرو، غير أنه يضم الهاء، ولا يصلها بواو، وقرأ ابن ذكوان بهمزة ساكنة وبكسر الهاء، من غير أن يصلها بياء، وكذلك قرأ قالون، غير أنه لم يهمز، وقرأ ورش والكسائي بغير همز، ويصلان الهاء بياء في الوصل، وقرأ حمزة وعاصم بإسكان الهاء، من غير همز، ومثله الاختلاف في الشعراء، والهمز في هذا الفعل وتكره لغتان، يقال: أرجيته وأرجأته، بمعنى: أخرته وإسكان الهمزة فيه أو حذف الياء علم البناء على قول البصريين، وعلم الجزم على قول الكوفيين، فأما الهاء فأصلها أن توصل بواو، على ما تقدم من العلة، فمن أثبت الواو أتى به على الأصل، فاعتد بالهاء حاجزًا بين الهمزة والواو.
ومن حذف الواو ولم يعتد بالهاء حاجزًا لخفائها، فحذف الواو لالتقاء الساكنين على مذهب سيبويه وأكثر البصريين، وقيل حذفت الواو
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/470]
استخفافًا، واكتفى بالضمة الدالة عليها، ومن وصل الهاء بياء أبدل من ضمة الهاء كسرة للكسرة التي قبلها، فانقلبت الواو ياء، ومن حذف الياء فعلى وجه العلة في حذف الواو، ومن أسكن الهاء فعلى نية الوقف عليها، أو على توهم أنها لام الفعل، فأسكن للبناء أو للجزم، وكل هذا في إسكان الهاء ضعيف، على ما ذكرنا من العلل المذكورة في إسكان الهاء في «يؤده» و«لا يؤده» و«نصله» و«نوله»، والإسكان أضعف القراءات في هذه الكلمة، لما ذكرنا في «نوله، ونصله» والاختيار ترك الهمز وصلة الهاء بياء؛ لأنك إذا لم تهمز تحرك ما قبل الهاء، فلا تقدر فيه اجتماع ساكنين.
فأما من حذف الياء، ولم يهمز، فإنه أجرى الكلمة على أصلها قبل حذف الياء الأولى، فكأنه حذف الياء الثانية لسكونها وسكون الياء الأولى، ثم حذف الياء الأولى للبناء وللجزم، فبقيت الثانية على حذفها، ولم يعتد بحذف الياء الأولى، وقد تقدم بسط هذا وشرحه، وكلهم وقف على هاء دون ياء أو واو، والروم والإشمام جائزان فيها، في قراءة ابن كثير وأبي عمرو وهشام؛ لأن قبلها ساكنًا، لا يشبه حركتها، والروم، في قراءة ابن ذكوان جائز، ولا يجوز الروم في قراءة الكسائي وورش وقالون لأن حركة الهاء حركة كحركة ما قبلها، وهي خفية، فكأن حركة ما قبلها عليها على ما قدمنا). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/471]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (24- {أَرْجِئهْو وَأَخَاهُ} [آية/ 111]، بالهمز وضم الهاء وإثبات الواو: -
قرأها ابن كثير وحده.
والوجه أنه أمر من أرجـأت الأمر إذا أخرته، فالأصل فيه الهمز، والهاء أصله الضم أيضا وأن يتصل به واو بعده، فأجراه ابن كثير على الأصل في إلحاق الواو، لأنه جعل الهاء فاصلاُ بين الساكنين فلم يجتمعا.
وقرأ أبو عمرو وعاصم -ياش- ويعقوب وأرجئه بالهمز وضم الهاء ضمه غير مشعبة. والوجه أنه مجرى على الأصل في إثبات الهمزة وضم الهاء، فإن ضم الهاء فيما سكن ما قبله إذا لم يكن بياء لا يجوز في العربية غيره.
وأما ترك إلحاق الواو للهاء، فلأجل أن الهاء حرف خفي، وليس بحاجز حصين، فلو ألحق الواو وما قبل الهاء ساكن، كان كأن الساكنين التقيا؛ لأن الهاء كأنه لم يعتد به، وهذه القراءة أحسن في العربية من الأولى.
وقرأ نافع {أَرْجِهْ} بلا همز وبكسر الهاء كسرة مختلسة.
[الموضح: 543]
والوجه أنه أمر من أرجيت الأمر بالياء، فقد جاء أرجأت وأرجيت بمعنى واحد، والأمر منه أرج، ثم ألحق الهاء الضمير المفعول به، فكسر لكسرة ما قبله، وهذا الهاء قد يلحق به ياء مكان الواو إذا انكسر ما قبله، نحو قولك: بهي داء، وقد يحذف الياء ويكتفى بالكسرة عن الياء، إلا أن إلحاق الياء في مثل هذا أحسن، وقد جاء في الشعر بغير ياء، قال:
36- فإن يك غثًا أو سمينًا فإنني سأجعل عينيه لنفسه مقنعا
فحذف الياء من نفسه، واختلس الكسرة اكتفاء بها عن الياء.
وقرأ الكسائي و- ش - و- يل - عن نافع {أَرْجِهِي} غير مهموز وبكسر الهاء وإلحاق الياء به.
والوجه هو ما ذكرنا أنه أحسن من قراءة نافع، وذلك لأن هذه الياء والواو يحذفان من الهاء إذا سكن ما قبل الهاء، لما ذكرنا من أنه يكون حينئذ في تقدير التقاء الساكنين، فأما إذا لم يسكن ما قبل الهاء فلا موجب لحذف الياء، وههنا تحرك ما قبل الهاء، فلهذا كان الاختيار هو إثبات الياء.
وقرأ حمزة و-ص- عن عاصم {أَرْجِهْ} ساكنة الهاء غير مهموزة.
والوجه أنه من أرجيت كما سبق، وإسكان هاء الضمير هو على تشبيه المنفصل بالمتصل، وذلك أنه شبه قوله جه من {أَرْجِهْ وَأَخَاهُ} في قراءة من
[الموضح: 544]
قرأ بها بإبل وإطل، فأسكن الأوسط وهو الهاء، كما أسكن الأوسط من إبل، فقالوا: إبل، ومن إطل فقالوا: إطل.
وقرأ ابن عامر {أَرْجِهْ وَأَخَاهُ} بالهمز وكسر الهاء كسرة خفيفة.
وهذا لا يرتضيه النحويون، فإنهم لا يجوزون كسر الهاء، إلا إذا كان قبلها ياء ساكنة أو كسرة. فأما إذا كان قبلها ساكن غير الياء فلا، والعذر لهذه القراءة أنه لما رأى هذه الهمزة يجوز أن تخفف فتصير إلى الياء، أجراها غير مخففة مجراها مخففة، فكسر الهاء بعدها كما يكسرها بعد الياء، وهذا كما قال النابغة:
37- كليني لهم يا أميمة ناصب
في رواية من روى بفتح التاء من أميمة؛ لأنه نوى فيه الترخيم ولم يرخم، ولو رخم لكان يا أميم بالفتح، فأجراها غير مرخمة مجراها مرخمة، وهو مع هذا بعيد.
ويجوز أن يكون ابن عامر إنما كسر الهاء من {أَرْجِئهْ} مع إثبات الهمزة
[الموضح: 545]
لكسرة الجيم ولم يعتد بالساكن الذي هو الهمزة لكونه ساكنًا، كما قلبوا الواو في قنية ياء لكسرة القاف، وإن كان بينهما ساكن، فإن الأصل قنوة). [الموضح: 546]

قوله تعالى: {يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (بكلّ ساحرٍ عليمٍ (112).
قرأ حمزة والكسائي (بكلّ سحّارٍ) ها هنا وفي يونس والشعراء، وقرأ الباقون ها هنا وفي يونس (ساحرٍ عليمٍ) فاعل، وفي الشعراء (سحّارٍ).
قال أبو منصور: من قرأ (سحّارٍ) فهو أبلغ من (ساحرٍ) والقراءتان كلتاهما جيدتان). [معاني القراءات وعللها: 1/416]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (24- وقوله تعالى: {بكل ساحر عليهم} [112].
قرأ حمزة والكسائي {سحار} مشددًا على فعال بتأخير الألف في جميع القرآن.
وقرأ الباقون {ساحر} إلا في {الشعراء} فإنهم أجمعوا على {سحار عليم} إذا كانت كذلك كتبت في المصحف، وسحار أبلغ من ساحر؛ لأنه لمن تكرر الفعل منه، ففاعل يصلح لزمانين للحال والاستقبال، فإذا شددت دل على المضي، تقديره: إنه سحر مرة بعد مرة كقولك: آتيك برجل خارج إلى مكة أي: سيخرج. فإذا قلت: آتيتك برجل خراج إلى مكة أي: قد خرج مرة بعد أخرى قال الشاعر:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/199]
قد كنت خراجا ولوجا صيرفا = لم تلتحصني حيص بيص لحاص
أي: في بلاد). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/200]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله جلّ وعزّ: يأتوك بكل ساحر عليم [الأعراف/ 112].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر في الأعراف وفي يونس [79]: بكل ساحر عليم بالألف قبل الحاء. وقرءوا في [الشعراء/ 37] سحار* بألف بعد الحاء.
[الحجة للقراء السبعة: 4/63]
وقرأ حمزة والكسائيّ ثلاثتهنّ سحار* بألف بعد الحاء.
[قال أبو علي]: من حجة من قال: ساحر قوله: ما جئتم به السحر [يونس/ 81]، والفاعل من السّحر، ساحر يدلّك على ذلك قوله: فألقي السحرة ساجدين [الأعراف/ 120]. ولعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم.. [الشعراء/ 40].
والسّحرة جمع ساحر، ككاتب وكتبة، وفاجر وفجرة.
ومن حجّتهم: سحروا أعين الناس [الأعراف/ 116]، واسم الفاعل على سحروا: ساحر.
ومن حجّة من قال: سحار*، أنّه قد وصف بعليم، ووصفه به يدلّ على تناهيه فيه، وحذقه به؛ فحسن لذلك أن يذكروا بالاسم الدّالّ على المبالغة في السحر). [الحجة للقراء السبعة: 4/64]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يأتوك بكل ساحر عليم}
قرأ حمزة والكسائيّ {بكل سحار عليم} بالألف بعد الحاء وكذلك في يونس وحجتهما إجماع الجميع على قوله في سورة الشّعراء {بكل سحار عليم} ولا فرق بينهما وبين ما أجمعوا عليه فرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه وأخرى أن سحارا أبلغ من ساحر وأشد مبالغة في الوصف من ذلك علام أبلغ من عالم فكذلك سحار أبلغ من ساحر
[حجة القراءات: 291]
وقرأ الباقون {يأتوك بكل ساحر} الألف قبل الحاء وحجتهم إجماعهم على قوله {ولا يفلح السّاحر حيث أتى} ). [حجة القراءات: 292]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (30- قوله: {بكل ساحر} قرأ حمزة والكسائي «سحار» على وزن «فعال»، هنا وفي يونس؛ لأن فيه معنى المبالغة ولأنهم قد أجمعوا على
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/471]
«سحار» في الشعراء فجرى هذا عليه، ويقوي ذلك أنه قد وصفه بـ «عليم»، فدل على التناهي في علم السحر، و«فعال» من أبنية المبالغة والتناهي، وقرأ الباقون «ساحر» على وزن «فاعل»، كما قال تعالى: {فألقي السحرة} «طه 70»، ولعلنا نتبع السحرة} «الشعراء 40»، والسحرة جمع ساحر، ككاذب وكذبة، وفاجر وفجرة، وقوله: {سحروا أعين الناس} «الأعراف 116» يدل على ذلك، لأن اسم الفاعل من «سحر» «ساحر» وأمالهما الدوري عن الكسائي وحده على أصله). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/472]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (25- {يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحٌارٍ} [أية/ 112]، بتشديد الحاء على فعال:
قرأها حمزة والكسائي، وكذلك في يونس، والكل قرأ في الشعراء {سَحٌارٍ} بلا خلاف.
والوجه أن المراد به الكثير السحر؛ لأن بناء فقال إنما هو للمبالغة في الفعل، وضع لمن يكثر منه الفعل ويتكرر، وقد وصف الله تعالى هؤلاء السحرة بقوله تعالى {سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} فلهذا وصفوا ههنا بالمبالغة في السحر.
وقرأ الباقون {سَاحِرٍ} بتخفيف الحاء، وألف قبل الحاء، على بناء فاعل في السورتين.
والوجه أن ساحرًا قد يراد به ما يراد بسحار، وذلك أن لفظ فاعل يتضمن الجنسية، وهو قد يطلق على الكثير؛ لأنه مأخوذ من المصدر، والمصدر جنس، فقد يجوز أن يتضمن ساحر ما يتضمنه سحار من الكثرة). [الموضح: 546]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:17 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة