تفسير قوله تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ما أصاب من مصيبة في الأرض قال هي السنون قال ولا في أنفسكم يقول الأوجاع والأمراض قال بلغنا أنه ليس أحد يصيبه خدش عود ولا نكبة قدم ولا خلجان عرق إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر).
[تفسير عبد الرزاق: 2/275]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ما أصاب من مصيبةٍ في الأرض ولا في أنفسكم إلاّ في كتابٍ من قبل أن نبرأها إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ}.
يقول تعالى ذكره: ما أصابكم أيّها النّاس من مصيبةٍ في الأرض بجدوبها وقحوطها وذهاب زرعها وفسادها {ولا في أنفسكم} بالأوصاب والأوجاع والأسقام {إلاّ في كتابٍ}. يعني إلاّ في أمّ الكتاب {من قبل أن نبرأها}. يقول: من قبل أن نبرأ الأنفس، يعني من قبل أن نخلقها يقال: قد برأ اللّه هذا الشّيء، بمعنى: خلقه فهو بارئه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ما أصاب من مصيبةٍ في الأرض ولا في أنفسكم إلاّ في كتابٍ من قبل أن نبرأها}. قال: هو شيءٌ قد فرغ منه من قبل أن نبرأ النّفس.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: ثني سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {ما أصاب من مصيبةٍ في الأرض}. أمّا مصيبة الأرض: فالسّنون وأمّا في أنفسكم: فهذه الأمراض والأوصاب {من قبل أن نبرأها} من قبل أن نخلقها.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {ما أصاب من مصيبةٍ في الأرض}. قال: هي السّنون {ولا في أنفسكم}. قال: الأوجاع والأمراض قال: وبلغنا أنّه ليس أحدٌ يصيبه خدش عودٍ، ولا نكبة قدمٍ، ولا خلجان عرقٍ إلاّ بذنبٍ، وما يعفو عنه أكثر.
- حدّثني يعقوب قال: حدّثنا ابن عليّة، عن منصور بن عبد الرّحمن قال: كنت جالسًا مع الحسن، فقال رجلٌ: سله عن قوله: {ما أصاب من مصيبةٍ في الأرض ولا في أنفسكم إلاّ في كتابٍ من قبل أن نبرأها}. فسألته عنها، فقال: سبحان اللّه، ومن يشكّ في هذا؟ كلّ مصيبةٍ بين السّماء والأرض ففي كتاب اللّه من قبل أن تبرأ النّسمة.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {ما أصاب من مصيبةٍ في الأرض ولا في أنفسكم إلاّ في كتابٍ من قبل أن نبرأها}. يقول: هو شيءٌ قد فرغ منه من قبل أن نبرأها: من قبل أن نبرأ الأنفس.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ في قول اللّه جلّ ثناؤه: {في كتابٍ من قبل أن نبرأها}. قال: من قبل أن نخلقها قال: المصائب والرّزق والأشياء كلّها ممّا تحبّ وتكره فرغ اللّه من ذلك كلّه قبل أن يبرأ النّفوس ويخلقها.
وقال آخرون: عني بذلك: ما أصاب من مصيبةٍ في دينٍ ولا دنيا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ قال: حدّثنا أبو صالحٍ قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ما أصاب من مصيبةٍ في الأرض ولا في أنفسكم إلاّ في كتابٍ من قبل أن نبرأها}. يقول: في الدّين والدّنيا إلاّ في كتابٍ من قبل أن نخلقها.
واختلف أهل العربيّة في معنى {في} الّتي بعد قوله: {إلاّ} فقال بعض نحويّي البصرة: يريد واللّه أعلم بذلك: إلاّ هي في كتابٍ، فجاز فيه الإضمار قال: ويقول: عندي هذا ليس إلاّ يريد إلاّ هو.
وقال غيره منهم، قوله: {في كتابٍ}. من صلة ما أصاب، وليس إضمار هو بشيءٍ، وقال: ليس قوله عندي هذا ليس إلاّ مثله، لأنّ إلاّ تكفي من الفعل، كأنّه قال: ليس غيره.
وقوله: {إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ}. يقول تعالى ذكره: إنّ خلق النّفوس، وإحصاء ما هي لاقيةٌ من المصائب على اللّه سهلٌ يسيرٌ).
[جامع البيان: 22/418-420]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا الحسن بن يعقوب العدل، ثنا يحيى بن أبي طالبٍ، أنبأ عبد الوهّاب بن عطاءٍ، أنبأ سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي حسّان الأعرج، أنّ عائشة رضي اللّه عنها، قالت: كان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: " كان أهل الجاهليّة يقولون: إنّما الطّيرة في المرأة والدّابّة والدّار "، ثمّ قرأت {ما أصاب من مصيبةٍ في الأرض ولا في أنفسكم إلّا في كتابٍ من قبل أن نبرأها إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ} [الحديد: 22] «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»).
[المستدرك: 2/521]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 22 - 24
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم} يقول: في الدنيا ولا في الدين {إلا في كتاب من قبل أن نبرأها} قال: نخلقها {لكي لا تأسوا على ما فاتكم} من الدنيا {ولا تفرحوا بما آتاكم} منها).
[الدر المنثور: 14/282-283]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {ما أصاب من مصيبة} الآية قال: هو شيء قد فرغ منه من قبل أن تبرأ الأنفس).
[الدر المنثور: 14/283]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن أبي حسان أن رجلين دخلا على عائشة فقالا: إن أبا هريرة يحدث أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: إنما الطيرة في الدابة والمرأة والدار فقالت: والذي أنزل القرآن على أبي القاسم ما هكذا كان يقول: ولكن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كان أهل الجاهلية يقولون: إنما الطيرة في المرأة والدابة والدار ثم قرأت {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير}).
[الدر المنثور: 14/283]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن الحسن أنه سئل عنه هذه الآية فقال: سبحان الله من يشك في هذا كل مصيبة في السماء والأرض ففي كتاب من قبل أن تبرأ النسمة).
[الدر المنثور: 14/283-284]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها} يريد مصائب المعاش ولا يريد مصائب الدين أنه قال: {لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم} وليس عن مصائب الدين أمرهم أن يأسوا على السيئة ويفرحوا بالحسنة).
[الدر المنثور: 14/284]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن الحسن في الآية قال: إنه ليقضي بالسيئة في السماء وهو كل يوم في شأن ثم يضرب لها أجل فيحسبها إلى أجلها فإذا جاء أجلها أرسلها فليس لها مردود أنه كائن في يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا في بلد كذا من المصيبة من القحط والرزق والمصيبة في الخاصة والعامة حتى إن الرجل يأخذ العصا يتوكأ بها وقد كان لها كارها ثم يعتادها حتى ما يستطيع تركها).
[الدر المنثور: 14/284-285]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن الربيع بن أبي صالح قال: دخلت على سعيد بن جبير في نفر فبكى رجل من القوم فقال: ما يبكيك فقال: أبكي لما أرى بك ولما يذهب بك إليه قال: فلا تبك فإنه كان فعلم الله أن يكون ألا تسمع إلى قوله: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها}).
[الدر المنثور: 14/285]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب} قال: الأوجاع والأمراض {من قبل أن نبرأها} قال: من قبل أن نخلقها).
[الدر المنثور: 14/285]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في الآية قال: أنزل الله المصيبة ثم حبسها عنده ثم يخلق صاحبها فإذا عمل خطيئتها أرسلها عليه).
[الدر المنثور: 14/285-286]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الديليمي عن سليم بن جابر النجيمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيفتح على أمتي باب من القدر في آخر الزمان لا يسده شيء يكفيكم منه أن تقوهم بهذه الآية {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب} الآية).
[الدر المنثور: 14/286]
تفسير قوله تعالى: (لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23) )
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ {لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم} قال: ليس أحدٌ إلاّ وهو يحزن ويفرح، ولكن من جعل المصيبة صبرًا وجعل الخير شكرًا). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 245-246]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم واللّه لا يحبّ كلّ مختالٍ فخورٍ}.
يعني تعالى ذكره: ما أصابكم أيّها النّاس من مصيبةٍ في أموالكم ولا في أنفسكم، إلاّ في كتابٍ قد كتب ذلك فيه من قبل أن نخلق نفوسكم {لكيلا تأسوا}. يقول: لكيلا تحزنوا {على ما فاتكم}. من الدّنيا، فلم تدركوه منها {ولا تفرحوا بما آتاكم} منها.
ومعنى قوله: {بما آتاكم} إذا مدّت الألف منها: بالّذي أعطاكم منها ربّكم وملّككم وخوّلكم؛ وإذا قصرت الألف، فمعناها: بالّذي جاءكم منها
0وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ قال: حدّثنا أبو صالحٍ قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، {لكيلا تأسوا على ما فاتكم} من الدّنيا {ولا تفرحوا بما آتاكم} منها.
- حدّثت عن الحسين بن يزيد الطّحّان قال: حدّثنا إسحاق بن منصورٍ، عن قيسٍ، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، {لكيلا تأسوا على ما فاتكم}. قال: الصّبر عند المصيبة، والشّكر عند النّعمة.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن سماكٍ البكريّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ {لكيلا تأسوا على ما فاتكم}. قال: ليس أحدٌ إلاّ يحزن ويفرح، ولكن من أصابته مصيبةٌ فجعلها صبرًا، ومن أصابه خيرٌ فجعله شكرًا.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم}. قال: لا تأسوا على ما فاتكم من الدّنيا، ولا تفرحوا بما آتاكم منها.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {بما آتاكم}. فقرأ ذلك عامّة قرأة الحجاز والكوفة {بما آتاكم} بمدّ الألف، وقرأه بعض قرأة البصرة (بما أتاكم) بقصر الألف؛ وكأنّ من قرأ ذلك بقصر الألف اختار قراءته كذلك، إذ كان الّذي قبله على ما فاتكم، ولم يكن على ما أفاتكم، فيردّ الفعل إلى اللّه، فألحق قوله: (بما أتاكم) به، ولم يردّه إلى أنّه خبرٌ عن اللّه.
والصّواب من القول في ذلك أنّهما قراءتان صحيحٌ معناهما، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ، وإن كنت أختار مدّ الألف لكثرة قارئي ذلك كذلك، وليس للّذي اعتلّ به منه معتلّو قارئيه بقصر الألف كبير معنًى، لأنّ ما جعل من ذلك خبرًا عن اللّه، وما صرف منه إلى الخبر عن غيره، فغير خارجٍ جميعه عند سامعيه من أهل العلم أنّه من فعل اللّه تعالى، فالفائت من الدّنيا من فاته منها شيءٌ، والمدرك منها ما أدرك عن تقدّم اللّه عزّ وجلّ وقضائه، وقد بيّن ذلك جلّ ثناؤه لمن عقل عنه بقوله: {ما أصاب من مصيبةٍ في الأرض ولا في أنفسكم إلاّ في كتابٍ من قبل أن نبرأها} فأخبر أنّ الفائت منها بإفاتته إيّاهم فاتهم، والمدرك منها بإعطائه إيّاهم أدركوا، وأنّ ذلك محطوطٌ لهم في كتابٍ من قبل أن يخلقهم.
وقوله: {واللّه لا يحبّ كلّ مختالٍ فخورٍ}. يقول: واللّه لا يحبّ كلّ متكبّرٍ بما أوتي من الدّنيا، فخورٍ به على النّاس).
[جامع البيان: 22/420-422]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني عبد اللّه بن محمّد بن موسى الصّيدلانيّ، ثنا إسماعيل بن قتيبة، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله تعالى: {لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم} [الحديد: 23] قال: «أليس أحدٌ إلّا وهو يحزن ويفرح، ولكن من جعل المصيبة صبرًا، وجعل الفرح شكرًا» صحيح الإسناد ولم يخرّجاه ").
[المستدرك: 2/521]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 22 - 24
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم} يقول: في الدنيا ولا في الدين {إلا في كتاب من قبل أن نبرأها} قال: نخلقها {لكي لا تأسوا على ما فاتكم} من الدنيا {ولا تفرحوا بما آتاكم} منها).
[الدر المنثور: 14/282-283] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله: {لكي لا تأسوا على ما فاتكم} الآية قال: ليس أحد إلا وهو يحزن ويفرح ولكن إن أصابته مصيبة جعلها صبرا وإن أصابه خير جعله شكرا).
[الدر المنثور: 14/284]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد وعبد بن أحمد في زوائد الزهد عن قزعة قال: رأيت على ابن عمر ثيابا خشنة فقلت: يا أبا عبد الرحمن إني قد أتيتك بثوب لين مما يصنع بخراسان وتقر عيني أن أراه عليك فإن عليك ثيابا خشنة قال: إني أخاف أن ألبسه فأكون مختالا فخورا {والله لا يحب كل مختال فخور}).
[الدر المنثور: 14/286]
تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (24) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل ومن يتولّ فإنّ اللّه هو الغنيّ الحميد}.
يقول تعالى ذكره: واللّه لا يحبّ كلّ مختالٍ فخورٍ، الباخلين بما أوتوا في الدّنيا على اختيالهم به وفخرهم بذلك على النّاس، فهم يبخلون بإخراج حقّ اللّه الّذي أوجبه عليهم فيه، ويشحّون به، وهم مع بخلهم به أيضًا يأمرون النّاس بالبخل.
وقوله: {ومن يتولّ فإنّ اللّه هو الغنيّ الحميد}. يقول تعالى ذكره: ومن يدبر معرضًا عن عظة اللّه {فإنّ اللّه هو الغنيّ الحميد}. يقول تعالى ذكره: ومن يدبر معرضًا عن عظة اللّه، تاركًا العمل بما دعاه إليه من الإنفاق في سبيله، فرحًا بما أوتي من الدّنيا مختالاً به فخورًا بخيلاً، فإنّ اللّه هو الغنيّ عن ماله ونفقته، وعن غيره من سائر خلقه، الحميد إلى خلقه بما أنعم به عليهم من نعمه.
واختلف أهل العربيّة في موضع جواب قوله: {الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل}. فقال بعضهم: استغنى بالأخبار الّتي لأشباههم، ولهم في القرآن، كما قال: {ولو أنّ قرآنًا سيّرت به الجبال أو قطّعت به الأرض أو كلّم به الموتى. ولم يكن في ذا الموضع خبرٌ واللّه أعلم بما ينزل، هو كما أنزل، أو كما أراد أن يكون.
وقال غيره من أهل العربيّة: الخبر قد جاء في الآية الّتي قبل هذه {الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل ومن يتولّ فإنّ اللّه هو الغنيّ الحميد} عطف بجزاءين على جزاءٍ، وجعل جوابهما واحدًا، كما تقول: إن تقم وإن تحسن آتك، لا أنّه حذف الخبر.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {فإنّ اللّه هو الغنيّ الحميد}. فقرأ ذلك عامّة قرأة المدينة (فإنّ اللّه الغنيّ) بحذف {هو} من الكلام، وكذلك ذلك في مصاحفهم بغير {هو} وقرأته عامّة قرأة الكوفة {فإنّ اللّه هو الغنيّ الحميد}. بإثبات هو في القراءة، وكذلك {هو} في مصاحفهم.
والصّواب من القول أنّهما قراءتان معروفتان، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ).
[جامع البيان: 22/423-424]