التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وفي الآخرة عذابٌ شديدٌ ومغفرةٌ مّن اللّه ورضوانٌ...}.
ذكر ما في الدنيا، وأنه على ما وصف، وأما الآخرة فإنها إما عذاب، وإما جنة، والواو فيه واو بمنزلة واحدة؛ كقولك: ضع الصدقة في كل يتيم وأرملة، وإن قلت: في كل يتيم أو أرملة، فالمعنى واحد, والله أعلم). [معاني القرآن: 3/135]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ثمّ يهيج}: ييبس). [مجاز القرآن: 2/254]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({كمثل غيثٍ أعجب الكفّار نباته} أي الزراع. يقال للزارع: كافر، لأنه إذا ألقى البذر في الأرض: كفره، أي غطّاه). [تفسير غريب القرآن: 454]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ} فإنما يريد بالكفار هاهنا: الزّرّاع، واحدهم كافر.
وإنما سمّي كافرا لأنه إذا ألقى البذر في الأرض كَفَره، أي غطّاه، وكل شيء، غطّيته فقد كَفَرته، ومنه قيل: (تَكَفَّرَ فلان في السّلاح): إذا تغطّى.
ومنه قيل للّيل كافر، لأنه يستر بظلمته كل شيء.
ومنه قول الشاعر:
يعلو طريقة متنها متواترا = في ليلة كفر النّجوم غمامها
أي غطاها. وهذا مثل قوله تعالى: {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ}). [تأويل مشكل القرآن: 75-76]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {اعلموا أنّما الحياة الدّنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفّار نباته ثمّ يهيج فتراه مصفرّا ثمّ يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من اللّه ورضوان وما الحياة الدّنيا إلّا متاع الغرور}
{كمثل}: الكاف في موضع رفع من وجهين:
أحدهما أن تكون صفة فيكون المعنى: {إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم}, مثل غيث، وهو المطر ويكون رفعها على خبر بعد خبر، على معنى أن الحياة الدنيا وزينتها مثل غيث أعجب الكفار نباته.
والكفار ههنا له تفسيران:
أحدهما: أنه الزرع، وإذا أعجب الزرّاع نباته مع علمهم به، فهو في غاية ما يستحسن، ويكون الكفّار ههنا الكفّار باللّه، وهم أشد إعجابا بزينة الدّنيا من المؤمنين.
وقوله عزّ وجلّ: {ثمّ يهيج فتراه مصفرّا}
معنى {يهيج}: يأخذ في الجفاف فيبتدئ به الصّفرة.
{ثمّ يكون حطاما}: أي : متحطما متكسّرا ذاهبا.
وضرب الله هذا مثلا لزوال الدنيا.
وقوله عزّ وجلّ: {وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من اللّه ورضوان}
ويقرأ {ورضوان}, وقد روينا جميعا عن عاصم - بالضم والكسر – فمعناه فمغفرة لأولياء الله وعذاب لأعدائه). [معاني القرآن: 5/127]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ) : ( {ثم يهيج}: أي: يجف). [ياقوتة الصراط: 505]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْكُفَّارَ} الزرّاع).[تفسير المشكل من غريب القرآن: 261]
تفسير قوله تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {عرضها كعرض السّماء والأرض}: أي : سعتها كسعة السماء والأرض. وقد تقدم ذكر هذا). [تفسير غريب القرآن: 454]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله {سابقوا إلى مغفرة من ربّكم وجنّة عرضها كعرض السّماء والأرض أعدّت للّذين آمنوا باللّه ورسله ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم}
المعنى: سابقوا بالأعمال الصالحة.
وقيل إن الجنات سبع، وقيل أربع لقوله: {ولمن خاف مقام ربّه جنّتان}
وقوله بعد ذلك {ومن دونهما جنّتان}
وقيل عرضها ولم يذكر طولها - واللّه أعلم - وإنما ذكر عرضها ههنا تمثيل للعباد بما يفعلونه ويقع في نفوسهم، وأكبر ما يقع في نفوسهم مقدار السّماوات والأرض.
وقوله عزّ وجلّ: {ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء}: وهذا دليل أنه لا يدخل أحد الجنّة إلا بفضل اللّه). [معاني القرآن: 5/127-128]