جمهرة تفاسير السلف
تفسير قوله تعالى: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين (24) إذ دخلوا عليه فقالوا سلامًا قال سلامٌ قومٌ منكرون (25) فراغ إلى أهله فجاء بعجلٍ سمينٍ}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، يخبره أنّه محلٌّ بمن تمادى في غيّه، وأصرّ على كفره، فلم يتب منه من كفّار قومه، ما أحلّ بمن قبلهم من الأمم الخالية، ومذكّرًا قومه من قريشٍ بإخباره إيّاهم أخبارهم وقصصهم، وما فعل بهم، هل أتاك يا محمّد حديث ضيف إبراهيم خليل الرّحمن المكرمين.
يعني بقوله: {المكرمين} أنّ إبراهيم عليه السّلام وسارّة خدماهم بأنفسهما.
- وقيل: إنّما قيل {المكرمين} ما: حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ضيف إبراهيم المكرمين} قال: أكرمهم إبراهيم، وأمر أهله لهم بالعجل حسيلٍ). [جامع البيان: 21/525]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد المكرمين قال يقول أكرمهم إبراهيم عليه السلام). [تفسير مجاهد: 2/618-619]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي الدنيا، وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين} قال: خدمته إياهم بنفسه). [الدر المنثور: 13/666]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال: أكرمهم إبراهيم بالعجل). [الدر المنثور: 13/666]
تفسير قوله تعالى: (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] قال في قراءة عبد اللّه (قالوا سَلَمًا قال سَلَم) [الآية: 25]). [تفسير الثوري: 281-282]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إذ دخلوا عليه} يقول: حين دخل ضيف إبراهيم عليه، {فقالوا} له {سلامًا}: أي أسلموا إسلامًا {قال سلامٌ}.
واختلفت القرأة في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرأة المدينة والبصرة: {قال سلامٌ} بالألف بمعنى قال: إبراهيم لهم سلامٌ عليكم، وقرأ ذلك عامّة قرأة الكوفة (قال سلمٌ) بغير ألفٍ، بمعنى قال: أنتم سلمٌ.
وقوله: {قومٌ منكرون} يقول: قومٌ لا نعرفكم، ورفع {قومٌ منكرون} بإضمار أنتم). [جامع البيان: 21/525-526]
تفسير قوله تعالى: (فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({فراغ} [الذاريات: 26] : «فرجع»). [صحيح البخاري: 6/139]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله فراغ فرجع هو قول الفرّاء وزاد والرّوغ وإن جاء بهذا المعنى فإنّه لا ينطق به حتّى يكون صاحبه لذهابه ومجيئه وقال أبو عبيدة في قوله فراغ أي عدل). [فتح الباري: 8/599]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (فراغ فرجع
أشار به إلى قوله تعالى: {فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين} (الذاريات: 26) وفسّر: (فراغ) بقوله: (فرجع) وكذا قال الفراء، وفي التّفسير: فراغ فعدل، ومال إبراهيم، عليه الصّلاة والسّلام، وعن الفراء لا ينطق بالروغ حتّى يكون صاحبه مخيفا لذهابه أو مجيئه). [عمدة القاري: 19/190]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({فراغ}) أي (فرجع) قاله الفراء أيضًا وقيل ذهب في خفية من ضيفه فإن من أدب
المضيف أن يخفي أمره وأن يبادره بالقرى من غير أن يشعر به الضيف حذرًا من أن يكفه ويعذره). [إرشاد الساري: 7/355-356]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فراغ إلى أهله} يقول: عدل إلى أهله ورجع، وكان الفرّاء يقول: الرّوغ وإن كان على هذا المعنى فإنّه لا ينطق به حتّى يكون صاحبه مخفيًا ذهابه أو مجيئه، وقال: ألا ترى أنّك لا تقول قد راغ أهل مكّة وأنت تريد رجعوا أو صدروا، فلو أخفى راجع رجوعه حسنت فيه راغ ويروغ.
وقوله: {فجاء بعجلٍ سمينٍ} يقول: فجاء ضيفه بعجلٍ سمينٍ قد أنضجه شيئًا.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فراغ إلى أهله فجاء بعجلٍ سمينٍ} قال: كان عامّة مال نبيّ اللّه إبراهيم عليه السّلام البقر). [جامع البيان: 21/526]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فجاء بعجل يقول حسيل). [تفسير مجاهد: 2/619]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين} قال: كان عامة مال إبراهيم البقر). [الدر المنثور: 13/667]
تفسير قوله تعالى: (فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (27) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فقرّبه إليهم قال ألا تأكلون (27) فأوجس منهم خيفةً قالوا لا تخف وبشّروه بغلامٍ عليمٍ (28) فأقبلت امرأته في صرّةٍ فصكّت وجهها وقالت عجوزٌ عقيمٌ}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: وقوله: {فقرّبه إليهم قال ألا تأكلون} وفي الكلام متروكٌ استغني بدلالة الظّاهر عليه منه وهو فقرّبه إليهم، فأمسكوا عن أكله، فقال: {ألا تأكلون} ). [جامع البيان: 21/526-527]
تفسير قوله تعالى: (فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (28) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({فأوجس منهم خيفةً}، يقول: فأوجس في نفسه إبراهيم من ضيفه خيفةً، وأضمرها {قالوا لا تخف وبشّروه بغلامٍ عليمٍ} يعني: بإسحاق، وقال: {عليمٌ} بمعنى عالمٌ إذا كبر.
وذكر الفرّاء أنّ بعض المشيخة كان يقول: إذا كان للعلم منتظرًا قيل: إنّه لعالمٌ عن قليلٍ وفاقهٌ، وفي السّيّد سائدٌ، والكريم كارمٌ قال: والّذي قال حسنٌ قال: وهذا أيضًا كلامٌ عربيّ حسنٌ قد قاله اللّه في عليمٍ وحليمٍ وميتٍ.
- وروي عن مجاهد في قوله: {بغلامٍ عليمٍ} ما: حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {بغلامٍ عليمٍ} قال: إسماعيل.
وإنّما قلت: عنى به إسحاق، لأنّ البشارة كانت بالولد من سارّة، وإسماعيل لهاجر لا لسارّة). [جامع البيان: 21/527]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وبشروه بغلام عليم قال يعني إسماعيل). [تفسير مجاهد: 2/619]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وبشروه بغلام عليم} قال: هو إسماعيل). [الدر المنثور: 13/667]
تفسير قوله تعالى: (فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله في صرة قال أقبلت ترن). [تفسير عبد الرزاق: 2/244]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({فصكّت} [الذاريات: 29] : " فجمعت أصابعها، فضربت به جبهتها). [صحيح البخاري: 6/139]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله فصكّت فجمعت أصابعها فضربت به جبهتها في رواية أبي ذرٍّ جمعت بغير فاءٍ وهو قول الفرّاء بلفظه ولسعيد بن منصورٍ من طريق الأعمش عن مجاهد في قوله فصكت وجهها قال ضربت بيدها على جبهتها وقالت يا ويلتاه وروى الطّبريّ من طريق السّدّيّ قال ضربت وجهها عجبًا ومن طريق الثّوريّ وضعت يدها على جبهتها تعجّبًا). [فتح الباري: 8/599]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (فصكّت فجمعت أصابعها فضربت جبهتها
أشار به إلى قوله تعالى: {فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها} (الذاريات: 29) الآية، وفسّر: (فصكت) بقوله: (فجعمت) إلى آخره، وهو قول الفراء بلفظه، وفي رواية أبي ذر، جمعت بغير فاء، حدثنا سعيد بن منصور من طريق الأعمش عن مجاهد في قوله: فصكت وجهها، قال: فضربت بيدها على جبينها. وقالت: يا ويلتاه). [عمدة القاري: 19/190]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({فصكّت}) [الذاريات: 29] أي (فجمعت) ولأبي ذر: جمعت (أصابعها فضربت به) بما جمعت (جبهتها) فعل المتعجب وهي عادة النساء إذا أنكرن شيئًا، وقيل: وجدت حرارة دم الحيض فضربت وجهها من الحياء وسقط به لغير المستملي). [إرشاد الساري: 7/356]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {صرّةٍ} [الذاريات: 29] : «صيحةٍ»). [صحيح البخاري: 6/139]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله صرّةٌ صيحةٌ وصله الفريابيّ من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد وأخرجه بن أبي حاتمٍ من وجهٍ آخر عن مجاهدٍ عن بن عبّاسٍ وقال أبو عبيدة في قوله صرّةٌ شدّة صوتٍ يقال أقبل فلانٌ يصطرّ أي يصوّت صوتًا شديدًا وقال عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة قال أقبلت ترنّ). [فتح الباري: 8/600]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله
وقال مجاهد صرة صيحة ذنوبا سجلا العقيم الّتي لا تلقح
وقال ابن عبّاس والحبك استواؤها وحسنها في غمرتهم في ضلالتهم يتمادون
وقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 29 الذاريات {فأقبلت امرأته في صرة} قال صيحة
وبه في قوله 59 الذاريات {فإن للّذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم} قال سجلا من العذاب مثل عذاب أصحابهم
وبه في قوله 41 الذاريات {الرّيح العقيم} قال ليس فيها رحمة ولا تلقح شيئا
وأما قول ابن عبّاس فقال الفريابيّ ثنا سفيان عن عطاء بن السّائب عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس في قوله 7 الذاريات {والسّماء ذات الحبك} قال حسنها واستواؤها
وقال ابن أبي حاتم ثنا أبو سعيد الأشج ثنا ابن فضيل عن عطاء به). [تغليق التعليق: 4/319]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (قوله: (في صرة) ، أي: في صيحة). [عمدة القاري: 19/190]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (صرّةٍ صيحةٍ
أشار به إلى قوله تعالى: {وقالت عجوز عقيم} هي: سارة، وكانت لم تلد قبل ذلك فولدت وهي بنت تسع وتسعين سنة، وإبراهيم، صلوات الله عليه، يومئذٍ ابن مائة سنة). [عمدة القاري: 19/192]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({صرة}) بالرفع ولأبي ذر: أي (صيحة) ولغيره بجرهما وهو موافق للتلاوة). [إرشاد الساري: 7/356]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فأقبلت امرأته في صرّةٍ} يعني: سارّة، وليس ذلك إقبال نقلةٍ من موضعٍ إلى موضعٍ، ولا تحوّلٌ من مكانٍ إلى مكانٍ، وإنّما هو كقول القائل: أقبل يشتمني، بمعنى: أخذ في شتمي وقوله: {في صرّةٍ} يعني: في صيحةٍ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ قال: حدّثنا أبو صالحٍ قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {في صرّةٍ} يقول: في صيحةٍ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فأقبلت امرأته في صرّةٍ فصكّت وجهها} يعني بالصّرّة: الصّيحة.
- وحدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {في صرّةٍ} قال: صيحةٍ.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فأقبلت امرأته في صرّةٍ}: أي أقبلت في رنّةٍ.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {صرّةٍ} قال: أقبلت ترنّ.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن العلاء بن عبد الكريم الياميّ، عن ابن سابطٍ، قوله: {فأقبلت امرأته في صرّةٍ} قال: في صيحةٍ.
- حدّثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فأقبلت امرأته في صرّةٍ} قال: الصّرّة: الصّيحة.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {في صرّةٍ} يعني: في صيحةٍ.
وقد قال بعضهم: إنّ تلك الصّيحة (أوّه) مقصورة الألف.
وقوله: {فصكّت وجهها} اختلف أهل التّأويل في معنى صكّها، والموضع الّذي ضربته من وجهها، فقال بعضهم: معنى صكّها وجهها: لطمها إيّاه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ قال: حدّثنا أبو صالحٍ قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فصكّت وجهها} يقول: لطمت.
وقال آخرون: بل ضربت بيدها جبهتها تعجّبًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني موسى بن هارون قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ قال: لمّا بشّر جبريل سارّة بإسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، ضربت جبهتها عجبًا، فذلك قوله: {فصكّت وجهها}.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {فصكّت وجهها} قال: جبهتها.
- حدّثني ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن العلاء بن عبد الكريم الياميّ، عن ابن سابطٍ، قوله: {فصكّت وجهها} قال: قالت هكذا. وضرب سفيان بيده على جبهته.
- حدّثني ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، {فصكّت وجهها} وضعت يدها على جبهتها تعجّبًا.
والصّكّ عند العرب: هو الضّرب وقد قيل: إنّ صكّها وجهها، أن جمعت أصابعها، فضربت بها جبهتها، {وقالت عجوزٌ عقيمٌ} يقول: وقالت: أتلد وحذفت أتلد لدلالة الكلام عليه، وبضمير أتلد رفعت عجوزٌ عقيمٌ، وعنى بالعقيم: الّتي لا تلد.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا سليمان أبو داود قال: حدّثنا شعبة، عن مشاشٍ قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {عجوزٌ عقيمٌ} قال: لا تلد.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدّثنا هشيمٌ قال: أخبرنا شيخٌ من أهل خراسان من الأزد، يكنى أبا ساسان قال: سألت الضّحّاك، عن قوله: {عقيمٌ} قال: الّتي ليس لها ولدٌ). [جامع البيان: 21/528-531]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فأقبلت امرأته في صرة قال في صيحة). [تفسير مجاهد: 2/619]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فصكت وجهها قال جبهتها). [تفسير مجاهد: 2/619]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فأقبلت امرأته في صرة} قال: في صيحة {فصكت} قال: لطمت). [الدر المنثور: 13/667]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {في صرة} قال: صيحة {فصكت وجهها} قال: ضربت بيدها على جبهتها وقالت: يا ويلتاه). [الدر المنثور: 13/667]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه أنه سئل عن عجوز عقيم وعن الريح العقيم وعن عذاب يوم عقيم فقال: العجوز العقيم التي لا ولد لها وأما الريح العقيم فالتي لا بركة فيها ولا منفعة ولا تلقح وأما عذاب يوم عقيم فيوم لا ليلة له). [الدر المنثور: 13/667]
تفسير قوله تعالى: (قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (30) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالوا كذلك قال ربّك إنّه هو الحكيم العليم (30) قال فما خطبكم أيّها المرسلون (31) قالوا إنّا أرسلنا إلى قومٍ مجرمين}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل ضيف إبراهيم لزوجته إذ قالت لهم، وقد بشّروها بغلامٍ عليمٍ: أتلد عجوزٌ عقيمٌ {قالوا كذلك قال ربّك} يقول: هكذا قال ربّك: أي كما أخبرناك وقلنا لك: {إنّه هو الحكيم العليم} والهاء في قوله: إنّه من ذكر الرّبّ، هو الحكيم في تدبيره خلقه، العليم بمصالحهم، وبما كان، وبما هو كائنٌ). [جامع البيان: 21/531]