سورة العلق
[ من الآية (1) إلى الآية (8) ]
{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) }
قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)}
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (وتَقَدَّمَ {اقْرَأْ} في الموضعيْنِ لأبي جعفرٍ في الهمزِ المفردِ). [النشر في القراءات العشر: 2/401] (م)
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): ({اقْرَأْ} ذُكِرَ في الهَمْزِ المُفْرَدِ). [تقريب النشر في القراءات العشر: 742]
- قال محب الدين محمد بن محمد بن محمد النُّوَيْري (ت: 857هـ): (تتمة: تقدم للعسرى [الليل: 10] ولليسرى [الأعلى: 8] والعسر [البقرة: 185] ويسرا [الكهف: 88] لأبي جعفر، واقرا [العلق: 1] له أيضا، [وإمالة] رءوس أي «العلق»، ونارا تّلظّى لرويس والبزي). [شرح طيبة النشر للنويري: 2/620] (م)
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (القراءات
وَأَبْدَلَ هَمْزَةَ {اقْرَأْ} مَعًا أَبُو جَعْفَرٍ وَحْدَهُ، كَوَقْفِ حَمْزَةَ وَهِشَامٍ بخُلْفِهِ). [إتحاف فضلاء البشر: 2/619]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {اقرأ} [1 – 3] معًا بتحقيق الهمزة للسبعة). [غيث النفع: 1309] (م)
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ({اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)}
{اقْرَأْ}
- قرأ الجمهور (اقرأ) بالهمز.
- وقرأ أبو جعفر ومحمد بن حبيب الشموني عن الأعشى عن أبي بكر عن عاصم (اقرأ) بإبدال الهمزة ألفًا من جنس حركة ما قبلها.
- وقرأ الأعشى عن أبي بكر عن عاصم بحذف الهمز (اقر)، براء مفتوحة.
ذكره أبو حيان وقال: (كأنه على قول من يبدل الهمزة بما يناسب حركتها فيقول: قرا يقرا، كسعى يسعى فلما أمر منه قيل: اقر، بحذف الألف كما تقول: اسع).
- وقرأ حمزة وهشام بخلاف عنه في الوقف كقراءة أبي جعفر (اقر) بإبدال الهمزة ألفًا.
قال مكي: (وأجاز النحويون (اقر يا هذا) بحذف الهمزة على تقدير إبدال الألف من الهمزة قبل الأمر) ). [معجم القراءات: 10/501]
قوله تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2)}
قوله تعالى: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3)}
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (وتَقَدَّمَ {اقْرَأْ} في الموضعيْنِ لأبي جعفرٍ في الهمزِ المفردِ). [النشر في القراءات العشر: 2/401] (م)
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {اقرأ} [1 – 3] معًا بتحقيق الهمزة للسبعة). [غيث النفع: 1309] (م)
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ({اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3)}
{اقْرَأْ}
- القراءات فيه كالذي تقدم في الآية السابقة). [معجم القراءات: 10/502]
قوله تعالى: {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)}
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ({الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)}
{عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)}
- كذا جاءت قراءة الجماعة (علّم بالقلم).
- وقرأ ابن الزبير (علّم الخط بالقلم).
قال أبو حيان: وهي عندي على سبيل التفسير لأعلى أنها قرآن لمخالفتها سواد المصحف).
- وأدغم أبو عمرو ويعقوب الميم في الباء، ويُسمى هذا عند المتقدمين إخفاء، وهو مختلف عن إدغام أبي عمرو (الإدغام الكبيرة)، وقد بينت هذا مرارًا فيما سبق). [معجم القراءات: 10/502]
قوله تعالى: {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)}
قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6)}
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {كلآ} الثلاثة، المختار الوقف على الثاني دون الأول والثالث، فالأولى الوقف على ما قبلهما، والابتداء بهما). [غيث النفع: 1310] (م)
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ({كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6)}
{لَيَطْغَى}
- قرأه بالإمالة حمزة والكسائي وخلف.
- وبالتقليل الأزرق وورش وأبو عمرو وإسماعيل والمسيبي في رواية خلف عنه.
- والباقون بالفتح، وهي قراءة المسيبي في رواية ابنه عنه). [معجم القراءات: 10/502]
قوله تعالى: {أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7)}
قال أبو بكر أحمد بن موسى ابن مجاهد التميمي البغدادي (ت: 324هـ): (1 - قَوْله {أَن رَآهُ اسْتغنى} 7
قَرَأَ ابْن كثير فِيمَا قَرَأت على قنبل {أَن رَآهُ} بِغَيْر ألف بعد الْهمزَة وزن رعه وَهُوَ غلط لِأَن (رءاه) مثل رعاه ممالا وَغير ممال
وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو (رءاه) بِفَتْح الرَّاء وَكسر الْهمزَة
وَقَرَأَ ابْن عَامر وَعَاصِم في رِوَايَة أَبي بكر وَحَمْزَة والكسائي (أَن رءاه) بِكَسْر الرَّاء وَمد الْهمزَة مَفْتُوحَة في وزن رعاه
وَقَرَأَ نَافِع وَحَفْص عَن عَاصِم (أَن رءاه) بِالْفَتْح). [السبعة في القراءات: 692]
قال أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي الجرجاني (ت: 408هـ): ( (أن رأه) [العلق: 7]: مثل «رعة»: قنبل غير الزينبي). [المنتهى: 2/1044]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (قرأ قنبل (أن رأه استغنى) بالقصر، ومده الباقون، وورش على أصله في تمكين المدن، وقد كان الشيخ أبو الطيب رحمه الله يأخذ لقنبل بالوجهين، ولم تأت هذه الرواية عن قنبل إلا من طريق ابن مجاهد فيما علمت، ولها وجه بعيد في العربية، ستراه بعد إن شاء الله، وبالوجهين قرأت لقنبل). [التبصرة: 386]
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت: 444هـ): (قرأ قنبل: {أن رآه} (7): بقصر الهمزة.
والباقون: بمدها). [التيسير في القراءات السبع: 528]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) :(قرأ قنبل: (أن رآه) بقصر الهمزة، والباقون بمدها). [تحبير التيسير: 615]
قال أحمد بن علي بن خلف ابن الباذش الأنصاري (ت: 540هـ): ( {أَنْ رَآهُ} [العلق: 7] بحذفِ الألفِ: قُنْبُلٌ. وأَخَذَ أبو الطيِّبِ له بالوجهيْنِ. والمَدُّ روايةُ الزنينيِّ وأبي ربيعةَ عنه). [الإقناع: 2/813]
قال القاسم بن فيرُّه بن خلف الشاطبي (ت: 590هـ): (1115 - وَعَنْ قُنْبُلٍ قَصْراً رَوَى ابْنُ مُجاَهِدِ = رَآهُ وَلَمْ يَأْخُذْ بِهِ مُتَعَمِّلاَ). [الشاطبية: 89]
- قال علم الدين علي بن محمد السخاوي (ت: 643هـ): ([1115] وعن (قنبل) قصرا روى ابن مجاهد = رآه ولم يأخذ به متعملا
قال ابن مجاهد: «قرأت على قنبل {أن رأه استغنى}، على وزن رعه».
قال: «وهي غلط لا يجوز إلا {رءاه}، مثل رعاه».
وإنما ذكره، لتعرفه من قوله.
وكذلك رواه أبو عون عن قنبل، والرواية عنه صحيحة.
وقد أخذ له الأئمة بالوجهين، وعوَّل صاحب التيسير على القصر.
وقال في غيره: «وبه قرأت».
وأثبت ابن غليون وأبوه الوجهين، واختار إثبات الألف وهي لغة في: (رآه).
[فتح الوصيد: 2/1323]
ومثله في الحذف، قول رؤبة بن العجاج:
وصاني العجاج فيما وصني.
وما كان ينبغي لابن مجاهد إذا جاءت القراءة ثابتة عن إمام من طریق لا يشك فيه، أن يردها، لأن وجهها لم يظهر له.
وقد سبق في (حاشی) ذكر هذا الحذف ونحوه.
وإذا كانوا يقولون: (لا أدر) في المستقبل الذي يلبس الحذف فيه، فـ(رأه) أولى). [فتح الوصيد: 2/1324]
- قال محمد بن أحمد الموصلي (شعلة) (ت: 656هـ): (1115- وَعَنْ قُنْبُلٍ قَصْرًا رَوَى ابْنُ مُجاَهِدٍ = رَآهُ وَلَمْ يَأْخُذْ بِهِ مُتَعَمِّلاَ
(ب) الْمُتَعَمِّلُ: الْعَامِلُ، وَالْمُرَادُ الَّذِي يَعْمَلُ فِي الْقِرَاءَةِ، يَعْنِي تَلامِذَتَهُ الْمُتَعَلِّمِينَ.
(ح) عَنْ قُنْبُلٍ: مُتَعَلِّقٌ بِرَوَى، قَصْرًا: مَفْعُولُهُ، رَآهُ: مَفْعُولُ قَصْرًا؛ لأَنَّهُ مَصْدَرٌ يَعْمَلُ عَمَلَ الْفِعْلِ، ضَمِيرُ (يَأْخُذُ) لابْنِ مُجَاهِدٍ، الْهَاءُ فِي (بِهِ) لِلْقَصْرِ، مُتَعَمِّلاً: مَفْعُولُ يَأْخُذُ.
(ص) يَقُولُ: رَوَى ابْنُ مُجَاهِدٍ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُجَاهِدٍ، شَيْخُ الْقُرَّاءِ بِالْعِرَاقِ عَنْ قُنْبُلٍ أَنَّهُ قَصَرَ: {رَآهُ اسْتَغْنَى}، فِي الْعَلَقِ عَلَى وَزْنِ رَعْهُ؛ لأَنَّهُ لَمَّا نَقَلَ حَرَكَةَ الْعَيْنِ فِي
[كنز المعاني: 2/723]
مُضَارِعِهِ إِلَى الْفَاءِ وَحَذَفَ نَحْوَ (يُرَى) وَلَمْ يُمْكِنِ النَّقْلُ فِي الْمَاضِي لِتَحَرُّكِ الْفَاءِ فَحَذَفَ اللامَ فِيهِ جَبْرًا، أَوْ لأَنَّ الْهَمْزَةَ خُفِّفَتْ فَاجْتَمَعَ أَلِفَانِ فَسَقَطَ أَحَدُهُمَا لالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، فَلَمَّا انْقَضَتِ الْكَلِمَةُ رُدَّتِ الْهَمْزَةُ إِلَى أَصْلِهَا، أَوْ لأَنَّ حَرْفَ اللِّينِ قَدْ يُحْذَفُ كَثِيرًا مِثْلَ: لا أَدْرِ وَلَعَمْرِ وَوَصِّنِي.
ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ يَأْخُذِ ابْنُ مُجَاهِدٍ تَلامِذَتَهُ الْمُتَعَلِّمِينَ فِي الْقِرَاءَةِ بِالْقَصْرِ، لكونه مخالفا لقياس العرب
[كنز المعاني: 2/724]
وقيل: إنه سمع عن قنبل القصر، ولم يحفظه لتخبط حالة لكبر سنه، لكن غير ابن مجاهد أخذوا لقنبل بالقصر، وَمَالَ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ إِلَيْهِ لِصِحَّةِ تَوْجِيهِهِ بِمَا ذَكَرْنَا، وَقَوْمٌ أَخَذُوا لَهُ بِالْوَجْهَيْنِ). [كنز المعاني: 2/725]
- قال أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل الدمشقي (ت: 665هـ): (1115- [وَعَنْ قُنْبُلٍ قَصْرًا رَوَى ابْنُ مُجاَهِدِ ،... رَآهُ وَلَمْ يَأْخُذْ بِهِ مُتَعَمِّلاَ]
قَصْرًا مَفْعُولُ رَوَى ، ورَآهُ مَفْعُولُ قَصْرًا؛ لأنَّهُ مَصْدَرٌ أي رَوَى ابْنُ مُجَاهِدٍ عن قُنْبُلٍ قَصْرًا في هذه الكَلِمَةِ وهي -أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى- فحَذَفَ الأَلِفَ بَيْنَ الهَمْزَةِ والهاءِ ، وابْنُ مُجَاهِدٍ هذا هو الإمَامُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُجَاهِدٍ شَيْخُ القُرَّاءِ بالْعِرَاقِ في وَقْتِهِ، وهو أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ في القِرَاءاتِ السَّبْعِ على ما سَبَقَ بَيَانُهُ في خُطْبَةِ هذا الكِتابِ ،
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 4/262]
وأَوْضَحْنَاهُ في كِتابِ الأَحْرُفِ السَّبْعَةِ وقد ذَكَرْتُ من أَخْبارَهِ في تَرْجَمَتِهِ في (مخُتْصَرِ تَارِيخِ بَغْدَادَ) وماتَ رَحِمَهُ اللهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وعِشْرِينَ وثلاثِ مِائَةٍ وقد ضَعَّفَ بَعْضُهم قِرَاءَتَهُ على قُنْبُلٍ، وقالَ: إنَّما أَخَذَ عنه وهو مُخْتَلِطٌ لكِبَرِ سنِّهِ على ما ذَكَرْنَاهُ في تَرْجَمَةِ قُنْبُلٍ في الشَّرحِ الكَبِيرِ لهذه القَصِيدَةِ.
وقالَ ابْنُ مُجَاهِدٍ في (كِتَابِ السَّبْعَةِ) له: قَرَأْتُ على قُنْبُلٍ (أَنْ رَآهَ) قَصْرًا بغَيْرِ أَلِفٍ بَعْدَ الهَمْزَةِ في وَزْنِ (رَعَهُ) قالَ: وهو غَلَط ٌلا يَجوزُ إلا رَآهُ في وَزْنِ رَعَاهُ مُمَالًا وغَيْرَ مُمَالٍ، فهذا مَعْنَى قَوْلِ النَّاظِمِ ولم يَأْخُذْ به؛ لأنَّهُ جعَلَهُ غَلَطًا، ومَعْنَى مُتَعَمِّلا أي: عَامِلا يُقَالُ عَمِلَ واعْتَمَلَ وتَعَمَّلَ، فيَجوزُ أنْ يَكونَ حالًا مِنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ، وهو ظاهِرٌ، ويَجوزُ أنْ يَكونَ مَفْعُولًا به، أي لم يَأْخُذْ به على أَحَدٍ قَرَأَ عَلَيْهِ، والْمُتَعَمِّلُ طالِبُ العِلْمِ الآخِذُ نفْسَهُ به، يُقالُ تَعَمَّلَ فُلانٌ لكذا وسَوْفَ أَتَعَمَّلُ في حاجَتِكَ، أي أَتَعَنَّي، وهذا كالمُتَفَقِّهِ والْمُتَنَسِّكِ أي لم يُطَالِبْ أَحَدًا من تلامِذَتِهِ بالقِراءَةِ به وهذه العِبارَةُ غالبَِةٌ في أَلْفاظِ شُيوخِ القُرَّاءِ ، يَقولُ قائِلُهم به قَرَأْتُ وبه آخُذٌ أي وبه أُقْرِئُ غَيْرِي.
وقالَ الشَّيْخُ الشَّاطِبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فيما قَرَأْتُهُ بِخَطِّ شَيْخِنا أَبِي الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللهُ: رَأَيْتُ أَشْياخَنا يَأْخُذونَ فيه بما ثَبَتَ عن قُنْبُلٍ مِنَ القَصْرِ خِلافَ ما اخْتَارَهُ ابْنُ مُجَاهِدٍ.
وقَرَأْتُ في حَاشِيَةِ النُّسْخَةِ المَقْرُوءَةِ على النَّاظِمِ رَحِمَهُ اللهُ: زَعَمَ ابْنُ مُجَاهِدٍ أنَّهُ قَرَأَ بهذا عَلَيْهِ أي على قُنْبُلٍ ورَدَّهُ ورَآهُ غَلَطًا، هكذا في السَّبْعَةِ ولم يَتَعَرَّضْ في الكِتابِ له لِمَا عَلِمَ من صِحَّةِ الرِّوايَةِ فيه، قالَ: وإذا صَحَّ تَصَرُّفُ العَرَبِ في رَأَيَا لِقَلْبٍ، ويَحْفَظُ الهَمْزَةَ فكيف يُنْكِرُ قَصْرَ الهَمْزةَ إذا صَحَّتْ به الرِّوايَةُ.
وقالَ الشَّيْخُ في شَرْحِهِ: وكذلك رَوَاهُ أَبُو عَوْنٍ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ الوَاسِطِيَّ عن قُنْبُلٍ ، والرِّوايَةُ عنه صَحِيحَةٌ وقد أَخَذَ له الأَئِمَّةُ بالوَجْهَيْنِ ، وعَوَّلَ صاحِبُ التَّيْسِيرِ على القَصْرِ، يَعْنِي؛ لأنَّهُ لم يَذْكُرْ فيه غَيْرَهُ فإنَّهُ قالَ: قَرَأَ قُنْبُلٌ -أَنْ رَآهُ- بقَصْرِ الهَمْزَةِ والباقونَ بِمَدِّها ، وقالَ
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 4/263]
في غَيْرِهِ وبه قَرَأْتُ، وأَثْبَتَ ابْنُ غَلَبُونَ وأَبُوهُ الوَجْهَيْنِ، واخْتَارَ إثبْاتَ الأَلِفَ، قالَ الشَّيْخُ: وهي لُغَةٌ في رَآهُ ومِثْلُهُ في الحَذْفِ قَوْلُ رُؤْبَةَ: وَصَّانِي الْعَجَّاجُ فيما وَصَّنِي، قالَ: وما كان يَنْبَغِي لِابْنِ مُجَاهِدٍ إذا جَاءَتِ القِرَاءاتُ ثَابِتَةً عن إمامٍ مِنْ طَرِيقٍ لا يُشَكُّ فيه أنْ يَرُدَّهَا؛ لأنَّ وَجْهَها لم يَظْهَرْ له، وقد سَبَقَ في -حَاشَا- ذِكْرُ هذا الحَذْفِ ونَحْوِهِ.
وإذا كَانوا يَقولونَ لا أَدِرُ مِنَ المُسْتَقْبَلِ الَّذِي يَلْبِسُ الحَذْفُ فيه قِرَاءةً أَوْلَى.
قُلْتُ: وأَنَشَدَنِي الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللهُ لنَفْسِهِ بَيْتَيْنِ بَعْدَ هذا البَيْتِ حالَةَ قِرَاءتِي لشَرْحِهِ عَلَيْهِ في الكَرَّةِ الأخِيرَةِ الَّتِي لم نَقْرَأْ عَلَيْهِ بَعْدَها.
وَنَحْنُ أَخَذْنَا قَصْرَهُ عَنْ شُيُوخِنَا ،... بِنَصٍّ صَحِيحٍ صَحَّ عَنْهُ فَبَجِّلَا
وَمَنْ تَرَكَ الْمَرْوِيَّ مِنْ بَعْدِ صِحَّةٍ ،... فَقَدْ زَلَّ فِي رَأْيِ رَآيِ مُتَخَيِّلَا
قُلْتُ: لَعَلَّ ابْنَ مُجَاهِدٍ رَحِمَهُ اللهُ إنَّمَا نُسِبَ هذا إلى الغَلَطِ لِأَخْذِهِ إيَّاهُ عن قُنْبُلٍ في زَمَنِ اخْتِلاطِهِ، مع ما رَأَى من ضَعْفِ هذا الحَذْفِ في العَرَبِيَّةِ؛ لأنَّهُ وإنْ جَاءَ نَحْوُهُ ففِي ضَرُورَةِ شِعْرٍ، أو ما يَجْرِي مَجْرَى ذلك من كَلِمَةٍ كَثُرَ دَوْرُهَا على أَلْسِنَتِهم، فلا يَجوزُ القِيَاسُ على ذلك ، وقد صَرَّحَ بتَضْعِيفِ هذه
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 4/264]
القِرَاءةِ جَماعَةٌ مِنَ الأَئِمَّةِ ، قال أَبُو عَلِيٍّ: إنَّ الأَلِفَ حُذِفَتْ من مُضارِعِ رَأَى في قَوْلِهم:
*أَصَابَ النَّاسَ جَْهدٌ وَلَوْ تَرَ أَهْلَ مَكَّةَ*
فهَلَّا جَازَ حَذْفُها أَيْضًا مِنَ المَاضِي.
قِيلَ: إنَّ الحَذْفَ لا يُقَاسُ عَلَيْهِ لا سِيَّمَا في نَحْوِ هذا إنْ كانَ على غَيْرِ قِياسٍ، فإنْ قُلْتَ: فقد جَاءَ -حَاشَا للهِ- يَكونُ إلا فِعْلًا؛ لأنَّ الحَرْفَ لا يُحْذَفُ منه، وقالَ رُؤْبَةُ فيما: وَصَّنِي، قِيلَ: إنَّ ذلك في القِلَّةِ بحَيْثُ لا يُصَارُ يَسُوغُ القِياسُ عَلَيْهِ، ومِمَّا يُضَعِّفُهُ إنَّ الأَلِفَ ثَبَتَتْ حَيْثُ تُحْذَفُ الياءُ والواوُ، ألا تَرَى أنَّ من قالَ -إِذَا يَسْرِ- فحَذَفَ الياءَ في الفاصِلَةِ، لم يَحْذِفْ من نَحْوِ -وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى- وقالَ مَكِّيٌّ هو بَعِيدٌ في القِياسِ والنَّظَرِ والاستِِعْمَالِ هذا مع كَوْنِهِ عَلَّلَ هذه القِرَاءَةَ بخَمْسِ عِلَلٍ كُلُّهَا ضَعِيفةٌ، ومِنْ أَغْرَبِها أنَّ الأَلِفَ حُذِفَتْ لأَجْل ِالسَّاكِنِ بَعْدَ الهاءِ ولم يُعْتَدَّ بالهاءِ حاجِزًا ، ولو كانَ ذلك مُسَوِّغًا هذا لكانَ في قِرَاءةِ الجَماعَةِ أَوْلَى ، فإنَّهم لم يَعْتَدُّوا بالهاءِ حاجِزًا في امْتِنَاعِهم في صِلَةِ هاءِ الكِتابَةِ لأَجْلِ السَّاكِنِ قَبْلَها على ما سَبَقَ في بابِهِ، واللهُ أَعْلَمُ). [إبراز المعاني من حرز الأماني: 4/265]
- قال عبد الفتاح بن عبد الغني بن محمد القاضي (ت: 1403هـ): (1115- وَعَنْ قُنْبُلٍ قَصْرًا رَوَى ابْنُ مُجاَهِدِ = رَآهُ وَلَمْ يَأْخُذْ بِهِ مُتَعَمِّلاَ
رَوَى ابْنُ مُجَاهِدٍ عَنْ قُنْبُلٍ قَصْرَ هَمْزَةِ: {أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} وَالْمُرَادُ بِالْقَصْرِ حَذْفُ الأَلِفِ الَّتِي بَعْدَ الْهَمْزَةِ، وَقَرَأَ غَيْرُهُ بِإِثْبَاتِ الأَلِفِ بَعْدَ الْهَمْزَةِ. وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَأْخُذْ بِهِ، مَعْنَاهُ أَنَّ ابْنَ مُجَاهِدٍ رَوَى الْقَصْرَ عَنْ قُنْبُلٍ وَلَكِنْ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ وَلَمْ يُقْرِئْ بِهِ غَيْرَهُ، وَلَكِنْ قَدْ صَحَّتْ رِوَايَةُ الْقَصْرِ عَنْ قُنْبُلٍ حَتَّى إِنَّ الدَّانِيَ لَمْ يَذْكُرْ فِي التَّيْسِيرِ- الَّذِي هُوَ أَصْلُ الشَّاطِبِيَّةِ - عَنْ قُنْبُلٍ سِوَى الْقَصْرِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الأَئِمَّةَ أَخَذُوا لِقُنْبُلٍ بِالْوَجْهَيْنِ فَكِلاهُمَا صَحِيحٌ عَنْهُ مَقْرُوءٌ بِهِمَا لَهُ مِنْ طَرِيقِ النَّاظِمِ وَأَصْلِهِ). [الوافي في شرح الشاطبية: 380]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (واخْتُلِفَ عن قُنْبُلٍ في {أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق:7]؛ فرَوَى ابنُ مُجاهِدٍ وابنُ شَنَبُوذَ وأكثرُ الرواةِ عنه: (رَاهُ) بقصرِ الهمزةِ من غيرِ ألفٍ، ورَوَاهُ الزَّيْنَبِيُّ وحدَه عن قُنْبُلٍ بالمدِّ، فخَالَفَ فيه سائِرَ الرُّوَاةِ عن قُنْبُلٍ، إلاَّ أنَّ ابنَ مَاجَهْ غَلَّطَ قُنْبُلاً في ذلكَ، فرُبَّما لم يَأْخُذْ به، وزَعَمَ أنَّ الخُزَاعِيَّ رَوَاه عن أصحابِه بالمدِّ.
ورَدَّ الناسُ على ابنِ مُجاهِدٍ في ذلك بأنَّ الروايةَ إذا ثَبَتَتْ وَجَبَ الأخذُ بها، وإنْ كانَتْ حُجَّتُها في العربيَّةِ ضعيفةً، كما تَقَدَّمَ تقريرُ ذلك، وبأنَّ الخُزَاعِيَّ لم يَذْكُرْ هذا الحرفَ في كتابِهِ أصلاً.
قُلْتُ: وليسَ ما رُدَّ به على ابنِ مُجاهِدٍ في هذا لازماً؛ فإنَّ الراويَ إذا ظَنَّ غَلَطَ المَرْوِيِّ عنه لا يَلْزَمُه رِوَايَةُ ذلك عنه، إلاَّ على سبيلِ البيانِ؛ سواءٌ كانَ المَرْوِيُّ صحيحاً أم ضعيفاً؛ إذ لا يَلْزَمُ مِن غَلَطِ المَرْوِيِّ عنه ضَعْفُ المَرْوِيِّ في نفسِه؛ فإنَّ قراءةَ (مُرْدَفِينَ) بفتحِ الدالِ صحيحةٌ مقطوعٌ بها،
[النشر في القراءات العشر: 2/401]
وقَرَأَ بها ابنُ مُجاهِدٍ على قُنْبُلٍ، معَ نَصِّه أنه غَلِطَ في ذلكَ، ولا شَكَّ أنَّ الصوابَ معَ ابنِ مُجاهِدٍ في ذلكَ.
وأمَّا كَوْنُ الخُزَاعِيِّ لم يَذْكُرْ هذا الحرفَ في كتابِه فلا يَلْزَمُ أيضاً؛ فإنه يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ سَأَلَه عن ذلك؛ فإنه أحدُ شيوخِه الذين رَوَى عنهم قِرَاءَةَ ابنِ كَثِيرٍ، والذي عندِي في ذلك أنه أَخَذَ بغيرِ طريقِ ابنِ مُجاهِدٍ والزَّيْنَبِيِّ عن قُنْبُلٍ؛ كطريقِ ابنِ شَنَبُوذَ وأبي رَبِيعَةَ الذي هو أَجَلُّ أصحابِه، وكابنِ الصَّبَّاحِ والعبَّاسِ بنِ الفَضْلِ، وأحمدَ بنِ محمدِ بنِ هارونَ، ودلبةَ البَلْخِيِّ، وابنِ ثَوْبَانَ، وأحمدَ بنِ محمدٍ اليَقْطِينِيِّ، ومحمدِ بنِ عيسَى الجَصَّاصِ وغيرِهم، فلا رَيْبَ في الأخذِ مِن طُرُقِهم بالقَصْرِ وَجهاً واحداً؛ لروايتِهم كذلكَ مِن غيرِ إنكارٍ.
وإنْ أُخِذَ بطريقِ الزَّيْنَبِيِّ عنه، فالمدُّ كالجماعةِ وجهاً واحداً، وإنْ أُخِذَ بطريقِ ابنِ مُجاهِدٍ فيُنْظَرُ فيمَن رَوَى القَصْرَ عنه؛ كصَالِحٍ المُؤَدِّبِ، وبَكَّارِ بنِ أحمدَ، والمُطَّوِعِيِّ، والشَّنَبُوذِيِّ، وعبدِ اللَّهِ بنِ الْيَسَعَ الأَنْطَاكِيِّ، وزَيْدِ بنِ أبي بِلالٍ وغيرِهم، فيُؤْخَذُ به كذلكَ، وإنْ كانَ مِمَّن رَوَى المَدَّ عنه كأبي الحَسَنِ المُعَدَّلِ، وأبي طاهِرِ بنِ أبي هاشِمٍ، وأبي حَفْصٍ الكَتَّانِيِّ وغيرِهم، فالمَدُّ فقطْ.
وإن كانَ مِمَّن صَحَّ عنه الوجهانِ مِن أصحابِه أُخِذَ بِهما، كأبي أحمدَ السَّامِرِيِّ، رَوَى عنه فارِسُ بنُ أحمدَ القَصْرَ، ورَوَى عنه ابنُ نَفِيسٍ المَدَّ، وكزيدِ بنِ عليِّ بنِ أبي بِلالٍ، رَوَى عنه أبو الفَرَجِ النَّهْرَوَانِيُّ وأبو محمَّدِ بنُ الفَحَّامِ القَصْرَ، ورَوَى عنه عبدُ الباقي بنُ الحسنِ المَدَّ، والوجهانِ جميعاً مِن طريقِ ابنِ مُجاهِدٍ في الكافي وتَلْخِيصِ ابنِ بليمةَ وغيرِهما، ومِن غيرِ طريقِه في التجريدِ والتَّذْكِرَةِ وغيرِهما، وبالقَصْرِ قُطِعَ في التيسيرِ وغيرِه مِن طريقِه، ولا شكَّ أنَّ القصرَ أَثْبَتُ وأصحُّ عنه من طريقِ الأداءِ، والمدَّ أقوَى مِن طريقِ النصِّ، وبهما آخُذُ مِن طريقِه جمعاً بينَ النصِّ والأداءِ.
ومَن زَعَمَ أنَّ ابنَ مُجاهِدٍ لم يَأْخُذْ بالقَصْرِ، فقدْ أَبْعَدَ في الغايةِ وخالَفَ الروايةَ. واللَّهُ تعالى أعلَمُ). [النشر في القراءات العشر: 2/402]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (رَوَى قُنْبُلٌ بخِلافٍ عنه {أَنْ رَأَهُ} بقَصْرِ الهَمْزَةِ، والباقون بمَدِّها). [تقريب النشر في القراءات العشر: 742] (م)
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (رَوَى قُنْبُلٌ بخِلافٍ عنه {أَنْ رَأَهُ} بقَصْرِ الهَمْزَةِ، والباقون بمَدِّها،
[تقريب النشر في القراءات العشر: 742]
وذُكِرَ إمالَتُهُ, وكذا {أَدْراَكَ} ). [تقريب النشر في القراءات العشر: 743] (م)
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (995- .... .... .... واقصر = أن رأه زكا بخلفٍ .... ). [طيبة النشر: 101]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (وقرأ «أن رآه استغنى» في العلق بقصر الهمزة قنبل بخلاف عنه وهو لغة ثبتت القراءة به، والباقون بمدها وهي اللغة الفصحى). [شرح طيبة النشر لابن الجزري: 330]
- قال محب الدين محمد بن محمد بن محمد النُّوَيْري (ت: 857هـ): (ص:
... ... ... ..... = أن رأه (ز) كا بخلف ....
ش: واختلف عن ذي زاي (زكا) البزي في: أن رّءاه استغنى [7] فروى ابن مجاهد، وابن شنبوذ، وأكثر الرواة عنه بقصر الهمزة من غير ألف.
ورواه الزينبي وحده عنه بالمد؛ فخالف فيه سائر الرواة عن قنبل.
ثم إن ابن مجاهد غلط قنبلا في القصر، وربما [لم] يأخذ به، وزعم أن الخزاعي رواه عن أصحابه بالمد، ورد الناس تغليطه بما قال الداني من أن الرواية إذا ثبتت وجب الأخذ بها وإن ضعفت حجتها في العربية، [وبأن] الخزاعي لم يذكر هذا الحرف في كتابه أصلا.
قال الناظم: وليس ما رد به على ابن مجاهد لازما؛ فإن الراوي إذا ظن غلط المروي عنه لا يلزمه رواية ذلك عنه إلا على سبيل البيان، سواء كان [المروي صحيحا أو ضعيفا؛ إذ لا يلزم من غلط المروي عنه ضعف] المروي في نفسه؛ فإن قراءة مردفين [الأنفال: 9] بفتح الدال صحيحة مقطوع بها، وقرأ بها ابن مجاهد على قنبل مع نصه أنه غلط في ذلك، ولا شك أن الصواب مع ابن مجاهد.
[شرح طيبة النشر للنويري: 2/621]
وأما كونه لم يذكره في كتابه فيحتمل أن يكون سأله عنه؛ فإن شيخه قال: فالذي عندي أنه إن أخذ بغير طريق ابن مجاهد، والزينبي عن قنبل [من] [طريق] ابن شنبوذ وأبي ربيعة وابن الصباح والعياشي ودلبة [وابن ثوبان] واليقطيني وغيرهم- فلا ريب في الأخذ له من طرقهم بالقصر وجها واحدا؛ لروايتهم كذلك من غير نكير، وإن أخذ بطريق الزينبي عنه فالمد كالجماعة فقط، وإن أخذ بطريق ابن مجاهد فينظر فيمن روى القصر عنه: [فإن كان] لصالح المؤذن والشنبوذي وغيرهم فيؤخذ به كذلك، وإن كان ممن روى المد كالمعدل [والكتابي] فالمد فقط، وإن كان ممن صح عنه الوجهان من أصحابه: كالسامري وغيره أخذ بهما، والوجهان جميعا من طريق ابن مجاهد في «الكافي» و«تلخيص ابن بليمة» وغيرهما، ومن غير طريقه في «التجريد»، و«التذكرة» وغيرهما وبالقصر قطع في «التيسير» وغيره من طريقه، والقصر أثبت من طريق الأداء، والمد أقوى من طريق النص ومن زعم أن ابن مجاهد لم يأخذ بالقصر فقد أبعد غاية، [الإبعاد] وخالف الرواية والله أعلم). [شرح طيبة النشر للنويري: 2/622]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وَاخْتُلِفَ فِي {أَنْ رَآهُ}: فَقُنْبُلٌ مِنْ رِوَايَةِ اِبْنِ شَنْبُوذٍ وَابْنِ مُجَاهِدٍ، وَأَكْثَرُ اَلرُّوَاةِ عَنْهُ بِقَصْرِ الْهَمْزَةِ بِلاَ أَلِفٍ، وَافَقَهُ اِبْنُ مُحَيْصِنٍ. وَالْبَاقُونَ بِالْمَدِّ، وَهُوَ رِوَايَةُ اَلزَّيْنَبِيِّ عَنْ قُنْبُلٍ، وَتَغْلِيظُ اِبْنِ مُجَاهِدٍ لِقُنْبُلٍ فِي
رِوَايَةِ الْقَصْرِ، رَدَّهُ اَلنَّاسُ عَلَيْهِ.
وَاَلَّذِي اِرْتَضَاهُ فِي اَلنَّشْرِ: أَنَّهُ إِنْ أَخَذَ عَنْ قُنْبُلٍ بِغَيْرِ طَرِيقِ اِبْنِ مُجَاهِدٍ
[إتحاف فضلاء البشر: 2/619]
وَالزَّيْنَبِيِّ، كَابْنِ شَنْبُوذٍ وَأَبِي رَبِيعَةَ وَغَيْرِهِمَا، فَبِالْقَصْرِ وَجْهًا وَاحِدًا بِلاَ رَيْبٍ، وَإِنْ أَخَذَ عَنْهُ بِطَرِيقِ اَلزَّيْنَبِيِّ فَبِالْمَدِّ، كَالْجَمَاعَةِ وَجْهًا وَاحِدًا، وَإِنْ أَخَذَ بِطَرِيقِ اِبْنِ مُجَاهِدٍ فَبِالْوَجْهَيْنِ، وَهُمَا صَحِيحَانِ عَنْهُ فِي الْكَافِي وَتَلْخِيصِ اِبْنِ بَلِيمَةَ وَغَيْرِهِمَا.
قَالَ -أَعْنِي صَاحِبَ اَلنَّشْرِ-: وَلاَ شَكَّ أَنَّ الْقَصْرَ أَثْبَتُ وَأَصَحُّ عَنْهُ، مِنْ طَرِيقِ اَلأَدَاءِ، وَالْمَدُّ أَقْوَى مِنْ طَرِيقِ اَلنَّصِّ، وَبِهِمَا آخُذُ مِنْ طَرِيقَيْهِ جَمْعًا بَيْنَ اَلنَّصِّ وَالأَدَاءِ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اِبْنَ مُجَاهِدٍ لَمْ يَأْخُذْ بِالْقَصْرِ، فَقَدْ أَبْعَدَ فِي الْغَايَةِ وَخَالَفَ فِي اَلرِّوَايَةِ.
وَقَدْ وُجِّهَ الْحَذْفُ بِأَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ يَحْذِفُ لاَمَ مُضَارِعِ "رَأَى" تَخْفِيفًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَصَابَ اَلنَّاسَ جُهْدٌ، وَلَوْ تَرَ أَهْلَ مَكَّةَ، بَلْ قِيلَ: إِنَّهَا لُغَةٌ عَامَّةٌ، وَحَيْثُ صَحَّتِ اَلرِّوَايَةُ بِهِ وَجَبَ قَبُولُهُ). [إتحاف فضلاء البشر: 2/620]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وَتَقَدَّمَ الْكَلاَمُ عَلَى إِمَالَةِ حَرْفَيْ {رَآهُ} وَمَرَّ نَظِيرُهُ فِي اَلأَنْبِيَاءِ، وَهُوَ {وَإِذَا رَآكَ} لاتِّصَالِهِ بِمُضْمَرٍ كَمَا هُنَا). [إتحاف فضلاء البشر: 2/620]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {أن رءاه} [7] قرأ قنبل بخلف عنه بقصر الهمزة، أي بحذف الألف بين الهمزة والهاء، فيصير بوزن (رعه) والباقون بإثبات الألف والهمزة قبله، وهو الطريق الثاني لقنبل.
وضعف بعضهم القصر، عملاً بقول ابن مجاهد في كتاب السبعة: «قرأت على قنبل {أن رءاه} قصرًا بغير ألف بعد الهمزة، وهو غلط».
ولا وجه لتضعيفه فإنه صحيح ثابت، قطع به الداني في التيسير وغيره، وقرأ به غير واحد على ابن مجاهد نفسه، كصالح المؤدب، وبكار بن أحمد، والمطوعي،
[غيث النفع: 1310]
والشنبوذي، وعبد الله بن اليسع الأنطاكي، وزيد بن أبي بلال.
وقال المحقق: «ولا شك أن القصر أثبت عن قنبل من طريق الأداء، والمد أقوى من طريق النص، وبهما آخذ من طريقه، جمعًا بين النص والأداء، ومن زعم أن ابن مجاهد لم يأخذ بالقصر فقد أبعد في الغاية، وخالف في الرواية» اهـ.
وثلاثة ورش فيه جلية، وإمالته ستأتي إن شاء الله تعالى). [غيث النفع: 1311]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى}
{رَآَهُ}
- قرأ الجمهور (رآه) بألف بعد الهمزة، وهي لام الفعل، وهو رواية الزينبي عن قنبل، وهو الاختيار.
- وقرأ ابن مجاهد وابن شنبوذ وقنبل بخلاف عنه والقواس عن ابن كثير ومجاهد وحميد وابن محيصن (رآه) بحذف الألف وقصر الهمزة.
قال ابن مجاهد: (على وزن ورعه وهو غلط لأن رآه مثل رعاه ممالاً وغير ممال).
قال أبو حيان: (ينبغي أن لا يُغلطه، بل يتطلب له وجهًا، وقد حذفت الألف في نحو هذا، قال: (وصّاني العجاج فيما وصني)) يريد وصاني، فحذف الألف وهي لام الفعل، وقد حذفت في مضارع (رأى) في قولهم: (أصاب الناس جهدٌ ولوتر أهل مكة)، وهو حذف لا ينقاس، لكن إذا صحت الراوية وجب قبوله، والقراءات جاءت على لغات العرب قياسها وشاذها).
وقال مكي: (وقد كان الشيخ أبو الطيب رحمه الله يأخذ لقنبل بالوجهين، ولم تأت هذه الرواية عن قنبل إلا من طريق ابن مجاهد
[معجم القراءات: 10/503]
فيما علمت، ولها وجه بعيد في العربية، ... وبالوجهين قرأت لقنبل).
قال ابن غلبون: (وقد قرأت له بالوجهين وبهما آخذ، والمختار بالألف مثل الجماعة).
وقال النشار: (وقصر قنبل الهمزة من (أن رآه) بخلاف عنه، وهو ضعيف جدًا، أي: القصر).
وقال ابن الجزري: (وليس ما رد به على ابن مجاهد في هذا لازمًا، فإن الراوي إذا ظن غلط المروي عنه لا يلزمه رواية ذلك عنه إلا على سبيل البيان سواء كان المروي صحيحًا أم ضعيفًا: إذ لا يلزمه من غلط المرويّ عنه ضعف المروي في نفسه: فإن قراءة (مردفين) بفتح الدال صحيحة مقطوع بها، وقرأ بها ابن مجاهد على قنبل مع نصه أنه غلط في ذلك، ولا شك أن الصواب مع ابن مجاهد في ذلك.. وبالقصر قطع في التيسير وغيره من طريقه، ولا شك أن القصر أثبت وأصح عنه من طريق الأداء، والمد أقوى من طريق النص، وبهما أخذ من طريقه جمعًا بين النصين، والأداء، ومن زعم أن ابن مجاهد لم يأخذ بالقصر فقد أبعد، وخالف الرواية، والله تعالى أعلم).
وذكر ابن الأنباري في قراءة ابن كثير ثلاثة أوجه:
1- حذفت منه اللام كما حذفت في (حاش الله).
2- حذفت منه اللام لأنه مضارع (يرى)، وقد حذفت عينه بعد نقل حركتها إلى ما قبلها، فلما سكن حرف الهمزة ههنا لأنه يُستثقل عينه للحركة فحذفت اللام.
3- أن يكون حذفت لسكونها وسكون السين في (استغنى)، لأن الهاء حرف خفي لا يُعد حاجزًا، وأجرى الوقف مجرى الوصل لئلا
[معجم القراءات: 10/504]
يختلف، وهذا أضعف الأوجه.
- وقرئ (راءه) بألف بين الراء والهمزة، وهو مقلوب من (رآه) وهي لغة مسموعة.
وأما الإمالة في (رآه) فكما يلي:
أ- إمالة الهمزة والراء معًا:
وهي قراءة ابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائي وخلف والداجوني عن هشام وأبي نشيط عن قالون ويحيى بن آدم عن أبي بكر والأعمش وعباس وابن مجاهد وأبي عون عن قنبل والنقاش عن ابن ذكوان.
ب- إمالة الراء وفتح الهمزة:
وهي قراءة أبي عمرو من طريق السوسي بخلاف عنه.
ج- إمالة الهمزة وفتح الراء:
وهي قراءة ابن ذكوان من طريق الصوري، وأبي عمرو من طريق الدوري، وأبي بكر من طريق يحيى بن آدم والداجوني.
د- بالتقاليل:
- وهي قراءة الأزرق وورش ونافع.
- وقرأ الباقون بالفتح وهم: نافع وحفص عن عاصم وابن كثير والحلواني عن هشام وابن ذكوان من رواية العراقيين وأبو بكر من طريق العليمي.
[معجم القراءات: 10/505]
وانظر مثل هذا في الآية/ 36 من سورة الأنبياء، والآية/23 من سورة التكوير.
{اسْتَغْنَى}
- الإمالة فيه مثل الإمالة في (ليطغى) الآية/ 6). [معجم القراءات: 10/506]
قوله تعالى: {إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8)}
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ({إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8)}
{الرُّجْعَى}
- الإمالة فيه كالإمالة في (ليطغى) الآية/6). [معجم القراءات: 10/506]
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين