سورة الشرح
[ من الآية (1) إلى آخر السورة ]
{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8)}
قوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1)}
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ({أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1)}
{أَلَمْ نَشْرَحْ}
- قرأ الجمهور (ألم نشرح) بحزم الحاء لدخول الجازم.
- وقرأ أبو جعفر المنصور (ألم نشرح) بفتح الحاء.
جاء في المحتسب: (الخليل بن أسد النوشحاني، قال: حدثنا أبو العباس العروضي، قال: سمعت أبا جعفر المنصور يقرأ (ألم نشرح لك صدرك).
قال ابن مجاهد: وهذا غير جائز أصلاً، وإنما ذكرته لتعرفه.
قال أبو الفتح: (ظاهر الأمر ومألوف الاستعمال ما ذكره ابن مجاهد...).
وللعلماء في تخريج هذه القراءة ما يلي:
1- النصب هنا بـ (لم) وقد جاز، كما جاز الجزم بـ(لن).
وذكر أنها لغة حكاها اللحياني عن بعض العرب.
قال ابن مالك: (زعم بعض الناس أن النصب بلم لغة لبعض العرب
[معجم القراءات: 10/487]
اغترارًا بقراءة بعض السلف: (ألم نشرح...) بفتح الحاء...، وهو عند العلماء محمول على أن الفعل مؤكد بالنون الخفيفة، ففتح لها ما قبلها، ثم حذفت، ونويت).
ونقل أغلب المتأخرين هذا النص عن ابن مالك.
2- وذهب بعض العلماء إلى أن الفعل كان مؤكدًا بالنون الخفيفة، (ألم نشرحن) ثم حذفت هذه النون وبقيت الفتحة.
قال ابن عصفور: (ولا يجوز هذا- أي حذف النون- في سعة الكلام إلا شاذًا).
وقال ابن هشام: (وفي هذا شذوذان):
- توكيد المنفي بلم مع أنه كالفعل الماضي في المعنى.
- وحذف النون لغير مقتض، مع أن المؤكد لا يليق به الحذف).
وأراد بالمقتضى ما صرح به في موضع آخر الوقف، أو التقاء ساكنين.
3- ذهب الزمخشري إلى أن أبا جعفر المنصور قد يكون قرأ الحاء وأشبعها فظن من سمع هذا منه أنه قرأ بفتحها.
4- الرأي الرابع أن الحاء قد تكون فتحت تبعًا للام بعدها في (لك).
5- الرأي الخامس أن الحاء قد تكون مفتوحة تبعًا للراء قبلها.
قال أبو حيان: (ولهذه القراءة تخريج أحسن من هذا كله، وهو أنه لغة لبعض العرب حكاها اللحياني في نوادره، وهي الجزم بلن والنصب بلم عكس المعروف عند الناس).
[معجم القراءات: 10/488]
وقال الشوكاني: (وخرجها بعضهم على لغة بعض العرب الذين ينصبون بلم ويجزمون بلن...، وهذه اللغة لبعض العرب ما أظنها تصح، وإن صحت فليست من اللغات المعتبرة؛ فإنها جاءت بعكس ما عليه لغة العرب بأسرها، وعلى كل فقراءة هذا الرجل- مع شدة جوره، ومزيد ظلمه، وكثرة جبروته، وقلة علمه، ليست بحقيقة بالاشتغال بها). كذا!! ). [معجم القراءات: 10/489]
قوله تعالى: {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2)}
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وَقَرَأَ الأَزْرَق: {وِزْرَكَ}، وَ{ذِكْرَكَ} بِتَرْقِيقِ اَلرَّاءِ فِيهِمَا بِخَلْفٍ عَنْهُ، وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ عَنْهُ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ). [إتحاف فضلاء البشر: 2/617] (م)
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {وزرك} و{ذكرك} ترقيق الراء فيهما لورش جلي، واختاره الداني، وذهب كثير من أهل الأداء كالمهدوي وابن سفيان إلى التفخيم لمناسبة رءوس الآي، والمأخوذ به لمن قرأ بما في التيسير ونظمه الأول). [غيث النفع: 1307] (م)
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ({وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2)}
{وَوَضَعْنَا}
- قراءة الجمهور (ووضعنا).
- وقرأ أنس بن مالك وابن مسعود (حللنا).
- وروى أبان عن أنس بن مالك، وابن مسعود (حططنا).
قال أبان: (قلت: يا أبا حمزة (حططنا) قال: وضعنا وحللنا وحططنا عنك وزرك سواء، إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ على سبعة أحرف ما لم تخلط مغفرة بعذاب أو عذابًا بمغفرة).
قال ابن جني: (وقد سبقت مثل هذه الحكاية سواء عن أنس، وهذا ونحوه هو الذي سوغ انتشار هذه القراءات...).
قال ابن عطية: (وذكر أبو عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم صوب جميعها).
{وِزْرَكَ}
- قراءة الجمهور (وزرك).
[معجم القراءات: 10/489]
- ورقق الأزرق وورش الراء، وروي عنهما التفخيم كالجماعة، والوجهان صحيحان عنهما.
- وقرأ أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود وقرك) ). [معجم القراءات: 10/490]
قوله تعالى: {الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3)}
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ({وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4)}
{ذِكْرَكَ}
- رقق الأزرق وورش الراء، وروي عنهما التفخيم كالجماعة، والوجهان صحيحان عنهما). [معجم القراءات: 10/490]
قوله تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4)}
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وَقَرَأَ الأَزْرَق: {وِزْرَكَ}، وَ{ذِكْرَكَ} بِتَرْقِيقِ اَلرَّاءِ فِيهِمَا بِخَلْفٍ عَنْهُ، وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ عَنْهُ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ). [إتحاف فضلاء البشر: 2/617] (م)
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {وزرك} و{ذكرك} ترقيق الراء فيهما لورش جلي، واختاره الداني، وذهب كثير من أهل الأداء كالمهدوي وابن سفيان إلى التفخيم لمناسبة رءوس الآي، والمأخوذ به لمن قرأ بما في التيسير ونظمه الأول). [غيث النفع: 1307] (م)
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ({وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4)}
{ذِكْرَكَ}
- رقق الأزرق وورش الراء، وروي عنهما التفخيم كالجماعة، والوجهان صحيحان عنهما). [معجم القراءات: 10/490]
قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5)}
قال أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي الجرجاني (ت: 408هـ): ( (العسر) [الشرح:5، 6]، و(يسرًا) [الشرح: 5، 6]: بضم السين يزيد). [المنتهى: 2/1044] (م)
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (وتقدم العسر واليسر في سورة البقرة لأبي جعفر قرأ بضم السّين فيهما والباقون بالسّكون والله أعلم). [تحبير التيسير: 615] (م)
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (وتَقَدَّمَ {الْعُسْرِ يُسْراً} في الموضعيْنِ لأبي جعفرٍ مِن (البقرةِ) عندَ {هُزُواً} ). [النشر في القراءات العشر: 2/401] (م)
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): ({الْعُسْرِ}، {يُسْرًا} ذُكِرَ في البَقَرَةِ). [تقريب النشر في القراءات العشر: 742]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وَقَرَأَ {الْعُسْرِ}، وَ{يُسْرًا} بِضَمِّ اَلسِّينِ فِي اَلأَرْبَعَةِ أَبُو جَعْفَرٍ). [إتحاف فضلاء البشر: 2/617] (م) قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ({فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5)}
{الْعُسْرِ يُسْرًا}
- قراءة الجماعة (العسر يسرا) بسكون السين فيهما.
- وقرأ ابن وثاب وأبو جعفر وعيسى بن عمر وأبو عمرو (العسر يسرًا) بضم السين فيهما). [معجم القراءات: 10/490]
قوله تعالى: {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)}
قال أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي الجرجاني (ت: 408هـ): ( (العسر) [الشرح:5، 6]، و(يسرًا) [الشرح: 5، 6]: بضم السين يزيد). [المنتهى: 2/1044] (م)
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (وتقدم العسر واليسر في سورة البقرة لأبي جعفر قرأ بضم السّين فيهما والباقون بالسّكون والله أعلم). [تحبير التيسير: 615] (م)
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (وتَقَدَّمَ {الْعُسْرِ يُسْراً} في الموضعيْنِ لأبي جعفرٍ مِن (البقرةِ) عندَ {هُزُواً} ). [النشر في القراءات العشر: 2/401] (م)
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وَقَرَأَ {الْعُسْرِ}، وَ{يُسْرًا} بِضَمِّ اَلسِّينِ فِي اَلأَرْبَعَةِ أَبُو جَعْفَرٍ). [إتحاف فضلاء البشر: 2/617] (م) قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ({إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)}
- لم يقرأ عبد الله بن مسعود هذه الآية واكتفى بالآية السابقة/ 5.
قال الفراء: (وفي قراءة عبد الله مرة واحدة ليست بمكرورة).
[معجم القراءات: 10/490]
وقال الزمخشري: (وهو في مصحف ابن مسعود مرة واحدة، فإن قلت: فإذا ثبت في قراءته غير مكرر فلم قال: (والذي نفسي بيده لو كان العسر في حجر لطلبه اليسر حتى يدخل عليه، إنه لن يغلب عسر يسرين).
قلت: كأنه قصد باليسرين ما في قوله (يسرًا) من معنى التفخيم، فتأوله بيسر الدارين، وذلك يسران في الحقيقة).
وذكر هذا ابن هشام تحت عنوان (قولهم: إن النكرة إذا أُعيدت نكرة كانت غير الأولى، وإذا أعيدت معرفة، أو أعيدت المعرفة معرفة أو نكرة كان الثاني غير الأول)، ثم قال: ويشكل على ذلك أمور ثلاثة:
أحدها: أن الظاهر في آية (ألم نشرح) أن الجملة الثانية تكرار للجملة الأولى...، فالثانية غير الأولى.
- والثاني: أن ابن مسعود قال: (لو كان...).
وبقية النص عند ابن هشام هو عين ما ذكره الزمخشري، نقله عنه ولم يعز الفضل لصاحبه.
وقال أبو البقاء: (العسر في الموضعين واحد؛ لأن الألف واللام توجب تكرير الأول، وأما يسرًا في الوضعين فاثنان؛ لأن النكرة إذا أريد تكريرها جيء بضميرها أو بالألف واللام، ومن هنا قيل: لن يغلب عسر يسرين).
- وأثبت الجمهور هذه الآية، وهي مثبتة في مصاحفهم.
{الْعُسْرِ يُسْرًا}
- القراءة فيهما بسكون السين وضمها كالذي تقدم في الآية/ 5). [معجم القراءات: 10/491]
قوله تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7)}
قال أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي (ت: 465هـ): ((فَإِذَا فَرَغْتَ) بكسر الراء أبو السَّمَّال، الباقون يفتحها، وهو الاختيار؛ لأنها أشهر). [الكامل في القراءات العشر: 662]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ({فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7)} {فَرَغْتَ}
- قرأ الجمهور (فرغت) بفتح الراء.
- وقرأ أبو السمال (فرغت) بكسرها، وهي لغة.
- قال الزمخشري (وليست بفصيحة).
وقال في التاج: (فرغ منه... كمنع وسمع ونصر.
الأولى ذكرها يونس في كتاب اللغات، وهي والثانية لغتان في الثالثة.
قال الصاغاني: (وكذلك فرغ بالكسر يفرغ، بالضم مركب من لغتين).
{فَانْصَبْ}
- قرأ الجمهور (فانصب) بسكون الباء خفيفة.
- وقرأ قوم (فانصب) بشد الباء من الانصباب، وذكر القرطبي أنها قراءة بعض الجهال، وذهب إلى أنها باطلة لمخالفة الإجماع.
- وقرأ قوم من الامامية، وجعفر بن محمد وزيد بن علي (فانصب) بكسر الصاد، وذكر ابن العربي أنها قراءة بعض المبتدعة، ونقل هذا عنه القرطبي.
قال أبو حيان: (بمعنى إذا فرغت من الرسالة فانصب خليفة).
قال ابن عطية: (وهي قراءة شاذة ضعيفة المعنى لم تثبت عن عالم).
[معجم القراءات: 10/492]
قال الزمخشري: (ومن البدع ما روي عن بعض الرافضة أنه قرأ (فانصب) بكسر الصاد، أي: فانصب عليًا لإمامة، ولو صح هذا للرافضي لصح للناصبي أن يقرأ هكذا، ويجعله أمرًا بالنصب الذي هو بغض علي وعداوته).
قال ابن خالويه: (إلى ربك فانصب) أي فارجع إلى المدينة جعفر بن محمد رضي الله عنه، ولم تضبط القراءة بحركة (ما) ومال المحقق إلى أنها بكسر الصاد استئناسًا بما ذكره الزمخشري فيها.
وفي التاج: (وقرأ زيد بن علي (فإذا فرغت فانصب) بكسر الصاد، والمعنى واحد)، أي مثل قراءة الجماعة من حيث المعنى، ومثل هذا في البصائر للفيروزآبادي.
وحاصل الكلام في هذه القراءة ما يلي:
1- أنها بمعنى قراءة الجماعة.
2- أنها تعني الرجوع إلى المدينة.
3- أنها تعني تنصيب الإمام علي رضي الله عنه خليفة وهو رأي الامامية.
وأغلب المراجع لم تذكر لها قارئًا، بل نسبتها إلى الامامية.
ومن قرائها: جعفر بن محمد وزيد بن علي، ذكر الأول ابن خالويه في مختصره، وذكر الثاني الزبيدي في التاج، وذكر الفيروزآبادي في البصائر أنها قراءة زيد بن علي). [معجم القراءات: 10/493]
قوله تعالى: {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8)}
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ({وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8)}
{فَارْغَبْ}
- قرأ الجمهور (فارغب) أمر من (رغب) ثلاثيًا.
- وقرأ زيد بن علي وابن أبي عبلة (فرغب) أمر من (رغب) مشدد العين، أي: رغب الناس إلى طلب ما عنده). [معجم القراءات: 10/494]
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين