جمهرة تفاسير السلف
تفسير قوله تعالى: (سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا (15) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن عثمان الجزري عم مقسم قال لما وعدهم الله أن يفتح عليهم خيبر وكان قد وعدها من شهد الحديبية لم يعط أحدا غيرهم منها شيئا فلما علم المنافقون أنها الغنيمة قالوا ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلم الله يقول ما كان وعدهم إلى قوله أولى بأس شديد تقتلونهم أو يسلمون). [تفسير عبد الرزاق: 2/226] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {سيقول المخلّفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتّبعكم يريدون أن يبدّلوا كلام اللّه قل لن تتّبعونا كذلكم قال اللّه من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلاّ قليلاً}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: سيقول يا محمّد المخلّفون في أهليهم عن صحبتك إذا سرت معتمرًا تريد بيت اللّه الحرام، إذا انطلقت أنت ومن صحبك في سفرك ذلك إلى ما أفاء اللّه عليك وعليهم من الغنيمة {لتأخذوها} وذلك ما كان اللّه وعد أهل الحديبية من غنائم خيبر {ذرونا نتّبعكم} إلى خيبر، فنشهد معكم قتال أهلها {يريدون أن يبدّلوا كلام اللّه} يقول: يريدون أن يغيّروا وعد اللّه الّذي وعد أهل الحديبية، وذلك أنّ اللّه جعل غنائم خيبر لهم، ووعدهم ذلك عوضًا من غنائم أهل مكّة إذا انصرفوا عنهم على صلحٍ، ولم يصيبوا منهم شيئًا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: رجع، يعني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن مكّة، فوعده اللّه مغانم كثيرةً، فعجّلت له خيبر، فقال المخلّفون {ذرونا نتّبعكم يريدون أن يبدّلوا كلام اللّه} وهي المغانم ليأخذوها، الّتي قال اللّه جلّ ثناؤه: {إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها} وعرض عليهم قتال قومٍ أولي بأسٍ شديدٍ.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن رجلٍ، من أصحابه، عن مقسمٍ، قال: لمّا وعدهم اللّه أن يفتح عليهم خيبر، وكان اللّه قد وعدها من شهد الحديبية لم يعط أحدًا غيرهم منها شيئًا، فلمّا علم المنافقون أنّها الغنيمة قالوا: {ذرونا نتّبعكم يريدون أن يبدّلوا كلام اللّه} يقول: ما وعدهم.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {سيقول المخلّفون إذا انطلقتم} الآية، وهم الّذين تخلّفوا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من الحديبية ذكر لنا أنّ المشركين لمّا صدّوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من الحديبية عن المسجد الحرام والهدي، قال المقداد: يا نبيّ اللّه، إنّا واللّه لا نقول كالملأ من بني إسرائيل إذ قالوا لنبيّهم: {اذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا هاهنا قاعدون} ولكن نقول: اذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا معكما مقاتلون؛ فلمّا سمع ذلك أصحاب نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تتابعوا على ما قال؛ فلمّا رأى ذلك نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم صالح قريشًا، ورجع من عامه ذلك.
وقال آخرون: بل عنى بقوله: {يريدون أن يبدّلوا كلام اللّه} إرادتهم الخروج مع نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في غزوه، وقد قال اللّه تبارك وتعالى {فقل لن تخرجوا معي أبدًا ولن تقاتلوا معي عدوًّا}.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {سيقول المخلّفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتّبعكم} الآية، قال اللّه عزّ وجلّ حين رجع من غزوه، {فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدًا ولن تقاتلوا معي عدوًّا} الآية يريدون أن يبدّلوا كلام اللّه: أرادوا أن يغيّروا كلام اللّه الّذي قال لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم ويخرجوا معه، وأبى اللّه ذلك عليهم ونبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
وهذا الّذي قاله ابن زيدٍ قولٌ لا وجه له، لأنّ قول اللّه عزّ وجلّ {فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدًا ولن تقاتلوا معي عدوًّا} إنّما نزل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم منصرفه من تبوك، وعنى به الّذين تخلّفوا عنه حين توجّه إلى تبوك لغزو الرّوم، ولا اختلاف بين أهل العلم بمغازي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّ تبوك كانت بعد فتح خيبر وبعد فتح مكّة أيضًا، فكيف يجوز أن يكون الأمر على ما وصفنا معنيًّا بقول اللّه: {يريدون أن يبدّلوا كلام اللّه} وهو خبرٌ عن المتخلّفين عن المسير مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، إذ شخص معتمرًا يريد البيت، فصدّه المشركون عن البيت، الّذين تخلّفوا عنه في غزوة تبوك، وغزوة تبوك لم تكن كانت يوم نزلت هذه الآية، ولا كان أوحي إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قوله: {فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدًا ولن تقاتلوا معي عدوًّا}.
- فإذ كان ذلك كذلك، فالصّواب من القول في ذلك: ما قاله مجاهدٌ وقتادة على ما قد بيّنّا.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {يريدون أن يبدّلوا كلام اللّه} فقرأ ذلك عامّة قرّاء المدينة والبصرة، وبعض قرّاء الكوفة {كلام اللّه} على وجه المصدر، بإثبات الألف وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة (كلم اللّه) بغير ألفٍ، بمعنى جمع كلمةٍ، وهما عندنا قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار، متقاربتا المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ، وإن كنت إلى قراءته بالألف أميل.
وقوله: {قل لن تتّبعونا كذلكم قال اللّه من قبل} يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل لهؤلاء المخلّفين عن المسير معك يا محمّد: لن تتّبعونا إلى خيبر إذا أردنا السّير إليهم لقتالهم {كذلكم قال اللّه من قبل} يقول: هكذا قال اللّه لنا من قبل مرجعنا إليكم، إنّ غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية معنا، ولستم ممّن شهدها، فليس لكم أن تتّبعونا إلى خيبر، لأنّ غنيمتها لغيركم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {كذلكم قال اللّه من قبل} أي إنّما جعلت الغنيمة لأهل الجهاد، وإنّما كانت غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية ليس لغيرهم فيها نصيبٌ.
وقوله: {فسيقولون بل تحسدوننا} يقول تعالى ذكره: فسيقول لك ولأصحابك يا محمّد هؤلاء المخلّفون من الأعراب إذا قلتم لهم: لن تتّبعونا إلى الجهاد وقتال العدوّ بخيبر، كذلكم قال الله من قبل: بل تحسدوننا أن نصيب معكم مغنمًا إن نحن شهدنا معكم، فلذلك تمنعوننا من الخروج معكم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فسيقولون بل تحسدوننا} أن نصيب معكم غنائم.
وقوله: {بل كانوا لا يفقهون إلاّ قليلاً} يقول تعالى ذكره لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه: ما الأمر كما يقول هؤلاء المنافقون من الأعراب من أنّكم إنّما تمنعونهم من اتّباعكم حسدًا منكم لهم على أن يصيبوا معكم من العدوّ مغنمًا، بل كانوا لا يفقهون عن اللّه ما لهم وعليهم من أمر الدّين إلاّ قليلاً يسيرًا، ولو عقلوا ذلك ما قالوا لرسول اللّه والمؤمنين به، وقد أخبروهم عن اللّه تعالى ذكره أنّه حرمهم غنائم خيبر، إنّما تمنعوننا من صحبتكم إليها لأنّكم تحسدوننا). [جامع البيان: 21/261-265]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 12 - 15
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء} قال: ظنوا بنبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنهم لن يرجعوا من وجههم ذلك وأنهم سيهلكون فذلك الذي خلفهم عن نبي الله صلى الله عليه وسلم وهم كاذبون بما يقولون {سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها} قال: هم الذين تخلفوا عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية كذلكم قال الله من قبل قال: إنما جعلت الغنيمة لأجل الجهاد إنما كانت غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية ليس لغيرهم فيها نصيب {قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد} قال: فدعوا يوم حنين إلى هوازن وثقيف فمنهم من أحسن الإجابة ورغب في الجهاد ثم عذر الله أهل العذر من الناس فقال: (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج) (النور 61) ). [الدر المنثور: 13/475] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه {يريدون أن يبدلوا كلام الله} قال: كتاب الله كانوا يبطئون المسلمين عن الجهاد ويأمرونهم أن يفروا). [الدر المنثور: 13/476]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية إلى المدينة حتى إذا كان بين المدينة ومكة نزلت عليه سورة الفتح فقال: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} إلى قوله {عزيزا} ثم ذكر الله الأعراب ومخالفتهم للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: {سيقول لك المخلفون من الأعراب} إلى قوله {خبيرا} ثم قال للأعراب {بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون} إلى قوله {سعيرا} ثم ذكر البيعة فقال: {لقد رضي الله عن المؤمنين} إلى قوله {وأثابهم فتحا قريبا} لفتح الحديبية). [الدر المنثور: 13/483]
تفسير قوله تعالى: (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (16) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن عثمان الجزري عم مقسم قال لما وعدهم الله أن يفتح عليهم خيبر وكان قد وعدها من شهد الحديبية لم يعط أحدا غيرهم منها شيئا فلما علم المنافقون أنها الغنيمة قالوا ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلم الله يقول ما كان وعدهم إلى قوله أولى بأس شديد تقتلونهم أو يسلمون.
قال معمر أخبرني الزهري عن أبي هريرة قال لم تأت هذه الآية بعد.
قال معمر وقال الحسن هم فارس والروم.
وقال معمر وقال الكلبي هم بنو حنيفة.
قال معمر وقال قتادة هم هوازن وغطفان وثقيف يوم حنين). [تفسير عبد الرزاق: 2/226]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل للمخلّفين من الأعراب ستدعون إلى قومٍ أولى بأسٍ شديدٍ تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم اللّه أجرًا حسنًا وإن تتولّوا كما تولّيتم من قبل يعذّبكم عذابًا أليمًا}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {قل} يا محمّد {للمخلّفين من الأعراب} عن المسير معك، {ستدعون إلى} قتال {قومٍ أولي بأسٍ} في القتال {شديدٍ}.
واختلف أهل التّأويل في هؤلاء الّذين أخبر اللّه عزّ وجلّ عنهم أنّ هؤلاء المخلّفين من الأعراب يدعون إلى قتالهم، فقال بعضهم: هم أهل فارس.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن عبد اللّه بن أبي نجيحٍ، عن عطاء بن أبي رباحٍ، عن ابن عبّاسٍ، {أولي بأسٍ شديدٍ} أهل فارس.
- حدّثنا إسماعيل بن موسى الفزاريّ، قال: أخبرنا داود بن الزّبرقان، عن ثابتٍ البنانيّ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، في قوله: {ستدعون إلى قومٍ أولي بأسٍ شديدٍ} قال: فارس والرّوم.
- قال: أخبرنا داود، عن سعيدٍ، عن الحسن، مثله.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، قال: قال الحسن، في قوله: {ستدعون إلى قومٍ أولي بأسٍ شديدٍ} قال: هم فارس والرّوم.
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {أولي بأسٍ شديدٍ} قال: هم فارس.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {ستدعون إلى قومٍ أولي بأسٍ شديدٍ} قال: قال الحسن: دعوا إلى فارس والرّوم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ستدعون إلى قومٍ أولي بأسٍ شديدٍ} قال: فارس والرّوم.
وقال آخرون: هم هوازن بحنينٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، وعكرمة، في قوله: {ستدعون إلى قومٍ أولي بأسٍ شديدٍ} قال: هوازن.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ وعكرمة في هذه الآية {ستدعون إلى قومٍ أولي بأسٍ شديدٍ} قال: هوازن وثقيفٌ.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {أولي بأسٍ شديدٍ تقاتلونهم أو يسلمون} قال: هي هوازن وغطفان يوم حنينٍ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {قل للمخلّفين من الأعراب ستدعون إلى قومٍ أولي بأسٍ شديدٍ} فدعوا يوم حنينٍ إلى هوازن وثقيفٍ فمنهم من أحسن الإجابة ورغب في الجهاد.
وقال آخرون: بل هم بنو حنيفة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الزّهريّ، {أولي بأسٍ شديدٍ} قال: بنو حنيفة مع مسيلمة الكذّاب.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن هشيمٍ، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، وعكرمة، أنّهما كانا يزيدان فيه هوازن وبني حنيفة.
وقال آخرون: لم تأت هذه الآية بعد.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الزّهريّ، عن أبي هريرة، {ستدعون إلى قومٍ أولي بأسٍ شديدٍ} لم تأت هذه الآية.
وقال آخرون: هم الرّوم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عوفٍ، قال: حدّثنا أبو المغيرة، قال: حدّثنا صفوان بن عمرٍو، قال: حدّثنا الفرج بن محمّدٍ الكلاعيّ، عن كعبٍ، قال: {أولي بأسٍ شديدٍ} قال: الرّوم.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب أن يقال: إنّ اللّه تعالى ذكره أخبر عن هؤلاء المخلّفين من الأعراب أنّهم سيدعون إلى قتال قومٍ أولي بأسٍ في القتال، ونجدةٍ في الحروب، ولم يوضع لنا الدّليل من خبرٍ ولا عقلٍ على أنّ المعنيّ بذلك هوازن، ولا بنو حنيفة ولا فارس ولا الرّوم، ولا أعيانٌ بأعيانهم، وجائزٌ أن يكون عنى بذلك بعض هذه الأجناس، وجائزٌ أن يكون عنى بهم غيرهم، ولا قول فيه أصحّ من أن يقال كما قال اللّه جلّ ثناؤه: إنّهم سيدعون إلى قومٍ أولي بأسٍ شديدٍ.
وقوله: {تقاتلونهم أو يسلمون} يقول تعالى ذكره للمخلّفين من الأعراب تقاتلون هؤلاء الّذين تدعون إلى قتالهم، أو يسلمون من غير حربٍ ولا قتالٍ.
وقد ذكر أنّ ذلك في بعض القراءات: (تقاتلونهم أو يسلموا)، وعلى هذه القراءة وإن كانت على خلاف مصاحف أهل الأمصار، وخلافًا لما عليه الحجّة من القرّاء، وغير جائزٍ عندي القراءة بها لذلك تأويل ذلك: تقاتلونهم أبدًا إلاّ أن يسلموا، أو حتّى يسلموا.
وقوله: {فإن تطيعوا يؤتكم اللّه أجرًا حسنًا} يقول تعالى ذكره فإن تطيعوا اللّه في إجابتكم إيّاه إذا دعاكم إلى قتال هؤلاء القوم الأولي البأس الشّديد، فتجيبوا إلى قتالهم والجهاد مع المؤمنين {يؤتكم اللّه أجرًا حسنًا} يقول: يعطكم اللّه على إجابتكم إيّاه إلى حربهم الجنّة، وهي الأجر الحسن {وإن تتولّوا كما تولّيتم من قبل} يقول: وإن تعصوا ربّكم فتدبروا عن طاعته وتخالفوا أمره، فتتركوا قتال الأولي البأس الشّديد إذا دعيتم إلى قتالهم {كما تولّيتم من قبل} يقول: كما عصيتموه في أمره إيّاكم بالمسير مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى مكّة، من قبل أن تدعوا إلى قتال أولي البأس الشّديد {يعذّبكم اللّه عذابًا أليمًا} يعني: وجيعًا، وذلك عذاب النّار على عصيانكم إيّاه، وترككم جهادهم وقتالهم مع المؤمنين). [جامع البيان: 21/265-270]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أولي بأس شديد قال هم فارس والروم). [تفسير مجاهد: 2/603]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال مسدّدٌ: حدثنا هشيمٌ، عن منصور بن زاذان، عن الحسن في قوله تعالى: {ستدعون إلى قومٍ أولي بأسٍ شديدٍ تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجراً حسناً وإن تتولّوا كما تولّيتم مّن قبل يعذّبكم عذاباً أليماً (16) }
إلى قومٍ أولي بأسٍ شديدٍ " قال: فارس، والرّوم "). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/238]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 12 - 15
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء} قال: ظنوا بنبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنهم لن يرجعوا من وجههم ذلك وأنهم سيهلكون فذلك الذي خلفهم عن نبي الله صلى الله عليه وسلم وهم كاذبون بما يقولون {سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها} قال: هم الذين تخلفوا عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية كذلكم قال الله من قبل قال: إنما جعلت الغنيمة لأجل الجهاد إنما كانت غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية ليس لغيرهم فيها نصيب {قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد} قال: فدعوا يوم حنين إلى هوازن وثقيف فمنهم من أحسن الإجابة ورغب في الجهاد ثم عذر الله أهل العذر من الناس فقال: (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج) (النور 61) ). [الدر المنثور: 13/475] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أولي بأس شديد} يقول: فارس). [الدر المنثور: 13/476]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه قال: هم فارس والروم). [الدر المنثور: 13/476]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله {أولي بأس شديد} قال: هم البآرز يعني الأكراد). [الدر المنثور: 13/476]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر والطبراني في الكبير عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال: أعراب فارس وأكراد العجم). [الدر المنثور: 13/476]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر والطبراني عن الزهري رضي الله عنه قال: هم بنو حنيفة). [الدر المنثور: 13/476]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه {ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد} قال: لم يأت أولئك بعد). [الدر المنثور: 13/476]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 16
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم} قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: دعا أعراب المدينة جهينة ومزينة الذين كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم دعاهم إلى خروجه إلى مكة دعاهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى قتال فارس قال: فإن تطيعوا إذا دعاكم عمر تكن توبة لتخلفكم عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا إذا دعاكم عمر كما توليتم من قبل إذ دعاكم النّبيّ صلى الله عليه وسلم يعذبكم عذابا أليما). [الدر المنثور: 13/476-477]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد} قال: فارس والروم). [الدر المنثور: 13/477]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه {ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد} قال: أهل الأوثان). [الدر المنثور: 13/477]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد} قال: هوازن وبني حنيفة). [الدر المنثور: 13/477]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي عن عكرمة وسعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد} قال: هوازن يوم حنين). [الدر المنثور: 13/477]
تفسير قوله تعالى: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا (17) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ليس على الأعمى حرج ولا ولا قال هذا كله في الجهاد). [تفسير عبد الرزاق: 2/226]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ ومن يطع اللّه ورسوله يدخله جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار ومن يتولّ يعذّبه عذابًا أليمًا}.
يقول تعالى ذكره: ليس على الأعمى منكم أيّها النّاس ضيقٌ، ولا على الأعرج ضيقٌ، ولا على المريض ضيقٌ أن يتخلّفوا عن الجهاد مع المؤمنين، وشهود الحرب معهم إذا هم لقوا عدوّهم، للعلل الّتي بهم، والأسباب الّتي تمنعهم من شهودها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ} قال: هذا كلّه في الجهاد.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: ثمّ عذر اللّه أهل العذر من النّاس، فقال: {ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض حرجٌ} قال: في الجهاد في سبيل اللّه.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {ليس على الأعمى حرجٌ} الآية، يعني في القتال.
وقوله: {ومن يطع اللّه ورسوله يدخله جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار} يقول تعالى ذكره: ومن يطع اللّه ورسوله فيجيب إلى حرب أعداء اللّه من أهل الشّرك، وإلى القتال مع المؤمنين ابتغاء وجه اللّه إذا دعي إلى ذلك، يدخله اللّه يوم القيامة جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار {ومن يتولّ} يقول: ومن يعص اللّه ورسوله، فيتخلّف عن قتال أهل الشّرك باللّه إذا دعي إليه، ولم يستجب لدعاء اللّه ورسوله يعذّبه عذابًا موجعًا، وذلك عذاب جهنّم يوم القيامة). [جامع البيان: 21/270-271]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {ليس على الأعمى حرجٌ} [الفتح: 17].
- «عن زيد بن ثابتٍ قال: كنت أكتب لرسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - وإنّي لواضعٌ القلم على أذني إذ أمر بالقتال، إذ جاء أعمى فقال: كيف بي وأنا ذاهب البصر؟ فنزلت {ليس على الأعمى حرجٌ} [الفتح: 17]».
رواه الطّبرانيّ، وفيه محمّد بن جابرٍ السّحيميّ وهو ضعيفٌ يكتب حديثه، وبقيّة رجاله رجال الصّحيح). [مجمع الزوائد: 7/107]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 17 - 23
أخرج الطبراني بسند حسن عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإني لواضع القلم على أذني إذ أمر بالقتال إذ جاء أعمى فقال: كيف بي وأنا ذاهب البصر فنزلت {ليس على الأعمى حرج} الآية قال: هذا في الجهاد ليس عليهم من جهاد إذا لم يطيقوا). [الدر المنثور: 13/477-478]