العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الجاثية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 01:27 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير سورة الجاثية [من الآية(12)إلى الآية(15)]

{اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13) قُلْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 01:27 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {اللّه الّذي سخّر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلّكم تشكرون}.
يقول تعالى ذكره: اللّه أيّها القوم، الّذي لا تنبغي الألوهة إلاّ له، الّذي أنعم عليكم هذه النّعم، الّتي بيّنها لكم في هذه الآيات، وهو أنّه {سخّر لكم البحر لتجري} السّفن {فيه بأمره} لمعايشكم وتصرّفكم في البلاد لطلب فضله فيها، ولتشكروا ربّكم على تسخيره ذلك لكم فتعبدوه وتطيعوه فيما يأمركم به، وينهاكم عنه). [جامع البيان: 21/78]

تفسير قوله تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا عمر بن حبيب المكي عن حميد الأعرج قال جاء رجل إلى عبد الله بن عمرو بن العاص فسأله فقال مم خلق الخلق قال من الماء والنور والظلمة والريح والتراب قال فمم خلق هؤلاء قال لا أدري قال ثم أتى عبد الله بن الزبير فسأله فقال مثل قول عبد الله بن عمرو فأتى ابن عباس فسأله فقال مم خلق الخلق قال من الماء والنور والظلمة والريح والتراب قال فمم خلق هؤلاء قال فتلا ابن عباس وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه فقال الرجل ما كان ليأتي بهذا إلا رجل من أهل بيت النبي). [تفسير عبد الرزاق: 2/213]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه قال منه النور والشمس والقمر). [تفسير عبد الرزاق: 2/213]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن عبد اللّه بن عمرو في قوله: {وسخّر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعًا منه} قال: الخلق من خمسةٍ: من نارٍ ونورٍ وظلمةٍ وماءٍ وترابٍ [الآية: 13]). [تفسير الثوري: 275]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وسخّر لكم ما في السّموات وما في الأرض جميعًا منه إنّ في ذلك لآياتٍ لّقومٍ يتفكّرون}
يقول تعالى ذكره: وسخّر لكم ما في السّموات من شمسٍ وقمرٍ ونجومٍ {وما في الأرض} من دابّةٍ وشجرٍ وجبلٍ وجمادٍ وسفنٍ لمنافعكم ومصالحكم {جميعًا منه} يقول تعالى ذكره: جميع ما ذكرت لكم أيّها النّاس من هذه النّعم، نعمٌ عليكم من اللّه أنعم بها عليكم، وفضلٌ منه تفضّل به عليكم، فإيّاه فاحمدوا لا غيره، لأنّه لم يشركه في إنعام هذه النّعم عليكم شريكٌ، بل تفرّد بإنعامها عليكم وجميعها منه، ومن نعمه فلا تجعلوا له في شكركم له شريكًا، بل أفردوه بالشّكر والعبادة، وأخلصوا له الألوهة، فإنّه لا إله لكم سواه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وسخّر لكم ما في السّموات وما في الأرض جميعًا منه} يقول: كلّ شيءٍ هو من اللّه، وذلك الاسم فيه اسمٌ من أسمائه، فذلك جميعًا منه، ولا ينازعه فيه المنازعون، واستيقن أنّه كذلك.
وقوله: {إنّ في ذلك لآياتٌ لقومٍ يتفكّرون} يقول تعالى ذكره: إنّ في تسخير اللّه لكم ما أنبأكم أيّها النّاس أنّه سخّره لكم في هاتين الآيتين {لآياتٌ} يقول: لعلاماتٌ ودلالاتٌ على أنّه لا إله لكم غيره، الّذي أنعم عليكم هذه النّعم، وسخّر لكم هذه الأشياء الّتي لا يقدر على تسخيرها غيره لقومٍ يتفكّرون في آيات اللّه وحججه وأدلّته، فيعتبرون بها ويتّعظون إذا تدبّروها، وفكّروا فيها). [جامع البيان: 21/78-79]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ) : أخبرنا أبو زكريّا يحيى بن محمّدٍ العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق، أنبأ عبد الرّزّاق، عن عمر بن حبيبٍ المكّيّ، عن حميد بن قيسٍ الأعرج، عن طاوسٍ، قال: جاء رجلٌ إلى عبد اللّه بن عمرو بن العاص يسأله ممّا خلق الخلق؟ قال: «من الماء، والنّور، والظّلمة، والرّيح، والتّراب؟» قال الرّجل: فممّ خلق هؤلاء؟ قال: «لا أدري» ثمّ أتى الرّجل عبد اللّه بن الزّبير فسأله فقال مثل قول عبد اللّه بن عمرٍو قال: فأتى الرّجل عبد اللّه بن عبّاسٍ فسأله فقال: ممّ خلق الخلق؟ قال: «من الماء، والنّور، والظّلمة، والرّيح، والتّراب». قال الرّجل: فممّ خلق هؤلاء؟ فتلا عبد اللّه بن عبّاسٍ: {وسخّر لكم ما في السّموات وما في الأرض جميعًا منه} فقال الرّجل: ما كان لنا بهذا إلّا رجلٌ من أهل بيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه» ). [المستدرك: 2/490]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 12 - 13.
أخرج ابن المنذر من طريق عكرمة رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه لم يكن يفسر أربع آيات قوله {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه} والرقيم والغسلين). [الدر المنثور: 13/292]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: لم يفسر ابن عباس رضي الله عنهما هذه الآية إلا لندبة القارئ {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه} ). [الدر المنثور: 13/292-293]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي، وعبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه} نور الشمس والقمر). [الدر المنثور: 13/293]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه} قال: كل شيء هو من الله). [الدر المنثور: 13/293]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر والحاكمي وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات، عن طاووس رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما فسأله مم خلق الخلق قال: من الماء والنور والظلمة والريح والتراب، قال: فمم خلق هؤلاء قال: لا أدري، ثم أتى الرجل عبد الله بن الزبير رضي الله عنه فسأله فقال له مثل قول عبد الله بن عمرو رضي الله عنه فأتى ابن عباس رضي الله عنهما فسأله: مم خلق الخلق قال: من الماء والنور والظلمة والريح والتراب، قال: فمم خلق هؤلاء فقرأ ابن عباس رضي الله عنهما {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه} فقال الرجل: ما كان ليأتي بهذا إلا رجل من أهل بيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 13/293-294]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): ([............. في قول] الله: {قل للذين آمنوا [ ........ .. ]}، قال في [الصعـ ........ .. ] الخلق والمغفرة وهم يكفرون به). [الجامع في علوم القرآن: 2/51]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله قال نسختها فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/212]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل للّذين آمنوا يغفروا للّذين لا يرجون أيّام اللّه ليجزي قومًا بما كانوا يكسبون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد للّذين صدّقوا اللّه واتّبعوك، يغفروا للّذين لا يخافون بأس اللّه ووقائعه ونقمه إذا هم نالوهم بالأذى والمكروه {ليجزي قومًا بما كانوا يكسبون} يقول: ليجزي اللّه هؤلاء الّذين يؤذونهم من المشركين في الآخرة، فيثيبهم عذابه بما كانوا في الدّنيا يكسبون من الإثم، ثمّ بأذاهم أهل الإيمان باللّه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {قل للّذين آمنوا يغفروا للّذين لا يرجون أيّام اللّه ليجزي قومًا بما كانوا يكسبون} قال: كان نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يعرض عن المشركين إذا آذوه، وكانوا يستهزئون به، ويكذّبونه، فأمره اللّه عزّ وجلّ أن يقاتل المشركين كافّةً، فكان هذا من المنسوخ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {للّذين لا يرجون أيّام اللّه} قال: لا يبالون نعم اللّه، أو نقم اللّه.
- حدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ {لا يرجون أيّام اللّه} قال: لا يبالون نعم اللّه.
وهذه الآية منسوخةٌ بأمر اللّه بقتال المشركين وإنّما قلنا: هي منسوخةٌ لإجماع أهل التّأويل على أنّ ذلك كذلك.
ذكر من قال ذلك:
وقد ذكرنا الرّواية في ذلك عن ابن عبّاسٍ.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {قل للّذين آمنوا يغفروا للّذين لا يرجون أيّام اللّه} قال: نسختها ما في الأنفال {فإمّا تثقفنّهم في الحرب فشرّد بهم من خلفهم لعلّهم يذّكّرون وفي براءة {قاتلوا المشركين كافّةً كما يقاتلونكم كافّةً} أمر بقتالهم حتّى يشهدوا أن لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمّدًا رسول اللّه.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {قل للّذين آمنوا يغفروا للّذين لا يرجون أيّام اللّه} قال: نسختها {فاقتلوا المشركين}.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {قل للّذين آمنوا يغفروا للّذين لا يرجون أيّام اللّه} قال: هذا منسوخٌ، أمر اللّه بقتالهم في سورة براءة.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا حكّامٌ قال: حدّثنا عنبسة، عمّن ذكره عن أبي صالحٍ، {قل للّذين آمنوا يغفروا للّذين لا يرجون أيّام اللّه} قال: نسختها الّتي في الحجّ {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا}.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {قل للّذين آمنوا يغفروا للّذين لا يرجون أيّام اللّه} قال: هؤلاء المشركون قال: وقد نسخ هذا وفرض جهادهم والغلظة عليهم.
وجزم قوله: {يغفروا} تشبيهًا له بالجزاء والشّرط وليس به، ولكن لظهوره في الكلام على مثاله، فعرّب تعريبه، وقد مضى البيان عنه قبل.
واختلف القرّاء في قراءة قوله: {ليجزي قومًا} فقرأه بعض قرّاء المدينة والبصرة والكوفة: {ليجزي} بالياء على وجه الخبر عن اللّه أنّه يجزيهم ويثيبهم وقرأ ذلك بعض عامّة قرّاء الكوفيّين (لنجزي) بالنّون على وجه الخبر من اللّه عن نفسه وذكر عن أبي جعفرٍ القارئ أنّه كان يقرأه ليجزى قومًا على مذهب ما لم يسمّ فاعله، وهو على مذهب كلام العرب لحنٌ إلاّ أن يكون أراد: ليجزى الجزاء قومًا، بإضمار الجزاء، وجعله مرفوعًا ليجزى فيكون وجهًا من القراءة، وإن كان بعيدًا.
والصّواب من القول في ذلك عندنا أنّ قراءته بالياء والنّون على ما ذكرت من قراءة الأمصار جائزةٌ بأيّ تينك القراءتين قرأ القارئ فأمّا قراءته على ما ذكرت عن أبي جعفرٍ، فغير جائزةٍ عندي لمعنيين: أحدهما: أنّها خلافٌ لما عليه الحجّة من القرّاء، وغير جائزٍ عندي خلاف ما جاءت به مستفيضًا فيهم والثّاني بعدها من الصّحّة في العربيّة إلاّ على استكراه الكلام على غير المعروف من وجهه). [جامع البيان: 21/80-83]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله عز وجل يغفروا للذين لا يرجون أيام الله يقول لا يبالون نعم الله لا يشكرونها لا يعرفونها). [تفسير مجاهد: 591]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 14 - 15.
أخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {قل للذين آمنوا يغفروا} الآية قال: ما زال النّبيّ صلى الله عليه وسلم يأمر بالعفو ويحث عليه ويرغب فيه حتى أمر أن يعفو عمن لا يرجو أيام الله وذكر أنها منسوخة نسختها الآية التي في الأنفال {فإما تثقفنهم في الحرب} سورة الأنفال 57 الآية). [الدر المنثور: 13/294]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {قل للذين آمنوا يغفروا} الآية قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يعرض عن المشركين إذا أذوه وكان يستهزئون به ويكذبونه فأمره الله أن يقاتل المشركين كافة فكان هذا من المنسوخ). [الدر المنثور: 13/294]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله}، قال: اللذين لا يدرون أنعم الله عليهم أم لم ينعم قال سفيان رضي الله عنه: بلغني أنها نسختها آية القتال). [الدر المنثور: 13/294]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن الأنباري في المصاحف عن قتادة رضي الله عنه في قوله {قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله} قال: هي منسوخة بقول الله (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) ). [الدر المنثور: 13/295]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن أبي مسلم الخولاني رضي الله عنه أنه قال لجارية له: لولا أن الله تعالى يقول {قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله} لأوجعتك، فقالت: والله إني لممن يرجو أيامه فما لك لا توجعني فقال: إن الله تعالى يأمرني أن أغفر للذين لا يرجون أيامه فعمن يرجو أيامه أحرى انطلقي فأنت حرة). [الدر المنثور: 13/295]

تفسير قوله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {من عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها ثمّ إلى ربّكم ترجعون}.
يقول تعالى ذكره: من عمل من عباد اللّه بطاعته فانتهى إلى أمره، وانزجر لنهيه، فلنفسه عمل ذلك الصّالح من العمل، وطلب خلاصها من عذاب اللّه، أطاع لا لغير ذلك، لأنّه لا ينفع ذلك غيره، واللّه عن عمل كلّ عاملٍ غنيّ {ومن أساء فعليها} يقول: ومن أساء عمله في الدّنيا بمعصيته فيها ربّه، وخلافه فيها أمره ونهيه، فعلى نفسه جنى، لأنّه أوبقها بذلك، وأكسبها به سخطه، ولم يضرّ أحدًا سوى نفسه {ثمّ إلى ربّكم ترجعون} يقول: ثمّ أنتم أيّها النّاس أجمعون إلى ربّكم تصيرون من بعد مماتكم، فيجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، فمن ورد عليه منكم بعملٍ صالحٍ جوزي من الثّواب صالحًا، ومن ورد عليه منكم بعملٍ سيئٍ جوزي من الثّواب سيّئًا). [جامع البيان: 21/83]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 01:29 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
Post

التفسير اللغوي




تفسير قوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وسخّر لكم ما في السّماوات وما في الأرض جميعا منه}.
ويقرأ (منّة), (جميعا) منصوب على الحال، والمعنى كل ذلك منه تفضّل وإحسان.
و(منّة) على معنى المفعول له، والمعنى فعل ذلك منّة، أي: منّ منّة؛ لأن تسخيره بمعنى منّ عليكم). [معاني القرآن: 4/436]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه}
روى إسرائيل , عن سماك عن عكرمة, عن ابن عباس قال: منه النور , ومنه الشمس , ومنه القمر .
ويقرأ جميعا منة بمعنى: من به منة
ويقرأ منة, بمعنى ذلك منة
ويجوز منه على أنه مصدر كما قال تعالى: {صنع الله} ). [معاني القرآن: 6/422-423]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله:{قل لّلّذين آمنوا يغفروا...}.
معناه في الأصل: حكاية بمنزلة الأمر، كقولك: قل للذين آمنوا اغفروا؛ فإذا ظهر الأمر مصرحا فهو مجزوم؛ لأنه أمر، وإذا كان على الخبر مثل قوله: {قل للذين آمنوا يغفروا}، {وقل لّعبادي يقولوا}{قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة}: فهذا مجزوم بالتشبيه بالجزاء والشرط كأنه قولك: قم تصب خيرا، وليس كذلك، ولكن العرب إذا خرج الكلام في مثال غيره وهو مقارب له عرّبوه بتعريبه، فهذا من ذلك، وقد ذكرناه في غير موضع، ونزلت قوله: {قل للّذين آمنوا يغفروا للّذين لا يرجون أيّام اللّه} في المشركين قبل أن يؤمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتال أهل مكة.
وقوله: {ليجزي قوماً بما كانوا يكسبون...}.
قرأها يحيى بن وثاب: لنجزي بالنون، وقرأها الناس بعد {ليجزي قوما} بالياء وهما سواء بمنزلة قوله: {وقد خلقتك من قبل}، {وقد خلقناك من قبل} , وقد قرأ بعض القراء فيما ذكر لي: {ليجزي قوماً} , وهو في الظاهر لحن، فإن كان أضمر في {يجزي} فعلا يقع به الرفع كما تقول: أعطي ثوبا ليجزي ذلك الجزاء قوما فهو وجه). [معاني القرآن: 3/45-46]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ للّذين لا يرجون أيّام اللّه }: لا يخافون). [مجاز القرآن: 2/210]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (ومن ذلك قوله في سورة الأنبياء: {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 88] كتبت في المصاحف بنون واحدة، وقرأها القرّاء جميعا ننجي بنونين إلا عاصم بن أبي النّجود فإنه كان يقرؤها بنون واحدة، ويخالف القرّاء جميعا، ويرسل الياء فيها على مثال (فعل).
فأما من قرأها بنونين، وخالف الكتاب، فإنه اعتل بأن النون تخفى عند الجيم، فأسقطها كاتب المصحف لخفائها، ونيّته إثباتها.
واعتلّ بعض النحويين لعاصم فقالوا: أضمر المصدر، كأنه قال: نجّي النجاء المؤمنين، كما تقول: ضرب الضرب زيدا، ثم تضمر الضّرب، فتقول: ضرب زيدا.
وكان أبو عبيد يختار في هذا الحرف مذهب عاصم كراهية أن يخالف الكتاب، ويستشهد عليه حرفا في سورة الجاثية، كان يقرأ به أبو جعفر المدني، وهو قوله: {لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الجاثية: 14] أي ليجزى الجزاء قوما.
وأنشدني بعض النحويين:
ولو ولدت فقيرةُ جروَ كلب = لسُبَّ بذلك الجرو الكلابا
). [تأويل مشكل القرآن: 54-55] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
: ( وقوله جل وعز: {قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله}
قال مجاهد : أي : لا يبالون نعم الله أي لا يعلمون أنه أنعم بها عليهم كما قال تعالى: {وذكرهم بأيام الله}
قال أبو جعفر: يجوز أن يكون المعنى لا يرجون البعث , أي: لا يؤمنون به .
وقال قتادة هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} ). [معاني القرآن: 424-6/423]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 01:31 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) }

تفسير قوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13) }

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {قُلْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا يَغْفِرُوا} قال: هذا بمكة. وقال الفراء: هو جزاء، وفيه شيء من الحكاية). [مجالس ثعلب: 309]

تفسير قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 21 صفر 1440هـ/31-10-2018م, 09:14 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 21 صفر 1440هـ/31-10-2018م, 09:15 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 21 صفر 1440هـ/31-10-2018م, 09:18 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون * وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون * قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون}
هذه آية عبرة في جريان السفينة في البحر، وذلك أن الله تعالى سخر هذا المخلوق العظيم لهذا المخلوق الحقير الضعيف، وقوله تعالى: "بأمره"، أناب القدرة والإذن مناب أن يأمر البحر والناس بذلك، و"الابتغاء من فضل الله": هو بالتجارة في الأغلب، وكذلك مقاصد البر من حج وجهاد هي أيضا ابتغاء فضل، والتصيد فيه أيضا هو ابتغاء فضل). [المحرر الوجيز: 7/ 592-593]

تفسير قوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"تسخير ما في السماوات": هو تسخير الشمس والقمر والنجوم والسحاب والرياح والهواء والملائكة الموكلة بهذا كله، ويروى أن بعض الأخيار نزل به ضيف، فقدم إليه رغيفا، فكأن الضيف احتقره، فقال له المضيف: لا تحتقره فإنه لم يستدر حتى تسخر فيه من المخلوقات والملائكة ثلاثمائة وستون بين ما ذكرنا من مخلوقات السماء وبين الملائكة وبين صناع بني آدم الموصلين إلى استدارة الرغيف، و"تسخير ما في الأرض" هو تسخير البهائم والمياه والأودية والجبال وغير ذلك.
ومعنى قوله تعالى: "جميعا منه" قال ابن عباس رضي الله عنهما: كل إنعام فهو من الله تعالى، وقرأ جمهور الناس: "منه" وهو وقف جيد، وقرأ مسلمة بن محارب: "منه" بفتح الميم وشد النون المضمومة، بتقدير: هو منه، وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما: "منة" بكسر الميم وفتح النون المشددة ونصب التاء على المصدر، وقال أبو حاتم: سند هذه القراءة إلى ابن عباس رضي الله عنهما مظلم، وحكاها أبو الفتح عن ابن عباس، وعبد الله بن عمر، والجحدري، وعبد الله بن عبيد بن عمير، وقرأ مسلمة بن محارب أيضا: "منة" بكسر الميم وبالرفع في التاء). [المحرر الوجيز: 7/ 593]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {قل للذين آمنوا} الآية، آية نزلت في صدر الإسلام، أمر الله تعالى المؤمنين فيها أن يتجاوزوا عن الكفار، وألا يعاقبوهم بذنب، بل يأخذون أنفسهم بالصبر، قاله محمد بن كعب القرظي، والسدي. قال أكثر الناس: وهذه آية منسوخة بآية القتال، وقالت فرقة: الآية محكمة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والآية تتضمن الغفران عموما، فينبغي أن يقال: إن الأمور العظام كالقتل والكفر مجاهرة ونحو ذلك قد نسخ غفرانه آية السيف والجزية وما أحكمه الشرع لا محالة، وإن الأمور المحقرة كالجفاء في القول ونحو ذلك يحتمل أن يتقى محكمة، وأن يكون العفو عنها أقرب إلى التقوى.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما لما نزلت: {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا} قال فنحاص اليهودي: احتاج رب محمد، تعالى الله عز وجل عن قوله، فأخذ عمر رضي الله عنه سيفه ومر ليقتله، فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إن ربك يقول: {قل للذين آمنوا يغفروا} الآية.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
فهذا احتجاج بها مع قدم نزولها، وقد ذكر مكي وغيره أنها نزلت بمكة في عمر رضي الله عنه لما أراد أن يبطش بمشرك شتمه، وأما الجزم في قوله تعالى: "يغفروا" فهو جواب شرط مقدر، وتقديره: قل اغفروا، فإن يجيبوا يغفروا، وأخصر من هذا عندي أن "قل" هي بمثابة: أندب المؤمنين إلى الغفر.
وقوله تعالى: {أيام الله} قالت فرقة: معناه: أيام إنعامه ونصره وتنعيمه في الجنة وغير ذلك، فـ "يرجون" -على هذا- هو من بابه، وقال مجاهد: أيام الله تعالى هي أيام نعمه وعذابه، فـ "يرجون" -على هذا- هي التي تتنزل منزلة "يخافون"، وإنما تنزلت منزلتها من حيث الرجاء والخوف متلازمان لا نجد أحدهما إلا والآخر معه مقترن، وقد تقدم شرح هذا غير مرة.
وقرأ جمهور القراء "ليجزي" بالياء على معنى: ليجزي الله. وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي، والأعمش، وأبو عبد الرحمن، وابن وثاب: "لنجزي" بالنون، وقرأ أبو جعفر بن القعقاع -بخلاف عنه- "ليجزى" على بناء الفعل للمجهول "قوما"، وهذا على أن يكون التقدير: ليجزي الجزاء قوما، وباقي الآية وعيد). [المحرر الوجيز: 7/ 593-595]

تفسير قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون * ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين * وآتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون}
لما تقرر في الآية التي قبل هذه أن الله يجزي قوما بكسبهم ويعاقبهم على ذنوبهم واجترامهم، أكد ذلك بقوله تعالى: {من عمل صالحا فلنفسه}، وقوله تعالى: "فلنفسه" هي لام الحظ، لأن الحظوظ والمحاب إنما تستعمل فيها اللام التي هي كلام الملك، تقول: "الأمور لزيد متأتية"، ويستعمل في ضد ذلك "على"، فتقول: "الأمور على فلان مستصعبة"، وتقول: " لزيد مال وعليه دين"، وكذلك جاء العمل الصالح في هذه باللام والإساءة بـ "على"، وقوله سبحانه: {ثم إلى ربكم ترجعون} معناه: إلى قضائه وحكمه). [المحرر الوجيز: 7/ 595]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 21 صفر 1440هـ/31-10-2018م, 10:32 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 21 صفر 1440هـ/31-10-2018م, 10:34 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({اللّه الّذي سخّر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلّكم تشكرون (12) وسخّر لكم ما في السّماوات وما في الأرض جميعًا منه إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون (13) قل للّذين آمنوا يغفروا للّذين لا يرجون أيّام اللّه ليجزي قومًا بما كانوا يكسبون (14) من عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها ثمّ إلى ربّكم ترجعون (15) }
يذكر تعالى نعمه على عبيده فيما سخّر لهم من البحر {لتجري الفلك}، وهي السّفن فيه بأمره تعالى، فإنّه هو الّذي أمر البحر أن يحملها {ولتبتغوا من فضله} أي: في المتاجر والمكاسب، {ولعلّكم تشكرون} أي: على حصول المنافع المجلوبة إليكم من الأقاليم النّائية والآفاق القاصية).[تفسير ابن كثير: 7/ 265]

تفسير قوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى: {وسخّر لكم ما في السّموات وما في الأرض} أي: من الكواكب والجبال، والبحار والأنهار، وجميع ما تنتفعون به، أي: الجميع من فضله وإحسانه وامتنانه؛ ولهذا قال: {جميعًا منه} أي: من عنده وحده لا شريك له في ذلك، كما قال تعالى: {وما بكم من نعمةٍ فمن اللّه ثمّ إذا مسّكم الضّرّ فإليه تجأرون} [النّحل: 53].
وروى ابن جريرٍ من طريق العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وسخّر لكم ما في السّموات وما في الأرض جميعًا منه} كلّ شيءٍ هو من اللّه، وذلك الاسم فيه اسمٌ من أسمائه، فذلك جميعًا منه، ولا ينازعه فيه المنازعون، واستيقن أنّه كذلك.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا محمّد بن خلف العسقلانيّ، حدّثنا الفرياني، عن سفيان، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن أبي أراكة قال: سأل رجلٌ عبد اللّه بن عمرٍو قال: ممّ خلق الخلق؟ قال: من النّور والنّار، والظّلمة والثّرى. قال وائت ابن عبّاسٍ فاسأله. فأتاه فقال له مثل ذلك، فقال: ارجع إليه فسله: ممّ خلق ذلك كلّه؟ فرجع إليه فسأله، فتلا {وسخّر لكم ما في السّموات وما في الأرض جميعًا منه} هذا أثرٌ غريبٌ، وفيه نكارةٌ.
{إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون}). [تفسير ابن كثير: 7/ 266]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {قل للّذين آمنوا يغفروا للّذين لا يرجون أيّام اللّه} أي: يصفحوا عنهم ويحملوا الأذى منهم. وهذا كان في ابتداء الإسلام، أمروا أن يصبروا على أذى المشركين وأهل الكتاب، ليكون ذلك لتأليف قلوبهم، ثمّ لـمّا أصرّوا على العناد شرع اللّه للمؤمنين الجلاد والجهاد. هكذا روي عن ابن عبّاسٍ، وقتادة.
وقال مجاهدٌ [في قوله] {لا يرجون أيّام اللّه} لا يبالون نعم اللّه.
وقوله: {ليجزي قومًا بما كانوا يكسبون} أي: إذا صفحوا عنهم في الدّنيا، فإنّ اللّه مجازيهم بأعمالهم السّيّئة في الآخرة؛ ولهذا قال: {من عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها ثمّ إلى ربّكم ترجعون} أي: تعودون إليه يوم القيامة فتعرضون بأعمالكم [عليه] فيجزيكم بأعمالكم خيرها وشرّها). [تفسير ابن كثير: 7/ 266]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:49 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة