التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (17)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {رسولٌ كريمٌ...}.
أي على ربه كريم، ويكون كريم من قومه؛ لأنه قال: ما بعث نبي إلا وهو في شرف قومه). [معاني القرآن: 3/40]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم}
روى سعيد , عن قتادة قال: ابتليناهم
قال { وجاءهم رسول كريم }: يعني : موسى). [معاني القرآن: 6/401]
تفسير قوله تعالى: {أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أن أدّوا إليّ عباد اللّه...}.
يقول: ادفعوهم إليّ، أرسلوهم معي، وهو قوله: {أرسل معي بني إسرائيل}.
ويقال: { أن أدّوا إليّ يا عباد الله}, والمسألة الأولى نصب فيها العباد بأدوا). [معاني القرآن: 3/40]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ : {ولقد فتنّا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم * أن أدّوا إليّ عباد اللّه إنّي لكم رسول أمين}
{أن أدّوا إليّ عباد اللّه} أن أسلموا إليّ عباد اللّه، يعني بني إسرائيل , كما قال: {فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذّبهم} أي أطلقهم من عذابك.
وجائز أن يكون {عباد اللّه} منصوبا على النداء، فيكون المعنى أن أدّوا إليّ ما أمركم اللّه به , يا عباد اللّه). [معاني القرآن: 4/425]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم}
روى سعيد , عن قتادة قال : {ابتليناهم}
قال: {وجاءهم رسول كريم}: يعني: موسى , قال: {وأن لا تعلوا علي}: أن لا تعتوا
قال : وقوله: {إني آتيكم بسلطان مبين}: أي: بعذر مبين.). [معاني القرآن: 6/401] (م)
تفسير قوله تعالى: {وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {وأن لا تعلوا على اللّه إنّي آتيكم بسلطان مبين (19)}: أي , بحجة واضحة بيّنة تدل على أني نبيّ). [معاني القرآن: 4/425]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم}
روى سعيد عن قتادة قال: ابتليناهم.
قال: { وجاءهم رسول كريم} : يعني موسى , قال : {وأن لا تعلوا علي}: أن لا تعتوا
قال وقوله: {إني آتيكم بسلطان مبين} :أي: بعذر مبين). [معاني القرآن: 6/401] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم}
روى سعيد , عن قتادة قال: {ابتليناهم}
قال: {وجاءهم رسول كريم} , يعني موسى , قال {وأن لا تعلوا علي} : أن لا تعتوا .
قال , وقوله: {إني آتيكم بسلطان مبين} : أي: بعذر مبين). [معاني القرآن: 6/401] (م)
تفسير قوله تعالى: {وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أن ترجمون...}: الرجم ههنا: القتل). [معاني القرآن: 3/40]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({عذت بربّي وربّكم أن ترجمون}: أي : تقتلون). [تفسير غريب القرآن: 402]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الرجم: أصله الرّمي، كقوله تعالى: {وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ}أي مرامي.
ثم يستعار فيوضع موضع القتل، لأنهم كانوا يقتلون بالرّجم.
وروي أنّ ابن آدم قتل أخاه رجما بالحجارة، وقتل رجما بالحجارة، فلما كان أول القتل كذلك، سمّي رجما وإن لم يكن بالحجارة، ومنه قوله تعالى: {لَنَرْجُمَنَّكُمْ} [يس: 18]، أي لنقتلنكم.
وقال: {وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ} [الدخان: 20]، أي تقتلون. وقال: {وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ} [هود: 91] أي قتلناك). [تأويل مشكل القرآن: 508] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وإنّي عذت بربّي وربّكم أن ترجمون} : أي: أن تقتلون). [معاني القرآن: 4/425]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون}
قال قتادة : بالحجارة
قال الفراء: الرجم ههنا : القتل
وروى إسماعيل بن أبي خالد , عن أبي صالح في :{ وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون} , قال : أن يقولوا ساحر , أو كاهن, أو شاعر.). [معاني القرآن: 6/401-402]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَن تَرْجُمُونِ}: أي تقتلوني). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 225]
تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإن لّم تؤمنوا لي فاعتزلون...}.
يقول: فاتركون لا عليّ، ولا لي). [معاني القرآن: 3/ 401-402]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون} :أي: دعوني كفافا لا عليّ ولا لي). [تفسير غريب القرآن: 402]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون (21)}
أي : إن لم تؤمنوا لي فلا تكونوا عليّ ولا معي). [معاني القرآن: 4/426]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون}
أي دعوني كفافا لا لي ولا علي). [معاني القرآن: 6/402]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فاعْتَزِلُونِ}: أي دعوني كفافاً لا علي ولا لي). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 226]
تفسير قوله تعالى: {فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (22)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فدعا ربّه أنّ هؤلاء قومٌ...}.
تفتح {أن}، ولو أضمرت القول فكسرتها لكان صوابا). [معاني القرآن: 3/40]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فدعا ربّه أنّ هؤلاء قوم مجرمون (22)}
من كسر {إنّ} , فالمعنى قال: إن هؤلاء، و{إنّ} بعد القول مكسورة.
ويجوز الفتح على معنى : فدعا ربّه بأنّ هؤلاء). [معاني القرآن: 4/426]
تفسير قوله تعالى: {وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (24) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {واترك البحر رهواً...}.
يقول: ساكنا، قال: وأنشدني أبو ثروان:
كأنمـا أهـل حجـر ينـظـرون مـتـىيـرونــنــي خــارجـــاً طــيـــر تــنــاديــد
طيـرٌ رأت بازيـاً نضـخ الدمـاء بــه أو أمةٌ خرجت رهواً إلى عيد ).
[معاني القرآن: 3/41]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( { واترك البحر رهواً } , ساكناً: يقال: أره على نفسك : أي: ارفق بها ولا تخرق.
يقال: عيشٌ راه، قال بشر بن أبي خازم:
فإن أهلك عمير فربّ زحفٍ يـشـبّـه نـقـعـه رهـــواً ضـبـابــا ).
[مجاز القرآن: 2/208]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {رهوا}: أي ساكنا وجاءت الخيل رهوا ويقال اره على نفسك أي ارفق بها). [غريب القرآن وتفسيره: 336]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({واترك البحر رهواً} : أي : ساكنا). [تفسير غريب القرآن: 402]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {واترك البحر رهوا إنّهم جند مغرقون (24)}
جاء في التفسير { يبسا } كما قال: { فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا}
وقال أهل اللغة: رهوا ساكنا). [معاني القرآن: 4/426]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون}
روى عكرمة , عن ابن عباس قال: رهوا : طريقا
وروى علي بن الحكم , عن الضحاك قال: سهلا .
وروى ابن أبي نجيح, عن مجاهد : {واترك البحر رهوا}: أي ساكنا , لا تأمره أن يرجع إلى ما كان عليه حتى يحصل فيه آخرهم
وروي عن مجاهد أنه قال: رهوا , أي: يابسا
قال أبو جعفر هذه الأقوال متقاربة , ويقال للساكن رهو , كما قال الشاعر:
والـخـيــل تــمـــرغ رهـــــوا فـــــي أعـنـتـهــا كالطير ينجو من الشؤبوب ذي البرد
ويقال : جاء القوم رهوا على نطم واحد). [معاني القرآن: 6/402-404]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ): ({رهوا}: أي: ساكنا). [ياقوتة الصراط: 463]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({رَهْوًا}: أي ساكناً). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 226]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {رَهْوًا}: ساكناً). [العمدة في غريب القرآن: 270]
تفسير قوله تعالى:{ كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {كم تركوا من جنات وعيون (25) وزروع ومقام كريم}
قال الفراء يقال: المنازل الحسنة , ويقال: المنابر). [معاني القرآن: 6/404]
تفسير قوله تعالى: {وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ومقامٍ كريمٍ...}.
يقال: منازل حسنة، ويقال: المنابر...
- حدثني أبو شعيب , عن منصور ابن المعتمر , عن المنهال بن عمرو, عن سعيد بن جبير في قوله: {فما بكت عليهم السّماء والأرض...}, قال: يبكي على المؤمن من الأرض مصلاّه، ويبكي عليه من السماء مصعد عمله.
قال الفراء: وكذلك ذكره حبان , عن الكلبي , عن أبي صالح , عن ابن عباس). [معاني القرآن: 3/41]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {كم تركوا من جنّات وعيون * وزروع ومقام كريم}
جاء في التفسير : أن المقام الكريم يعنى به : المنابر ههنا، وجاء في مقام كريم: أي : في منازل حسنة). [معاني القرآن: 4/426]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {كم تركوا من جنات وعيون * وزروع ومقام كريم}
قال الفراء يقال : المنازل الحسنة , ويقال: المنابر). [معاني القرآن: 6/404](م)
تفسير قوله تعالى: {كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ (28)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله:{كذلك وأورثناها قوما آخرين}
المعنى الأمر كذلك, موضع كذلك رفع على خبر الابتداء المضمر). [معاني القرآن: 4/426]
تفسير قوله تعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فما بكت عليهم السّماء والأرض وما كانوا منظرين}, مبين في كتاب «تأويل المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 403]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ} [الدخان: 29] تقول العرب إذا أرادت تعظيم مهلك رجل عظيم الشأن، رفيع المكان، عامّ النفع، كثير الصنائع: أظلمت الشمس له، وكسف القمر لفقده، وبكته الرّيح والبرق والسماء والأرض.
يريدون المبالغة في وصف المصيبة به، وأنها قد شملت وعمّت. وليس ذلك بكذب، لأنّهم جميعا متواطئون عليه، والسّامع له يعرف مذهب القائل فيه.
وهكذا يفعلون في كل ما أرادوا أن يعظّموه ويستقصوا صفته. ونيّتهم في قولهم: أظلمت الشمس، أي كادت تظلم، وكسف القمر، أي كاد يكسف.
ومعنى كاد: همّ أن يفعل ولم يفعل. وربما أظهروا كاد، قال ابن مفرّغ الحميريّ يرثي رجلا:
الــرِّيــحُ تـبــكِــي شَــجْـــوَهُ والبرق يَلْمَعُ في غَمَامَه
وقال آخر:
الشَّمـسُ طالعـةٌ ليسـت بكاسـفـةٍ تبَكي عليكَ نُجومَ اللَّيلِ والقَمَرا
أراد: الشمس طالعة تبكي عليك، وليست مع طلوعها كاسفة النجوم والقمر، لأنّها مظلمة، وإنما تكسف بضوئها، فنجوم الليل بادية بالنهار.
وهذا كقوله النابغة وذكر يوم حرب:
تبـدوا كواكبـه والشمـس طالـعـة لا النّور نورٌ ولا الإظلامُ إظلام
ونحوه قول طرفة في وصف امرأة:
إِنْ تُـنَــوِّلْــهُ فَـــقَـــد تَـمْـنَــعُــهُ وُتِرِيهِ النَّجْمَ يَجري بالظُّهُر
يقول: تشقّ عليه حتى يظلم نهاره فيرى الكواكب ظهرا.
والعامة تقول: أراني فلانّ الكواكب بالنّهار، إذا برَّح به.
وقال الأعشى:
رجعت لما رمت مستحسرا ترى للكواكب ظُهْرًا وَبِيصَـا
أي: رجعت كئيبا حسيرا، قد أظلم عليك نهارك، فأنت ترى الكواكب تعالي النّهار بريقا.
وقد اختلف الناس في قول الله عز وجل: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} [الدخان: 29].
فذهب به قوم مذاهب العرب في قولهم: بكته الريح والبرق. كأنه يريد أنّ الله عز وجل حين أهلك فرعون وقومه وغرّقهم وأورث منازلهم
وجنّاتهم غيرهم- لم يبك عليهم باك، ولم يجزع جازع، ولم يوجد لهم فقد.
وقال آخرون: أراد: فما بكى عليهم أهل السماء ولا أهل الأرض. فأقام السماء والأرض مقام أهلهما، كما قال تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82]، أراد أهل القرية.
وقال: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [محمد: 4]، أي يضع أهل الحرب السّلاح.
وقال ابن عباس: لكل مؤمن باب في السماء يصعد فيه عمله، وينزل منه رزقه، فإذا مات بكى عليه الباب، وبكت عليه آثاره في الأرض ومصلّاه. والكافر لا يصعد له عمل، ولا يبكي له باب في السماء ولا أثره في الأرض). [تأويل مشكل القرآن: 167-170]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {فما بكت عليهم السّماء والأرض وما كانوا منظرين (29)}
لأنهم ماتوا كفارا، والمؤمنون إذا ماتوا تبكي عليهم السماء والأرض.
فيبكي على المؤمن من الأرض مصلّاه , أي: مكان مصلاه , ومن السماء مكان مصعد عمله , ومنزل رزقه.
وجاء في التفسير :أن الأرض تبكي على المؤمن أربعين صباحا.
وقوله:{وما كانوا منظرين} :أي : ما كانوا مؤخرين بالعذاب). [معاني القرآن: 4/426-427]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين}
روى المسيب بن رافع , عن علي عليه السلام أنه قال : يبكي على المؤمن الباب الذي يصعد منه عمله , ومصلاه من الأرض.
وروى سعيد بن جبير , عن ابن عباس قال: للمؤمن باب يصعد منه عمله, وينزل منه رزقه , فإذا مات بكى عليه , وبكى عليه .
الموضع الذي كان يصلي عليه ولم يكن في آل فرعون خير ولا كان لهم عمل صالح يصعد قال الله تعالى: {فما بكت عليهم السماء والأرض}
و قيل المعنى : فما بكى عليهم أهل السماء وأهل الأرض, كما قال تعالى: {واسأل القرية}
قال أبو جعفر : العرب إذا عظمت هلاك الإنسان قالت: بكت عليه السماء , وأظلمت له الشمس على التمثيل كما قال:
والشمس طالعة ليسـت بكاسفـة تبكي عليك نجوم الليل والقمرا
ثم قال تعالى: {وما كانوا منظرين أي مؤخرين} ). [معاني القرآن: 6/404-406 ]