تفسير قوله تعالى: {لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (75)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {لا يفتّر عنهم وهم فيه مبلسون}: في العذاب.
وفي قراءة عبد الله: {وهم فيها مبلسون}: ذهب إلى جهنم، والمبلس: القانط اليائس من النجاة). [معاني القرآن: 3/37]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وهم فيه مبلسون}: أي: يائسون من رحمة اللّه). [تفسير غريب القرآن: 400]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {لا يفتّر عنهم وهم فيه مبلسون}
(المبلس): الساكت الممسك إمساك يائس من فرج). [معاني القرآن: 4/419]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون} مأخوذ من الفترة والفتور والفتر, والمبلس: المتحير الذي قد يئس من الخير). [معاني القرآن: 6/384-385]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مُبْلِسُونَ} أي: يائسون من رحمة الله). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 222]
تفسير قوله تعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (76)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظّالمين}
جعلت{هم} ها هنا عمادا، فنصب الظالمين، ومن جعلها اسما رفع، وهي في قراءة عبد الله: {ولكن كانوا هم الظّالمون}). [معاني القرآن: 3/37]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظّالمين}
"هم" ههنا فصل كذا يسميها البصريون، وهي تأتي دليلا على أن ما بعدها ليس بصفة لما قبلها، وأن المتكلم يأتي بخبر الأول. ويسميها الكوفيون العماد.
وهي عند البصريين لا موضع لها في رفع, ولا نصب, ولا جرّ، ويزعمون أنها بمنزلة (ما) في قوله سبحانه: {فبما رحمة من اللّه لنت لهم}, وقد فسرت ما في هذا فيما تقدم من الكتاب, ويجوز: {ولكن كانوا هم الظالمون} في غير القرآن، ولكن لا تقرأنّ بها لأنّها تخالف المصحف). [معاني القرآن: 4/419-420]
تفسير قوله تعالى: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وكذلك يحذفون من الكلمة الحرف والشّطر والأكثر، ويبقون البعض والشطر والحرف، يوحون به ويومئون. يقولون: «لم يك»، فيحذفون النون مع حذفهم الواو لاجتماع الساكنين. ويقولون: «لم أبل» يريدون: لم أبال. ويقولون: ولاك افعل كذا، يريدون: ولكن، قال الشاعر:
ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل
ويحذفون في الترخيم، فيقولون: يا صاح، يريدون: يا صاحب، ويا حار، يريدون: يا حارث.
وقرأ بعض المتقدمين: {وَنَادَوْا يَا مَالِ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}، أي يا مالك.
وقال الله تعالى: {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ}، أي ألا يا هؤلاء اسجدوا لله.
ويقولون: عِمْ صباحا، أي أَنْعِمْ). [تأويل مشكل القرآن: 305-306](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربّك قال إنّكم ماكثون}
وقد رويت (يا مال) -بغير كاف، وبكسر اللام- وهذا يسميه النحوّيون الترخيم، وهو كثير في الشعر في مالك وعامر، ولكنني أكرههما لمخالفتهما المصحف). [معاني القرآن: 4/420]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون}
قال مجاهد: ما كنا ندري ما معنى: {ونادوا يا مالك}, حتى وجدنا في قراءة عبد الله: ونادوا (يا مال بن عمرو بن العاص), قال عبد الله: ينادون مالكا أربعين سنة, فيجيبهم بعدها إنكم ماكثون, ثم ينادون رب العزة: {ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون}, فيسكت عنهم مثل عمر الدنيا, ثم يقول:{اخسئوا فيها ولا تكلمون}, قال: فليس بعدها إلا صياح كصياح الحمير أوله زفير, وآخره شهيق). [معاني القرآن: 6/385-386]
تفسير قوله تعالى: {أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (79)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {أم أبرموا أمراً...}
يريد: أبرموا أمرا ينجيهم من عذابنا عند أنفسهم، فإنا مبرمون معذبوهم). [معاني القرآن: 3/38]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({أم أبرموا أمرا}: أم أحكموا). [مجاز القرآن: 2/206]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أم أبرموا أمراً} أي: أحكموه). [تفسير غريب القرآن: 400]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {أم أبرموا أمرا فإنّا مبرمون} أي: أم أحكموا عند أنفسهم أمرا من كيد, أو شرّ, فإنا مبرمون, :محكمون مجازاتهم, كيدا بكيدهم، وشرّا بشرّهم). [معاني القرآن: 4/420]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {أم ابرموا أمرا فإنا مبرمون}
قال مجاهد: أي: أم أجمعوا على كيد, أو شر, فإنا نكيدهم.
قال الفراء: أي: أم أحكموا أمرا ينجيهم من عذابنا على قولهم, فإنا نعذبهم.
قال أبو جعفر: يقال أبرم الأمر إذا بالغ في إحكامه, وأبرم الفاتل إذا أحكم الفتل, وهو الفتل الثاني. والأول سحيل كما قال:
من سحيل ومبرم
ومنه رجل برم إذا كان لا يدخل في الميسر , أو كان ضيق الخلق لا يجتمع مع الناس , كما قال الشاعر:
ولا بـرمــا تــهــدى الـنـســاء لـعـرســه = إذا القشـع مـن بـرد الشتـاء تقعقعـا
وبرمة مــن هــذا = سميت به للإلحاح عليها بالإيقاد ).
[معاني القرآن: 6/386-387]
تفسير قوله تعالى: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (80)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال سبحانه: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ}
و(النّجوى) هو: السر. وقد يجوز أن يكون أراد بالسرّ: ما أسرّوه في أنفسهم، وبالنّجوى: ما تسارّوا به.
وقال ذو الرّمة:
لميـاء فـي شفتيهـا حـوّة لـعـس = وفي اللّثات وفي أنيابها شنب
واللّعس هو: حوّة، فكرّر لما اختلف اللفظان.
ويمكن أن يكون لما ذكر الحوّة، خشي أن يتوهّم السامع سوادا قبيحا، فبيّن أنه لعس، واللعس يستحسن في الشّفاه). [تأويل مشكل القرآن: 240-241]