التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {عباد الرّحمن...}.
قرأها عبد الله بن مسعود وعلقمة، وأصحاب عبد الله: "عباد الرحمن"، وذكر عن عمر (رحمه الله) : أنه قرأها: { عند الرحمن} ، وكذلك عاصم، وأهل الحجاز، وكأنهم أخذوا ذلك من قوله: {إنّ الذين عند ربّك لا يستكبرون عن عبادته} وكل صواب.
وقوله: {أشهدوا خلقهم...}, نصب الألف من "أشهدوا" عاصم، والأعمش، ورفعها أهل الحجاز على تأويل: {أشهدوا خلقهم}؛ لأنه لم يسم فاعله، والمعنى واحد, قرءوا بغير همز يريدون الاستفهام .
قال أبو عبد الله: كذا قال الفراء). [معاني القرآن: 3/29-30]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وجعلوا الملائكة الّذين هم عباد الرّحمن إناثاً} أي: عبيده, يقال: عبد وعبيد وعباد). [تفسير غريب القرآن: 397]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله تعالى: {وجعلوا الملائكة الّذين هم عباد الرّحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون}
الجعل ههنا في معنى القول, والحكم على الشيء, تقول: قد جعلت زيدا أعلم الناس، أي قد وصفته بذلك وحكمت به.
وقوله عزّ وجلّ: { ستكتب شهادتهم}
وتقرأ سنكتب، ويجوز سيكتب، المعنى سيكتب اللّه شهادتهم ولا نعلم أحدا قرأ بها.
والقراءة بالتاء والنون). [معاني القرآن: 4/407]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا}, جعلوا هنا بمعنى وصفوا , وهذا من وجوه جعل التي ذكرها الخليل, وسيبويه كما تقول: جعلت فلانا أعلم الناس أي وصفته بهذا). [معاني القرآن: 6/344]
تفسير قوله تعالى: { وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وقالوا لو شاء الرّحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلّا يخرصون}
المعنى : ما لهم بقولهم إنّ الملائكة بنات اللّه من علم، ولا بجميع ما تخرصوا به). [معاني القرآن: 4/408]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون}
هذه آية مشكلة وقد تكلم فيها العلماء..
- فمن أحسن ما قالوا أن قوله عز وجل: {ما لهم بذلك من علم} مردود إلى قوله: {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا}
فالمعنى إن الله جل وعز لم يرد عليهم قولهم: {لو شاء الرحمن ما عبدناهم}, وإنما المعنى ما لهم بقولهم الملائكة بنات الله من علم وما بعده يدل على أن المعنى على هذا لأن بعده {أم آتيناهم كتابا من قبله} أي: أم أنزلنا عليهم كتابا فيه هذا
- وفي الآية قول آخر: وهو أن معنى ما لهم بذلك من علم: ما لهم عذر في هذا لأنهم رأوا أن ذلك عذر لهم فرد الله ذلك عليهم, فالرد محمول على المعنى , وقوله: {أم آتيناهم كتابا}). [معاني القرآن: 6/344-345]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({إِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ} أي: إلا يكذبون). [ياقوتة الصراط: 459]
تفسير قوله تعالى: {أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (21)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون}
أي: أم هل قالوا عن كتاب؟
المعنى: أشهدوا خلقهم أم آتيناهم بكتاب بما قالوه من عبادتهم ما يعبدون من دون اللّه). [معاني القرآن: 4/408]
تفسير قوله تعالى: { بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {بل قالوا إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ...}.
قرأها القراء بضم الألف من {أمّة}, وكسرها مجاهد، وعمر بن عبد العزيز، وكأن (الإمّة) مثل السنة والملة، وكأن (الإمّة) الطريقة: والمصدر من أممت القوم، فإن العرب تقول: ما أحسن إمته وعمّته وجلسته إذا كان مصدرا، والإمة أيضا الملك والنعيم. قال عدي:
ثم بعد الفلاح والملك والإمّة = وارثـــــهــــــم هـــــنــــــاك الـــقــــبــــور
فكأنه أراد: إمامة الملك ونعيمه.
وقوله: {وإنّا على آثارهم مّهتدون...} و{مّقتدون...}.
رفعتا ولو كانتا نصبا لجاز ذلك؛ لأنّ الوقوف يحسن دونهما، فتقول للرجل: فدمت ونحن بالأثر متبعين ومتبعون). [معاني القرآن: 3/30]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({على أمّةٍ}: على ملة واستقامة). [مجاز القرآن: 2/203]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({آباءنا على أمة}: أي على استقامة، وقرئت {أمة} بهذا المعنى، أي على حال). [غريب القرآن وتفسيره: 333]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ} أي: على دين واحد). [تفسير غريب القرآن: 397]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والأمّة: الدّين، قال تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} أي: على دين.
قال النابغة:
حلفتُ فَلَمْ أتركْ لنفسـكَ رِيبَـةً = وهل يَأْثَمَن ذُو أُمَّةٍ وهو طائعُ؟
أي: ذو دين.
والأصل أنه يقال للقوم يجتمعون على دين واحد: أمة، فتقام الأمة مقام الدين، ولهذا قيل للمسلمين: أمّة محمد، صلّى الله عليه وسلم، لأنهم على أمر واحد، قال تعالى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} مجتمعة على دين وشريعة.
وقال الله عز وجل: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} أي: مجتمعة على الإسلام). [تأويل مشكل القرآن: 446]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (ثم أعلم اللّه -عزّ وجلّ– أن فعلهم اتباع ضلالة آبائهم فقال:{ بل قالوا إنّا وجدنا آباءنا على أمّة وإنّا على آثارهم مهتدون}
ويقرأ (على إمّة): بالكسر، فالمعنى على طريقة). [معاني القرآن: 4/408]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة}
وقرأ مجاهد وعمر بن عبد العزيز: (على إمة), قال الكسائي: هما لغتان بمعنى واحد
قال أبو جعفر المعروف في اللغة أن الإمة بالكسر الطريقة من الدين والمذهب كما قال:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة = وهل يأثمن ذو امة وهو طائـع
والأمة السنة والملة, وقد يكون لها غير هذا المعنى, وقد تكون الإمة بمعنى الملك والتمام كما قال:
ثم بعد الفلاح والملك والإمة = وارتـــهـــمـــوا هــــنـــــاك الـــقـــبــــور
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد: {إنا وجدنا آباءنا على أمة}: على ملة.
وقوله جل وعز: {وإنا على آثارهم مهتدون}
يجوز أن يكون خبرا بعد خبر, ويجوز أن يكون المعنى: مهتدون على آثارهم). [معاني القرآن: 6/345-347]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({على أمة}: أي: على دين). [ياقوتة الصراط: 459]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({عَلَى أُمَّةٍ} أي على دين واحد). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 222]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({على أمة}: حال). [العمدة في غريب القرآن: 268]تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ} أي : على دين واحد). [تفسير غريب القرآن: 397](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلّا قال مترفوها إنّا وجدنا آباءنا على أمّة وإنّا على آثارهم مقتدون}
أي : قد قال لك هؤلاء كما قال أمثالهم للرسل من قبلك.
وقوله: {وإنّا على آثارهم مقتدون}
معناه نقتدي بهم، ويصلح أن يكون خبرا لإنا مهتدون، و{على} من صلة مهتدين، وكذلك مقتدون، فيكون المعنى وإنهم مهتدون على آثارهم، وكذلك يكون المعنى مقتدون على آثارهم، ويصلح أن يكون خبرا بعد خبر، فيكون{وإنّا على آثارهم} الخبر, ويكون{مهتدون}خبرا ثانيا، وكذلك {مقتدون}). [معاني القرآن: 4/408]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم أخبر جل وعز: أن الأنبياء قبله قد قيل لهم مثل هذا فقال: {وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون}). [معاني القرآن: 6/347]
تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آَبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ :{قال أولو جئتكم بأهدى ممّا وجدتم عليه آباءكم قالوا إنّا بما أرسلتم به كافرون}
المعنى فيه : قل أتتبعون ما وجدتم عليه آباءكم , وإن جئتكم بأهدى منه). [معاني القرآن: 4/408]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {قل أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم}
المعنى: أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم أقمتم على ما كان عليه آباؤكم). [معاني القرآن: 6/347-348]
تفسير قوله تعالى: {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25)}