العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الزخرف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 04:19 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير سورة الزخرف [من الآية(19)إلى الآية(25)]

{وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19) وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20) أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (21) بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22)وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آَبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25) }



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 04:20 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وجعلوا الملائكة الّذين هم عباد الرّحمن إناثًا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون}.
يقول تعالى ذكره: وجعل هؤلاء المشركون باللّه ملائكته الّذين هم عباد الرّحمن.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء المدينة الّذين هم عند الرّحمن بالنّون، فكأنّهم تأوّلوا في ذلك قول اللّه جلّ ثناؤه: {إنّ الّذين عند ربّك لا يستكبرون} فتأويل الكلام على هذه القراءة: وجعلوا ملائكة اللّه الّذين هم عنده يسبّحونه ويقدّسونه إناثًا، فقالوا: هم بنات اللّه جهلاً منهم بحقّ اللّه، وجرأةً منهم على قيل الكذب والباطل.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة والبصرة {وجعلوا الملائكة الّذين هم عباد الرّحمن إناثًا} بمعنى: جمع عبدٍ فمعنى الكلام على قراءة هؤلاء: وجعلوا ملائكة اللّه الّذين هم خلقه وعباده بنات اللّه، فأنّثوهم بوصفهم إيّاهم بأنّهم إناثٌ.
والصّواب من القول في ذلك عندي أنّهما قراءتان معروفتان في قراءة الأمصار صحيحتا المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ، وذلك أنّ الملائكة عباد اللّه وعنده.
واختلفوا أيضًا في قراءة قوله: {أشهدوا خلقهم} فقرأ ذلك بعض قرّاء المدينة: (أأشهدوا خلقهم) بضمّ الألف على وجه ما لم يسمّ فاعله، بمعنى: أأشهد اللّه هؤلاء المشركين الجاعلين ملائكة اللّه إناثًا، خلق ملائكته الّذين هم عنده، فعلموا ما هم، وأنّهم إناثٌ، فوصفوهم بذلك، لعلمهم بهم، وبرؤيتهم إيّاهم؟ ثمّ ردّ ذلك إلى ما لم يسمّ فاعله وقرأه بعد عامّة قرأة الحجاز الكوفة والبصرة: {أشهدوا خلقهم} بفتح الألف، بمعنى: أشهدوا هم ذلك فعلموه؟
والصّواب من القول في ذلك عندي أنّهما قراءتان معروفتان، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ.
وقوله: {ستكتب شهادتهم} يقول تعالى ذكره: ستكتب شهادة هؤلاء القائلين: الملائكة بنات اللّه في الدّنيا، بما شهدوا به عليهم، ويسألون عن شهادتهم تلك في الآخرة أن يأتوا ببرهانٍ على حقيقتها، ولن يجدوا إلى ذلك سبيلاً). [جامع البيان: 20/566-567]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ) : (حدّثنا الحاكم أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الحافظ إملاءً في شوّالٍ سنة أربع مائةٍ أنبأ أبو عونٍ محمّد بن أحمد الخزّاز بمكّة، ثنا محمّد بن عليّ بن زيدٍ، ثنا سعيد بن منصورٍ، ثنا أبو عوانة عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قال: قلت لابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما: وجعلوا الملائكة الّذين هم عباد الرّحمن أو عبد الرّحمن؟ فقال: عباد الرّحمن. قلت: هو في مصحفي عبد الرّحمن قال: «فامحها واكتب عباد الرّحمن» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/485]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 19 - 25
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا} قال: قد قال ذلك أناس من الناس ولا نعلمهم إلا اليهود: إن الله عز وجل صاهر الجن فخرجت من بنيه الملائكة). [الدر المنثور: 13/193-194]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: كنت أقرأ هذا الحرف {الذين هم عباد الرحمن إناثا} فسألت ابن عباس فقال: {عباد الرحمن} قلت: فإنها في مصحفي عند الرحمن قال: فامحها واكتبها {عباد الرحمن} بالألف والباء، وقال: أتاني رجل اليوم وددت أنه لم يأتني فقال: كيف تقرأ هذا الحرف {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا} قال: أن أناسا يقرأون الذين هم عند الرحمن فسكت عنه فقلت: اذهب إلى أهلك). [الدر المنثور: 13/194]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه أنه قرأها الذين هم عند الرحمن بالنون). [الدر المنثور: 13/194]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وابن المنذر عن مروان وجعلوا الملائكة عند الرحمن إناثا ليس فيه {الذين هم} ). [الدر المنثور: 13/195]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {عباد الرحمن} بالألف والباء {أشهدوا خلقهم} بنصبهم الألف والشين {ستكتب} بالتاء ورفع التاء). [الدر المنثور: 13/195]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :( {لو شاء الرّحمن ما عبدناهم} [الزخرف: 20] : «يعنون الأوثان» ، يقول اللّه تعالى: {ما لهم بذلك من علمٍ} [الزخرف: 20] : «أي الأوثان، إنّهم لا يعلمون» ). [صحيح البخاري: 6/130]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقالوا لو شاء الرّحمن ما عبدناهم يعنون الأوثان يقول اللّه تعالى ما لهم بذلك من علم الأوثان إنّهم لا يعلمون وصله الفريابيّ من طريق مجاهدٍ في قوله وقالوا لو شاء الرّحمن ما عبدناهم قال الأوثان قال اللّه ما لهم بذلك من علم إن هم إلّا يخرصون ما تعلمون قدرة اللّه على ذلك والضّمير في قوله مالهم بذلك من علم للكفّار أي ليس لهم علمٌ بما ذكروه من المشيئة ولا برهان معهم على ذلك إنّما يقولونه ظنًّا وحسبانًا أو الضّمير للأوثان ونزّلهم منزلة من يعقل ونفى عنهم علم ما يصنع المشركون من عبادتهم). [فتح الباري: 8/567]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأما أقوال مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 5 الزخرف {أفنضرب عنكم الذّكر صفحا} قال تكذبون بالقرآن فلا تعاقبون فيه
وفي قوله 8 الزخرف {ومضى مثل الأوّلين} قال سننهم
وفي قوله 13 الزخرف {وما كنّا له مقرنين} الإبل والخيل والبغال والحمير
وفي قوله 18 الزخرف {أو من ينشأ في الحلية} قال الجواري جعلتموهن للرحمن ولدا فكيف تحكمون
وفي قوله 20 الزخرف {لو شاء الرّحمن ما عبدناهم} قال الأوثان قال الله 20 الزخرف {ما لهم بذلك من علم إن هم إلّا يخرصون} ما يعلمون قدرة الله على ذلك). [تغليق التعليق: 4/306] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( {لو شاء الرّحمان ما عبدناهم} يعنون الأوثان يقول الله تعالى: {ما لهم بذلك من علم} (الزخرف: 20) أي الأوثان إنّهم لا يعلمون.
أشار به إلى قوله تعالى: {وقالوا لو شاء الرحمان ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلّا يخرصون} ، قوله: (يعنون الأوثان) ، هو قول مجاهد، وقال قتادة: يعنون الملائكة والضّمير في: ما عبدناهم، يرجع إلى الأوثان عند عامّة المفسّرين، ونزلت منزلة من يعقل فذكر الضّمير. قوله: (ما لهم بذلك) ، أي: فيما يقولون: (إن هم ألا يخرصون) أي: يكذبون). [عمدة القاري: 19/159]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({لو شاء الرحمن ما عبدناهم}) [الزخرف: 20] (يعنون الأوثان) وقال قتادة يعنون الملائكة والمعنى وإنما لم يعجل عقوبتنا على عبادتنا إياهم لرضاه منا بعبادتها (يقول الله تعالى) وللأصيلي بقول الله تعالى بالموحدة ولأبي ذر وابن عساكر لقول الله عز وجل ({ما لهم بذلك من علم}) أي (الأوثان أنهم لا يعلمون) نزل الأوثان منزلة من يعقل ونفى عنهم علم ما يصنع المشركون من عبادتهم وقيل الضمير للكفار أي ليس لهم علم ما ذكروهم من قولهم إن الله رضي عنا لعبادتنا وسقط للأصيلي أنهم). [إرشاد الساري: 7/332-333]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقالوا لو شاء الرّحمن ما عبدناهم مّا لهم بذلك من علمٍ إن هم إلاّ يخرصون (20) أم آتيناهم كتابًا من قبله فهم به مستمسكون}.
يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء المشركون من قريشٍ: لو شاء الرّحمن ما عبدنا أوثاننا الّتي نعبدها من دونه، وإنّما لم يحلّ بنا عقوبةً على عبادتنا إيّاها لرضاه منّا بعبادتناها.
- كما حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {لو شاء الرّحمن ما عبدناهم} للأوثان، يقول اللّه: {مّا لهم بذلك من علمٍ}.
وقوله: {مّا لهم بذلك من علمٍ} يقول: ما لهم بحقيقة ما يقولون من ذلك من علمٍ، وإنّما يقولونه تخرّصًا وتكذّبًا، لأنّهم لا خبر عندهم منّي بذلك ولا برهان، وإنّما يقولونه ظنًّا وحسبانًا {إن هم إلاّ يخرصون} يقول: ما هم إلاّ متخرّصون هذا القول الّذي قالوه، وذلك قولهم {لو شاء الرّحمن ما عبدناهم}.
وكان مجاهدٌ يقول في تأويل ذلك ما:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثنا الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {إن هم إلاّ يخرصون} ما يعلمون قدرة اللّه على ذلك). [جامع البيان: 20/568]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله لو شاء الرحمن ما عبدناهم يعنون الأوثان يقول الله عز وجل ما لهم بذلك من علم يعني الأوثان إنهم لا يعلمون). [تفسير مجاهد: 580]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد إن هم إلا يخرصون يقول لم يعلموا قدرة الله عز وجل على ذلك). [تفسير مجاهد: 581]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد في قوله: {وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم} قال: يعنون الأوثان لأنهم عبدوا الأوثان يقول الله: {ما لهم بذلك من علم} يعني الأوثان أنهم لا يعلمون {إن هم إلا يخرصون} قال: يعلمون قدرة الله على ذلك). [الدر المنثور: 13/195]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم} قال: عبدوا الملائكة). [الدر المنثور: 13/195-196]

تفسير قوله تعالى: (أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (21) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {أم آتيناهم كتابًا من قبله} يقول تعالى ذكره: ما أآتينا هؤلاء المتخرّصين القائلين لو شاء الرّحمن ما عبدنا الآلهة كتابًا بحقيقة ما يقولون من ذلك، من قبل هذا القرآن الّذي أنزلناه إليك يا محمّد {فهم به مستمسكون} يقول: فهم بذلك الكتاب الّذي جاءهم من عندي من قبل هذا القرآن مستمسكون يعملون به، ويدينون بما فيه، ويحتجّون به عليك؟). [جامع البيان: 20/569]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {أم آتيناهم كتابا من قبله} قال: قبل هذا الكتاب). [الدر المنثور: 13/196]

تفسير قوله تعالى: (بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :(وقال مجاهدٌ: {على أمّةٍ} [الزخرف: 22] : «على إمامٍ» ). [صحيح البخاري: 6/130]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله على أمّةٍ على إمامٍ كذا للأكثر وفي رواية أبي ذرٍّ وقال مجاهدٌ فذكره والأوّل أولى وهو قول أبي عبيدة وروى عبد بن حميدٍ من طريق ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قوله على أمّةٍ قال على ملّةٍ وروى الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ في قوله على أمّةٍ أي على دينٍ ومن طريق السّدّيّ مثله). [فتح الباري: 8/565-566]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مجاهد على أمة على إمام وقيله يا رب تفسيره أتحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم ولا نسمع قيلهم
قال عبد بن حميد ثنا شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 22 الزخرف {إنّا وجدنا آباءنا على أمة} قال على ملّة
وقال ابن أبي حاتم .....). [تغليق التعليق: 4/304]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (على أمّةٍ على إمامٍ
أشار به إلى قوله تعالى {بل قالوا إنّا وجدنا آباءنا على أمة وإنّا على آثارهم مهتدون} (الزخرف: 22) كذا وقع في رواية الأكثرين، وفي رواية أبي ذر. وقال مجاهد: فذكره. فقال بعضهم: والأول أولى. قلت: ليت شعري ما وجه الأولويّة، وفسّر الأمة بالإمام، وكذا فسره أبو عبيدة، وروى عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد على ملّة، وروى الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس، على أمة. أي: على دين، ومن طريق السّديّ مثله). [عمدة القاري: 19/157]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال مجاهد) في قوله: ({على أمة})، من قوله: {إنّا وجدنا آباءنا على أمة} [الزخرف: 22] أي (على إمام) كذا فسره أبو عبيدة عند عبد بن حميد عن مجاهد على ملة وعن ابن عباس عند الطبري على دين). [إرشاد الساري: 7/331]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {بل قالوا إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ وإنّا على آثارهم مّهتدون}.
يقول تعالى ذكره: ما آتينا هؤلاء القائلين: لو شاء الرّحمن ما عبدنا هؤلاء الأوثان بالأمر بعبادتها، كتابًا من عندنا، ولكنّهم قالوا: وجدنا آباءنا الّذين كانوا قبلنا يعبدونها، فنحن نعبدها كما كانوا يعبدونها.
وعنى جلّ ثناؤه بقوله: {بل قالوا إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ} بل وجدنا آباءنا على دينٍ وملّةٍ، وذلك هو عبادتهم الأوثان.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {على أمّةٍ} ملّةٍ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ} يقول: وجدنا آباءنا على دينٍ.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ} قال: قد قال ذلك مشركو قريشٍ: إنّا وجدنا آباءنا على دينٍ.
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، {قالوا إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ} قال: على دينٍ.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {على أمّةٍ} فقرأته عامّة قرّاء الأمصار {على أمّةٍ} بضمّ الألف بالمعنى الّذي وصفت من الدّين والملّة والسّنّة.
وذكر عن مجاهدٍ وعمر بن عبد العزيز أنّهما قرآه (على إمّةٍ) بكسر الألف.
وقد اختلف في معناها إذا كسرت ألفها، فكان بعضهم يوجّه تأويلها إذا كسرت، إلى أنّها الطّريقة وأنّها مصدرٌ من قول القائل: أممت القوم فأنا أؤمّهم إمّةً وذكر عن العرب سماعًا: ما أحسن عمّته وإمّته وجلسته إذا كان مصدرًا ووجّهه بعضهم إذا كسرت ألفها إلى أنّها الإمّة الّتي بمعنى النّعيم والملك، كما قال عديّ بن زيدٍ:
ثمّ بعد الفلاح والملك والإمّـ = ـة وارتهم هناك القبور
وقال: أراد إمامة الملك ونعيمه.
وقال بعضهم: الأمّة بالضّمّ، والإمّة بالكسر بمعنًى واحدٍ.
والصّواب من القراءة في ذلك الّذي لا أستجيز غيره: الضّمّ في الألف لإجماع الحجّة من قرّاء الأمصار عليه وأمّا الّذين كسروها فإنّي لا أراهم قصدوا بكسرها إلاّ معنى الطّريقة والمنهاج، على ما ذكرناه قبل، لا النّعمة والملك، لأنّه لا وجه لأن يقال: إنّا وجدنا آباءنا على نعمةٍ ونحن لهم متّبعون في ذلك، لأنّ الاتّباع إنّما يكون في الملل والأديان وما أشبه ذلك لا في الملك والنّعمة، لأنّ الاتّباع في الملك ليس بالأمر الّذي يصل إليه كلّ من أراده.
وقوله: {وإنّا على آثارهم مهتدون} يقول: وإنّا على آثار آبائنا فيما كانوا عليه من دينهم مهتدون، يعني: لهم متّبعون على منهاجهم.
- كما حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {وإنّا على آثارهم مهتدون} يقول: إنّا على دينهم.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وإنّا على آثارهم مهتدون} يقول: وإنّا متّبعوهم على ذلك). [جامع البيان: 20/569-572]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله إنا وجدنا آباءنا على أمة أي على ملة وإنا على آثارهم مقتدون أي نقتدي بفعلهم). [تفسير مجاهد: 581]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة} قال: على دين). [الدر المنثور: 13/196]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل: {إنا وجدنا آباءنا على أمة} قال: على ملة غير الملة التي تدعونا إليها، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم أما سمعت نابغة بني ذبيان وهو يعتذر إلى النعمان بن المنذر ويقول:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة * وهل يأثمن ذو أمة وهو طائع). [الدر المنثور: 13/196]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون} قال: قد قال: ذلك مشركو قريش: إنا وجدنا آباءنا على دين وإنا متبعوهم على ذلك). [الدر المنثور: 13/196]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون} قال: بفعلهم). [الدر المنثور: 13/196-197]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه قال: الأمة في القرآن على وجوه (واذكر بعد أمة) (يوسف الآية 45) قال: بعد حين، (ووجد عليه أمة من الناس يسقون) (يوسف الآية 23) قال: جماعة من الناس {إنا وجدنا آباءنا على أمة} قال: على دين، ورفع الألف في كلها، وقرأ {قال أولو جئتكم} بغير ألف بالتاء). [الدر المنثور: 13/197]

تفسير قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى إلا قال مترفوها قال مترفوها رؤوسهم وأشرافهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/195]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قريةٍ من نذيرٍ إلاّ قال مترفوها إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ وإنّا على آثارهم مقتدون}.
يقول تعالى ذكره: وهكذا كما فعل هؤلاء المشركون من قريشٍ فعل من قبلهم من أهل الكفر باللّه، وقالوا مثل قولهم، لم نرسل من قبلك يا محمّد {في قريةٍ} يعني إلى أهلها {من نذيرٍ} ينذرهم عقابنا على كفرهم بنا فأنذروهم وحذّروهم سخطنا، وحلول عقوبتنا بهم {إلاّ قال مترفوها}، وهم رؤساؤهم وكبراؤهم.
- كما حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {إلاّ قال مترفوها} قال: رؤساؤهم وأشرافهم.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قريةٍ من نذيرٍ إلاّ قال مترفوها} قادتهم ورءوسهم في الشّرك.
وقوله: {إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ} يقول: قالوا: إنّا وجدنا آباءنا على ملّةٍ ودينٍ {وإنّا على آثارهم} يعني: وإنّا على منهاجهم وطريقتهم مقتدون بفعلهم نفعل كالّذي فعلوا، ونعبد ما كانوا يعبدون؛ يقول جلّ ثناؤه لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: فإنّما سلك مشركو قومك منهاج من قبلهم من إخوانهم من أهل الشّرك باللّه في إجابتهم إيّاك بما أجابوك به، وردّهم ما ردّوا عليك من النّصيحة، واحتجاجهم بما احتجّوا به لمقامهم على دينهم الباطل.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وإنّا على آثارهم مقتدون} قال بفعلهم.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وإنّا على آثارهم مقتدون} فاتّبعوهم على ذلك). [جامع البيان: 20/572-573]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آَبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال أولو جئتكم بأهدى ممّا وجدتم عليه آباءكم قالوا إنّا بما أرسلتم به كافرون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد لهؤلاء المشركين من قومك، القائلين: {إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ وإنّا على آثارهم مهتدون}: أولو جئتكم أيّها القوم من عند ربّكم بأهدى لكم إلى طريق الحقّ، وأدلّ لكم على سبيل الرّشاد، {ممّا وجدتم} أنتم عليه آباءكم من الدّين والملّة {قالوا إنّا بما أرسلتم به كافرون} يقول: فقال ذلك لهم، فأجابوه بأن قالوا له كما قال الّذين من قبلهم من الأمم المكذّبة رسلها لأنبيائها: إنّا بما أرسلتم به يا أيّها القوم كافرون، يعني: جاحدون منكرون.
وقرأ ذلك قرّاء الأمصار سوى أبي جعفرٍ {قال أولو جئتكم} بالتّاء.
وذكر عن أبي جعفرٍ القارئ أنّه قرأه (قل أو لو جئناكم) بالنّون والألف.
والقراءة عندنا ما عليه قرّاء الأمصار لإجماع الحجّة عليه). [جامع البيان: 20/573-574]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه قال: الأمة في القرآن على وجوه (واذكر بعد أمة) (يوسف الآية 45) قال: بعد حين، (ووجد عليه أمة من الناس يسقون) (يوسف الآية 23) قال: جماعة من الناس {إنا وجدنا آباءنا على أمة} قال: على دين، ورفع الألف في كلها، وقرأ {قال أولو جئتكم} بغير ألف بالتاء). [الدر المنثور: 13/197] (م)

تفسير قوله تعالى: (فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذّبين}.
يقول تعالى ذكره: فانتقمنا من هؤلاء المكذّبة رسلها من الأمم الكافرة بربّها، بإحلالنا العقوبة بهم، فانظر يا محمّد كيف كان عقبى أمرهم، إذ كذّبوا بآيات اللّه ويعني بقوله: {عاقبة المكذّبين} آخر أمر الّذين كذّبوا رسل اللّه إلام صار، يقول: ألم نهلكهم فنجعلهم عبرةً لغيرهم؟.
- كما حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذّبين} قال: شرٌّ واللّه، أخذهم بخسفٍ وغرقٍ، ثمّ أهلكهم فأدخلهم النّار). [جامع البيان: 20/574]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين} قال: شر والله كان عاقبتهم أخذهم بخسف وغرق فأهلكهم الله ثم أدخلهم النار). [الدر المنثور: 13/197]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 04:22 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {عباد الرّحمن...}.
قرأها عبد الله بن مسعود وعلقمة، وأصحاب عبد الله: "عباد الرحمن"، وذكر عن عمر (رحمه الله) : أنه قرأها: { عند الرحمن} ، وكذلك عاصم، وأهل الحجاز، وكأنهم أخذوا ذلك من قوله: {إنّ الذين عند ربّك لا يستكبرون عن عبادته} وكل صواب.
وقوله: {أشهدوا خلقهم...}, نصب الألف من "أشهدوا" عاصم، والأعمش، ورفعها أهل الحجاز على تأويل: {أشهدوا خلقهم}؛ لأنه لم يسم فاعله، والمعنى واحد, قرءوا بغير همز يريدون الاستفهام .
قال أبو عبد الله: كذا قال الفراء). [معاني القرآن: 3/29-30]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وجعلوا الملائكة الّذين هم عباد الرّحمن إناثاً} أي: عبيده, يقال: عبد وعبيد وعباد). [تفسير غريب القرآن: 397]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله تعالى: {وجعلوا الملائكة الّذين هم عباد الرّحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون}
الجعل ههنا في معنى القول, والحكم على الشيء, تقول: قد جعلت زيدا أعلم الناس، أي قد وصفته بذلك وحكمت به.
وقوله عزّ وجلّ: { ستكتب شهادتهم}
وتقرأ سنكتب، ويجوز سيكتب، المعنى سيكتب اللّه شهادتهم ولا نعلم أحدا قرأ بها.
والقراءة بالتاء والنون). [معاني القرآن: 4/407]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا}, جعلوا هنا بمعنى وصفوا , وهذا من وجوه جعل التي ذكرها الخليل, وسيبويه كما تقول: جعلت فلانا أعلم الناس أي وصفته بهذا). [معاني القرآن: 6/344]

تفسير قوله تعالى: { وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وقالوا لو شاء الرّحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلّا يخرصون}
المعنى : ما لهم بقولهم إنّ الملائكة بنات اللّه من علم، ولا بجميع ما تخرصوا به). [معاني القرآن: 4/408]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون}
هذه آية مشكلة وقد تكلم فيها العلماء..
- فمن أحسن ما قالوا أن قوله عز وجل: {ما لهم بذلك من علم} مردود إلى قوله: {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا}
فالمعنى إن الله جل وعز لم يرد عليهم قولهم: {لو شاء الرحمن ما عبدناهم}, وإنما المعنى ما لهم بقولهم الملائكة بنات الله من علم وما بعده يدل على أن المعنى على هذا لأن بعده {أم آتيناهم كتابا من قبله} أي: أم أنزلنا عليهم كتابا فيه هذا
- وفي الآية قول آخر: وهو أن معنى ما لهم بذلك من علم: ما لهم عذر في هذا لأنهم رأوا أن ذلك عذر لهم فرد الله ذلك عليهم, فالرد محمول على المعنى , وقوله: {أم آتيناهم كتابا}). [معاني القرآن: 6/344-345]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({إِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ} أي: إلا يكذبون). [ياقوتة الصراط: 459]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (21)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون}
أي: أم هل قالوا عن كتاب؟
المعنى: أشهدوا خلقهم أم آتيناهم بكتاب بما قالوه من عبادتهم ما يعبدون من دون اللّه). [معاني القرآن: 4/408]

تفسير قوله تعالى: { بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {بل قالوا إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ...}.
قرأها القراء بضم الألف من {أمّة}, وكسرها مجاهد، وعمر بن عبد العزيز، وكأن (الإمّة) مثل السنة والملة، وكأن (الإمّة) الطريقة: والمصدر من أممت القوم، فإن العرب تقول: ما أحسن إمته وعمّته وجلسته إذا كان مصدرا، والإمة أيضا الملك والنعيم. قال عدي:
ثم بعد الفلاح والملك والإمّة = وارثـــــهــــــم هـــــنــــــاك الـــقــــبــــور
فكأنه أراد: إمامة الملك ونعيمه.
وقوله: {وإنّا على آثارهم مّهتدون...} و{مّقتدون...}.
رفعتا ولو كانتا نصبا لجاز ذلك؛ لأنّ الوقوف يحسن دونهما، فتقول للرجل: فدمت ونحن بالأثر متبعين ومتبعون). [معاني القرآن: 3/30]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({على أمّةٍ}: على ملة واستقامة). [مجاز القرآن: 2/203]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({آباءنا على أمة}: أي على استقامة، وقرئت {أمة} بهذا المعنى، أي على حال). [غريب القرآن وتفسيره: 333]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ} أي: على دين واحد). [تفسير غريب القرآن: 397]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والأمّة: الدّين، قال تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} أي: على دين.
قال النابغة:

حلفتُ فَلَمْ أتركْ لنفسـكَ رِيبَـةً = وهل يَأْثَمَن ذُو أُمَّةٍ وهو طائعُ؟
أي: ذو دين.
والأصل أنه يقال للقوم يجتمعون على دين واحد: أمة، فتقام الأمة مقام الدين، ولهذا قيل للمسلمين: أمّة محمد، صلّى الله عليه وسلم، لأنهم على أمر واحد، قال تعالى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} مجتمعة على دين وشريعة.
وقال الله عز وجل: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}
أي: مجتمعة على الإسلام).
[تأويل مشكل القرآن: 446]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (ثم أعلم اللّه -عزّ وجلّ– أن فعلهم اتباع ضلالة آبائهم فقال:{ بل قالوا إنّا وجدنا آباءنا على أمّة وإنّا على آثارهم مهتدون}
ويقرأ (على إمّة): بالكسر، فالمعنى على طريقة). [معاني القرآن: 4/408]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة}
وقرأ مجاهد وعمر بن عبد العزيز: (على إمة), قال الكسائي: هما لغتان بمعنى واحد
قال أبو جعفر المعروف في اللغة أن الإمة بالكسر الطريقة من الدين والمذهب كما قال:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة = وهل يأثمن ذو امة وهو طائـع
والأمة السنة والملة, وقد يكون لها غير هذا المعنى, وقد تكون الإمة بمعنى الملك والتمام كما قال:
ثم بعد الفلاح والملك والإمة = وارتـــهـــمـــوا هــــنـــــاك الـــقـــبــــور
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد: {إنا وجدنا آباءنا على أمة}: على ملة.
وقوله جل وعز: {وإنا على آثارهم مهتدون}
يجوز أن يكون خبرا بعد خبر, ويجوز أن يكون المعنى: مهتدون على آثارهم). [معاني القرآن: 6/345-347]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({على أمة}: أي: على دين). [ياقوتة الصراط: 459]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({عَلَى أُمَّةٍ} أي على دين واحد). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 222]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({على أمة}: حال). [العمدة في غريب القرآن: 268]
تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ} أي : على دين واحد). [تفسير غريب القرآن: 397](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلّا قال مترفوها إنّا وجدنا آباءنا على أمّة وإنّا على آثارهم مقتدون}
أي : قد قال لك هؤلاء كما قال أمثالهم للرسل من قبلك.
وقوله: {وإنّا على آثارهم مقتدون}
معناه نقتدي بهم، ويصلح أن يكون خبرا لإنا مهتدون، و{على} من صلة مهتدين، وكذلك مقتدون، فيكون المعنى وإنهم مهتدون على آثارهم، وكذلك يكون المعنى مقتدون على آثارهم، ويصلح أن يكون خبرا بعد خبر، فيكون{وإنّا على آثارهم} الخبر, ويكون{مهتدون}خبرا ثانيا، وكذلك {مقتدون}). [معاني القرآن: 4/408]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم أخبر جل وعز: أن الأنبياء قبله قد قيل لهم مثل هذا فقال: {وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون}). [معاني القرآن: 6/347]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آَبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ :{قال أولو جئتكم بأهدى ممّا وجدتم عليه آباءكم قالوا إنّا بما أرسلتم به كافرون}
المعنى فيه : قل أتتبعون ما وجدتم عليه آباءكم , وإن جئتكم بأهدى منه). [معاني القرآن: 4/408]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {قل أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم}
المعنى: أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم أقمتم على ما كان عليه آباؤكم). [معاني القرآن: 6/347-348]

تفسير قوله تعالى: {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25)}

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 04:25 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما قول الله عز وجل: {وأرسلناه إلى مائة ألفٍ أو يزيدون} فإن قوماً من النحويين يجعلون أو في هذا الموضع بمنزلة بل. وهذا فاسدٌ عندنا من وجهين: أحدهما: أن أو لو وقعت في هذا الموضع موقع بل لجاز أن تقع في غير هذا الموضع، وكنت تقول: ضربت زيدا أو عمرا، وما ضربت زيدا أو عمرا على غير الشك، ولكن على معنى بل فهذا مردودٌ عند جميعهم.
والوجه الآخر: أن بل لا تأتي في الواجب في كلام واحد إلا للإضراب بعد غلطٍ أو نسيان، وهذا منفي عن الله عز وجل؛ لأن القائل إذا قال: مررت بزيد غالطاً فاستدرك، أو ناسياً فذكر، قال: بل عمرو؛ ليضرب عن ذلك، ويثبت ذا. وتقول عندي عشرة بل خمسة عشر على مثل هذا، فإن أتى بعد كلامٍ قد سبق من غيره فالخطأ إنما لحق كلام الأول؛ كما قال الله عز وجل: {وقالوا اتخذ الرحمن ولداً} فعلم السامع أنهم عنوا الملائكة بما تقدم من قوله: {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاُ}.وقال: {أم اتخذ مما يخلق بناتٍ} وقال: {ويجعلون لله ما يكرهون} وقال: {بل عبادٌ مكرمون}، أي: بل هؤلاء الذين ذكرتم أنهم ولدٌ عبادٌ مكرمون. ونظير ذلك أن تقول للرجل: قد جاءك زيدٌ، فيقول: بل عمرو. ولكن مجاز هذه الآية عندنا مجاز ما ذكرنا قبل في قولك: ائت زيدا أو عمرا أو خالدا، تريد: ايت هذا الضرب من الناس، فكأنه قال - والله أعلم -: إلى مائة ألف أو زيادة. وهذا قول كل من نثق بعلمه. وتقول: وكل حقٍّ لها علمناه أو جهلناه. تريد توكيد قولك: كل حقٍّ لها، فكأنك قلت: إن كان معلوماً، أو مجهولاً فقد دخل في هذا البيع جميع حقوقها.
ولها في الفعل خاصةٌ أخرى نذكرها في إعراب الأفعال إن شاء الله. وجملتها أنك تقول: زيد يقعد أو يقوم يا فتى، وإنما أكلم لك زيدا، أو أكلم عمرا. تريد: أفعل أحد هذين؛ كما قلت في الاسم: لقيت زيدا أو عمرا، وأنا ألقى زيدا أو عمرا، أي: أحد هذين. وعلى القول الثاني: أنا أمضي إلى زيد، أو أقعد إلى عمرو، أو أتحدث، أي: أفعل هذا الضرب من الأفعال. وعلى هذا القول الذي بدأت به قول الله عز وجل: {تقاتلونهم أو يسلمون}، أي: يقع أحد هذين. فأما الخاصة في الفعل فأن تقع على معنى: إلا أن، وحتى، وذلك قولك: الزمه أو يقضيك حقك، واضربه أو يستقيم. وفي قراءة أبيٍّ: (تقاتلونهم أو يسلموا)، أي: إلا أن يسلموا، وحتى يسلموا. وهذا تفسيرٌ مستقصًى في بابه إن شاء الله). [المقتضب: 3/304-306] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20) }

تفسير قوله تعالى: {أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (21) }

تفسير قوله تعالى: {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22) }
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (الكلام على الأمة والمال
وحدّثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد، وأبو بكر بن الأنباري، في قوله عز وجل: {تلك أمّةٌ قد خلت} [البقرة: 134] .
الأمّة: القرن من الناس بعد القرن، والأمّة أيضًا: الجماعة من الناس، والأمة أيضًا: الملة.
قوله عز وجل: {إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ} [الزخرف: 22] أي: على دينٍ، وكذلك قوله عز وجل: {ولولا أن يكون النّاس أمّةً واحدةً} [الزخرف: 33] أي: لولا يكون الناس كفارًا كلّهم، والأمّة أيضًا: الحين، قال الله عز وجل: {وادّكر بعد أمّةٍ} [يوسف: 45] أي: بعد حينٍ وقرأ ابن عباس، وعكرمة: وادّكر بعد أمةٍ مثل عمهٍ وولهٍ أي بعد نسيان، والأمة أيضًا: الإمام، قال الله عز وجل: {إنّ إبراهيم كان أمّةً قانتًا} [النحل: 120] والأمة أيضًا: القامة وجمعها قال الأعشى:
وأنّ معاوية الأكرمين = حسان الوجوه طوال الأمم
والأمّهة والأمّة والأمّ والاّم: الوالدة، قال الشاعر:
تقبّلتها من أمةٍ لك طالما = تتوزع في الأسواق عنها خمارها
وقال آخر:
أمّهتي خندف واليأس أبي). [الأمالي: 1/301] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آَبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24) }

تفسير قوله تعالى: {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 05:38 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 05:38 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 05:44 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ولما فرغ تعنيفهم على ما أتوه في جهة الله تعالى بقولهم: "الملائكة بنات الله سبحانه"، بين الله تعالى فساد مقالتهم، فعينها بجهة أخرى من الفساد، وذلك شنيع قولهم في عباد الله تعالى مختصين مقربين: "أنهم إناث"، وقرأ أكثر السبعة، وابن عباس، وابن مسعود، وابن جبير، وعلقمة: "عباد الرحمن إناثا"، وقرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، والحسن، وأبو رجاء، وأبو جعفر، والأعرج، وشيبة، وقتادة، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه: "عند الرحمن إناثا"، وهذه القراءة أدل على رفع المنزلة وقربها في التكرمة، كما قيل: ملك مقرب، وقد تصرف المعنيان في كتاب الله تعالى في وصف الملائكة في غير هذه الآية، فقال تعالى: {بل عباد مكرمون}، وقال سبحانه في أخرى: {إن الذين عند ربك}، وفي مصحف ابن مسعود: "وجعلوا الملائكة عباد الرحمن إناثا".
وقرأ نافع وحده: "أأشهدوا" بهمزتين وبلا مد بينهما، وبفتح الأولى وضم الثانية وتسهيلها بين الهمزة والواو، ورواها المفضل عن عاصم بتحقيق الهمزتين، وقرأ المسيبي عن نافع بمد بين الهمزتين،. وقرأ أبو عمرو، ونافع أيضا، وعلي بن أبي طالب رضى الله عنه، وابن عباس رضى الله عنهما، ومجاهد: "أوشهدوا" بتسهيل الثانية بلا مد، وقرأ جماعة من القراء بالتسهيل في الثانية ومدة بينهما، وقرأ آخرون: "أشهدوا" بهمزة واحدة بغير استفهام، وهي قراءة الزهري، وهي صفة الإناث، أي: أشهدوا خلقهم؟، ومعنى الآية: التوبيخ وإظهار فساد عقولهم، وادعائهم وأنها مجردة من الحجة، وهذا نظير الآية الرادة على المنجمين وأهل الطبائع، في قوله تعالى: {ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض}.
وقرأ جمهور الناس: "ستكتب شهادتهم" برفع "شهادة" وبناء الفعل للمفعول، وقرأ الأعرج، وابن عباس، وأبو جعفر، وأبو حيوة: "سنكتب شهادتهم" بنون الجمع، و"شهادتهم" بالنصب، وقرأت فرقة: "سيكتب" بالياء على معنى: سيكتب الله شهادتهم بالنصب، وقرأ الحسن بن أبي الحسن: "ستكتب شهاداتهم" على بناء الفعل للمفعول وجمع الشهادات، وفي قوله تعالى: "ويسألون": وعيد مفصح، و"أشهدوا" في هذه الآية معناه: أحضروا؟ وليس ذلك من شهادة تحمل المعاني التي تطلب أن تؤدى). [المحرر الوجيز: 7/ 539-540]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20) أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (21) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون * أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون * بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون * وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون * قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون * فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين}
ذكر الله تعالى احتجاج الكفار بمذاهبهم ليبين فساد منزعهم، وذلك أنهم جعلوا إمهال الله تعالى لهم وإنعامه عليهم -وهم يعبدون الأصنام- دليلا على أنه يرضى عبادة الأصنام دينا، وذلك كالأمر به، فنفى الله تعالى عن الكفرة أن يكون لهم علم بهذا، وليس عندهم كتاب منزل يقتضي ذلك، وإنما هم يظنون ويحدسون ويخمنون، وهذا هو الخرص والتخرص). [المحرر الوجيز: 7/ 540]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ جمهور الناس: "على أمة" بضم الهمزة، وهي: الملة والديانة، والآية -على هذا- تعيب عليهم التقليد، وقرأ مجاهد، والجحدري، وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: "على إمة" بكسر الهمزة وهي بمعنى النعمة، ومنه قول الأعشى:
ولا الملك النعمان يوم لقيته ... بإمته يعطي القطوط ويأفق
ومنه قول عدي بن زيد:
ثم بعد الفلاح والملك والإ ... مة وارتهم القبور
فالآية -على هذا المعنى- استمرار في احتجاجهم، لأنهم يقولون: وجدنا آباءنا في نعمة من الله تعالى وهم يعبدون الأصنام، فذلك دليل رضاه عنهم، وكذلك اهتدينا نحن بذلك على آثارهم، وذكر الطبري عن قوم أن "الإمة": الطريقة، من قولك: أممت كذا إمة). [المحرر الوجيز: 7/ 540-541]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم ضرب تعالى المثل لنبيه صلى الله عليه وسلم، وجعل له الأسوة فيمن مضى من النذر والرسل عليهم السلام، وذلك أن المترفين من قومهم -وهم أهل النعم والمال- قد قابلوهم بمثل هذه المقابلة). [المحرر الوجيز: 7/ 541]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آَبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ جمهور القراء: "قل أو لو"، والمعنى: فقلنا للنذير: "قل أو لو"، وقرأ ابن عامر، وحفص عن عاصم: "قال أولو"، ففي "قال" ضمير يعود على النذير، وباقي الآية يدل على أن: "قل" في قراءة من قرأها ليست بأمر لمحمد صلى الله عليه وسلم، وإنما هي حكاية لما قيل للنذير، وقوله تعالى: {أولو} هي ألف الاستفهام دخلت على واو عطفت جملة كلام على جملة متقدمة، و"لو" في هذا الموضع، كأنها شرطية بمعنى "إن"، كأن معنى الآية: وإن جئتكم بأبين وأوضح مما كان آباؤكم يصحبكم لجاجكم وتقليدكم؟ فأجاب الكفار حينئذ لنذرهم: إنا بما أرسلتم به كافرون.
وقوله تعالى: {فانتقمنا منهم} الآية ..... وعيد لقريش، وضرب مثل بمن سلف من الأمم المعذبة المكذبة بأنبيائها، كما كذبت هي بمحمد صلى الله عليه وسلم،
وقرأ جمهور الناس: "أو لو جئتكم"، وقرأ أبو جعفر، وأبو شيخ [الهنائي]، وخالد: "أو لو جئناكم"، وقرأ الأعمش: "قل أو لو أتيتم"). [المحرر الوجيز: 7/ 541-542]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 08:19 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 08:22 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وجعلوا الملائكة الّذين هم عباد الرّحمن إناثًا} أي: اعتقدوا فيهم ذلك، فأنكر عليهم تعالى قولهم ذلك، فقال: {أشهدوا خلقهم} أي: شاهدوه وقد خلقهم اللّه إناثًا، {ستكتب شهادتهم} أي: بذلك، {ويسألون} عن ذلك يوم القيامة. وهذا تهديدٌ شديدٌ، ووعيدٌ أكيدٌ). [تفسير ابن كثير: 7/ 223]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقالوا لو شاء الرّحمن ما عبدناهم} أي: لو أراد اللّه لحال بيننا وبين عبادة هذه الأصنام، الّتي هي على صور الملائكة الّتي هي بنات اللّه، فإنّه عالمٌ بذلك وهو يقررنا عليه، فجمعوا بين أنواعٍ كثيرةٍ من الخطأ:
أحدها: جعلهم للّه ولدًا، تعالى وتقدّس وتنزّه عن ذلك علوًّا كبيرًا.
الثّاني: دعواهم أنّه اصطفى البنات على البنين، فجعلوا الملائكة الّذين هم عباد الرّحمن إناثًا.
الثّالث: عبادتهم لهم مع ذلك كلّه، بلا دليلٍ ولا برهانٍ، ولا إذنٍ من اللّه عزّ وجلّ، بل بمجرّد الآراء والأهواء، والتّقليد للأسلاف والكبراء والآباء، والخبط في الجاهليّة الجهلاء.
الرابع: احتجاجهم بتقديرهم على ذلك قدرا [والحجّة إنّما تكون بالشّرع]، وقد جهلوا في هذا الاحتجاج جهلًا كبيرًا، فإنّه تعالى قد أنكر ذلك عليهم أشدّ الإنكار، فإنّه منذ بعث الرّسل وأنزل الكتب يأمر بعبادته وحده لا شريك له، وينهى عن عبادة ما سواه، قال [تعالى]، {ولقد بعثنا في كلّ أمّةٍ رسولا أن اعبدوا اللّه واجتنبوا الطّاغوت فمنهم من هدى اللّه ومنهم من حقّت عليه الضّلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذّبين} [النّحل: 36]، وقال تعالى: {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرّحمن آلهةً يعبدون} [الزخرف: 45].
وقال في هذه الآية -بعد أن ذكر حجّتهم هذه-: {ما لهم بذلك من علمٍ} أي: بصحّة ما قالوه واحتجّوا به {إن هم إلا يخرصون} أي: يكذّبون ويتقوّلون.
وقال مجاهدٌ في قوله: {ما لهم بذلك من علمٍ إن هم إلا يخرصون} أي ما يعلمون قدرة اللّه على ذلك). [تفسير ابن كثير: 7/ 223-224]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (21) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {أم آتيناهم كتابًا من قبله فهم به مستمسكون (21) بل قالوا إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ وإنّا على آثارهم مهتدون (22) وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قريةٍ من نذيرٍ إلّا قال مترفوها إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ وإنّا على آثارهم مقتدون (23) قال أولو جئتكم بأهدى ممّا وجدتم عليه آباءكم قالوا إنّا بما أرسلتم به كافرون (24) فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذّبين (25) }
يقول تعالى منكرًا على المشركين في عبادتهم غير اللّه بلا برهانٍ ولا دليلٍ ولا حجّةٍ: {أم آتيناهم كتابًا من قبله} أي: من قبل شركهم، {فهم به مستمسكون} أي: فيما هم فيه، أي: ليس الأمر كذلك، كقوله: {أم أنزلنا عليهم سلطانًا فهو يتكلّم بما كانوا به يشركون} [الرّوم: 35] أي: لم يكن ذلك). [تفسير ابن كثير: 7/ 224]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {بل قالوا إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ وإنّا على آثارهم مهتدون} أي: ليس لهم مستندٌ فيما هم فيه من الشّرك سوى تقليد الآباء والأجداد، بأنّهم كانوا على أمّةٍ، والمراد بها الدّين هاهنا، وفي قوله: {إنّ هذه أمّتكم أمّةً واحدةً} [الأنبياء: 92].
وقولهم: {وإنّا على آثارهم} أي: ورائهم {مهتدون}، دعوى منهم بلا دليلٍ). [تفسير ابن كثير: 7/ 224]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ بيّن تعالى أنّ مقالة هؤلاء قد سبقهم إليها أشباههم ونظراؤهم من الأمم السّالفة المكذّبة للرّسل، تشابهت قلوبهم، فقالوا مثل مقالتهم: {كذلك ما أتى الّذين من قبلهم من رسولٍ إلا قالوا ساحرٌ أو مجنونٌ أتواصوا به بل هم قومٌ طاغون} [الذّاريات: 52، 53]، وهكذا قال هاهنا: {وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قريةٍ من نذيرٍ إلا قال مترفوها إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ وإنّا على آثارهم مقتدون}). [تفسير ابن كثير: 7/ 224]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آَبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى: {قل} أي: يا محمّد لهؤلاء المشركين: {أولو جئتكم بأهدى ممّا وجدتم عليه آباءكم قالوا إنّا بما أرسلتم به كافرون} أي: ولو علموا وتيقّنوا صحّة ما جئتهم به، لما انقادوا لذلك بسوء قصدهم ومكابرتهم للحقّ وأهله). [تفسير ابن كثير: 7/ 224]

تفسير قوله تعالى: {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(قال اللّه تعالى: {فانتقمنا منهم} أي: من الأمم المكذّبة بأنواعٍ من العذاب، كما فصّله تعالى في قصصهم، {فانظر كيف كان عاقبة المكذّبين}؟ أي: كيف بادوا وهلكوا، وكيف نجى الله المؤمنين؟). [تفسير ابن كثير: 7/ 224]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:35 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة