التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى:{حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {حم * والكتاب المبين}
قد فسرنا معنى {حم} ، ومعنى {الكتاب المبين}: الذي أبان طرق الهدى من طرق الضلالة، وأبان كل ما تحتاج إليه الأمّة). [معاني القرآن: 4/405]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (من ذلك قوله جل وعز: {حم والكتاب المبين}: أي إبان الهدى من الضلالة,والحق من الباطل,ويكون المبين البين). [معاني القرآن: 6/333]
تفسير قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {إنّا جعلناه قرآنا عربيّا لعلّكم تعقلون} معناه: إنا بيّنّاه قرآنا عربيا). [معاني القرآن: 4/405]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون} أي: بيناه). [معاني القرآن: 6/333]
تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وإنّه في أمّ الكتاب} أي: في أصل الكتب عند اللّه). [تفسير غريب القرآن: 395]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله:{وإنّه في أمّ الكتاب لدينا لعليّ حكيم}
{أم الكتاب}: أصل الكتاب، وأصل كل شيء أمّه، والقرآن مثبت عند اللّه في اللوح المحفوظ، والدليل على ذلك قوله: {بل هو قرآن مجيد * في لوح محفوظ} ). [معاني القرآن: 4/405]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم}
روى معمر, عن قتادة قال: {في أم الكتاب}:قال: في أصل الكتاب, وجملته عندن.
قال أبو جعفر: ونظير هذا على قول قتادة: {إنه لقرآن مجيد في لوح محفوظ}
وقيل {وإنه في أم الكتاب}: يعني ما قدر من الخير والشر لعلي لقاهر لا يقدر أحد أن يدفعه حكيم محكم). [معاني القرآن: 6/334]
تفسير قوله تعالى: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ (5)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {أفنضرب عنكم الذّكر صفحاً أن كنتم...}
قرأ الأعمش: (إن كنتم): بالكسر، وقرأ عاصم والحسن: {أن كنتم}: بفتح {أن}، كأنهم أرادوا شيئا ماضيا، وأنت تقول في الكلام: أأسبّك أن حرمتني؟ تريد إذ حرمتني، وتكسر إذا أردت أأسبك إن حرمتني، ومثله: {ولا يجرمنّكم شنآن قومٍ أن صدّوكم} تكسر {إن} وتفتح.
ومثله: {فلعلّك باخعٌ نفسك على آثارهم}, (إن لم يؤمنوا)، و(أن لم يؤمنوا)، والعرب تنشد قول الفرزدق:
أتـــجــــزع إن أذنـــــــا قـتــيــبــة حــــزتــــا = جهاراً، ولم تجزع لقتل ابن خازم؟
وأنشدوني:-
أتجزع أن بـان الخليـط المـودّع = وجبل الصفا من عزة المتقطع؟
وفي كل واحد من البيتين ما في صاحبه من الكسر والفتح..
والعرب تقول: قد أضربت عنك، وضربت عنك إذا أردت به: تركتك، وأعرضت عنك). [معاني القرآن: 3/27-28]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({أفنضرب عنكم الذّكر صفحاً أن كنتم قوماً مّسرفين}
قال: {أن كنتم قوماً مّسرفين}: يقول: "لأن كنتم"). [معاني القرآن: 4/12]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({أفنضرب عنكم الذكر صفحا}: يقال: مر بنا فلان صفحا إذا مر ولم يقف). [غريب القرآن وتفسيره: 332]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أفنضرب عنكم الذّكر صفحاً}: أي نمسك عنكم فلا نذكركم صفحا، أي إعراضا. يقال: صفحت عن فلان، إذا أعرضت عنه.
والأصل في ذلك: انك توليه صفحة عنقك, قال كثير يصف امرأة:
صـفـوحـا فـمــا تـلـقـاك إلا بحـيـلـة = فمن مل منها ذلك الوصل ملت
أي : معرضة بوجهها.
ويقال: ضربت عن فلان كذا، أي أمسكته , وأضربت عنه.
{أن كنتم قوماً مسرفين} أي: لأن كنتم قوما مسرفين). [تفسير غريب القرآن: 395]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {أفنضرب عنكم الذّكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين}
ويقرأ: {إن كنتم قوما مسرفين}: فمن فتحها, فالمعنى أفنضرب عنكم الذكر صفحا لأن كنتم، ومن كسرها فعلى معنى الاستقبال، على معنى إن تكونوا مسرفين نضرب عنكم الذكر، ويقال: ضربت عنه الذكر, وأضربت عنه الذكر.
والمعنى: أفنضرب عنكم ذكر العذاب , والعذاب بأن أسرفتم.
والدليل على أن المعنى هذا, وأنه ذكر العذاب). [معاني القرآن: 4/405-406]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين}
روى إسماعيل عن أبي صالح: {أفنضرب عنكم الذكر}, قال: العذاب.
وروى ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال: أتكذبون بالقرآن, ولا تعاقبون
قال أبو جعفر المعنى على هذين القولين: أفنضرب عنكم ذكر العذاب.
ومذهب قتادة: أن المعنى أفنهملكم, ولا نأمركم ولا ننهاكم
قال أبو جعفر يقال: ضربت عنه, وأضربت, أي: تركته .
ثم قال جل وعز: {صفحا} أي: إعراضا
يجوز أن يكون المعنى: أفنصفح عنكم صفحا, كما يقال هو يدعه تركا .
ويجوز أن يكون المعنى: أفنضرب عنكم الذكر صافحين, كما يقال: جاء فلان مشيا .
ومعنى صفحت عنه: أعرضت عنه , أي وليته صفحة عنقي .
قال الشاعر:
صـفـوحـا فـمــا تـلـقـاك إلا بخـيـلـة = فمن مل منها ذلك الوصل ملت
ثم قال جل وعز: {أن كنتم قوما مسرفين}
- قال قتادة: أي: مشركين .
- قال أبو جعفر: المعنى لأن كنتم إذا فتحت أن, وبذلك قرأ الحسن, وأبو عمرو, وابن كثير.
- وقرأ أهل المدينة, وأهل الكوفة بالكسر وهو عند قوم من أهل اللغة لحن: منهم أبو حاتم, وإنما صار عندهم لحنا لأنهم إنما وبخوا على شيء قد ثبت , وكان فهذا موضع أن مفتوحة كما قال سبحانه: {عبس وتولى أن جاءه الأعمى}
قال أبو جعفر: وهذا عند الخليل , وسيبويه , والكسائي, والقراء جيد.
قال سيبويه: سألت الخليل عن قوله -يعني الفرزدق- :
أتـغــضــب إن أذنـــــا قـتـيـبــة حـــزنـــا = جهارا ولم تغضب لقتل ابن خازم
فقال هي إن مكسورة لأنه قبيح أن يفصل بين أن والفعل
قال أبو جعفر: وهذا شيء قد مضى.
قال أبو إسحاق: وهذا يكون بمعنى الحال إذا كان في الكلام معنى التوبيخ والتقرير, أي: أهذه حالك؟.
قال أبو جعفر: فعلى هذا قوله: {إن كنتم قوما مسرفين}). [معاني القرآن: 6/334-338]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({صَفْحًا}: أي أعراضاً). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 221]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({صَفْحًا}: مر, ولم تقف). [العمدة في غريب القرآن: 268]
تفسير قوله تعالى: { فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (8)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله: {فأهلكنا أشدّ منهم بطشا ومضى مثل الأوّلين}
أي مضت سنتهم، ويكون {أفنضرب عنكم الذكر}: أي نهملكم, فلا نعرفكم ما يجب عليكم لأن أسرفتم، ومثله:{أيحسب الإنسان أن يترك سدى} ).[معاني القرآن: 4/406]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {فأهلكنا أشد منهم بطشا ومضى مثل الأولين}
- قال مجاهد: أي: سنة الأولين.
- قال قتادة: أي: عقوبة الأولين). [معاني القرآن: 6/338]