العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الشورى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 11:26 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي تفسير سورة الشورى [ الآيات من 49 إلى 53 ]

تفسير سورة الشورى [ الآيات من 49 إلى 53]

{ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50) وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51) وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53)}




رد مع اقتباس
  #2  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 11:27 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {للّه ملك السّموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذّكور (49) أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا ويجعل من يشاء عقيمًا إنّه عليمٌ قديرٌ}.
يقول تعالى ذكره: للّه سلطان السّماوات السّبع والأرض، يفعل في سلطانه ما يشاء، ويخلق ما يحبّ خلقه، يهب لمن يشاء من خلقه من الولد الإناث دون الذّكور، بأن يجعل كلّ ما حملت زوجته من حملٍ منه أنثى، {ويهب لمن يشاء الذّكور} يقول: ويهب لمن يشاء منهم الذّكور، بأن يجعل كلّ حملٍ حملته امرأته ذكرًا لا أنثى فيهم، {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} يقول: أو يجعل له ذكرانًا وإناثًا؛ بأن يجعل حمل زوجته مرّةً ذكرًا ومرّةً أنثى، فذلك هو التّزويج، {ويجعل من يشاء عقيمًا} يقول: ويجعل من يشاء منهم لا لقاح له ولا ولد.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا صفوان بن عيسى، قال: حدّثنا عوفٌ، عن محمّد بن سيرين، عن عبيدة في قوله: {يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذّكور} قال: يهب لمن يشاء ذكورًا كلّها لا إناث فيهم، ويهب لمن يشاء إناثًا لا ذكور فيهم، {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا ويجعل من يشاء عقيمًا} قال: عقيمًا لا يولد له.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يهب لمن يشاء إناثًا} يقول: لا يولد له إلاّ الجواري، {ويهب لمن يشاء الذّكور} يقول: لا يولد له إلاّ الغلمان، {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا}: يولد له الجواري والغلمان فذلك تزويجهم.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الحسن، في قوله: {يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذّكور (49) أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} قال: يهب لمن يشاء إناثًا فلا يكون له إلاّ أنثى، وولده كلّهم إناثٌ، {ويهب لمن يشاء الذّكور} فلا يكون له إلاّ ذكورٌ، {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} يقول: يجمع لهم الذكران والإناث، فيهب لمن يشاء ذكرانًا وإناثًا، {ويجعل من يشاء عقيمًا} لا يولد له.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} قال: يخلط بينهم يقول: التّزويج: أن تلد المرأة غلامًا، ثمّ تلد جاريةً، ثمّ تلد غلامًا، ثمّ تلد جاريةً.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذّكور} قادرٌ واللّه ربّنا على ذلك؛ أن يهب للرّجل ذكورًا ليست معهم أنثى، وأن يهب للرّجل إناثًا ليس معهم ذكورٌ، {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} فيهب للرّجل ذكرانًا وإناثًا، فيجمعهم له جميعًا، {ويجعل من يشاء عقيمًا} لا يولد له.
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذّكور} ليست معهم إناثٌ {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} قال: يهب لهم إناثًا وذكرانًا، {ويجعل من يشاء عقيمًا} لا يولد له.
- حدّثني عليّ قال: حدّثنا أبو صالحٍ قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ويجعل من يشاء عقيمًا} يقول: لا يلقح.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ويجعل من يشاء عقيمًا} لا يلد واحدًا ولا اثنين.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيد اللّه قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {يهب لمن يشاء إناثًا} يقول: ليس فيهنّ ذكرٌ {ويهب لمن يشاء الذّكور} ليس فيهم أنثى {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} تلد المرأة ذكرًا مرّةً وأنثى مرّةً {ويجعل من يشاء عقيمًا} لا يولد له.
وقال ابن زيدٍ في معنى قوله: {أو يزوّجهم} ما:
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ: في قوله: {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} قال: أو يجعل في الواحد ذكرًا وأنثى توأمًا، هذا قوله: {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا}.
وقوله: {إنّه عليمٌ قديرٌ} يقول تعالى ذكره: إنّ اللّه ذو علمٍ بما يخلق، وقدرةٍ على خلق ما يشاء، لا يعزب عنه علم شيءٍ من خلقه، ولا يعجزه شيءٍ أراد خلقه). [جامع البيان: 20/536-539]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 49 - 51.
أخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أولادكم هبة الله {يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور} فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها). [الدر المنثور: 13/176]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من بركة المرأة ابتكارها بالأنثى لأن الله قال: {يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور} ). [الدر المنثور: 13/176-177]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور} قال: لا إناث معهم {أو يزوجهم ذكرانا وإناثا} قال: يولد له جارية وغلام {ويجعل من يشاء عقيما} لا يولد له). [الدر المنثور: 13/177]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك رضي الله عنه: {يهب لمن يشاء إناثا} قال: يكون الرجل لا يولد إلا الإناث، {ويهب لمن يشاء الذكور} قال: يكون الرجل لا يولد له إلا الذكور {أو يزوجهم ذكرانا وإناثا} قال: يكون الرجل يولد له الذكور والإناث {ويجعل من يشاء عقيما} قال: يكون الرجل لا يولد له). [الدر المنثور: 13/177-178]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عبد الله بن الحرث بن عمير أن أبا بكر رضي الله عنه أصاب وليدة له سوداء فعزلها ثم باعها فانطلق بها سيدها حتى إذا كان في بعض الطريق أرادها فامتنعت منه فإذا هو براعي غنم فدعاه فراطنها فأخبرها أنه سيدها قالت: إني قد حملت من سيدي الذي كان قبل هذا وأنا في ديني أن لا يصيبني رجل في حمل من آخر فكتب سيدها إلى أبي بكر أو عمر فأخبره الخبر فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم بمكة فمكث النّبيّ صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان من الغد وكان مجلسهم الحجر قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: جاءني جبريل في مجلسي هذا عن الله: أن أحدكم ليس بالخيار على الله إذا شجع ذلك المشجع ولكنه {يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور} فاعترف بولدك فكتب بذلك فيها). [الدر المنثور: 13/178-179]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق عن غيلان عن أنس رضي الله عنه قال: ابتاع أبو بكر رضي الله عنه جارية أعجمية من رجل قد كان أصابها فحملت له فأراد أبو بكر رضي الله عنه أن يطأها فأبت عليه وأخبرت أنها حامل فرفع ذلك إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: إنها حفظت فحفظ الله لها إن أحدكم إذا شجع ذلك المشجع فليس بالخيار على الله فردها إلى صاحبها الذي باعها). [الدر المنثور: 13/179]

تفسير قوله تعالى: (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر والحسن في قوله أو يزوجهم ذكرانا وإناثا قال أو يجمع لهم الذكران والإناث). [تفسير عبد الرزاق: 2/193]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (ويذكر عن ابن عبّاسٍ، {عقيمًا} [الشورى: 50] : «الّتي لا تلد»). [صحيح البخاري: 6/129]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله ويذكر عن ابن عبّاس عقيما الّتي لا تلد وصله ابن أبي حاتمٍ والطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس بلفظ ويجعل من يشاء عقيما قال لا يلقّح وذكره باللّفظ المعلّق بلفظ جويبر عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ وفيه ضعفٌ وانقطاعٌ فكأنّه لم يجزم به لذلك). [فتح الباري: 8/563]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (ويذكر عن ابن عبّاس عقيما لا تلد روحا من أمرنا القرآن وقال مجاهد يذرؤكم فيه نسل بعد نسل لا حجّة بيننا لا خصومة بيننا وبينكم طرف خفي ذليل فيظللن رواكد على ظهره يتحركن ولا يجرين في البحر
أما قول ابن عبّاس فقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية عن علّي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس في قوله 50 الشورى {عقيما} لا تلقح). [تغليق التعليق: 4/304] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ويذكر عن ابن عبّاسٍ عقيماً الّتي لا تلد
أي: يذكر عن ابن عبّاس في قوله: {ويجعل من يشاء عقيماً} (الشورى: 50) المرأة الّتي لا تلد، وهذا ذكره جويبر عن الضّحّاك عن ابن عبّاس وكأن فيه ضعفا وانقطاعاً، فلذلك لم يجزم به فقال: ويذكر). [عمدة القاري: 19/156]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (ويذكر) بضم أوله وفتح ثالثه ولأبي ذر بسم الله الرحمن الرحيم قال البخاري: يذكر بإسقاط العاطف (عن ابن عباس) فيما وصله ابن أبي حاتم والطبري ({عقيمًا}) في قوله: {ويجعل من يشاء عقيمًا} [الشورى: 50] أي (لا تلد) ولأبي ذر التي لا تلد). [إرشاد الساري: 7/330]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله سبحانه: {يزوجهم ذكراناً وإناثاً} فالإناث أن يولد للذّكر ذكرٌ وأنثًى). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 91]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله: (العقيم) الّذي لا يولد له شيءٌ). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 91]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {للّه ملك السّموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذّكور (49) أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا ويجعل من يشاء عقيمًا إنّه عليمٌ قديرٌ}.
يقول تعالى ذكره: للّه سلطان السّماوات السّبع والأرض، يفعل في سلطانه ما يشاء، ويخلق ما يحبّ خلقه، يهب لمن يشاء من خلقه من الولد الإناث دون الذّكور، بأن يجعل كلّ ما حملت زوجته من حملٍ منه أنثى، {ويهب لمن يشاء الذّكور} يقول: ويهب لمن يشاء منهم الذّكور، بأن يجعل كلّ حملٍ حملته امرأته ذكرًا لا أنثى فيهم، {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} يقول: أو يجعل له ذكرانًا وإناثًا؛ بأن يجعل حمل زوجته مرّةً ذكرًا ومرّةً أنثى، فذلك هو التّزويج، {ويجعل من يشاء عقيمًا} يقول: ويجعل من يشاء منهم لا لقاح له ولا ولد.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا صفوان بن عيسى، قال: حدّثنا عوفٌ، عن محمّد بن سيرين، عن عبيدة في قوله: {يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذّكور} قال: يهب لمن يشاء ذكورًا كلّها لا إناث فيهم، ويهب لمن يشاء إناثًا لا ذكور فيهم، {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا ويجعل من يشاء عقيمًا} قال: عقيمًا لا يولد له.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يهب لمن يشاء إناثًا} يقول: لا يولد له إلاّ الجواري، {ويهب لمن يشاء الذّكور} يقول: لا يولد له إلاّ الغلمان، {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا}: يولد له الجواري والغلمان فذلك تزويجهم.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الحسن، في قوله: {يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذّكور (49) أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} قال: يهب لمن يشاء إناثًا فلا يكون له إلاّ أنثى، وولده كلّهم إناثٌ، {ويهب لمن يشاء الذّكور} فلا يكون له إلاّ ذكورٌ، {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} يقول: يجمع لهم الذكران والإناث، فيهب لمن يشاء ذكرانًا وإناثًا، {ويجعل من يشاء عقيمًا} لا يولد له.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} قال: يخلط بينهم يقول: التّزويج: أن تلد المرأة غلامًا، ثمّ تلد جاريةً، ثمّ تلد غلامًا، ثمّ تلد جاريةً.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذّكور} قادرٌ واللّه ربّنا على ذلك؛ أن يهب للرّجل ذكورًا ليست معهم أنثى، وأن يهب للرّجل إناثًا ليس معهم ذكورٌ، {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} فيهب للرّجل ذكرانًا وإناثًا، فيجمعهم له جميعًا، {ويجعل من يشاء عقيمًا} لا يولد له.
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذّكور} ليست معهم إناثٌ {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} قال: يهب لهم إناثًا وذكرانًا، {ويجعل من يشاء عقيمًا} لا يولد له.
- حدّثني عليّ قال: حدّثنا أبو صالحٍ قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ويجعل من يشاء عقيمًا} يقول: لا يلقح.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ويجعل من يشاء عقيمًا} لا يلد واحدًا ولا اثنين.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيد اللّه قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {يهب لمن يشاء إناثًا} يقول: ليس فيهنّ ذكرٌ {ويهب لمن يشاء الذّكور} ليس فيهم أنثى {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} تلد المرأة ذكرًا مرّةً وأنثى مرّةً {ويجعل من يشاء عقيمًا} لا يولد له.
وقال ابن زيدٍ في معنى قوله: {أو يزوّجهم} ما:
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ: في قوله: {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} قال: أو يجعل في الواحد ذكرًا وأنثى توأمًا، هذا قوله: {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا}.
وقوله: {إنّه عليمٌ قديرٌ} يقول تعالى ذكره: إنّ اللّه ذو علمٍ بما يخلق، وقدرةٍ على خلق ما يشاء، لا يعزب عنه علم شيءٍ من خلقه، ولا يعجزه شيءٍ أراد خلقه). [جامع البيان: 20/536-539] (م)
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أو يزوجهم ذكرانا وإناثا يقول يخلط بينهم بالتزويج يقول تلد المرأة غلاما ثم تلد جارية ثم تلد غلاما ثم تلد جارية). [تفسير مجاهد: 577]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك رضي الله عنه: {يهب لمن يشاء إناثا} قال: يكون الرجل لا يولد إلا الإناث، {ويهب لمن يشاء الذكور} قال: يكون الرجل لا يولد له إلا الذكور {أو يزوجهم ذكرانا وإناثا} قال: يكون الرجل يولد له الذكور والإناث {ويجعل من يشاء عقيما} قال: يكون الرجل لا يولد له). [الدر المنثور: 13/177-178] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن محمد بن الحنفية: {أو يزوجهم ذكرانا وإناثا} قال: التوأم). [الدر المنثور: 13/178]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ويجعل من يشاء عقيما} قال: الذي لا يولد له ولد). [الدر المنثور: 13/178]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {ويجعل من يشاء عقيما} قال: لا يلقح). [الدر المنثور: 13/178]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني الحارث بن نبهان، عن أيّوب، عن رجلٍ، عن مسروقٍ أو غيره، عن عائشة زوج النّبيّ قالت: من زعم أنّ محمّدًا رأى ربّه فقد أعظم على اللّه الفرية، وقال الله لمحمدٍ: {ما كان لبشرٍ أن يكلّمه اللّه إلا وحيًا}، حتّى ختم الآية، ومن زعم أنّ محمّدًا كتم شيئًا من الوحي فقد أعظم على الله الفرية، وقال الله: {يا أيها الرّسول بلّغ ما أنزل إليك من ربّك}، حتّى ختم الآية، ومن زعم أنّه يعلم ما في غدٍ، فقد أعظم على اللّه الفرية، وقال اللّه: {قل لا يعلم من في السّموات والأرض الغيب إلا اللّه وما يشعرون أيّان يبعثون}). [الجامع في علوم القرآن: 1/78-79]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن عيسى بن مجاهدٍ {وما كان لبشرٍ أن يكلّمه اللّه إلّا وحيًا} قال: الوحي شيء يقذف في قلوبهم [الآية: 51]). [تفسير الثوري: 269]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن عيسى عن مجاهدٍ {أو من وراء حجاب} قال: موسى صلّى اللّه عليه وسلم). [تفسير الثوري: 269]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن عيسى عن مجاهدٍ {أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء} قال: جبريل إلى محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وإلى النّبيّين عليهم السلام). [تفسير الثوري: 269]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما كان لبشرٍ أن يكلّمه اللّه إلاّ وحيًا أو من وراء حجابٍ أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء إنّه عليّ حكيمٌ}.
يقول تعالى ذكره: وما ينبغي لبشرٍ من بني آدم أن يكلّمه ربّه إلاّ وحيًا يوحي اللّه إليه كيف شاء، إمّا إلهامًا، وإمّا غيره {أو من وراء حجابٍ} يقول: أو يكلّمه بحيث يسمع كلامه ولا يراه، كما كلّم موسى نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم {أو يرسل رسولاً} يقول: أو يرسل اللّه من ملائكته رسولاً، إمّا جبرائيل، وإمّا غيره {فيوحي بإذنه ما يشاء} يقول: فيوحي ذلك الرّسول إلى المرسل إليه بإذن ربّه ما يشاء، يعني: ما يشاء ربّه أن يوحيه إليه من أمرٍ ونهي، وغير ذلك من الرّسالة والوحي.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، في قوله عزّ وجلّ: {وما كان لبشرٍ أن يكلّمه اللّه إلاّ وحيًا} يوحي إليه {أو من وراء حجابٍ} موسى كلّمه اللّه من وراء حجابٍ، {أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء} قال: جبرائيل يأتي بالوحي.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {أو يرسل رسولاً فيوحي}، فقرأته عامّة قرأة الأمصار: {فيوحي} بنصب الياء عطفًا على {يرسل}، ونصبوا {يرسل} عطفًا بها على موضع الوحي ومعناه، لأنّ معناه وما كان لبشرٍ أن يكلّمه اللّه إلاّ أن يوحي إليه أو يرسل إليه رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء، وقرأ ذلك نافعٌ المدنيّ (فيوحي) بإرسال الياء بمعنى الرّفع عطفًا به على (يرسل)، وبرفع (يرسل) على الابتداء.
وقوله: {إنّه عليّ حكيمٌ} يقول تعالى ذكره إنّه يعني نفسه جلّ ثناؤه: ذو علوٍّ على كلّ شيءٍ وارتفاعٍ عليه، واقتدارٍ {حكيمٌ}: يقول: ذو حكمةٍ في تدبيره خلقه). [جامع البيان: 20/540-541]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج بن أبي حاتم عن ابن عباس: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا) الآية. قال: إلا أن يبعث ملكا يوحي إليه من عنده أو يلهمه فيقذف في قلبه، أو يكلمه من وراء حجاب). [الدر المنثور: 13/179-180]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا) . قال: ينفث في قلبه (أو من وراء حجاب) قال: موسى (أو يرسل رسولا) قال: جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم وأشباهه من الأنبياء). [الدر المنثور: 13/180]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن يونس بن يزيد رضي الله عنه قال: سمعت الزهري رضي الله عنه سئل عن قول الله {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا} الآية قال: نزلت هذه الآية تعم من أوحى الله إليه من النبيين فالكلام كلام الله الذي كلم به موسى من وراء حجاب والوحي ما يوحي الله به إلى نبي من أنبيائه فيثبت الله ما أراد من وحيه في قلب النّبيّ فيتكلم به النّبيّ ويعيه وهو كلام الله ووحيه ومنه ما يكون بين الله ورسله لا يكلم به أحدا من الأنبياء ولكنه سر غيب بين الله ورسله ومنه ما يتكلم به الأنبياء عليهم السلام ولا يكتبونه لأحد ولا يأمرون بكتابته ولكنهم يحدثون به الناس حديثا ويبينون لهم أن الله أمرهم أن يبينوه للناس ويبلغوهم ومن الوحي ما يرسل الله به من يشاء من اصطفى من ملائكته فيكلمون أنبياءه ومن الوحي ما يرسل به إلى من يشاء فيوحون به وحيا في قلوب من يشاء من رسله). [الدر المنثور: 13/180-181]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري ومسلم والبيهقي عن عائشة: أن الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يأتيك الوحي قال: أحيانا يأتيني الملك في مثل صلصلة الجرس فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال وهو أشده علي وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول قالت عائشة رضي الله عنها: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم وأن جبينه ليتفصد عرقا). [الدر المنثور: 13/181]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو يعلى والعقيلي والطبراني والبيهقي في الأسماء والصفات وضعفه عن سهل بن سعد وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دون الله سبعون ألف حجاب من نور وظلمة ما يسمع من نفس من حس تلك الحجب إلا زهقت نفسه). [الدر المنثور: 13/181]

تفسير قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى روحا من أمرنا قال رحمة من عندنا). [تفسير عبد الرزاق: 2/193]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم قال لكل قوم هاد). [تفسير عبد الرزاق: 2/193]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن عيسى عن مجاهدٍ {وإنّك لتهدي إلى صراط مستقيم} قال: تدعو [الآية: 52]). [تفسير الثوري: 269]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {روحًا من أمرنا} [الشورى: 52] : «القرآن»). [صحيح البخاري: 6/129]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله روحا من أمرنا القرآن وصله ابن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ بهذا وروى الطّبريّ من طريق السّدّيّ قال في قوله روحا من أمرنا قال وحيًا ومن طريق قتادة عن الحسن في قوله روحا من أمرنا قال رحمةً). [فتح الباري: 8/563]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (ويذكر عن ابن عبّاس عقيما لا تلد روحا من أمرنا القرآن وقال مجاهد يذرؤكم فيه نسل بعد نسل لا حجّة بيننا لا خصومة بيننا وبينكم طرف خفي ذليل فيظللن رواكد على ظهره يتحركن ولا يجرين في البحر
أما قول ابن عبّاس فقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية عن علّي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس في قوله 50 الشورى {عقيما} لا تلقح
وبه في قوله 52 الشورى {روحا من أمرنا} قال القرآن). [تغليق التعليق: 4/304]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (روحاً من أمرنا: القرآن
أشار به إلى قوله تعالى: {وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا} (الشورى: 52) وفسّر الرّوح بالقرآن، وهكذا رواه ابن أبي حاتم من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس رضي الله عنهما، وعن السّديّ: وحيا، وعن الحسن: رحمة). [عمدة القاري: 19/156]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({روحًا من أمرنا}) [الشورى: 52] قال ابن عباس فيما رواه ابن أبي حاتم هو (القرآن) لأن القلوب تحيا به). [إرشاد الساري: 7/330]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورًا نّهدي به من نّشاء من عبادنا وإنّك لتهدي إلى صراطٍ مّستقيمٍ (52) صراط اللّه الّذي له ما في السّموات وما في الأرض ألا إلى اللّه تصير الأمور}.
يعني تعالى ذكره بقوله: {وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا} وكما كنّا نوحي إلى سائر رسلنا، كذلك أوحينا إليك يا محمّد هذا القرآن، روحًا من أمرنا: يقول: وحيًا ورحمةً من أمرنا.
واختلف أهل التّأويل في معنى الرّوح في هذا الموضع، فقال بعضهم: عنى به الرّحمة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، عن الحسن، في قوله: {روحًا من أمرنا} قال: رحمةً من أمرنا.
وقال آخرون: معناه: وحيًا من أمرنا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، في قوله: {وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا} قال: وحيًا من أمرنا.
وقد بيّنّا معنى الرّوح فيما مضى بذكر اختلاف أهل التّأويل فيها بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وقوله: {ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان} يقول جلّ ثناؤه لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: ما كنت تدري يا محمّد أيّ شيءٍ الكتاب ولا الإيمان اللّذين أعطيناكهما {ولكن جعلناه نورًا} يقول: ولكن جعلنا هذا القرآن، وهو الكتاب نورًا، يعني ضياءً للنّاسٍ، يستضيئون بضوئه الّذي بيّن اللّه فيه، وهو بيانه الّذي بيّن فيه ممّا لهم، في العمل به الرّشاد، ومن النّار النّجاة {نهدي به من نشاء من عبادنا} يقول: نهدي بهذا القرآن، فالهاء في قوله به من ذكر الكتاب.
ويعني بقوله: {نهدي به من نشاء} نسدّد إلى سبيل الصّواب، وذلك الإيمان باللّه {من نشاء من عبادنا} يقول: نهدي به من نشاء هدايته إلى الطّريق المستقيم من عبادنا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، {ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان} يعني محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم {ولكن جعلناه نورًا نهدي به من نشاء من عبادنا} يعني بالقرآن.
وقال جلّ ثناؤه {ولكن جعلناه} فوحّد الهاء، وقد ذكر قبل الكتاب والإيمان، لأنّه قصد به الخبر عن الكتاب وقال بعضهم: عنى به الإيمان والكتاب، ولكن وحّد الهاء، لأنّ أسماء الأفعال يجمع جميعها الفعل، كما يقال: إقبالك وإدبارك يعجبني، فيوحّدهما وهما اثنان.
وقوله: {وإنّك لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ} يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: وإنّك يا محمّد لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ عبادنا، بالدّعاء إلى اللّه، والبيان لهم.
- كما حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وإنّك لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ} قال تبارك وتعالى {ولكلّ قومٍ هادٍ} داعٍ يدعوهم إلى اللّه تعالى ذكره.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {وإنّك لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ} قال: لكلّ قومٍ هادٍ.
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، {وإنّك لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ} يقول: تدعو إلى دينٍ مستقيمٍ). [جامع البيان: 20/541-544]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا الحسن بن عليّ بن عفّان العامريّ، ثنا يحيى بن فضيلٍ، ثنا الحسن بن صالح بن صالح بن حيٍّ، عن عبد اللّه بن محمّد بن عقيلٍ، عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما، {وإنّك لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ} [الشورى: 52] قال: «الصّراط المستقيم هو الإسلام وهو أوسع ما بين السّماء والأرض» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/484]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو بكرٍ الشّافعيّ، ثنا إسحاق بن الحسن، ثنا أبو حذيفة، ثنا سفيان، عن منصورٍ، عن أبي وائلٍ، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، في قوله عزّ وجلّ {وإنّك لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ} [الشورى: 52] قال: «كتاب اللّه»). [المستدرك: 2/485]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 52 - 53.
أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا} قال: القرآن). [الدر المنثور: 13/181]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو نعيم في الدلائل، وابن عساكر عن علي رضي الله عنه قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: هل عبدت وثنا قط قال: لا قالوا: فهل شربت خمرا قط قال: لا وما زلت أعرف الذي هم عليه كفر (وما كنت أدري ما الكتاب ولا الإيمان) وبذلك نزل القرآن (ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان) ). [الدر المنثور: 13/181-182]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {وإنك لتهدي} قال: لتدعو). [الدر المنثور: 13/182]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} قال: قال الله (ولكل قوم هاد) (يوسف 7) قال: داع يدعو إلى الله تعالى). [الدر المنثور: 13/182]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} قال: تدعو). [الدر المنثور: 13/182]

تفسير قوله تعالى: (صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {صراط اللّه الّذي له ما في السّموات وما في الأرض} يقول جلّ ثناؤه: وإنّك لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ، وهو الإسلام، طريق اللّه الّذي دعا إليه عباده، الّذي لهم ملك جميع ما في السّموات وما في الأرض، لا شريك له في ذلك والصّراط الثّاني: ترجمةٌ عن الصّراط الأوّل.
وقوله: {ألا إلى اللّه تصير الأمور} يقول جلّ ثناؤه: ألا إلى اللّه أيّها النّاس تصير أموركم في الآخرة، فيقضي بينكم بالعدل.
فإن قال قائلٌ: أوليست أمورهم في الدّنيا إليه؟
قيل: هي وإن كان إليه تدبير جميع ذلك، فإنّ لهم حكّامًا وولاةً ينظرون بينهم، وليس لهم يوم القيامة حاكمٌ ولا سلطانٌ غيره، فلذلك قيل: إليه تصير الأمور هنالك، وإن كانت الأمور كلّها إليه وبيده قضاؤها وتدبيرها في كلّ حالٍ). [جامع البيان: 20/544]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 11:27 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

التفسير اللغوي



تفسير قوله تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {يهب لمن يشاء إناثاً...}.
محضاً لا ذكور فيهن، ويهب لمن يشاء الذكور محضاً لا إناث فيهم، أو يزوجهم يقول: يجعل بعضهم بنين، ويجعل بعضهم بنات ذلك التزويج في هذا الموضع. والعرب تقول: له بنون شطرة إذا كان نصفهم ذكوراً، ونصفهم إناثاً، ومعنى هذا -والله أعلم- كمعنى ما في كتاب الله). [معاني القرآن: 3/26]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ يهب لمن يشاء إناثاً }: أي أنثى, {ويهب لمن يشاء الذّكور}: أي: ذكراً). [مجاز القرآن: 2/201]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذّكور * أو يزوّجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنّه عليم قدير}
أي: ويجعل ما يهبه من الولد: ذكرانا, وإناثا). [معاني القرآن: 4/402](م)

تفسير قوله تعالى: {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({أو يزوّجهم ذكراناً وإناثاً}: أنثى وأنثى, وذكراً وذكراً, أو ذكراً و أنثى). [مجاز القرآن: 2/201]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أو يزوّجهم ذكراناً وإناثاً} :أي: يجعل بعضهم بنين، وبعضهم بنات, تقول العرب: زوجت إبلي، إذا قرنت بعضها ببعض, وزوجت الصغار بالكبار: إذا قرنت كبيرا بصغير). [تفسير غريب القرآن: 394]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذّكور * أو يزوّجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنّه عليم قدير}
أي: ويجعل ما يهبه من الولد ذكرانا وإناثا.
فمعنى: {يزوّجهم ذكرانا وإناثا} أي: يقرنهم، وكل اثنين يقترن أحدهما بالآخر فهما زوجان، كل واحد منهما يقال له زوج.
تقول: عندي زوجان من الخفاف، يعني أن عندك من العدد اثنين أي خفين، وكذلك المرأة وزوجها زوجان.
وقوله: {ويجعل من يشاء عقيما} أي: يجعل المرأة عقيما، وهي التي لا تلد، وكذلك رجل عقيم أيضا لا يولد له، وكذلك الريح العقيم: التي لا يكون عنها مطر, ولا خير). [معاني القرآن: 4/402]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما}
قال عبيدة، وأبو مالك, والحسن، ومجاهد، والضحاك: والمقصود لفظ عبيدة, أي: يهب لمن يشاء ذكورا يولدون له ولا يولد له إناث, ويهب لمن يشاء إناثا يولدون له ولا يولد له ذكر, أو يزوجهم ذكرانا وإناثا يولد له ذكور ويولد له إناث, قال عبيدة: ويجعل من يشاء عقيما لا يولد له.
قال أبو جعفر: يقال لكل اثنين مقترنين: زوجان, كل واحد منهما زوج, من ذلك: الرجل والمرأة, والخفان, والنعلان فمعنى: {يزوجهم ذكرانا وإناثا }: يقرنهم, أي يقرن لهم, كما قال: {والقمر قدرناه منازل}.
ويقال: زوجت إبلي صغيرها وكبيرها, أي: قرنت صغيرها مع كبيرها.
ويقال: رجل عقيم: لا يولد له, وامرأة عقيم: لا تلد, وريح عقيم: لا تأتي بمطر, ولا خير). [معاني القرآن: 6/325-326]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({أو يزوجهم}: أي: يقرنهم). [ياقوتة الصراط: 457]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وما كان لبشرٍ أن يكلّمه اللّه إلاّ وحياً...}.
كما كان النبي صلى الله عليه يرى في منامه، ويلهمه، أو من وراء حجاب، كما كلّم موسى من وراء حجاب، أو يرسل رسولا ملكا من ملائكته, فيوحي بإذنه، ويكلم النبي بما يشاء الله, وذلك في قوله: {أو يرسل رسولا...}: الرفع, والنصب أجود ...
- رفع نافع المدينيّ، ونصبت العوام, ومن رفع {يرسل}, قال: {فيوحي}, مجزومة الياء). [معاني القرآن: 3/26]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أن يكلّمه اللّه إلّا وحياً}: في المنام، {أو من وراء حجابٍ}: كما كلم موسى عليه السلام، {أو يرسل رسولًا}: أي: ملكا، {فيوحي بإذنه ما يشاء}: فيكلمه عنه بما يشاء). [تفسير غريب القرآن: 394]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وكتبوا: {وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ}بالياء، {أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} بالياء في الحرفين جميعا، كأنهما مضافان، ولا ياء فيهما، إنما هي مكسورة). [تأويل مشكل القرآن: 56-58](م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأما قول من قال منهم: إن قوله للملائكة: {اسْجُدُوا لِآَدَمَ} إلهام، {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} أي إلهاما- فما ننكر أنّ القولَ قد يُسَمَّى وحياً، والإيماء وحياً، والرمز بالشفتين والحاجبين وحياً، والإلهام وحياً. وكل شيء دللت به فقد أوحيت به، غير أنَّ إلهام النّحل تسخيرها لاتخاذ البيوت، وسلوك السّبل والأكل من كل الثمرات.
وقال العجّاج وذكر الأرض:

وَحَى لَها القَرارَ فاستقَرَّتِ
أي: سخّرها لأن تستقر، فاستقرت.
وأما قوله: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} فالوحي الأول: ما أراه الله تعالى الأنبياء في منامهم.
والكلام من وراء الحجاب: تكليمه موسى.
والكلام بالرسالة: إرساله الروح الأمين بالرّوح من أمره إلى من يشاء من عباده.
ولا يقال لمن ألهمه الله: كلّمه الله، لما أعلمتك من الفرق بين (الكلام) (والقول).
ولا يجوز أن يكون قوله للملائكة وإبليس، وطول مراجعته إياه في السّجود، والخروج من الجنة، والنّظرة إلى يوم البعث- إلهاما. هذا ما لا يعقل. وإن كان ذلك تسخيرا فكيف يسخّر لشيء يمتنع منه؟). [تأويل مشكل القرآن: 111-112]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الوحي: كلّ شيء دللت به من كلام أو كتاب أو إشارة أو رسالة...
والوحي: إعلام في المنام، كقوله: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ}). [تأويل مشكل القرآن: 489-490]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {وما كان لبشر أن يكلّمه اللّه إلّا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنّه عليّ حكيم}
يقرأ: (أو يرسل) برفع {يرسل}, و(فيوحي) بإسكان الياء.
والتفسير: أن كلام الله للبشر إما أن يكون برسالة ملك إليهم كما أرسل إلى أنبيائه، أو من وراء حجاب كما كلم موسى عليه السلام، أو بإلهام يلهمهم.
قال سيبويه: سألت الخليل عن قوله تعالى : {أو يرسل رسولا} بالنصب.
فقال:{يرسل} محمول على {أن يوحي}هذه التي في قوله أن يكلمه اللّه.
قال: لأن ذلك غير وجه الكلام لأنه يصرف المعنى: ما كان لبشر أن يرسل اللّه رسولا، وذلك غير جائز، لأن ما نرسل محمول على وحي.
المعنى: ماكان لبشر أن يكلمه اللّه إلا بأن يوحي, أوأن يرسل.
ويجوز الرفع في {يرسل} على معنى الحال، ويكون المعنى: ما كان لبشر أن يكلمه اللّه إلا موحيا, أو مرسلا رسولا كذلك كلامه إيّاهم.
قال الشاعر:




وخيل قد دلفت لها بخيل تحية بينهم ضرب وجيع



ومثل قوله: (أو يرسل) بالنصب قوله الشاعر:




ولولا رجال من رزام أعزّة وآل سبيع أو أسوءك علقما



والمعنى: أو أن أسوءك.
وقال: ويجوز أن يرفع (أو يرسل) على معنى: أو هو يرسل، وهذا قول الخليل, وسيبويه, وجميع من يوثق بعلمه). [معاني القرآن: 4/402-403]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء}
في المعنى قولان:
- فالذي عليه أهل التفسير ما قاله مجاهد, قال: {إلا وحيا}: أن ينفث في قلبه.
{أو من وراء حجاب}: كما كلم موسى صلى الله عليه وسلم , {أو يرسل رسولا } كما أرسل جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم , وإلى أشباهه.
- والقول الآخر: أن معنى: {إلا وحيا}: كما أوحي إلى الأنبياء صلى الله عليهم بإرسال جبريل صلى الله عليه, {أو من وراء حجاب}: كما كلم موسى, {أو يرسل رسولا}: إلى الناس عامة
ويقرأ: {أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه}: وهذا في موضع الحال, أي : الذي يقوم مقام الكلام ما ذكر, ويجوز أن يكون مقطوعا من الأول). [معاني القرآن: 6/326-327]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({إِلَّا وَحْيًا}: أي: في المنام, {أو مِن وَرَاء حِجَابٍ}: كما كلم موسى عليه السلام, {أو يُرْسِلَ رَسُولًا}: أي: ملكاً, {فَيُوحِيَ}: إلى النبي "صلى الله عليه وسلم" ما شاء الله مثل جبريل عليه السلام). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 220]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً...}
يعني التنزيل، وقال بعضهم: أراد القرآن والإيمان، وجاز أن يقول: جعلناه لاثنين؛ لأن الفعل في كثرة أسمائه يضبطه الفعل، ألا ترى أنك تقول: إقبالك وإدبارك يغمني، وهما اثنان فهذا من ذلك). [معاني القرآن: 3/27]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنها إرشاد بالدعاء، كقوله: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}، أي نبيّ يدعوهم.
وقوله: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا}أي يدعون، {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} أي تدعو).[تأويل مشكل القرآن: 443-444](م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وكلام الله: روح، لأنه حياة من الجهل وموت الكفر، قال: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} [غافر: 15]، وقال: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا}). [تأويل مشكل القرآن: 487](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله جلّ وعزّ: {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنّك لتهدي إلى صراط مستقيم}
أي: فعلنا في الوحي اليك, كما فعلنا بالرسل من قبلك.
وموضع {كذلك} نصب بقوله {أوحينا}.
ومعنى {روحا من أمرنا}: ما نحيي به الخلق من أمرنا, أي: ما يهتدى به, فيكون حيّا.
- وقوله: {ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا}, ولم يقل جعلناهما لأن المعنى: ولكن جعلنا الكتاب نورا، وهو دليل على الإيمان.
- وقوله: {وإنّك لتهدي إلى صراط مستقيم}، ويقرأ: (وإنّك لتهدي)، فمن قرأ (لتَهْدِي)، فالمعنى تهدي بما أوحينا إليك إلى صراط مستقيم، ويجوز أن يكون {لَتُهْدَى}مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم وأمّته، فيكون المعنى: وإنك وأمتك لتهدون إلى صراط مستقيم، كما قال: {يا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم النّساء}, فهو بمنزلة: يا أيها الناس المؤمنون إذا طلقتم النساء). [معاني القرآن: 4/403-404]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا}
قال ابن عباس: النبوة.
قال أبو جعفر: أي: وكذلك أوحينا إليك ما تحيا به النفوس, أي: ما تهتدي به.
وقال قتادة والحسن: {روحا من أمرنا}, أي: رحمة من عندنا.
وقوله جل وعز: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم}: أي: بما أوحينا إليك.
وقال معلى: سمعت حوشبا يقرأ: {وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم}
وفي قراءة أبي: {وإنك لتدعو إلى صراط مستقيم}.
قال أبو جعفر: وهذا لا يقرا به لأنه مخالف للسواد, وإنما يحمل ما كان مثله على أنه من قائله على جهة التفسير, و كما قال سفيان في قوله جل وعز: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} أي: لتدعو.
وروى معمر, عن قتادة في قوله تعالى: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم}, قال: لكل قوم هاد). [معاني القرآن: 6/328-329]

تفسير قوله تعالى: {صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({صراط اللّه الّذي له ما في السّماوات وما في الأرض ألا إلى اللّه تصير الأمور}
وقال: {ألا إلى اللّه تصير الأمور} لأن الله تبارك وتعالى يتولى الأشياء دون خلقه يوم القيامة, وهو في الدنيا قد جعل بعض الأمور إليهم من الفقهاء, والسلطان, وأشباه ذلك). [معاني القرآن: 4/12]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ويكنى عن كل شيء: بالأمر، لأن كلّ شيء يكون فإنما يكون بأمر الله، فسميت الأشياء: أمورا، لأن الأمر سببها، يقول الله تعالى: {أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ}). [تأويل مشكل القرآن: 515]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (
وقوله: {صراط اللّه الّذي له ما في السّماوات وما في الأرض ألا إلى اللّه تصير الأمور}
{صراط اللّه}: خفض بدل من{صراط مستقيم}، المعنى: وإنّك لتهدي إلى صراط اللّه.
ويجوز (صراط اللّه) بالرفع، و (صراط اللّه) بالنصب.
ولا أعلم أحدا قرأ بهما, ولا بواحدة منهما، فلا تقرأنّ بواحدة منهما لأن القراءة سنّة, لا تخالف، وإن كان ما يقرأ به جائزا في النحو). [معاني القرآن: 4/404]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 11:28 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]





تفسير قوله تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) }

تفسير قوله تعالى: {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (الكسائي: عقيم بين العُقْم والعَقَم. أبو زيد: عاقر بينة العقر). [الغريب المصنف: 3/686] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وسألت الخليل عن قوله عز وجل: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء} فزعم أن النصب محمول على أن سوى هذه التي قبلها ولو كانت هذه الكلمة على أن هذه لم يكن للكلام وجهٌ ولكنه لما قال: {إلا وحيا أو من وراء حجاب} كان في معنى إلا أن يوحي وكان أو يرسل فعلاً لا يجري على إلا فأجري على أن هذه كأنه قال إلا أن يوحي أو يرسل لأنه لو قال إلا وحياً وإلا أن يرسل كان حسناً وكان أن يرسل بمنزلة الإرسال فحملوه على أن إذ لم يجز أن يقولوا أو إلا يرسل فكأنه قال إلا وحياً أو أن يرسل.
وقال الحصين بن حمام المري:




ولولا رجالٌ من رزامٍ أعزّةٌ وآل سبيع أو أسوءك علقما



يضمر أن وذاك لأنه امتنع أن يجعل الفعل على لولا فأضمر أن كأنه قال لولا ذاك أو لولا أن أسوءك.
وبلغنا أن أهل المدينة يرفعون هذه الآية: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء} فكأنه والله أعلم قال الله عز وجل لا يكلم الله البشر إلا وحياً أو يرسل رسولاً أي في هذه الحال وهذا كلامه إياهم كما تقول العرب تحيتك الضرب وعتابك السيف وكلامك القتل). [الكتاب: 3/49-50]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما قوله عز وجل: {وما كان لبشرٍ أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً} فإن النحويين يزعمون أن الكلام ليس محمولاً على أن يكلمه الله، ولو كان يرسل محمولاً على ذلك لبطل المعنى؛ لأنه كان يكون ما كان لبشر أن يكلمه الله أو يرسل، أي ما كان لبشر أن يرسل الله إليه رسولاً. فهذا لا يكون. ولكن المعنى والله أعلم ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً، أي: إلا أن يوحي، أو يرسل، فهو محمول على قوله وحياً، أي: إلا وحياً، أو إرسالاً.
وأهل المدينة يقرؤون أو يرسل رسولاً يريدون: أو هو يرسل رسولاً، أي فهذا كلامه إياهم على ما يؤديه الوحي والرسول.
وأما قوله: {لنبين لكم ونقر في الأرحام}. على ما قبله، وتمثيله: ونحن نقر في الأرحام ما نشاء.
وأما قوله: {ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة} فيقرأ رفعاً ونصباً.
فأما النصب فعلى قوله: {ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس} أي ما كان له أن يقول للناس ولا أن يأمركم أن تتخذوا الملائكة.
ومن قرأ يأمُرُكم فإنما أراد: ولا يأمركم الله، وقطعه من الأول.
فالمعنيان جميعاً جيدان يرجعان إلى شيءٍ واحد إذا حصلا). [المقتضب: 2/33-34]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب يدل المعرفة من النكرة والمعرفة من المعرفة
وقطع المعرفة من المعرفة مبتدأة
أما بدل المعرفة من النكرة فقولك مررت برجل عبد الله كأنه قيل له بمن مررت أو أظن أنه يقال له ذاك فأبدل مكانه ما هو أعرف منه.
ومثل ذلك قوله عز وجل ذكره: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله} ). [الكتاب: 2/14]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما بدل المعرفة من المعرفة فكقولك: مررت بأخيك عبد الله.
ونظير بدل المعرفة من المعرفة نحو قول الله عز وجل: {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم}.
وبدل المعرفة من النكرة كقولك: مررت برجل زيد. كأنك نحيت الرجل ووضعت زيدا مكانه. فكأنك قلت: مررت بزيد، لأن ذلك الرجل هو زيد في المعنى: ونظير هذا قول الله: {وإنك لتهدي إلى صراطٍ مستقيم صراط الله}.
وبدل النكرة من المعرفة كقولك: مررت بزيد رجل صالح، وضعت الرجل في موضع زيد، لأنه هو في المعنى. ونظير هذا قول الله عز وجل: {لنسفعا بالناصية ناصيةٍ كاذبةٍ}.
وأما بدل بعض الشيء منه للتبيين فنحو قولك: ضربت زيدا رأسه وجاءني قومك بعضهم أراد أن يبين الموضع الذي وقع الضرب به منه، وأن يعلمك أن بعض القوم جاء لا كلهم. ومن ذلك قول الله عز وجل: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} لأن فرض الحج إنما وقع منهم على المستطيع.
وقد يجوز أن يبدل الشيء من الشيء إذا اشتمل عليه معناه، لأنه يقصد قصد الثاني، نحو قولك: سلب زيدٌ ثوبه، لأن معنى سلب: أخذ ثوبه، فأبدل منه لدخوله في المعنى.
ولو نصبت الثوب كان أجود إذا لم ترد البدل.
ومثل ذلك قول الله عز وجل: {يسألونك عن الشهر الحرام قتالٍ فيه}، لأن المسألة وقعت عن القتال. ومثل ذلك قول الأعشى ينشد كما أصف لك:




لقد كان في حولٍ ثواءٍ ثويته تقضي لباناتٍ ويسأم سائم).



[المقتضب: 1/164-165]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما المعرفة والنكرة. فإن أبدلت معرفة من نكرة قلت: مررت برجل زيد ومررت بذي مال أخيك. قال الله عز وجل: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم * صراط الله}. فهذا بدل المعرفة من النكرة.
وفي المعرفتين قوله: {اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم}.
وفي بدل النكرة من المعرفة قوله: مررت بزيد صاحب مال، ومررت بالرجل رجل صالح. قال الله عز وجل: {كلا لئن لم ينته لنسفعاً بالناصية * ناصية}.
فأما المضمر والمظهر فكقولك: زيد مررت به أخيك. وتقول: رأيت زيداً إياه، وأخوك رأيته زيداً، والمضمران: رأيتك إياه. فهذا ضرب من البدل.
والضرب الآخر أن تبدل بعض الشيء منه؛ لتعلم ما قصدت له، وتبينه للسامع. وذلك قولهم: ضربت زيداً رأسه. أردت أن تبين موضع الضرب منه، فصار كقولك: ضربت رأس زيد.
ومنه: جاءني قومك أكثرهم. بينت من جاءك منهم. قال الله عز وجل: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً} من في موضع خفض؛ لأنه على من استطاع إليه سبيلاً.
ومن ذلك إلا أنه أعيد معه حرف الخفض: {قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم}. كان أيضاً جيداً كالآية التي ذكرنا قبل. فهذان ضربان.
والضرب الثالث أن يكون المعنى محيطاً بغير الأول الذي سبق له الذكر لالتباسه بما بعده، فتبدل منه الثاني المقصود في الحقيقة. وذلك قولك: مالي بهم علم أمرهم، فأمرهم غيرهم. وإنما أراد: مالي بأمرهم علم. فقال: مالي بهم علم وهو يريد أمرهم. ومثل ذلك: أسألك عن عبد الله متصرفه في تجارته؛ لأن المسألة عن ذلك. قال الله عز وجل: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه} لأن المسألة عن القتال، ولم يسألوا أي الشهر الحرام? وقال: {قتل أصحاب الأخدود * النار ذات الوقود} لأنهم أصحاب النار التي أوقدوها في الأخدود). [المقتضب: 4/295-297]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (والبدل على أربعة أضرب: فواحد منها أن يبدل أحد الاسمين من الآخر إذا رجعا إلى واحد، ولا تبالي أمعرفتين كانا أم معرفة ونكرة، وتقول: مررت بأخيك زيد، لأن زيدًا رأسه. لما قلت: ضربت زيدًا، أردت أن تبين موضع الضرب منه.
فمثل الأول قول الله تبارك وتعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}. وقوله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ}. و{لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}.
ومثل البدل الثاني قوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} «من» في موضع خفض، لأنها بدل من الناس، ومثله، إلا أنه أعيد حرف الخفض: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ}.
والبدل الثالث مثل ما ذكرنا في البيت، أبدل: "شمائله" منه، وهي غيره، لاشتمال المعنى عليها، ونظير ذلك: أسألك عن زيد أمره. لأن السؤال عن الأمر وتقول على هذا: سلب زيد ثوبه، فالثوب غيره، ولكن به وقع السلب، كما وقعت المسألة عن خبر زيد، ونظير ذلك من القرآن: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ}. لأن المسألة إنما كانت عن القتال: هل يكون في الشهر الحرام? وقال الشاعر وهو الأخطل:




إن السيوف غدوها ورواحهـا تركت هوازن مثل قرن الأعضب



وبدل رابع، لا يكون مثله في القرآن ولا في الشعر، وهو أن يغلط المتكلم فيستدرك غلطه، أو ينسى فيذكر فيرجع إلى حقيقة ما يقصد له، وذلك قوله: مررت بالمسجد دار زيد، أراد أن يقول: مررت بدار زيد، فإما نسي، وإما غلط، فاستدرك فوضع الذي قصد له في موضع الذي غلط فيه). [الكامل: 2/905-907] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا} قال: الأنبياء صلى الله عليهم وسلم وكانوا بين قومهم يرون أنهم في مللهم، فنجاهم الله منها.
ومثله {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ} ). [مجالس ثعلب: 399] (م)

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 01:27 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 01:27 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 01:30 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور * أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير * وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم * وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم * صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور}
الآية الأولى آية اعتبار دالة على القدرة والملك المحيط بالخلق، وأن مشيئته عز وجل نافذة في جميع خلقه، وفي كل أمرهم، وهذا لا مدخل لصنم فيه، فإن الذي يخلق ما يشاء ويخترع إنما هو الله سبحانه، وهو الذي يقسم الخلق، فيهب الإناث لمن شاء أن يجعل نسله نساء، ويهب الذكور لمن شاء على هذا الحد، أو ينوعهم: مرة يهب ذكرا، ومرة أخرى أنثى، وذلك معنى قوله تعالى: {أو يزوجهم}، وقال محمد بن الحنفية: يريد بقوله: {أو يزوجهم}: التوأم، أي: يجعل في بطن زوجا من الذرية ذكرا وأنثى. و"العقيم": الذي لا يولد له، وهذا كله مدبر بالعلم والقدرة، وهذه الآية تقضي بفساد وجود الخنثى المشكل.
وبدأ تعالى في هذه الآية بذكر الإناث تأنيسا بهن وتشريفا لهن ليتهمم بصونهن والإحسان إليهن، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: "من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له حجابا من النار"، وقال وائل بن الأسقع: "من يمن المرأة تبكيرها بالأنثى قبل الذكر، لأن الله تعالى بدأ بالإناث"، حكاه عنه الثعلبي. وقال إسحاق بن بشر: نزلت هذه الآية في الأنبياء عليهم السلام ثم عممت، فلوط عليه السلام أبو البنات لم يولد له ذكر، وإبراهيم عليه السلام ضده، ومحمد عليه الصلاة والسلام ولد له الصنفان، ويحيى بن زكريا عليهما السلام عقيم). [المحرر الوجيز: 7/ 528-529]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وما كان لبشر} الآية، نزلت بسبب خوض كان للكفار في معنى تكليم الله تعالى موسى عليه السلام ونحو ذلك، ذهبت قريش واليهود في ذلك إلى تجسيم ونحوه، فنزلت الآية مبينة صورة تكليم الله تبارك وتعالى عباده كيف هو، فبين تعالى أنه لا يكون لأحد من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولا ينبغي له ولا يمكن فيه أن يكلمه الله تبارك وتعالى إلا بأن يوحي إليه أحد وجوه الوحي من الإلهام. قال مجاهد: والنفث في القلب، وقال النقاش: أو وحي في منام؟ قال إبراهيم النخعي: كان من الأنبياء عليهم السلام من يخط له في الأرض ونحو هذا، أو بأن يسمعه كلامه دون أن يعرف هو للمتكلم جهة ولا خبرا كموسى عليه السلام، وهذا معنى: من وراء حجاب أي: من خفاء عن المتكلم لا يحده ولا يتصور بذهنه عليه، وليس كالحجاب في الشاهد، أو بأن يرسل إليه ملكا يشافهه بوحي الله تبارك وتعالى.
وقرأ جمهور القراء والناس: "أو يرسل" بالنصب، "فيوحي" بالنصب أيضا. وقرأ نافع، وابن عامر، وأهل المدينة: "أو يرسل" بالرفع "فيوحي" بسكون الياء ورفع الفعل، فأما القراءة الأولى فقال سيبويه: سألت الخليل عنها فقال: هي محمولة على "أن" غير التي في قوله تعالى: {أن يكلمه الله} لأن المعنى كان يفسد لو عطف على هذه، وإنما التقدير في قوله تعالى: "وحيا": "إلا أن يوحي وحيا"، وقوله تعالى: {أو من وراء حجاب}، "من" متعلقة بفعل يدل ظاهر الكلام عليه، تقديره: أو يكلمه من وراء حجاب، ثم عطف تعالى: "أو يرسل" على هذا الفعل المقدر، وأما القراءة الثانية فعلى أن "يرسل" في موضع الحال أو على القطع، كأنه تعالى قال: "أو هو يرسل"، وكذلك يكون قوله تعالى: "إلا وحيا" مصدر في موضع الحال، كما تقول: أتيتك ركضا وعدوا، وكذلك قوله تعالى: {من وراء حجاب} في موضع الحال أيضا، كما هو قوله تعالى: {ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين} في موضع الحال، فكذلك "من" وما عملت فيه هذه الآية أيضا، ثم عطف قوله تعالى: "أو يرسل" على هذه الحال المتقدمة، وفي هذه الآية دليل على أن الرسالة من أنواع التكليم، وأن الحالف المرسل حانث إذا حلف ألا يكلم إنسانا فأرسل وهو لا ينوي المشافهة وقت يمينه). [المحرر الوجيز: 7/ 529-530]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله تعالى: {وكذلك أوحينا إليك} المعنى: وبهذه الطرق ومن هذا الجنس أوحينا إليك، أي: كالرسل. و"الروح" في هذه الآية: القرآن وهدى الشريعة، سماه روحا من حيث يحيي به البشر والعالم، كما يحيي الجسد بالروح، فهذا على جهة التشبيه، وقوله تعالى: {من أمرنا} أي: واحد من أمورنا، ويحتمل أن يكون "الأمر" بمعنى الكلام، و"من" لابتداء الغاية، وقوله تعالى: و{ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان} توقيف على مقدار النعمة، والضمير في: "جعلناه" عائد على "الكتاب"، و"نهدي" معناه: نرشد، وقرأ جمهور الناس: "وإنك لتهدي" بفتح التاء وكسر الدال. وقرأ حوشب: "وإنك لتهدى" بضم التاء وفتح الدال على بناء الفعل للمفعول، وفي حرف أبي: "وإنك لتدعو"، وهي تعضد قراءة الجمهور، وقرأ ابن السميفع، وعاصم الجحدري: "وإنك لتهدي" بضم التاء وكسر الدال). [المحرر الوجيز: 7/ 530-531]

تفسير قوله تعالى: {صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {صراط الله} يعني: صراط شرع الله تعالى ورحمته، فبهذا الوجه ونحوه من التقدير أضيف الصراط إلى الله تعالى، واستفتح تعالى القول في الإخبار بصيرورة الأمور إلى الله تعالى مبالغة وتحقيقا وتثبيتا، والأمور صائرة على الدوام إلى الله تعالى، ولكن جاءت هذه العبارة مستقبلة تقريعا لمن في ذهنه أن شيئا من الأمور إلى البشر، وقال سهل ابن أبي الجعد: احترق مصحف، فلم يبق منه إلا قوله تعالى: {ألا إلى الله تصير الأمور}.
كمل تفسير سورة الشورى والحمد لله رب العالمين). [المحرر الوجيز: 7/ 531]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 02:46 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 02:48 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({للّه ملك السّموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذّكور (49) أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا ويجعل من يشاء عقيمًا إنّه عليمٌ قديرٌ (50)}
يخبر تعالى أنّه خالق السّموات والأرض ومالكهما والمتصرّف فيهما، وأنّه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنّه يعطي من يشاء، ويمنع من يشاء، ولا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، وأنّه يخلق ما يشاء، و {يهب لمن يشاء إناثًا} أي: يرزقه البنات فقط -قال البغويّ: ومنهم لوطٌ، عليه السّلام {ويهب لمن يشاء الذّكور} أي: يرزقه البنين فقط. قال البغويّ: كإبراهيم الخليل، عليه السّلام -لم يولد له أنثى. {أو يزوّجهم ذكرانًا وإناثًا} أي: ويعطي من يشاء من النّاس الزّوجين الذّكر والأنثى، أي: من هذا وهذا. قال البغويّ: كمحمّدٍ، عليه الصّلاة والسّلام {ويجعل من يشاء عقيمًا} أي: لا يولد له. قال البغويّ: كيحيى وعيسى، عليهما السّلام، فجعل النّاس أربعة أقسامٍ، منهم من يعطيه البنات، ومنهم من يعطيه البنين، ومنهم من يعطيه من النّوعين ذكورًا وإناثًا، ومنهم من يمنعه هذا وهذا، فيجعله عقيمًا لا نسل له ولا يولد له، {إنّه عليمٌ} أي: بمن يستحقّ كلّ قسمٍ من هذه الأقسام، {قديرٌ} أي: على من يشاء، من تفاوت النّاس في ذلك.
وهذا المقام شبيهٌ بقوله تعالى عن عيسى: {ولنجعله آيةً للنّاس} [مريم: 21] أي: دلالةً لهم على قدرته، تعالى وتقدّس، حيث خلق الخلق على أربعة أقسامٍ، فآدم، عليه السّلام، مخلوقٌ من ترابٍ لا من ذكرٍ ولا أنثى، وحوّاء عليها السّلام، [مخلوقةٌ] من ذكرٍ بلا أنثى، وسائر الخلق سوى عيسى [عليه السّلام] من ذكرٍ وأنثى، وعيسى، عليه السّلام، من أنثى بلا ذكرٍ فتمّت الدّلالة بخلق عيسى ابن مريم، عليهما السّلام؛ ولهذا قال: {ولنجعله آيةً للنّاس}، فهذا المقام في الآباء، والمقام الأوّل في الأبناء، وكلٌّ منهما أربعة أقسام، فسبحان العليم القدير). [تفسير ابن كثير: 7/ 216]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما كان لبشرٍ أن يكلّمه اللّه إلا وحيًا أو من وراء حجابٍ أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنّه عليٌّ حكيمٌ (51) وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورًا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنّك لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ (52) صراط اللّه الّذي له ما في السّموات وما في الأرض ألا إلى اللّه تصير الأمور (53)}
هذه مقامات الوحي بالنّسبة إلى جناب اللّه، عزّ وجلّ، وهو أنّه تعالى تارةً يقذف في روع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم شيئًا لا يتمارى فيه أنّه من اللّه عزّ وجلّ، كما جاء في صحيح ابن حبّان، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "إنّ روح القدس نفث في روعي: إنّ نفسًا لن تموت حتّى تستكمل رزقها وأجلها، فاتّقوا اللّه وأجملوا في الطّلب".
وقوله: {أو من وراء حجابٍ} كما كلّم موسى، عليه السّلام، فإنّه سأل الرّؤية بعد التّكليم، فحجب عنها.
وفي الصّحيح أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال لجابر بن عبد اللّه: "ما كلّم اللّه أحدًا إلّا من وراء حجابٍ، وإنّه كلّم أباك كفاحًا" الحديث، وكان [أبوه] قد قتل يوم أحدٍ، ولكنّ هذا في عالم البرزخ، والآية إنّما هي في الدّار الدّنيا.
وقوله: {أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء} كما ينزل جبريل [عليه السّلام] وغيره من الملائكة على الأنبياء، عليهم السّلام، {إنّه عليٌّ حكيمٌ}، فهو عليٌّ عليمٌ خبيرٌ حكيمٌ). [تفسير ابن كثير: 7/ 217]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله {وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا} يعني: القرآن، {ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان} أي: على التّفصيل الّذي شرع لك في القرآن، {ولكن جعلناه} أي: القرآن {نورًا نهدي به من نشاء من عبادنا}، كقوله: {قل هو للّذين آمنوا هدًى وشفاءٌ والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ وهو عليهم عمًى أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ} [فصّلت:44].
وقوله: {وإنّك} [أي] يا محمّد {لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ}، وهو الخلق القويم.
ثمّ فسّره بقوله: {صراط اللّه [الّذي]} أي: شرعه الّذي أمر به اللّه، {الّذي له ما في السّموات وما في الأرض} أي: ربّهما ومالكهما، والمتصرّف فيهما، الحاكم الّذي لا معقّب لحكمه، {ألا إلى اللّه تصير الأمور}، أي: ترجع الأمور، فيفصلها ويحكم فيها). [تفسير ابن كثير: 7/ 217]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:41 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة