التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ (45)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ينظرون من طرفٍ خفيٍّ...}.
قال بعضهم: يخفونه من الذل الذي بهم، وقال بعضهم: نظروا إلى النار بقلوبهم، ولم يروها بأعينهم لأنهم يحشرون عمياً). [معاني القرآن: 3/25-26]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({من طرفٍ خفيٍّ}: لا يفتح عينه إنما ينظر ببعضها). [مجاز القرآن: 2/201]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذّلّ ينظرون من طرفٍ خفيٍّ وقال الّذين آمنوا إنّ الخاسرين الّذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا إنّ الظّالمين في عذابٍ مّقيمٍ}
وقال: {ينظرون من طرفٍ خفيٍّ} جعل "الطرف" العين, كأنه قال "ونظرهم من عين ضعيفة" , والله أعلم .
وقال يونس: إن {من طرفٍ} مثل: "بطرفٍ" كما تقول العرب: "ضربته في السّيف" و"بالسّيف"). [معاني القرآن: 4/12]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ينظرون من طرفٍ خفيٍّ}: أي: قد غضوا أبصارهم من الذل). [تفسير غريب القرآن: 394]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله تعالى: {وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذّلّ ينظرون من طرف خفيّ وقال الّذين آمنوا إنّ الخاسرين الّذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا إنّ الظّالمين في عذاب مقيم}
{ينظرون من طرف خفي}: يعني ينظرون إلى النار من طرف خفي، قال بعضهم: إنهم يحشرون عميا, فيرون النار بقلوبهم إذا عرضوا عليها، وقيل ينظرون إليها مسارقة). [معاني القرآن: 4/402]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي}: أي: ينظرون إلى النار.
قال مجاهد: {خفي}: أي ذليل.
قال أبو جعفر: وقيل: ينظرون بقلوبهم, لأنهم يحشرون عميا.
وقول جل وعز: {وقال الذين آمنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة}
قال قتادة: خسروا أهليهم الذين في الجنة, اعدوا لهم لو أطاعوا.
وقيل: لما كان المؤمنون يلحق بهم أهلوهم في الجنة, وكان الكفار لا يجتمعون معهم في خير, كانوا قد خسروهم قال الله تعالى: {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم}). [معاني القرآن: 6/323-324]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ}: أي قد غضوا أبصارهم من الذل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 220]
تفسير قوله تعالى: {اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (47)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {استجيبوا لربّكم من قبل أن يأتي يوم لا مردّ له من اللّه ما لكم من ملجإ يومئذ وما لكم من نكير}
{ما لكم من ملجإ يومئذ وما لكم من نكير}: أي: ليس لكم مخلص من العذاب، ولا تقدرون أن تنكروا ما تقفون عليه من ذنوبكم , ولا ما ينزل بكم من العذاب). [معاني القرآن: 4/402]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ما لكم من ملجأ يومئذ وما لكم من نكير}
- قال مجاهد: {من ملجأ} من محرز, و{من نكير} من ناصر.
- وقيل: {من ملجأ}: من مخلص من عذاب الله.
و{ما لكم من نكير}: أي: لا تقدرون أن تنكروا الذنوب .
التي توقفون عليها). [معاني القرآن: 6/324-325]
تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ (48)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وإن تصبهم سيّئةٌ...}.
وإنما ذكر قبلهم الإنسان مفرداً، والإنسان يكون واحداً، وفي معنى جمع فردّ الهاء والميم على التأويل، ومثل قوله: {وخلق الإنسان ضعيفاً} يراد به: كل الناس، ولذلك جاز فيه الاستثناء, وهو موحّد في اللفظ, كقول الله: {إنّ الإنسان لفي خسرٍ إلا الذين آمنوا}، ومثله: {وكم مّن ملكٍ في السّماوات}, ثم قال: {لا تغني شفاعتهم}, وإنما ذكر ملكا؛ لأنه في تأويل جمع). [معاني القرآن: 3/26]