التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وما يدريك لعلّ السّاعة قريبٌ}: لم يجئ مجازها على صفة التأنيث, فيقول إن الساعة قريبة, والعرب إذا وصفوها بعينها كذاك يصنعون, وإذ أرادوا ظرفاً لها, أو أرادوا بها الظرف جعلوها بغير الهاء, وجعلوا لفظها لفظاً واحداً في الواحد والاثنين والجميع من الذكر والأنثى تقول هما قريب , وهي قريب). [مجاز القرآن: 2/199-200]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({اللّه الّذي أنزل الكتاب بالحقّ والميزان} أي: العدل). [تفسير غريب القرآن: 392]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {اللّه الّذي أنزل الكتاب بالحقّ والميزان وما يدريك لعلّ السّاعة قريب}
{الميزان}: العدل.
{وما يدريك لعلّ السّاعة قريب}: إنما جاز {قريب} لأن تأنيث الساعة غير تأنيث حقيقي، وهو بمعنى لعل البعث قريب، ويجوز أن يكون على معنى لعل مجيء السّاعة قريب). [معاني القرآن: 4/396-397]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (قوله جل وعز: {الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان}
قال قتادة: {الميزان}: العدل, ثم قال جل وعز: {وما يدريك لعل الساعة قريب}: لعل الساعة, أي: البعث قريب, أو لعل مجيء الساعة قريب). [معاني القرآن: 6/303-304]
تفسير قوله تعالى: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (18)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({مشفقون منها}: أي: خائفون). [تفسير غريب القرآن: 392]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({يستعجل بها الّذين لا يؤمنون بها والّذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنّها الحقّ ألا إنّ الّذين يمارون في السّاعة لفي ضلال بعيد}
أي: يستعجل بها من يظن أنه غير مبعوث.
وقوله: {والّذين آمنوا مشفقون منها}: لأنهم يعلمون أنهم مبعوثون, محاسبون.
{ألا إنّ الّذين يمارون في السّاعة لفي ضلال بعيد}: أي: الذين تدخلهم المرية والشك في الساعة، فيمارون فيها ويجحدون كونها {لفي ضلال بعيد}, لأنهم لو فكروا لعلموا أن الذي أنشاهم وخلقهم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة إلى أن بلغوا مبالغهم، قادر على إنشائهم وبعثهم). [معاني القرآن: 4/397]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق}
أي: يقولون متى تكون على وجه التكذيب بها, والذين آمنوا مشفقون منها, أي: خائفون؛ لأنهم قد أيقنوا بكونها.
{ألا إن الذين يمارون في الساعة}: أي: يجادلون فيها ليشككوا المؤمنين.
{لفي ضلال بعيد}: لأنهم لو أفكروا لعلموا أن الذي أنشأهم, وخلقهم أول مرة قادر على أن يبعثهم). [معاني القرآن: 6/304-305]
تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (19)}
تفسير قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (20)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({من كان يريد حرث الآخرة}: أي , عمل الآخرة.
يقال: فلان يحرث للدنيا، أي يعمل لها ويجمع المال.
ومنه قول عبد اللّه بن عمرو : «احرث لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا».
ومن هذا سمي الرجل: «حارثا».
وإنما أراد: من كان يريد بحرثه الآخرة، أي بعمله, {نزد له في حرثه}, أي: نضاعف له الحسنات, {ومن كان يريد حرث الدّنيا نؤته منها}، أي أراد بعمله الدنيا آتيناه منها). [تفسير غريب القرآن: 392]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدّنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب}
جاء في التفسير: أن معناه من كان يريد عمل الآخرة.
فالمعنى -واللّه أعلم- أنه من كان يريد جزاء عمل الآخرة, نزد له في حرثه، أي نوفقه، ونضاعف له الحسنات.
ومن كان يريد حرث الدنيا، أي من كان إنما يقصد إلى الحظّ من الدنيا, وهو غير مؤمن بالآخرة, نؤته من الدنيا, أي: نرزقه من الدنيا لا أنه يعطى كل ما يريده, وإذا لم يؤمن بالآخرة , فلا نصيب له في الخير الذي يصل إليه من عمل الآخرة). [معاني القرآن: 4/397]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه} الحرث العمل , ومنه قول عبد الله بن عمر: احرث لدنياك كأنك تعيش أبدا, واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا. ومنه سمي الرجل "حارثا".
والمعنى: من كان يريد بعمله الآخرة نزد له في حرثه, أي: نوفقه, ونضاعف له الحسنات
وقوله جل وعز: {ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها}
في معناه ثلاثة أقوال:
- منها أن المعنى نؤته منها ما نريد كما قال سبحانه: {من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد}.
- ومنها أن يكون المعنى ندفع عنه من آفات الدنيا.
- والقول الثالث: أن المعنى من كان يفعل الخير ليثنى عليه, تركناه وذلك, ولم يكن له في الآخرة نصيب). [معاني القرآن: 6/305-306]