التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {(حم (1) عسق (2)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {عسق...}.
ذكر عن ابن عباس أنه كان يقول: {حم سق}, ولا يجعل فيها عينا، ويقول: السين كل فرقة تكون، والقاف كل جماعة تكون.
قال الفراء: ورأيتها في بعض مصاحف عبد الله: {حم سق} كما قال ابن عباس). [معاني القرآن: 3/21]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({حم عسق }: مجازها: مجاز ابتداء أوائل السور). [مجاز القرآن: 2/199]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {حم (1) عسق (2)}
قد بيّنّا حروف الهجاء، وجاء في التفسير أن هذه الحروف اسم من أسماء اللّه، ورويت حم سق -بغير عين- والمصاحف فيها العين بائنة). [معاني القرآن: 4/393]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (من ذلك قوله جل وعز: {حم عسق}
وفي قراءة ابن مسعود, وابن عباس: { حم سق}
قال ابن عباس: وكان علي عليه السلام يعرف الفتن بها.
وروى معمر عن قتادة في قوله تعالى: {حم عسق}, قال: اسم من أسماء القرآن). [معاني القرآن: 6/291]
تفسير قوله تعالى: {كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {كذلك يوحي إليك وإلى الّذين من قبلك...}.
{حم عسق} يقال: إنها أوحيت إلى كل نبي، كما أوحيت إلى محمد صلى الله عليه. ^^
قال ابن عباس: وبها كان علي بن أبي طالب يعلم الفتن.
وقد قرأ بعضهم: {كذلك يوحى} لا يسمّي فاعله، ثم ترفع الله العزيز الحكيم يرد الفعل إليه, كما قرأ أبو عبد الرحمن السّلمي, وكذلك زيّن لكثيرٍ من المشركين قتل أولادهم, ثم قال: {شركاؤهم} أي: زينه .
لهم شركاؤهم, ومثله قول من قرأ: {يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال}, ثم تقول: {رجال}, فترفع يريد: يسبّح له رجال). [معاني القرآن: 3/21-22]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {كذلك يوحي إليك وإلى الّذين من قبلك اللّه العزيز الحكيم}
وقرئت {يوحى}, وقرئت {نوحي إليك وإلى الذين من قبلك} بالنون.
وجاء في التفسير أن {حم عسق} قد أوحيت إلى كل نبي قبل محمد -صلى الله عليه- وعليهم أجمعين.
وموضع الكاف من "كذلك" نصب, المعنى مثل ذلك يوحى إليك.
فمن قرأ {يوحي} بالياء، فاسم اللّه عزّ جل رفع بفعله, وهو يوحي.
ومن قرأ:{يوحى إليك} , فاسم اللّه مبين عما لم يسم فاعله، ومثل هذا من الشعر:-
ليبك يزيد ضارع لخصومة ومختبط مما تطيح الطّوائح
فبين من ينبغي أن يبكيه.
ومن قرأ: (نوحي إليك) بالنون, جعل نوحي إخبارا عن اللّه عزّ وجلّ.
ورفع {اللّه} بالابتداء وجعل {العزيز الحكيم} خبرا عن {اللّه}، وإن شاء كان {العزيز الحكيم} صفة للّه - عزّ وجلّ - يرتفع كما يرتفع اسم اللّه، ويكون الخبر {له ما في السّماوات وما في الأرض}). [معاني القرآن: 4/393-394]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم}
المعنى {يوحي إليك وإلى الذين من قبلك}: كذلك الوحي الذي تقدم, أو كحروف المعجم .
- وقيل: إنه لم ينزل كتاب إلا وفيه: {حم عسق}
فالمعنى على هذا: كذلك الذي أنزل من هذه السورة, وهذا مذهب الفراء, قال: ويقرأ { كذلك يوحى إليك وإلى الذين من قبلك }
- قال أبو جعفر: يجوز على هذه القراءة أن يكون هذا التمام, ثم ابتدأ فقال:{ الله العزيز الحكيم } على أن العزيز الحكيم خبر, أو صفة, والخبر له ما في السموات وما في الأرض.
وكذلك يكون على قراءة من قرأ: (نوحي) بالنون, ويجوز على قراءة من قرأ: {يوحى} أن يكون المعنى يوحي الله وأنشد سيبويه:-
ليبك يزيد ضارع لخصومة وأشعث ممن طوحته الطوائح
فقال: ليبك يزيد, ثم بين من ينبغي أن يبكيه, فالمعنى يبكيه: ضارع). [معاني القرآن: 6/292-293]
تفسير قوله تعالى: {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (5)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ يتفطّرن}: يتشققن, ويقال للزجاجة إذا انصدعت: قد انفرطت, وكذلك الحجر). [مجاز القرآن: 2/199]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({يتفطرن}: يتشققن).[غريب القرآن وتفسيره: 330]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({يتفطّرن}: يتشققن من جلال اللّه تعالى وعظمته). [تفسير غريب القرآن: 391]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله: {تكاد السّماوات يتفطّرن من فوقهنّ والملائكة يسبّحون بحمد ربّهم ويستغفرون لمن في الأرض ألا إنّ اللّه هو الغفور الرّحيم}
(تكاد السّماوات ينفطرن من فوقهنّ): وقرئت (ممّن فوقهن), وقرئت {يتفطّرن}. ومعنى (ينفطرن), و{يتفطّرن}: ينشققن، ويتشققن، فالمعنى -واللّه أعلم- أي تكاد السّماوات ينفطرن من فوقهن لعظمة اللّه, لأنه لما قال: {وهو العليّ العظيم}
قال: تكاد السّماوات ينفطرن لعظمته، وكذلك - ينفطرن ممن فوقهن، أي من عظمة من فوقهن.
وقوله عزّ وجلّ: {والملائكة يسبّحون بحمد ربّهم ويستغفرون لمن في الأرض}
معنى {يسبّحون} يعظمون اللّه, وينزهونه عن السوء {ويستغفرون لمن في الأرض} من المؤمنين.
ولا يجوز أن يكون يستغفرون لكل من في الأرض، لأن الله تعالى قال في الكفار: {أولئك عليهم لعنة اللّه والملائكة والنّاس أجمعين}
ففي هذا دليل على أن الملائكة إنما يستغفرون للمؤمنين، ويدل على ذلك قوله في سورة المؤمن: {ويستغفرون للّذين آمنوا ربّنا وسعت كلّ شيء رحمة وعلما}). [معاني القرآن: 4/394]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {تكاد السموات ينفطرن من فوقهن}: أي ينشققن من أعلاهن عقوبة, وقال قتادة: لجلالة الله وعظمته.
قال أبو جعفر: وقيل: أي: من فوق الأمم المخالفة, ويقرأ :{يتفطرن من فوقهن}: أي: من عظمة من فوقهن.
ثم قال جل وعز: {والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض}, وفي الأرض المؤمن والكافر.
فروى معمر, عن قتادة قال: يستغفرن لمن في الأرض من المؤمنين.
قال أبو جعفر: ويبين هذا قوله جل وعلا: {ويستغفرون للذين آمنوا}, وقال في الكفار: {أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين}). [معاني القرآن: 6/293-294]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَتَفَطَّرْنَ}: يتشققن). [العمدة في غريب القرآن: 266]