التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (25)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وقيّضنا لهم قرناء فزيّنوا لهم مّا بين أيديهم وما خلفهم...}.: من أمر الآخرة، فقالوا: لا جنة، ولا نار، ولا بعث، ولا حساب، وما خلفهم من أمر الدنيا فزينوا لهم اللذات، وجمع الأموال، وترك النفقات فيه وجوه البر، فهذا ما خلفهم.
وبذلك جاء التفسي: وقد يكون ما بين أيديهم ما هم فيه من أمر الدنيا، وما خلفهم من أمر الآخرة). [معاني القرآن: 3/17]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقيّضنا لهم قرناء فزيّنوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحقّ عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجنّ والإنس إنّهم كانوا خاسرين (25)}
{وقيّضنا} :وسببنا من حيث لا يحتسبون.
{لهم قرناء}.. الآية: يقول زينوا لهم أعمالهم التي يعملونها ويشاهدونها.
{وما خلفهم} : وما يعزمون أن يعملوه). [معاني القرآن: 4/384]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم}
قال مجاهد يعني الشياطين
قال أبو جعفر معنى قيضت له كذا سببته له من حيث لا يحتسب
ثم قال جل وعز: {فزينوا لهم ما بين أيديهم}
أي ما يعملونه من المعاصي وما خلفهم وما عزموا على أن يعملوه). [معاني القرآن: 6/261-262]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وقيضنا لهم}:أي: مثلنا لهم). [ياقوتة الصراط: 454]
تفسير قوله تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والغوا فيه...}.
قاله كفّار قريش، قال لهم أبو جهل: إذا تلا محمد صلى الله عليه القرآن فالغوا فيه الغطوا، لعله يبدّل , أو ينسى فتغلبوه). [معاني القرآن: 3/17]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقال الّذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلّكم تغلبون}
وقال: {لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه}:أي: لا تطيعوه. كما تقول "سمعت لك",وهو - والله أعلم - على وجه "لا تسمعوا القرآن".
وقال: {والغوا فيه}:لأنها من "لغوت","يلغا",مثل "محوت" "يمحا",وقال بعضهم:{والغوا فيه},وقال:"لغوت" "تلغو",مثل "محوت","تمحو",وبعض العرب يقول: "لغي","يلغى":وهي قبيحة قليلة,ولكن "لغي بكذا وكذا":أي: أغري به,فهو يقوله,ونصنعه). [معاني القرآن: 4/7-8]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {والغوا فيه}: الغطوا فيه.)[تفسير غريب القرآن: 389]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقال الّذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلّكم تغلبون (26)}
أي: عارضوه بكلام لا يفهم,يكون ذلك الكلام لغوا، يقال: لغا يلغو لغوا، ويقال:لغي يلغى لغوا,إذا تكلم باللغو، وهو الكلام الذي لا يحصّل,ولا تفهم حقيقته). [معاني القرآن: 4/384]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه}
وقرأ عيسى, وابن أبي إسحاق: والغوا بضم الغين
حكى الكسائي: لغا يلغو,وعلى هذا: والغوا فيه , وحكى:لغا يلغى,ولغي يلغى,والمصدر على هذا مقصور
روى داود بن الحصين,عن عكرمة,عن ابن عباس قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم بمكة إذا قرأ رفع صوته, فتطرد قريش عنه الناس, ويقولون:{ لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون } , وإذا خافت بقراءته, لم يسمع من يريد, فأنزل الله جل وعز: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا}).
وروى ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: {والغوا فيه}, قال: بالمكاء , والتصفيق , والتخليط على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ , كانت قريش تفعله .
قال أبو جعف: ر اللغو في اللغة ما لا يعرف له حقيقة , ولا يحصل معناه , فمعنى :{ والغوا فيه }: أي : عارضوه باللغو.). [معاني القرآن: 6/262-263]
تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (28)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ذلك جزاء أعداء اللّه النّار}، ثم قال: {لهم فيها دار الخلد...}.
وهي النار بعينها، وذلك صواب لو قلت: لأهل الكوفة منها دار صالحة، والدار هي الكوفة، وحسن حين قلت : بالدار, والكوفة هي والدار , فاختلف لفظاهما، وهي في قراءة عبد الله: {ذلك جزاء أعداء الله النار دار الخلد}: فهذا بيّن لا شيء فيه، لأن الدار هي النار). [معاني القرآن: 3/17]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : {ذلك جزاء أعداء اللّه النّار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون}, {ذلك جزاء أعداء اللّه النّار} : رفع على الابتداء , كأنه تفسيرا للجزاء.). [معاني القرآن: 4/8]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ذلك جزاء أعداء اللّه النّار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون (28)}
{ذلك جزاء أعداء اللّه النّار} : : هذا يدل على رفعه.
قوله: {فلنذيقنّ الّذين كفروا عذابا شديدا}: المعنى ذلك العذاب الشديد , جزاء أعداء اللّه.
{النّار} : رفع بدل من: {جزاء أعداء اللّه} , وإن شئت رفعت {النّار} على التفسير، كأنّه قيل : ما هو؟, فقيل هي النار.
{لهم فيها دار الخلد}: أي لهم في النار دار الخلد، والنار هي الدار، كما تقول: لك في هذه الدار : دار السرور، وأنت تعني الدار بعينها, كما قال الشاعر:
أخو رغائب يعطيها ويسألها = يأبى الظّلامة منه النّوفل الزّفر) [معاني القرآن: 4/384-385]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد}
المعنى ذلك العذاب الشديد جزاء أعداء الله ثم بين الجزاء فقال النار لهم فيها دار الخلد
والنار هي دار الخلد والعرب تفعل هذا على التوكيد كما قال:
أخو رغائب بعطيها ويسألها = يأبى الظلامة منه النوفل الزفر
وهو هو كما يقال لك : في هذا المنزل دار واسعة , وهو الدار .
ولا يجوز عند الكوفيين حتى يخالف لفظ الثاني لفظ الأول , تقول على قولهم في هذا: المنزل منزل حسن , على أن الثاني الأول , وهو عند البصريين كله جيد.
وفي قراءة عبد الله بن مسعود:{ ذلك جزاء أعداء الله النار دار الخلد} ). [معاني القرآن: 6/263-264]
تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (29) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ربّنا أرنا الّذين أضلاّنا من الجنّ والإنس...}.
يقال: إن الذي أضلهم من الجن إبليس ,و من الإنس قابيل الذي قتل أخاه يقول: هو أول من سنّ الضلالة من الإنس.). [معاني القرآن: 3/17-18]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ربّنا أرنا الّذين أضلّانا من الجنّ والإنس نجعلهما تحت أقدامنا}, يقال: إبليس , وابن آدم الذي قتل أخاه، فسن القتل.). [تفسير غريب القرآن: 389]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وقال الّذين كفروا ربّنا أرنا اللّذين أضلّانا من الجنّ والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين (29)}
(أرنا): بكسر الراء وبإسكانها - لثقل الكسرة كما قالوا في فخذ فخذ، ومن كسر فعلى الأصل، والكسر أجود لأنه في الأصل أرئنا - فحذفت الهمزة وبقيت الكسرة دليلا عليها , والكسر أجود.
ومعنى الآية فيما جاء من التفسير: أنه يعني بهما ابن آدم قابيل الذي قتل أخاه، وإبليس، فقابيل من الإنس وإبليس من الجنّ.
ومعنى: {نجعلهما تحت أقدامنا}: أي:يكونان - في الدّرك الأسفل). [معاني القرآن: 4/385]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا}
قال حبة العرني,وعقبة الفزاري:سئل علي بن أبي طالب عليه السلام عن قوله جل وعز: {أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس}.
فقال: (هما: إبليس الأبالسة, وابن آدم الذي قتل أخاه). و كذلك روي عن ابن مسعود وابن عباس). [معاني القرآن: 6/265]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَرِنَا الَّلذَيْنِ أَضَلَّانَا}: قيل:هما إبليس,وابن آدم الذي قتل أخاه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 217]