العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة غافر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 جمادى الأولى 1434هـ/29-03-2013م, 12:37 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي تفسير سورة غافر [ من الآية 82 إلى الآية 85]

تفسير سورة غافر [ من الآية 82 إلى الآية 85]


{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (83) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 جمادى الأولى 1434هـ/29-03-2013م, 01:07 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا ابن جريج سمعته يذكر عن مجاهد في قوله تعالى وآثارا في الأرض قال المشي فيها بأرجلهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/183]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الّذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشدّ قوّةً وآثارًا في الأرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون}.
يقول تعالى ذكره: أفلم يسر يا محمّد هؤلاء المجادلوك في آيات اللّه من مشركي قومك في البلاد، فإنّهم أهل سفرٍ إلى الشّأم واليمن رحلتهم في الشّتاء والصّيف فينظروا فيما وطئوا من البلاد إلى وقائعنا بمن أوقعنا به من الأمم قبلهم، ويروا ما أحللنا بهم من بأسنا بتكذيبهم رسلنا، وجحودهم آياتنا، كيف كان عقبى تكذيبهم {كانوا أكثر منهم} يقول: كان أولئك الّذين من قبل هؤلاء المكذّبيك من قريشٍ أكثر عددًا من هؤلاء وأشدّ بطشًا، وأقوى قوّةً، وأبقى في الأرض آثارًا، لأنّهم كانوا ينحتون من الجبال بيوتًا ويتّخذون مصانع.
وكان مجاهدٌ يقول في ذلك ما:
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {وآثارًا في الأرض} المشي بأرجلهم.
{فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون} يقول: فلمّا جاءهم بأسنا وسطوتنا لم يغن عنهم ما كانوا يعملون من البيوت في الجبال، ولم يدفع عنهم ذلك شيئًا، ولكنّهم بادوا جميعًا فهلكوا وقد قيل: إنّ معنى قوله: {فما أغنى عنهم} فأيّ شيءٍ أغنى عنهم؛ وعلى هذا التّأويل يجب أن يكون (ما) الأولى في موضع نصبٍ، والثّانية في موضع رفعٍ. يقول: فلهؤلاء المجادليك من قومك يا محمّد في أولئك معتبرٌ إن اعتبروا، ومتّعظٌ إن اتّعظوا، وإنّ بأسنا إذا حلّ بالقوم المجرمين لم يدفعه دافعٌ، ولم يمنعه مانعٌ، وهو بهم إن لم ينيبوا إلى تصديقك واقعٌ). [جامع البيان: 20/371]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الأرض يعني المشي في الأرض بأرجلهم). [تفسير مجاهد: 266-267]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 79 - 85
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم} قال: أسفاركم لحاجتكم ما كانت، وفي قوله {وآثارا في الأرض} قال: المشي فيها بأرجلهم، وفي قوله {فرحوا بما عندهم من العلم} قال: قولهم نحن أعلم منهم ولن نعذب وفي قوله {وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون} قال: ما جاءت به رسلهم من الحق). [الدر المنثور: 13/77] (م)

تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (83) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلمّا جاءتهم رسلهم بالبيّنات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم مّا كانوا به يستهزئون}.
يقول تعالى ذكره: فلمّا جاءت هؤلاء الأمم الّذين من قبل قريشٍ المكذّبة رسلها رسلهم الّذين أرسلهم اللّه إليهم بالبيّنات، يعني: بالواضحات من حجج اللّه عزّ وجلّ {فرحوا بما عندهم من العلم} يقول: فرحوا جهلاً منهم بما عندهم من العلم وقالوا: لن نبعث، ولن يعذّبنا اللّه.
- كما حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه {فرحوا بما عندهم من العلم} قال: قولهم: نحن أعلم منهم، لن نعذّب، ولن نبعث.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ {فرحوا بما عندهم من العلم} بجهالتهم.
وقوله: {وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون} يقول: وحلّ بهم من عذاب اللّه ما كانوا يستعجلون رسلهم به استهزاءً وسخريةً.
- كما حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون} ما جاءتهم به رسلهم من الحقّ). [جامع البيان: 20/372-373]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فرحوا بما عندهم من العلم قال هو قولهم للرسل نحن أعلم منكم لن نبعث ولن نعذب). [تفسير مجاهد: 567]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وحاق بهم أي حل بهم ما كانوا به يستهزئون يعني بما جاءتهم به رسلهم من الحق يقول استهزؤوا به). [تفسير مجاهد: 567]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 79 - 85
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم} قال: أسفاركم لحاجتكم ما كانت، وفي قوله {وآثارا في الأرض} قال: المشي فيها بأرجلهم، وفي قوله {فرحوا بما عندهم من العلم} قال: قولهم نحن أعلم منهم ولن نعذب وفي قوله {وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون} قال: ما جاءت به رسلهم من الحق). [الدر المنثور: 13/77] (م)

تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلمّا رأوا بأسنا قالوا آمنّا باللّه وحده وكفرنا بما كنّا به مشركين}.
يقول تعالى ذكره: فلمّا رأت هذه الأمم المكذّبة رسلها بأسنا، يعني عقاب اللّه الّذي وعدتهم به رسلهم قد حلّ بهم.
- كما حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {فلمّا رأوا بأسنا} قال: النّقمات الّتي نزلت بهم.
وقوله {قالوا آمنّا باللّه وحده} يقول: قالوا: أقررنا بتوحيد اللّه، وصدّقنا أنّه لا إله غيره {وكفرنا بما كنّا به مشركين} يقول: قالوا: وجحدنا الآلهة الّتي كنّا قبل وقتنا هذا نشركها في عبادتنا اللّه ونعبدها معه، ونتّخذها آلهةً، فبرئنا منها). [جامع البيان: 20/373]

تفسير قوله تعالى: (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله سنت الله التي قد خلت في عباده قال سنته أنهم إذا رأوا بأسنا آمنوا فلم ينفعهم إيمانهم فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده إلى آخر السورة). [تفسير عبد الرزاق: 2/183]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلم يك ينفعهم إيمانهم لمّا رأوا بأسنا سنّة اللّه الّتي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون}.
يقول تعالى ذكره: فلم يك ينفعهم تصديقهم في الدّنيا بتوحيد اللّه عند معاينة عقابه قد نزل، وعذابه قد حلّ، لأنّهم صدّقوا حين لا ينفع التّصديق مصدّقًا، إذ كان قد مضى حكم اللّه في السّابق من علمه، أنّ من تاب بعد نزول العذاب به من اللّه على تكذيبه لم تنفعه توبته.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فلم يك ينفعهم إيمانهم لمّا رأوا بأسنا} لمّا رأوا عذاب اللّه في الدّنيا لم ينفعهم الإيمان عند ذلك.
وقوله: {سنة اللّه الّتي قد خلت في عباده} يقول: ترك اللّه تبارك وتعالى إقالتهم، وقبول التّوبة منهم، ومراجعتهم الإيمان باللّه، وتصديق رسلهم بعد معاينتهم بأسه، قد نزل بهم سنّته الّتي قد مضت في خلقه، فلذلك لم يقبلهم ولم يقبل توبتهم في تلك الحال.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {سنّة اللّه الّتي قد خلت في عباده} يقول: كذلك كانت سنة اللّه في الّذين خلوا من قبل إذا عاينوا عذاب اللّه لم ينفعهم إيمانهم عند ذلك.
وقوله: {وخسر هنالك الكافرون} يقول: وهلك عند مجيء بأس اللّه، فغبنت صفقته ووضع في بيعه الآخرة بالدّنيا، والمغفرة بالعذاب، والإيمان بالكفر، الكافرون بربّهم الجاحدون توحيد خالقهم، المتّخذون من دونه آلهةً يعبدونهم من دون بارئهم). [جامع البيان: 20/373-374]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم} قال: من بلد إلى بلد، وفي قوله {سنة الله التي قد خلت في عباده} قال: سننه أنهم كانوا إذا رأوا بأسنا آمنوا فلم ينفعهم إيمانهم عند ذلك). [الدر المنثور: 13/77] (م)


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 جمادى الأولى 1434هـ/4-04-2013م, 10:22 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

التفسير اللغوي


تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (83)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فرحوا بما عندهم من العلم} : أي, رضوا به.).[تفسير غريب القرآن: 387]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والفرح: الرضا، لأنه عن المسرة يكون، قال الله تعالى: {كلّ حزبٍ بما لديهم فرحون} أي راضون، وقال: {فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} أي رضوا). [تأويل مشكل القرآن: 491] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم} : أي: رضوا به .
قال مجاهد : قالوا: نحن أعلم منكم لن تبعث , ولن نحيا بعد الموت.
قال مجاهد:
{وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون} : أي : ما جاءت به الرسل الحق.). [معاني القرآن: 6/236]

تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (51) وَقَالُوا آَمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (53) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ}.
كان الحسن- رضي الله عنه- يجعل الفزع يوم القيامة إذا بعثوا من القبور. يقول: (ولو ترى يا محمد فزعهم حين لا فوت)، أي لا مهرب ولا ملجأ يفوتون به ويلجأون إليه. وهذا نحو قوله: {فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ}، أي نادوا حين لا مهرب.
{وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ}، يعني القبور.
وقالوا: آمنّا به، أي بمحمد، صلى الله عليه.
{وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ} والتناوش: التناول، أي كيف لهم بنيل ما يطلبون من الإيمان في هذا الوقت الذي لا يقال فيه: كافر ولا تقبل توبته؟.
وقوله: {مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}ٍ يريد بعد ما بين مكانهم يوم القيامة، وبين المكان الذي تتقبّل فيه الأعمال.
{وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ}، أي بمحمد، صلّى الله عليه وسلم. يقول: كيف ينفعهم الإيمان به في الآخرة وقد كفروا به في الدنيا؟.
{وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ}، أي بالظنّ أن التوبة تنفعهم.
{مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}، أي بعيد من موضع تقبّل التوبة.
{وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} من الإيمان. كما فعل بأشياعهم، أي بأشباههم من الأمم الخالية.
وكان غير الحسن يجعل الفزع: عند نزول بأس الله من الموت أو غيره، ويعتبره بقوله في موضع آخر: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ}). [تأويل مشكل القرآن: 331] (م)

تفسير قوله تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" سنّة اللّه التّي قد خلت في عباده ", نصبها على مصدر ما جاء من فعل على غير لفظها). [مجاز القرآن: 2/195]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({سنّت اللّه الّتي قد خلت في عباده}, وسنته في الخالين: أنهم يؤمنون به - إذا رأوا العذاب - فلا ينفعهم إيمانهم). [تفسير غريب القرآن: 387]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (فمن الإيمان: تصديق باللسان دون القلب، كإيمان المنافقين. يقول الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا} ، أي آمنوا بألسنتهم وكفروا بقلوبهم. كما كان من الإسلام انقياد باللسان دون القلب.
ومن الإيمان: تصديق باللسان والقلب. يقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}، كما كان من الإسلام انقياد باللسان والقلب.
ومن الإيمان: تصديق ببعض وتكذيب ببعض. قال الله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} ، يعني مشركي العرب، إن سألتهم من خلقهم؟ قالوا: الله، وهم مع ذلك يجعلون له شركاء.
وأهل الكتاب يؤمنون ببعض الرّسل والكتب، ويكفرون ببعض. قال الله تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} ، يعني: ببعض الرسل والكتب، إذ لم يؤمنوا بهم كلّهم). [تأويل مشكل القرآن: 481-482] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فلم يك ينفعهم إيمانهم لمّا رأوا بأسنا سنّت اللّه الّتي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون (85)}
يقول: حين عاينوا العذاب.
{سنّت اللّه} : على معنى سنّ اللّه هذه السّنّة في الأمم كلّها، لا ينفعهم إيمانهم إذا رأوا العذاب.
{وخسر هنالك الكافرون}:
وكذلك:
{وخسر هنالك المبطلون} : والمبطلون , والكافرون خاسرون في ذلك الوقت, و وفي كل وقت خاسرون, ولكنه تعالى بيّن لهم خسرانهم إذا رأوا العذاب.). [معاني القرآن: 4/378]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده}
قال قتادة : أي: إنهم إذا رأوا العذاب آمنوا , فلم ينفعهم إيمانهم .
ثم قال تعالى:
{وخسر هنالك الكافرون} : وقد كانوا قبل ذلك خاسرين؛ لأنه تبين خسرانهم بأن لحقهم العذاب , ولم يقبل إيمانهم). [معاني القرآن: 6/237]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ}: أي: سنته في الخالين: أنهم يؤمنون عند معاينة العذاب , فلا ينفعهم إيمانهم.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 216]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24 جمادى الأولى 1434هـ/4-04-2013م, 10:23 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) }

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (83) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} أي من علم محمد صلى الله عليه وسلم وكانوا يكتمونه. ومثله: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ}، وهو محمد صلى الله عليه وسلم). [مجالس ثعلب: 174-175]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) }

تفسير قوله تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 04:23 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 04:23 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 04:25 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم احتج تعالى على قريش بما يظهر في الأمم السالفة من نقمات الله في الكفرة، الذين كانوا أكثر عددا، وأشد قوة أبدان وممالك، وأعظم آثارا في المباني والأفعال من قريش والعرب، فلم يغن عنهم كسبهم ولا حالهم شيئا، حين جاءهم عذاب الله وأخذه. و"ما" في قوله: {فما أغنى} نافية، قال الطبري: وقيل: هي توقيف وتقرير). [المحرر الوجيز: 7/ 459]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (83) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون * فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين * فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنت الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون}
الضمير في [جاءتهم] عائد على الأمم المذكورين، الذين جعلوا مثلا وعبرة، واختلف المفسرون في الضمير في "فرحوا" على من يعود؟ فقال مجاهد وغيره: هو عائد على الأمم المذكورين، أي: بما عندهم من العلم في ظنهم ومعتقدهم من أنهم لا يبعثون، ولا يحاسبون، قال ابن زيد: اغتروا بعلمهم في الدنيا والمعايش، وظنوا أنه لا آخرة ففرحوا، وهذا كقوله تعالى: {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا}، وقالت فرقة: الضمير في فرحوا عائد على الرسل، وفي هذا التأويل حذف وتقديره: كذبوهم، ففرحوا - أي: الرسل - بما عندهم من العلم بالله والثقة به وبأنه سينصرهم.
و"حاق" معناه: نزل وثبت، وهي مستعملة في الشر، و"ما" في قوله تعالى: و"ما" في قوله تعالى: {ما كانوا به} هو العذاب، الذي كانوا يكذبون به ويستهزئون بأمره، والضمير في "بهم" عائد على الكفار بلا خلاف). [المحرر الوجيز: 7/ 459-460]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم حكى حالة بعضهم ممن آمن بعد تلبس العذاب بهم، فلم ينفعهم ذلك، وفي ذكر هذا حض للعرب على المبادرة، وتخويف من التأني، لئلا يدركهم عذاب لا تنفعهم توبة بعد تلبسه بهم، وأما قصة قوم يونس عليه السلام، فقد رأوا العذاب ولم يكن تلبس بهم، وقد مر تفسيرها مستقصى في سورة يونس عليه السلام. و"سنة" نصب على المصدر، و"خلت" معناه: مضت واستمرت وصارت عادة. وقوله تعالى: "هنالك" إشارة إلى أوقات العذاب، أي ظهر خسرانهم وحضر جزاء كفرهم.
كمل تفسير سورة (غافر) والحمد لله رب العالمين). [المحرر الوجيز: 7/ 460]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 05:17 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 05:18 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (83) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الّذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشدّ قوّةً وآثارًا في الأرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون (82) فلمّا جاءتهم رسلهم بالبيّنات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون (83) فلمّا رأوا بأسنا قالوا آمنّا باللّه وحده وكفرنا بما كنّا به مشركين (84) فلم يك ينفعهم إيمانهم لمّا رأوا بأسنا سنّة اللّه الّتي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون (85)}
يخبر تعالى عن الأمم المكذّبة بالرّسل في قديم الدّهر، وماذا حلّ بهم من العذاب الشّديد، مع شدّة قواهم، وما أثّروه في الأرض، وجمعوه من الأموال، فما أغنى عنهم ذلك شيئًا، ولا ردّ عنهم ذرّةً من بأس اللّه؛ وذلك لأنّهم لمّا جاءتهم الرّسل بالبيّنات، والحجج القاطعات، والبراهين الدّامغات، لم يلتفتوا إليهم، ولا أقبلوا عليهم، واستغنوا بما عندهم من العلم في زعمهم عمّا جاءتهم به الرّسل.
قال مجاهدٌ: قالوا: نحن أعلم منهم لن نبعث ولن نعذّب.
وقال السّدّيّ: فرحوا بما عندهم من العلم بجهالتهم، فأتاهم من بأس اللّه ما لا قبل لهم به.
{وحاق بهم} أي: أحاط بهم {ما كانوا به يستهزئون} أي: يكذّبون ويستبعدون وقوعه). [تفسير ابن كثير: 7/ 159-160]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فلمّا رأوا بأسنا} أي: عاينوا وقوع العذاب بهم، {قالوا آمنّا باللّه وحده وكفرنا بما كنّا به مشركين} أي: وحّدوا اللّه وكفروا بالطّاغوت، ولكن حيث لا تقال العثرات، ولا تنفع المعذرة. وهذا كما قال فرعون حين أدركه الغرق: {آمنت أنّه لا إله إلا الّذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} [يونس: 90]، قال اللّه [تبارك و] تعالى: {آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين} [يونس: 91] أي: فلم يقبل اللّه منه؛ لأنّه قد استجاب لنبيّه موسى دعاءه عليه حين قال: {واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتّى يروا العذاب الأليم} [يونس:88]. و [هكذا] هاهنا قال: {فلم يك ينفعهم إيمانهم لمّا رأوا بأسنا سنّة اللّه الّتي قد خلت في عباده} أي: هذا حكم اللّه في جميع من تاب عند معاينة العذاب: أنّه لا يقبل؛ ولهذا جاء في الحديث: "إنّ اللّه يقبل توبة العبد ما لم يغرغر" أي: فإذا غرغر وبلغت الرّوح الحنجرة، وعاين الملك، فلا توبة حينئذٍ؛ ولهذا قال: {وخسر هنالك الكافرون}).[تفسير ابن كثير: 7/ 160]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:20 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة