التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (71)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إذ الأغلال في أعناقهم والسّلاسل...}.
ترفع السلاسل والأغلال، ولو نصبت السلاسل وقلت: يسحبون، تريد يسحبون سلاسلهم في جهنم.
وذكر الكلبي , عن أبي صالح , عن ابن عباس أنه قال: (وهم في السلاسل يسحبون)، فلا يجوز خفض السلاسل، والخافض مضمر؛ ولكن لو أنّ متوهما قال: إنما المعنى إذ أعناقهم في الأغلال , وفي السلاسل يسحبون جاز الخفض في السلاسل على هذا المذهب، ومثله مما ردّ إلى المعنى قول الشاعر:
قد سالم الحيات منه القدما = الأفعوان والشّجاع الشجعما
فنصب الشجاع، والحيات قبل ذلك مرفوعة؛ لأنّ المعنى: قد سالمت رجله الحيات وسالمتها، فلما احتاج إلى نصب القافية جعل الفعل من القدم واقعا على الحيات.). [معاني القرآن: 3/11]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{إذ الأغلال في أعناقهم والسّلاسل}
يجوز على ثلاثة أوجه
{والسّلاسل} بالنصب، و {السّلاسل} بالخفض.
فمن رفع فعطف على الأغلال , ومن جر , فالمعنى: إذ الأغلال في أعناقهم, وفي السلاسل، ومن نصب ففتح اللام قرأ: {والسّلاسل يسحبون} ). [معاني القرآن: 4/378]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون}
وقرئ:{والسلاسل يسحبون} , وفي قراءة أبي :{بالسلاسل يسحبون} , وأجاز الفراء:{والسلاسل يسحبون}
قال أبو جعف:ر من قرأ :{يسحبون} : فالمعنى عنده يسحبون السلاسل , وهي قراءة ابن عباس قال: وذلك اشد عليهم يكلفون أن يسحبوها , ولا يطيقون .
ومن قرأ:{ والسلاسل يسحبون }: فالتمام عنده : {والسلاسل }, ثم ابتدأ فقال:{ يسحبون في الحميم }
قال الفراء : {والسلاسل} : بالخفض محمول على المعنى ؛ لأن المعنى أعناقهم في الأغلال والسلاسل , كما حمل على المعنى قوله:
قد سالم الحيات منه القدما = الأفعوان والشجاع الشجعما)[معاني القرآن: 6/233-234]
تفسير قوله تعالى: {فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ثم في النار يسجرون}
قال مجاهد: أي: توقد بهم النار .
قال أبو جعفر : يقال: سجرت الشيء , أي ملاته , ومنه:{ والبحر المسجور} .
فالمعنى على هذا: تملأ بهم النار وقال الشاعر يصف وعلا:
إذا شاء طالع مسجورة = ترى حولها النبع والساسما
أي: عينا مملوءة). [معاني القرآن: 6/234-235]
تفسير قوله تعالى: {ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (75)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض} :أي: تبطرون, وقد تقدم ذكر هذا.). [تفسير غريب القرآن: 387]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والفرح: البطر والأشر، لأن ذلك عن إفراط السرور، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} وقال: {إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} وقال: {ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ}.
وقد تبدل (الحاء) في هذا المعنى (هاء) فيقال: فره أي بطر، قال الله تعالى: {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ} أي: أشرين بطرين. و(الهاء) تبدل من (الحاء) لقرب مخرجيهما، تقول: (مدحته) و(مدهته)، بمعنى واحد). [تأويل مشكل القرآن: 491] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ذلكم بما كنتم تفرحون} الآية, يدل عليه قوله تعالى: {فلمّا جاءتهم رسلهم بالبيّنات فرحوا بما عندهم من العلم}: أي: ذلك العذاب الذي نزل بكم بما كنتم تفرحون بالباطل الذي كنتم فيه، و{تمرحون}:أي: تأشرون , وتبطرون , وتستهزئون.). [معاني القرآن: 4/378]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق}
بين هذا بقوله سبحانه: {فرحوا بما عندهم من العلم}
ثم قال جل وعز: {وبما كنتم تمرحون}
قال مجاهد : أي : تبطرون , وتأشرون). [معاني القرآن: 6/235]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق}, قال ثعلب: هذا يدل على أنه يكون فرح بحق.). [ياقوتة الصراط: 451]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({تَفْرَحُونَ}: تبطرون.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 216]