التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) }
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({الّذين يحملون العرش ومن حوله يسبّحون بحمد ربّهم ويؤمنون به ويستغفرون للّذين آمنوا ربّنا وسعت كلّ شيءٍ رّحمةً وعلماً فاغفر للّذين تابوا واتّبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم}
وقال: {وسعت كلّ شيءٍ رّحمةً وعلماً} , فانتصابه كانتصاب "لك مثله عبداً" ؛ لأنك قد جعلت "وسعت" لـ"كلّ شيءٍ" , وهو مفعول به , والفاعل التاء , وجئت بـ"الرّحمة" و"العلم" ؛ تفسيرا قد شغل عنها الفعل كما شغل "المثل" بالهاء , فلذلك نصبته تشبيها بالمفعول بعد الفاعل.).[معاني القرآن: 4/2]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أخبر - جلّ وعز - بفضل المؤمنين فقال:{الّذين يحملون العرش ومن حوله يسبّحون بحمد ربّهم ويؤمنون به ويستغفرون للّذين آمنوا ربّنا وسعت كلّ شيء رحمة وعلما فاغفر للّذين تابوا واتّبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم (7)}: يعني الملائكة.
{يسبّحون بحمد ربّهم ويؤمنون به ويستغفرون للّذين آمنوا} : فالمؤمن تستغفر له الملائكة المقرّبون.
ويعني: {ربّنا وسعت كلّ شيء رحمة وعلما فاغفر للّذين تابوا واتّبعوا سبيلك}
المعنى يقولون: ربنا وسعت كل شيء، أي: تقول الملائكة.
وقوله: {رحمة وعلما} : منصوب على التمييز.
{فاغفر للّذين تابوا واتّبعوا سبيلك} : أي: لزموا طريق الهدى التي دعوت إليها). [معاني القرآن: 4/367-368]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم أخبر أن الملائكة إنما يستغفرون للمؤمنين فقال: {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم}
روى معمر , عن قتادة:{ فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك } , قال: تابوا من الشرك , واتبعوا طاعتك.).[معاني القرآن: 6/205]
تفسير قوله تعالى:{رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأدخلهم جنّات عدنٍ...}.
وبعضهم يقرأ {جنة عدن} واحدة، وكذلك هي في قراءة عبد الله: واحدة.
وقوله: {ومن صلح من آبائهم...}
من نصبٌ من مكانين: إن شئت جعلت {ومن} مردودة على الهاء والميم "وأدخلهم"، وإن شئت على الهاء والميم في: "وعدتهم"). [معاني القرآن: 3/5]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {ربّنا وأدخلهم جنّات عدن الّتي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرّيّاتهم إنّك أنت العزيز الحكيم (8)}
{ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرّيّاتهم} : " من " في موضع نصب، عطف على الهاء والميم في قوله: {ربّنا وأدخلهم جنّات عدن}: أي، وأدخل من صلح.
ويصلح أن يكون عطفا على الهاء والميم في قوله: {وعدتهم} فيكون المعنى وعدتهم , ووعدت من صلح من آبائهم.). [معاني القرآن: 4/368]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم}
يروى أن عمر بن الخطاب قال لكعب الأحبار :ما جنات عدن ؟.
قال : قصور من ذهب في الجنة يدخلها النبيون , والصديقون, والشهداء , وأئمة العدل .
قال أبو جعفر : العدن في اللغة : الإقامة , وقد عدن بالمكان : أقام به). [معاني القرآن: 6/205-206 ]
تفسير قوله تعالى: {وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته} : {وقهم السيئات} قال قتادة: أي: العذاب , {ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته قال العذاب}). [معاني القرآن: 6/205-206]