التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) }
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({زمراً }: جماعات في تفرقة , وبعضهم على أثر بعض : واحدتها زمرة , قال الأخطل:
شوقاً إليهم ووجداً يوم أتبعهم= طرفي ومنهم بجني كوكبٍ زمر). [مجاز القرآن: 2/191]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وسيق الّذين اتّقوا ربّهم إلى الّجنّة زمراً حتّى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلامٌ عليكم طبتم فادخلوها خالدين}
وقال: {حتّى إذا جاءوها وفتحت أبوابها} , فيقال أن قوله: {وقال لهم خزنتها} في معنى :{قال لهم} ؛ كأنه يلقي الواو. وقد جاء في الشعر شيء يشبه أن تكون الواو زائدة فيه, قال الشاعر:
فإذا وذلك يا كبيشة لم يكن = إلاّ كلمّة حالمٍ بخيال
فيشبه أن يكون يريد "فإذا ذلك لم يكن".
وقال بعضهم: "أضمر الخبر" , وإضمار الخبر أحسن في الآية أيضاً , وهو في الكلام.). [معاني القرآن: 3/42]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({زمرا}: فرقا بعضهم على إثر بعض). [غريب القرآن وتفسيره: 326]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({زُمَرًا}: فرقاً).[العمدة في غريب القرآن: 262]
تفسير قوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {طبتم...}:أي: زكوتم ,{فادخلوها} ). [معاني القرآن: 2/425]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({زمراً}: جماعات في تفرقة , وبعضهم على أثر بعض , واحدتها زمرة , قال الأخطل:
شوقاً إليهم ووجداً يوم أتبعهم= طرفي ومنهم بجني كوكبٍ زمر). [مجاز القرآن: 2/191] (م)
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ وسيق الذين اتّقوا ربّهم إلى الجنّة زمراً حتّى إذا جاؤها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلامٌ عليكم طبتم فادخلوها خالدين }: مكفوفٌ عن خبره , والعرب تفعل مثل هذا، قال عبد مناف بن ربع في آخر قصيدة:
حتى إذا أسلكوهم في قتائدةٍ= شلاًّ كما تطرد الجمّالة الشّردا
وقال الأخطل أيضاً في آخر قصيدة:
خلا إن حياً من قريش تفضلوا= على الناس أو أن الأكارم نهشلا). [مجاز القرآن: 2/192]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(واو النّسق) قد تزاد حتى يكون الكلام كأنه لا جواب له، كقوله: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا}. والمعنى: قال لهم خزنتها.
وقوله: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ}.
وقوله سبحانه: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ}.
وكقوله: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} .
وقوله: {اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} أي: لنحمل خطاياكم عنكم.
قال امرؤ القيس:
فلما أجزنا ساحة الحيِّ وانتحَى = بنا بطن خَبْتٍ ذي قِفَافٍ عَقَنْقَلِ
أراد انتحى.
وقال آخر:
حتَّى إذا قَمِلَتْ بطونُكم = ورأيتمُ أبناءَكمْ شَبُّوا
وَقَلَبْتمُ ظَهْرَ المجَنِّ لَنَا = إِنَّ اللَّئيمَ العَاجِزَ الخَبُّ
أراد: قلبتم). [تأويل مشكل القرآن: 252-254]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الفتح: أن يفتح المغلق، كقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا}). [تأويل مشكل القرآن: 492]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وسيق الّذين اتّقوا ربّهم إلى الجنّة زمرا حتّى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين (73)}
اختلف الناس في الجواب لقوله :{حتّى إذا جاءوها}
فقال قوم: الواو مسقطة المعنى : حتى إذا جاءوها , فتحت أبوابها.
قال أبو إسحاق: سمعت محمد بن يزيد يذكر أن الجواب محذوف، وإن المعنى: حتى إذا جاءوها إلى آخر الآية , سعدوا.
قال : فالمعنى في الجواب : حتى إذا كانت هذه الأشياء , صاروا إلى السعادة.
وقال قوم :{حتّى إذا جاءوها جاءوها , وفتحت أبوابيها } , فالمعنى : عندهم أن (جاءوها) محذوف , وعلي معنى قول هؤلاء : أنه اجتمع المجيء مع الدخول في حال.
المعنى : حتى إذا جاءوها وقع مجيئهم مع فتح أبوابها.
قال أبو إسحاق: والذي قلته أنا - وهو القول إن شاء اللّه - أن المعنى : {حتّى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين}دخلوها.
فالجواب " دخلوها "، وحذف لأن في الكلام دليلا عليه.
ومعنى {طبتم}: أي: كنتم طيبين في الدّنيا , لم تكونوا خبيثين، أي: لم تكونوا أصحاب خبائث.). [معاني القرآن: 4/364]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها}
الكوفيون يذهبون إلى أن الواو زائدة , وهذا خطأ عند البصريين ؛ لأن الواو تفيد معنى العطف , ولا يجوز أن تزاد .
قال محمد بن يزيد : المعنى : حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها , سعدوا
وقوله جل وعز: {وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين}
قال أبو إسحاق: المعنى : {طبتم فادخلوها خالدين }: دخلوا , وحذف هذا لعلم السامع
وقيل معنى : طبتم : طبتم في الدنيا
وروي عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال : (يغتسلون من نهر في الجنة ويشربون منه , فلا يبقى في أجوافهم خبث , ولا غل إلا خرج).). [معاني القرآن: 6/196-197]
تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأورثنا الأرض...}: يعني : الجنّة). [معاني القرآن: 2/425]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأورثنا الأرض}: أي : أرض الجنة {نتبوّأ من الجنّة} , أي: ننزل منها {حيث نشاء} ). [تفسير غريب القرآن: 384]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وقالوا الحمد للّه الّذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوّأ من الجنّة حيث نشاء فنعم أجر العاملين (74)}
{وأورثنا الأرض}: يعني: أرض الجنة , نتخذ منها من المنازل ما شئنا، والعرب تقول لكل من اتخذ منزلا: تبوأ فلان منزلا). [معاني القرآن: 4/364]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض} , قال قتادة: (يعني : أرض الجنة).). [معاني القرآن: 6/198]
تفسير قوله تعالى: {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({حافّين من حول العرش}: أطافوا به بحفافيه, {يسبّحون بحمد ربّهم }: والعرب قد تخلى الباء منها في القرآن: {سبّح اسم ربّك الأعلى}.). [مجاز القرآن: 2/192]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وترى الملائكة حافّين من حول العرش يسبّحون بحمد ربّهم وقضي بينهم بالحقّ وقيل الحمد للّه ربّ العالمين}
وقال: {وترى الملائكة حافّين من حول العرش}, فـ {من} أدخلت ههنا توكيدا - والله أعلم - نحو قولك "ما جاءني من أحدٍ". , وثقّلت "الحافين" لأنها من "حففت"). [معاني القرآن: 3/42-43]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وترى الملائكة حافّين من حول العرش يسبّحون بحمد ربّهم وقضي بينهم بالحقّ وقيل الحمد للّه ربّ العالمين (75)}
معنى{حافّين}: محدقين، وكذا جاء في التفسير.
{وقضي بينهم بالحقّ وقيل الحمد للّه ربّ العالمين}: فابتدأ اللّه - عزّ وجلّ - خلق الأشياء بالحمد , وختمه بالحمد، فقال: {الحمد للّه الّذي خلق السّماوات والأرض وجعل الظّلمات والنّور}
فلما أفنى الخلق وبعثهم وحكم بينهم، فاستقر أهل الجنة في الجنة , وأهل النار في النار ختم بقوله: {الحمد للّه ربّ العالمين}.). [معاني القرآن: 4/364]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين} : فختم بالحمد كما بدأ به.). [معاني القرآن: 6/198]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {حافين}: أي: طائفين من حول العرش، يقال: قد حفت العساكر بملكها، إذا طافت به). [ياقوتة الصراط: 448]