التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) }
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({قل أفغير اللّه تأمرونّي أعبد أيّها الجاهلون}, وقال: {أفغير اللّه تأمرونّي أعبد} : يريد "أفغير الله أعبد تأمرونني" كأنه أراد الإلغاء - والله أعلم - كما تقول "هل ذهب فلان, تدري؟, جعله على معنى "ما تدري"). [معاني القرآن: 3/41]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أعلم اللّه - جل وعز - أنه إنما ينبغي أن يعبد الخالق وحده لا شريك له , فقال: قل لهم بعد هذا البيان:{قل أفغير اللّه تأمرونّي أعبد أيّها الجاهلون (64)}
(أفغير) منصوب بـ (أعبد) لا بقوله (تأمرونّي), المعنى : أفغير اللّه أعبد أيها الجاهلون فيما تأمرونني). [معاني القرآن: 4/361]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم أخبر أنه ينبغي أن يعبد وحده , بعد البراهين: {قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون} , أي: أفغير الله أعبد في أمركم , هذا قول سيبويه.). [معاني القرآن: 6/190]
تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطّن عملك ولتكوننّ من الخاسرين}: مجازها :{ولقد أوحي إليك لئن اشركت ليحبطن عملك وإلى الذين من قبلك}: مجازها مجاز الأمرين اللذين يخبر عن أحدهما , ويكف عن الآخر , وهو داخل في معناه.).[مجاز القرآن: 2/191]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ولقد أوحي إليك وإلى الّذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنّ عملك ولتكوننّ من الخاسرين}, وقال: {ولقد أوحي إليك وإلى الّذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنّ عملك} ). [معاني القرآن: 3/42]
تفسير قوله تعالى:{بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {بل اللّه فاعبد...}
تنصب (الله) - يعني في الإعراب - بهذا الفعل الظاهر؛ لأنه ردّ كلام. وإن شئت نصبته بفعل تضمره قبله؛ لأنّ الأمر والنهي لا يتقدّمهما إلاّ الفعل.
ولكن العرب تقول: زيد فليقم، وزيداً فليقم , فمن رفعه قال: أرفعه بالفعل الذي بعده؛ إذا لم يظهر الذي قبله, وقد يرفع أيضاً بأن يضمر له مثل الذي بعده؛ كأنك قلت: لينظر زيد فليقم.
ومن نصبه فكأنه قال: انظروا زيداً فليقم.). [معاني القرآن: 2/424-425]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {بل اللّه فاعبد وكن من الشّاكرين (66)}
نصب لفظاللّه - جلّ وعزّ - بقولك: {فاعبد}, وهو إجماع في قول البصريين والكوفيين، والفاء جاءت على معنى المجازاة، كأنّه قال: قد تبينت , فاعبد اللّه.). [معاني القرآن: 4/361]
تفسير قوله تعالى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (:وقوله {والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة...}: ترفع القبضة, ولو نصبها ناصب، كما تقول: شهر رمضان انسلاخ شعبان , أي : هذا لي انسلاخ هذا.
وقوله: {والسّماوات مطويّاتٌ بيمينه} ترفع السّموات بمطوياتٌ إذا رفعت المطويات, ومن قال {مطويّاتٍ}: رفع السموات بالباء التي في يمينه، كأنه قال: والسّموات في يمينه, وينصب المطويّات على الحال , أو على القطع, والحال أجود.). [معاني القرآن: 2/425]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وما قدروا اللّه حقّ قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسّماوات مطويّاتٌ بيمينه سبحانه وتعالى عمّا يشركون}
وقال: {والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسّماوات مطويّاتٌ بيمينه} يقول: "في قدرته" نحو قوله: {وما ملكت أيمانكم} : أي: وما كانت لكم عليه قدرة، وليس الملك لليمين دون الشمال وسائر البدن. وأما قوله: {قبضته} , فنحو قولك للرجل: "هذا في يدك وفي قبضتك".). [معاني القرآن: 3/42]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما قدروا اللّه حقّ قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسّماوات مطويّات بيمينه سبحانه وتعالى عمّا يشركون (67)}
{وما قدروا اللّه حقّ قدره}: ويقرأ (قدره) - بفتح الدال.
جاء في التفسير: ما عظّموه حق عظمته, والقدر , والقدر ههنا بمعنى واحد.
{والأرض جميعا قبضته يوم القيامة} : (جميعا) منصوب على الحال.
المعنى : والأرض إذا كانت مجتمعة قبضته يوم القيامة , {والسّماوات مطويّات بيمينه} , أكثر القراءة رفع {مطويّات} على الابتداء والخبر.
وقد قرئت: {والسّماوات مطويّات} بكسر التاء على معنى: والأرض جميعا , والسّماوات قبضته يوم القيامة , و{مطويّات}: منصوب على الحال.
وقد أجاز بعض النحويين {قبضته}بنصب التاء، وهذا لم يقرأ به ولا يجيزه النحويون البصريون، لا يقولون: زيد قبضتك، ولا المال قبضتك على معنى في قبضتك، ولو جاز هذا لجاز : زيد دارك يريدون : زيد في دارك.).[معاني القرآن: 4/362]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما قدروا الله حق قدره}
قال أبو جعفر أبو عبيدة : يذهب إلى أن المعنى : وما عرفوا الله حق معرفته , وفي معناه قول آخر : وهو أن يكون التقدير : وما قدروا نعم الله.
ثم حذف كما قال سبحانه: {واسأل القرية}
ثم قال جل وعز: {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه}
قال الضحاك : هذا كله في يمينه.
قال أبو جعفر : معنى : {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة}: أي : يملكها , كما تقول: هذا في قبضتي
قال محمد بن يزيد معنى:{ بيمينه }: بقوته , وأنشد:
إذا ما راية رفعت لمجد = تلقاها عرابة باليمين
أي : بالقوة.). [معاني القرآن: 6/190-191]